رواية بيت البنات الفصل السادس والعشرون 26 بقلم أمل صالح
رواية بيت البنات الجزء السادس والعشرون
رواية بيت البنات البارت السادس والعشرون
رواية بيت البنات الحلقة السادسة والعشرون
اعترى وجه جنى الصدمة عقب كلمات “روفيدة” التي نطقت بها بإبتسامة صغيرة مترقبة سرعان ما توسعت عندما رأت صدمة الأخيرة.
كان عقل جنى غير قادرٍ على استيعاب هذا القدر من التبجح القابع أمامها على هيئة بشر، كيف له أن يذهب فورًا لخطبة أخرى وهو لتوه قد انفصل عنها؟! ويالا الدهشة!! خطب إبنة خالته التي – من المفترض – هي أخته كما كانت تزعم روفيدة تلك قبلًا.
تلك التي كلما رأتها أخذت تتحاكى عن قصة الحب العظيمة التي تعايشتها رفقة خطيبها السابق أمير وعن مدى حبه لها وعدم قدرته على العيش دونها، الآن وبكل بساطة ذهبت للزواج بآخر متناسية كل هذا؟!!
حتى وإن كان تلك القصة التي تحاكت عنها مزيفة فكيف لها أن تقبل بخطبة جديدة فورًا عقب فسخ الأولى؛ وكأنها انتقت ثوبًا لم يعجبها فقررت إستبداله بآخر وحسب!
لم تكن صدمتها شعورٌ بالخذلان بفعلتهما؛ فهي لم تصل مع عصام لتلك الدرجة من المعاشرة التي تجعلها تحزن على ابتعاده وإنما كانت منبهرة بمظهره الخداع الذي جعلها كالبلهاء تنطلي عليها جميع أكاذيبه، ومع مرور الوقت بدأ ثوبه المزيف – الذي أظهره كشاب ناجح تتمناه أي فتاة – بالانصهار ليُظهر خفاياه التي جعلتها في حيرة من أمرها؛ هل هذا هو الشخص ذاته؟!
ولأنها كانت مرتها الأولى في الارتباط والخطبة لم تكن تعي الكثير عن الصفات الواجب توافرها في رجلِها أو شريك حياتها، سعدت ما إن دق أحدهم باباها طالبًا القربَ والحبَ فوافقت بعد التدقيق في خلفيته وسؤال الناس عن سماته التي شهد الجميع بها.!
وتناست الكثير من مبادئها للزواج التي رسختها بذهنها وشيئًا فشيء بدأت بالاستيعاب؛ هذا ليس الرجل المناسب، هذا ليس الزوج المناسب، هذا ليس الأب المناسب.
وترقبت أفعالها بالأوان الأخيرة تنتظر على أحر من الجمر أن يصدر منه فعلًا يجعلها تأخذ هي الخطوبة وتبتعد عنه حتى جاء ذلك اليوم عندما أخذت تلك المتبجحة روفيدة تطعمه في مكان عام وأمام مرأى الجميع وكأنه بالشيء العادي!
ورغم أنها لم تكن سوى معجبة به إلا أن هناك شيء بداخلها حزن على هوانها عليه بهذا الشكل وكأنها لم تكن سوى تسلية لبعض الوقت.
كانت صدمتها بأمر خطبتهما حقيقي،
ولكنها لن تسمح لهما بالانتصار عليها،
لن تظهر لهما فوزهما بإشعال قلبها.
رفعت روفيدة حاجبها الأيمن وعادت للخلف براحة بعد رؤياها للصدمة التي ارتاحت على وجه جنى بتوسع عيناها وارتفاع حاجبيها، رمقتها بإنتصار وقد أُخمدت نيران قلبها بعد تلك النظرة وظلت تترقب ردها على هذا الخبر الصادم.
وزعت جنى أنظارها المصدومة عليهما، تارة تنظر لعصام وتارة تنظر لروفيدة، تحدثت بصوت يملئه الدهشة وهي تغطي فمها بعدم تصديق: oh la la، ياللهول!
غطى البرود وجه روفيدة وهي تطالعها بنظرات متفحصة: نعم!
ابتسمت جنى ابتسامة واسعة سعيدة وهي تشير على كليهما بكلتا يديها: مش ممكن قَد إيه لايقين على بعض يا آنسة هويدة، أوف على الـus التمام!
وكان هذا ما أعاد إشتعال روفيدة التي فهمت ما ترمي إليه تلك الماكرة أمامها، ونبست جنى بما جعلها تتلوى غيظًا: سبحان الله بجد سبحان الله، ما جمع إلا وفق، تقريبًا أنتوا شبه بعض في كل حاجة اللهم بارك…
وابتسمت عاقدة أصابع يديها معًا فوق المكتب الفاصل بينها وبينهما: ها بقى حابين الباشمهندسة چَنچون تستخدم ورد أسود زي قلبكم ولا أصفر زي وشكم؟؟
صفعت روفيدة المكتب بتهجم واعتدلت في جلستها صارخة بتحذير: خُدي بالك من اللي بتقوليه يا باشمهندسة.
رفعت جنى حاجبها الأيمن ونظرت بهدوء وبرود ليدها التي استخدمتها في طرق زجاج المكتب ثم رفعت وجهها ونظرت لها مردفة دون أن تتخلى عن ثباتها: إيدك لأقطعهالِك يا طِعِمَة.
اخذ صدرها يرتفع ويهبط بإنفعال ثم حولت وجهها بعنف لعصام الذي يجلس صامتًا وكأنه غير موجود، وكأنها لا تعنيه!
فنظرت له جنى وتحدثت متصنعة التذكر: ايوة صح يا أستاذ عصام مقولتليش….
نظر لها بعد أن كان ينظر للفراغ أمامه فاستأنفت ببسمة واثقة وهي تعود للخلف براحة واضعة قدمًا فوق الآخر تنظر للمكان حولها: إيه رأيك في المكان بعد التعديل؟؟ الحقيقة عاوزة أشكرك أنت والبلطجية بتوعَك، لولاكم مكنتش هعرف إن الأبيض الـ Light Purple هيكونوا تحفة كدا في المكان..
ونظرت له مسترسلة: ثانك يو فيري فيري ماتش!
وقفت روفيدة بكل برود متحدثة لعصام وعينها تنظر لجنى بكبر وكأنها نكرة: يلا يا عصام إحنا هنشوف مكان تاني بدل المكان المقرف ده..
– شششش..
خرجت من فم جنى قبل أن تشير بعينيها على الباب الزجاجي للمكتب: برة..
وتابعت وهي تضغط على كل كلمة: برة يا شوية أوباش.
اندفعت روفيدة ناحيتها تريد اقتلاع رأسها بين يديها فسبقتها يد عصام التي قبضت على معصمها تمنعها من الاقتراب، نظرت له وقلبها يحترق لتلك الإهانة التي صمت عنها ثم نقلت بصرها لجنى التي اخذت تنفث الهواء من فمها فوق أصابع يدها ببرود وهتفت بوعيد: ماشي يا باشمهندس، وماله!
نفضت يد عصام ودفعت الباب بقوة مغادرة وبسرعة لحق بها عصام بينما جنى ما إن خرجوا رمت رأسها فوق المكتب وتنهدت شاعرة بثقل كبير فوق قلبها، مسحت بيدها فوق قلبها وحدثت نفسها: أحسنتِ صنعًا يا جنى.
ومن باب إحدى الغرف في المكتب خرجت جميلة تحمل صندوقًا كبيرًا مليء بالزهور، نظرت حولها بدهشة وتحدثت مستنكرة: إيه ده، فين الـ Clients يا جنى.
رفعت جنى وجهها وحدقت جميلة بنظرات مغتاظة لم تفهم الأخرى سببها، وقفت جنى واقتربت منها بغيظ: هما دول الناس اللي عايزيني بسرعة وفي حاجة مهمة يا حبيبتي؟؟
ابتسمت جميلة ببلاهة وعدم فهم لنظراتها وصوتها المكتوم: أيوة هم…
وتركت الصندوق أرضًا وتحدثت بغرابة وهي تفكر بعمق: بس غريبة أوي حسيت إني عارفة الشاب بس مقدرتش أحدد شوفته فين قبل كدا.
– أنتِ عايزة تجننيني يا جميلة؟؟ يامّا ده عصام صباحك فل!
توسعت عيني جميلة وضربت كفًا بالآخر بدهشة حقيقية: أيوة!
أمسكت جنى برأسها وتحركت ملتقطة حقيبتها ومتعلقاتها: ضغطي وطى يا بعيدة منك لله، أنا همشي وأنتِ كمان المغرب تقفلي وتروحي عشان ورانا طريق سفر طويل بكرة، يلا سلام.
ودعتها وغادرت عائدة لمنزلها كي تنعم بقسط من الراحة وتختلى بنفسها في غرفتها الحبيبة لتلقي فوق وسادتها ما يجوش بصدرها من أحزان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقف سلطان على أعتاب باب الغرفة، يتطلع لكل شيء بها إلا عينيها، تلك التي ثار قلبها غضبًا واهتاج سخطًا ونفورًا، تود الاقتراب منه وطعنـ.ـه في قلبِه بسكينٍ تالم كما طـ.ـعنها هو بغدرِه وخيانتِه.
انتبه لصوت تنفسها الذي بات واضحًا لمسامعه، اهتزاز جسدها وإحمرار عينيها الدامعة فابتلع ريقه وتقدم بضع خطوات للأمام ناطقًا إسمها بإرتباك: مـ … منة.
اقتربت هي الأخرى وهتفت بصوت خفيض وصل إليه وبنبرة ساخرة مستهزئة قالت: ألف حمد الله على السلامة، مش كنت عرفتني آجي أستقبلك، تعبت نفسك ليه بس يابو نرمين!
اقترب أكثر وحاول الحديث: منة اهدي عشان نعـ…
قاطعته صارخة به بعدم تصديق: أهدى؟ بتقولي أهدى عادي كدا ولا كأنك دوست على رجلي بالغلط، إيــــه!! مفيش ذرة إحساس؟!!
وارتفع صوتها المقهور أكثر ليصل لخارج الغرفة مقتحمًا بقية غرف المنزل حين تابعت: سبتنا ست سنين هنا متبهدلين أنا وابنتك، عايشين زي اليُتمة وكل اللي رايح واللي جاي يبصلنا بشفقة وصعبنة، يا حرام جوزها ماطلش عليهم طول الست سنين، حقهم! ما البيه طلع برة ونسى نفسه وعيلته، البيه قرر يعيش سنه ويتجوز في الغربة وإحنا هنا نولع ولا نروح في داهية، وكل ده عايزني أهدى؟؟ دنا هطربقها فوق نفوخك ونفوخها يا سلطان!!
التفت بسرعة وأغلق الباب خشية وصول صوتها العالي لمن بالمنزل ثم وقف أمامها وصرخ بالمقابل بإمتعاض لصوتها العالي الغير مقبول بالنسبة إليه: وطي صوتَك ده الأول بدل ما أطربقها أنا، قولتلك اهدي عشان أفهمَك أنا عملت كدا ليه.
دفعته في صدره بغضب أعمى وصرخت بجنون: يا بجاحتك ياخي! يا بجاحتك! ليك عين تقف قدامي كدا عادي؟! ليك عين تتكلم أصلًا وتقول حاجة؟
شهر سبابته أمام وجهها ونبس محذرًا: أنا ساكت لحد دلوقتي عشان مقدر اللي أنتِ فيه، أقسم بالله لو ما لميتِ نفسِك ولسانِك يا منة أنتِ حرة.
نظرت حولها بجنون وقد فقدت عقلها جراء كلماته المهددة، ذلك الذي تغرقه خطاياه حتى رأسه يقف أمامها بكل برود يريد الدفاع عن نفسه؟؟
تحركت نحو فراشها وانخفضت أرضًا ملتقطة قنينة المياه الزجاجية ودون أن يستوعب سلطان ما تهم على فعله وفي لمح البصر اقتربت منه بأعينٍ بارقة وهبطت بها بغلٍ فوق رأسه فتهشمت الزجاجة لمئات القطع منتشرة حولهما.
سقط سلطان أرضًا فاقدًا وعيه وبدأت الدمـ.ـاء بالانهمار من رأسه لتغطي وجهه وعنقه وهي تقف أمامه تطالعه أرضًا متنفسة بعنف وجسدها يهتز بقوة بسبب انفعالها.
وأخذت تصرخ بجنون وإنهيار ولم يبدو عليها إدراك ما حدث وما فعلت: اسكــت، اسكــت بقى وبطل كلام، أنت إيــــه؟! إيــــه حرام عليك، شيطــان؟!
وافترشت الأرض بجواره وهدرت به بعد أن التقطت ملابسه بين يديها: جاي عايز تسكتنـي بعد عملتك السودا دي إزاي، هتعمل إيه لو ما سكتش؟؟ إنطـــق!!
اقتحمت في تلك اللحظة نرمين الغرفة ونظرت أرضًا حيث والدها جثة هامدة لا حول لها ولا قوة، توسعت عيناها بصدمة وهرولت تجاهه صارخة بفزع: بابا!
•
وصلت السيارتان واصطفتا أمام بناية عائلة الهلالي وترجل كلٌ من حامد وتوفيق من السيارة الأولى ومن السيارة الثانية هبط الشباب.
ولج توفيق أولًا من البوابة الكبيرة فتفاجئ من غياب صبحي الحارس وعدم وجوده بالارجاء، التفت إلى أخيه حامد الذي بادر بالسؤال: أومال الحج صبحي فين؟؟
نظر توفيق حوله وكذلك البقية بحثًا عنه وأجاب أثناء ذلك بحيرة: والله ماعرف سايب البوابة مفتوحة كدا وراح فين!
تدخل سامر في الحوار وهو يقترب من هما: تلاقيه يا عمي راح الحمام أو السوبر ماركت، متقلقش يعني.
اومأ توفيق بالإيجاب وتحرك صاعدًا للأعلى مع الجميع وفي المنطقة بين الطابقين الأول والثاني التقوا بصبحي يهبط السلالم لاهثًا بتعب.
قطب حامد جبينه وسأله وهو يتفقد حاله: إيه يا صبحي كنت فين وسايب الحتة مفتوحة تحت كدا، في حاجة حصلت على السطح ولا إيه؟؟
أجابه الرجل بإبتسامة وهو يرفع جلبابه: لأ ده الأستاذ سلطان رجع بالسلامة وكنت بطلعله الشنط بتاعته هو والمدام..
وما إن استمع حامد لتلك الكلمات حتى شق طريقه للأعلى بسرعة خاطفة دون أن يستمع لباقي حديث الرجل ولحق به توفيق بسرعة خشية غضب أخيه الأكبر والذي قد يلحق الضرر بسلطان الطائش.
كان يتخطى سلمتين في كل خطوة لكي يلحق به وهو ينادي صائحًا: استنى يا حامد!
وقد استمع لهذا النداء كلٌ من وجيهة وشهيرة القابعتان بشقة توفيق، نظرتا لبعضهما البعض بقلق لما هو مقبل عليهم و وقفت شهيرة متحركة صوب الباب بتوتر: أنا هطلع وراهم يا وجيهة، قلبي مش مطمن.
لحقتها وجيهة سريعًا تقف أمامها مانعة إياها من الخروج: تروحي فين بس يا شهيرة، استهدي بالله واستني هنا معايا إحنا مش عارفين إيه اللي هيحصل فوق، بعدين كله هيبقى كلام رجالة ملناش دعوة بيه إحنا يختي!
نفت شهيرة برأسها والقلق ينهش بقلبها: لأ لأ أنا عارفة حامد مابيشوفش قدامه وهو متعصب، خليني أطلع بدل ما يعمل حاجة ويودي نفسه في داهية بالله عليكِ.
ربتت وجيهة على ذراعها مطمئنة إياها بكلماتها: متقلقيش توفيق معاه وأكيد عيالِك برضو، وساعة ما نحس بأي حاجة هنطلع من نفسنا..
جذبتها للجلوس مرة أخرى وهي تردد “استر يارب” تتدعوه أن ينتهي اليوم بسلام ودون أي ضرر…
وصل حامد أمام شقة أخيه سلطان وتأكد من صدق حديث الحارس صبحي عندما رأى حذاءه أمام الباب، رفع يده طارقًا الباب بقوة وعنف وهو ينادي بتجهم وصياح: سلطـــان!
جذبه توفيق: اهدى يا حامد وخلينا نقعد معاه ونتكلم براحة.
دفع حامد يده وطرق من جديد وكأنه لم يستمع لحديث شقيقه: افتح يا سلطان.
وقف أبناؤه خلفه يحاولون هم أيضًا تهدئته والحديث معه، تحدث طارق برجاء دون أن يمسسه: لو سمحت يا بابا أنت لازم تسمع كلام عمي..
وبتر حديثه عندما رماه حامد بنظرة ثاقبة أخرصته وجعلته يتراجع، وكذلك فعل الجميع عندما هدر بصوت مرتفع: بقولكم إيه محدش ليه دعوة بيا.
انفرج الباب وظهرت من خلفه نرمين التي كانت تبكي بعنف، أشارت للداخل بأيد مرتجفة وصوت خرج بصعوبة: بابا..
اندفعوا جميعًا للداخل بسرعة بعد رؤيتهم لهيئتها ولحقت بهم هي الأخرى مشيرة على الغرفة التي يتواجد بها، وعندما ولجوا صدموا بأخيهم وعمهم أرضًا كالجسد بلا روح ولجانبه تجلس منة لازالت تحادثه ببكاء ولم تعي بعد لما يحدث حولها.
بالغرفة التي توجد بها حلمية زوجة سلطان الثانية وإبنهما كمال، أقلقتها تلك الضجة التي حدثت خلال حديث سلطان ومنة ولكنها لزمت مكانها تنفيذًا لأمر زوجها ولكن عندما استمعت لصوت التحطيم وصراخ نرمين بـ”بابا” وبعدها تلك الهمهمات العالية بالمكان لم تستطع الثبات وقررت الخروج فورًا بعد أن احتل القلق قلبها.
ولجت من باب الغرفة الوحيدة التي وجدتها مفتوحة وياليتها ما فعلت..
رأتهم يحملون زوجها ويضعونه فوق ظهر رجل بمعاونة آخر وبضع شباب، كانوا جميعهم غرباء بالنسبة لها فلم تتعرف على أيٍ منهم ولم تنتبه لهم بالأساس، لم يشغل بالها سوى هذا الأشبه بالأموات الذي تسيل الدمـ.ـاء من رأسه دون توقف.
– سلطان!
صرخت بإسمه وهي تهرول تجاهه بفزع وإرتعاب، كادت تقترب منه لولا وقوف حامد الذي كان يحمله وتحركه للخارج بسرعة، عجبًا لهذا الرجل! منذ دقيقة واحدة كان على وشك الفتك به والآن بعد أن رآه هكذا كان أول من تحرك ليعطيه ظهره كي يستند عليه!
كادت نرمين تلحق بهم فأوقفها مَجد بسرعة: استني يا نرمين!!
وزعت بصرها بينه وبين الباب بعد أن توقفت وتابع هو متحمحمًا: البسي حاجة عليكِ الأول، مينفعش تخرجي كدا.
نظرت لجسدها ولما ترتديه وهرولت بسرعة لغرفتها لترتدي شيئًا بينما مَجد لحق بالبقية، ودقائق وصار البيت فارغًا من الجميع عداها هي، تلك التي ظلت أرضًا تنظر للفراغ أمامها بصمتِ وخواء، وجهها خالي من التعبيرات وجسدها مرتخٍ كما الجثة الميتة، روحها وعقلها في مكان بعيد عن الواقع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومر أسبوع وبضعة أيام ظل خلالهم سلطان بمنزل عائلة حلمية زوجته والتي رفضت رفضًا قاطعًا عودته لمنزله حيث تلك المتوحشة زوجته والتي تسببت بما حدث.
أما عن سلطان فلم يكن يستوعب بعد ما حدث وكيف انتهى بها المطاف بهذه الوحشية والهمجية، لم تتردد للحظة واحدة عندما قامت بكسر القنينة فوق رأسه، لم تفكر حتى بعواقب فعلته ونتائجِها، فقط فعلتها.!
وفي بيت حامد الهلالي وفي وقت الظهيرة تحديدًا، كان يجلس في شرفة المنزل يحتسي كوب الشاي الذي أعددته زوجته شهيرة له، عندما ولجت شهيرة واقتربت لتجلس بجانبه متحدثة بحذر: برضو يا حامد مش هتروح؟؟
ظل صامتًا ولم يجيبها وهو يعلم عما تتحدث في حين تابعت هي: ده مهما كان أخوك برضو، وكان المفروض تروحله من وقت اللي حصل تطمن عليه وتشوف لو عايز حاجة أو محتاج حاجة.
وضع الكوب من بين يديه على السور أمامه وتحدث دون أن ينظر لها: أنا اللي عنده قولته، لا أنا رايحله في حتة ولا ليا دعوة بيه وكل واحد يتحمل نتيجة غلطه، لكن البيه يعمل الغلط ونيجي نكلمه يطيح في الكل ويبجح وبعد ده كله المفروض نشيله على راسنا ونقوله حمد الله على السلامة ومعلش؟؟
ونفى برأسه بإمتعاض وهو يُكمل: الحمد لله أمي ماتت قبل ما تشوف ابنها الراجل واللي بيعمله، كان زمان جرالها حاجة لو عرفت اللي عمله، وهو يحمد ربنا إن أبوه مش عايش وإلا زمانه كان متساوي بالأسفلت والأرض اللي ماشي عليها..
وابتسم بسخرية مستطردًا: وهو مفيش حاجة مفرعناه ومخلياه رافع راسه كدا غير موت أبويا الله يرحمه، لو كان عايش مكنش يتجرأ يعمل عملته الزفت دي ولا كان هيعرف يرد ويبجح زي ما بيعمل.
تنهدت شهيرة ووقفت تغادر بعد أن علمت أنها لن تصل بحديثها معه لنتيجة، تحركت ناحية باب المنزل الذي طُرق بابه ونظرت من الفتحة الصغيرة به فتفاجئت بوجه توفيق الذي صعد للحديث مع أخيه بأمر هام.
تحركت لغرفة سامر الذي وقف أمام المرآة يتفحص هيئته بإبتسامة راضية عن مظهره وأشارت له بخفة متحدثة بصوت منخفض: تعالى افتح لعمك.
ولج توفيق ملقيًا السلام وتحرك مباشرة للشرفة بعد أن أخبره سامر بوجود والده بالداخل، ألقى التحية وجلس لجانبه ثم نبس: كنت عند سلطان من يومين وكلمني في موضوع كدا قولت لازم أعرفك الأول وتشوف هتعمل ايه.
قطب حامد جبينه بضيق عندما استمع لإسمه ثم التفت لأخيه وسأل: موضوع إيه؟؟ أنا مش طايق أسمع سيرته الواد ده أصلًا!
نظر توفيق أرضًا يفكر في طريقة جيدة يفتتح بها الحوار في هذا الأمر مع أخيه الذي يغضب من أقل الأشياء، وتنهد مردفًا بحيرة: والله ما عارف أقولك إيه يا حامد!
ونظر له مستأنفًا بعد أن رأى ترقب الأخير وانتباهه له: أنا كنت بتطمن عليه بعد اللي حصل والكلام جاب بعضه لقيته بيقولي إنه مش هينفع يفضل قاعد عند أهل مراته كتير وكدا..
قاطعه حامد بحدة وسخط: وهو البيه عنده د.م وبيتكسف زي البني آدمين عادي كدا؟؟ طب ما يجي يترزع في بيته من سكات! ولا ماهيعرفش يقعد الضراير سوا؟
قال الجملة الأخيرة بسخرية لاذعة فابلتع توفيق ريقه ونظر من الشرفة حيث المباني السكنية المرتصة وغيرها، ثم أعاد بصره لأخيه وقال بإرتباك: هو قالي على حاجة يعني عشان يحل بيها الموضوع ده وكدا بس أنا مادتوش كلمة لحد دلوقتي، وقولت آجي اعرفك الأول عشان الأمر كله بإيدك..
التفت له حامد بكامل جسده وقد ساوره الشك عن ما يرمي إليه توفيق فارتقب لبقية حديثه الذي كان بمثابة قنبلة ألقاها بوجهه: سلطان عايز يقعد في شقة أمك وأبوك الله يرحمهم هو ومراته وابنه..
برقت عيني حامد وعقد حاجبيه وهو يحدق بوجه أخيه راميًا إياه بنظرات كالسهام القاتلة، استمع توفيق لصوت تنفسه العالي والذي يعلن عن مدى غضبه وتجهمه.
زفر وحاول الحديث كي يهدء من روعه ولا يجعله يثور أو يصرخ: أنا مرضتش أرد عليه، قولتله ربنا يسهل وإن الكـ..
ولكن كانت تلك محاولة فاشلة منه،
فإن ظن أنه سيستطيع أن يخمد تلك النيران التي نُشبت في صدر أخيه ببضع كلمات فهو مخطئ.
اخرسه حامد بصراخه العالي وهو يلوح بيده في الهواء: ربنا يسهل؟! دا بدل ما تدخل صوابعك العشرة في عنيه البجح الواطي ده، اسفوخس عليه الزبالة اللي بيتقال عليه راجل ده، راجل بالإسم بس والإسم عمره ما يبقى أصل!
صمت لبضع ثواني وأخذ يلتقط تلك الأنفاس التي هدرها في الصراخ ثم نظر له مرة أخرى مسأنفًا: تروح تقوله الكلب ده إنه ملوش مكان في حتة أبويا وأمي، خليه يلم نفسه بدل ورب الكعبة أحلف ما يخش البيت كله تاني وساعتها يبقى يوريني عرض أكتافه سي الرجالة اللي متجوز اتنين بدل الواحدة.
وغادر توفيق بعد هذا الحوار الذي انتهى برفض حامد للأمر وإرساله للتهديدات والتحذيرات لسلطان وتحرك لفتح مكان عمله، حيث هو مسؤول عن إدراة محل كبير للأدوات المنزلية والكهربية يوجد بالقرب من البيت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– على فكرة الزوجة الصالحة بتقوم تجهز لجوزها الشُنط واللي محتاجه قبل سفره.
نطق بتلك الكلمات ناصر الذي يقف أمام خزانة ملابسه “الدولاب” يخرج منها بعضًا من ملابسه ومتعلقاته التي سيحتاج لها في سفره.
قالها ببسمة يداعب بها تلك العابسة التي تجلس فوق السرير، وضع ما أخرجه بالحقيبة ثم اقترب ليقف أمام عينيها – التي تشيح بها عنه – مباشرةً، ضيّق عينيه وقال بنبرة تشكيكية: بس ده مكنش إتفاقنا يابنت عمو توفيق!
نظرت له ندى بإستنكار ثم صاحت بغيظ: أيوة فعلًا مكنش اتفاقنا، أنت مش قايلي إنك واخد شهر إجازة يا ناصر؟! ماشي إزاي دلوقتي وإحنا في الأسبوع التاني لسة!
أرجع رأسه للخلف ضاحكًا بخفة على انفعالها وسخطها اللطيف مما أثار استفزازها وزاد من اكفهرار وجهها فعقدت ذراعيها أمام صدرها ونظرت لجانبها مبعدة عينيها عن وجهه المحبب.
رفع جزعه لينظر لوجهه الذي أبعدته وبمزاح قال: هتروحي مني فين يعني..
نظرت له وثبتت بصرها فوق وجهها بحزن حقيقي هذه المرة فابتسم بهدوء وانتشل يُمناها بين كفيه موضحًا ومعللًا لها بجدية: أنا لما قولت شهر يا ندى كان قصدي من بداية اللي حصل مش من وقت رجوعِك، وبالفعل عدى شهر إلا كام يوم والشغل كدا هيتأخر ويعطل خصوصًا إني المسؤول دلوقتي في المكان اللي شغال فيه ومشرف على أكثر من عامل ودول برضو عندهم مسؤوليات ومينفعش أتأخر عنهم أكتر من كدا.
كانت بداية شهر الإجازة عند وفاة ابنته فلم يُرد أن يقولها صريحة كي لا يؤلمها ويجعلها تحزن فاكتفى بجملته الأولى فقط التي فهمتها على الفور.
تجمعت الدموع بعينيها فأخفضت رأسها سريعًا والتزمت الصمت أمام حديثه فتنهد ومسح على يدها بحنو: هم تلات أسابيع بالظبط وهرجع تاني، متعيطيش بقى عشان أعرف أمشي.
باتت تكره لحظات الوداع وتهابها؛ لا تعلم إن كان سيعود لها بعد هذا الفراق المؤقت، لا تعلم ما ينتظرها في غيابِه، سيرحل ومعه سيرحل أمانها وراحتها.
اومأت برأسها وأردفت بصوت مختنق: أيوة هتيجي اسبوع وترجع تمشي تلات أسابيع تاني!
قطب جبينه مداعبًا خدها: والإجازات يا مسكرة؟! أول ما هخلص المكان اللي شغال فيه هاخد اجازة شهر بحاله وآجي أقعد مع الملكة هنا.
مطت شفتيها بتذمر فاقترب مدخلًا إياها لأحضانه في عناق دام لدقائق بصمت من كليهما، تنهدت داخل عناقه فمسح على رأسها للمرة الأخيرة قبل أن يبتعد بإبتسامة: قومي بقى يا زوجتي الصالحة هاتيلي طبق الچيلي اللي عملتيه امبارح على ما اخد دش في السريع.
اومأت بإبتسامة صغيرة لم تصل لعينيها وتحرك هو أولًا ليتابع ما كان يفعله قبل قليل ووقفت هي لتحضر ما طلبه ولازال قلبها حزين رغم الرضا الذي تحاول إظهاره له.
وبعد قليل كان يقف أمام باب المنزل وهي تقف خلفه كما الظل الملازم صاحبه، نظرت له وأخذت تتفحصه بنظرات شملته من رأسه حتى اخمص قدميه، بدايةً من قميصه القطني الأسود والذي ضغط على أضلاع ذراعيه مبرزًا إياها مرورًا بالبنطال الكلاسيكي الأسود حتى حذاءه الأبيض والذي يحرص على نظافته أكثر من نظافة خزانته حتى!
رفع حاجبيه بدهشة للضيق الذي اعترى وجهها ووجدها مثبتة بصرها فوق معصمه الذي تلفه ساعة سوداء فخمة زادت من جاذبيته ثم عاد لينظر لها متسائلًا بغرابة: مالها الساعة؟؟
نظرت له ندى بشك واقتربت خطوة للأمام: أنت اللي مالك؟؟ أنت متشيك كدا ليه يا ناصر؟؟
استمع لجملتها تلك وظل صامتًا للحظة قبل أن ينفجر ضاحكًا وهو لا يصدق تلك الكلمات، احتدت نظراتها وهي تشير لعروق ذراعيه البارزة والفاتنة: ولابس بنص كم اشمعنا النهاردة؟؟ مانت طول عمرك بتلبس القمصان اللي بكُم طويل!
– اقسم بالله ياستي أنتِ اللي شاريالي دول، أنتِ مصطبحة يا ندى؟؟
تسائل بدهشة فلوت فمها بغيظ وأخذت تتمتم مع نفسها، ابتسم واقترب خطوة هو الآخر ممسكًا بكتفيها: أدخل أغير؟؟
ابتسمت بخفة لمحاولته إرضاءها ونفت برأسها تجيبه: لأ هتتأخر كدا..
ونظرت لها مستأنفة بتهديد مصطنع: بس الكلام ده ميتلبسش غير النهاردة بس، أنت خارج من بيت فيه نسوان حِمشة!
ضحك عاليًا على كلماتها واتسعت ابتسامتها وهي تلقي بنفسها في هدوء وتمهل داخل أحضانه، حاوطته مسندة رأسها على صدره وفعل المثل وهو يجذب رأسها عليه.
– متتأخرش يا ناصر، ارجع بسرعة.
– عينيا ليكِ، هخلص بسرعة بسرعة وأجيلك.
ابتعدت عنه أولًا: كلمني أول ما توصل، ماتاكلش من برة كتير ولو احتجت أي حاجة في المطبخ كلمني على طول.
اومأ بإبتسامة: وأنتِ كمان…
سكت لبضعة ثواني قبل أن يستطرد متنهدًا: عارف إن صعب عليكِ تكوني مع هايدي لوحدكم خصوصًا قصاد دماغها الناشفة دي بس معلش الكام اسبوع دول بس على ما أرجع، تجنبيها لو ضايقتِك وماتدخليش معاها في حوارات ولا هي ولا أمي.
حركت رأسها بهدوء وقد بدأ القلق يتسرب إلى قلبها وهي تتخيل الكثير والكثير من المشاكل التي ستداهمها بوجود هايدي معها بنفس المكان وحاولت تطمئنة نفسها بكلماته.
ودعته وهبطت معه حتى البوابة الرئيسية بالأسفل، لوحت له وأكدت عليه بأن يكون حذرًا في القيادة وأن يتمهل وبعد أن اختفى عن مرأى عينيها التفت وصعدت بسرعة لبيتها وحصنها تحتمي به من شرور حماتها التي بالتأكيد ستستغل غياب ابنها كما كانت تفعل سابقًا.
وبالقرب من المكان كانت هايدي تسير بشرود وبطئ وهي لا ترى الطريق أمامها لغياب تركيزها عن الواقع كعادتها في الأوان الأخيرة، لتوها انتهت من الاختبار الأخير لها بالسنة والأخير لها بحياتها الدراسية كذلك ورغم سعادة جميع زملاؤها واحتفالهم بهذا الا انها كانت الوحيدة التي غادرت فورًا دون أن تودعهم أو تشاركهم تلك الفرحة بإبتسامة صغيرة حتى.
كانت علاقتها بالأساس مع زملائها هؤلاء شبه منعدمة، طوال سنواتها الأربع بالكلية لم تستطع تكوين اية صداقات وذلك بسبب أسلوبها الجاف وطريقتها الفظة التي تجيد تمثيلها.
لا تريد أن يقترب منها أحد،
هي مكتفية بنفسها ولا تريد سواها،
تتمثل سعادتها في كوب من خليط اللبن والقهوة وبعض المخبوزات التي تأكلها وهي تشاهد مسلسلها المفضل بسعادة حقيقية، إنها الحياة الرائعة بالنسبة لها والتي لا تريد لأي مخلوق بالتدخل بها وإفسادها.
قطع عليها الطريق وهو يقف أمامها فجأة متسببًا في إرتعابها وخوفها لظهوره المفاجئ: عَو!
قال بإبتسامة واسعة وهو ينخفض لمستوى وجهها فنظرت له بوجه متجهم وصرخت به بغضب وهي تعود خطوة للخلف فزعة: عَو لما يلهفَك، أنت مش هتبطل الحركات دي يا أستاذ عادل ولا ايه؟؟ عيب اللي بتعمله ده إحنا مش عيال!
انتصب واقفًا بإعتدال ثم رفع كتفيه بلا مبالاة: هبطل لما تبطلي أنتِ، ها هنفضل على الحال ده كتير؟؟
واختفت المسافة بين حاجبيه وهو يسترسل بإمتعاض: الواد فتحي ابن عمتي قرأ فاتحة من يومين وأنا لسة هنا محلك سر، مش عيب فتحي يقرأ فاتحة وأنا هنا بلف وراكِ زي الوزة البلدي كدا؟؟
أصدرت صوتًا ساخرًا من بين شفتيه اعقبه صوتها وهي تجيبه بتهكم لاذع: اقرا المعوذتين والكرسي ونام على جنبك اليمين واتغطى، فكك مني بقى عشان لو وقفت على إيدك برضو مش هوافق.
وسارت للأمام تتابع سيرها فلحق بها عادل بسرعة ليتحدث وهو يسير جانبها بخطوات سريعة كي يجاري سيرها: جارتي يا قاسية كفاية دلع لحد هنا، أنا اتمرمط الأسبوع ده بما فيه الكفاية، ايه رأيك تمرمطيني في تجهيز شقتنا بدل ما تمرمطيني في الجَري وراكِ كدا؟؟
وقفت فجأة فوقف هو الآخر مبتسمًا برجاء ولكنه زفر بيأس عندما هتفت ببسمة صفراء: طب ايه رأيك أنت أمرمطك في السجون، اهي كدا أشيك وأحسن!
إبتسم بسمة واسعة أظهرت التجاعيد اللطيفة حول عينيه: على قلبي زي العسل!
وصلت للطريق المؤدي للحارة التي يتواجد بها منزليهما فرمته بنظرة مشتعلة وقالت محذرة: ملكش دعوة بيا لو سمحت، أنا عاملة حساب للجيرة ولكن لو تخطيت حدودك هتشوف وش وحش محبش أوريهولك.
توسعت عيناه بدهشة: هو في أوحش من كدا؟؟
تركته وغادرت وظل هو واقفًا في مكانه، اختفت البسمة التي كانت تزين ثغره واحتل اليأس والأسى وجهه عقب مغادرتها، تنهد واضعًا يده بخصلاته ثم بعثرها بغضب وضيق وقد أثقله رفضها ذاك وأتعبه.
هو أيضًا بشر!
لديه حد أقصى من الطاقة وصبر محدود،
لن يركض خلفها طوال حياته، ولكن رغم هذا لا يريد سواها، فما العمل؟!!
لا يعرف كيف عليه أن يختار؛ بين حبيبته ومعذبة فؤاده وبين راحته واستكانته، هل سيقضي الباقي من عمره يتمنى رضاها؟؟ أم أنه يجب أن يختار أخرى غير حبيبة القلب ليكمل معه دربه بالحياة؟!
وبهذا سيفقد حبَه ويتألم قلبه،
ويظلم فتاة مسكينة لا ذنب لها بما هواه الفؤاد.
هكذا هي الحياة دائمًا، تضعك في اختيارات قاسية لا مفر منها أو رجعة عنها، وإما أن تتقبل ما اختير لك وتعيش برضا واقتناع لما قُدر لك، أو ترفض وتفنى حياتُك وتدفن مع أمنياتك ومرادِك.
وها هو عادل يعيش أقسى ما اختارته له الحياة يومًا، وإما أن يبتعد ويتقبل رفضها أو يستمر في معاناته تلك حتى ترضخ له بالنهاية…
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت البنات)