رواية الشرف الفصل الخامس والتسعون 95 بقلم قسمة الشبيني
رواية الشرف الجزء الخامس والتسعون
رواية الشرف البارت الخامس والتسعون
رواية الشرف الحلقة الخامسة والتسعون
العاشر
كانت تنتظره بلهفة وترقب . تعلم أنه بحاجتها . أنه مشوش يعانى التخبط . ولابد أنه يعانى صراعا داخليا . إنه رفيع الذي لا يتحمل أن يطال أحبته سوءا .
والمصاب جلل . إنه هيبة . ليس مجرد ابن عم يهتم لأمره . بل هو كضلع فر من بين ضلوعه ليسكن جسدا اخر . جميعهم كذلك . حتى حجاج الذى يثير فوضته هنا وهناك . تعلم أنه يخشى عليه من نفسه رغم كل ما يسببه له من حرج .
تنهدت بحيرة وهى تتذكر تبدل أحواله فى الآونة الأخيرة ، لم يعد يرسو بسفن ألامه على شواطئ امانها ، لم يعد يلقى بمخاوفه فى ابحر حنانها ، أصبح بعيدا ..بعيدا للغاية .
كم تفتقده !!!
تفتقد قلبه الدافئ . تفتقد عقله الواعى الذى آلف بين قلبيهما بقوة تعجب لها الجميع .
عادت تزفر تخبطها مع أنفاسها المضطربة . ماذا عليها أن تفعل لتعود به لسابق عهده !!؟
لطالما كان داعما لكل محاولاتها للتقارب بينهما .. أما اخيرا أصبح يقاوم محاولاتها تلك بطريقة تنفر منها بشدة .
علاقتهما لم تكن يوما علاقة رجل وامرأة . بل كانت تآلف للقلوب ، تفاهم للعقول واندماج للارواح .
عله يأتيها الليلة كما إعتادت أن يأتيها يبحث عن عقلها ليستمع إلى شكواه .يبحث عن قلبها ليضمد جروحه .يبحث عن روحها ليستشفى بين ثناياها .
استمعت لصوت إغلاق باب المنزل فهبت تستقبله بلهفة قلب محب يعلم أن حبيبه يتألم .
فتحت باب الغرفة قبل أن يصل إليها ليستقبلها مبتسما . نظرت له بصدمة
رفيع يبتسم !!! فى يوم عصيب كهذا يبتسم !!!
تساءلت لهفة قلبها بلسانها : رفيع انت كويس؟؟
اتسعت ابتسامته وهو يقول: الحمدلله بخير .
تجاوزها وبدأ يبدل ملابسه بينما اوقفتها صدمتها عن اللحاق به .
اين حبيبها ؟؟
كيف ضاع منها وكيف سمحت بذلك ؟؟
لما يخفى أوجاعه عنها ؟؟ هل وجد بر أكثر أمانا من برها هى ليرسو فوق شطآنه ؟!
ألم تعد له الأمان !!
ألا يرغب في سكب أحزانه فوق صدرها !!
آفاقها من شرودها تساءله : مالك يا رنوة ؟ واجفة ليه إكده ؟
لم تجب فهى لم تعد تعلم ما الذى يحدث معه . تحركت نحو الفراش وقد تمكن منها الإحباط ليوقف ذراعه تقدمها تتبعه همسته المتلهفة : اتوحشتك جوى .
ثار قلبها فور ملامسته لها .
اهكذا أصبحت !!
مجرد وسيلة لتفريغ طاقته السلبية !!
اقبل عليها بلهفة اعتادت عليها مؤخرا وتنفر منه .. أم تنفر منه !!! سؤال تخشى البحث عن إجابته .
______
كان بحاجتها . ليست حاجة جسدية كما تظن أنه يحتاج .
يحتاج لأمانه الذى استوطن صدرها مذاك اليوم ولم يعد يجده إلا بالغرق بين ذراعيها .
يحتاج ربتات كفها فوق قلبه قبل جسده لتخبره أن كل شئ سيكون على ما يرام.
يحتاج للعثور على روحه الشاردة التى تهرب من الدنيا كلها لروحها هى .
لكنه عاجز …
لم يعد قادرا على تحميلها المزيد من أوجاعه ؟؟ ربما !!!
لم يعد قادرا على تحميلها ضعفه ؟؟ ربما !!!
لم يعد قادرا على تحميلها شرود روحه ؟ وصراخ عقله ؟ واستغاثة قلبه ؟ ودموع عينيه ؟؟؟
ربما !!! وربما !!! وربما !!!
كل ما يفهمه أنه توقف فى نقطة ما عاجز تماما عن الوصول إليها إلا عبر هذا السبيل الممتع والمؤلمة متعته .
بالفعل مؤلمة .قلبه يتألم ..روحه تتألم ..وعقله يحذر وكلما عزم على العودة من ذاك الطريق يتذكر ما يجعله يمضى فيه خطوات مبتعدا عنها ..عن نفسه.
يغرق وبر نجاته أقرب إليه من الهلاك ويتجه نحو الهلاك .
وكعادته مؤخرا .
يلجأ لاسهل وسيلة تشعره أنها لازالت هنا .
أن الأمل في نجاته لم ينتهى .
يغرق بشوق يمزق ضلوعه ، يكوى جسده ، يحرق روحه أملا في العثور على بعض الراحة التى لم تعد تتواجد سوى هنا . معها . بها .راحة للحظات خير من الاحتراق الدائم .
___
لم تعد تتحمل . هى لا تريد رفيع هذا .. بل تريد رفيع الذى قربه يحيها ، دفعته عنها بعنف ليفيق من سكراتها مرغما . نظر لها بأعين متسعة وتحدث بصوت بالكاد خرج من حجرته مهزوزا : حوصل ايه ؟؟ مالك ؟؟
أشارت إلى صدرها بغضب : مالى !!! أنا اللى مالى !!
زاد عجبه وهو يرى غضبها وهى تقول : انت اللى مالك ؟؟ لا انت مين ؟؟
ردد سؤالها بعفوية وتعجب : انى مين كيف ؟؟
دفعته بصدره ليتراجع خطوة للخلف : ايوه انت مين ؟؟ انت مش رفيع اللى أنا عارفاه .. وديت حبيبى فين ؟ وديت جوزى فين ؟
تدفعه مع كل كلمة ليتراجع خطوة ، امسك ذراعيها يعيدها لصدره : انى اهه ، انى حبيبك . انى چوزك .
صرخت مقاطعة استرساله وهى تدفعه عنها مرة أخرى: لا مش انت . انت واحد شبهه . لا انت مسخ من غير روح . من غير قلب . من غير عقل .
تعالت صراخاتها ليرفع كفيه برجاء : هششش أهدى يا رنوة .
هزت رأسها نفيا بصدمة واضحة : مش ههدى غير لما ترجع لى حبيبى ..
امتلأت عينيها باللوم : حبيبى ماكانش بيجينى بجسمه . كان بيجينى بروحه ، بعقله ، بقلبه ، كل وجعه كان بينتهى فى حضنى ، كل همه كان بيموت بين اديا ، كل خوفه كان بيدوب جوايا .لكن انت مين ؟؟ أنا معرفكش .
تنهد بألم يعلم أنه ابتعد عنها بكل ما ذكرت ، لم يعد يأتيها إلا جسدا خاويا سوى من رغباته . لكنه لم يعد قادرا إلا على هذا القرب .
اقترب منها متصنعا الهدوء : رنوة الهنا ..بزيداكى ..انى اهه ماهملكيش واصل .
تراجعت للخلف رافضة قربه : لا هملتنى . لما حسيت بالغربة فى بيتك تبقى هملتنى . لما حسيت بالبرد فى حضنك تبقى هملتنى . لما حسيت بالوجع منك لأول مرة في حياتى تبقى هملتنى .
ارتمت جالسة بإنهاك فوق الفراش تتحدث بإنهيار قلب : أنا مش عاوزاك . أنا عاوزة حبيبى امشى ورجع لى حبيبى . وحشنى . رفيع وحشنى .
اقترب مسرعا يجثو أمامها ، رفع وجهها ونظر لعينيها : انى اهه چارك اتوحشتينى وانى چارك ؟
هزت رأسها نفيا : مش انت أنا معرفكش . اللى وحشنى حبيبى مش انت
دفنت وجهها بين كفيها لتهرب من ضياع نظراته .
هى لا تريده بهذه الطريقة .
هب واقفا ليغادر الغرفة . سمعت صوت الباب لتعلم أنه لا يزال رافضا قربها الذى يهلكها شوقا له . هى تريد زوجها بكل ما فيه . وهو يريدها بجزء منه لا يرضى شوقها إليه .
أغمضت عينيها سامحة لدموعها بالتحرر . فهذا الغريب الذى تخشى ضعفها أمامه غادر للتو . كم تتمنى أن يفتح الباب عن حبيبها الذى يمكنه هو وحده تكفيف تلك الدموع . ونزع هذا الألم . و رى هذا الشوق .
______
ألقى جسده المشتعل فوق الأريكة . ضرب جانبى جبهته بكفيه كأنه يبحث عن إفاقة من سكر بين .
اين عقله !!
كيف وصلا لهذه النقطة !!
إنه خطأه.. بلى ، هو كذلك .
فى تلك الليلة التى يكره أن يتذكر تفاصيلها . كانت مهشمة الجسد . جريحة الروح . لكن قلبها وحده . حبها وحده وفقط ذراعيها بر الأمان من ضياعه المحتم .
تذكر فتحها ذراعيها وقد أفاقت للتو من غيبوبة كادت تقتله . تذكر همسها الضعيف وصوتها الذى بالكاد سمعه : تعالى في حضنى علشان مش قادرة اجى لك .
ومنذ تلك اللحظة ، ومنذ تلك الضمة استوطن أمانه بين ذراعيها .
ترى ما الذي حدث ليبتعد عنها لتلك الدرجة !!!
مسح بكفه فوق صدره المشتعل . ليزداد تحكم رغباته سطوة . هب فى لحظة عائدا إليها .
يحتاج لإطفاء تلك النيران بأى وسيلة . إنه يحترق . مواجهتها له بما وصلا إليه زادته لهيبا .
هو أيضا يحتاج أن يأتيها كما تحب وترضى .وكما يحب ويرضى.
عجزه يحول دون تحقق هذا الرضا . فليأتيها كما يريد لا كما يحب .
___
كففت دموعها فور سماع خطواته تطوى الأرض إليها . ولد بقلبها امل أرادت له أن يحيا .
فتح الباب لترفع عينيها فيقتل أملها الوليد . بحثت عن حبيبها فيه فلم تجد سوى من غادرها منذ دقائق .
عاد نفس الشخص الأجوف لكن عينيه تصران على فرض سيطرته . انتصر هذا الأجوف على حبيبها الذى لم تعد تدرى متى يعود إليها .
نظر لها ليرى مدى السوء الذى اوصل حبيبته إليه . تراجعت أمام عينيه فوق الفراش ليزيد الأمر سوءا وهو يغرق الغرفة فى بحر ظلامه معلنا عن رفضه القاطع رؤيتها . بل عجزه أن يفعل .
شعرت بالراحة لهذه الظلمة التى تحجبها عنه فلا طاقة لها لرؤية هذا الغريب .
شعرت بأنفاسه تحرقها وهو يهمس : ماجادرش . سامحينى .
وساد الصمت لا يخرقه سوى صوت أنفاسه التى تزداد تطلبا لانفاسها ولم يتراجع حتى اكتفى .
أغمضت عينيها وهي تتوارى أسفل الأغطية ، رغم الظلام تشعر بالعرى ، ورغم الأغطية تشعر بالبرد .
____
شعرت صباحا بتسلله وتصنعت النوم . هى أيضا لا يمكنها مواجهته بعد تلك الليلة التى هجرها فيها بإصرار .
ابكر فى المغادرة ليهرب قبل أن تنهض لروتينها الصباحى وتيقظ صغيره ليلحق بمدرسته .
انتظرت ساعة كاملة بعد مغادرته عله يرجع من فراره هذا . عله يندم على هجرها . عله يعيد روحه إليها .
نهضت اخيرا بإنهزام وقد اتخذت قرارا.
ستهجره كما هجرها .
ستفر منه كما فر منها .
ستبتعد عنه كما ابتعد عنها .
ستحرمه منها كما حرمها منه .
استعدت للمغادرة لتتوجه لغرفة طفليها فتحت الباب وقالت بحزم : سويلم . سليم . يلا بسرعة اصحوا .
فتح سويلم عينيه لترى عينيه فيها وهو يتساءل : اجوم للمدرسة ؟
اخرجت ملابسه واخيها ووضعتها فوق الفراش: لا قوم مسافرين .
انتفض الصغير : مسافرين ليه ؟
نظرت له بحزم ترفض البحث عن والده فيه وهى تقول : اسمع الكلام قدامكم ربع ساعة على ما اجهز الشنط .
اتجه إلى فراش أخيه يدفعه برفق : سليم .جوم يا سليم
فتح سليم عينيه بنعاس : جوم غير خلاجتك .
بعد نصف ساعة كانت تنزل الدرج تحمل حقيبة متوسطة ويتبعها صغيريها بصمت ، قابلتها شريفة لتفزع من هيئتها : على فين يا بتى ؟
رفعت نظارتها الشمسية تخفى دموعها وهى تقول : ماشية .
ضربت حسنات فوق صدرها : ماشية كيف يعنى ؟
لم تجب واكملت هبوطها الدرج لتتساءل شريفة : رفيع عنديه علم بإكده ؟
ابتلعت ألمها وهي تقول : قولى له يا ماما يرجع لى رفيع اللى حبيته .
صمتت لحظة تغالب دموعها : قولى له رنوة بتقولك ماتقدرش تعيش غريبة فى بيتك . أنا فى بيت اهلى . يا يرجع لى رفيع يا يعتبر دى النهاية.
توجهت نحو الباب لتلحق بها حسنات بينما سيطرت الصدمة على شريفة . أمسكت ذراعها ترجوها : بلاش لاچل خاطره . لاچل خاطر الولد . انى ماخبراش اللى بناتكم . بس كل حاچة تتصلح .
صمتت رنوة لتتابع حسنات : عيبة كبيرة جوى يا بتى تهملى دارك وراچلك مش فيه
تحدثت اخيرا بصوت مختنق : العيبة الأكبر انى اعيش زوجة بدرجة جارية
نظرت لها حسنات دون أن تدرك مغزى ما قالته .
سمحت لشهقة أن تخرج من صدرها وهى تحرر ذراعها من كف حسنات لتغادر ويتبعها طفليها .
خطت بضع خطوات خارج المنزل لتتوقف سيارة بجوارها ويتساءل قائدها الذى لم يكن سوى زناتى : على فين يا ام سويلم ؟
نظرت له ولم تجد ما تخبره به سوى أن تقول : نازلة مصر يومين .
زناتى : لحالك ؟؟
أجابت بثقة : ايوه رفيع عنده شغل هيخلصه ويحصلنا .
لم يجد أمامه سوى أن يقلها للمحطة ، لم ينتبه لكفها الذى يكفف دموعها من حين لآخر . لم ينتبه إلى أن أخاه لم يتركها مطلقا تسافر بمفردها . لم ينتبه حتى حين طلبت منه الا يتوجه إلى محطة القطار زاعمة عدم تمكنهم من إيجاد تذاكر للمرة الأولى .
استقلت إحدى السيارات وقد طلبت من السائق أن يتحرك فورا ، طلب السائق مبلغا ماليا كبيرا فلم تعترض . بدأت الشكوك تساور زناتى وبدأ يرتاب لامرها .
لأول مرة بحياته يرفع عينيه يتطلع لوجه زوجة أخيه .
إنها باكية !!!
صدم من غبائه ، كيف لم يتوقع مع مغادرتها بهذه الطريقة أنها تهجر أخاه !!
بل وساعدها بسذاجته على ذلك .
نظر لها بصدمة ليمسك فورا بكف سويلم : انت رايحة فين يا ام سويلم ؟ انت غضبانة ؟
تساءل بهمس فزع لتوارى وجهها عنه وتأمر ولدها : سويلم اركب العربية .
اسرع زناتى يفتح الباب المجاور لها : لاه . يبجى رفيع مايعرفش انك خرچتى من الدار أساسه . انى مستحيل اسيبك تمشى .
نظرت له بإصرار : حاول تمنعنى .يلا يا سويلم .
جذب الطفل للخلف : سويلم ماهيروحش معاكى . ولا سليم كمانى .
نظر ل سليم أمرا : انزل يا ولد من العربية
فزعت رنوة بينما أنهى سويلم ما يحدث وجذب كفه بحزم من كف عمه : لاه هنروحوا مع امى ماهنهملهاش واصل .
نظرت له براحة بينما نظر عمه له بصدمة : لو رچالة الدنيا هملوا امى انى مااهملهاش . انى ولدها واحج بيها من اى راچل فى الدنيا حتى من ابوى ذات نفسيه .
تساءل زناتى : هتهمل ابوك يا سويلم ؟؟
تحرك سويلم نحو السيارة بعزيمة رجل فى جسم طفل وهو يقول : بوى راچل يجدر يدير باله على حاله . لكن امى انى ادير بالى عليها .
فتح الباب لينظر لعمه بحزم : جول لابوى إن امى معاها راچل وإذا ماكانش جادر يراضيها انى هراضيها .
جلس بجوار السائق تاركا المقعد الخلفي لامه وأخيه وهو يقول بلهجة آمرة لا تعبر عن عمره مطلقا : اطلع يا اسطى .
تسللت بعض الراحة لقلبها . فحبيبها لم يغادرها بشكل كامل. بل ترك لها في نبتته بعضا من روحه التى تعشقها . هى لم تخسر رفيع .
رفيع خسر فرصتين ليجد نفسه .
فرصة معها .. وفرصة مع ولده .
____
كان يتجول بالمزرعة بلا هدف حين علا رنين هاتفه . نظر لشاشته واجاب بلا تردد لتتسع عينيه فزعا : هملت الدار كيف ؟ ازاى يا اما تهمليها تمشى ؟وخدت الولد كمان .
تسارعت أنفاسه واختنق صدره . هجرته !!!
أنهى المحادثة وهو يردد بهلع : خدت روحى وفرت منى . تبجى مارجعاش .
تحركت قدميه بلا تردد ليستقل سيارته نحو محطة القطار .
دخل رفيع المحطة يبحث عنها بين الوجوه . بل يبحث عن روحه بين أطياف لا يعرفها .
غادر بعد قليل إلى المنزل مباشرة . وجد زناتى ليخبره ما قاله صغيره الذى لم ينتبه أنه ولد كبيرا . وأخبرته أمه كلمات رنوة التى لم تفهمها .
لم يجب بل فر من أمام الجميع إلى شقته . باحثا عنها ليسترد أنفاسه . جاب الشقة ذهابا وعودة فلم يجد سوى بعضا من رائحتها .
نظر لانعكاس صورته وهو يرى نفسه هزيلا للمرة الأولى .
يرى نفسه ضعيفا للمرة الأولى.
يرى صورته المهزوزة للمرة الأولى .
هنا رأى بالفعل ما كانت تخفيه عنه من ضعفه .
كانت سد الحماية الذى حماه لأعوام من رؤية جانبه الضعيف .
وضع كفه فوق صدره يلوم قلبه : ليه يا رفيع عملت فيها إكده ؟
چبنت !!!؟
هز رأسه مؤكدا : ايوه چبنت . ضعيف وچباااان لو جولت لها كانت سمعتنى وفهمتنى..لو جولت لها كانت طيبت الوچع ..
جثى أرضا .لقد أراد أن يفر منها بهمومه ففر منها بقلبه ولم ينتبه أن قلبها يذبل بعيدا عن قلبه وروحها ترتعد بردا بعيدا عن روحه .
_____
منذ قررا الانتقال وروان تلازم ليليان معظم الأوقات وكم كان وجودها مؤثرا حيث تعانى ليليان من متاعب الحمل لتكون روان خير داعم لها مع تأخر حالة غالية الصحى والذى تصر أن تخفيه عن الجميع لكنه أثر على دعم صغيرتها فى مرحلة الحمل المتعبة .
تحمل طايع واجبات إضافية حيث تنحت ليليان عن اغلب واجباتها المنزلية .يعلم أنها تتدلل ولا يرى بأسا فى ذلك .
كان تواجد روان الدائم محببا جدا للصغار الثلاث حيث زاد التقارب بينهم ورغم ذلك لم تفكر بسمة فى الإفصاح عن سرها الصغير الذى تشاركه جدها فقط رغم إلحاحهما .
عقدت ساعديها بغضب : قلت لكم مش هقول حاجة ..لما احس انى قادرة اقول هاقول .
تعترض نسمة فورا : كده يا بسمة طب انا مخصماكى .
بدل نظراته بينهما ليرى العند والقوة بعينى نسمة بينما الحزن بعينى بسمة ليرق قلبه لها مباشرة كالعادة .نظر ل نسمة بلوم : علفكرة المفروض تدعميها وتطمنيها مش تخاصميها !!
نظرت له نسمة : طبعا هتدافع عنها . تقدر تقولى ادعمها ازاى فى حاجة مش عارفاها !!
اقترب خالد ليقف بجوار بسمة ويقول بثقة : يمكن مانعرفش مخبية ايه بس نعرف بسمة كويس وانا متأكد إنها مش هتعمل حاجة غلط ابدا وكمان متأكد لما تحب تقول لحد احنا هنكون الحد ده .
نظر لها متسائلا : صح يا بسمة !!
أجابته دون لحظة تردد : صح يا خالد والله .
نظرت لها نسمة وقد شعرت ببعض الندم الذى لن تفصح عنه مطلقا لتقول بعند وسطوة : بس انا اكون اول واحدة تعرف .حتى قبل خالد
ابتسم خالد لتقول بسمة : وانا موافقة بس محدش يسألنى تانى انا هقول لوحدى .
ليقولا معا : متفقين .
فتح باب الغرفة عن روان : ايه ده بتتفقوا على مين ؟
نظر لها ثلاثتهم دون إجابة لتضحك : طبعا مش هتقولوا . ماشى يلا يا خالد نروح .
حمل خالد حقيبته بتذمر : امته بقا نروح البيت الجديد انا زهقت .
دفعته روان برفق : ماشى يا لمض عمك وابوك مابيرتاحوش علشان حضرتك ترتاح .اتفضل قدامى .
نظر للفتاتين مبتسما وصحب أمه بصمت
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشرف)