روايات

رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم سماح نجيب

رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الثامن والخمسون 58 بقلم سماح نجيب

رواية لا يليق بك إلا العشق الجزء الثامن والخمسون

رواية لا يليق بك إلا العشق البارت الثامن والخمسون

لا يليق بك إلا العشق
لا يليق بك إلا العشق

رواية لا يليق بك إلا العشق الحلقة الثامنة والخمسون

لا يمكنها أخذ قوله إلا على محمل المزاح ليس أكثر ، ورغم ذلك توترت تلك العضلة قرب فـ ـمها بعدما أمعنت النظر بوجـ ـهه ورآت معالم الجدية تكتنفه قاطعة أى شك لديها بأنه يمزح معها ، حاولت إستجلاب ما ترطب به جوفها بعد ذلك الشعور بالدهشة الذى ساهم بجعلها تشعر بذلك الجفاف بفـ ـمها وحلقها ، ولكن كأن توترها وإرتباكها ساهما بأن تفشل بفعل ذلك ، أغلقت عيـ ـنيها وفتحتهما عدة مرات ، لعلها تعيد التركيز والتمعن بما قاله ، ولم تحصل على إجابة ، سوى أن أدم ربما يفعل ذلك من أجل غرض الإستيلاء على بعض الأموال الخاصة بتلك العائلة العريقة والثرية ، فالثراء الفاحش لتلك العائلة ، جعلها مطمع للكثير من الناس ، ولكن حتى لو كان ذلك غرضه ، فبإمكانهم كشف الحقيقة بأتفه الطرق ، حتى إن كان أفراد العائلة أثرياء ولا يشكل خسارة بعض الأموال فارق لديهم ، إلا أنهم ليسوا حمقى ليصدقوا أدم أو غيره
رفعت راحتيها ومـ ـسحت وجـ ـهها ولكن علقت أصابعها قريباً من ثغرها ، ربما لتستطيع إخفاء فـ ـمها الذى فغرته بدهشة ، بعدما عادت لتفكر فى الأمر بجدية ، ولم تأتيها تلك اللمحة من أن ربما أدم محقاً بما قاله ، إلا عندما تذكرت تلك القصة التى قصها عليها راسل من أن عاصم وقع ذات مرة بشرك إمرأة أجنبية وساهمت بتحطيم علاقته بغزل ، وكان ذلك أحد الأسباب لفراق عاصم وغزل طوال أعوام طويلة ، وتأكدت من الأمر عندما سمعت هذا الحديث من غزل بإحدى الجلسات النسائية بحديقة القصر ، فلو صح ذلك ، ستندلع حرب أخرى غير تلك الحرب التى إندلعت بعودة راسل
سهواً قضمت ظفرها وقالت بنبرة متقطعة:
– ا ا بـ ـن عا صـ ـم النعمانى إزاى يعنى ، أكيد أنت بتهزر يا أدم
أمعن أدم النظر بها ورفع حاجبه ، دلالة على أنه لم يأخذ بدهشتها المزيفة ، إلا أنه رد قائلاً بهدوء :
– أنا عارف أنك متأكدة إن مبهزرش يا حياء ، وأكيد سمعتى عن اللى حصل زمان بين عاصم النعمانى والست الأجنبية اللى قضت معاه ليلة فى فندق ، وكانت السبب فى أن جوازته تبوظ من البنت اللى كان بيحبها وإسمها غزل الزناتى
تعالت وتيرة أنفاسها المضطربة ، والتى راحت تنخر برئتيها كالخناجر ، إلا أنها عززت الأمر إلى أن ما حدث من خلاف بين العائلتين يعلم به الكثير من الناس ، وربما علم هو أيضاً من حديثه مع أحد لرغبته فى معرفة كل شئ عن محيط تلك العائلة التى تنتمى إليها ، وإستطاع حبك قصته متذرعاً بأنه هو نتاج تلك الخطيئة التى حدثت بالماضى ، ولم يغفل عن شئ كون أن عمره الذى ربما تخطى الخامسة والعشرون ببضعة شهور كان الأنسب لأن يكون العمر المفترض لإبن عاصم النعمانى من تلك المرأة الأجنبية
تسلحت حياء بقوتها وعدم تصديقها لذلك الهراء الذى تفوه به ، فردت قائلة بتهكم :
– ما اللى أنت بتقوله ده أكيد فى ناس كتير عرفاه لأن حصل خلاف كبير وقتها بين العيلتين ، يعنى اللى بتقوله ده مش دليل ولا كافى إن أصدق اللى قولته يا أدم
هو متيقن من أن لا أحد سيصدقه ، ولن يقبل أحداً من أفراد تلك العائلة بأن ينتمى إليهم بحكم تلك الدماء والنسب المجهول الذى يحمله ، ولكنه لم يشى ويفشى بأمره لها ، إلا لأن تعلم بأنه ليس غريباً ، بل بحكم العادات والتقاليد الشرقية فهى زو جة عمه ، ولا ينكر أنها راقته كثيراً أول مرة رآها بها ولم يكن يعلم من تكون ، ولكن ما أن علم أن زو جها والذى من المفترض أنه عمه كونه إبن عم والده الحقيقى ، إستمات بالتقرب منها ، لعلها تكون هى خطوته الأولى بأن يدخل ذلك القصر العريق ، والذى يحكمه رجل سمع عن سلطانه ورده الحقوق لأصحابها ، فهو صاحب حق حتى وإن كان لم يعلم به إلا من وقت قريب
زفر أدم زفرة مطولة ورد قائلاً بهدوء وهو يحدق بتلك الصخرة الكبيرة والقريبة منهما :
– أنا عارف أنك مش هتصدقينى ، ولا أنا قولتلك علشان عايز منكم حاجة ، أنا مش عارف ليه قولتلك ، مع أن كنت ناوى أسافر فرنسا بعد يومين ، وأحاول أنسى أن شوفتك أو عرفت أن جو زك المفروض يبقى عمى ، أنا ماما قالتلى على اللى حصل زمان وأن فى واحد هو اللى طلب منها تعمل كده فى عاصم النعمانى مقابل أنها تاخد منه مبلغ مالي ، وفعلاً عملت اللى طلبه منها ، رجعت فرنسا وبدأ مشروعها الخاص للعطور ، بس معملتش حساب أنها تحمل فى طفل من ليلة قضتها مع واحد مكنش فى وعيه ولا حاسس بحاجة ، كبرت وأنا أعرف أن والدى مات بعد ما اتولدت بكام شهر ، لحد ما ماما تعبت وقبل ما تموت قالتلى على الحقيقة كلها ، وأن والدى الحقيقى مصرى وإسمه عاصم النعمانى بس هو ميعرفش ان له ابن ولا كان له ذنب فى اللى أمى عملته ، علشان كده فكرت أسافر من غير ما أقابله ولا أعرفه إن أنا إبنه ، لأن مش حابب أعمله مشاكل زى ما حصل زمان
إن حاولت مهاجمته والطعن بحديثه ستكون ظالمة ، لأنه لم يحاول أن يبدى لها نوايا سيئة من تصريحه بنسبه لعائلة النعمانى ، حتى ذلك الأمر المتعلق بالمال ، عادت وتذكر أنه شاب ثرى ومطرب مشهور ويربح أموالاً طائلة ، لذلك لن يكون المال همه الأول ، ولكن خشيت التفكير بذلك الإحتمال ، الذى سيضفى على معرفته بها شرعية ، ترى أنها بغنى عنها ، فإن علم الجميع بمن يكون ، فربما لن تجد لدى عاصم أو رياض مانعاً لأن يقيم معهم بالمنزل ، خاصة أن عاصم ربما سيبتهج قليلاً لعلمه بأن لديه إبناً شاباً كأدم ، وهو من يعيش حالياً بدون أولاد
حدقت به لثوانِ وما لبثت أن تساءلت بفضول :
– طب أيه اللى خلاك تقولى على حقيقتك ده طالما كنت ناوى تسافر من غير ماحد يعرف الحقيقة إذا كان اللى قولته حقيقة فعلاً
ركل أدم الأرض الرملية بحذاءه وتنهد بعمق ورد قائلاً بحيرة :
– مش عارف حياء ليه قولتلك ، جايز أرتحتلك ، أو جايز أنا ….
رفعت يدها دلالة على أنها لا تريد سماع سبباً أخر سيساهم بتعقيد أمورها ، فبتر أدم حديثه على الفور وإلتزم الصمت الذى نمى بينهما وأرتفعت أسواره حتى ظن كل منهما أنه يقف على الشاطئ بمفرده دون أن يرى الأخر ، وكل منهما يحاول إعادة التفكير بما سمعه ، ولكن كان النصيب الأكبر من الحيرة من نصيب حياء ، التى لم تكتفى بالتفكير فى مغزى حديثه ، بل رآت أن إنصرافها خير حل لها ، فلو ظلت وقتاً أكثر ، سيصبح ذهولها مما سمعته لا يصدق ، ومن الممكن أن تحاول أن تطلق تلك الصرخة الخفيفة التى إختزنتها ولم تستطع إطلاقها بوقتها
سارت على الرمال الذهبية والتى تركت الشمس لهيبها بين طياتها ، ونظرت لمكان سيارتها وكأن يستلزمها وقتاً طويلاً وجهداً لتصل إليها ، وقدميها تسعفها بالسير كطفلة صغيرة بدأت أولى خطواتها حديثاً
أخيراً وصلت للسيارة ولا تعلم هل هى قادرة على قيادتها لتعود للمنزل ، أم هى بحاجة للمساعدة ؟ جاءتها الإجابة محمولة على نسمات الهواء وقت المغيب ، إذ سمعت صوت عاصم متسائلاً :
– حياء أنتى كنت بتعملى ايه على الشط دلوقتى ومين اللى كان معاكى ده
شهقت حياء بخوف بعد سماع صوته ، إذ أنها لم تراه قادماً ولم تنتبه على وجوده إلا بعدما سمعت صوته ، رفت جفونها عدة مرات وكأنها مازالت واقعة تحت تأثير صدمتها بما سمعته من أدم
فرفعت ذرا عها وأشارت حيث يقف أدم قائلة بتلعثم :
– دا دا يبقى ، بيقول أنه ، هناك واقف
لم يفهم عاصم شيئاً من حديثها المتلعثم ، فهى تهذى كأنها أصيبت بضربة شمس ، فسألها بصدق نابع من خوفه أن تكون مريضة :
– حياء أنتى تعبانة ولا إيه ؟ أوديكى المستشفى ؟
حركت حياء رأسها نفياً على أنها تشعر بالمرض ، وحاولت إيهامه بأنها تشعر بألم طفيف بالرأس سرعان ما تبرأ منه بتناول أحد أقراص الدواء ، فعرض عاصم عليها أن يجعل أحد رجاله يقود سيارتها لغياب سائقها اليوم ، ولكنها رفضت عرضه وأخبرته بأنها على ما يرام وستعود للبيت على أن يتبعها هو ورجاله بسيارتهم
جلست خلف المقود ونظرت من النافذة لترى هل أدم مازال يقف عند الشاطئ أم رحل برحيلها ؟ ولكنها لم تجد له أثراً ، فمن السخرية أن يكون الإبن والوالد بمكان واحد ولكن لا يعرف عاصم بوجوده ، ولكن باتت هى همزة الوصل بتلك القصة ، التى أقحمها بها أدم بإعتراف بسيط منه أنه يحمل دماء أحد رجال عائلة النعمانى ، حتى إن فكرت ألا تخبر عاصم بالأمر ، فكيف يمكنها إخفاء الأمر عن رياض ، والذى لا تعلم كيف ستكون حالته بعد سماع ما لديها ، خاصة أنه بتلك الأونة مشغول البال بولده راسل ، ولا ينقصه أن تأتيه كارثة جديدة يجب عليه أن يجد لها حلاً ، كون أن رجال تلك العائلة مجتمعون على صفة واحدة وهى أن أبناءهم لابد لهم من حمل كنية العائلة حتى لو تم إنجابهم عن طريق غير مشروع
❈-❈-❈
يكاد يطير فرحًا وهو يصف سيارته أمام منزل حبيبته ، فالصدفة لعبت معه دوراً هاماً ، إذ وجد هاتف والدة ياسمين بسيارته بعد أن قام بتوصيلهما من المشفى ، ولم يكتشف الأمر إلا بمحض الصدفة عندما سمع رنين الهاتف المتكرر ، فوجده أسفل المقاعد الخلفية لسيارته ، وعندما فتح الهاتف بوقتها سمع صوت رجل يخبره بأن ذلك الهاتف خاص بزوجته ويريد منه إعادته ، مناشداً به طباع الطيبة والشهامة ولن ينسى مكافأته إذا أعاده إليهما ،
لم يتوانى ديفيد عن إخباره بأنه سيعيد الهاتف له عندما تسنح له الفرصة ، إذ جاء أمر إعادة تلك الفتاة لإيطاليا معرقلاً لرغـ ـبته فى أن يذهب لبيت ياسمين ، وما أن أوصلها للمطار وتأكد من إقلاع الطائرة ، أخذ سيارته وذهب لمنزل الإمام يحدوه الشوق برؤية ياسمين مرة أخرى
خرج من السيارة ولم ينسى تعديل هندامه كأنه ذاهباً لخطبتها ، ولكن ما أن تذكر أنها لن يكون بإمكانها أن تراه ، أنقبضت ملامحه بألم ، ولكن سريعاً ما فكر أن تلك الخطوة ربما تساهم بتقربه من أسرتها ، خاصة إذا أظهر لهم مدى شهامته وأمانته ،
ولج للداخل ودق الجرس ، وأنتظر بضع لحظات قبل أن يرى صاحب المنزل يفتح له الباب
إبتسم الإمام قائلاً ببشاشة كعادته :
– أيوة يا ابنى خير
بادله ديفيد الإبتسامة بأخرى أشد صفاء ونقاء ورد قائلاً بتهذيب غير معتاد :
– حضرتك أنا اللى وصلت المدام وبنتك والتليفون وقع فى عربيتى ، أنا أسف أن اتأخرت عليكم بس كان عندى مشاوير ضرورية وعلى ما فضيت وجبت على طول علشان أرجعلكم التليفون أتفضل حضرتك
مد ديفيد يده بجيب بنطاله وأخرج الهاتف وناوله له وهو مازال مبتسماً ، إلا أن عيـ ـناه رغماً عنه راحت تبحث عنها من خلف أبيها الذى سد الباب بقامته الطويلة نسبياً يتمنى لو أن يراها قبل رحيله ، فربما والدها لن يدعه يلج للمنزل ، ولكن لدهشته رآى والد ياسمين يتنحى جانباً يدعوه للدخول ، بالبداية لم يصدق دعوته الصريحة له ، ولكن إندفع برغـ ـبة قلبه فى أن يقبل الدعوة بكل سرور
وصلا للصالة فقال الإمام بإبتسامة بشوشة :
– أتفضل أقعد يا ابنى على ما جبلك حاجة تشربها
جلس ديفيد على الأريكة وضم كفيه وأطرق برأسه ، يظهر حسن نواياه بإتباع الأداب اللازمة للزيارة وأن لا يرفع وجهه ولا يتلصص على ساكنى البيت
ما أن إبتعد الإمام عن الصالة ويبدو أنه ولج للمطبخ ، تمنى لو أن يراها تخرج من غرفتها أو يسمع صوتها قبل مغادرته ، إنتظر دقيقة وثلاثة وخمسة ولم تظهر بعد ، فتملكه الإحباط الشديد ، ولكن إستطاع رسم تلك الإبتسامة وهو يرى الإمام يعود إليه حاملاً صينية عليها كوبان من المشروبات الغازية
وضع الإمام الصينية من يـ ـده على الطاولة الصغيرة ، وناول ديفيد كوبه وجلس على مقعد قريب منه وهو يقول بهدوءه المعتاد :
– منور البيت يا إبنى ، وشكراً على أمانتك ودى حاجة بسيطة نظير أنك رجعتلنا الموبايل
أخرج الإمام نقود من جيب جلبانه ودسها بيـ ـده ، تعجب ديفيد من فعلته ، وأعاد إليه النقود وهو يقول برفض وإندفاع :
– حضرتك أنا مش عايز فلوس ، أنا عايز بنتك
جحظت عينىّ الإمام ، وأنتفض واقفاً وصاح بوجهه قائلاً بإستنكار :
– بتقول إيه أنت ، إيه عايز بنتى دى كمان ، أنت مجنون
أدرك ديفيد حماقته ورعونته بما تفوه به ، فنهض عن مكانه قائلاً بتوضيح :
– حضرتك فهمتنى غلط ، أنا مقصدش حاجة وحشة ، بس أنا من ساعة ما شوفت بنتك ومكدبش عليك وأنا أرتحتلها وكنت عايز أتجوزها
حملق به الإمام مشدوهاً ، كيف يريد الزواج من إبنته وهى عمياء ، غير أنه لم يراها سوى مرة واحدة ، فسكن الشك بقلبه ورد قائلاً بحذر :
– أنت إيه حكايتك بالظبط ، أنا مش فاهم منك حاجة
أشار ديفيد إليه بالجلوس ولم يجد مفر سوى أن يخبره بتلك القصة القديمة والهوية المزيفة ، التى من خلالها قابل ياسمين أول مرة ، فبدأ يسرد له القصة حسبما يريد هواه مكتفياً بعدم ذكر أنه هو المتسبب بما حدث لها :
– أنا مش هكدب عليك بنتك أنا شوفتها من أكتر من سنتين لما كانت بتشتغل فى مجال الديكورات ، كنت لسه راجع من بلاد برا وكنت هفتح مكتب للشحن البحرى ، عجبتنى بس عرفت أنها مخطوبة ، فنسيت الموضوع وسافرت ، ولما رجعت تانى قابلتها بالصدفة هى ومامتها فى المستشفى ، فالصراحة كذبت عليهم وقولتلهم إن أنا بشتغل على عربية أوبر علشان أوصلهم لأن مكانش فى عربية توصلهم ، ولما عرفت أنها سابت خطيبها ، رجع ليا الأمل تانى أنها تكون من نصيبى ، وحضرتك أنا مستعد أتجوزها ، فياريت توافق
مـ ـسد الإمام على لحيته الكثيفة وهو يفكر فيما سمعه منه ، فما معنى أن يستميت للزواج من إبنته وهى بتلك الحالة الصحية ، نظر لمسبحته ورد قائلاً بهدوء:
– بنتى زى ما أنت شوفت كده ، ومظنش أنها توافق على الجواز وهى بحالتها دى ، لأنها رفضت قبل كده أنها تتجوز ، قالت أنها مش عايزة تبقى عبأ على جو زها ، فأسف يا إبنى معنديش بنات للجواز ، شرفتنا
رمقه ديفيد برجاء قائلاً بنبرة متوسلة :
– ليه بس حضرتك بترفض ، أنا مستعد أتجوزها بظروفها وعلى فكرة أنا غنى وممكن أعالجها فى أحسن مستشفيات أنا بجد بحبها ومش فارق معايا أى حاجة غيرها هى بس
ظل الإمام على رفضه ، بل أنه رفع يـ ـده يشير له بالإنصراف ، وضع ديفيد الكوب من يـ ـده ، وهو يشعر بمهانة رفض الإمام له ، حتى وإن كان رفضه لم يحمل طابع الإهانة أو التعنت ، ولم يظهر به سوى أنه لا يريد أن تكون إبنته زو جة وهى تعانى من فقدان البصر
خرج ديفيد من منزل الإمام وهو لا يلوى على شئ ، سوى أنه يريد ياسمين بأى وسيلة أو طريقة سواء كانت ممكنة أو غير ممكنة ، وصل لسيارته وحاول تفريغ شحنة غضبه ، فظل يركل إطار السيارة حتى شعر بالألم فى قـ ـدمه ، وضع يـ ـديه بخصره وظل يزفر أنفاسه تباعاً ، فنظر للشرفة وعقله لا ينفك عن التفكير فى إيجاد حل للحصول على معشوقته ، فحتى وإن كان بنيته أن يتبع الدين الإسلامى من أجلها وأن يحصل على إسم وكنية جديدة ، إلا أن والدها وضع النهاية لتلك القصة قبل بدايتها ورفض أمر زواج إبنته من أى شاب كان بحجة أنها هى التى لا تريد الزواج ، ولكن هو لن يكون كأى رجل أو شاب أخر ، وسيعمل على دلالها ورعايتها وأن يقدم لها حياة رغيدة ، وأن يجعلها منعمة بتلك الأموال الطائلة التى يمتلكها ، فالحل الوحيد الذى إهتدى إليه عقله ، أنه سيتزوجها سواء تم الأمر بموافقتها أو إنه سيستخدم الحيلة لأن يجعلها توافق بالأخير ، متذرعاً بأن كل شئ مباح فى سبيل الحصول على حبه الأول ، وبعد أن أخذ ذلك القرار صعد للسيارة وقادها وهو يضع أولى خططه التى سيبدأ بها على أن تكون ياسمين بالنهاية هى الغنيمة
❈-❈-❈
لم يشعر عمران برغبة فى تناول العشاء ، لذلك أصر على شقيقه معتصم أن يتركه بحاله وألا يحاول إزعاجه أثناء وجوده بغرفة المكتب لدراسة بعض الأوراق الخاصة بالعمل ، وسيكتفى بوجود مراد الصغير معه بالغرفة ولا يريد شئ أخر ، فكلما نظر بالأوراق عاد وتطلع للصغير الذى يفترش الأرض أمام المكتب الخشبى ، وتراصت أمامه العديد من الألعاب والدمى والتى حصل على نصفها تقريباً منه
حول عمران بصره عن إبن شقيقه ونظر لتلك الدمية التى وضعها على أحد الأرفف الموجودة بغرفة المكتب ، فتلك الدمية إشتراها منذ ما حدث بينه وبين زوجته ، ووضعها بمنأى عن الجميع ، يحدوه الأمل بأن تعود إليه ميس وأن ينجبا ثانية طفلاً وتكون تلك الدمية هى لعبته الأولى التى يحصل عليها منه ، ولكن ها قد مرت الأيام والشهور ومازالت الدمية موضوعة بمكانها ولا تقربها يـ ـد سوى يـ ـداه
نفخ بضيق قائلاً وهو يضع رأ سه بين راحتيه:
– أنا هفضل كده لحد ما أتجنن ولا إيه
شعر بالإختناق فجأة ، ففتح أحد أزرار قميصه ، ولم يكن ذاك الإختناق ناتجاً إلا من ذلك الشعور بالإشتياق لزو جته ، فإلى مدى سيظل يحارب إشتياقه إليها ، أو إذا صح القول لمتى ستظل على عنادها وتتركه هكذا يتلظى بنيران الهجر والإشتياق ، وكيف طاوعها قلبها أن تتركه كل هذه المدة ؟ فهو يقسم أن ما رآه منها من حب وتعلق بوجوده وهى ما كانت تزال زوجته وتقيم معه بمنزله ، إنها كانت ستعود إليه بصباح اليوم التالى لتلك الليلة التى قام فيها بإيصالها لمنزل عائلتها ، ولكن ها هى تقيم هناك منذ أكثر من عامين
دون إدراك ووعى كافِ منه ، كان يلتقط هاتفه من على سطح المكتب ، فتح الهاتف وأجرى إتصالاً بميس وتمنى أن تجيبه ، فجاءه الرد بعد بضع لحظات وهى تقول بصوتها العذب:
– ألو أيوة يا عمران فى حاجة ؟
– وحشتينى أوى يا ماسة ومحتاجلك ، لسه مش عايزة تسامحينى
قال جملته همساً مدفوعاً بذلك الشعور من الإحتـ ـراق الذى عاث بفؤاده إضطراباً
لم يسمع منها رداً ، حتى ظن أنه فقد إتصاله بها ، وعندما طال صمتها ، ضم شـ ـفتيه وما لبث أن قال بمرارة :
– شكلى عطلتك عن شغلك يا ميس مع السلامة
كادت تجيبه ميس أنها مازالت تسمعه ، ولكن أنقطع الإتصال بينهما ، بعدما عمل عمران على إغلاق هاتفه ، ولكنها لم تشأ أن تنهى حوارهما تلك المرة كسابقيها ، فمنذ رؤيتها لليالى معه بالمطعم وهى كأنها بقفير نحل من شعورها العارم بالغيرة ، لذلك أجرت به إتصالاً مدفوعة برغــ ـبتها بأن تعلم ما بينه وبين تلك المرأة المدعوة ليالى
ما أن علمت أنه الآن بإمكانه سماعها بعدما أجاب على إتصالها ، قالت بلهجة غيورة :
– أنت ما صدقت وقفلت التليفون ولا يكونش أنت مشغول بمكالمة تانية من مدام ليالى
رد عمران قائلاً بنبرة حانية هامسة :
– وحشتينى يا ميس
تساقطت حروف عبارته على مسامعها كقطرات الغيث التى أطفأت تلك النيران المشتعلة بغابات خضراوتيها ، أرتجفت شـ ـفتيها بعدما سكنتها حروف إسمه الملازمة لتلك العبارة التى يتردد أصداؤها بقلبها ” وأنت كمان وحشتنى أوى يا عمران ”
ولكن خانت العهد كعادتها وردت قائلة بإمتعاض :
– باين أوى إن وحشتك ، بدليل أنها كانت بتشوفلك الكف فى المطعم مش كده يا عمران بيه
تناهى إلى مسامعها صوت ضحكته المكبوتة ، فها هو ينجح للمرة الثانية فى إستغلال غيرتها أسوء إستغلال ، وقبل أن تعرب عن سخطها لما يفعله ، سمعته يقول بدهاء كعادته معها :
– أنتى لسه بتغيرى عليا يا ماسة ، يبقى لسه بتحبينى صح ، أنا بس عايز أقولك أن لا ليالى ولا غيرها تقدر تاخد مكانك أنتى فى قلبى يا ماسة عمران ، مش هتحن عليا بقى يا جميل ولا هبقى على رآى معتصم هنتقابل على المعاش
أفلتت منها ضحكة بعفوية ، لتذكرها أمور المزاح الخاصة بمعتصم ، فردت قائلة بإبتسامة :
– أبقى سلملى على ولاء ومعتصم ومراد سلام يا عمران
أنهت المكالمة قبل أن يتخذ الحديث بينهما منحنى أخر ، كذلك المنحنى الخطر ، الذى سيجعلها بالأخير تغفر له ما حدث منه بحقها ، ولكنها حقاً لاتريد منحه الغفران إلا إذا إستطاع التخلص من تلك الطباع الهمجية التى تشعر بالنفور منها ، فلما لا يكون دائماً عمران ذلك الرجل الذى وقعت بعشقه لتمتعه بخصال الرفق واللين معها ، فهى لا تريد رؤية ذلك الجانب الغير أدمى به مرة أخرى ، وإلا لن يعود بإمكانهما أن يعودا لما كان عليه من حب ووئام
خرجت لشرفتها ونظرت للأسفل وجدت حياء تسير بحديقة المنزل على غير هدى كأنها شاردة ، فقررت الذهاب إليها ، لعلهما يتحدثان سوياً وتعلم ما يشغل بالها
خرجت من غرفتها وآثناء مرورها بتلك الردهة الجامعة بين غرف الطابق الثانى ، سمعت صوت أنين صادر من إحدى الغرف ، ففتحت الباب على الفور وجدت ساندرا متسطحة على الأرض وتضم ركبـ ـتيها لصـ ـدرها ويرتجف جسدها كأنها أصيبت بماس كهربائى وتشنجت أعضاءها
هرعت إليها ميس وجثت على ركبتيها بجوارها ،رفعت رآس ساندرا عن الأرض ونظرت إليها وتساءلت بخوف وهى تسمع صوت أنينها وأسنانها التى راحت تصطك ببعضها كأنها تشعر بالبرد الشديد :
– ساندرا فى إيه ومال جسمك عمال يترعش ليه كده فى إيه ردى عليا
ولكن لم يأتيها رداً منها ومازالت على حالها ، فتركتها ميس وهرولت خارجة من الغرفة ووقفت أعلى الدرج وهى تصيح منادية :
– رااااسل ألحق ساندرا مش عارفة مالها واقعة على الأرض وجسمها بيرتعش جامد
سمعت حياء قول ميس وهى تلج للداخل ورآت راسل وكل من كان جالساً بالصالة يصعد الدرج بسرعة لرؤية ما أصاب ساندرا فجأة ، صعدت حياء خلفهم ووقفت على عتبة الباب ، بينما رآت راسل جاثياً بجوار ساندرا وسرعان ما قفز على قـ ـدميه وراح يفتش بالغرفة حتى عثر على إبرة المحقن ، التى قام بملأها وغرزها بذراعها على الفور ، وماهى إلا دقائق حتى هدأ جسد ساندرا المرتجف ، بل ويبدو عليها أنها غطت بنوم عميق ، حملها راسل عن الأرض ووضعها بالفراش ، وجلس بجوارها ورفع يـ ـدها بمهنية لقياس مستوى نبضها
نظرت إليه ميس قائلة بإهتمام :
– هى مالها يا راسل بيحصلها ليه كده هى مريضة إيه بالظبط ؟
أزدرد راسل لعابه ورد قائلاً وهو يترك مكانه:
– دى حالة عادية بتجيلها لما بتهمل فى أكلها ، شوية وهتفوق وتبقى كويسة إن شاء الله
عقدت ميس جبينها وردت قائلة بعدم إقتناع :
– بس الحقنة اللى أنت اديتهالها دى حقنة مهدئة ومفعولها شديد كمان ، أنت ناسى إن أنا دكتورة
– مش وقت فضولك يا ميس هى بقت كويسة واتفضلوا وسبوها تنام وترتاح
قال راسل وهو يشير إليهم بالخروج ، خرجوا جميعهم من الغرفة ، على أن يعودوا لمجلسهم حتى يخبروا رياض بما آل إليه أمر ساندرا كونه لم يستطع صعود الدرج وأنتظر عودتهم ليخبروه بما حدث
تنحت حياء عن الباب ، لتسمح بمرورهم ولكن إلتقت عيـ ـناها بعيـ ـنىّ وفاء ، التى مرت من جوارها ورمقتها حياء بنظرات معاتبة ، ولكن ما أن إبتعدت عنها خطوتين عادت إليها وهى تقول بنبرة مبهمة :
– سامحينى يا حياء ، أنا أسفة على كل اللى حصل
ضمت حياء شـ ـفتيها وما لبثت أن قالت بعدما أطلقت تنهيدة عميقة:
– وحضرتك ليه بتطلبى منى السماح وبتتأسفى هو أنتى عملتى فيا حاجة يا ماما وفاء ، عن إذنك تصبحى على خير
إستدارت حياء وذهبت لغرفتها ولكن قبل أن تغلق الباب وجدت وفاء تقف أمامها ، فلم تستطع إغلاق الباب بوجـ ـهها ، فرمقتها بنظرة متألمة وتساءلت :
– حضرتك عايزة منى إيه ، صدقينى أنا لا زعلانة منك ولا زعلانة من حد ، أنا زعلانة على أن كنت مغفلة مش أكثر ، زعلانة على إن إشتريت بالغالى اللى باعنى بالرخيص
مدت وفاء يـ ـدها ومسحت تلك العبرة التى إنزلقت من عينيها ، وقالت بصوت متحشرج :
– متقوليش على نفسك كده يا حياء ، دا أنتى مقامك وغلاوتك عندنا متتقدرش ، والغلاوة زادت لما عرفنا أنتى عملتى إيه علشان تحافظى على راسل وسجود ، وأنك كنتى بتضحى علشانهم ، عارفة أنك دلوقتى مفكرة أن أنا مكنتش باقية عليكى وإن أكيد الكل بيفكر إن أنا سايبة راسل يعمل اللى فى دماغه من غير ما اتكلم علشان إن أنا محدش يهمنى غيره ، بس والله يا حياء ربنا يشهد أنا حاولت كتير أخليه يرجع عن اللى فى دماغه بس مقدرتش ، وأنتى عرفاه لما يحكم رأيه ويمشى اللى فى راسه وشايفه صح ، بس صدقينى هو بيحبك ومفيش واحدة فى قلبه غيرك حتى إن مش …..
– ماما
تلك الصيحة التى وصلت إليها بإلحاح ، جعلتها تتوقف عن إكمال حديثها ، فوصل إليها راسل وجذبها من ذرا عها حتى وصل بها لغرفتها ، وما أن أغلق الباب نظر إليها قائلاً بإمتعاض :
– فى إيه يا ماما ؟ كنتى عايزة تقولى إيه لحياء ؟ أنا مش قولتلك خلاص حكايتى معاها خلصت وإن هننفصل ، ومش هرجع فى رآيى خلاص ، يعنى ما تحاوليش تصلحى الأمور بينا لأن زى ما قولتلك حياء تستاهل واحد أحسن منى ، هى لازم تبعد عنى وتشوف حياتها
مـ ـسحت وفاء وجـ ـهها ولأول مرة رفعت يـ ـدها وصفعته على وجـ ـهه ومن ثم قبضت على ثيابه وهى تصرخ بوجـ ـهه :
– خلاص مبقتش باقى عليها ، شايفها بتموت قدام عينيك فى اليوم ألف مرة وأنت مكمل فى عندك ، وده كله ليه ، علشان اللى عمله أخوها فيك ، وهى ذنبها إيه ، طول عمرك كنت بتعمل اللى بتعمله وأنا كنت بسكت ، لكن المرة دى مش هسيبك تهدم حياتك وحياتها علشان وهم أنك مش عايزها علشان أهلها وحاجات متدخلش العقل من أساسه ، علشان أنا أكتر واحدة عرفاك ، لأن أنت لو كنت بتاخد حد بذنب حد تانى ، كان زمانك بتكره بنتك من اللى عملته أمها ، بس أنت بتحب بنتك أكتر من روحك ومخلتش اللى حصلك من صوفيا يأثر على علاقتك بيها ، حتى خلافك مع ابوك مخلكش تتخلى عن بنت اخوك وفضلت جمبها تراعيها ، إشمعنا حياء دلوقتى اللى عايز تاخدها بذنب أهلها ، ما أنت ممكن ببساطة أوى تعيش معاها من غير ما يكون ليك علاقة بأخوها ، وحتى عمها مات ، بعدت عنها سنتين ، أظن خلاص خدت وقتك كفاية علشان تراجع نفسك ، وهى كانت قاعدة ومستنياك ترجع ، ليه تبوظ الدنيا أكتر وتوهمها وتوهم أهلك أن ساندرا مراتك وساجد إبنك اللى هو أساساً مسموش ساجد ، وأن أنت اللى ناديته بالإسم ده بعد ما أتولد وخليتنا كلنا نناديله بيه ، ليه عايز تكرهها فيك وتطلقها ، ما ترمى كل اللى حصل زمان ورا ضهرك وكمل حياتك مع مراتك وحبيبتك اللى لو لفيت الدنيا كلها مش هتلاقى ضفرها
صمتت لهنيهة لتلقط أنفاسها اللاهثة من فرط شعورها بالغضب والغيظ من أفعاله ، ومن ثم عادت تستأنف حديثها:
– كل ما أحاول أفتح بوقى وأتكلم تحلفنى إن أسكت ، قولت جايز أنك بتدور على طريقة تعتزر بيها على أنك سبتها من غير ما تواجهها ، بس أنت عمال تبوظ الدنيا أكتر ، بس لحد أمتى اللى بتعمله ده ، رد عليا، أنت جنانك مبقاش له أخر ، الحمد لله أن أبوك حبسنا هنا علشان منقدرش نسافر ،وأعمل فى حسابك لو سبت إسكندرية تانى وسافرت لا أنت إبنى ولا أعرفك وأنا هفضل هنا فى إسكندرية حتى لو هروح أعيش جمب جوزى فى المقابر يا إبن أختى ، كفاية وأنا شايفة نظرات اللوم والعتاب فى عيون كل اللى حواليا ، خلتنى أبان قدامهم الأم اللى ماشية على هوى إبنها من غير ما تنصحه ، وميعرفوش أن أنا غلبت معاك لحد ما تعبت ، ولو محاولتش تصلح كل اللى عملته ده أنا اللى هروح لأبوك وأقوله على الحقيقة وأن ساندرا مش مراتك ولا إبنها إسمه ساجد ، ولا أقولك هو زمانه عرف الحقيقة من جوازات السفر وعرف إن إبنها إسمه جون مش ساجد وهو لا يبقى إبنك ولا من دمك ولا فى أى صلة بينكم غير إنك بتربيه وبتراعيه ، وجايز رياض النعمانى يعرف إيه سبب عمايلك السودة دى
وصدقنى أنا مش زعلانة على اللى هيعمله فيك هو وحياء جايز يقدروا يرجعولك عقلك ، لأن أنا خلاص تعبت منك
تلك هى المرة الأولى التى تمتد يـ ـدها إليه وتصفعه على وجهه ، فهى لم تفعلها عندما كان طفلاً ، لتأتى الآن وتخرج عن أطوارها وتصفعه وهو بمثل هذا العمر ، حتى أنها أعلنتها صراحة أنها ستتخلى عن كل الروابط بينهما لو فكر بأن يعود لكندا ، خرج من غرفتها ومازال واضعاً يـ ـده على وجنته وعيناه ترجوه أن يعتق دمعاتها التى باتت كجمر محترق بين جفنيه ، ولكن لن يسمع لها بأن تسيل قبل أن يصل لغرفته ، وهذا ما كان فما أن وصل للغرفة التى يقيم بها وأغلق بابها ، راح يطيح بكل ما يقابله فى الغرفة
صرخ صرخة متألمة دوى صداها بأرجاء الغرفة وربما وصلت لمسامع من يقيمون بالغرف المجاورة :
– آااااااااااااااه
ما أن أنتهى سقط جاثياً على ركـ ـبتيه وهو يبكى وينوح ، فأموره تعقدت دون تدخل منه وجاءت نكباته تباعاً حتى لم يعد يجد سبيل لخروج من تلك المتاهة التى تتقاذفه من عذاب لعذاب أشد وأقوى صعوبة على التحمل ، فلا أحد يعلم أنه مثلما طعنها بخنجر الوهم والخداع ، كان طاعناً قلبه هو الآخر ، حتى وإن كان يعشقها ، لن يجعل عشقه لها قيودًا وأصفادًا تقيدها ، وسيترك الجميع على جهلهم وعدم درايتهم بأسبابه الحقيقية التى لم يخبر بها أحد و تدفعه رغماً عنه أن يضع نهاية لقصة عشقهما
❈-❈-❈
منذ تلك المكالمة الهاتفية التى جاءتها أثناء وجودها بالمطعم الخاص بعمران ، وهى باتت كالأرنب المذعور ، الذى يخشى أن تأتيه النهاية بغفلة منه ، لذلك إلتزمت البيت وفضلت عدم الخروج منه حتى تجد حلاً لذلك المأزق الذى وقعت فيه بإرادتها الحرة ، كون أن تلك اللعبة التى إستهمت على غنائمها ، آثارت أعصاب ذلك الذى توعدها بالجحيم إذا فكرت أن تخدعه ، ولكنها لم تأبه لكل ذلك عندما إلتمع بريق تلك الماسات بعيـ ـنيها ، وكأن ضوءها البراق أعمى بصرها وجعلها تجازف بحياتها وبكل شئ من أجل الحصول على تلك الغنيمة وحدها ، مستغلة بذلك وجود شريكها بالسجن ، ولكن ها هو عاد ويبدو أنه لن يتركها إلا إذا أخذ حقه منه كاملاً دون نقصان ، حتى لو وصل به الأمر لأن يقـ ـتلها ، فهو لا يأبه لخسارة أرواح الأخرين ، ولكنها هى من بدأت بعرضها لصداقة ذلك الشيطان ، لذلك عليها تحمل نتائج أفعالها وحدها
تركت فراشها ودارت حول نفسها وقالت بتفكير :
– طب أكلمه وأحل معاه الموضوع بالتفاهم أحسن ما يتغابى ويقـ ـتلنى
كادت تقتنع أن تقابله وتسوى الأمر بينهما ودياً دون خسارة أحداً منهما لحياته ، ولكن ما أن فتحت تلك العلبة المخملية وبرقت الماسات ببريق سلبها أنفاسها الجشعة ، حتى عادت ونفضت فكرة أن تتقاسمها معه ، فهى من حصلت عليها بمهارتها ولم يفعل هو شئ ، لذلك ترى أنها هى الأحق بها كلها ، ولن تتقاسم غنيمتها معه
فقالت بتصميم وجشع :
– لاء مش هديله حاجة من الألماظ ده ، هو متعبش فى حاجة. أنا اللى قمت بالعملية كلها وهو عايز ياخد الغلة على الجاهز
قطع عليها أفكارها رنين هاتفها ، وقبل أن تنظر بشاشته لتعلم من يهاتفها ، أنبأها حدسها أنه هو ، وتحققت ظنونها عندما وجدت رقم هاتف دون بيانات تدل على صاحبه
فتحت الهاتف وردت قائلة ببرود :
– إسمع بقى يا قمور ، أنت لو مبعدتش عن طريقى أنا بقى اللى هخلص عليك وكمان الألماظ إنساه خالص مش هديك منه حاجة ، ما هو مش أنا أشقى وأتعب وأخلص العملية كلها لوحدى وأنت عايز تاخد الجمل بما حمل
– هو مين ده يا ليالى اللى هياخد الجمل بما حمل وألماظ إيه
قالها عمران بهدوء ينافى ذلك الغضب الذى نهش عقله من أن ليالى عادت تحمل سراً وربما هناك كارثة ستحل به قريباً
لطمت ليالى خـ ـدها بعدما سمعت صوت عمران ، فها هى قد أفشت بحديث لم يكن يصح لها أن تبوح به لأحد خاصة هو ، وأرادت أن تصلح ما أفسده إعترافها الغبى ، فردت قائلة بضحكة متوترة:
– معلش يا عمران ده أنا كنت بسمع فيلم وبردد الحوار بين الأبطال ، كنت بشوف نفسى أنفع أمثل ولا لاء ، بس دخلت عليك صح
إن ظنت أن حيلتها أنطلت على عمران فهى واهمة ، كونها لم تدرك بعد مدى ذكاءه الحاد ، وأن لا أحد يستطيع خداعه بسهولة ، وإلا ما كان وصل لما وصل إليه من مكانة رفيعة بوسط رجال الأعمال ، فالكل يشيد بذكاءه وقدرته على تيسير الأمور دائماً لصالحه ، مثلما سيفعل الآن ويقنعها أنه صدق حديثها
رد عمران قائلاً بضحكة عالية :
– دا أنتى هايلة يا ليالى ، دا أنا صدقت فعلاً أنك بتتكلمى جد ، لاء أنتى بقى تبقى ممثلة هتكسرى الدنيا وسيبك من حكاية المطاعم اللى عايزة تفتحيها دى ، واللى بالمناسبة كنت بكلمك علشان فى مطعم مشهور هنا فى إسكندرية صاحبه هيصفيه ويبيعه فكنت بكلمك لو حابة تشوفيه ولو عجبك تشتريه
أسرعت ليالى بالرد قائلة بإبتهاج :
– بجد يا عمران ده خبر كويس ، وشكراً أنك بتفكر فى مصلحتى ، طب أنا هجيلك على الفندق بتاعك حالاً ونروح شوفه مش هتأخر عليك سلام
أغلقت الهاتف وألقته على الفراش ، ومن ثم وضعت يـ ـدها على صـ ـدرها وهى تتنفس براحة ، بعدما ظنت أنها إستطاعت تدارك الأمر
أسرعت بالذهاب لغرفة ثيابها وأنتقت ثوباً لا يختلف كثيراً عن شاكلة تلك الثياب السافرة التى ترتديها ، وضعت الثوب عليها ووضعت عطرها وأخذت أغراضها وخرجت من الغرفة ، هبطت الدرج ووجدت ثلاتة من الرجال ضخام الجثة ، الذين وظفتهم حديثاً حراساً لها بعد تلقيها مكالمة التهديد الأولى ، لذلك أخذت كافة إحتياطتها حتى لا يستطيع ذلك الرجل الوصول إليها
أشارت إليهم بأن يتبعوها وهى تقول بأمر :
– خلوا عينيكم فى وسط راسكم فاهمين ، أنا مش مشغلاكم ودفعالكم فلوس قد كده علشان حد فيكم يكسل فى شغله ماشى
حركوا رؤوسهم بطاعة لسيدتهم الجديدة ، والتى لم ينكر أحد منهم أنها حقاً إمرأة فاتنة وربما فتنتها تسيل لها اللعاب ، خاصة بتلك الثياب الفاضحة كالتى ترتديها الآن
كأنها علمت بما يفكرون به ، فصاحت بهم بصوت مستاء :
– أنتوا هتفضلوا تبصولى ومبحلقين فيا كده ، نزل عينك منك ليه ، إيه عمركم ما شوفتوا ست حلوة قبل كده
رد أحدهم دون التروى بحديثه :
– الصراحة أنا كنت متعود أشتغل عند رجال أعمال لكن واحدة ست بتنسى تلبس هدومها لاء محصليش الشرف قبل كده
أتسعت حدقتىّ ليالى من قول ذلك الحارس ، فنظرت لثابها ومن ثم عادت تنظر إليه نظرة نارية وهى تقول بوجوم :
– أنت جاى تشتغل عندى مش جاى تخطبنى ماشى ، خليك فى شغلك أحسن النهاردة يكون أخر يوم ليك فى الشغل عندى ، كل عيش وحط لسانك جوا بوقك وأنت ساكت فاهم ويلا ورايا
سبقتهم بمشيتها على أن يوافيها الحراس عند سيارتها التى ستصعد إليها مع أحدهم ويجلس بجوار السائق ، ويتبعهم الإثنان الأخران بتلك السيارة الأخرى المصفوفة خلف سيارتها ، صعدت للسيارة بعدما فتح لها السائق كما تجرى العادة لكى تشعر بأنها إمرأة ثرية تجد من حولها يتهافتون لتقديم الطاعة والمساعدة لها بتلك الأمور ، التى لا تكلف نفسها عناء فعلها
وصلت السيارة أمام الفندق الخاص بعمران وترجلت منها وهى تشير برأسها للحراس ، أن ينتظروا بأماكنهم حتى يحين موعد خروجها ، ولجت للداخل ولكن لم تكن هى الوحيدة التى جاءت من أجل رؤية عمران ، بل أن ميس التى وصلت بسيارتها للفندق ، جاءت بعد إلحاح شديد من قلبها على أن تراه بعد تلك المكالمة الهاتفية بينهما والتى إتسمت بالهدوء دون التطرق للمشادات الكلامية بينهما كعادتهما
وصلت ليالى لغرفة مكتب عمران ودقت الباب وولجت على وجه السرعة ، نهض من خلف مكتبه قائلاً بترحيب :
– أهلاً يا ليالى كويس أنك جيتى فى وقت لأن الميعاد اللى أخدته من صاحب المطعم بعد حوالى ربع ساعة ، ثوانى بس هخلص الورق اللى فى إيـ ـدى ده ونروحله
خلعت ليالى حقيبتها عن ذرا عها ووضعتها على الطاولة الصغيرة الفاصلة بين المقعدين أمام مكتبه الخشبى الأنيق وردت قائلة بإبتسامتها المغرية:
– براحتك خالص يا عمران أنا أستناك العمر كله
لم يستحب عبارة الإطراء خاصتها ، ولكنه لم يظهر لها ذلك ، إذ عاد يجلس على مقعده خلف المكتب لينهى توقيع تلك الأوراق الموضوعة أمامه
بعد إنتهاءه نهض عمران عن مقعده وهو يقول بألية :
– يلا بينا يا ليالى
نهضت عن مقعدها هى الأخرى وأخذت حقيبتها ، وبحماقة منها مدت يـ ـدها وتأبطت ذراعه وهو يفتح باب الغرفة ، وقبل أن يسألها عن فعلتها وجد ميس تقف أمام الباب رافعة يـ ـدها ، كأنها كانت على وشك دق الباب
تسمرت ميس بمكانها ومازالت يـ ـدها عالقة بالهواء ، ولم تتحجر حواسها هكذا إلا من رؤية تلك المرأة وهى تتأبط ذراعه بتملك سافر
كسرت دمعة كبيرة حاجز جفنها الأيمن ، وأنزلقت على وجنتها ، كتمثال لم يعد به شئ حى سوى عينان إمتلأت بالدمعات التى كانت خير دليل أنها تظن به السوء
أخفضت ذراعها ولكنها لم تتفوه بكلمة ، بل إستدارت وأطلقت لساقيها الريح ، فترك عمران ليالى وأخبرها بأن تنتظره حتى يعود ، وركض خلف زو جته وكلما ناداها ، تحث قدميها على الركض بسرعة أكبر ، حتى تخرج من الفندق وتصل لسيارتها ولا يستطيع اللحاق بها
صاح منادياً لها برجاء أقرب للتوسل :
– ميس إستنى أرجوكى إسمعينى
لم تكن سعيدة الحظ ، إذ قبض على ذرا عها قبل أن تبتعد أكثر ، وقبل أن ينتبه أحد من العاملين بالمكان ، أخذها لتلك الغرفة التى جعلها حكراً له إذا سأم من المكوث بالمنزل
أغلق الباب خلفه وما أن إستدار إليها حتى يجلى سوء التفاهم بينهما ، وجدها تعقد ذرا عيها أمام صـ ـدرها وهى تقول بإنفعال :
– مكنتش أعرف أن ذوقك أنحدر للدرجة دى يا عمران ، طب كنت إستنضف مش ماشى مع واحدة أنت أتعرفت عليها أساساً بعد ما شقطتها من مطعم وجات معاك بكل سهولة ، هى دى اللى هتخفف من وجع قلبك ؟
لا تعلم كم تلك السعادة التى تسرى بعروقه من مجرد سماع نبرة صوتها المعاتبة والمحملة بالغيرة القاتلة والتى دلت عليها دمعاتها الفياضة التى أغرقت وجنتيها
قطع المسافة الفاصلة بينهما وأحتضن وجهها بين كفيه ، وأسند جبينه لجبينها ، تاركة لأنفاسه الدافئة مهمة تجفيف رطوبة وجنتها الملساء
خرجت حروفه بشوق وحنين كأنفاسه اللاهثة جراء قربه منها :
– قلب عمران مفيش غير واحدة بس تقدر تخفف من وجعه ، هى أنتى يا ماسة يا اللى واجعة قلبى وفى نفس الوقت دوايا فى إيـ ـدك
– أنت كداب يا عمران
قالتها ميس بتوتر وإرتباك ، ولا تعلم ما المغزى من قول عبارتها سوى أنها تريد قول أى شئ يخفف من وطأة ذلك الشعور الذى جعل حواسها تتواطأ معه بتناغم عذب ، حتى أن عيـ ـنيها باتت تحمل له رجاءها بأنها راغـ ـبة بإحدى جولات عناقه ، ولكنها تحكم سيطرتها على يـ ـديها ولسانها ، حتى لا تنطق بها صراحة
ولكن كأنه علم حاجتها دون أن تفصح عنها ، إذ برع فى أن يدير دفة الحديث بينهما إلى صوت همهمات مشتاقة وهو يقول بعشق خالص :
– بحبك يا ماسة أنتى ماستى وقلبى
رغم أن فى بعض الأوقات كان عمران يحصل منها على عناق ، لم يكن بالود المطلوب ، إذ كان هو من يسرع بأن يهبها العناق دون الحاجة لموافقتها لعلمه أنها لن تمنحه الموافقة ، إلا أن ما يحدث بينهما الآن لم تقل روعته عن تلك اللحظات الثمينة التى عاشاها سوياً قبل وقوع الخلافات بينهما
حاولت الإنسحاب من بين ساعديه قبل أن يأتى أحد ويراهما على تلك الحالة ، فدفعته عنها وهى تقول بإستجداء رقيق :
– عمران إبعد عنى وبطل جنانك وهمجيتك دى
رغم أنه يبدو للناظر إليهما أن عمران هو المتحكم بمشاعرها ويوجهها كيفما يشاء ، إلا أنها هى من تفرض سيطرتها عليه ، كونها دائماً ما كانت تحب تشبيه بذكر الذئب القيادى المغرم بآنثاه ، ولا يميل قلبه لغيرها ، فها هو بين ذراعيها يرتجف شوقاً إليها ، ولكن ما أن إشتدت العواطف بينهما ، ووجدته إنه ربما يفكر بإتمام الوصال بينهما
شدت على ذراعيه وقالت بتوتر :
– أنا عايزة أمشى ، أفتح الباب خلينى أمشى
لم يسمع كلمة واحدة مما تفوهت به ، بل بدا منغمساً بشعوره الذى إفتقده خلال أكثر من عامين وكأنه وصل لنقطة اللاعودة فى نفاذ صبره ولن يعود بالإمكان أن يحكم سيطرته على جنونه بها أكثر من ذلك
رد قائلاً بأنفاس متسارعة من شدة ولعه بها :
– خليكى معايا أنا مشتاق ليكى أوى يا حبيبتى ، أكتر من سنتين يا ميس وأنا بحلم أنك ترجعيلى تانى ، ومش قادر تكونى معايا وأسيبك تمشى
صارت لمـ ـساته تحمل طابع الخشونة النابعة من عدم إحتماله للمزيد من الصبر ، ولكن كأن ذكرى تلك الليلة المأساوية التى عاشتها معه أنهالت عليها فجأة ، فحاولت أن تنسل من بين ذراعيه ، وكلما زادت محاولتها بالفكاك منه ، زاد هو من إقترابه منها ظنناً منه أن ما تفعله إحدى أمور الدلال الأنثوية
أخترقت صرختها أذنيه وهى تقول برجاء :
– لاااء يا عمران لاء متعملش كده أرجوك
كف عمران عما يفعله عندما رآى الذعر البادى على وجهها ، وإرتجافها كأنها تقف بوسط عاصفة ثلجية ، فمال برأسه إليها وهو يقول برفق :
– خلاص إهدى يا ميس
لم تكن بحاجة لحديثه أكثر من حاجتها لأن يحاول أن يصرف عنها روعها ، فهى حتى الآن لم تستطع التخلص من ذلك الإحـ ـساس الذى يصيبها كلما رآته يقترب منها ، لم تستطع محو تلك الصورة الهمجية والغير أدمية التى رآته بها ، على الرغم من أنها حقاً تحبه وإشتاقت إليه ، ولكن كأن تلك الليلة مازالت تقف حائلاً بينهما ولا تعلم كيف تتخطى الأمر وتمحى تلك الذكرى الأليمة من عقلها ، فحتى وإن حاولت تجاوز أمر خسارتها لطفلهما ، وأنهما يستطيعان إنجاب غيره ، إلا أن أمر إعتداءه الوحشى عليها لم تستطيع حتى الآن أن تدرجه تحت بند محتمل النسيان والتجاوز
جلست ميس ووضعت وجهها بين كفيها وأجهشت بالبكاء، تصريحاً بأنها لم تعد تشعر بالأمان الذى من المفترض أن تشعر به من تجاهه ، ولا تعلم كم ألمته بفعلتها تلك ؟ جعلته يشعر بأنه رجل بربرى لا يتحلى بأى مظهر أو سلوك حضارى
ولكن رغم ذلك جلس بجوارها وجذبها إليه جعلها تتوسد كتفه وطوقها بذرا عه وقـ ـبل رأ سها قائلاً بقلة حيلة:
– طب أعمل إيه يا ميس علشان أخليكى تنسى اللى حصل ، أنا مبقتش عارف أعمل إيه
رفعت ميس عيـ ـنيها الدامعتان له وقالت بألم :
– أنا كمان مش عارفة بس كل ما أحاول أنسى وأقول خلاص ، أول ما تقرب منى بفتكر اللى حصل وبفقد سيطرتى على أعصابى ، صدقنى أنا والله بحبك يا عمران وبعشقك كمان بس ليه مش قادرة أنسى
عادت لبكاءها ودفـ ـنت وجـ ـهها بصـ ـدره ، لعله يدلها على سبيل أو درب للنسيان ولكنه هو الآخر عاجزاً عن التفكير ، فظلا هكذا فريسة حزن رهيب على أيام ستضيع هباءًا من بين أيٕـ ـديهما ، ورأسها المندس فوق صـ ـدره يصعد ويهبط تزامناً مع خفقات قلبه الهادرة أسفل أذنيها
ولكن بعد برهة وجيزة ، أبتعدت ميس عن عمران وقالت كأنها وجد الحل لتلك المشكلة المستعصية :
– أنا لقيت حل لمشكلتنا دى يا عمران
رمقها عمران بشك وقال متسائلاً بترقب :
– حل إيه ده يا ميس وبتفكرى فى إيه بالظبط ، أوعى يكون..
لم يكمل قوله كأنه فشل فى إيجاد صيغة ملائمة لما يفكر به ، فرغماً عنها شقت إبتسامة صغيرة شـ فتيها ، لعلمها بأنه ربما سيثور رافضاً إقتراحها الذى لم يسمعه منها بعد

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لا يليق بك إلا العشق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى