رواية ضروب العشق الفصل الثامن عشر 18 بقلم ندى محمود توفيق
رواية ضروب العشق الجزء الثامن عشر
رواية ضروب العشق البارت الثامن عشر
رواية ضروب العشق الحلقة الثامنة عشر
ابعد حسن نظره وكذلك كرم وقد بدت عليهم علامات الاستياء البسيط ، أما زين فخانه نظره والقى نظرة سريعة عليها كنوع من الفضول وبمجرد ما وقع نظره عليها اشاح بوجهه فورًا ومسح على وجهه متأففًا في غضب شديد متمتمًا :
_ استغفر الله العظيم يارب
كانت يسر قد اتت قبل زين بلحظات قليلة ولم تتمكن من الترحيب بها فاقتربت هي منها ومدت يدها تقول في رقة طبيعية منها :
_ Hi !!
مدت يسر يدها وصافحتها في عنف هاتفة باغتياظ وغل :
_ هاي ورحمة الله وبركاته ياحبيبتي
حك حسن ذقنه محاولًا إخفاء ابتسامته التي كانت ستنطلق على شفتيه بعدما رأي قسمات زوجته وردها المليء بمشاعر الحقد على ابنة عمها .. أما ميار فاقتربت من ملاذ أولًا تمد يدها لتسلم عليها ولكن ملاذ رمقتها بنظرة فاحصة كلها غيرة خاصة بعدما عرفت من زوجها قبل أن يأتوا أن جدته كانت تحاول تزويجه من هذه الفتاة المتحررة ، ثم صافحتها بخنق ولم تقترب من زين ولم تحاول أن تمد يدها المصافحة لعلمها أنه لا يصافح النساء ، وكان واضح على معالمه أنه ينقصه دقيقة أخرى وينفجر بالكل بلا استثناء من فرط غيظه وهو يتحاشي النظر إليها ولا يرفع نظره بتاتًا واحترامًا لجدته فقط هتف بامتعاض دون أن ينظر لها :
_ عاملة إيه ياميار ؟
ردت عليه في خفوت هاديء وتوتر من ملامح وجهه المحتقنة بالدماء :
_ الحمدلله كويسة
كان يسود الصمت المشحون بالتوتر والضيق من الجميع على ما ترتديه أمام أولاد عمها دون احترام لأحد ولكن زين لم يكن يستطيع تحمل هذه المهذلة حيث وجه حديثه لشقيقته في نظرة صارمة ومخيفة وصوت رجولي أجش :
_ قومي يا رفيف خدي ميار واديها حاجة تلبسها من هدومك
نقلت ميار نظرها بين الجميع في شيء من الدهشة وبالأخص جدتها التي اشارت لها بأن تفعل دون جدال فنهضت ولحقت برفيف إلى اعلى حيث غرفتها ، ليصدر هو زفيرًا ملتهب ويزداد سوء غضبه عندما سمع جدته تهتف مدافعة عن حفيدتها :
_ زين ميار متربية طول عمرها في المانيا واتعودت على اللبس ده كنت قولتلي أنا وأنا كنت هقولها
هدر في اندفاع وعصبية بصوت به لمسة خشنة مريبة :
_ اللبس ده تلبسه في المانيا ملناش دعوة بيها لكن هنا تحترم وجودنا .. مش طالعة قدامنا بقميص نوم
ثم هب واقفًا واندفع لغرفته بالاعلى وبدون تفكير لحقت به ملاذ .. وهدى كانت تنظر في عدم حيلة فهذا ما كانت تخشاه أما الجدة فقد ظهرت علامات الغضب على وجهها فلأول مرة يصيح بها حفيدها هكذا ، ليهتف كرم في هدوء ولطف :
_ متزعليش من زين ياتيتا إنت عارفاه عصبي ، انتي اتكلمي مع ميار بس وفهميها بهدوء
ثم تحولت نبرته من الهدوء إلى الحدة البسيطة وهو يكمل :
_ لان هو عنده حق برضوا تلبس اللي عايزاه في المانيا .. بس هنا تحترم وجودنا
كان حسن يتابع الذي يحدث في صمت وفضل أن لا يتحدث أبدًا حتى لا يكون فظًا أكثر من أخيه الكبير ، و لتنهي هذا التوتر هدى وهي تهتف معاتبة ابنائها في ضيق :
_ خلاص ياولاد حصل خير جدتكم لسا جاية من سفر هتضايقوها من أول كام ساعة كدا .. تعالي ياماما اوضتك فوق وغيري هدومك وارتاحي شوية من السفر
استقامت واقفة ثم اتجهت إلى غرفتها بالأعلى ولحقت بها هدى وانتهت الجلسة على كرم وزوجته وحسن ويسر ، ليقول حسن ساخرًا وهو يضحك بشيء من الضجر في اندهاش من جرائتها التي مكنتها من الخروج أمامهم بهذه الملابس الفاضحة :
_ على رأى زين ده قميص نوم فعلًا !!
بادله الضحكة الساخرة بنفس الضجر .. لتهب يسر واقفة وهي تتنهد الصعداء وتشير لشفق بأن تأتي معها ويجلسوا في أي مكان آخر ويجددوا مودهم الذي عكرته تلك الالمانية الصغيرة !! ……..
***
اغلقت ملاذ باب الغرفة خلفها برفق ورفعت النقاب عن وجهها ثم اقتربت منه وملست بيدها على كتفه هامسة :
_ ممكن تهدى الموضوع مش محتاج كل العصبية دي !
صاح منفعلًا :
_ مش محتاج ازاي ياملاذ إنتي مش شايفة كانت لابسة إيه … إزاي اصلًا قدرت تطلع قدامنا بالمنظر القذر ده !!
قبضت على كفه تضغط عليه بلطف وتتمتم برزانة :
_ هي صغيرة لسا وزي ما قالتلك جدتك هي عايشة برا فمتعودة على كدا
قال ضاحكًا بسخرية على حسن نية زوجته :
_ ميار مش أول مرة تاجي عندنا يا ملاذ دايمًا بتاجي ولما بتاجي أنا بسكت وبستحمل وعمرها في مالبست اللبس ده
عقدت حاجبيها وهي تتساءل عن سبب تغير الأمر الآن وتهدر في حيرة :
_ وإيه اللي اتغير دلوقتي يعني ؟!!
قال بتوضيح أشد ونظرة مشتعلة :
_ اللي اتغير إن جدتي مش عجبها إني اتجوزتك وأكيد موصياها وهي فاكرة إنها لما تلبس كدا أنا هغير رأي وهتجوزها وهطلقك مثلًا .. من الآخر يعني كل ده مقصود وهو ده اللي مجنني ومخليني متعصب كدا عشان فاهم حركاتهم دي كويس أوي
تركت يده وظهرت علامات الغيظ والغل على محياها هل تسعى تلك الشيطانة الصغيرة للتفريق بين زوجها بعد كل ما فعلته لكي تحسن علاقتهم ، بالتأكيد لن تسمح لها بالعبث معها وستضع الحدود لردعها كما يجب ! .
مدت يدها وقالت بدلال وهي تعبث بقميصه وتنهدم من مظهره :
_ ومين قالك إني هسمحلها أصلًا إنها تفرق بينا حتى لو كانت جدتك
نظر إلى يدها التي على قميصه وتلمس صدره ونبرة صوتها المغرية ونظرتها فكاد لوهلة أن ينصاع خلف رغباته ولكنها اكملت في لؤم :
_ هي جدتك مش عايزاك تاخد اسبوع معاهم هنا .. أنا بقولك نقعد اسبوع وسبلي البت ميار دي
ابعد يدها بكامل الهدوء حتى لا تؤثر عليه أكثر من ذلك بلمساتها المذهلة وقال باسمًا بتحذير :
_ ملاذ أنا مش عايز مشاكل !
أجابته ضاحكة بمداعبة محببة لقلبه :
_ إنت تعرف عني إني بتاعت مشاكل برضو ياحبيبي .. اطمن
واستجمعت ثقتها وشجاعتها لتقترب وتطبع قبلة ناعمة على وجنته ، لتذيبه بالكامل على أثرها .. ألم تكفيها كلمة ” حبيبي ” حتى تضع هذه القبلة المسحورة على وجهه ، فأخذ هو نفسًا عميقًا ليخرج قليلًا من النيران التي اشتعلت في أعماقه على أثر قبلة واحدة ، ولم يغب عنها وضعه بالتأكيد حيث لاحظت تأثيرها عليه فابتسمت بعاطفة وتلفتت في الغرفة بحركة دائرية وهي تقول :
_ إيه ده أول مرة ادخل اوضتك
كانت غرفة هادئة والوانها تبعث الراحة والسكينة ، واسعة إلى حد ما وعلى الحائط لوحة صغيرة مكتوب عليها آية الكرسي ، ثم وقع نظرها على الفراش العريض فنقلت نظرها في ارجاء الغرفة بحثًا عن أريكة وعندما لم تجد شكرت ربها في قرارة نفسها وسعدت لأنها ستقضي اسبوعًا كاملًا وهي بجواره في نفس الفراش ، وستأخذ هذا الأسبوع وسيلة لتقوية علاقتهم أكثر ولن تسمح لجدته أو ابنة عمه بأن يشعلوا فتيل المشاكل بينهم ! .
عادت بنظرها مجددًا له وقالت في جدية وحنو :
_ روح اعتذر من جدتك مينفعش إنت عليت صوتك عليها برضوا ، متخليهاش زعلانة منك وهي لسا جاية من سفر
أماء لها بالموافقة ثم قرب كفه وملس بابهامه على وجنتها في حنان نابع من عيناه وهو يهمس شاكرًا إياها لأنها نجحت في امتصاص غضبه بأقل الكلمات :
_ شكرًا ياملاذ
طالعته بابتسامة عاشقة وأعين تلمع بوميض جميل لتصنع ابتسامتها وعيناها مزيج غرامي رائع ، واستقرت هو من عيناه نظرة دافئة أخيرة قبل أن يستدر وينصرف متجهًا إلى غرفة جدته حتى يعتذر منها عما صدر منه من فظاظة وانفعال ليس بإرادته ! ……
***
فتحت الباب ودخلت بعد أن اخبرتها رفيف بأنه في غرفته ، اغلقت الباب خلفها وسمعته وهو يتحدث مع أحدهم عن البحث عن شخص وكان مستاء بشدة ويقول بوضوح ” مهو أنا هجيبه يعني هجيبه هيروح مني فين ” فتوقفت للحظات تحاول توقع عن من يتحدث ولم يتعبها التفكير كثيرًا وبسهولة فهمت أنه يتحدث عن ذلك الوغد الذي قتل زوجته و لا يكف عن ملاحقتها ، فأخذت نفسًا عميقًا واقتربت منه بعد أن انهى الاتصال وكانت نظراتها تطلع اشارات مباشرة بعتاب وخوف فتستقبل منه الريبة والتعجب في نظراته حتى تمتم بخفوت :
_ في إيه ؟!!
قالت بأعين زائغة :
_ لسا مصمم علي اللي في دماغك وإنك مش هتسلمه للشرطة لو مسكته
أجابها في حزم ونبرة غليظة :
_ ومش هتراجع ابدًا
ازدادت نظرات عيناها حزنًا وقلقًا وغمغمت في رجاء :
_ ارجوك بلاش ياكرم .. إنت معقول عايز تقتله !! ، إنت لو حابب تخلص عليه نهائي ممكن تدخله السجن وهتقدر تخليه ياخد اعدام وهيبقى أخد جزائه بس بالقانون ومن غير ما تضيع نفسك بسبب الحيوان ده
حدجها بصمت دون أن يجيب فعلمت أنه لم يقتنع بما قالته ومازال مصر على قراره أي أنه لن يزيل فكرة القتل من عقله بتاتًا ، اصابها اليأس والشجن وقالت بأعين دامعة :
_ يعني مفيش فايدة !
هز رأسه نافيًا في اصرار واضح على ملامح وجهه الحازمة فتضيق هي عيناها بخزي وتتجه نحو الفراش وتجلس عليه بألم ، فشعور القلق يزداد بداخلها كلما تتذكر أنه لا زال يلاحقه ، التفت هو لها بجسده كاملًا وتمتم في نبرة رجولية خشنة :
_ أنا عايز اخد حق مراتي واخد حقك إنتي كمان
لم تتمكن من منع دموعها ورفعت نظرها له تقول مندفعة من بين بكائها :
_ وأنا بقولك أهو مش عايزاك تاخدلي حقي أنا عايزة القانون هو اللي ياخدلي حقي منه ، ومراتك ماتت خلاص .. يعني لما تقتله محدش هيستفيد حاجة إنت الوحيد اللي هتخسر حياتك
استغفر ربه مغلوبًا على أمره ولم يتضايق من كلامها الذي قد يكون قاسيًا على أحد لا يعرفها ، ولكنه بات يفهمها جيدًا ويفهم أنها لا تقصد فقط قالت هكذا من ضيقها واضطراب نفسها ، ولامه ضميره عندما رأى دموعها فاتجه وجلس بجوارها متمتمًا بعد أن عاد لطبيعته الساحرة والرقيقة :
_ طيب فهميني بس إيه سبب العياط أنا زعقت فيكي وأنا مش واخد بالي مثلًا !!
التفتت برأسها ناحيته وقالت بصوت مبحوح ونظرات راجية دون أن تفكر فيما تقول حيث اعترفت له بشجاعة ومباشرة :
_ سببه إنك مش عايز تفهم إني خايفة عليك ، ومش عايز تفهم إني مبقليش حد غيرك ومعنديش استعداد اخسرك إنت كمان .. قولي كدا إنت لما تقتله وتدخل السجن أنا إيه وضعي ، هيحصل فيا إيه !!
الجمته كلماتها وصنمته في مكانه فأخذ يتطلع إليها بسكون دون أن يتكلم ، بل ما قالته كان كافي لعدم إيجاده الكلمات التي سيجيب عليها بها ، فمن جهة ألم قلبه وناره على زوجته التي قتلت بابشع الصور ونفسه التي لن ترتاح إلا حين تأخذ بثأرها ومن جهة مسئوليته تجاهها ، والآن فقط فهم كم هو صعب مفهوم التضحية فعليه أن يضحي أما بثأره لزوجته أو يضحي بها ! .
حارب توتره الدئم بمجرد ما أن يقترب منها ومد كفه الكبير بصعوبة يضعه على كف يدها الناعم والصغير محاولًا تهدئتها وإبعاث الآمان إلى نفسها المضطربة والخائفة وهمس بالقرب منها باسمًا في حنو مع قليل من المداعبة ليخرجها من الكآبة المهيمنة عليها :
_ طيب ياشفق وإنتي دلوقتي شوفتيني قتلته ودخلت السجن ، أنا تقريبًا كل ما اتكلم معاكي بتعيطي لدرجة إني بقيت اخاف اكلمك لتعيطي ومبقتش فاهم في إيه !! .. أكيد عارفة إن الزعل الكتير مضر وخصوصًا لو كان على بنوتة قمر زيك كدا !
قال جملته الأخيرة بجرعة زائدة من الرقة افقدتها توازنها ولوهلة احست بأنها ستسقط بين ذراعيه فاقدة لوعيها حيث حدقت به بأعين هائمة وهي تقول في نفسها برجاء ” توقف ارجوك لا تنظر لي بعيناك الجميلة هذه وبهذه النظرات الدافئة ، فأنا لم اعد اتحمل وسامتك ورقتك ” ولكنها عادت لوعيها بسرعة واجفلت نظرها عنها في خجل واستحياء من مغازلته لها بل في الغالب كانت خجلة وفي نفس ذات اللحظة ترغب في الابتسام من دهشتها بأنه تغزل بها لأول مرة وهي تعرف جيدًا توتره الشديد منها ، فلم يكن الأمر مخجل بقدر ما كان مدهش بالنسبة لها !! .
ثم رفع كفه عنها وقال ضاحكًا عندما تذكر شيء :
_ استني هوريكي حاجة بس يارب متكونش ماما شالتها
ثم هب واقفًا واتجه نحو خزانته وفتحها وانحني للأسفل يفتش عن شيء معين بين الملابس حتى وجدها وكانت عبارة عن لعبة مهرج شكله قبيح قليلًا ثم عاد وجلس بجوارها مجددًا فاخذتها من يده تحدق به باستغراب هاتفة :
_ إيه دي ؟!
_ دي ياستي طفولتي البائسة .. كنت دايمًا وأنا صغير بعيط على أقل حاجة ومش عياط طبيعي لا ده ازعاج يعني كنت مزعج فبابا سافر برا مصر لشغل ولقي اللعبة دي بالصدفة وجبهالي مخصوص وهو جاي .. اللعبة دي بقي بمجرد ما تعيطي بصوت عالي بتقلدك بس بطريقة كوميدية ، وفي مرة بابا حبسني في اوضتي وسابها معايا وكنت كل ما اعيط من الزعل والضيق انهم حبسوني هي تقلدني وافضل اضحك .. طبعًا هي بنسبة لطفل لعبة مضحكة جدًا مع إن شكلها وحش .. ولما كنت بعيط قدامهم كانوا بيطلعوها قدامي فتقلدني واضحك فورًا ، فاللعبة دي كانت وسيلة للتخلص من الازعاج بتاعي ولغاية دلوقتي محتفظ بيها وكل ما اشوفها اضحك تلقائيًا فأنا هخليها جمبك في البيت في الاوضة عشان كل ما تعيطي كدا تضحكك
اطلقت ضحكة مرتفعة وقالت تبادله مداعبته في حب :
_ اممم انت عندك حق أنا فعلًا محتاجة اللعبة دي لأن الفترة دي بعيط بسبب ومن غير سبب
_ أهاا ما أنا ملاحظ كدا برضوا ، أهم حاجة ميكونش السبب أنا بس !
هزت رأسها بالنفي قائلة من بين ضحكاتها :
_ لا اطمن مش إنت
اظهرت شفتيه عن ابتسامة عريضة وقال في صوت به لمسة مريحة :
_ طيب الحمدلله .. يلا قومي عشان ننزل لهم تحت لاحسن تيتا تزعل لما متلاقيناش
مدت يدها وجففت دموعها بظهر كفها ثم استقامت بعد أن نهض هو واتجه نحو الباب فلحقت به حتى تخرج لهم معه ، فهي لازالت لم تتعود على اشقائه وزوجاتهم جيدًا وتتوتر منهم ، ولكن علاقتها قوية بأمه وشقيقته فقط ! …..
***
داخل غرفة الجدة …..
هتفت هي في عتاب وغضب دفين :
_ وصلت إنك تعلي صوتك عليا يازين !!
اجفل نظره أرضًا في خجل وقال بندم واعتذار صادق :
_ أنا آسف مقصدش والله ياجدتي اعلي صوتي عليكي أنا فقدت اعصابي ومقدرتش اتحكم في نفسي
هتفت في حدة وصرامة بضجر :
_ أي كان السبب مكنش ينفع تحرجها كدا قدام الكل ، رفيف بتقولي فضلت تعيط في الأوضة لما طلعت فوق
ضحك باستهزاء وهو يحاول تمالك اعصابه التي على وشك الانفجار من جديد وقال بنبرة مستنكرة مما تقوله جدته :
_ احرجها !!! ، ثم إن إنتي إزاي بتدافعي عنها !
_ أنا قولتلك إنها متعودة من صغرها بتلبس كدا وأنا مش بتدخل ومش بحب اضيق عليها البنت لا ليها أب ولا أم وملهاش غيري وغيركم إنتوا وعمك طاهر
لم يتمكن من حجب نفسه أكثر من ذلك حيث حدج جدته بنظرات مريبة وهدر بلهجة مخيفة :
_ وهي في بنت محترمة تلبس كدا !! ، ومفيش حاجة اسمها مش بحب اضيق عليها ياجدتي ، في حاجة اسمها إن دينا بيأمرنا بالحجاب والاحتشام والأدب والأخلاق لكن تطلع قدامنا بفستان بالمنظر ده يبقى لازم نحطلها حدود أنا مكنتش بتكلم لما كنتي بتاجي إنتي وهي كل مرة بس جبت اخري خلاص
لم يعجبها كلامه مطلقًا حيث قالت باعتراض وفي آخر كلامها ختمته بالشيء الذي زاد من اشتعال نيران غيظه :
_ برضوا مكنش ينفع تقولها كدا قدامكم كلكم .. وبعدين فهمني إنت إيه مش عاجبك في بنت عمك مش كنت إنت اولى بيها بدل ماروحت اتجوزت بنت لا نعرفها ولا تليق بيك أصلًا
تمالك أعصابه بصعوبة شديدة ومسح على وجهه متأففًا وهو يستغفر ربه وقال في هدوء يضمر خلفه أعصار تسونامي :
_ مراتي أنا اللي اخترتها وقررت إني أكمل معاها وطالما قررت القرار ده يبقى أنا شايف إنها تليق بيا .. بس برضوا هتكلم معاكي بالمنطق قوليلي ياجدتي بالله عليكي هي ميار تليق بيا ؟!
صمتت لبرهة وهي تحاول اسكات الصوت الذي بداخلها ويخبرها بأن تجيب عليه بـ ” لا ” وقالت باصرار على رأيها :
_ ومتلقش بيك ليه بقى ؟!
تنهد بعمق وقال في رزانة وقد هدأت ثورته الداخلية قليلًا :
_ إنتي عارفة إني عصبي ودمي حامي وعندي حدود وقوانين ومينفعش حد يتخطاها وميار متنفعش مع حدودي وقوانيني ، لان لا هي هتستحملني ولا أنا هستحمل دلعها واسلوب حياتها اللي اتعودت عليه .. من الآخر أنا عايز واحدة تقدر تفهمني وافهمها ، واحدة اقدر استأمنها على بيتي وولادي وأنا مغمض وتكون على خلق ودين وعاقلة ، لكن ميار مستحيل أنا وهي ننفع مع بعض فعشان كدا ارجوكي ياجدتي طلعي الموضوع ده من دماغك .. كفاية أنا تعبت والله
مازالت لم تتخلي عن رغبتها في تزويجه من ابنة عمها وخصوصًا بعدما رأت زوجته ولم تستلطفها أبدًا وقالت في استسلام سريع وعجيب بالنسبة له :
_ طيب ياحبيبي ربنا يسعدك مع مراتك
اقترب وقبَّل جبهتها في حنو وقال بشيء من الجدية :
_ أنا هقعد معاكي الأسبوع زي ما إنتي عايزة عشان خاطرك بس وعشان مزعلكيش بس ارجوكي خلال الأسبوع ده مش عايز أي حاجة تحصل تضايق مراتي أو توجهي ليها أي أهانة سواء إنتي أو ميار لإني مش هضمن ردة فعلي وقتها .. احترامها من احترامي ياجدتي !
رتبت على كتفه برفق مغمغمة بنبرة من الخارج تبدو عادية ولكن من في جوفها تحمل كل أشكال الغيظ والحقد والمكر :
_ حاضر اطمن متقلقش ده إنت الغالي ابن الغالي ومقدرش على زعلك ، ومراتك فوق راسي ياحبيبي
ابتسم له في دفء ثم رفع كفها لشفتيه يقبل ظاهره في مشاعر نقية وعذبة فتبادله نفس نظرة الحب النقية والصادقة وتملس على شعره بكفها الآخر في حنو ! …….
***
في تمام الساعة الثامنة مساءًا …..
خرج حسن من المنزل وقاد خطواته نحو الأريكة الكبيرة المتوسطة في نصف الحديقة وأمامها طاولة صغيرة فاخرة ، وكان في يده كأس الشاي الخاص به ! ، وجلس على الأريكة بجوارها بعدما وجدها تجلس بمفردها في الخارج وقال وهو يرتشف من كأسه :
_ قاعدة وحدك ليه ؟!
هتفت ميار في بساطة مبتسمة :
_ عادي زهقت شوية وحبيت اقعد هنا ، وإنت ليه مش قاعد معاهم جوا ؟!
أجابها بنبرة صوت عادية :
_ بحب اشرب الشاي في روقان
اماءت له برأسها في تفهم ثم هيمن الصمت بينهم لدقائق قليلة حتى نظرت له وقالت بمزاح لطيف :
_ لما نينا قالتلي في المانيا إنك اتجوزت يسر اندهشت الحقيقة
عاد يرتشف من كأسه مرة أخرى ويجيبها باسمًا في شيء من الفتور :
_ أمممم شوفتي .. هي الدنيا كدا يوم ليك ويوم عليك !!
ضحكت بخفة وانوثة ليست متكلفة منها ثم أكملت في ضحك أشد متشبعة بحرارة الحديث :
_ لا بس بجد آخر بنت كنت اتوقع إنك تتجوزها هي يسر ياحسن
قال بضحكة خفيفة في خنق :
_ هتصدقيني لو قولتلك وأنا كمان
اعتدلت في دي جلستها واصبحت مواجهة له وهي تقول بتشويق وفضول :
_ وإيه بقى إيه اللي خلاك تفكر تتجوزها
سكت للحظات قصيرة يعيد شريط الأحداث التي حدثت قبل أن يتزوجوا وماذا فعلت وكيف استغلت الصور والتسجيلات ضده لكي تصل لمبتاغها وهو الزواج منه ولا ينكر أنها نجحت بالفعل في إحراز أول اهدافها في معركتهما ! .
رفع نظره لأعلى بتلقائية فرأى زوجته في شرفة الغرفة تنظر لها بأعين نيرانية والغيرة قد وصلت لذروتها لديها ، وفقط يستطيع وصف نظراتها بأنها كانت تود أن تفتك بالجالسة بجواره ، وفي ظرف لحظة وجدها تدخل للداخل فعرف أنها قادمة إليهم ، ليقترب من ميار ويهتف ضاحكًا :
_ نصيحة مني لو خايفة على نفسك اهربي
حدجته بحيرة وقالت بتعجب متساءلة :
_ اهرب !! .. ليه ؟!
_ هتعرفي دلوقتي ليه
ولحظات بظبط وكانت يسر تتحرك في اتجاههم وهي تبتسم بتصنع ، وحده هو استطاع فهم الحقيقة التي تخفيها خلف الابتسامة المزيفة وهي أنها تشتعل بنيران الغيرة ! ، وحين وصلت لهم جذبت مقعد صغير وجلست بجوار ميار ثم وجهت حديثها له هاتفة في رقة متكلفة :
_ إيه ياحبيبي ليه مش قاعد معانا جوا ؟!
افتر عن ابتسامة عريضة ومتحمسة لما سيحدث الآن ولم يجب عليها فقط جلس بإرياحية أكثر على الأريكة مستندًا بساعده على ذراع الأريكة وهو يجهز نفسه لمشاهدة المعركة الكلامية التي ستحدث الآن !! ، وبالفعل تحدثت إلى ميار بشيء من الغيظ ولكنها تخفيه بابتسامة صفراء :
_ عاملة إيه ياميار ؟
اجابتها في عفوية وابتسامة عذبة :
_ gut
كنا لسا بنتكلم عنك وبقوله إني مكنتش متوقعة ابدًا إنكم تتجوزوا
القت نظرة مشتعلة عليه لتراه يحاول كتم ضحكاته ثم تعود بنظرها لميار وتهتف في هدوء ما قبل العاصفة :
_ مكنتيش متوقعة ليه ياحبيبتي ؟!!
_ يعني أصل الكل بيشهد دايمًا على خناقكم وعارفين إن كان حسن كان مش بيستلطفك أوي يعني العلاقة ما بينكم مش قد كدا
لم يتمكن هو من حجب ابتسامته ولكنه اخفاها بيده متصنعًا أنه يحك ذقنه ويقول في قرارة نفسه ” بتقولي إيه يابنت الهبلة هتاكلك ! ” وبالفعل رأى في عيناها علامات الغيظ والسخط ولكنها تحكمت في انفعالاته وقالت باقتضاب :
_ كااان .. لكن دلوقتي الوضع يختلف مش كدا ولا إية ياحبيبي ؟
وجهت له سؤالها في نظرات متقدة كلها غيرة وعصبية ليجيبها ضاحكًا مسايرًا إياها في كذبتها العلنية باستمتاع بغيرتها وعصبيتها التي تحاول اخفائها :
_ اممممم أكيد طبعًا يختلف ويختلف كتير أوي كمان !!
هتفت يسر محدثة ميار في لؤم :
_ ألا قوليلي ياميار هو الفستان اللي كنتي لبساه الصبح ده مش من مصر صح أصل عجبني أوي وكنت عايزة اشتري زيه
ارتبكت قليلًا بمجرد ذكر ماحدث بالصباح ولكنها قررت أن أن تكون لؤمًا أكثر منها وتسكتها تمامًا عن الكلام حيث قالت باسمة باستنكار :
_ وإنتي هتعملي بيه إيه يايسر ، اعتقد إنك مينفعش تلبيسه لإنك محجبة
بدأ الحديث يأخذ المنحني المفضل بالنسبة للشاهد الذي كان يتابع ما يحدث وهو يبتسم فوجد زوجته تضحك بخبث فاق مكر تلك الحمقاء التي ظنت نفسها قادرة على الانتصار عليها ، حيث قالت في خفوت ماكر ونبرة تقصد بها الإهانة ولكن بشكل غير مباشر :
_ لا ماهو إنتي متعرفيش إن الهدوم دي البنت بتلبسها في بيتها لجوزها بس مش في العلن عشان أمة لا اله إلا الله تتفرج ، بس واضح إن تيتا مقالتش ليكي الكلام ده لإنك لو كنتي عارفة مستحيل كنتي هتطلعي قدام ولاد عمك بالمنظر ده وللأسف الكل فاهم لبستي كدا ليه واولهم زين و……
نقلت ميار نظرها بين حسن الجالس وقد بدت علامات الدهشة على محياه حيث لم يكن يتوقع أن يكون ردها بهذا القسوة ، فقد أصابت الهدف تمامًا بكلماتها ، ولم يعجبه آخر ما قالته بالأخص في وجوده ، فلم يكن هناك داعي لآخر جملة حيث هتف مقاطعًا إياها بنظرة حازمة ونبرة قوية :
_ يــــســـــر !!!
التزمت الصمت بعدما رأت نظرته الغاضبة أما ميار فرمقتها شزرًا وباغتياظ ثم هبت واقفة واتجهت لداخل المنزل ، فتقول يسر ساخرة بقرف :
_ وكمان ليها عين ترد عليا .. ده إيه البرود ده أما بنت معندهاش دم صحيح !!
القى عليها نظرة مستاءة وزفر بنفاذ صبر وهو يشيح بوجهه عنها محاولًا تهدئة نفسه حتى لا ينفجر بها ، وفي ظرف لحظة وجدها تثب وتجلس بجواره ملتصقة به وتضربه على ذراعه بخفة هاتفة في غيرة شديدة :
_ شفتك بتضحك معاها ، بتضحك معاها ليه وكنتوا بتقولوا إيه هاااا ؟!!
بدا مفزوعًا من وثوبها المفاجيء إلى جانبه وضربها له على ذراعه فصاح بها منفعلًا :
_ وإنتي مالك كنا بنقول إيه !
فتحت عيناها على أخرهم مدهوشة من رده وقالت بعصبية وانفعال أشد منه :
_ أنا متقوليش إنتي مالك .. أنا مراتك ومن حقي اعرف كنت بتقول إيه لما تقعد مع بنت
ارغمته كلماتها وطريقة عصبيتها على الضحك ولكنه أيضًا مازال محتفظًا ببعض الغيظ حيث دفعها عنه هاتفًا بأعين مشتعلة :
_ الشاي هيتكب عليا !! .. ابعدي كدا بقى دي إنتي لزقة إيه الغلاسة دي
عادت تلتصق به من جديد قاصدة استفزازه وهي تقول بسخط حقيقي وليس مزيف :
_ مش هبعد وهتقولي كنتوا بتقولوا إيه ياحسن
رفع كأس الشاي لأعلى يوهمها بأنه سيسكبه عليها ويقول بضحكة بسيطة منذرًا إياها :
_ ابعدي هكب الشاي عليكي لو مبعدتيش والله
تراجعت للخلف وهي ترمقه شزرًا بامتعاض وعيناها تطلق شرارات حمراء فاطمئن لها وانزل الكأس ليجدها تهجم عليه وتغرز اسنانها بغل في وجنته فيرتفع صوت تأوه بتألم وتثب هي واقفة راكضة بعيدًا عنه حتى لا ينال منها وتسمعه يقول بغضب حقيقي هذه المرة واضعًا كفه على وجنته :
_ آاااه يابنت الـ ……..
هزت له كتفها يسارًا ويمينًا كوسيلة لزيادة ضجره وهي تضحك بخبث وتشفي ثم استدارت ودخلت للداخل تاركة إياه يتوعد لها !! ………
***
انتهى اليوم العائلي والجميع رحل باستنثاء زين وملاذ الذين سيقضون اسبوعًا كاملًا معهم في المنزل بناءًا على رغبة الجدة ، وقد دقت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل وجميع من في المنزل بمضاجعهم نائمون في ثبات بعد اليوم الطويل والمرهق الذي مر على الجميع بلا استثناء ! .
كان زين في فراشه جالسًا ويستند برأسه على حافة الفراش من خلفه وبيده أحد الكتب الدينية يقرأ بها بتركيز شديد ولكن تشتت انتباهه بمجرد ما لمحها وهي تخرج من الحمام بعد أن أخذت حمام مسائي دافيء وكانت ترتدي منامة بنصف أكمام ، ضيقة بعض الشيء على جسدها أي أنها تظهر منحياتها بوضوح وتصل إلى أسفل ركبيتها ولديها فتحة صدر واسعة بعض الشيء تأتي على شكل مثلث ، فقد مر على زواجهم شهر ولم يراها ترتدي شيئًا كهذا قط من قبل والغريب من كل هذا أنها كانت تتصرف بطبيعية تمامًا ولم تنظر لها مطلقًا فقط تجفف شعرها بالمنشفة الجافة ومن ثم اتجهت إلى امام المرآة لتبدأ في تسريحه ! .
وكانت افكاره كالتالي ” ماذا تفعل ؟! ، هل تحاول اغوائي ؟!! .. أم أنها تحاول أن تسلبني عقلي حتى لا أفكر مجرد التفكير في ميار ، أي أنها تريد أن لا تجعل أي فرصة بيني وبين أي أفكار معاكسة قد تظهر فجأة في ذهني ! ” ، أخذ يحدق بها وهي تسرح شعرها وعيناه لا تنحرف عنها لثانية ، ويترك لعيناه الحرية في التأمل بهذه المرأة الفاتنة التي تقف أمامه بملابس مثيرة ، ولم يعلم كم مر من الوقت وهو على هذه الحالة حتى وجدها تقف أمامه وهي تبتسم برقة وتتمتم في إحراج بسيط :
_ لو مش حابب أنام جمبك أنا ممكن أنام على الأرض عادي
يقسم لها أنه لو كان يوجد بهذه الغرفة اريكة لكانت ستجده فورًا عليها ، فهو لا يضمن نفسه السيئة عندما تدخل معه في نفس الفراش بملابسها هذه ، وبالتأكيد لم يتركها تقضي ليلتها على الأرضية فافسح لها في الفراش عن مكان وقال بسخرية وجدية :
_ تعالي جمبي وبلاش هبل قال أنام على الأرض !!
ابتسمت ابتسامة خفية لن يتمكن من مشاهدتها ثم تمددت بجواره وسحبت الغطاء إلى جسدها وأخذت تتابعه بصمت وهو يقرأ في كتابه وبعد دقائق اعتدلت في نومتها وقالت بحماس مترددة في طلبها :
_ ينفع ندردش مع بعض شوية لو مش هتضايق ؟
ترك الكتاب من يده واسنده على الفراش بجواره ونظر لها متمتمًا بتنهيدة عميقة :
_ ندردش في إيه ياملاذ !
اقتربت منه واستندت بمفرقها على وسادة الفراش وكفها كان تحت وجنتها وهتفت في وجه بشوش :
_ في أي حاجة ، وأنا كنت حابة اسألك عن حاجة كدا
_ حاجة إيه ؟ .. اسألي !
أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تبدأ في سؤالها وهي تقول بهدوء مشجع :
_ يعني أنا كنت عارفة إنك في فترة خطوبتنا مكنتش بتكلمني لإنك كنت خايف تغلط وتقول حاجة وتاخد ذنوب عليها من غير ماتحس ، لكن سؤالي بقى هو حرام فعلًا إن البنت تكلم خطيبها ؟!
ابتسم لها بحنو وأجابها بنبرة متشبعة بحرارة الحديث في ابتسامة ناعمة :
_ لا مش حرام طبعًا ياملاذ وإلا مكنتش هكلمك نهائي .. بس مش حرام لما المكالمة تبقى لمجرد السؤال والاطمئنان فقط زي ما كنت بعمل يعني كل كام يوم كنت بكلمك اسأل عليكي واطمن عليكي واقفل ، أو مثلًا لو كانوا بيتكلموا عن حاجة تخص شقتهم وكدا لازم يتفقوا مع بعض ويتكلموا عشان يجهزوا شقتهم وبرضوا بيبقى الكلام بحدود وبضوابط محددة ، لكن إيه هو الحرام بقى .. الحرام اللي بيحصل حاليًا ده خطيبي وبتكلم معاه في التلفون بيطمن عليا .. وبيطمن عليها دي اللي هي ساعتين أو تلاتة في كلام ملوش لزمة ، وعاملة ايه ياحبيبتي ووحشتيني ومعرفش إيه الكلام ده كله حرام زي ما هو حرام إن يبقى في خلوة بينك وبين خطيبك ولازم يبقى في غض بصر وكمان أنه يلمسك أو يمسك إيدك زي ما بيحصل حاليًا ده غلط ، لإن الخطوبة دي وعد بالزواج مش زواج يعني خطيبك ده غريب عنك واجنبي زيه زي أي راجل ماشي في الشارع غريب ، هل هتسمحي لحد غريب يلمسك أكيد لا وهو كذلك مينفعش
هزت رأسها متفهمة كلامه جيدًا ثم قالت باسمة بمشاكسة :
_ وإنت عشان كدا عجلت في الجواز
_ امممم لإني مبحبش الخطوبة دي نهائي وكنت بتعمد إني مكلمكيش أو اشوفك غير لما تبقى مراتي عشان تبقى كل حاجة حلال ومفيش حاجة غلط
تمتمت في نظرات غرامية وهائمة في بحور عشقه ونبرة تعزف سيمفونية حب ساحرة :
_ بجد أنا بحمد ربنا كل يوم إنه كرمني بيك يازين .. ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك
افترت شفتيه عن ابتسامة عاطفية ومد يده يعبث بخصلة شعرها المتمردة هامسًا :
_ طيب نامي يلا عشان الوقت اتأخر ، تصبحي على خير
ثم تمدد على الفراش وهم بأن يوليها ظهرها ولكنها اوقفته بقبضة يدها التي على كتفه وقالت بتعجب به بعض المداعبة :
_ مش هتقولي ويخليكي ليا إنتي كمان !!
قهقه بخفة وأجابها معيدًا ماقالته للتو في دفء :
_ ويخليكي ليا ياملاذ ، حلو كدا ؟!!
انحنت وخطفت قبلة سريعة من وجنته ثم تمددت بجسدها كاملًا على الفراش وجعلت وجهتها أمامه بالضبط تحدق به وهي تبتسم بسعادة غامرة بعد أن شعرت بدنو هدفها بينما هو فكان يوليها ظهره لا يرى وجهها الذي يتلون بمائة لون في اللحظة الواحدة من فرط سعادتها ، وظلت هكذا لدقائق حتى غلبها النوم وابحرت في عالم احلامها الخاص فيلتفت هو برأسه ناحيتها ثم بجسدها كاملًا ويبتسم لها بنفس مشاعر العشق المتبادلة ، ويلتقط كفها بحرص شديد ليطبع قبلة ناعمة على ظاهره ثم يرفع شفتيه لوجهها ويطبع قبلته الثانية على جبهتها ومن ثم وجنتها وأخيرًا على أعلى كتفها برقة أشد وحين وجدها بدأت تشعر بلمسات شفتيه المتفرقة على وجهها وكتفها وستستيقظ فابتعد عنها فورًا واغمض عينه سريعًا متصنعًا النوم !!!! …….
***
ترجلت رفيف من السيارة في صباح مشرق ودافيء ، ووقفت لدقائق وتحدق بالمطعم من بعيد وتفرك يديها ببعضها في توتر ، تحاول استدعاء بعضًا من ثقتها بنفسها وشجاعتها لتظهر أمامه في أول يوم عمل بينهم بكامل الثقة والشموخ ، ولكنها تعرف حق المعرفة أنها ستذعن لتوترها وإعجابها به بمجرد رؤيته ، وفورًا عصفت صورة أخيها في ذهنها فقالت بخوف في قرارة نفسها ” ماذا لو كان زين ينتظرني معه بالداخل .. لا لا استطيع يجب عليّ أن اضع الحدود لاضطرابي ومشاعري الحمقاء هذه ” فهندمت من ملابسها جيدًا وقادت خطواتها بكامل الثقة والثبات تجاه الداخل وبمجرد دخولها استقبلتها الفتاة التي تعمل في الشركة وقد كلفها أخيها بمهمة مساعدتها حتى لا تبقى بمفردها .
حدتثها رفيف في نظرات تتجول في ارجاء المطعم بأكمله :
_ أستاذ إسلام وصل يارحاب
اماءت لها بالإيجاب وقالت باسمة :
_ أها ومستنيكي جوا عشان نبدأ في الشغل فورًا
أخذت نفسًا عميقًا ثم قادت خطواته نحو جزء داخلي في المطعم فوجدته يجلس على طاولة متوسطة وأمامه أوراق بعضها كبير والآخر صغير ومنشغل بتفقدهم والعمل لتتحرك نحوه وتقف قائلة بخفوت :
_ أستاذ إسلام
رفع نظره لها وهب واقفًا فورًا وهو يجذب عكازه ليستند عليه في الوقوف ويمد يده مصافحًا إياها في عذوبة لتمد يدها وتتصافح معه بسطحية شديد ثم تسحب المقعد المقابل له للأمام وتجلس هاتفة باعتذار بسيط :
_ اتأخرت عليك أنا آسفة بس الطريق كان واقف
هز رأسه نافيًا يوضح له بساطة الأمر ويقول ببشاشة :
_ لا متأخرتيش أنا لسا واصل قبلك بدقايق أساسًا
افترت عن ابتسامة خفيفة على شفتيها وهي تقاوم ارتباكها منه ثم نظرت إلى الأوراق وعادت بنظرها له مجددًا تهز رأسها بعدم فهم ليقول في رسمية تليق بصوته الرجولي :
_ تمام بصي الورق ده فيه كل حاجة ومحتاج قعدة كدا طويلة عشان افهمك كل حاجة فيه ونشتغل صح ، واحنا وبنشتغل فنجان قهوة كدا هيظبط كل حاجة بتشربي قهوة ؟
تلعثمت لسبب مجهول هل لرسميته أم لوسامته أم لماذا ، لا تعرف ولكنها نفرت تلك الأفكار واستغفرت ربها في نفسها ثم قالت في هدوء تام :
_ أكيد بشرب قهوة
هب واقفًا وتحامل على عكازه موليًا إياها ظهره وقبل أن يتحرك خطوة للأمام التفت برأسه ناحيتها وقال في ابتسامة اظهرت عن غمازته :
_ فطرتي ولا اطلبلك فطار
بادلته الابتسامة التي كادت أن تكون ضحكة وقالت بامتنان :
_ فطرت الحمدلله ، شكرًا
عاد يوليها ظهره مجددًا وسار مبتعدًا عنها ليقوم بتحضير القهوة لكليها كما قال وتركها تتخبط في صراعتها وهي تعنف نفسها بشدة ولوهلة فكرت بأن تقول لأخيها بأنها لا تريد أن تتولي هذه المهمة ، فمن جهة توترها منه ومن جهة ضميرها الذي يلومها بشدة لأنها تعرف أن تلك المشاعر خاطئة ولا تجوز !! ……
***
داخل منزل حسن العمايري …….
كانت يسر تمسك باختبار الحمل بيدها وتحدق به بخوف ومشاعر متضاربة ، وتخشى أن تقوم بأجرائه فترى النتيجة إيجابية ، بالتأكيد ستفرح كثيرًا بمجرد تخيل أنها تحمل قطعة منه داخلها ، ولكنها تفكر كيف ستكون ردة فعله ياترى حين يعرف ؟! .
اتخذت قرارها النهائي وهو أن تقوم بأجرائه حتى تطمئن نفسها القلقة منذ تأخر موعد دورتها الشهرية عنها لأيام .. استقامت ثم دخلت الحمام وقضت دقائق طويلة ثم فتحت الباب وخرجت وهي تحدق بنتيجته والتي كانت تظهر شرطتين ! ، فشهقت بذهول ووضعت كفها على فمها لا تصدق ما تراه عيناها وتهتف بضحكة بلهاء ” أنا حامل بجد ” !! .
خرجت من غرفتها بعد دقائق وبعد أن هيأت نفسها لأخباره بكامل القوة والثبات دون ضعف واتجهت إلى غرفته ثم فتحت الباب لتراه يستعد للنزول ويصفف شعره بحرص شديد لتهتف في نبرة عادية بعض الشيء :
_ رايح فين ؟!
التفت لها برأسه وطالعها باستهزاء متمتمًا في حدة :
_ أظن حاجة متخصكيش
هدأت نفسها تمامًا بصعوبة ثم تحركت نحوه ووقفت بجواره هاتفة في جدية ونظرة مريبة :
_ عايزة أقولك حاجة
القي نظرة عليها بطرف عيناه متعجبًا من نبرتها ونظرتها وأحس بأنه أمر جديًا بالفعل فقال بحيرة :
_ في إيه قولي ؟!!!
اصدرت زفيرًا حارًا استكاع سماعه وبكامل شجاعتها وقالت بدون مقدمات :
_ أنا حامل