رواية يناديها عائش الفصل الثاني 2 بقلم نرمينا راضي
رواية يناديها عائش الجزء الثاني
رواية يناديها عائش البارت الثاني
رواية يناديها عائش الحلقة الثانية
هي.. هي صلاااتي.. خمس فروض بحياتي.. بأديهم كل يووم….. وبننسى.. فيها كل الدنيا.. بنعيش في دنيا تانيه… مفيهااش همووم
دندنت هاجر بتلك الكلمات بصوتها العذب الذي ورثته عن أبيها.. الشيخ محمد الخياط رحمه الله.. والذي ورثه أيضاً بدر الشباب..
كانت حينها ترسُم وتبدع في تلك اللوحه البيضاء أمامها..
فرسمت مشهد خلاب، بل أكثر من رائع..فبدا كل من رأى تلك اللوحه..يكاد يجزم أنها تنافس أمهر الفنانين في العالم..
أبدعت هاجر في مشهدين ينفطر لهم القلب..
أحد المشاهد يصف مشهد تخيلي لأهوال يوم القيامه…فكانت النار عظيمه وتأكل أجساد الكثير من البشر وهم يفتحون فمهم بطريقه مخيفه كتعبير عن الصراخ والألم الذي انشب في لحومهم إثر التعذيب الشديد على إسرافههم في المعاصي والموت عليها دون توبه..
والمشهد الآخرى..”فضلاً عزيزي القارئ تخيله معي ”
تخيل أنك في الجنه على فرائش خضر واستبرق.. تنعم بالرفاهيه التي لا مثيل لها..في قصر ضخم رائع بل من شدة جماله..يجعلك تسبح الله ملايين المرات بتعجب وانبهار شديد…هذا القصر هو ملك لك..لك أنت فقط..!
ومن تحتك تجري مختلف الأنهار..نهر من عسل ونهر من لبن ونهر من خمر لذة للشاربين…أما عن الأشجار والورود برائحتها في الجنه…فهي لم تخطر على قلب بشر من قبل..
تخيل عزيزي أن.. كل أمنياتك بمجرد التفكير فيها..فهي مجابه على الفور…بالجنه أيضاً، مالاعين رأت..من بساتين وقوارير من فضه تنعم بالشُرب فيها..
والكثير…الكثير من النعم التي لاتعد ولاتحصى عزيزي…الكثير أقسم بالذي خلقني وخلقك..
وفوق كل ذاك الجمال…أريدك أن تبتسم رجاءًا..وتغمض عينيك للحظه..تتخيل فيهم..أنك تسمع القرءان بصوت نبي الأمه…بصوت حبيبك وشفيعك..سيدي وسيدك مُحمد صل الله عليه وسلم..
هذا المشهد الرائع الذي سردته لك..وتخيلته أنت معي…تخيلته هاجر أيضاً وهي تغمض عينيها وتتنفس ببطئ شديد وتبتسم بسعاده لم تحلم بها من قبل..
فتحت هاجر عيناها السوادء الجميله..لتتأمل المشهدين ثانيةً بقلب منفطر وعيون دامعه…ثم أفتر ثُغرها عن ابتسامه عذبه وهي تصوب حدقتيها للمشهد التخيلي للجنه…قائله
— الجنة هي الحلم الوحيد اللي مش ممكن تنتهي صلاحيته.. اللهم أسألك رضاك والجنه
ثم حولت بصرها لمشهد جهنم قائله بوجل قليلاً
— اللهم لا تجعلنا من أهل النار..اللهم حرم أجسادنا عليها يارب
لحظات من تأمُلها للوحه…لملمت شعرها شديد الإحمرار القاتم بعصا خشبيه خاصه بالتلوين..ثم وضعت فرشاة تلوين في فمها…وأخذت الثالثه لتُعطي اللمسات الآخيره للوحه قبل أن تُسلمها للمشروع السنوي خاصتها بجامعة الفنون الجميله في المنصوره..
وقبل أن تشرع في التلوين…أحست بالألم يغزو جسدها..فااهتزهت يدها بوهن ورغماً عنها…سقطت الأشياء من يدها…فمالت بجسدها الهش على اللوحه..فأدى ذلك لسقوط اللوحه وتدمير نصفها…بينما هاجر إتكأت بيدها على الأرض واحتضنت جسدها بألم شديد…فلم تستطيع التماسك أكثر من ذلك..فما كان منها إلا البكاء
بكت بقوه وبألم مهمهمه من بين بكائها
— ياارب…الصبرر ياارب…أنا أد البلاء…أنا هقدر وهكمل…أنا واثقه فيك يارب..إديني الصبر والقوه أكمل
كزت على أسنانها بتألم…ثم مزقت أحشاء السكون بصرخه قويه وصلت لمسامع والدتها
— ااااااااه…ياااارب…ياااارب..الصبررر يااارب..أنا..أناا…أنااا….ااااه…أناا أد البلااء..أنا هقدر أتحمل ياارب…
صمتت لتعلو أصوات شهقاتها المتتاليه مردده
— الرحمه…الرحمه…ياترحمني…ياتصبرني يارب..أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله
دلفت مفيده والدتها للغرفه..فاانتفضت لمنظر ابنتها المميت للقلب هذا…اندفعت نحوها تهتف بذعر
— هاااجرر…ضنااياا…ايه اللي حصل ياهااجر…في ايه يابنتي
هاجر ببكاء وتألم
— مش…مش قادره ياماما..حاسه…حاسه إنها النهايه…حاسه إن روحي بتنسحب من جسمي براحه…ماما..قوميني…قوميني اتوضى..عاوزه اقابل حبيبي على وضوء…عاوزه أقابله وأنا طاهره…قوميني اتوضى ابوس ايدك
بكت الأم لكلمات ابنتها الموحيه بالموت ولقاء الله
…احتضنتها مفيده بشده وظلت تهدهدها وتمسد على شعرها الأحمر الطويل هامسه بحُرقه
— اللهم رب الناس أذهب الباس اشفيها وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما..يارب متوجع قلبي على بنتي…يارب متوريني حاجه وحشه فيها
ظل كلاهما على تلك الحاله لدقائق…حتى هدأت هاجر قليلاً…واستطاعت بفضل الله وقوة تحملها واصرارها على هزيمة المرض..أن تكف عن البكاء وإصدار الأنين…تحسُباً لموقف والدتها العُسر أيضاً
لحظات ورنّ هاتف هاجر…فأجابت الأم بدلاً منها
— ازيك يازياد
تعجب زياد في بادئ الأمر من الرد غير المتوقع..تنحنح ليجيب بتعب بدا في نبرات صوته
— ازيك ياعمتى..هي…هي هاجر فين
تأملت الأم ابنتها بحزن التي غفت في أحضانها بإرهاق…أجابت بأسى
— هاجر تعبت شويه يازياد..ولسه نايمه دلوقت..أصحهالك ؟
زياد بنفي
— لا لا ياعمتي…سيبيها ترتاح…أنا بس كنت بطمن عليها..هي كويسه يعني؟
بكت مفيده رغماً عنها لتجيب
— هاجر حالتها بقت أوحش من الأول يازياد..شعرها بقى بيقع جامد عن الأول..ووشها بقى اصفر من التعب ومعدتش قادره تتحمل الوجع أكتر من كده…أنا مش عارفه اعمل ايه
انتفض زياد بخوف وهلع هاتفاً
— تعبت تاااني !! امتى حصل الكلام ده…ومتصلتيش عليااا لييه يااعمتى..ده البيت جنب البيت
مفيده بيأس
— في ايدينا ايه نعمله يازياد ومااتعملش
زياد بحده قبل أن يغلق الهاتف
–اي حاجه هتساعد انها تخف شويه هنعملها..لو ايه حتى…أنا مش مستغنى عن حته مني ياعمتى…لبسيها وأنا جاي أخدها عالمستشفى
لم يدع زياد مجالاً لزوجة عمه للإعتراض…فأغلق الهاتف بخوف وتوتر…ثم هبّ واقفاً ليُلملم أشيائه ويخفي جريمته التي ارتكبها منذ قليل…ثم هرول مسرعاً لبيت عمه..محمد الخياط
—
كانت مفيده قد سترت جسد ابنتها برداء فضفاض ووشاح شرعي طويل..
دلف زياد لغرفتها..ماا إن رأى التعب والإرهاق بادياً على ملامحهها الرقيقه النائمه…اندفع نحوها بتلقائيه وبخوف شديد…ليحتضنها ويضمها لصدره بقوه وهو يبكى كالأطفال
— هااجر قوومي عشان خااطري..انا عارف إن ربنا بيعاقبني بيكي…بس والنبي والنبي ياهااجر متسيبني…ابووس ايددك متسبنيش…والله اوعدك ابقى كويس وهقرب من ربنا زيك..بس خليكي معايااا…هااجر أناا من غييرك ولا حااجه…قوومي يلاا عشاان خااطري
جذبته مفيده من قميصه رغماً عنه لتبعده عن ابنتها الشبه فاقده الوعي تقريباً…ثم زجرته هاتفه
— اعقل يازياااد…مش عشان بنت عمك ولا خطيبتك يبقا تقرب منها…اعقل يابني الله يرضى عنك…مينفعش اللي بتعمله ده…هاجر لو عرفت اني خليتك تيجي ولا قولتلك حاجه..هتقاطعني العمر كله…أنا مقدره خوفك وحبك ليها بس مينفعش تلمسها…أنا هتصل ببدر يجي ينقلها للمستفى وانت اقف جنب ابن عمك عشان لو احتاج مساعده
لم تصل لمسامع زياد أي كلمه مما قالتها زوجة عمه…فكان ذهنه شارد تماماً مع أول من دق القلب لها…هي ابنة عمه وحُب طفولته وأول من أخذت بيده لدرب الله وطريق الحق…تذكر الجريمه التي يفعلها مراراً…فلم يستطيع تمالك نفسه..وانفجر باكياً ليردف بدون وعي
— انا اسف…انا اسف ياهااجر…انا كذبت عليكي…كنت بقلك إن مبسبش ولا فرض وبقرأ الورد بتاعي…بس أنا مكنتش بعمل كده..أنا كروت في الصلاه…كنت بصلي فرض واسيب عشره
صمت لينتحب بمراره..تابع بندم شديد
— الأسوأ من كده..إني..إني مش قادر أبطل القرف والحقاره اللي بعملها…أنا بحبك اووي…والله العظيم بحبك..عشان كده هفضل زياد ابن عمك…بس مش هينفع اكون جوزك…انتى تستاهلي واحد نضيف وعارف ربنا زيك
مسح زياد دموعه بقوه…ثم نزع دُبلة الخطبه خاصتهم…ليضعها بجانبها هامساً بحُرقه
— انتي متستاهليش واحد زي..بس عارفه..هفضل أحبك ومش هحب غيرك لحد مااموت…اصلاً قليل المتدين زيك اليومين دول…انتي جوهره ياهاجر..عاوزه اللي يقدرها…أنا اسف ياحبيبتي…سامحيني وخلي ربنا يسامحني
اتسعت عين مفيده بذهول بعد أن خلع زياد محبسه… رمقته بعدم تصديق هاتفه
— زياد… انت واعي للي بتعمله وتقوله يابني
أجابها زياد بخجل وحزن وهو يخرج من الغُرفه
— مش قادر أبص في وشها بعد اللي عملته… أنا قرفان من نفسي ياعمتى
مفيده بحيره
— ماتفهمني في ايه.. وايه اللي عملته مخليك تقول كده
تنهّد بقوه ليجيب بخجل
— أنا… أنا…
ابتلع ريقه بتوتر… ثم مسح على وجهه بحزن… ليترك الغرفه بالكامل تحت أعين مفيده المندهشه… ثم خرج مهرولاً وهو يردف في نفسه بيأس
— كده كده ربنا مش هيسامحني… أنا لازم اخلص من نفسي قبل مااتفضح…
تُرى هل يقصد زياد بذلك “الإنتحار” !!؟
وماهي ردة فعل هاجر عندما تعلم بأمر فسخ خطبتها ممن تمنته زوجاً لها !!؟
—————————–
ترجل كلاً من سيف وروان من السياره.. لمكان اسمه “نادي جزيرة الورد” بالمنصوره
انتبهت روان لشرود سيف..فوكزته في كتفه بمرح قائله
— الحلو سرحان في ايه…بتحب جديد ولاايه يسطا
رمقها سيف بغيظ هاتفاً
— هو انتي مش بتغيري عليا!!…ليه حاسس إنك فعلاً زي ماقولتي مقضياها تسليه؟!
جلست روان على إحدى المقاعد وهي ترمقه بسخريه…ثم وضعت قدم فوق الآخرى لتهتف
— بص ياسيف…زي مامشيت معاك همشي مع غيرك…او زي ماكلمتك اكيد كنت بكلم وهكلم غيرك…صح!!..ده بقا تفكير أي شاب بيكلم وبيمشي مع بنت بدون علم أهلها…فليه أوجع قلبي واتعلق بخيط دايب واحبك وفي الآخر تناولني كف على رقبتي يخليني اشغل اغاني تامر عاشور ليل نهار
اتجه سيف ليجلس بجانبها قائلاً بفتور وندم
— عندك حق…أنا غلطان ان حبيت واحده زيك اصلا…كنت فاكرك هتحبيني وتغيري من نفسك عشاني
زمت روان شفتاها بااستنكار ثم صاحت بسخريه
–حووش حووش لاا وانت يااض اللي الأدب بيخر منك..ماشاء الله نازل من الجنه…حبيبي فووق…انا كل يوم بشوفك مع واحده شكل…فاكرني نايمه على ودني ولاايه..
رمقها سيف بغيظ..فتابعت روان بااستهزاء
— يابني انت مستغل حلاوتك اللي البنات هتموت عليها دي…وبتكلم يجي خمسميت بنت…ده اخوك اللي انت مغفله وبتاخد منه فلوس الكورسات وتروح تأجر بيها عربيات عشان تبان الواد الجنتل اللي مفيش منه
اتسعت عين سيف بدهشه هاتفاً
— انتي عرفتي منين الحوار ده
نظرت أمامها بسخريه قائله
— أسامه صاحبك اللي قالي
هتف سيف بغضب
— يابن الـ***
روان ببرود
— تؤتؤ..عيب..هو ملهوش ذنب..انت اللي بتاع مظاهر وكذاب…وبعدين أسامه زي ماانتي صاحبي هو كمان صاحبي…يعني مسمحلكش تشتم عليه
وصل غضب سيف لأعلى ذروته…فهتف مشتعلاً بالغيظ
— اناا عاااوز اعرررف دلووقت…أنااا ايييه بالنسباالك..ماااشيه معاااياا ليييه !!
هبّت روان بغضب هي الآخرى صائحه
— نفس السؤاال…أناا اييه بالنسباالك يا دكتوور سيف!!؟
ظل سيف يتأملها بغيظ وغضب دون اجابه…فاابتسمت روان بسخريه…لتطرقع بأصابعها بااستهزاء في وجهه قائله
— تسليه…أنا مجرد تسليه..بس عشان أنا مش مغفله لاعبتك نفس لعبتك واتسليت بيك ومثلت عليك الحب…عشان عارفه البنات كلها عينها منك…فقلت أنا أولى واهو بالمره أحط على البنات الحكاكه..
زفر سيف بضيف ليردف
— انتي عاوزه ايه دلوقت !؟
روان بسخريه وخبث
— فلنفترض إني بحبك…هتيجي تخطبني…هتجوزني ياسيف بعد ماخرجنا سوا وحصل ملامسات بينا…هتجوز واحده مشيت معاها في الحرام !؟
أشاح سيف ببصره عنها دون أن يجيبها…فااتسعت ابتسامة روان الساخره…لحظات ودوى صوت آذان المغرب بكل مكان
أردفت روان قائله بااستهزاء
— اييه يادكتور سيف…مش هتدخل تصلي!؟
أصل عارفاك بتخاف من بدر اخوك عمى عشان كده مبتسيبش ولا فرض
أجاب سيف وهو يمسد على خصلات شعره الحريري
— مبصليش برا…لما أروح هجمع الصلوات كلها على بعض مره واحده وخلاص…معنديش استعداد ابوظ شعري مش كل يوم هروح للحلاق
ضحكت روان بسخريه قائله
— لا متدين فعلاً…بارك الله فيك اخي..الجنه تناديك
زفر سيف بملل مردفاً
— بقولك ايه…متفكك كده وتيجي ندخل السينما نروق على نفسنا بدل جو الكئابه اللي طفح علينا ده
أومأت بموافقه ثم أردفت
— يلاا..أنا كده كده مسمسره مبلغ حلو من فلوس الدروس وعندي درس كمان ساعه بس مش هروحه
كاد أن يجيبها ولكن رن هاتفه برقم مجهول…فأجاب سيف بترقب
— مين !!
أتاه صوت غليظ يهدده قائلاً
— اسمع يااالااااه…الفلوووس لوو مااندفعتش هطلع رجالتي على ورشة اخووك يكسروها ..وبدر اخوك هيبقاا ضحيتك…انت ساااامع
ظل سيف ينظر للهاتف بخوف شديد بعد أن تم اغلاق المكالمه بوجهه
فـ عن ماذا يتحدث الرجل…وماذا سيفعل سيف في تلك الورطه التي وضع شقيقه بها !!؟
——————————-
وصل بدر الشباب بالسياره التي استقلها من الورشه..لجامعة عائشه
ثم توقف بعيداً قليلاً عن بوابة الجامعه الضخمه..رغماً عنه..وقعت عينيه على الفتيات اللواتي يخرجن من البوابه برفقة الشباب وهنّ يضحكن بصخب وبمرح…وملابسهم لا تدل على الإحتشام بالمره..
أدار بدر وجهه سريعاً وهو يستغفر ربه مراراً وتكراراً..
لحظات وسمع آذان المغرب…فترجل بتريث من السياره ودارت عينيه في المكان حوله باحثاً عن مسجد ليصلى فرضه ويلبي النداء في الحال..
فـ بدر لم يؤجل فرض طيلة سنواته الماضيه..بل صلاته عنده بمثابة الدنيا وما فيها..
انتبه أخيراً لوجود مسجد بعيد قليلاً عن الجامعه..ففضل ألا يذهب بالسياره..وخطى بخطوات متمهله وقوره وهو يردد مع الآذان..كما قال رسول الله في الحديث”
ديارَكم تُكتب آثارُكم، رواه مسلم..أي أنه بكل خطوه يخطيها بدر ستكتب له درجه في الجنه
صلى بدر الفرض بالنوافل…ثم خرج ليعود وينتظر صغيرته التي دللها منذ الصغر..منذ وفاة والدتها وهي بعمر السابعه ومرض ابيها…تولى بدر رعايتها وكان حينها بعمر العشرون..
وقف بدر مستنداً بظهره أمام السياره..عاقداً يديه على صدره..زاكراً الله في نفسه إلا أن تخرج عائشه
دقائق…وخرج عائشه بصحبة أمير وشاب اخر واثنان من الفتيات يرتدون نفس ملابسها الغير محتشمه…لم ينتبه لها بدر..كونه واقف ويغض بصره حتى لا يفتتن بجسد إحداهن
ولكن عائشه انتبهت له…فشهقت مردفه
— ابييه بدرر…ده ايه اللي جاابه هناا ده !!
انتبه اصدقائها لهاا..فهتفت إحداهن وتدعى مريم
— هو ده ابن عمك الميكانيكي !!!
اومأت عائشه بغضب…فتابعت مريم وهي تتفحص جسده العريض وشعره الواصل لأكتافه بروعه
— بغض النظر عن لبسه اللي مليان شحم ده..بس جامد…مز يخربيت كده
زجرتها عائشه قائله
— انتي عندك حول ولاايه…ده جاهل..يعني مش متعلم زينا…هتبصي لواحد جاهل ياهبله
مريم بوقاحه
— ياختي انا هعمل ايه بشهادته…المهم يسد..ده جسمه وشعره وشكله كله على بعضه كده زي الواد الممثل الهندي ده…اسمه رانبير كابور
رمقتها عائشه ببرود ثم تركتهم وذهبت خوفاً من ان ينتبه لها وهي تقف بجانب هذا الشاب “أمير”
تابعها أمير بنظرات خبيثه مشتعله من الغيظ مردفاً بتوعد في نفسه
— كل حاجه كانت ماشيه كويس…لولا ابن عمها اللي عامل زي القضى المستجعل ده…كان زماني نفذت اللي عاوزه من زمان…بس ماشي ياعائشه…قريب أووي هشبع منك ياحلوه..
—
انتبه بدر لوقوف عائشه أمامه…القى عليها نظره تفحصيه سريعه…ثم ادار بصره واشتعلت وجنتيه غيظاً وغيره وغضباً عندما رأها بتلك الملابس التي تبرز تفاصيل جسدها بالكامل..
فتح لها باب السياره ليهتف ببرود
— اركبي
ركبت عائشه دون أن تتفوه بأي كلمه خوفاً منه..انطلق بدر بالسياره…ومااإن ابتعد عن الجامعه وسار في طريق هادئ قليلاً…انتهزت عائشه الفرصه…لتصيح بغضب
— هو انت ايه اللي جااابك…جاي الكليه بتاعتي بمنظررك المقررف ده ليييه..هتشمت فياا صحاابي وتفضحني قدااام النااس…ايه القرررف ده
هتف بدر بهدوء
— ابقي قوللهم إني السواق بتاعك
أجابت بغيظ
— ده على أساس انهم مش عاارفينك…وبعدين انا مبقتش صغيره عشاان توديني وتجيبني
أجاب بدر بكل هدوء وثبات انفعالي
— صغيره…مهما كبرتي هتفضلي صغيره بالنسبالي ياعائشه وهفضل أخاف عليكي لو بقى عندك ميت سنه حته
عائشه بغضب وهي تلوح بيديها بإعتراض
— ليييه بقااا إن شاااء الله…انت هتفضل عاامل رااسك برااسي وعقلك بعقلي لحد امتى…انت بالنسبالي زي عمي…فرق بيني وبينك تلاتاشر سنه…يعني بدل ماتشغل بالك بيا…روح شوفلك واحده تجوزك..ده لو لقيت واحده ترضى بيك وتبص في خلقتك اصلاً
تنفس بدر بعمق ثم أجاب
— ايه اللي طلعك بدري الصبح بدون علمي
رمقته عائشه بدهشه ثم ظلت تضرب بيدها على مقود السياره صائحه
— وقف العربيييه…انت كمااان عاوزني اخد الإذن منك…ده انت بجح اوووي…عاائشه الهبله بتااعت زماان بح خلاااص يابابااا…اناا دلووقت عندي تسعتاشر سنه يعني اقدر اعتمد على نفسي وتشكراات ياسيدي لخدماتك
أوقف بدر السياره أمام بيت عائشه…ترجلت عائشه بغضب وهي توبخه بكلمات غير مفهومه…قبل أن تدخل لمنزلها…استوقفها بدر قائلاً بهدوء
— عائش..
وقفت عائشه وهي تولي ظهرها له…ثم اخذت تتنفس بعمق وغضب…إلا أن هدأت قليلاً عندما سمعته يناديها عائش…اسمها الخاص الذي لا يناديها أحداً غيره منذ أن كانت طفله..
شردت للحظات بذهنها للوراء متذكره ذاك اليوم الذي ذهبت فيه لأول مره مدرستها…كان حينها بدر يحملها على أكتافه ا وهو يتلو سورة الإخلاص بصوته العذب…وعائشه تردد ورائه بمهاره..إلا أن حفظتها تماماً…فقبْلها بدر من جبينها وأعطاها الحلوى وهو يمسد على شعرها بحنان قائلاً
— أحسنت ياعائش…لما تكبري هتبقى قدوه لبنات كتير…ربنا يبارك فيكي ياعائشه
أفاقت عائشه من شرودها على صوت بدر وهو يقول ثانيةً بهدوء
— عائش..ممكن اطلب منك طلب !؟
استدارت عائشه لترمقه بتخمين قائله ببرود
— عاوز ايه !؟
ابتسم بدر بعفويه وهو يشير لنصف شعرها الخارج من غطاء رأسها
— ممكن اشوف شعرك كله !؟
اتسعت عين عائشه بذهول ودهشه ثم صاحت بغضب واستنكار
— شفتتت…شفتتت إن نيتك مش كويسه ازااي…فعلاً صدق اللي قال.. يامااا تحت السوااهي دوااهي…عاملي فيها شيخ ومبتسبش فرض وعاوز تشوف شعرري…لااا…ده انا هعرف بابااا وهقول للحااره كلهاا على لؤمك ووسااختك
تأملها بدر مبتسماً للحظات…كأنه يقول لنفسه..
تباً عائش…لقد دللتك كثيراً حتى انقلب كل ذلك علي…واصبح من الصعب ترويضك بسهوله !؟
السؤال هنا…لِما طلب بدر رؤية شعر عائشه وهو يعلم جيداً أنه غير محلل له !!؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية يناديها عائش)