رواية الشرف الفصل السادس والتسعون 96 بقلم قسمة الشبيني
رواية الشرف الجزء السادس والتسعون
رواية الشرف البارت السادس والتسعون
رواية الشرف الحلقة السادسة والتسعون
الحادى عشر
منذ ساعات وهو يجلس بغرفته يلوم نفسه على فرارها منه ، ما أخبره به زناتى من كلمات قوية نبعت من قلب صغير اولى نفسه بحمايتها حتى منه يشعره كم كان انانيا .
ذلك الصغير الذى أمام حماية والدته تناسى أن من أغضبها والده .
نظر فى ساعته أمامها ساعات بعد لتصل للقاهرة ، ترى كيف حالتها !!!
ألازالت حزينة !!
ألم تتوقف دموعها !!
بحث عن هاتفه يجب أن تعود إليه. لن يسمح لنفسه بالسير خطوات أخرى في طريق نهايته . عليه أن يواجه نفسه .
وهى .. هى نفسه .
___________
كان محمد يجلس وأسرته الصغيرة المكونة من حبيبته القوية رحمة وصغيره حمزة وزهرة العائلة كما يطلق عليها دائما ؛ زينة يتناولون الغداء بين مشاكسات زينة لوالدها وتدللها المفرط رغم شخصيتها الشديدة الشبة بوالدتها فى قوتها .
هزت زينة رأسها بإصرار : لا يا بابى ماليش دعوة هجيب ل تاج التاب اللى أنا قلت عليه .
حمزة : لا أنا اللى هجيب له تاب .
نظر لهما محمد ولصمت زوجته ثم قال بحزم : حمزة ايه رأيك تجيب له بلاى استيشن واختك تجيب التاب اللى قالت عليه .
تذمر الصغير : يا بابا انت كل مرة تسمع كلامها .
شعر محمد بأن صغيره محق ، هو دائما في جانب ابنته ، حسنا لابد أن لديها حل يرضى كلاهما . لم هى صامتة بهذا الشكل !!!
نظر لها يطلب دعما لتبتسم بظفر فهو دائما ما يفشل في إرضاء طفليه معا .
تحدثت اخيرا : طيب انا عندى فكرة حلوة .
نظرا لها لتتابع : حطوا فلوسكم مع بعض وهاتوا لاب توب هيشتغل كمبيوتر وبلاى استشن فى نفس الوقت .
تبادل الطفلان النظر لتقول زينة : أنا موافقة
ويبتسم حمزة : وانا موافق .
نظر لها محمد بغيظ : ما كان من الاول !!
اقتربت الصغيرة برأسها من أخيها وهمست بكلمات ليقف معها ويرددا : أنا شبعت .
ثم يهرولا للداخل لتتسع ابتسامة رحمة وتنظر له قائلة : علمهم يتفجوا ما تنصرش واحد على حساب التانى
أومأ مبتسما ليقول : تعرفى زينة بتفكرنى بمين؟
نظرت له ليتابع : برونى بنت عمى . دلوعة ورقيقة زيادة عن اللزوم بس تخطف القلب ..حتة بسكوووتة
نظرت له بغضب توارى غيرتها بلهجة تحذيرية: مايصحش تتحدت على مرت اخوى إكده .
ضحك محمد فهى حين تغضب تعود لنسختها الصعيدية شديدة الحمية والغيرة ، تشابكت اصابع كفيه ليرخى رأسه فوقهما وهو ينظر لها بحب : يا عبيطة دى اختى الصغيرة وبعدين زينة بقا واخدة قوتك وعنادك . رنوة صحيح اكتشفنا قوتها بس الكل وانا أولهم كنت شايفها ماتنفعش فى حاجة خالص .
استرخت ملامحها بعض الشئ وقاطع حديثهما إقبال الصغيرين وحمزة يمسك كف أخته الصغيرة ليقاطع الجميع رنين هاتف محمد .
نظر لشاشته ليجيب ضاحكا : ههههه انت بتراقبنا ولا ايه يا كبير ؟ ده انا كنت لسه في سيرتكم .
تجهمت ملامح محمد وهو يهمس : اه . .. اهه ..
ليهب فجأة عن الطاولة فيسقط المقعد محدثا ضجة فيفزع صغيريه ويعودا خطوة للخلف . اسرعت زينة بلا تفكير تقترب من أخيها الذى ضمها بلا تردد وهما يشهدان على غضب والدهما للمرة الأولى على الاطلاق.
انتفضت رحمة تبعا له وهو يقول بغضب : يعنى ايه مشيت يا رفيع !! انت اتجننت ؟ انت سبت اختى تسافر بعيالها من الصعيد لمصر لوحدها .
صمت لحظة ليصرخ : واعرف منين السواق اللى راكبة معاه ابن حلال ولا …
شهقت رحمة للفظ البذئ الذى صرخ به لتتجمد ملامحه بعدها ويقول بجدية : شكرا يا نسيبى .. اختى أنا هعرف اوصل لها.. بس مش هعديهالك .
كانت لهجته التحذيرية لا تقبل الشك . بل تتجه لنبرة التهديد.
عاد للصراخ : لا مالاكش صالح دى كانت زمان دلوقتي أنا اللى بقولك مالاكش صالح بيها ولا بعيالها وإذا كنت فاكر إن عمى وابويا واخويا طيبين وهتقدر تأثر عليهم وترجعها فاعرف انى أنا اللى قدامك قبل الكل .
وانهى الإتصال قبل أن يستمع للرد ، نظر لها بحدة : دخلى الولاد اوضهم .
أولاها ظهره فورا لتسرع لطفليها المرتعبين وتجذبهما للداخل.. يمكنهما حتما التحدث لاحقا بعد أن يطمأن قلبه ويستعيد هدوءه .هى تعلم أن له كل الحق في غضبه دون أن تسأل عن الأحداث التى تسببت في هذا الخلاف لكن يكفى أن زوجة أخيها حاليا تسافر بطفليها وحدها ..هى نفسها ترفض ذلك.لذا تركته يتعامل مع الموقف . بينما اسرع بإجراء إتصال اخر .
_____
كانت بالسيارة وقد سأمت تكرار اتصاله ، هى لن تتحدث إليه وهى بتلك الحالة . أغمضت عينيها تدفن دموعها للمرة الألف منذ غادرت منزله .
تركت جزءا من روحها فيه ، تركت اعوامها التى حيتها بحماه ، تركت قلبها الذى عشقه حد الجنون . رفضت رفيع الأجوف وهجرته لكنها غادرت جوفاء مثله تماما .
نظرت للشاشة مرة أخرى لتسرع ضاغطة زر الإجابة : محمد .
نطقتها بلهفة كتائه وجد ذويه بعد طول ضياع ، لم تعد قادرة على التماسك لتسمح لبعض الشهقات فى التعبير عن تمزق صدرها ليمنحها هو كل الوقت الذي تحتاجه .
______
نطقت اسمه كأنها تستنجد به من معاناتها ..منحها فرصة لتنفس عن الضغط الذى يقبل قلبها ثم تساءل بهدوء : رنوة انت فين ؟
سمع بكاءها الصامت فصمت مرغما ، لطالما رأى دموعها ولم تؤثر به يوما فطالما لم ير حقيقتها سابقا . لكنه رأى حقيقة رنوة بعد زواجها الذى تنبأ هو قبل الجميع بفشله لتثبت هى للجميع مدى قوتها . مدى تعقلها . مدى عشقها .
وبعد أن رأى كل هذا وشهد عليه اصبحت دموعها كأنصال تدمى قلبه . فمثلها لا يبكيه إلا جرح غائر .
انتظر حتى هدأت لتخبره بموقعها فيقرر ملاقاتها على الطريق ، لا طاقة له أن ينتظر وصولها . سيصل إليها .
______
أنهى رفيع الاتصال الذى زاده جنونا . أيعقل أن يتعرض لها ذلك السائق بالسوء !!!
كيف لم يتوقع ذلك !!
إنها لا تجيب اتصالاته …
لعن غباء أخيه وسذاجته . لما لم يلحق بها ؟؟
ولما لم يفعل هو ؟؟
كلما بحث عن مخرج يدور اللوم ويعود مسلطا أصابع الاتهام إلى صدره وحده .
دفن وجهه بين كفيه ، ليس أمامه سوى الانتظار ..سوى الاحتراق ..
______
صحبت الطفلين لغرفة حمزة فكلاهما مرتعب و رغم الباب المغلق إلا أن القلوب ترتجف لصراخ زوجها .
هما لم تستوعب طفولتهما ما يحدث .
وهى للمرة الأولى ترى غضبه هذا . أعوام مرت لم تر هذا الغضب مطلقا ، هل ستحمل هى نتيجة ما حدث وما لا تعرفه ؟
لا هى تثق أنه لن يحملها ما حدث . هو فقط غاضب وهى تمنحه كل الحق ليفعل..
فتح الباب عنوة لينظر له ثلاثتهم . كانت نظراتها قوية كعادتها . ما افزعه الفزع بتلك الأعين الصغيرة .
تحدث فورا : رحمة البسى هنروح نقابل رنوة .
تحركت للخارج فوراً فهذه رغبتها أيضا . أقترب من طفليه ونظر لفتاته المتمسكة بكف أخيها متسائلا : مالك يا زينة ؟
اشاحت الصغيرة وجهها وقالت بخفوت : أنا خايفة منك يا بابى .
اغمض عينيه يستدعى هدوءه ليرى صغيرته هذه . هذه الرقيقة والتى شبهها بابنة عمه منذ قليل . أيعقل أن تدور الأيام ويرى ابنته في مكان رنوة حاليا . استعرت نيران الغضب حين أوصلته ظنونه لهذه النقطة . فتح عينيه ليتحدث بحدة : اوعى تخافى طول ما أنا عايش . ومهما حصل تيجى تستخبى فى حضنى . لو الدنيا كلها مش هتسيعك حضنى أنا هيسيعك .فاهمة ؟
تساءل بنفس الحدة لتتشبث الصغيرة بشقيقها أكثر وتقول وهى على وشك البكاء بمنتهى البراءة : أنا مستخبية عند حمزة .
نظر حوله . إنها بغرفة شقيقها بالفعل ، ااااه من حبيبته التى تثبت فى اشد المواقف أن عقلها أوعى من استيعابه . لقد اتت بها لغرفة أخيها لتزرع فيه حمايتها وتزرع فيها لجوءها إليه .
نظر لصغيره الذى يحارب خوفه مبديا قوة ظاهرية لا تخفى عليه ليمد ذراعيه ويجذبهما معا إلى صدره هامسا : وانت وحمزة تستخبوا فى حضنى .
أحاطهما بحماية لينهض حاملا كليهما ويتجه للفراش . جلس وهما بين ذراعيه لينظر ل حمزة : حمزة أنا وماما خارجين .خلى بالك من زهرتنا لو اتأخرنا نيمها جمبك علشان ماتخفش .
ابتسم حمزة فوالده للمرة الأولى يستخدم صيغة الجمع فى نسب الصغيرة إليهما معا بينما تساءلت زينة دون أن يختفى الارتعاش من صوتها كليا : انت رايح فين يا بابى ؟
ربت عليها بحنان : هجيب عمتو رنوة واجى .
أقبلت عليه ليربت مرة أخرى على كليهما فيتحركا سامحين له بالمغادرة .إلتف ينظر لابنه مبتسما ليبتسم الصغير ويحيط كفى شقيقته بكفيه .
______
هاتفها مرة أخرى ليتحدث إلى السائق ويحدد موقعهم ويتجه إليهم من فوره ، كان الصمت صاحب السيادة ولم يفكر اى منهما في تنحيته جانبا .
اخيرا ظهرت السيارة ، لقد توقف السائق كما طلب منه وها هو يقف بجوار السيارة وبجانبه صغيرا تعرفت عليه رحمة فورا فهو ابن أخيها .
اوقف سيارته لتهرع إلى الصغير : سويلم . وحشتنى يا حبيب عمتك .
ضمته لتجده يربت على كتفها كما كان يفعل أخيها الراحل وكما يفعل والده ايضا .لطالما كانا حانين عليها .
ابتعدت عنه تتجه نحو السيارة بينما توقف محمد ليخرج مبلغا كبيرا من المال يقدمه للسائق الذى تهلل قلبه فهو ضعف ما طلب ويزيد .
لحق بها ورنوة تغادر السيارة ليتساءل بلهفة : عاملة ايه يا رونى ؟
وكانت اجابتها بين ذراعى رحمة ؛ بكاءا يمزق القلوب ألما وأنينا . إنها تحتاج من يضم أحزانها بحب لتفرغ فوق صدره حمم أحزانها . وهو لا يمكنه تقديم ذلك فليترك زوجته لتفعل .يعلم أنها تستطيع.
فاجأته رحمة وهى تربت عليها ثم تبتعد قليلا وترتفع لتقبل رأسها بحنان : حجك على راسى يا خية .
عادت تضمها ليرى تأثير تلك الكلمات في بكاء رنوة ويرى تأثير بكاء رنوة بعينى زوجته .
حبيبته جزء من حبيبها وكم تحتاج الشعور بقربه أو قرب جزء منه .
اتجه نحو الصغيرين : يلا يا ولاد اركبوا العربية .
تقبل سليم كفه الممدود بينما عقد سويلم ذراعيه ناظرا لأمه لا يحيد بعينيه عنها . تعجب محمد موقفه لكنه تحرك ليضع سليم بالسيارة ثم يحمل الحقيبة وعينيه تراقب سويلم بتركيز .
اقترب الصغير خطوات من أمه ليقول بحنان : ماتبكيش واصل .
نظر له الجميع ليتابع : ايوه ماتبكيش حجك مش حدا عمتى ولا حدا خالى .
أشار لصدره : حجك حداى وانى هعرف أجيبه من بوى .
صغيرها ذو السبع سنوات يخبرها ببساطة أنه يتكفل بإعادة حقها من والده ، وإن اعجزته الوسيلة فيكفيها قلبه الذهبى الصغير ذا .
ابتعدت عن رحمة لتهبط لمستواه تضمه. يربت على كتفها بكفيه معا . أشار محمد ل رحمة التى قالت : يلا حبيبتى . يلا نروح .
تحركت معها بهدوء نحو السيارة ما إن استقرت حتى قالت : محمد ودينى عند بابا .
نظر لها عبر المرآة ليقول بحزم : لا يا رنوة لما تهدى ابقى روحى دلوقتي هتيجى عندى .
همت بالاعتراض لتقول رحمة : بيتوا الليلة بس اشبع من ولاد اخوى .
تحدثت بخفوت : معلش خلونى …
ليقاطعها سويلم : خالى معاه حج ماينفعش نفزع چدى إكده .
هذا الحبيب شبيه الحبيب الذى يفرض وجوده رغم صغره ، انصاعت اخيرا لرأى الجميع .
_______
اخيرا هاتفته رحمة ليسترد بعضا من أنفاسه .
إنها بخير …
هذا يكفيه مؤقتا . ألقى جسده المنهك فوق الفراش
مرت أسوأ لياليه طويلة شديدة الصعوبة . فهو وحده .
فى كل الصعوبات كانت هنا لأجله . كانت تستقبل كل أحزانه برضا . تحتوى كل ألامه بحنان . تضم كل أوجاعه بصدر رحب .
اين يدفن اوجاعه !!!
كيف ينهى ألامه !!!
كيف يطفئ تلك النيران التى ترعى بصدره !!!
حسنا يحتاج أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب اى شخص اخر .عليه أن يزيل هذا الحاجز الذي يبعدها عنه .
فهى ليست بعيدة بعدا مكانيا ..بل هى بعيدة بعدا روحيا .هو أبعدها بهذا القدر وعليه أن يعيدها .
____
تغلبت طفولة سليم كالعادة ليندمج تماما مع حمزة وزينة بينما سويلم أصر أنه بحاجة للراحة .
نظر له محمد بغيظ ، عن اى راحة يتحدث !!!
وحدها رنوة فهمت ، إنه يريد راحتها ، يريد منحها الخصوصية ، يريد منحها ما تحتاج .
دخل معها للحجرة التى أعدتها لهم رحمة وسرعان ما بدل ملابسه وتصنع النوم . بدلت ملابسها أيضا واستلقت بالفراش تمسك هاتفها حيث تحتفظ بصوره.. الألاف منها في الحقيقة . فقد كانت تلتقط له صورا على مدار الأعوام لم تحذف منها لقطة واحدة .
صورهما معا تذكرت طلبها المتكرر : رفيع تعالى نتصور سلفى .
لم يعارض هذا الطلب مطلقاً .لطالما كان متفهما لبراءتها ومحتويا لسذاجتها . تسللت دموعها وبدأت تتحدث إلى صوره .
استمع الصغير دون أن يدرك معنى الكلمات ، إنها ليست غاضبة من والده كما يردد الجميع ؛ إنها حزينة لأجله .
لم يفهم لما تطلب من الصورة أن تعيد إليها حبيبها . أليست هي من غادرت !!؟
تخبطت أفكاره فحديثها مبهم لعقله الصغير ، لكنه مؤلم لقلبه .
أدرك شيئا واحدا . أمه تعشق أبيه ولن تهجره . شعر بالراحة لتلك الفكرة . هى تطالب الصورة بإعادته إذا ستعود إليه وسيعرف هو وقتها كيف يثأر لحزنها الذى تسبب فيه والده وإن لم يكن متعمدا . كان عليه أن يكون حريصا .
تذكر قول أبيه حين كان يوصيه ب حسنات : يا ولدى الحريم عجلهم صغير وجلبهم كبير . اجل حاچة تزعلهم وأجل حاچة تراضيهم . النفر منينا لازمن يبجى واعى ويدير باله على الحريم زين . دول أمانة ربنا عندينا . هنتحاسب عليهم وعلى زعلهم ووچعهم . وستك حسنات طيبة وجلبها محروج على خوى سويلم . كل ما تراضيها ربنا يرضيك .
عقد الصغير حاجبيه ؛لما لم ينفذ أبيه تلك الوصايا وينتبه لوالدته . هو يعلم كم هى رائعة ، بل هى افضل النساء واجمل النساء واكثرهن عطفا ومحبة .
إنها أمه التي رأى بعينيها الحياة . وتعلم بقلبها الرأفة . وتفهم بعقلها كيف يكون فى عمره هذا مراعيا للجميع وحاميا لأخيه .لم تكن تعلم أنها تزرع فيه ما ستحصده هى . ربما لم تتوقع من ابيه الخذلان .
_____
أصرت فى الصباح أن تعود لمنزل والدها . ورضخ محمد لطلبها أمام إصرارها .
استعدت وانطلقوا جميعا لمنزل حازم .
إعتاد حازم الاستيقاظ مبكرا منذ سنوات . لكنه تعجب الزائر المبكر الذى يطرق بابه .
توجهت الاء للداخل بخطوات بطيئة بينما توجه هو للباب .
فتحه ليصدم من رؤية صغيرته ، لم تخدعه بسمتها الزائفة . لم يتحدث بل فتح ذراعيه لتستقر بينهما ويطبق عليها ذراعيه وعيناه تسألان محمد عما ألم بصغيرته .
_____
غادر محمد بعد أن شدد على عمه بالتحلى بالصبر حتى تأخذ هى قرارا بالتحدث .
مر اسبوع كامل لم تفكر أن تتحدث عما حدث وكلما تساءلت الاء راوغت وتهربت منها .
تحضر رحمة يوميا لرؤيتها والترفيه عنها وقد انهكها أخيها دون أن يتحدث عما حدث ايضا .
كلاهما يتبع الصمت ولا يرضى فضول أحد .
هدأ محمد إلى حد ما وقرر أن يجيب اتصالات رفيع التى تتكرر وهو يرفضها .يكفيه أسبوعا كاملا من الاحتراق .
أتاه صوت رفيع المتلهف : اخبارهم ايه يا محمد ؟
ابتسم بسخرية : قال يعنى يهمك ! واحد غيرك كان جه جرى ورا مراته مش رماها اسبوع زى ما يكون ماصدق خلص منها .
أنفاسه الثائرة أخبرته بغضبه لكنه يريد هذا الغضب فتابع بخبث : انت تعرف الاسبوع ده هى فكرت في ايه ؟ أو غير جواها ايه ؟ خليك.. انت الخسران .
أتاه صوته الفزع : قصدك ايه ؟؟
محمد : مفيش بس رنوة مش صغيرة وخلى بالك كلنا في صفها حتى ابنك واللى هتطلبه هيتنفذ .
كتم ضحكاته وهو يستمع لصراخ رفيع الذى يخبره أنه لن يتخلى عن زوجته وسيعيدها إليه رغم انف الجميع حتى رغم أنفها هى .
أنهى رفيع الاتصال ليترك لضحكاته العنان مرددا : مجانين والله .
أتاه صوت ريان : بتكلم نفسك يا ابن عمتى ؟
لطالما احب ريان لتعقله ، نظر له مبتسما وتساءل : ريان هو لو واحدة زعلانة من جوزها وسابت البيت ازاى نقنعها ترجع ؟
ابتسم ريان : بسيطة فكرها بقول الله عز وجل ( لاتخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن )
محمد : بس هى زعلانة منه اوى !!
ريان بنفس البسمة : الست مهما تزعل من جوزها يا محمد جواها حته عاوزة تسامحه.. محتاجة له بس احنا اغبياء للاسف مابنعرفش نوصل للحته دى ونفضل نبعد بينهم اكتر ما هم بعاد .
تنهد محمد وعقد ساعديه متسائلا : وازاى نوصل لها بقا يا شيخ ريان ؟
ضربه ريان بخفه للهجته المستهزأة قائلا : ولو إن كلامى مش عاجبك وبتتريق عليا بس هفهمك . كل ما المسافة بين الزوجين وبين ربنا بعيد .هم بعيد عن بعض . لما يقربوا من ربنا هيلاقوا نفسهم قربوا من بعض .
تنهد محمد وظهرت عليه علامات عدم الفهم ليقول ريان : من الاخر لو جوزها كويس وهى بتحبه وهو بيحبها هاته وخليه يصلى بيها ركعتين .
تساءل محمد : وبعدين
ريان بثقة : بعدين مالاكش دعوة إذا وقوفهم بين ادين ربنا حرك قلوبهم ربنا هيقربهم إذا وقوفهم بين ادين ربنا مااثرش عليهم يبقى قلوبهم ماتت وطريقهم اتقطع .
نظر له محمد بتركيز لتتسع ابتسامته وفى لحظة اقترب مقبلا رأسه : والله العظيم لأفضل طول عمرى اقولك يا شيخ . هو الدين ايه غير حب بالشكل ده .حب ربنا بيجيب كل حب .
تعجب ريان سعادته تلك بينما انطلق محمد عازما على تنفيذ تلك النصيحة .يعلم أن رفيع يقوده جنونه الأن وسيكون معه في غضون ساعات .
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الشرف)