روايات

رواية غرام في المترو الفصل الثاني عشر 12 بقلم ولاء رفعت علي

موقع كتابك في سطور

رواية غرام في المترو الفصل الثاني عشر 12 بقلم ولاء رفعت علي

رواية غرام في المترو الجزء الثاني عشر

رواية غرام في المترو البارت الثاني عشر

غرام في المترو
غرام في المترو

رواية غرام في المترو الحلقة الثانية عشر

تجلس خلف الحاسوب تطبق كل ما تتعلمه جيداً، لم تخيب ظن يوسف و كم أسعده أنه اثبت لوالده إنه لم يعد الشاب الثلاثيني المدلل كما كان ينعته والده دائماً.
طرق علي الباب جعلها توقفت
“أتفضل”
تخشي أن يكون الطارق هذا الرامي، فهي لا تتحمل وجوده أو التحدث معه نقيض يوسف صاحب الظل الظريف، نظراته لها مليئة بالاحترام بينما الأخر نظراته تفيض بنواياه الخبيثة.
“ممكن أدخل؟”
ابتسمت وأشارت إليه
“اتفضل طبعاً”
جلس أمام مكتبها فنهضت احتراما وذهبت لتجلس علي المقعد المقابل له، سألها باهتمام
“إيه الأخبار، مرتاحة و لا متضايقة من حاجة؟”
“الحمدلله مرتاحة جداً، و لو ضايقتني حاجة أنا بعرف أتصرف كويس”
ابتسم من ذكائها، أدرك إنها قد علمت سبب سؤاله عن المضايقة والتي تتمثل في رامي
“الحمدلله كدة أنا مطمن، أنا جيت أشكرك مرة تانية علي إنك كنتي السبب نعرف صاحب المصنع اللي بيقلدنا، قبضوا عليه ورفعنا عليه قضية، و من بعد ما الخبر أتنشر زادت مبيعاتنا”
“ماشاء الله، ربنا يزيد و يبارك، أنا يعتبر ماعملتش حاجة، ربنا اللي بيسبب الأسباب”
أخرج من جيب سترته الداخلي ظرف أبيض وضعه أمامها
“أتفضلي مكافأتك”
“هو أنا لحقت أشتغل؟!”
“لاء دي مكافأة مالهاش علاقة بشغلك، دي من أرباحنا اللي زادت”
“معلش مش هقدر أقبلها، أنا هاخد مقابل شغلي و بس”
نهض وأخبرها
“أعتبريها مبروك علي الشغل، ونسيت اقولك أنا قدمت أوراقك للجامعة نظام انتساب عشان تقدري تيجي الشغل براحتك، و الجامعة قبلت أوراقك”
قفز قلبها من الفرح، ها هي ستحقق أول حلم كان علي وشك أن يذهب سدي في الأيام السابقة
“يوسف، شكراً جداً علي اهتمامك ودعمك ليا”
ابتسم وعينيه تخبرها الكثير
“عايزة تشكريني، يبقي تذاكري و تنجحي بتقدير ما يقلش عن إمتياز، اتفقنا؟”
أومأت إليه والسعادة تنضح من عينيها
“اتفقنا ”
※ ※ ※
“ألو؟، مستر حسن؟”
” فيه واحدة تقول لخطيبها مستر؟!”
ضحكت ابتسام وعقبت بخجل
“معلش، لسه مش مستوعبة اللي حصل”
“أنا كنت ناوي أجي أطلب إيدك بعد ما تخلصي إمتحانات، لكن مقدرتش أصبر أكتر من كدة”
أنتظر رداً منها أو تعقيباً لكن تلقي الصمت، نظر إلي شاشة الهاتف ليتأكد إنه مازال قيد المكالمة
“ابتسام؟”
“نعم”
“ساكتة ليه؟”
“بسمع حضرتك”
“حضرتي!، أنا فاهم إنك لسه مش مستوعبة اللي حصل، بس عايز أقولك مع الأيام هاتعرفي إن أنا بحبك قد إيه وبخاف عليكي”
خفق قلبها من اعترافه الصريح ونبرة صوته الأجش لها وقع علي سمعها، تشعر برجفة تسري علي طول العمود الفقاري لديها، توقع كيف تلقت اعترافه ذلك والدليل صمتها مرة أخرى
“مش مصدقاني، أيوة بحبك، خطفتي قلبي من أول يوم شوفتك فيه”
شعرت الأخرى بأحد ولج داخل الغرفة فوجدت شقيقتها أحلام تتمدد علي السرير الموازي لها
“معلش هكلمك بعدين، أصل ماما بتنادي عليا”
“سلميلي عليها”
“الله يسلمك”
“خدي بالك من نفسك و ذاكري كويس عشان عندك إمتحان الأسبوع الجاي”
ابتسمت وقالت
“حاضر”
“لا إله إلا الله”
“محمد رسول الله، سلام”
انتهت المكالمة وأطلقت زفرة بأريحية، تتمدد بجسدها علي الفراش مبتسمة وتنظر إلي السقف حتي اختفت ابتسامتها عندما تحدثت أحلام
“أوعي تديله الأمان، لا هو و لا غيره، كلهم صنف واحد، غدارين وخاينين”
ألتفت الأخرى لها لتعقب
“مش كل الرجالة سمير يا أحلام، أنتي اللي أخترتي غلط برغم حذرناكي منه، لكن برضو صممتي عليه و كأنه أخر راجل في العالم”
تساقطت دمعة من عينها و بنبرة أوشكت علي البكاء
“نصيبي و قسمتي، عينيا مكنتش شايفة غيره، كنت بحبه لدرجة عمري ما أتخيلت أعيش بعيد عنه”
“و أديكي قدرتي، و بقيتي أحسن، علي الأقل أرتحتي نفسياً وقاعدة في وسط أهلك معززة مكرمة، عكس الجحيم اللي كنتي عايشة فيه معاه”
تردد صوت سمير في أذنها بمعايرته التي لم يكف عن تذكيرها بها، يمر أمام عينيها كل ما كان يفعله بها من ضرب و إهانة حتي تحول حبها له إلي كراهية.
اجهشت في البكاء فنهضت ابتسام لتربت عليها
“معلش حقك عليا، والله ما قصدت أضايقك بكلامي”
“أنا مش مضايقة منك، أنا مضايقة من نفسي و اللي كنت بعمله في حالي، اتحملت حاجات كتير فوق طاقتي بسبب قلبي”
احتضنتها الأخرى وظلت تربت عليها، تركتها تطلق عبراتها دون توقف لعل ألمها يزول مع كل قطرة من دمعها.
※ ※ ※
اقترب وقت العمل علي الانتهاء، فذهبت إلي المرحاض تغسل يديها ووجهها، عادت إلي غرفة مكتبها فوجدت باقة ورود حمراء يتوسطها زهرة بيضاء، مرفق بها بطاقة ورقية مطوية، قامت بفتحها وقرأت المدون بها
“من يوم ما نورتي الشركة وأنا شايفك زي الوردة البيضا اللي جوة الورد الأحمر، مميزة وجميلة أوي
رامي”
عقدت ما بين حاجبيها بضيق
“ابتدينا بقي، أنت اللي جيبته لنفسك يا رامي”
حملت الباقة و ذهبت إلي غرفة المكتب الخاصة به، دفعت الباب بعنف، ألقت الباقة أعلي المكتب، ترفع سبابتها بتحذير
“المرة دي رمتلك الورد علي المكتب، المرة الجاية هرميه في وشك، شغل العيال المراهقة ده أنا فهماه كويس، أنا بنت بلد و عارفة إيه اللي ورا الحركات دي، ياريت ما تحطش أمل لأن ده مكان شغل وليه احترامه”
لم تعط له فرصة للحديث فتابعت
“لحد دلوقتي مارضتش أقول لمستر يوسف أو نور بيه، أو رأفت بيه بذات نفسه، ياريت بقي تخليك في حالك و تسيبني في حالي”
أخذ يضحك ليثير حنقها وأخبرها بحديث مبهم تدرك معناه جيداً
“لو حاطة أمل علي غيري، غيري عمره ما هيبقي ليكي، و لو أهتم بيكي شوية أول ما تبقي ليه هايسيبك زيك زي أي واحدة عرفها قبلك، لو سكتك دوغري وراسمة علي جواز، ده هيبقي عاشر المستحيلات لأنك زي ما أنتي شايفة بعينيكي، هو من عيلة مين، اللي زيي و زيك أخرهم يبقوا لبعض لو بصوا لفوق هيقعوا واقعة مش هيقوموا منها، يارب تكون رسالتي وصلت”
رفعت زاوية فمها جانباً بسخرية
“وصلت يا أستاذ رامي، بس اللي حضرتك ماتعرفهوش إن أنا علاقتي بغيرك في حدود الشغل مش أكتر من كدة، و عمري ما بصيت لحاجة أنا مش قدها، بالنسبة لكلامك الأخير بتاع شبهي و شبهك، أنا عمري ما هابقي شبهك حتي لو إحنا في مستوي مادي واحد، عارف الفرق ما بينا إيه؟، أنا سكتي يمين، لكن اللي زيك سكتهم علي طول شمال حتي لو أتجوزوا، عن إذنك”
حديثها كان بمثابة الصفعة علي خده، جعلته يزيد من إصراره للظفر بها مهما فشلت جميع محاولاته.
※ ※ ※
و في طريقها إلي غرفة المكتب الخاص بها، ذهبت إلي يوسف، عندما رآها أشار إليها بالدخول
“تعالي يا غرام، عايز أخد رأيك في حاجة”
ذهبت ووقفت جواره لتنظر نحو ما يشير إليها
“دي التصميمات الجديدة لسه مبعوته من فريق التصميم، وإحنا مسئولين عن تسويقها، إيه رأيك فيها؟”
كان قربه كفيل بتشتت انتباهها وعدم التركيز، يكفي عطره الفواح الذي جعلها تغمض عينيها لتستمتع باستنشاقه
“غرام؟، غرام؟”
يناديها بعد أن لاحظ صمتها وألتفت دون أن تدري ليجدها أسيرة قربه منها، هيهات وانتبهت إلي ندائه
“مع حضرتك، معلش سرحت شوية”
ابتسم وسألها بمكر
“عاجبك البرفيوم؟”
“اه، لاء، برفيوم إيه اللي حضرتك بتسأل عنه”
علم إنها تتهرب من الإجابة الذي يريدها
“مقولتيش إيه رأيك في التصميمات؟”
أشارت نحو شاشة الحاسوب
“التاني و الرابع والسادس و التامن، أجمل من الباقي”
“تعرفي إن ده كان نفس إختياري؟”
“بجد؟”
سؤالها كان ذو نبرة يبدو عليها التوتر، ذهبت للجلوس علي المقعد أمام مكتبه، فأجاب
“اه بجد، واضح إن فيه حاجات مشتركة ما بينا”
حمحمت فانتابها سعال فجأة، تناول زجاجة المياه من أمامه والكوب
“خدي أشربي”
أخذت الكوب وقامت بشرب القليل من الماء، بينما هو قام بغلق الحاسوب وتناول سترته من فوق ظهر المقعد ليرتديها
“روحي هاتي شنطتك من المكتب وتعالي عشان أوصلك في طريقي”
توردت وجنتيها من الخجل والحرج لأنها أخبرته
“معلش يا مستر يوسف، مش هاينفع أركب مع حضرتك”
تفهم رفضها فقال
“خلاص هطلبلك أوبر يوصلك”
ابتسمت لتخفي الحرج الذي تشعر به
“متشكرة، أنا بعرف أروح من هنا”
“بتركبي إيه؟”
ابتسمت وأجابت
“المترو”
“أنا حبيت المترو أوي، ممكن أروح معاكي وهنزل في آخر محطة و من هناك هاخد أوبر لحد الفيلا، أظن المترو وسيلة عامة مليانة ناس مفيهاش حاجة لو جيت معاكي”
لم ترده خائباً
“خلاص أنا هاروح أجيب شنطتي وهاستني حضرتك قدام المكتب”
“و أنا هاعمل مكالمة و هعدي عليكي”
ذهبت مسرعة إلي غرفة عملها، بينما في أخر الرواق حيث المصعد، خرجت كل من كاميليا برفقة ماهي
“كوكي، تفتكري يوسف هيفرح لما يشوفني؟”
أجابت الأخرى بطيف ابتسامة
“يمكن اه و يمكن لاء”
“و لاء ليه بقي؟”
ابتسمت بمكر تعلم سر عودته للعمل في الشركة عندما سمعت زوجها وأبيه يتحدثان عن يوسف المواظب علي العمل بجد ونشاط
“مش يمكن فيه حاجة تانية مشغول بيها”
أخذت تفكر فيما تلقيه كاميليا من معاني غامضة و في النهاية لم تعط أدني اهتمام لحديثها، ذهبت تبحث عن غرفة مكتب يوسف.
و لدي كاميليا داهمت مكتب زوجها فوجدت سوزي تقف بالقرب منه تعطيه عقود يقوم بالتوقيع عليها ورقة، ورقة فانتبه لولوج كاميليا المفاجئ، ابتعدت سوزي من جواره عندما تلاقت عينيها بالأخرى، كاميليا كانت تحدق إليها بابتسامة دبت الرعب في قلب الأخرى، يبدو إنها أصعب وداهية أكثر من السيدة منيرة.
جلست علي المقعد تضع ساق فوق الأخرى
“إيه رأيك في المفاجأة دي يا بيبي، أصلك وحشتني أوي قولت لما أعملك مفاجأة وأشوفك”
نهضت ومالت بجذعها نحوه لتقبله أمام أعين سوزي التي حمحمت بحرج
“عن إذنك يافندم”
“أستني عندك”
كان أمر من كاميليا فألتفت إليها سوزي
“نعم يا كاميليا هانم”
أشارت إليها بتعجرف
“روحي هاتيلنا إتنين آيس تشوكيلت من الأوفيس”
نظرت سوزي بصدمة ثم نظرت إلي نور لإنقاذ الموقف، أومأ لها بعينيه ثم عاد ببصره إلي زوجته يخبرها
“كوكي حبيبتي، آنسة سوزي تخصصها سكرتيرة مش أوفيس بوي”
نظرت نحوها بازدراء ثم عقبت علي جملة زوجها
“و ليه، مش هي بتقدم القهوة لأونكل رأفت؟”
هنا تخلت سوزي عن الصمت
“لاء يا مدام كاميليا، مش بقدم أي مشروبات، و ساعات إحنا بنخدم نفسنا بنفسنا، يعني اللي عايز حاجة يعملها بنفسه، عن إذنك ورايا شغل مهم”
و بادلتها نظرة الازدراء كما تفعل معها الأخري.
بالعودة إلي ماهي وجدت مكتب يوسف ودخلت بخطوات لم يشعر بها الأخر، وضعت كفيها علي عينيه
“أنا مين؟”
أبعد يديها عن عينيه
“أهلاً ماهي”
“وسهلاً يا چو، أنا حبيت أعملك مفاجأة وأخدك نتغدي بره أنا وأنت، و كوكي برضو هنا هتاخد نور و هيتغدوا بره هما كمان”
“معلش يا ماهي خليها في وقت تاني”
صاحت بدلال و رجاء
“بليز چو، عشان خاطري هي ساعة و هانروح علي طول”
أخذ يتردد قبل أن يوافق وقد نسي أمر غرام التي تنتظره وفي طريقها إليه
“تمام، ساعة واحدة مش أكتر من كدة”
و إذا بها صاحت بتهليل وفرح، قامت بمعانقته، فكان الباب مفتوحاً للمنتصف، كادت غرام أن تدخل فرأت هذا المشهد، تراجعت علي الفور، كانت ستصطدم بالذي يقف خلفها، استدارت علي الفور فوجدته رامي، يضع يديه في جيوبه يخبرها بانتصار
“دي ماهي عمار المنوفي، بنت النائب العام السابق و والدتها تبقي صديقة مدام منيرة مرات رأفت بيه، و كنا سامعين الفترة اللي فاتت إنهم هيتخطبوا”
لم تجب علي حديثه المقصود وأكتفت بالنظر إليه بازدراء ثم ذهبت قبل أن تنفجر باكية، ويتردد في سمعها تحذيراته.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غرام في المترو)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى