روايات

رواية يناديها عائش الفصل الخامس 5 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الفصل الخامس 5 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الجزء الخامس

رواية يناديها عائش البارت الخامس

يناديها عائش
يناديها عائش

رواية يناديها عائش الحلقة الخامسة

هرب الشيطان بعد أن كثرت أعداد من يقوم بواجبه من البشر..

سمعت روان صوتاً مرعباً، فاضطربت وأخذت ترتعش من شدّة الخوف وجمدت قوائمها، فلم تستطيع أن تهرب أو تصيح.
ظلت تحاول مراراً أن تستذكر بعضاً من الأيات الكريمه؛ فلم ينطق لسانها بشيء، وجفت الأحرف في حلقها وهي تشاهد إنعكاس صورتها في المرآه أمامها على هيئة تلك الكتله السوداء الملئيه بالشعر المخيف والبشع، وهاتان الأعين اللتان تشبهان القطط ليلاً..
أغمضت روان عينيها بشده، ثم انفجرت في البكاء بقوه، وأحاطت أكتافها بيديها، وضمت ركبتيها لصدرها، لتشهق ببكاءٍ عنيف، من شدة الرعب والهلع الذي تشعر به.
لحظات، وإنقطع التيار الكهربائي عن المنزل بأكمله، فإانتفضت بذعر، لتطلق صرخه قويه، مزقت أحشاء السكون بالغرفه، حينما دوى صوت الأغاني الصادره من هاتفها بكل مكان، رغم أنها قد أغلقت الهاتف مؤخراً..!
ابتلعت ريقها عدة مرات بخوف شديد، ثم استجمعت شجاعتها، لُتنادي بأعلى صوت
— باااابااااااااااااا

في لمح البصر، عادَ كل شيء،كما كان.. فتحت عيناها، لتجد أن صورتها بالمرآه كما هي لم تتغير، وصوت الأغاني قد إنطفأ تلقاء نفسه.. وعاد النور بالمنزل ثانيةً..
لحظات والتفتت بجسدٍ مرتجف، لـ مقبض الباب، فكأنما يحاول أحدٍ أن يفتحه ببطئ..
ظلت تهزّ رأسها يميناً ويساراً، كتعبيراً عن الخوف والذعر؛ إذا فُتح الباب وتراءى لها مالا يسُر عيناها
.. ثوانٍ، ودلفت زوجة ابيها ووالدها، لتهتف بدهشه وتعجب
— في اييه يارواان…بتصوتي لييه.. في اييه !!
ابتلعت روان ريقها لتردف بخوف وبكاء
— مفيش.. حلمت حلم وحش بس
رمقتها زوجة أبيها بإستنكار، وهتف والدها بلهجه قاسيه
— مهو من سماعك الاغاني ليل ونهاار.. انتي أخر مره صليتي وسجدتي لربنا امتى !؟ هااا إسألي نفسك كده اخر مره صليتي امتى !؟
نظرت لهم روان بدموع وندم دون أن تتفوه بأي كلمه.. خرج كلاهما.. فحولت روان بصرها ثانيةً للمرآه وهي ترتجف كالورقه بخوف شديد، ولكن تلك المره، بدا كل شيء على مايرام
خرجت الأحرف منها أخيراً، ولكن مهزوزه.. لتنطق بخوف
— الحمدلله

أردفت في نفسها بندم، بعد لحظات من استجماع شجاعتها
— أنا مش فاكره أخر مره صليت فيها امتى… أنا عارفه ومتأكده إن اللي شفته ده والكابوس البشع ده، عشان مش ببطل سماع أغاني ليل نهار
صمتت للحظات، ثم تابعت بتفكير
— أنا هتصل بـ روميساء… هي الوحيده اللي في الدفعه ملتزمه وقريبه من ربنا.. هتصل أسألها على الحلم ده
هاتفت روان صديقتها، فجاءها الرد بعد لحظات.. أجابت روميساء بهدوء وأدب
— السلام عليكم.. ازيك ياروان
أجابت روان سريعاً
— مش كويسه خالص ياروميساء
ابتسمت روميساء لتجيب بهدوء
— قولي الحمدلله برضو
انفعلت روان عليها لتهتف بحنق
— أنا مش بتصل بيكي عشان تعمليلي فيها داعيه اسلااميه.. اناا حلمت حلم وحش وعاوزه اعرفه
تنهّدت روميساء بهدوء مردفه
— لو حلم وحش بلاش.. عشان تفسيره ميقعش. استعوذي بالله من الشيطان الرجيم واتوضي ونامي على وضوء وعلى جنبك اليمين بعد كده ومتنسيش تقرأي أيه الكرسي وأخر ايتين من سورة البقره.. هتعصمك وتحفظك من أي حاجه وحشه
صرخت روان بتعصب

— برضوو هتعملي فيهااا محمد حسااان.. يااختااي متريحيني وقوليلي سبب اللي انا شفته ده اييه!!
روميساء بهدوء وحِلم “صبر”
— طيب.. أمري لله.. قولي ياروان.. شوفتي ايه
روان بتوتر وخوف وهي تختلس النظر للمرآه بين الحين والآخر
— شفت.. شفت حاجه وحشه سوده في المرايا.. شبه القطط كده.. و.. وحلمت إني بجري في حته مليانه تعابين وكلاب سوده بتجري ورايا وحاولت أقرأ قرءان معرفتش… ده معناه اييه !؟
بدا على روميساء الحزن قليلاً.. ثم أجابت
— أنا بفضل مقولش على التفسير ياروان.. بس خدي بالك عشان في حد عاوز يإذيكي.. أما بالنسبه للحاجه الوحشه اللي شفتيها.. فده للأسف عشان انتي علاقتك بربنا مش كويسه ياروان.. ربنا ميستحقش منك ده ياروان… ربنا رحيم عشان كده اداكي إشارات.. فوقي بقا وقربي منه… ياعالم هنموت امتى
أطبقت روان عينيها بحزن ودموع ثم همست
— ادعيلي ياروميساء
ابتسمت روميساء لتردف
— تعاليلي بكره البيت ياروان.. عاوزه اوريكي حاجه
روان بتعجب

— حاجة ايه!
اتسعت ابتسامة روميساء لتهتف بمرح
— متخافيش ياروني مش هاكلك.. أنا عارفه إنك مش بطقيني.. بس هوريكي حاجه هتنفعك وهتعجبك اووي… هي لعبه بسيطه كده.. هاا ايه رأيك !
روان بإيماء وتفكير
— طيب.. هاجي.. باي
روميساء بعفويه
— في رعاية الله ياروان
.. أغلقت روان الهاتف، ثم جلست تفكر، تُرى مااللعبه التي تُريد روميساء أن تُريها إياها !؟
————————

بعد أن استرجع سيف وعيه من آثار الشُرب.. هرول سريعاً خارج الشقه، حينما تذكر كذبته على بدر أخيه بشأن بياته خارج منزلهم.. استقل إحدى السيارات، لتقله للبيت… ظل طوال الطريق يفكر فيما سيفعله بدر به، عندما يكتشف كذبته
..
وصل سيف للبيت..ثم هرول سريعاً لداخل غرفته.. وهو يحاول جاهداً أن يتوارى عن أنظار الجميع حتى لا يراه أحد ويشك بأمره..
ولكنه نسي أن الله يرانا في كل مكان !.
أغلق سيف الباب ورائه، ثم ألقى بجسده على الفراش.. لينظر لسقف الغرفه بإبتسامة نصر خبيثه مردفاً في نفسه
— الحمدلله… بدر مشافنيش ولاهيعرف باللي أنا عملته
صمت للحظات يبتسم بخبث.. تابع بلهجه ساخره
— بتحمد ربنا على المعصيه!.. عامل زي الرقاصه اللي قبل ماتطلع على المسرح فضلت تدعي ربنا ترقص كويس وتعجب أخواتنا المشاهدين!
دقائق ساد الصمت فيهم، وتثاقلت جفونه معلنه زيارة النوم لهم، ولكن قبل أن يغطّ في الثُبات.. سمع صوت طرقات على الباب.. فاابتلع ريقه خوفاً من أن يكون الطارق هو بدر
تظاهر سيف بالنوم سريعاً.. ولكن الطارق فتح الباب!
ظل سيف يطبق على جفونه، محاولاً تمثيل النوم، فلم يستطيع وكُشف أمره من قبل والدته..
هتفت مفيده بحنو وهي تهزه بخفه

— سيف.. وااد ياسيف.. قوم إما أجبلك تاكل وبعدين نام
إدعى سيف أنه مرهق.. فأردف بصوت ناعس
–مش جعان ياماما.. سيبيني أنام
رمقته والدته للحظات.. ثم تركته وذهبت.. فتح سيف عينيه الخضراوتين ثم ابتسم بخبث مردفاً
— يخربيت لؤمك ياض ياسيف.. اوسكار في التمثيل
ثوانٍ، وتفاجأ بدخول هاجر شقيقته وهي تهتف بمرح
— سيفووو… وحشتني.. حاسه إنك غايب برا البيت بقالك سنين
تحول وجه سيف للإمتعاض، ليتمتم بغيظ
— مش ناقص غيرك انتي كمان.. ياكش ربنا ياخدك ونرتاح منك بقا.. بدل ماانتي عملالي أزمه في حياتي كده.. هوووف
اتجهت هاجر لتجلس بجانب أخيها.. ثم ألقت بنفسها في أحضانه مردفه بسعاده
— وحشتني اووي.. عاارف رغم إنك أكبر مني بسنه واحده بس.. بس بحسك توأمي
ربت سيف على ظهرها بخفه، ثم رسم على شفتيه رغماً عنه نصف ابتسامه مزيفه ليجيب
— وانتي كمان وحشتيني.. سلمتي مشروع الكليه بتاعك ولا لسه؟
ابتسمت هاجر بحزن ثم أجابت
— اللوحه انكسرت بعد ماتعبت فيها..يلا الحمدلله..قدر الله وماشاء فعل
التمعت بعين سيف دموع الفرحه ليجيب بمرح
— فدااكي ولايهمك..متتعبيش نفسك وتعملي غيرها بقا..ملهاش لازمه
أردفت هاجر بدهشه

— ازاي ملهاش لازمه! دي عليها أعمال السنه
هتف سيف بتلقائيه رغماً عنه
— هي امك هتصرف على علاجك ولا على تعليمك..انتى مكوشه على معاش ابوكي كله
رمقته هاجر بدهشه شديده..ثم تجمعت الدموع في عينيها لتتركه وتخرج دون أن تتفوه بأي كلمه
عُادت هاجر،لغرفتها مُنكسِره حزينه.. تجرّ خطى الخيبة وقد تملكها حزن شديد إثر تلك الكلمات التي خرجت من فاه أخيها كالسهام تمزق قلبها تمزيقَ..
جلست على فراشهها،ثم دفنت وجهها بين كفيها،لتبكي وتشهق،مردفه من بين شهقاتها
–طيب أنا ذنبي اييه..هو أنا اللي جبت لنفسي المرض…طيب أنا راضيه بقضاء ربنا..ليه هما مش راضيين..يعني ليه مصممين يتعبوني اكترر..ليه بيخلوني أيأس بسهوله…ليه كده ياسيف…ده بدل ماتشجعني إني أكمل تعليمي رغم مرضي وتشجعني على الصبر تقوم تقولي كده…طيب لما أخويا يقولي كده ويعترف بإنه زهق مني..يبقا زياد معاه حق يبعد ويشوف حياته بعيد عني

صمتت لتبكي بصوتٍ عالي..تابعت بعد لحظات بنبره مكسوره
— أنا مش زعلانه منهم…يارب أنا مسمحاهم ومسامحه أي حد أذاني وقالي كلمه كسرت بخاطري..يارب اهديهم…أنا عذراهم برضو..أنا من صغري وأنا مشيلاهم همي…هما ملهمش ذنب
دقائق مرّت عليها وهي على حالتها الميؤسه تلك.. إلا أن وصل لمسامعها صوت بوق سياره بالأسفل.. دق قلبها بعنف.. فهذا هو الوقت الذي يعود فيه زياد من عمله..
وضعت هاجر وشاحاً على رأسها، ثم كفكفت دموعهها، لتتوارى خلف نافذة الشرفه؛ كي تقر عيناها به.. متناسيه تماماً، أن نظراتها تلك تجلب لها الذنوب الكثيره..
قال الله تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:30-31
..

ترّجل زياد من سيارته وهو يتحدث في الهاتف وعلى ثغره ترتسم ابتسامه جميله كجمال وجهه
ظلت هاجر تراقبه في صمت من وراء النافذه،تتفاعل تعبيرات وجهها مع تعبيرات وجهه..فتبتسم بحُب عندما تجده يبتسم ويضحك..ثم تتحول ملامحهها للحزن عندما تلاحظ تقضيبة حاجبيه العبوسه..
دقائق مرّت عليها وهي تتطلع لوجهه عن بعد بعيون ملتمعه بالحُب..كم اشتاقت له!
ولكن مالبيد حيله،لن تستطيع أن تجبره على البقاء معها..يكفيها أنه بخير فقط،رغم عدم معرفتها السبب الحقيقي وراء ابتعاده عنها..
لحظات ودقت الغيره العمياء أوتار قلب هاجر بأطيانه حينما أرسل زياد،قُبله في الهواء وهو يتحدث في الهاتف ويبتسم بمرح جلياً عليه.
انحدرت الدموع من مقلتيها..ثم ابتعدت عن النافذه،لتلقي بجسدها على الفراش وهي تردد بنحيب
— بيحب غيري…زياد سابني عشان غيري..زياد كان بيضحك عليا..زياد طلع مبيحبنيش…في واحده تانيه في حياة زياد…زياد بيحب غيري

ظلت هاجر تبكي بحراره وكسرة قلب هكذا..حتى ذبُلت عيونها وتورمت جفونها..فتحول صوت بكائها لشهقاتٍ متتاليه كالطفل الذي سُلب منه دميته..
جلست على الفراش،ثم أسندت ظهرها على الوساده لترفع رأسها للأعلى قليلاً،تناجي ربها هامسه بدموع
— سامحنى واغفرلي على الذنب اللي عملته من شويه…بس بجد معتش قادره..مش قادره اطلعه من قلبي…أنا حبيته بجد يارب..وحاسه ان الحب ده هيكون سبب في بعدي عنك هيكون سبب في هلاكي..يارب..وعزتك وجلالك لتهديني إليك
..اللهم اجعل في قلبي حبك فقط
تنهّدت بتعب لتتابع بحزن
— ليه الناس بقت وحشه كده…المفروض يبقوا عندهم رحمه بالمريض شويه…ليه الواحد لما بيجيله مرض وحش كله بيبعد عنه…هو المرض ده بإيدينا ولا إحنا قاصدين نتعب نفسنا..ليه الناس بقت وحشه كده يارب…ليه قلوبهم بقت قاسيه كده
مسحت دموعهها بوهن ثم قالت
— إنت الباقي وكلهم فانون ياالله..كل شيء زائل لا محاله…اللهم علق قلبي بحبك فقط..اللم لاتجعل أحد يشغلني عن طاعتك…يارب اسعد زياد وريح قلبه واهدي سيف اخويا وسامحه يارب
————————

أما بالأسفل..
هتف زياد بمرح قبل أن يغلق الهاتف
— ماشي يانورا…علفكره بقا..أنا واقف قدام البيت اهو وكنت بضحك عليكي…هههه طيب سلام داخل اهوو
أغلق زياد الهاتف ثم رفع وجهه لينظر لغرفة هاجر مردفاً بحزن وحب خيّم على ملامحهه
— أوعدك إن أول ماربنا يهديني وانضف من اللي بعمله..هرجعلك تاني..والمرادي هتبقي في حضني دايماً..لأن هتجوزك ياهاجر..بس ربنا يهديني بس..عشان استحقك ياجوهرتي..ياأجمل حاجه حصلتلي.
……………………………..

سأظل أحبك ولو طال إنتظاري؛فإن لم تكن قدري فأنت إختياري ❤ (لأحدهم)
……

ترّجلت عائشه من سيارة بدر وهي تهتف بمرح
— أبـيه بدر،إيه رأيك أقول لـ بابا على أمير…يعني أفاتحه في الموضوع انهارده!
أجاب بدر بهمس وهو مازال ينظر أمامه بحزن
— اللي يريحك ياعائش
قضبت عائشه حاجبيها بتعجب مردفه
— غريبه يعني…بحسبك هتعترض
ابتسم بدر بحسره دون أن يلتفت لها،ثم قال
–لاء…دي حياتك وانتي حره فيها..أنا معتش هتحكم فيكي تاني..وهبعد عنك زي ماانتي عاوزه
عقدت عائشه يديها على صدرها،ثم اقتربت من نافذة السياره بجانبه لتردف بتهكم
— اممم..ياريت تكون قد كلامك…لأنك بصراحه خانقني

وضع بدر يديه سريعاً على أنفه..يتحاشى رائحة العطر التي تفوح من ملابسهها حينما اقتربت منه..مما جعل فعلته تلك تُشعل غضب عائشه ظناً منها أن رائحتها ليست جيده…فهتفت بغيظ
–انت فااكرني معفنه زيييك..رووح شووف نفسك الأول..ده انت كماان شويه والشحم هيغطي وشك..انت بالذاات متكلمش عن الريحه الوحشه لأن شغلتك المقرفه دي مخليه منظرك زباله
ابتسم بدر بعفويه،فبرغم كلماتها المؤلمه لقلب أي شخص..إلا أن بدر ذو عقليه ناضجه تجعله يتحاشى الرد على سفاهتها تلك..ولكنه أردف بهدوء
— أنا مش حابب اشم ريحتك الحلوه دي عشان مشيلكيش ذنوب ياعائشه
شهقت عائشه بإستنكار لتهتف بسخريه
— اييه دده!! هي الرريحه الحلووه كماان والنضاافه بقت عليها ذنووب…ده انت بتدعوا لدين جديد بقاا…لااء ده انت شكلك حفيد ابو لهب بس مكسوف تقول
ضحك بدر رغماً عنه ليجيب

— ربنا جميل بيحب الجمال،بيحب النضافه..بس لنفسك في بيتك ياعائشه..البرفان اللي انتي بتحطيه ده وتخرجي بيه ده حرام،لأنه بيثير الفتن والشهوات والنبي عليه افضل الصلاة والسلام قال:
«أَيُّما امُرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ، فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ لِيجِدُوا رِيحَها، فهي زانِيةُ»
سكتت عائشه للحظات تفكر فيما قاله بدر…هتفت بعدم اقتناع
— اللااه….هو كل حاجه الست الست كده…طب والراجل!
ابتسم بدر على تمردها..ثم أجاب بحكمه
— والرجل كذلك ياعائشه..لو العطر بتاعه هيثير الشهوه ويلفت الانتباه فبلاش منه
تنهّدت عائشه بملل لتردف
— اممم…طيب..انا داخله سلام
أومأ بدر دون أن يجيب…التفتت عائشه لتردف سريعاً وكأنها تذكرت شيئاً ما
— أبـيه بدر…هو انت معتش هتوصلني ولا تجبني تاني..صح!
بدر بإيماء وحزن قليلاً

— صح..بس أنا موجود في أي وقت ياعائش
هتفت عائشه سريعاً
— لاء..مهو..مهو أمير هيوصلني ويجبني بعد كده…لأنه هيبقى خطيبي
هتف بدر بضجر
— خطيبك مش حلالك…يعني طالما مكتبش عليكي يبقا غريب عنك..حرام يخلى بيكي…مينفعش تبقوا مع بعض في مكان واحد لوحدكم بدون محرم

شعرت عائشه بغيرته الشديده…ولكنها لم تفهم بعد ماسبب تلك الغيره…فهتفت بسخريه
— طيب ماانت كمان مش خطيبي ولاجوزي وبتوديني وتجبني لوحدنا عادي
صمت بدر للحظات..أردف بهدوء
— لأن نيتي سليمه ياعائشه..بدل ماتروحي وتيجي مع سواق غريب…أنا هخاف عليكي اكتر من أي حد..فأمان ليكي تركبي معايا…لأن انتي عارفه كويس إن عمري مالمستك ولابصتلك بصه مش كويسه من بعد ماكبرتي…صح ولا لاء !؟
عائشه بملل
— اووك..يلا سلاام..أنا داخله..مش هتعوز حاجه !
شرد بدر أمامه للحظات بحزن..ثم همس
— اعوذك بخير ياعائش..خدي بالك على نفسك من أمير…وفوقي وارجعي لربنا قبل فوات الآوان ياعائشه…صدقيني والله…لما تبقي في قبرك لوحدك محدش هينفعك غير عملك الكويس
أومأت عائشه ببرود،لتذهب من أمامه دون أن تعيره أي اهتمام…استوقفها بدر هاتفاً بلهفه
— عاائـــــش

التفتت عائشه له بتعجب،تنتظر منه أن يتحدث…فاابتلع بدر ريقه ليتمتم بصوتٍ لم يصل لمسامعها
— بحبك
هزّت عائشه رأسها بعدم فهم لتهتف
— مش سمعااك…بتقوول ايييه !!
ابتسم بدر قائلاً
— في رعاية الله ياعائش
ابتسمت عائشه ببرود..ثم دلفت للداخل..اتجهت لغرفتها دون أن تمر على أبيها كي تطمئن عليه أو حتى تلقي التحيه عليه..
ألقت بحقيبتها على الأرض بإهمال..ثم ألقت بجسدها على الفراش بتعب..ومن ثَم أخرجت هاتفها لتحادث أمير..
أجاب أمير بنبرة غضب
— ينفع اللي الزفت ابن عمك ده عمله !
عائشه برقه
— حقك عليا أنا ياأميري…فكك منه..هتنزل مستواك لواحد ميكانيكي زي ده..سيبك منه ياحبيبي انت اللي في القلب
ابتسم أمير بفخر مردفاً
— عندك حق ياشوشو…مينفعش أنزل من مستوايا لواحد معفن حقير زي ده
هتفت عائشه بمرح

— المهم يابيبي…خلينا في الأهم…هتيجي تتقدم يوم ايه بالظبط عشان أقول لـ بابا يعمل حسابه
ابتسم أمير بخبث ليجيب
— اليوم اللي انتي تقولي عليه ياحياتي
أردفت عائشه بتفكير
— اممم…خلاص خليه في يوم الأجازه يوم الجمعه
ضحك أمير في نفسه بسخريه ثم أجاب
— تحت أمرك ياملكتي
ضحكت عائشه بمرح ثم قبْلت الهاتف لتضعه على صدرها وظلت تفكر في حياتها القادمه معه

أما أمير،أغلق الهاتف ليبصق في شاشته بإستحقار مردفاً بسخريه وخبث
— فكراني هتجوزها الشمال…عبيط أنا عشان اتجوز واحده مستعده تسلملي نفسها في أي وقت!
…..

تنهّدت عائشه بسعاده…ثم بدلت ملابسها ببنطالٍ من الجينز الوردي الواصل لركبتيها والضيق بشده..وارتدت فوق..تيشيرتاً من اللون الأبيض به بعض الرسومات الكرتونيه…ثم حررت شعرها البني الطويل وطرقت له العنان ليتدلى بروعه أسفل خصرها..ووضعت قَوْس الشعر “توكه مطاطيه تلتف حول الشعر”بها بعض التموجات بألوان قوس قزح…فبدا مظهرها طفولياً ورائعاً للغايه..
ثم خرجت لغرفة أبيها..دلفت مهروله اليه لتحتضنه ثم قبلته من خديه لتبتعد هاتفه بمرح
— بابااا…عندي ليك خبر حلوو اووي
ابتسم والدها بتعب شديد بدا عليه..ثم تحدث بصعوبه قائلاً
— بدر…كلمي بدر يجي بسرعه ياعائشه
شعرت عائشه بالخوف تجاه والدها..واستشعرت بأنه به شيء ليس على مايرام…فهرولت للخارج لتلحق ببدر،لعله لم يذهب بعد.

تنهّدت عائشه باارتياح فور رؤيته مازال واقفاً أمام البيت
هتفت عائشه وهي تلوح له
— أبيــه بددررر…أبيـه بددررر
انتبه بدر لها وقد كان حينها يستند برأسه على مقود السياره ويستغفر ربه كثيراً كي يخفف عنه ألام قلبه العاشق لطفلته المتمرده..
اشتعلت وجنتي بدر من الغيظ واحتقن وجهه بشده عندما رأها بتلك الملابس التي تثير شهوة كل من ينظر لها..
أدار بدر وجهه سريعاً ليشير اليها بأن تذهب من أمامه هاتفاً بغضب
— امششيي ادخلللي جواا يااعااائشششه
عائشه بعند
— مش دااخله..انت مااالك…وبعددين مش جاايه اتغزل في سوااد عيوونك اناا جاايه اقوولك ان بابا تعباان وعاوزك ضروري
تأفف بدر بضجر منها..ثم دلف للداخل وهو يتحاشى قدر الإمكان النظر لها..
دلف لغرفة عمه،فوجده يأن من الألم..اسرع بدر اليه ليتفحصه بقلق مردفاً
— عمي محموود…عمي محموود ماالك..حااسس باايه
محمود بتعب

— انت نسيت تديني الحقنه الصبح،والتعب ذاد عليا
صفع بدر جبهته بغباء هاتفاً
— استغفر الله…نسيت والله ياعمي انا اسف
أحضر بدر الحقنه من أغراض الدواء الخاصه بعمه، ثم أعطاها له بخفه..
تنهّد عمه بتعب هامساً
— شكراً يابني… أنا عارف اني تعبك معايا كتير يابدر… ربنا يبارك فيك يابن الغالي
ربت بدر على يده ليجيب مبتسماً بعفويه
— الشكر لله ياعمي… أنا بعتبرك ابويا.. اي حاجه تحتاجها أنا جنبك متقلقش
أومأ محمود بوهن… ثم أردف بعد لحظات بحزن
— عمامك مش عارف ليه مش عاوزين يسامحوني يابدر… ده ربنا بيسامح يابني.. أنا ندمان على اللي عملته قبل سابق..وبستغفر ربنا وبقرأ قرءان كتير ومحافظ على الصلاه عشان ربنا يسامحني
أجاب بدر بلهجه مطمئنه
— الإعتراف بالذنب ده نص التوبه أما إنك تتوب عن الذنب ومتعملوش تاني ده توبه كامله وانت توبت ياعم محمود وربنا قالك في كتابه الكريم

فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 39]
ابتسم عمه ليجيب
— صدق الله العظيم..انا عاوز عمامك ميزعلوش مني يابدر…قولهم إني خلاص هموت اهوو مش مستاهله زعل وخصام
ربت بدر على كتفيه بمواساه قائلاً
— ربنا يبارك في عمرك ياعمي وتجوز عائشه وتشوفها أحسن الناس
كانت عائشه تسترق السمع حينها…فدلفت سريعاً لتهتف بمرح
— الله عليك يااعمو بدرر…وأناا ناويه افرح باباا
لم ينظر بدر اليها..نظراً لما ترتديه عائشه..بينما والدها أردف مبتسماً
— فرحيني ياعائشه..قولي في ايه
صفقت عائشه بمرح ثم هتفت
— حذر فزر في ايييه!!…فيه إن واحد معايا في الجامعه بيحبني وعاوز يتقدملي
تأملها والدها للحظات..ثم أردف بهدوء وتفكير
— حددي معاه ميعاد يجي يقعد مع بدر
نظر له بدر بعدم فهم،وتحول وجه عائشه للغضب فاانفعلت هاتفه
— ليييه هو هيتجوز زفت !!

نهرها والدها قائلاً
— عيب ياعاائشه..بدر واعي وعارف شباب اليومين دول..اما انا زي ماانتي شايفه يدوب بقوم اتوضى بالعافيه بسبب التعب اللي انا فيه
دفعت عائشه بالكرسي بجانبها ثم هتفت بغضب
— هو كل حاااجه بدر..زفت..هو هيفضل حاااشر منااخيره في حيااتناا كده لإمتى…انااا زههقت منه بقااا اوووف…مش عاارفه ليييه حااططني في دمااغه..مااعنده بنااات عمي التاانيين يرروح يتمحك فييهم…عااوز مني ايييه…عاملنااا زي اللازقه لييه..دي بقت عيييشه تقرررف
رمقها والدها بغضب فتابعت عائشه بصراخ
— متبصلييش كددده…انت السبب…انت اللي دخلته حيااتناا…كل شوويه خد بالك من عائشه يابدر..هات عائشه من الكليه ياابدرر…نيل عاائشه ياابدرر…لحد ماكرهتني فيييه اكترر منااا بكررهوواا…ابن اخووك الجااهل ده لو عنده دم كاان ساابنا في حاالنا وبعد عننااا…اللي قده معااهم عياال دلووقت وهو عارف كويس إن مفيش واحده هتبصله وهو اصلاً جاااهل واخرره يصلح عربياات زي الخداامين
وضع والدها يده على قلبه ليهمس بتعب

— خلااص يااعاائشه..كفاااياا…أناا غلطاان ان دلعتك زيااده عن اللزووم.. أنا السبب
أما بدر تأمل الفراغ أمامه بحزن..ثم هبّ واقفاً،ليُقبل جبين عمه هامساً بأسف
— متزعلش منها ياعمي..حقك عليا أنا..وانا عن نفسي مش زعلان منها..أي واحد فينا لما بيدايق بيقول كلام غصب عنه..معلش ياعمي متزعلش..ادعيلها بالهدايه
برمت عائشه شفتاها بإمتعاض ثم امسكت بالزجاجه جانبها لتلقيها على بدر..فااصابت جسده ووقعت على الأرض فصارت قطع زجاجيه صغيره..لكن بدر لم يشعر بالألم،نظراً لصلابة وضخامة جسده..
أجابها بدر دون أن يلتفت اليها بسبب ملابسها الغير محتشمه
— اهدي ياعائشه…انا هخرج من حياتكم حاضر بس اهدي بالله عليكي عشان متأذيش نفسك
انفجرت عائشه صارخه ببكاء
— أنااا بكرررهك يااابددر…ابعد عن حيااتنااا بقااا
قالت جملتها تلك ثم هرولت راكضه لغرفتها..اغلقت الباب ورائها وظلت تشهق بنحيب وصل لاذان بدر..فهرول ورائها خوفاً من أن تؤذي نفسها..
طرق بدر الباب بخفه مردفاً بهدوء
— عاائش..افتحي البااب..البسي حاجه محتشمه وافتحي اتكلم معاكي شويه
صرخت عائشه ببكاء وغضب

— انت مبتفهمش..بقوولك ابعد عنناااا بقاااا..غوور من هنااا
ارخى بدر جبهته على الباب ثم هتف بنبرة حزينه
— مش همشي ياعائشه..مش همشي غير لما تبطلي عياط
كورت عائشه قبضة يدها لتضرب الباب بقوه وهي تصرخ
— انت مااالك..غوور من هنااا..متبقاااش زي اللااازقه كدده…امشي بقاااا..اناا بكررهك خلي عندك دم وامششي بدل مااموتي نفسي
تنهّد بدر بعمق ثم همس بضعف وخوف
— هعمل كل اللي قولتي عليه بس بالله عليك تهدي ومتعملي حاجه في نفسك…
ساد الصمت لدقائق.. فتسرب الخوف لقلب بدر.. طرق على الباب بخفه وهو يهتف بخوف
— عاائشه… عائشه!!
ذااد خوف بدر فطرق بقوه هاتفاً بهلع
— عااائش افتحي الباااااب… عااائش عشااان خااطري افتحي البااااب… عااائشه والله العظيم اوعدك مش هتشوفي وشي تااني بس افتحي الباااب… عااائششششششه
كاد بدر أن يدفع بجسده تجاه الباب كي يفتحه بالقوه.. ولكنه فوجئ به، يُفتح ببطىء.. فااتسعت عينيه وشهق بدهشه شديده من هول ما رأى..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية يناديها عائش)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى