روايات

رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أمل نصر

موقع كتابك في سطور

رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أمل نصر

رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الجزء الثالث والعشرون

رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) البارت الثالث والعشرون

نسائم الروح (ميراث الندم 2)
نسائم الروح (ميراث الندم 2)

رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الحلقة الثالثة والعشرون

– جميلة ضلع اساسي في الموضوع عشان كانت شاهدة على كل شيء معايا طول الفترة اللي سافرتها، وانا منتظرة بالسنين رجوعك، وبواجه لوحدي اللوم والضغط من كل جانب، من عيلتي ومن اخويا اللي كان جلبه موجوع عليا ومحتار في أمري، ومن الناس اللي بتسألني كل يوم عن السبب في جعادي من غير جواز.

كانت تتحدث بعصبية، تواجه الاثنان بتحدي ادهشه، واثار الريبة بقلب صديقتها لتسألها:
– ما الكلام ده احنا عارفينه يا روح، وكان عندنا امل تكمل على خير، لكن بجى الأمر بإيد ربنا، راح اللي راح وكل واحد خد نصيبه، وصحبيتنا انا وانتي هي اللي كانت الضحية.

قالت الأخيرة بتأثر جعل الأخرى يرق قلبها للأيام الخوالي والصحبة الجميلة معها، قبل ان يفيقها هو بعنترية وغباء، بقصد توجيه اللوم لها:

– بلاش تفكريها يا جميلة، الصحبية والكلام الفارغ ده، مالهمش معنى مع اللي يبيع حب العمر، وعذاب الانتظار في لحظة ضعف…. لحظة ضعف تضيع جبالها عمر بحاله.

التفت بكامل انتباهها اليه، لتعطيه ردها بابتسامة ساخرة لم يفهمها، لتزيده حيرة بقولها:
– كلامك زين جوي يا عمر، مترتب كدة واللي يسمعه يصدق صح انك واحد موجوع.

– تجصدي ايه؟
سألها بتوجس ليخرج ردها على الفور:
– جصدي اني حافظت ع العهد وفضلت عليه سنين، لحد ما جات لحظة الضعف اللي انت جولت عليها دي ومجدرتش، بس ع الأجل حاولت… لكن انت بجى…… جدرت تحافظ عليه؟!

قالتها بقوة اجفلته، ليرف جفناه فجأة، ثم تنقبض عضلات وجهه بارتباك جاهد ان يخفيه، امام سؤالها المباغت، ليطالعها باستفهام اجابت عنه على الفور، وهي ترفع هاتفها امامه وامام شقيقته ، لتصبح الشاشة مقابلة لهم، قائلة:

– تعرف دي يا عمر؟
على غير ارادته، ارتدت اقدامه للخلف كرد فعلي اولي مصعوقًا برؤية اخر ما كان يتوقعه، وهذه المرأة التي يعلمها جيدًا، جالسة امامه في بث مباشر، تناظره بقوة ، وكأنها حاضرة الحديث من أوله.

– كيفك يا عمر؟
هذا ما تفوهت به المرأة تبادره الترحيب بملامح جامدة وغضب مستتر، حتى جعلت شقيقته تتسائل هي الأخرى:

– مين دي يا عمر؟
تحركت تفاحة ادم في حلقه، يبتلع ريقه الذي جف حتى اسبل اهدابه عن مواجهة المرأة ذات النظرة الحادة نحوه، فجاء الرد من غيرها:

– دي مدام عنود صاحبة الشغل اللي كان ماسكه اخوكي،
الست دي تبجى مراته او طليجته، هو اللي يعرفها دي اكتر مني دلوك، اخوكي اتجوز المدام ف البلد اللي كان بيشتغل فيها، وفي السر، عشان الست كانت عندها مشاكل مع ناس جوزها وتخاف تعلن الخبر جدامهم، المهم انه كان ماسكلها كل شغلها، في النهار المساعد واللي واخد توكيل لإدارة كل اعمالها، وف الليل جوز الست .

ارتفعت ابصاره نحوها بنظرة مشتعلة تلقفتها بعدم اكتراث تتابع بانفعال:
– اربع سنين متجوز المدام، يحوش في الفلوس وينيمني انا برسايل العشج، واني مفيش في الجلب غيري، وهانت يا روح، وانا زي الهبلة اصدج، وانتظر في السنين لحد الباشا ما يستكفي ويجي يحن عليا، بعد ما يغدر بالست ويسيبلها البلد من غير ما يبلغها حتى بسفره، ما هي كانت هتموت وتنزل معاه القاهرة، تعرف البلد وتتعرف على ناسه، ودا السبب اللي كان مانعه ما ينزل ولو حتى اجازة،….. ايه رأيك يا عمر؟ تجدر تكدب السيدة عنود؟!

تدخلت المرأة الأربعينية تساندها:
– ياريت يقلي وش صفتي عنده وإذا كنت كذابة خليه يحط عيني في عينه في الشاشة وأنا أطلع القسيمة وكل الاوراق الي تثبت

ضغط على نواجزه بملامح أظلمت بغضب شديد، ينقل بعيناه من الشاشة والى من تمسك الهاتف، ليهدر بها:
– شاطرة وبحثتي لحد ما وصلتي، لكن بجى اللي عايز اعرفه انا دلوك، يا ترى اللي وصلك بالمدام، خبرك كمان بالظروف اللي اتسببت في جوازي منها؟ مش هجولك عن الفلوس، لأن دي حاجة منكرهاش، انا خدت واستكفيت بس بالحلال منها، كله كان برضاها.

توقف برهة ليسترسل بصوت ارتفع بهياج:
– عشان اجمع اللي يوجفني على حيلي جدام اهلك، اواجهم بجلب مليان وانا مكافئ ليهم، كله كان عشانك، سفر ومرمطة وسجن وجواز من واحدة اكبر من بخمس اتشار سنة برضوا عشانك، عشان اوصلك، انتي السبب في كل التغير اللي حصلي ، كان لازم تواجهي وتتحملي عشاني، عشان ترجعيني لعمر بتاع الزمان، انتي الوحيده اللي كنتي هتريحي جلبي من وجعه، وتمسحي من عمري سنين الشجا والمرمطة، انتي الوحيدة.

هنا لم تقوى على كبت انفعالها به:
– انا مين ؟ ما تفوج لنفسك، جاي وطالب مني ارجعك انسان وانت كنت متجوز في الغربة وعايش حياتك، ايه الأنانية اللي انت عايش فيها دي.

– وايه تاني كمان؟!

صدر الصوت من ناحية مختلفة، من خلف الجسد الطويل، زوجها الذي كان يدلف من مدخل الساحة، وقد سمع على اخر ما تفوهت به، ليفاجأ بمقابلة تجمع الحبيبن السابقين بحضور الشقيقة التي كانت دوما مرسال الاحبة ، وهي تقف باكية وسطهم، بسماعها لعتاب الأحباب.

ابتلعت بزعر تبرر بدفاع عن نفسها، وقد ارتسمت الصدمة جليًا على ملامح حبيبها، نعم هذا ما تأكدت منه الاَن، انه ليس فقط زوجها او بن عمها، بل هو حبيبها الأوحد:

– انا هفهمك كل حاجة يا عارف

❈-❈-❈

– هو عارف مشي؟
توجه بالسؤال نحو جدته، بعدما بحث بعيناه عنه الإنحاء ولم يجده، لتعلق المرأة بمكر وعينيها تتنقل بالنظر نحوه ونحو زوجته الملتصقة به:

– وهيستنى ليه يا خوي؟ بعد ما سيبته وطلعت ورا مرتك، يا واد عيب عليك بجيت مفضوح جدامنا.

– يا مري.
تمتمت بها نادية بخجل، تخفي بكفها على فمها، لتثير التسلية بقلب زوجها في الرد:
– يا بوي عليكي يا فاطنة، استريحتي انتي دلوك لما كسفتيها، مش هتبطلي عمايلك دي ابدا.

اطلقت الجدة ضحكتها المميزة، لتردد بتصميم وخبث:
– ابدا ابدا، طول ما انا عايشة هجعد اناكف فيكم كدة، وجاعدة على جلبكم .

تبسم بحنان ليترك كف زوجته ثم يجلس بجوار المرأة يقبل اعلى رأسها مداعبًا:
– يا ستي اجعدي العمر كله، واكسفيها زي ما انتي عايزة، انا عن نفسي عاجبني مناكفتك دي، كفاية نشوف نشوف حمار الخدود اللي وردت مع كلامك ده .

قالها بإشارة نحو زوجته وهذه السخونة التي زحفت وجنتيها لتبدو شهية كقطعة الفراولة أمامه، لتتراجع هي عنهما بيأس مرددة:

– لا انتوا بينكم هتاخدوني سيلوتكم النهاردة، اروح انا اطل ع العيال في الجنينة، ليكونوا بيتعركوا كالعادة

قالتها وتحركت ليصلها الصوت الجدي هذه المرة في السؤال لجدته:
– يعني مردتيش يا فاطنة، الواد عارف راح فين انا مش شايفه.
اجابته بسجيتها:
– يعني هيكون راح فين، تلاجيه هو كمان راح ورا مرته مطرح ما هي جاعدة، ما انتم الاتنين ضاعت هيبتكم واللي كان كان.

لم تنتبه نادية لقول زوجها ومزاحه في الرد على جدته ، فالخوف بداخلها كان يتشعب ويتوسع مع طول الانتظار، تتمنى ان يمر الامر على خير

❈-❈-❈

بداخل منزلهما، والذي لا تعلم كيف وصلت اليه، كان النقاش المحتدم:
– يا عارف انا عايزاك تفهمني، اقسم بالله ما في اي حاجة من اللي في دماغك فيها، انا كنت…..

– كنت بتتعابي مع حبيب الجلب

خرجت منه بنبرة غاضبة تحمل داخلها اشياء أخرى لا حصر لها من لوم وصدمة وخيبة امل، لتشطر قلبها ألما عليه، فتواصل في محاولاتها علّه يفهم
مفيش أحباب غيرك يا عارف، احلفلك بإيه، وحياة ابني اللي لسة منزلش ع الدنيا.

صرخ بها بعدم تحمل، وقد ضج عقله بالظنون السيئة التي يصورها له في هذه اللحظة:

– كمان بتحلفي بولدى؟ انتي ضميرك مات من كله، وهان عليكي تحلفي كدب عشان تبرئي نفسك وفي داهية يغور العيل، ما الباشا صح جاعد في انتظارك، بعد ما تخلصي من ابن عمك عديم الكرامة، بعد ما خلاص راسك بجت مرفوعة جدام الكل، تجدري تتجوزيه وتخلفوا براحتكم ، بجي بيه وصاحب املاك، يعني يناسبك دلوك، وفي داهية مراته ولا يشغلها خدامك عندك احسن .

لطمت بكفيها على جانبي جسدها، تصيح بانهيار:
– يا مرك يا روح، انت كمان وصل بيك الظن لكدة، اسمعني يا واد عمي والله العظيم، قسما بالله العلي العظيم، كل اللي في دماغك اوهام وظنون بيهيئها الشيطان في لحظة غضبك، وانا وربنا العزيز مجدرة وحاسة، بس عايزاك تسمعني يا عارف.

اقترب بجموده يقابل عينيها بخاصتيه يردد بقوة ما يحمله بداخله من ألم:
– اسمع ولا افهم ايه بالظبط؟ ايه اللي يخلي مرة محترمة في الدنيا كلها، تجابل حبيبها الجديم بعد جوازها وجوازه من واحدة غيرها؟ ايه المواضيع اللي تجمع ما بينكم ياروح عشان تروحي وتجابليه.

– انا كنت بواجهه بعيبه عشان يحل عني، وجفت اخته شاهد ما بينا عشان تشهد بنفسها على خسة اخوها اللي بيطارد مرة متجوزة وهو مجمع فلوسه في الغربة من ورا جوازه بواحدة اكبر منه، اربع سنين .

– وكمان سألتي ووصلتي لجوازه من ولية نعمته؟

ارتدت رأسها للخلف بصدمة تستوعب ما تفوه به، ليعود ويؤكد لها:
– ايوة يا روح، انا كنت عارف بجوازه من جبل ما اتجوزك ولا تتكتبي على إسمي، بس انا ميلزمنيش اني ابين حجيجته جدامك ، عشان مجبلش ابدا اني ابني حبي في جلبك على انقاض حبك الجديم…….. يا تحبيني زي ما انا يا بلاها…

غامت عينيها بالدموع، لتتمسك بيده مخاطبه له برجاء وصدق:
– ما انا فعلا والله حبيتك، ويشهد ربي….

– بسسسس.
هدر بها، ينفض قبضتها عن ذراعه، بهياج:
– كفاية حلفان، عشان مهما بررتي يا روح، مفيش حاجة تخليني اسامح عن كرامتي، كرامتي اللي دوستي عليها وانتي بتجابلي حبيبك الجديم مهما كان دفاعك….. انا غبي عشان صدجتك ومشيت ورا جلبي وانا فاكر انك نسيتيه….. انا اللي استاهل كل اللي يجرالي.

اللي هنا ولم تعد بها قدرة، خارت قواها لتسقط بثقلها عليه، تضمه بذراعيها، كطفلة تتشبث بأبيها، تستعطفه برجاء:
– ابوس ايدك يا حبيبي اسمعني، انا اللي علجني فيك، هو ثقتك فيا وحنيتك وصبرك عليا، بلاش تغلب لحظة الشيطان،

❈-❈-❈

وفي الناحية الأخرى
لم تكن اقل اشتعالا، فهذا الساخط لم يترك شيئًا في مكانه، يدفع بقدمه ويلقي بأي شيء تطاله يداه، بانفعال يجعله يود إحراق المنزل وما فيه:

– الهانم جاي تحاسبني ومطلعاني شيطان، هي كانت مكاني، شافت الذي اللي انا شوفته، تعرف هي ايه عن جوازي من عنود؟ انا اللي اتعذبت وروحي ماتت، هي كانت عايشة برنسيسة في عز اهلها، ومع اول ازمة اتخلت عني، كنت عايزها تتمسك بيا، عشان محسش اني ضحيت في الهوا، مفيش فلوس تعوضني عنها يا جميلة، مفيش فلوس ترجع عمر الجديم…. ما تردي انتي ساكتة ليه؟

توجه بالاَخيرة نحو شقيقته الملتصقة بالحائط بالقرب منه ، بخوف جعلها تنتظر انتهاء ثورته، ليخرج صوتها في الرد عليه بتماسك بعض الشيء:

– حتى وانت معاك عذرك، برضوا محدش يلومها، هي مجبرتكش تسافر وتضحي عشان تجمع فلوس.

حدجها بأعين برقت باحمرار مخيف، وكأنه يود الفتك بها، ليزيدها فزعًا من هيئته، وهدوء ما يسبق العاصفة:
– يعني انتي كمان لسة بتدافعي عنيها؟ دا بدل ما تجدري وتحسي بأجرب الناس ليكي….. اخوكي يا جميلة .

ابتلعت تجسر نفسها حتى لا تضعف وتخونها الشجاعة:
– لا يا واد ابوي، انا مش هجدر انافق ولا اطاوعك ف الحديت ، عشان انت اخويا تهمني اكتر من اي حد في الدنيا، حتى وانا جلبي بيتجطع عليك دلوك، هجولها، مهما حصل مهما شوفت، خلينا في النهاية، انت دلوك وصلت لايه؟ اظن الحاضر اولى انك تعيشه، سيبها ف حالها وكمل انت حياتك…..

– انتي بتجولي كدة عشان مشوفتيش، متكوتيش بالنار اللي اخوكي داجها، عايزه تعملي فيها منصفة بيني وبين صاحبتك، وبتهدري حج اخوكي
انتفضت على اثر صرخته المباغتة لها، مفضلة الانسحاب على جدال لا نفع منه:

– انا بجول امشي احسن، انت الشيطان عميك، وشكل كلامي معاك بيزود، مش بيهدي، اجيلك وجت تاني يا واد ابوي.

صاح بها بما يشبه الطرد:
– يبجى احسن برضوا، انا لا عايز حديت معاكي دلوك ولا بعدين… مش عايز اسمع منك أساسا.

قالها والتف يعطيها ظهره، لتبتلع الغصة المؤلمة بحلقها وتغادر، تدعو الله له بالهداية، وقد تأكدت بالفعل الاَن، انه فقد انسانيته بفقدانها…..

ظل على وضعه حتى سمع صوت اغلاق الباب، غلبته عاطفة الأخوة، ليتحرك نحو الشرفة، يراقب خروجها بأسف، فهو لم يقصد ابدا طردها، ولكن غضبه منها في دفاعها المستميت عن الأخرى، يجعله لا يرى امامه.

استفاق من شروده على توقف سيارة نصف نقل بالقرب من منزله، ليتفاجأ بترجل زوجته العزيزة الصغيرة منها، تتحدث بتباسط مع السائق وامرأة بجواره، امعن النظر جيدا ليتأكد ان المرأة هي خالتها التي رأها قبل ذلك في مناسبات عدة، وهذا المتحذلق الصغير ما هو إلا ابن خالتها الذي كان يود الزواج منها…..

اظلم وجهه بغضب متعاظم، فما كان ينقصه الا هذا الان ليزيد من جذوة النيران التي تسري بداخله، تلاحقت انفاسه بتسارع جعل صدره يصعد ويهبط بعنف، ينتظرها حتى انتهت وغادرت السيارة، ثم دلفت الى داخل المنزل دون ان تنتبه لوجوده في الشرفة، حتى اذا وصلت بداخل الشقة، هتف يستقبلها بتهكمه :

– حمد الله ع السلامة يا برنسيسة، البيت نور بوجودك، معزمتيش ليه على ابن خالتك ولا خالتك المصون، يشرفوا معاكي، على الأجل تضايفيهم ولا عايزاهم يجولوا عنك جليلة ذوق .

عبست بوجهها تطالعه بضجر وعدم فهم تردد:
– جليلة ذوق، لا ان شاء الله مش هيجوله، كتر خيرك .

زفر يطرد دخان من فتحتي أنفه، ليتقدم نحوها كدب على وشك الفتك بفريسته، وحظها العاثر قد اتى بها إليه الاَن في هذه اللحظة.

دنى برأسه منها، مقربا وجهه منها، يخاطبها بهدوء خطر:
– مش دا الولد اللي كان هيموت ويتجوزك برضو حسب ما سمعت، انا بجى مش منبه عليكي جبل سابج، متكلمهوش من الاساس، جوم انتي يا حلوة تركبي معاه عربيته، وتهزري وتضحكي معاه كمان!

ابتلعت بزعر زحف بقلبها، فهيئته الغريبة، لم تكن مبشرة على الإطلاق، ولكنها لم تخطئ حتى تخشاه:
– انا مكنتش بهزر معاه هو، انا كنت بضحك على كلام خالتي، اللي جاتلي تزورني مخصوص على بيت ابويا، اول ما عرفت اني موجودة، وان كان على توصيلهم ليا، فهي برضو اللي عرضت عليا توصلني في طريجها بدل ما اخدها كعابي، أظن يعني مش هكسفها، عشان جنابك مش طايج ولدها.

– حسك علي، لا وبتروديلي الكلمة بعشرة كمان.
قالها ثم باغتها على حين، يقبض على لفة شعرها من أسفل الحجاب، ليضغط بقوته، يهدر بفحيح:

– شكلي دلعتك كتير، وكتر الدلع لما بيزيد بيخيب صاحبه، فوجي لنفسك يا بت، انا لما أجول الكلمة تتسمع من غير رد، فاهمة ولا افهمك من تاني.

– ااااه
تأوهت بتوجع لتنفجر به صارخة وقد فاض بها:
– ليه ان شاء الله؟ حكم جراجوش؟ انا مغلطتش فيك عشان تشندلني، واد خالتي زي اخويا من ساعة ما اتجوزتك، انت بجى حاطه في مخك، انا ايه داخلي؟

إلا هنا وانفرط العقد، وكأنها قد أتت في الوقت المناسب، ليجد متنفسًا له عن غضبه، وقد استنفرته بغباءها، وطيرت كل وجه للحكمة من عقله، ليزمجر بوحشية ، ثم يهزهزها بعنف مرددًا بتوعد:

-داخلك يا عديمة الحيا يا ام وش مكشوف، عايزة تمشي على كيفك، ولما اكلمك تتهميني انااا، اني حاطط الحلوف ده ف دماغي، ما هو دا اللي كان يناسبك بالفعل، دا مجامك يا بت، مكانش ليكي الشرف بجوازك مني ابدًا

كان عنيفًا برج جسدها بالكامل، حتى بدد كل مقاومتها، وغلبها التعب عن ترجيه، لتستلم فاغرة فاهها وفقط، حتى ضج منها ليلقيها بقوته، فتقع مرتمية على الارض، دون حراك.

هم ان يتركها ويغادر ولكن سكونها الغريب جعله ، يتراجع ليستكشف حالتها بتردد:

– انتي يا بت….. انتي يا بت ساكتة ليه؟ يا بت …..
تسلل الرعب الى قلبه، ليدنو منها حتى يتفقدها:

– يا بت مالك؟
جحظت عيناه حينما انتبه إلى بقعة من الدماء اسفل جسدها ليحركها وهي تتنفس بصعوبة، ثم يستدرك على مكان النزيف، ليصرخ بها:

– الله يخرب بيت ابوكي، انتي كنتي حامل يا بت؟

❈-❈-❈

قرع متواصل على جرس المنزل بصورة مزعجة جعلتها تصيح بغضبها من داخل المنزل قبل فتح الباب:
– ايه؟ ايه؟ خبر ايه؟ ياللي حاطط يدك على الجرس، ارفعها شوية مش كدة.

هتفت بها وما كادت ان تفتح جيدًا حتى تفاجأت به امامها بابتسامته اللعوب:
– مساء الورد ع الورد
همت ان تهدده بشقيقها، ولكنه كان الاسرع، ليدفعها بخفة، ويلج خلفها الى داخل المنزل ، يغلق الباب عليهما، مرددًا بمرح:

– العوو خرج وبقينا لوحدنا يا وردتي

تمتمت بتوجس وهي ترتد بأقدامها للخلف منه؛
– عوو مين؟ انت اتنجننت يا يوسف؟ عايز اخويا يطربجها على راسك.

ضحك يتقدم نحوها بتسلية:
– يطربقها على دماغي ليه؟ واحد داخل لمراته، يعني مش غريب، ع العموم هو اصلا مش موجود، انا شوفته بنفسي دلوقتى وهو بيركب التاكسي، هيخلالنا الجو لحد ما يجي.

– يخلالنا دا ايه؟… اااه.
خرج تأوهها الاخير، بعدما ارتطم ظهرها بالحائط، وقد غفلت عنه اثناء تراجعها، ليستغل هو ويقطع الخطوة بخطوتين، ثم يصبح مقابلها، ليحشرها بين الحائط وبينه، يردد بابتهاج:

– سلامتك من ال اه يا روح قلبي .

حاولت دفعه عنها بكفيها:
– بعد عني يا يوسف عيب.

ضحك مرددًا:
– عيب ايه يا بنتي؟ انا جوزك والله.

توقف مشفقًا امام توترها:
– انا مش عايز اخوفك والله، بس انتي وحشتيني يا وردتي.
ردت بأنفاس لاهثة من الترقب وتوتر اصابها من هيئته، بعدما تصدر بجسدها الضخم امامها، يشغل المحيط حولها من كل جانب بحضوره.

– يا يوسف انا بجيت اجلج منك، وانت مكنتش كدة وانا في بيتك واوضتك جمب اوضتي!

رق صوته في مخاطبتها بصدقه:
– اديكي قولتيها بنفسك، مكنتش اقرب ولا حتى اجرؤ اني اللمح، رغم انه حقي الشرعي، بس انا كان يهمني امانك، اكتر من اي رغبة فيكي، انك تحسي انه بيتك وانك مش ملزمة بأي شيء قصاده….

لمس بكلماته شغاف قلبها الذي صخت الدماء به بقوة، تفاعلًا معه، لتواصل بعفويتها:

– طب ودلوك ايه فرق؟
– انتي بتسأليني؟!
شهقة مستنكرة خرجت منه، كادت ان تضحكها، قبل ان يجفلها بانفعاله:
– فرقت كتير يا ورد، عشان الحجة مبقتش موجودة، اخوكي قام بالسلامة، وبدل ما يجمعنا ، بيحاول بكل جهده انه يفرقنا، بيعمل كل حاجة عشان يزهقني، وانا متحمل ومستحمل عشانك، صابر لحد ما ربنا يهديه ويجوزنا بجد…. امتى بقى يحن؟

خرجت الأخيرة بنعومة جعلتها تخجل عن مواجهته،، لتنهره بضعف:
– كل حاجة وليها وجتها ، بطل اسلوبك دا يا يوسف.

– يا لهوي على يوسف اللي طالعة منك زي العسل .
قالها يطالع خجلها، ليباغتها خاطفًا قبلة رقيقة من ورد الوجنتين، لتنتفض هاتفه به:
– عيب يا يوسف.
– قلب يوسف.

❈-❈-❈

دلف الى داخل الحارة الغريبة يسأل ويستقصي عن العنوان المقصود، حتى وصل الى المنزل، لتفتح له شقيقتها الصغرى، قبل ان تراه والدتها وترحب به بحرارة ، حتى اجلسته بصالة المنزل قبل ان تدلف الى ابنتها تخبرها بمرح:

– اصحي يا مشمش وفوقي، شكلها مش اوهام يا بت وباينك ورثتيه من امك .

– هو ايه ورثته منك؟
سألتها قاطبة بعدم فهم، لتجيبها المرأة على الفور:
– حبيب القلب يا منيلة، انك تعرفي وتحسي بيه من قبل هو ما يعرف، نفس اللي حصل مع ابوكي، معرفش بحبه ليا غير بعد ما غصبته على جوازي مني.

ارتفعت شفتها بغيظ منها ومن هذه القصة الغريبة التي لا تنفك تردفها على اسماعها، لتعلق بضجر:
– وايه اللي جاب سيرة ابويا ياما، ما تسبيني انام ولا اتخمد ما اقوم، حتى وانا تعبانة مش رحماني ياما؟

مصمصمت المرأة بشفتيها بخبث مرددة:
– براحتك يا ختي، عايزة تنامي انتي حرة، وانا بقى اروح ابلغ الجدع اللي جايلك مخصوص ومستنيكي برا، انك تعبانة ومش طايقة حد.

سألتها بغيظ:
– هو مين اللي مستنيني برا؟
همست بمكر قبل ان تلتف بجسدها عنها:
– الجدع اللي اسمه بسيوني، انا هروح امشيه.

تمتمت الاسم بعدم تصديق:
– بسيوني مين؟ استني ياما؟ انا خارجاله.
لننتفض على الفور ناهضة عن تختها بلهفة، تتحامل على الم الجرح، وترتدي عباءة استقبال جيدة، ثم تلقي بنظرة نحو المرأة، تلف حجابها بعجالة، امام انظار والدتها التي تشاهدها بتسلية، حتى اذا انتهت سريعًا سألتها:

– حلوة ولا شكلي تعبانة؟
ضحكت المرأة تضرب كفا بالاخر:
– والنعمة دا انتي مخك هو اللي تعبان.

عبست متجاهلة التعقيب، لتسبقها الى خارج الغرفة، حيث كان جالسًا على اريكة وحده، يحتل معظمها بجسده الضخم، مطرق رأسه بحياء، وادب ليس بغريب عنه، تقافز قلبها بين اضلعها بفرحة تكاد ان توقفه، لتلقي عليه التحية:

– مساء الخير يا سي بسيوني.
رفع عيناه اليها، متطلعًا الى الوجه البهي، بنظرة زادت من غبطة ما تشعر به، قبل ان يرد تحيتها:

– مساء الخير يا ست البنات، عاملة ايه النهاردة بجى؟

❈-❈-❈

وصلا اليها الاثنان بناء على اتصالها بهم، ورغبتها في زيارتها الاَن في هذا الوقت المتأخر ليلًا، لترتمي في حضن شقيقها بمجرد رؤيته، فيتمتم هو بعدم استيعاب:

– وه وه، مالك يا بت ابوي؟ ليكون الواد عارف زعلك؟ جوليلي فينه وانا اعرفه شغله.
رددت بحرقة من بين شهقاتها:
– باريته يزعلني ولا يضربني حتى، المهم ما يبعدتش ويسيبني، خليه ياجي وانا حتى ابوس على ايده.

– تبوسي على يد مين يا روح؟ وهو عارف راح فين اصلا؟
غمغم بها، بتوجس وعدم فهم، لا يصدق هذا الضعف من شقيقته القوية، ليزداد ارتيابًا مع تعليق زوجته، والتي لطمت على صدرها بجزع:

– يا وجعتك يا روح، هو انتي حكتيله؟
رفعت رأسها تجيبها بأعين ذبلت من الدموع التي تسيل بلا توقف:
– هو انا لحجت احكيله ولا رضي يديني فرصة حتى، دا رافض انه يسمع من الاساس، فضل انه يسافر ويسبني على انه يضعف ويصدجني زي ما جال.

ضجت بعقل شقيقها الشكوك، ليقبض على ساعديها، ويوجه السؤال نحوها بحدة:
– ايه الحكاية بالظبظ، ايه اللي يخلى واد عمك يطفش ويسيب البيت، اتكلمي يا روح، انا على أخرى

تدخلت زوجته تلطف:
– براحة عليها يا غازي، هي فيها اللي مكفيها.
– اسكتي انتي حسابك معايا بعدين، ياللي بتعرفي وبتخبي وتداري معاها..
صاح بها مقاطعًا لها بخشونة، ليعود مشددًا على شقيقته:

– اتكلمي يا روح، بدل ما اعرف انا بطرقي، وساعتها متلوميش الا نفسك.
اومأت تهز رأسها باستسلام:
– والله هجول، انا اساسًا بعتالك عشان احكي، بس في الأول اوعدني انك متتهورش.

الى هنا وقد فاض به، ليهتف بنفاذ صبر:
– هي وصلت للتهور كمان؟ ردي يا بت بدل ما اخلص عليكي

توقفت تضغط على سيل الدمعات، تحاول التماسك، لتقص عليه ما حدث معها منذ بداية القصة، والأخرى تراقب رد الفعل على ملامح وجهه التي تحتد تفاعلا مع ما يسمعه ، لتغمغم هي بتضرع:
– يارب استر يارب، جيب العواجب سليمة يارب

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى