رواية لقاء في القطار الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم جوجو
رواية لقاء في القطار الجزء الثامن والعشرون
رواية لقاء في القطار البارت الثامن والعشرون
رواية لقاء في القطار الحلقة الثامنة والعشرون
وفى صباح اليوم التالى وصل الجميع إلى المشفى وانتظروا خارج حجرة رودينا حتى تنتهى الممرضتين من تجهيزها .. إلا من عواطف فلقد أصرت على الدخول مع ابنتها وعدم تركها فدخلت معها آية .. كانت عواطف متعجبةٌ جداً لتلك التحضيرات الكبيرة .. فنظرت إلى آية قائلةً ..
عواطف : ايه ده كله .. ايه التحضير ده كله ؟
لم تلحق آية الرد على حماتها فإذا بإحدى الممرضتين ترد قائلةً ..
الممرضة 1 : هو ده تحضير لعملية السرطان ياحاجة ..
عواطف ( شاهقةً ) : عملية ايه ؟
آية ( مرتبكةً ) : متقلقيش ياماما ده ………
عواطف ( مقاطعةً لها فى غضب ) : ده ايه ياست آية .. هو ده الخراج اللى قلتولى عليه انتى وحاتم وفاروق .. انتو بتتفقوا علية واللا ايه ..
الممرضة 2 : متقلقيش يامدام ده ورم حميد وان شاء الله يروح بالجراحة ..
عواطف ( باكيةً ) : بنتى عندها سرطان فى المخ .. انا مش قادرة اصدق ..
رودينا ( بثباتٍ ) : ياماما متقلقيش دى حاجة بسيطة والحمد لله ان الورم حميد مش خبيث ..
عواطف : اخص عليكى يارودينا كدة متقوليش لامك انتى عندك ايه .. وكمان فاروق يتفق علية ..
ثم تنظر إلى آية فى غضب قائلةً ..
عواطف : أكيد انتى اللى قلتيلهم يكدبوا علية ..
آية : ياماما احنا كان هدفنا نطمنك .. لو كنا قلنالك على حقيقة مرض رودى كنتى حتقعى من طولك ..
عواطف ( فى بكاء ) : وهو انا دلوقتى مش حقع من طولى ياست آية ..
اقتربت آية من حماتها محوطةً ذراعها حول كتفها ..
آية : بعيد الشر عنك ياماما .. والله احنا مكناش عايزينك تقلقى ..
عواطف : ازاى مقلقيش .. ازاى اصلا مموتش من الخوف .. بنتى حتدخل بعد شوية عمليات لعملية خطيرة ..
رودينا : لا ياماما مش خطيرة ولا حاجة .. الدكتور طمنا ياماما قبل العملية ..
عواطف : انتى فاكرة انك كدة بتطمنينى يارودينا . انتى بتقتلينى .. كلكو بتقتلونى ..
آية : ياماما ادعيلها وادعى ربنا يقومها بالسلامة .. وبعدين ياماما تفائلوا بالله خيراً تجدوه ..
عواطف : يارب .. يارب ..
خرجت عواطف من الحجرة وجلست على أحد المقاعد التى تتواجد بقرب الحجرة ويجلس معها فاروق وحاتم ومحمد زوج رودينا .. ويظهر على وجهها البكاء .. لم يكن أحد من الرجال الثلاث – فاروق وحاتم ومحمد – يعلم أنها قد علمت بالحقيقة ..
فاروق : اهدى ياعواطف ده خراج وحيتشال ان شاء الله .
عواطف : مفيش داعى تكدب علية يافاروق .. انا عرفت الحقيقة خلاص ..
فاروق : عرفتى ايه ياعواطف ..
عواطف : عرفت ان حالة بنتى خطر وانها داخلة تعمل عملية استئصال ورم فى المخ ..
حاتم : ياماما احمدى ربنا انه ورم حميد مش حاجة صعبة ..
عواطف ( فى توتر ) : اللهم لا اعتراض بس قلقى وخوفى على بنتى مش بإيدى .. دى بنتى ياناس ..
محمد : استهدى بالله ياحماتى ان شاء الله تقوم بالسلامة ..
كان فاروق مغتاظاً من محمد بشدة فنظر له فى غضب قائلاً له ..
فاروق : تعالى معايا يامحمد نروح الكافتيريا نجيب حاجة نشربها كلنا ..
فهم حاتم ما يرمى إليه والده .. فقال له فى سرعة ..
حاتم : مفيش داعى يابابا دلوقتى … بعد ما نطمن على رودى نبقى نروح انا وانت وهو ..
فاروق : لا اصلى عطشان ولازم اشرب حاجة .. ( ثم فى حزم ) : ياللا يامحمد قوم معايا ..
محمد : حاضر ياعمى ..
وهما سائران بين طرقات المشفى فإذا بفاروق يتحدث قائلاً ..
فاروق : هو ابوك مات من كام سنة يامحمد ..
محمد : من 30 سنة ياعمى ..
فاروق : كان عندك انت كام سنة يامحمد ..
محمد : كان عندى 5 سنين ..
فاروق : وايه اللى حصل بعد أبوك ما مات ياحيلتها ..
محمد ( فى استغراب ) : حيلتها ؟! يعنى ايه ياعمى تقصد ايه بسؤالك ده ..
فاروق : بعد أبوك ما مات مين رباك انت واخواتك ؟
محمد : حضرتك ياعمى اللى احتويتنا وحافظت علينا ..
فاروق : الله ينور عليك .. حافظت عليك انت واخواتك وجوزتك بنتى .. يبقى جزاءها وجزائى عندك انك تتجوز عليها ياسى محمد ..
تفاجأ محمد بمعرفة حماه وعمه فى ذات الوقت بعلمه بخبر زواجه من أخرى .. فتلعثم وارتبك ولم يستطع الرد عليه ..
فاروق ( فى غضبٍ مكتوم ) : سكت ليه ياحيلتها .. مش ترد واللا حتخرس زى عادتك .. من وانت صغير كل ما تعمل العملة وتدارى عليها ونعرفها بالصدفة تتخرس ومتتكلمش وتلزق العملة فى غيرك عشان تطلع انت الغلبان والبرئ واللى مبتعملش حاجة فى حياتك غلط .. مش صح برده يامحمد ..
محمد : ياعمى انا لية أسبابى فى الجوازة دى ..
فاروق : مش بقولك حترمى الغلط على غيرك .. اخص عليك وعلى ندالتك .. اخص على انكارك لمجهودى معاك فى التربية ومساعدتى ليك فى كل كبيرة وصغيرة .. تتجوز على بنتى يامحمد ؟!! بنتى انا .. حسابى معاك بعدين .. بس حيبقى عسير عليك اوى .. اوى ..
محمد : ياعمى انا كنت اعمى لما اتجوزت ..
فاروق ولحد دلوقتى اعمى والا كان زمانك طلقتها ..
محمد : ياعمى انا حكايتى كبيرة ورودينا عرفاها كلها .. ومستنى الوقت المناسب عشان اطلق الست التانية بس فلوسى ترجعلى ..
فاروق : احكيهالى دلوقتى ومن غير ما تكدب ولا تنقص ولا تزود حرف ..
محمد : دلوقتى ياعمى ؟! بس رودينا والعملية ..
فاروق : لسة العملية مش دلوقتى احكى عشان على ما تخلص رودينا العملية وتفوق نكون قدرنا نشوف حل ..
محمد : حاضر ياعمى .. انا حقولك على كل حاجة ..
يتنهد محمد قليلاً .. ثم يبدأ فى الاسترسال فى القصّ على عمه سبب تلك الزيجة ..
محمد : من سنتين وشوية كنت قاعد فى مكتبى وجتلى واحدة طلبت مقابلتى عشان عيزانى اعملها الضرايب القانونية واظبطلها حسابات شركتها وطبعا كله بحسابه .. قابلتها ومنكرش انها طيرت عقلى من اول لحظة جت عينى عليها .. مش حقولك حبيتها لان رودينا هى كل حاجة فى حياتى .. اتشديتلها بس ووافقت على التعامل معاها .. وبدأنا شغل مع بعض كنت كل يوم بشوفها وكل مرة بلاقيها أحلى من المرة اللى قبلها .. حسيت برغبة جوايا انها تكون ملكى وهى حست بالرغبة دى وبدأت تلعب علية .. مكنتش اعرف انها حست بحاجة ولا انها بتلعب علية .. كانت بتلمحلى انى عاجبها وانها لو حبت تتجوز حيكون واحد زيى وكلام من ده كتير خلانى اطير من فرحتى بيه واحس برجولتى وأثق فى نفسى اكتر معاها .. لحد ما غلطت فى مرة ووقعت بلسانى وقلت لها لولا انى متجوز كنت اتجوزتها هى وياخسارة لانها متتعوضش .. لقيتها بتعرض علية نتجوز فى السر بس بشروط عشان تضمن انى مش حطلقها ولا حسيبها ولو يوم .. ووافقت على شروطها ..
فاروق : جواز فى السر ؟! وياترى بقى كانت ايه شروطها ..
محمد ( خجلاً ) : اكتبلها مليون جنيه مؤخر وانقل ملكية مكتبى باسمها ..
فاروق : يافالح ..
محمد : صدقتها وعملت كل حاجة هى عيزاها واتجوزتها وكنت فاهم انى متجوز فى السر وعدى شهرين كانت معيشانى بمنتهى السعادة وللأسف أهملت رودينا تماماً ومكنتش فاهم انى أهملتها أو مش مهتم بيها هى والعيال .. لحد فى يوم ما اكتشفت ان رودينا عرفت ..
فاروق : ومين قال لرودينا ؟
محمد : كنت كل ما اخرج واغير طقم لبس اخد ورقة الجواز معايا ومسيبهاش ابدا لكن فى مرة روحت الشغل ونسيت اخد الورقة دى .. وشافتها رودينا بالصدفة وحطيتهالى على التسريحة ومتكلمتش ولما رجعت وشوفت الورقة على التسريحة روحتلها اتكلم معاها ولقيتها بكت وسألتنى عملتلى ايه عشان اخونها واتجوز عليها .. معرفتش ارد عليها لكن خرجت من البيت وانا ناوى اطلق التانية لانى حسيت انى ظلمت رودينا أكبر ظلم فى حياتها وروحت لمراتى التانية وقلت لها على كل حاجة وقلت لها لازم نطلق بالتراضى وكل واحد ياخد حقه .. لقيتها مسكتنى من الايد اللى بتوجعنى ولو طلقتها حتطردنى من مكتبى ومش حترجعلى اى حاجة بتاعتى .. ومبقتش عارف اعمل ايه ولما اتكلمت مع رودينا قالت لى انا ميرضنيش تتأذى واتفقنا انى حستنى معاها لحد ما اقدر اجيب حقى ..
فاروق : ايه الكلام اللى بسمعه ده .. انت بتتفرج على افلام عربى كتير واللا بتضحك علية ياسعادة البيه ..
محمد : والله ياعمى انا مضحكتش عليك فى اى كلمة .. هو ده الموضوع من اوله لاخره ..
فاروق : هانت عليك بنتى وعشرة السنين دى معاها .. اخص عليك يامحمد ..
محمد ( فى حزنٍ شديد ) : انا اسف ياعمى والله انا اسف ..
فاروق : آسف ايه وزفت ايه .. اتفضل نرجع وبعد ما رودينا تقوم بالسلامة نبقى نشوفلك صرفة ..
وعندما وصلوا بادرتهم عواطف بقلقها الواضح عليها بسؤالٍ طبيعى ..
عواطف : فى ايه .. كنتو فين كل ده ؟
فاروق : معلش قلنا نعدى الوقت على ما يجى الدكتور ونتمشى شوية .. هو الدكتور جه ؟
عواطف : لا لسة مجاش بس سألت وقالوا على وصول ..
فاروق : طيب يامسهل الحال .. اومال فين حاتم ؟
عواطف : جوة عند اخته بيتكلم معاها شوية عشان تنسى الخوف اللى جواها .. كبدى عليكى يابنتى ..
فاروق : ربنا معاها ويقومها بالسلامة ..
عواطف : يارب .. آمين يارب ..
وبعد نصف ساعة وصل الطبيب ودخل إلى حجرة رودينا لرؤيتها والتحدث مع من معها عن طبيعة العملية ونتيجتها .. ودخلت معه الممرضة .. وتبع ما تم تجهيزه لرودينا .. ولاحظ الطبيب هذا القلق البادى على الجميع .. فتحدث مع حاتم وفاروق حديثاً جانبياً ..
الطبيب : لازم حالتكم النفسية سليمة وتطمنوها مش تقلقوها .. ده اللى هى محتاجاه دلوقتى ..
فاروق : حاضر يادكتور .. بس العملية امتى ..
الطبيب : خلاص حيجو ياخدها على اوضة العمليات بعد ربع ساعة ..
فاروق ( منقبض القلب ) : ربع ساعة ؟!!!
الطبيب : قوى قلبك ياأستاذ فاروق .. ربنا معاها ومعانا كلنا ..
خرج فاروق مع الطبيب وجلس على أحد المقاعد ولم يتمالك نفسه من البكاء .. وبكى بكاءً حاراً ..
وفى الحجرة كانت عواطف قد علمت قرب ميعاد العملية .. فكانت جالسة فى حزن وتبكى بصمت .. ولكن تشعر رودينا بها ولا تستطيع الحديث فهى أيضاً قلقة وخائفة على أولادها من بعدها .. تشفق على أمها التى تجلس باكية فى صمت محاولة الابتسام لها حتى تطمئنها .. وتقول فى نفسها ” حتوحشينى ياماما ” .. تنظر إلى آية التى تجلس ناظرةً على الأرض وشاردةً ويبدو عليها أيضاً القلق ..
لاحظت عواطف عدم وجود زوجها فى الحجرة .. فخرجت لتبحث عنه فتجده جالساً ممسكاً برأسه وخافياً وجهه وتتساقط الدموع من عينيه وما بين أصابعه .. فتجلس بجانبه وترفع يده عن وجهه ناظرةً له فى بكاءٍ ومبتسمة له تطمئنه على ابنتهما ..
وأخيراً جاءت ممرضتين بالترولى ونقلوها عليها وخرجوا بها متجهين إلى حجرة العمليات .. الجميع وراءهم والجميع قلقون وكانت آية ممسكة بمصحف جدها الراحل .. تقرأ فيه تلك السورة التى كان يعشقها وهى سورة ياسين .. قرأتها بصوتٍ عال .. أنهتها وقرأت عدة سورٍ أخرى .. دعت الله كثيراً والجميع مثلها .. ومر الوقت .. لم يحسب أحداً كم مر من الساعات فهم يتوقعون أن ما مر هو سنوات وليس ساعات .. وخرج الطبيب ..
كان منهكاً تعباً .. أسند جسده على الحائط .. وقف أمامه الجميع متلهفين فى سماع خبرٍ يريح قلوبهم .. نظر لهم الطبيب قائلاً ..
الطبيب : احنا عملنا اللى علينا والباقى على ربنا .. دلوقتى حتخرج وتدخل على العناية المركزة وربنا يسهلها ..
فاروق : يعنى العملية نجحت يادكتور ؟
الطبيب : احنا استئصلنا الورم وفى خلال كام ساعة حنقرر كل حاجة ..
عواطف ( بانفعال ) : فى ايه يادكتور انت مش بتديلنا رد يريح قلوبنا ليه ..
فاروق : اهدى ياعواطف لو سمحتى .. طيب يادكتور شكرا لحضرتك ..
يغادر الطبيب وتخرج رودينا ومازالت مخدرة ورأسها ملفوف بشاشٍ أبيض مكان الجرح .. تنظر لها أمها فى حبٍ كبير وتمسك يديها مقبلةٌ لها وتهمس فى أذن رودينا بكلمةٍ ما ..
فما تلك الكلمة التى همست بها عواطف فى أذن ابنتها النائمة ..
كانت مروة تزور والديها وأخبرتها أمها بما حل على رودينا وذلك المرض .. انفعلت مروة على والدتها قائلةً ..
مروة : انتى ازاى متقوليليش ان بنت خالتى فى الكرب ده ..
عفاف : يابنتى عواطف موصيانى اصلا مقولش اى كلمة .. انا بس قلت لك عشان تبقى عارفة ..
مروة : مهو لازم نعمل حاجة ولازم نروح ونقف جنب خالتى ورودينا فى الظروف دى .. انا حكلم أمجد وحستأذن منه أروح المستشفى ..
تمسك مروة بهاتفها المحمول وتتصل بزوجها ..
أمجد : ايوة يامروة ..
مروة : رودينا بنت خالتى عملت عملية صعبة ياأمجد .. ممكن اروح دلوقتى ازورها ..
أمجد : طيب بصى انا حاجى على الساعة 6 .. استنى لما اجى عشان ازورها معاكى يامروة ومتروحيش لوحدك ..
مروة : لا مش حروح لوحدى معايا ماما ياأمجد .. بالله عليك ما تقول لا ولا تخلينى استنى للساعة 6 .. انا حروح دلوقتى وابقى انت حصلنى ..
أمجد : طيب يامروة اللى يريحك بس لما تروحى هناك ابقى طمنينى ..
مروة : حاضر ياحبيبى .. متشكرة اوى .. سلام ..
أمجد : مع السلامة ياحبيبتى ..
تغلق مروة الهاتف قائلةً لأمها ..
مروة : ياللا قومى إلبسى ياماما عشان حنروح دلوقتى على ما اتصل بحاتم اعرف منه مستشفى ايه والعنوان ..
عفاف : حاضر يابنتى ..
وصلت مروة إلى حجرة العناية المركزة ووجدت الجميع إلا آية ينتظرون خارجها .. فسلمت عليهم ووقفت هى وأمها بجانب خالتها محاولة اطمئنانها على ابنتها ..
مروة : متقلقيش ياخالتو ان شاء الله تقوم بالسلامة ..
عواطف ( باكيةً ) : يارب يامروة يارب ..
عفاف : صلى على النبى ياعواطف وادعيلها ياختى مش عياطك اللى حيفيدها دلوقتى ..
عواطف : غصب عنى ياعواطف دى بنتى …
عفاف : عارفة ياحبيبتى عارفة .. ربنا يطمنك عليها يارب ..
مروة : هى آية فين ؟
عواطف : راحت الحمام .. مهى لسة بترجع عشان الحمل بس زمانها جاية ..
مروة : ربنا يعينها هى كمان ويعدى الايام دى على خير ..
عواطف : وانتى يامروة مفيش اى جديد ..
فهمت مروة ما ترمى إليه خالتها .. فرددت عليها قائلةً ..
مروة : لسة ياخالتى .. ثم ده لسة بدرى ..
عواطف : بدرى من عمرك يامروة .. انتى متجوزة بقالك شهر ..
مروة : وايه يعنى ياخالتى .. حتى لو سنة .. محدش عالم فين الرزق والنصيب أو امتى ..
عواطف : ربنا يعوض عليكى يامروة ونفرح بخلفتك قريب يارب ..
مروة : يارب ياخالتى .. اهى آية جت ..
آية : السلام عليكم .. ازيك ياطنط ..
عفاف : اهلا ياحبيبتى .. ازيك انتى وعاملة ايه فى الحمل ..
آية : الحمد لله ياماما .. تعبانة صحيح بس الحمد لله على كل حال ..
عفاف : معلش ياحبيبتى مفيش حاجة بالساهل … عقبالك يامروة يارب ..
آية / مروة : يارب ..
مروة : وحشانى ياآية ..
آية : وانتى كمان يامروة .. عاملة ايه ..
مروة : الحمد لله تمام ..
آية : امال فين أمجد ..
مروة : هو راح مقر الشركة هنا فى القاهرة بيخلص شوية شغل إدارى وحيخلص على الساعة 6 وحيجى على طول .. تصدقى فكرتينى قالى لما اوصل اطمنه ..
آية : طيب ياللا رنيله وتعالى نركن على الشباك نتكلم شوية ..
مروة : اوك ..
تتصل مروة بزوجها لتطمئنه عليها ثم تتحرك مع آية عند النافذة ..
آية : ها يامروة اتأكدتى من حملك واللا لسة ؟
مروة : شكل احساسى طلع غلط ..
آية : ليه ؟
مروة : مغص الحلوة جانى بقاله يومين فعرفت انى مش حامل وكلها يومين والحلوة تشرفنى ..
آية : طب مهى فرصة احنا فى المستشفى تعالى نكشف ونتأكد ..
مروة : لا لا مش عايزة يجيلى احباط اكتر من اللى عندى ثم ما انا عارفة اللى فيها ..
آية : تعالى بس نكشف اسمعى الكلام ..
مروة : لا مش مشكلة دلوقتى .. معلش خلينا فى رودينا الأول ..
آية : مكنتش اعرف انك عنيدة اوى كدة ..
مروة : معلش ياآية مفيش داعى دلوقتى ..
آية : اللى يريحك يامروة ..
وبعد قليل حضر الطبيب لمتابعة رودينا .. ظل فى حجرتها حوالى عشر دقائق ثم خرج .. فالتف حوله الجميع متسائلين ..
فاروق : خير يادكتور ..
الطبيب : لحد دلوقتى الحالة مستقرة ..
حاتم : يعنى العملية نجحت ؟
الطبيب : بنسبة 50% ايوة .. بس بكرة الصبح حنتأكد اكتر ان شاء الله ..
فاروق ( فى سعادة ) : متشكرين اوى يادكتور ..
عواطف : طيب هى حتفوق امتى يادكتور ؟
فاروق : هى فاقت فعلا .. بس البنج لسة جوة جسمها فبتنام وتصحى تانى ..
عواطف : يعنى ممكن ندخلها دلوقتى ونتكلم معاها ..
الطبيب : ايوة بس مش كلكم مع بعض واحد واحد .. وياريت لو فاقت تانى وانتو بتكلموها محدش يجهدها فى الكلام ..
فاروق : حاضر يادكتور ..
دخلت عواطف قبل الجميع لترى ابنتها .. نظرت إلى تلك الفتاة الرقيقة النائمة .. يبكى قلبها عليها .. فى الماضى عندما كانت تمرض بنزلةٍ معوية أو شعبية أو حتى مجرد ألم بسيط فى رأسها كانت تلتهب عيناها حزناً على ابنتها .. والآن ومع هذا المرض اللعين التهب قلبها عليها .. روحها فداءً لابنتها .. تمنت فى لحظة أن تفيق ابنتها أو حتى تنفتح عينيها .. حقق لها الله أمنيتها وبالفعل فاقت ابنتها وكانت تعبةٌ جداً .. فرحت الأم واستلقت على الأرض جانبها .. قائلةً ..
عواطف : حبيبتى .. حمدالله على سلامتك يانن عينى ..
رودينا ( فى إجهادٍ شديد ) : دماغى بتوجعنى ياماما ..
عواطف : معلش ياحبيبتى بكرة الصبح ان شاء الله حتبقى زى الفل بس متتكلميش انتى كتير ..
رودينا : بابا فين .. ولادى فين ؟ عايزة اشوفهم ..
عواطف : بكرة ياحبيبتى حجيبلك ولادك .. وبابا حالا حيدخلك .. حمدالله على سلامتك ياحبيبتى ..
خرجت عواطف بسرعة مناديةً لزوجها ..
عواطف : يافاروق يافاروق .. تعالى بنتك بتسأل عليك .. تعالى بسرعة ..
فاروق ( فى سعادة ) : هى فاقت .. احمدك واشكر فضلك يارب ..
دخل فاروق إلى حجرة العناية .. قبَّل رأس ابنته ويديها .. فلامست دموعه يديها وخديها ..
رودينا : انا بخير يابابا الحمد لله متعيطش ..
فاروق : حمدالله على سلامتك ياحبيبتى ..
رودينا : الله يسلمك يابابا .. فين حاتم .. فين جوزى ؟
فاروق : واقفين برة ياحبيبتى .. لما اخرج واحد واحد حيدخلولك ..
رودينا : لا متسيبنيش لوحدى يابابا انا محتاجلك جنبى انت وماما ..
فاروق ( باكياً ) : ياريتنى اقدر كنت نمت تحت رجليكى بس للاسف قوانين المستشفى تمنع .. بس انا موجود فى اى وقت مسافة ما تنادينى فى سرك تلاقينى ..
رودينا : خدوا بالكو من أولادى يابابا .. اعطفوا عليهم دول يتامى ..
فاروق ( منهاراً ) : اخص عليكى يارودينا .. ولادك يتامى وانتى وابوهم موجودين وزى الفل .. ربنا يخليكو ليهم يارب .. كلها اسبوع وتخرجى من المستشفى وتبقى أحسن من الناس كلها .. متجهديش انتى نفسك فى الكلام احنا داخلين نطمن عليكى ..
رودينا : يابابا أرجوك اسمعنى .. محمد شايل للعيال فلوس فى البنك والحمد لله انه ناسيهم ومداهمش للست اللى اتجوزها من ضمن اللى اداهولها .. انا عملت لك توكيل عشان تقدر تصرف الفلوس دى فى حاجة تخص اولادى .. الفلوس دى تعليم ولادى وهاتولهم اللى نفسهم فيه .. هما كتير اوى يابابا .. ارجوك متحرمهمش من حاجة .. ولو قصرت معاك الفلوس خد من محمد ده ابوهم ولازم يدفع ..
فاروق : ارجوكى كفاية .. ارحمى اعصابى وارحمى نفسك ..
رودينا : حاضر يابابا بس ارجوك متنساش كلامى .. وارجوك حافظ عليهم .. دول من ريحتى ..
الممرضة : لو سمحت كفاية كدة وحستأذنك تخرج عشان غيرك يدخل عشان فاضل 10 دقايق ومعاد الزيارة ينتهى ..
فاروق : حاضر ..
ثم ينظر إلى رودينا وقلبه لا يقوى على تركها .. يقبِّل جبينها وينظر لها مودعاً .. قائلاً لها ..
فاروق : حشوفك بكرة يارودينا .. حجيلك بكرة من النجمة ياحبيبة بابا .. مع السلامة ياحبيبتى ..
دمعت عينا رودينا ولم تقوى على الكلام ..
دخل حاتم وتحدث معها فى أقل الكلمات حتى لا يجهدها وكذلك آية ومروة .. وأما عن محمد .. كان فى أضيق حالٍ وأسوأ حالة .. كان نادماً على ما فعله فى زوجته أم أولاده .. ولكن ماذا سيفيد الندم بعد تخليه عن رزقه وزرق أسرته .. والآن وزوجته فى أخطر حالاتها ويريدها أن تسامحه فهل ستقبل مسامحته ..
وعندما دخل لها .. باكى العينين قائلاً ..
محمد : حمدالله على سلامتك يارودينا ..
رودينا : الله يسلمك ..
محمد : انتى لازم تقوميلنا بالسلامة انا وعيالك وباباكى ومامتك .. كلنا عايزينك يارودينا .. اوعى تسيبينا ..
رودينا : كله بأمر الله ..
محمد : سامحينى يارودى .. سامحينى ..
رودينا : متقلقش يامحمد انا مسمحاك ومش زعلانة منك .. بس لازم ترجع فلوسك وفلوس عيالك بأى شكل .. ودى وصيتى ليك يامحمد ..
محمد : ربنا يخليكى لينا وارجع فلوسكم وانتى موجودة معايا ومسندانى زى عادتك معايا طول عشرتك معايا من واحنا صغيرين يارودينا ..
رودينا : كله بأمر الله يامحمد .. كله بأمر الله ..
خرج محمد وهو متألماً ويراوده شعوراً أليماً جهة زوجته .. فهل حالتها هى من أوهمته بذلك الشعور أم أنه ليس متوهماً به ..
حاول فاروق أن يبيت مع ابنته ولو جالساً على مقعدٍ خارج العناية أو فى حجرة الاستقبال ولكن رفضت إدارة المشفى تماماً وأجبرته على الرحيل هو وأسرته .. وصل الجميع إلى البيت وجلسوا صامتون ويصيبهم حزناً شديداً على ابنتهم ..
ربما كانت آية متأثرةٌ أكثر فهى من ذاقت مرارة اليتم منذ صغرها عندما توفى والدها وهى ذات الأربع سنوات ..
وأما عواطف فكان يخالجها عدة مشاعر لا تدرى ما هم .. حتى صاحت قائلةً ..
عواطف : انا قلبى مقبوض ..
فاروق : ليه ياعواطف .. من ايه ؟
عواطف : مش عارفة يمكن عشان مسألناش على عيال رودينا من الصبح ولحد دلوقتى ..
محمد : انا حتصل بأختى اطمن عليهم ..
فاروق ( فى حزم ) : لا انا اللى حتصل ..
يرفع فاروق سماعة الهاتف الأرضى ولكنه لا يجد حرارة وكل ما يسمعه صوت ناساً يتحدثون .. فيقول ..
فاروق : ايه ده مفيش حرارة وفى ناس بتتكلم .. مين دول ..
ثم يسمع من يتحدث معه ..
الرجل : ايوة من فضلك اتكلم مع أستاذ فاروق ..
فاروق : ايوة انا .. مين معايا ..
الرجل : معاك مستشفى السلام ..
فاروق : اهلا وسهلا .. خير ؟
الرجل : احنا بنتصل نبلغك ان بنت حضرتك ماتت وياريت تيجو عشان تخلصوا الإجراءات ..
فاروق ( فى ثورة ) : انت اتجننت .. انت بتقول ايييييييه ..
الرجل : انا اسف يافندم .. البقاء لله .. مع السلامة ..
يهوى فاروق على المقعد باكياً متألماً صارخاً .. يلتف حوله الجميع فى جزع ويتساءلون ..
عواطف / حاتم / آية / محمد : فى ايه حصل ايه ؟
فاروق : رودينا ماتت ياعواااااااااااااااااطف ..
تضاربت دقات قلب عواطف بشدة .. دارت بها الأرض .. سقطت ولم تستطع الوقوف ثانيةً .. لقد شُلَّت عواطف ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لقاء في القطار)