روايات

رواية ذكريات مجهولة الفصل الرابع 4 بقلم قوت القلوب

رواية ذكريات مجهولة الفصل الرابع 4 بقلم قوت القلوب

رواية ذكريات مجهولة الجزء الرابع

رواية ذكريات مجهولة البارت الرابع

ذكريات مجهولة
ذكريات مجهولة

رواية ذكريات مجهولة الحلقة الرابعة

« سِجن »
فى الصباح…..
بيت رحمه….
فتحت عينيها بإرهاق فهى لم تشعر بالراحة خلال نومها لكن عليها الإستمرار …
نهضت من فراشها بتكاسل محاولة التنشط قليلاً لتبدأ يومها بمهام إعتادت عليها قبل مغادرتها فى الصباح ….
قامت بترتيب الشقه جيدًا وتحضير الفطور ووضعه على المنضدة قبل إستيقاظ الجميع…
إرتدت ملابسها بغرفتها التى كانت شرفة بالأساس قبل أن يحولها والدها إلى غرفة خاصة بها بعيدًا عن إخوانها الذكور (عبد الله) و(محمد) و(عمر)….
خرجت إلى غرفة المعيشة لتجد والديها قد إستيقظا ومعهم أخويها (محمد) و(عمر) يتناولون الإفطار الذى قامت بتجهيز لهم منذ قليل….
رحمه بإبتسامة مشرقة : صباح الخير…
الجميع : صباح الخير ..
جلست (رحمه) تتناول فطورها معهم بجلسة يغمرها الراحة والدفء لا ينقصها سوى الغائب (عبد الله)….
إبراهيم: صاحيه بدرى النهاردة… رايحه الكلية ولا إيه..؟!
رحمه: أيوة يا بابا… رايحه النهاردة…
إبراهيم: ربنا ييسر أمورك يا بنتي ….
رحمه: آمين يارب…
وقفت (رحمه) وهى تضع آخر لقمة بفمها بتعجل مُلوحة لهم بيدها مُودعة …
رحمه: أنا يادوب أمشي بقى…. سلام…
ام رحمه: أقعدي يا بنتي كملي فطارك ….
رحمه: لا الحمد لله … شبعت … يلا يا (محمد) يلا يا (عمر) … حتتأخروا كدة…!!!
عمر : لا متخافيش لسه قدامنا وقت…. روحي إنتِ أحسن (هاجر) زمانها مستنياكِ ….
رحمه: طيب تمام… يلا سلام…
ثم عادت ببصرها نحو والدتها مستكملة ….
رحمه: ممكن متتعبيش نفسك لحد ما أرجع وأنا حعمل كل حاجة … ماشى..
ام رحمه: روحي إنتِ بس كليتك ومتشيليش هم خالص…
رحمه: أنا نازله على طول … سلام…
الجميع : مع السلامة …
خرجت (رحمه) مسرعة وهى تحمل حقيبتها ممسكة بأحد الملازم بيدها لتقابل (هاجر) التى وقفت تتنتظرها كعادتها كل يوم…
هاجر مازحة : إنتِ عمرك ما حتنزلي بدري وترحميني من الوقفة دى كل يوم…
رحمه: شوف مين إللى بتتكلم … بلاش أنتِ يا (جوجو) دة أنتى مطلعة روحي وبتلطعيني بالساعات ولا ناسيه …. مجتش يعنى على خمس دقايق الصبح ….
هاجر: يا ساتر يا رب… مبتفوتيش حاجة أبدًا … يلا يا أختي إتأخرنا على الأتوبيس….
رحمه: ناس ما بتجيش إلا بالـ……
هاجر: بالـ… إيه..؟؟؟
رحمه ضاحكة: بالعسل… يلا بينا….
إتخذتا طريقهم نحو الجامعة فهما طالبتان بكليه التجارة بالسنة الرابعة ولم يتبقى على تخرجهما سوى شهور قليلة ….
ومع ذلك فلظروف أسرتيهما المتواضعة ماديًا تعملان بعد إنتهاء يومهم الدراسي بمعرض المفروشات لمساعدة أسرتيهما وتحمل نفاقاتهما قدر المستطاع…
________________________________________
مديرية الأمن العام ….
يتقدم بخطوته الثابتة متجهًا نحو مكتبه بثبات … وفور وصوله إلى المكتب إنتفض الشرطي قرابة باب المكتب بالوقوف بإستقامة رافعًا يده أعلى جبهته مؤديًا التحية العسكرية قبل أن يقوم بفتح الباب له ….
دلف إلى المكتب هذا الشاب القوى بطوله الفارع وهيبته القوية …..
( “طارق العربي” … شاب قوى البنية ذو ملامح جادة وسيم ، قمحى البشرة ذو عيون حادة ونظرات قوية وملامح شرقية أصيلة محببة ، لكنها فى بعض الأحيان مخيفة عندما يظهر غضبه )
نظر إلى داخل المكتب ملاحظًا صديقه وزميله (سامر) يجلس خلف مكتبه يقرأ بأحد الملفات الموضوعة أمامه ….
( “سامر عجب” … شاب بشوش الوجه ذو ضحكة صافية يتسم بالهدوء بالرغم من بنيته الجسمانية القوية المشابهة لـ(طارق) بفعل التمرينات الرياضية القوية التى يقومان بها … لكن ملامحه تشبه أخيه (علاء) بشكل كبير حتى مع زُرقة عيناه التى ورثوها عن أمهم …)
طارق: صباح الخير ….
سامر متعجبًا : (طارق)…!!! صباح الخير ….
طارق : إيه اخبارك … ؟!!
سامر بتعجب: إيه أخباري أنا …؟! أنت إللى إيه أخبارك مش كان عندك مأمورية إمبارح بالليل … جيت بدري ليه كدة …؟!!
(طارق) وهو يجلس على المقعد الخاص به خلف مكتبه …
طارق: متقلقش كدة … وراك أسد ….
سامر : دة أمر مفروغ منه …. أنا متأكد … بس إحكي لي عملتوا إيه فى الحملة إمبارح ….؟!!
طارق بفخر: عيب يا بني …. كلهم تحت فى الحجز ….
سامر: يا ريتني طلعت معاكم إمبارح…
طارق: ولا يهمك المرة الجاية أنت أكيد معانا …
سامر: ضروري …. مش حسيبكم أبدًا …
__________________________________________
فى المستشفى …..
وقفت تتأمل الماره كـ كل يوم من النافذة… تهيم بتأملاتها لهؤلاء الغرباء فهذا يعبر الطريق وآخر يسير بعجالة وهذا يركض وهذا وهذا …..
لتمضى وقتها وترى كيف الدنيا تدور من حولها دون أن يشعر بها أحد …
كل ما تفعله بحياتها هو التأمل من النافذه بإتجاه أُناس لا تعرفهم ولا يعرفونها ولا يشعرون بوجودها ، وكأنها فى سجن كبير تطل من نافذتها هذه على العالم من حولها …
ما عليها سوى متابعة المارة و تناول الطعام الذى أصبحت مجبرة على تناوله كل ساعتين بحد أقصى …..
__________________________________________
تركيا….
جالست (توتشا) الصغير (يامن) بغرفته بالدور العلوى ليلهو ويلعب بعيدًا عن (أميمه) حتى تستطيع أن تعمل هى و(سيلا)….
بالدور السفلى….
وضعت (أميمه) العديد من الأوراق والألوان وعينات من الأقمشة المختلفة أمامها كذلك وضعت جهاز الحاسوب “اللاب توب” الخاص بها للعمل على التصميمات المطلوبة منها لهذا الديفيلة ” العرض” الضخم الذى سيقام بعد شهر ….
أميمه بإرهاق: أووف …. تعبت أوى … يلا نرتاح شويه ونشرب حاجة ونرجع نكمل أنا دماغى وعنيا تعبوني أوى ….
سيلا: طيب أنا حقوم أعمل لنا كوبايتين نسكافية وأجى نرغي سوا شوية …
أميمه بتملل : (سيلا)…!!! بقولك عايزة أريح دماغي ….
سيلا بشقاوة: طيب وأنا قلت حاجة … كلمتين مع النسكافية ….
أحضرت (سيلا) كوبان من النسكافية لتضعهما على المنضدة وتجلس إلى جوار (أميمه) على الأريكة لتلتفت إليها وجها لوجه وهى تبتسم بسماجة ….
سيلا: ها…. نرغي فى إيه ؟؟!
إعتدلت (أميمه) لتنظر نحو (سيلا) التى مازالت متحفزه للحديث وبإصرار شديد ….
أميمه: مالك يا (سيلا) … هاتي من الآخر ….!؟؟؟
سيلا : (أميمه) إحنا بقالنا مع بعض حوالي خمس سنين … ومع ذلك معرفش عنك كتير … هو إحنا مش أصحاب … نفسي أعرفك أكتر … إنتِ غامضة أوى …
اميمه: ولا غامضة ولا حاجة … عادى يعنى … جيت تركيا وإشتغلت وتعبت لحد ما عرفت أبقى مصممة أزياء كبيرة بالشكل دة …
سيلا: (أميمه)…!!! أنا عارفة كل دة كويس أوى …. عارفة إنك جيتي تركيا وكنتِ مرهقة وتعبانة جدًا وإشتغلتي مع ماما وبابا فى المطعم بتاعهم … وماما حبتك وإعتبرتك زى بنتها لحد ما ولدتى (مينو) بالسلامة …. وبعدها قررتي تصممي حاجات وعرضتيها على مكاتب كتير لحد ما إتقبلت منك وسبتي المطعم واشتغلتي فى شركة أزياء وبعد كدة عملتي شركة لوحدك وبقى عندك براند بإسم (مينو) …. كل دة معروف … أنا عايزة (أميمه) إللى جوه إللى مستخبية أو بمعنى أصح … فين بابا (يامن)؟؟؟ … عرفتوا بعض إزاى؟؟؟ … وكدة يعنى ….
(اميمه) بتفاجئ من سؤال (سيلا) المباشر وغير المتوقع بنفس الوقت …
اميمه : بابا (يامن) ..!!!!!
سيلا: أيوة يا (أميمه)…. إفتحي لي قلبك وإحكي لي …
للحظة تفكير ظنت (أميمه) أنها ربما إذا قصت على (سيلا) قصتها ستتخلص من تلك الذكريات الحبيسة بقلبها وتبدأ حياة جديدة بعد تخلصها من تلك الذكريات حلوها ومرها …..
أميمه: ممكن …. ليه لأ …. أبدأ لك منين ؟!!
سيلا: من الأول خاااالص …. وبالتفصيل الملل أنا مش مستعجلة …..
__________________________________________
الجامعة ….
تقابلت جميع الفتيات يتكلمون ويتحدثون ويتضاحكون ….
كانت (رحمه) تتمتع دومًا بقدرتها على الحديث المشوق الذى يجعل الفتيات تلتف حولها وتحب وجودها وحديثها الرائع اللواتى لا يملوا منه أبدًا ….
إقتربت تجاههم تسير بدلالها المصطنع وقد تبدو للوهلة الأولي أنها ربما ذاهبة إلى حفل ما .. بإرتدائها لتلك الكنزة الضيقة و سروالها الجينز الملتصق بساقيها وله تمزقات عدة لمواكبة الموضة ، ومساحيق التجميل التى تزين وجهها بصورة مبالغ فيها لتُلفت جميع الأنظار إليها وهذا ما تحبه وتسعى إليه ….
هايدى : صباح الخير ….
الجميع: صباح الخير ….
بسمله: إتأخرتي ليه يا (هايدى) ؟!!
هايدى بغرور : أنا إتأخرت…. لأ لأ متأخرتش ولا حاجة ….
رحمه مازحة : يا شيييخة …. ده فيه محاضرة خلصت من ساعة وأنتِ لسه بتقولي متأخرتيش ….!!!
(هايدى) بعدم إكتراث لحديث (رحمه) فهى لا تطيق تلك الفتاة الفقيرة ولا صديقتها تلك التى تدعى (هاجر)….
هايدى بملل: مش بحبها ….
رقيه: طيب يلا إنتِ وهى قبل ما المحاضرة إللى بعدها تبتدي ….
تحركت جميع الفتيات نحو ذلك المدرج لحضور المحاضرة قبل أن تبدأ بالفعل …
___________________________________________
الإمارات…..
حوريه….
يوم جديد يبدأ ككل يوم لا يختلف عن سواه شيئًا بالنسبه لها ..
تستعد بعمل روتينها اليومي الإجباري الذى تقوم به دائمًا خوفًا من أى مفاجأة قد تحدث و يعود مبكرًا لأى طارئ فهو لن يتهاون معها على أى تقصير من وجهه نظرة الموسوسة …
إستعدت للقيام بمهامها المرهقة فوق المعتاد .. فيجب عليها تجهيز البيت كاملاً وتنظيفه مرة أخرى رغم أنه مازال نظيفًا فقد قامت بتنظيفه بالأمس ، لكنها لن تحتمل قسوته وعقابه إذا لاحظ خطأ أو تقصير ولو بسيط وغير متعمد ….
لملمت شعرها الأسود الطويل بضفيرة سميكة مرتديه غطاء لشعرها وملابس مريحه تساعدها على الحركة والتنظيف ….
نظرت بملل وتكاسل نحو هذا البيت الكبير فقد ملت من هذا العمل الشاق طوال الوقت …..
فعلى الرغم من ثراء زوجها وقدرته المالية والثراء الذى يتمتع به ، إلا أنه يرفض تمامًا وبصورة قاطعه أن يكون بالمنزل خادمين على الإطلاق …
ويصر دومًا على الترتيب والتنظيف المَرضي كل يوم حتى إذا لم يتواجد بالمنزل فربما يأتى من سفره القصير على حين غرة دون حتى إخبارها ….
وحتى لو أراد أخبارها لن يستطيع فهو يمنعها من إستخدام أى هاتف ، لتبقى بهذا البيت الكبير حبيسة جدرانه كالأسرى …
إذا سافر للعمل أو للتنزه أو حتى بذهابه اليومي لعمله لابد من أن يوصد الباب مغلقًا إياه بالمفتاح ليتركها وحيدة لا أنيس ولا ونيس ولا حتى هاتف تكلم به أى شخص ولا حتى أهلها ….
لا يختلف وجودها بهذا البيت البهى عن السجن شيئًا سوى رفاهية العيش التى يوفرها لها وتتمنى بكل جوارحها وقلبها أن تتنازل عن كل ذلك مقابل يوم واحد سعيد وسط أهلها … فقط يوم واحد ….
بدأت بتنظيف الدور العلوى بغرفه المتعددة الخالية بالطبع من أى سكان …. وبعد وقت طويل إنتهت من هذه الغرف لتنظف السلم الداخلي وحتى الدور السفلى ….
شعرت بأن كل عظامها قد تكسرت من الإنهاك والتنظيف خاصة وهى لم تتناول شئ منذ الصباح ..
جلست على المنضدة بالمطبخ لتستريح قليلاً ….
حوريه: أااه …. جسمي كله إتكسر …. معدتش قادرة خلاص ….
وقعت عيناها على الساعة لتنتفض مسرعة فقد إقترب موعد عودته … هى تشعر بذلك بالفعل …. فهو لن يتأخر عن ذلك فعادة سفره لا يتعدى الخمس أيام واليوم هو اليوم الخامس …
حوريه بذعر : ياااه …. هو أكيد زمانه راجع …. أيوة … زمانه راجع …. لازم أخلص بسرعة وأعمل الأكل هو دة بس إللى باقى …..
وبدون أن ترتاح أو تتناول شيئًا يكسبها قوة لمجابهة ذلك المجهود الذى يفوق قدرتها يوميًا ، أسرعت لإنهاء ما توجب عليها من أعمال ….
وبعد جهد شاق .. مر الوقت وأخيرًا إنتهت من التنظيف وإعداد الطعام …..
صعدت (حوريه) إلى غرفتها ثم توجهت على الفور بإتجاه المرحاض لتغتسل وتبدل ملابسها ….
وبالفعل فى وقت قياسي أنهت حمامها وتوجهت نحو خزانة الملابس لتجد كالعادة جميع فساتينها وملابسها المتشابهة التى يشتريها لها زوجها …
ملابس فعلاً جميلة وباهظة الثمن لكنها ليست من إختيارها فكلها من إختيار زوجها لها …..
إرتدت فستان أصفر قصير ذو علاقات رفيعة يبرز لون بشرتها البيضاء … وضعت بعض مساحيق التجميل بدون تكلف فكانت جميلة مشرقه وزادها إشراق لون فستانها ….
أسرعت تركض نحو الدور السفلى جالسة بإنتظار وترقب زوجها الغائب منذ أيام لزيارة أهله بمصر وربما اليوم هو يوم عودته إلى البيت ….
___________________________________________
فى أحد السجون ….
بأحد زوايا هذه الزنزانة التى قضى بها أيام وشهور طويلة وليالِ قاسية جلس بهدوء يقرأ القرآن محتسبًا صابرًا منتظر فرج الله القريب فهو يأمل دائمًا فى فرج الله….
إقترب منه أحد المساجين ليجلس إلى جواره متحدثًا إليه محاولاً قضاء الوقت الطويل بأى شئ حتى لو كانت محادثة معادة للمرة الألف فليس هناك ما يساعد على مرور هذا الوقت الطويل …
عزوز : كفاياك وأنا أخوك …. تعال حادثنا .. سامرنا … خلى الوقت يقصر … ما يصير تفضل لحالك طول الوقت ..
إعتدل (عبد الله) وقد نحف كثيرًا منذ أن قدم لهذا المكان القابض للنفس ، سيطر على ملامحه الحزن واليأس …
( “عبد الله” …. أخو (رحمه) الكبير يكبرها بعامان فقط .. ملامحه قريبه جدًا من ملامح (رحمه) وأبيه (إبراهيم) تخرج من جامعته منذ عامين وقرر بدء رحلته بالسفر لإدخار بعض المال كمثل نظرائه الذين يسعون للسفر كطريق مختصر لبدء حياتهم وأعمالهم وتوفير بعض الأموال بطريق أسرع من بقاءه ببلده حتى يستطيع أن يبدأ حياته ، كان كأى شاب فى سنه يريد توفير حياة كريمة له ويؤسس أسرته الصغيرة … )
عبد الله: وهو أنا لو قعدت معاكم ومقعدتش لوحدي دة حيقلل إحساسي بالظلم والقهر يا (عزوز) ..!؟؟؟
عزوز : يا خوى …. بيكفى … مظلوم … مظلوم …. كلنا بالحبس مظاليم يا خوى …. خلاص … ما عاد فيه حيل .. ثماني شهور ظليت تقول مظلوم مظلوم وإيش إللى صار …. ولا شي …. كلنا مثلما تقولون بمصر فى الهوا سوا ……
عبد الله : سيبني على راحتي يا (عزوز) الله يخليك .. أنا حابب أبقى لوحدي ….
عزيز: هاه …. كيف ما تريد….
قد كان (عبدالله) بطبعه شاب متفائل وبشوش لكن الحزن والظلم والإنكسار لم يبقوا من تفاؤله شيئًا فقد سُجن ظلم نتيجة شهادة ظالم جعلته يقضى هذه الثمانية أشهر بهذا المحبس بعيدًا عن الأهل والأحباب ….
كم كان يود أن يرجع إلى حضن بلده ووطنه أو على الأقل يطمئن والديه وإخوانه فهم لايعرفون شئ عنه منذ أن قرر السفر للعمل بالخارج ……
جلس فى إنعزالته يكمل قراءة القرآن وباقى المسجونين ينظرون إليه بحقد لتفضيله دائما البقاء بمفرده فى هذه الزاوية منذ مجيئه إلى هنا ……
___________________________________________
تركيا..
بيت أميمه….
جلست (سيلا) منصتة بإستمتاع فـ (أميمه) أخيرًا ستبوح عما بداخلها وتبدأ بقص حكايتها عليها …
تعلق بصر (أميمه) بإحدى زوايا الحائط وكأنها ترى كل ذكرياتها الحبيسة داخل سجن قلبها ، تتذكر كل تفاصيلها وكأنها حدثت بالأمس فقط ….
بدأت (أميمه) تسرد على مسامع (سيلا) ما حدث ذلك اليوم بالتفصيل …
أميمه: عارفة يا (سيلا)… أنا كنت وقتها فى آخر سنة فى الكلية .. كنت حبوبة أوى وبرضه كنت بتكسف أوى أوى … اليوم ده كنت معزومة على شبكة واحدة صاحبتي …. قعدت أتحايل على بابا أو ماما ييجوا معايا مرضيوش أبدًا وأنا طبعًا كنت البنت الوحيدة وماليش إخوات … فإتفقت مع أصحابي البنات يعدوا عليا نروح كلنا سوا .. وجهزت ولبست فستان طوبي وحطيت ميك أب خفيف ولقيتهم بيرنوا عليا يقولوا لى أنهم مستنيني بالعربية تحت البيت …
نزلت جرى عشان متأخرش عليهم وأنا ماسكة الموبايل والشنطة فى ايدي … لقيت العربية رحت راكبه على طول فى الكرسي إللى ورا ..
سيلا بحماس: أها …. وبعدين….
اميمه مستطردة: إتفاجئت إنى ركبت عربية غلط وفيه ثلاث شباب راكبين العربية واحد جنبى وإتنين قدام … روحي راحت فيها وأعصابي سابت خصوصًا لما إللى جنبي ده بص لي أوى وإبتسم لي … قلت له أسفه أسفه شكلي غلطت فى العربية … مش عارفة قالي إيه من كتر الإرتباك والتوتر إللى بقيت فيه … كان تقريبًا وشي بقى لون الفستان من الكسوف …. نزلت من العربية جرى أدور على أصحابي لقيتهم لسه واصلين بالعربية ركبت بسرعة من غير كلام وأنا حاسه إن قلبي حيتخلع من كتر ما بيدق …. وحضرنا الخطوبة ورجعت على البيت وأنا لسه حاسه أنى مضروبة على دماغي …. تاني يوم وأنا نازله من البيت لقيت واحد واقف على الجنب التاني وشكله مستني بقاله شوية أول ما شافني قرب ناحيتي بسرعة أول ما شفت وشه إفتكرت إنه هو ده إللى كان قاعد جنبي فى العربية إمبارح … بس ملامحه أوضح فى نور الشمس … إنكسفت تانى من إللى عملته إمبارح … لقيته بيقولى إنتِ نسيتي الموبايل فى العربية إمبارح ..
هزيت راسي من غير ولا كلمة كل الكلام ضاع وأنا قلبي عمال يدق تاني جامد أوى مش عارفة من الخضة ولا من الشاب أبو عيون زرقاء ده …
أخدت الموبايل وهو سابني ومشى ولقيته بيلف لي ويقولي وهو مبتسم وكله ثقة وقوة أنا سجلت لك رقمي وأخدت رقمك حرن عليكِ … سلام … وقفت مذهوله طبعًا وأنا مش عارفة أنطق ولا كلمة بس كنت من جوايا مبسوطة أوى…
سيلا بإندهاش: وااو…. ده حب من أول نظرة بقى … وإلا مكنتيش سكتي … إنتِ مش بتسكتي يا (أميمه)… محدش يقدر ييجي عليكِ أو تعملي حاجة غصب عنك….
أميمه : دلوقتِ بس … زمان كنت غير كدة … بس إنتِ عندك حق … أنا دقة قلبي من يومها نفس الدقة لما كنت بشوفه أو حتى تيجى سيرته ….
طارت (اميمه) بذكرياتها بحبها الوحيد ….
(علاء) … وبتذكرها لهذا اليوم الذى لا تنسي تفاصيله على الإطلاق بل وكأنها تراه الآن يبتسم لها وهو يعطيها الهاتف ليتحرك بضع خطوات مستديرًا نحوها مرة أخرى مشيرًا لها بكفه بحركة الإتصال وكأنه يعدها بالإتصال بها ….
ذلك الإتصال الذى ظلت تنتظر دقته كما تنتظر الحياة … ولم يتأخر عنها كثيرًا فبعد وقت قليل دق الهاتف معلنًا إسم غريب بالنسبة لها لكنها أيقنت أنه هو ذو الأعين الزرقاء والشعر الأسود القاتل ( علاء ) ….
تذكرت أول مكالمة ودقات قلبها تتنافر بين ضلوعها وهى توارى إبتسامتها وفرحتها بإتصاله وكأنها تنتظر هذا الإتصال منذ أمد بعيد ….
كم كانت كلماته رقيقة وهو يشرح لها إبتعاده حتى لا يسبب لها الحرج الآن …
وكيف ظل متيقظًا أمام عتبة بيتها طوال الليل لرؤيتها فقد شغلت عقله وتفكيره وربما قلبه بدون إستئذان …..
إنتبهت (أميمه) إلى (سيلا) التى مازالت تحدق بوجهها المشرق بإبتسامه بلهاء رسمت عليه ، لتغمض عيناها على ذكراها السجينة جدران قلبها لتعود متقمصه دور (أميمه) الجاد الجديد الذى أتقنته جدًا خلال السنوات الماضية …
اميمه: (سيلا) … مش نقوم نشوف شغلنا طيب ولا حنقضيها حواديت ….
سيلا: طيب أهو … بس تكملى لى الحكاية بعد شوية ….
اميمه: نخلص شغلنا الأول وبعدين نحكي لما نفضى ….
نهضتا لإستكمال بقيه التصميمات ليتجسد خيال (علاء) أمام أعين (أميمه) بإبتسامته الرائعة وقوته وثقته بنفسه التى أحبتهما به ليظل أعظم ضابط رأته عيناها يومًا …

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ذكريات مجهولة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى