روايات

رواية ضراوة ذئب (زين الحريري) الفصل العاشر 10 بقلم سارة الحلفاوي

رواية ضراوة ذئب (زين الحريري) الفصل العاشر 10 بقلم سارة الحلفاوي

رواية ضراوة ذئب (زين الحريري) الجزء العاشر

رواية ضراوة ذئب (زين الحريري) البارت العاشر

ضراوة ذئب (زين الحريري)
ضراوة ذئب (زين الحريري)

رواية ضراوة ذئب (زين الحريري) الحلقة العاشرة

– البقاء لله يا يُسر، جدتك .. إتوفت!!!
– إيه؟!!!
قالتها و الصدمة إحتلت معالم وشها و إتملكت من جسمها لدرجة إنها رجعت لـ ورا خطوتين و سابت إيدُه، فـ قال و هو بيراقب ملامحها المصدومة:
– إتوفت .. من ساعة!!!
محستش بنفسها غير و هي بتصرَّخ فيه بعُنق و ضمت قبضتيها بتضربُه في صدرُه بـ غل غريب:
– إسـكـت!!!! إنـت كـداب!!! كـــداب!!! مماتش!!! مماتش لسه كنت بكلمها!!! إنت بتكدب عليا عشان عايز توجعني!!!
ولأول مرة يسيبها تضرب في صدرُه و هو مُدرك إنها واصلة لأعلى مراحل إنهيارها، فضلت تضرب فيه و هي بتصرّخ إنه بيكدب عليها و هو ساكت تمامًا ملامحه هادية و واقف بثبوت، و فجأة بقت يدب م تضرب بقت تضرب نفسها! لطمت على وشها لطمتين فـ مسك دراعها بعُنف حقيقي بيمنعها من أذية نفسها .. تإذيه هو لكن نفسها لاء! صرّخ فيها بصوتُه الجهوري:
– يُـــســر!!! فــوقــي!!!!
إتلوت بجسمها بين إيديه و صراخها بقى أعلى و عياطها و نحيبها وصل لـ برا فـ دخلت فريدة بدون إستئذان مصدومة من اللي بيحصل، زعّق زين فيها بـ إنفلات أعصاب:
– إطـــلــعــي بــرا!!!
طلعت فورًا بحرج، فـ صرّخت فيه ببكاء:
– سـيـبـنـي!!! حـرام عليك إبـعـد!!!
هزّها بعُنف و هو بيصرّخ في وشها بقوة:
– إهــــدي!!!
للحظة سكتت و بصتلُه بعيون حمرا د.ـموية، و بطلت عياط و عينيها بس اللي بتنزل دموع، صدرُه عِلي و هبط و بَص لـ محياها و في لحظة كان شاددها في حُضنه بيعتصر جسمها مغمض عينيه و هو حاسس إنه نفسُه ياخد ألمها كلُه و يحطُه في قلبه! أول ما حضنها إنهارت في العياط ماسكة في قميصُه من ورا وشها عند صدرُه بتبكي بشكل خلّاه يحِس بـ نخور في عضمُه!! مسد على حجابها و هو بيهدهدها بحنان، فـ تقطّعت الحروف على لسانها و هي بتقول بألم قوي:
– هي الوحيدة اللي كانت فضلالي من ريحة أبويا و أمي، حتى هي سابتني زيُهم؟!
أخد نفَس و هو بيدخّلها في حُضنه أكتر و لو عليه هيدخلها بين ضلوعه، غمغمت برجاء:
– عايزة أروحلها .. عايزه أغّسلها أنا بإيدي!!
طلّعها من حُضنه و حاوط وشها و قال:
– هنروح .. حالًا!
و مسك مفاتيحُه و چاكت بدلتُه و خرج معاها و هي ساندة على دراعُه، بَص لـ فريدة و قال بوجوم:
– إلغي كل مواعيد النهاردة و بُكرة!!
– حاضر يا مستر زين!
دخلوا الأسانسير و نزلوا، فتحلها باب العربية لأول مرة فـ ركبت و ركب جنبها، و عمل مكالمة سريعة يعرف من البواب جدتها فين دلوقتي، و قالُه إنها في المستشفى اللي جنب البيت، مشي بالعربية على سرعة عالية إلى حدٍ ما و وصلوا للمستشفى، نزل من العربية وراح ناحيتها فتحلها الباب فـ نزلت و هي حاسة إن رجليها مش شايلاها، دخلوا المستشفى و وقف زين عند موظفة الريسبشين و هي واقفة ساندة على دراعُه و شاردة في نقطة ما:
– فيه ست كبيرة متوفية جات هنا .. إسمها حنان! جات من شوية!
– موجودة يا فندم، هي في أوضة 507 و كُنا باعتين ست تغسِلها!
قال بهدوء:
– لاء خلاص ملوش داعي حفيدتها موجودة!
– تمام يا فندم!
قالت بهدوء و عينيها على يُسر اللي مش بتنطق و كإنها مش واعية للي حواليها، مشي بيها و طلعوا الأسانير عشان يروحوا للأوضة، وقف قُدامها و لَف لـ يُسر، مسك كتفها بقبضتيه و قال بقوة:
– أنا عايزك تِقوي .. إفردي ضهرك!!
بصتلُه و أومأت بحُزن و حاولت تفرد ضهرها اللي حاسة إنه إنحنى من التقل اللي عليه، دخلت الغرفة و هو فضل مستنيها برّا، يُسر دخلت لقت الممرضة جنبها و هي نايمة على سرير متغطية من راسها لأخمص قدميها بـ ملاية بيضة، إنهمرت دموعها فـ مسحتهم و قالت للممرضة بصوت بيرتجف:
– عايزاكِ تساعديني .. نغسِلها!!
• • • • •
بعد ما يُقارب الساعة خرجت من الأوضة، لقتُه قاعد مستنيها و أول ما خرجت قام وقف قدامه و كوّب وشها بين إيديها و مسح دموعها و هو بيقول:
– خلاص؟
أومأت بتتحاشى تبُص في عينيه، و غمغمت بصوت مُحمّل بالبكاء:
– هكلم أعمامي ييجوا عشان يقفوا في الدفنة!!
– ماشي!
قال بهدوء، وخدها من إيديها قعّدها على الكرسي و قعد جنبها، فتحت تليفونها و عملت مكالمات سريعة و كل مرة تقولهم الخبر كانت دموعها بتنزل!، لحد ما قفلت، ميلت لقُدام و حاوطت وشها بإيديها بتبكي بحُرقة، قام زين و قعد تحت رجليها على ركبتيه و أصابع قدميه و مسك إيديها شالها من على وشها فـ إتصدمت من إنه قاعد قدامها و تحت رجليها بالشكل ده، و صوته اللي كلُه لين و رفق و هو بيقول:
– كفاية عياط يا يُسر!
مسكت إيده المحاوط بيها كفيها و سندت على باطن كفُه وشها بعد م طبعت قبلة عليه و دموعها بتنزل على إيدُه، مسح على حجابها و إتنهد و هو لأول مرة يحِس بألم عشان حد بعد أبوه، النغزة الليوفي قلبه دي مجاتش غير لما دفن أبوه، ليه جات دلوقتي! ليه دموعها و عياطها و وجعها ليهم القدرة على بعثرتُه بالشكل ده! إتعدل و وقف و من ثم قعد جنبها، لحد م دخل عليهم إعمامها و في مقدمتهم عزبز و كلهم في حالة يُرثى لها، حضروا الجنازة و وقفت هي بتشوفهم بيحفروا في الأرض و زين معاهم، و حطوا جسمها و غطوه بالتُراب، كادت يُسر أن تنهار لولا إيد مرات عمها سيد اللي سندتها و هي بتقول بشفقة على حالها:
– إسم الله عليكي يا بنتي! متعمليش في نفسك كدا ده عمرها يا يُسر!!
و قالت برفق و هي بتبص لـ زين:
– و إحمدي ربنا إنه رزقك بـ راجل زي جوزك! ده إيدُه بإيد إعمامك و كإنها كانت أمُه، راجل بجد ربنا يباركلك فيه!!
بصِت لـ زين بحُب، و ردت بصوت مخنوق:
– هو الحاجة الوحيدة المهونة عليا موتها!
إلا إنها قالت بترتجف بألم:
– بس مكُنتش معاها يا مرات عمي! مكُنتش جنبها و ماتت و هي لوحدها!!
ربتت على ظهرها بهدوء و قالت:
– متعمليش كدا يا بنتي و متحمليش نفسك فوق طاقتها!!
خِلصت مراسم الجنازة و كلُه إبتدى يروّح بيتُه بعد ما قالُهم زين إن عزاها هيبقى بليل في أكبر مسجد في المكان، ربتت مرات عمها على ضهرها و قالت:
– هجيلك بليل يا حبيبتي .. نامي و إرتاحي دلوقتي!!
أومأت لها يُسر بهدوء، كلهم خرجوا من المكان إلا هي و زين، قعدت على القبر جنبها و هو وقف وراها، مسحت بإيديها على تراب القبر و قالت بصوت يقطّع القلب:
– بحبك أوي يا تيتة، ليه مشيتي بدري كدا؟ مش طول عمرك كُنتِ بتقوليلي إنك مش هتسيبني؟ ماما و بابا وحشوكِ يا تيتة صح؟ طب و أنا .. أنا مش هوحشِك؟
قالت و إنهارت في العياط، غمّض زين عينيه و صوتها وكلامها سكاكين بتقطَّـ.ـع في قلبُه، و ببكاء قالت:
– بس إنتِ هتوحشيني أوي! و كُل يوم .. هدعي ربنا يعجِل في يومي عشان أجيلك و آجي لماما و بابا!!
– طب و أنا؟
سمعت صوتُه من وراها فـ بصتلُه و أول مرة تشوف حُزن في عينيه بالشكل ده، مقدرتش ترُد فـ كمِل بصوت بيتهز لأول مرة في حياتُه:
– عايزة تسيبيني؟
قامت وقفت وراحت ناحيتُه، و حاوطت وجنتُه بإيدها بتبُصله و وشها كله دموع، و بحنان همست بصوتها المبحوح:
– مش هسيبك!
– متدعيش على نفسك .. أبدًا!!
قال بألم، فـ أومأت سريعًا و هي بتمسح على بشرتُه و دقنه النامية برفق:
– حاضر!!
و وقفت على أطراف صوابعها و حاوطت رقبته فـ دفن وشه في تجويف رقبتها المتغطي بالحجاب محاوطًا خصرها، مسدت على كتفُه و أواخر شعرُه بحنان فـ غمّض عينيه، إزاي عايزه تحرمُه من الحُضن ده؟ الحُضن اللي عوّضه عن حُضن أمه اللي كان محروم منُه، إزاي و هي صغيرة و مش أُم بس حُضنها دافي كدا؟ إزاي بتحتويه كإنه طفل بين إيديها بالشكل ده؟!!
• • • • • • •
رجعوا شقة الزمالك عشان يبقوا قريبين من المسجد اللي هيتاخد فيه العزا، لما دخل معها طلّع هدوم ليها من الدولاب و قال برفق:
– إدخلي خُدي دُش، و لو حسيتي إنك مش قادرة تستحمي قوليلي و أنا هسحَّمك .. و متتكسفيش!
بصتلُه بهدوء و أومات و دخلت الحمام، طلّع هو هدوم ليه و دخل خد شاور في الحمام التاني، طلع و لبس بنطلون و كنزة كت سودا إلتصقت بجسمُه، و لما دخل الأوضة لاقاها قاعدة على بـ روب الإستحمام ماسكة الهدوم بين إيديها و شاردة في الفراغ قُدماها، مشي ناحيتها و وقف قُدامها و رفع دقنها برفق لحد م بصت في عينيه، فـ قال بهدوء:
– كُنتِ سرحانة في إيه؟
– مش فـ حاجه!
قالت بخفوت، و قامت وقفت قُصاده و إدته لبسها و هي بتقول بإرتجاف:
– مش قادرة ألبس يا زين .. ينفع تلبسني؟
إتصدم من طلبها لإنه عارف كويس إنها بتتكسف، إلا إنه رحّب جدًا .. فـ حَل رُباط روب الإستحمام و شالُه عن جسمها العاري تمامًا سوى من ملابسها الداخلية، ميّل شوية و لبسها البنطلون و هي سانده على كتفه بإيدها، و لبسها الكنزة الحمالات، و سُبحان من خلَّاه يسيطر على نفسُه قُدام مظهرها، إلا إنه مستحيل يبقى أناني لدرجة إن و هي في عز تعبها النفسي يقرّبلها، شالها وإكتفى بإنه ينيمها في حُضنُه فـ حضنتُه زي الطفلة، فضل صاحي و إيدُه بتمشي على شعرها عشان تنام و متفكرش في حاجه، و لما إتأكد نام هو كمان بعُمق!
• • • • • •
قاعدة في العزا الحريمي في الشقة وهما في المسجد تحت بياخدوا عزاها، عماتها وخلاتها كانوا جنبها و معاها وهي قاعدة في المقدمة محاوطة كتفيها و كإن صقيع البرد بياكل في جسمها، لحد م العزا خلص و وسلمت عليهم و مشيوا، فضلت قاعدة مستنية الرجالة اللي تحت يمشوا عشان يطلعلها و تترمي في حُضنه، قعدت على الكرسي مستنياه لحد مـ حسِت بإيدين بتحاوط كتفها من ضهرها، إبتسمت وحطت إيديها على إيدُه بس إتصدمت لما إكتشفت إن دي مش إيد جوزها!!!
إنتفضت من على الكُرسي و لفتلُه لقتُه .. حازم!!! إبن عمها اللي عاشت طول عمرها تخاف من نظراتُه واللي كان هيبقى جوزها لولا ستر ربنا!! صرّخت فيه بكل قوتها:
– يا حيوان!!! إزاي تتجرأ و تحُط إيدك الزبالة عليا بالشكل ده!!
هجم عليها بيكمم فمها و عينيه بتاكل جسمها بيقول بشهوة دنيئة:
– بس إخرسي! سيبيني أمتّع عيني بيكِ! أخيرًا بقينا لوحدنا، محدش هيعرف ينقذك من بين إيديا يا بنت عمي!!!
رفعت ركبتها و بحدة سددت له لكمة أسفل معدته فـ إترمى على الأرض يتآوه بألم و هي بتصرّخ فيه:
– زين لو عرف إنك طلعت لمراته في غيابُه والله العظيم هيموِّتك!!
صرّخ فيها بعنف:
– و رحمة أبويا ما هسيبك .. هدفعك التمن غالي، راحت ناحيتُه و بجرأة خبطتُه في وشُه بـ كعب جزمتها فـ صدحت صرخات مُتألمة منه، و قالت هي بقوة:
– خُد بعضك و إمشي عشان مخليش جوزي ييجي يكمل عليك!!!
قام وقف و هو بيبُصلها بحقد و قال بغل:
– هحسّرك على نفسك .. و على جوزك!!!
بصتلُه من فوق لتحت بسُخرية و قالت:
– طب أصلب طولك الأول و بعدين إتكلم!!!
إتحرك بصعوبة و خرج من البيت، قفلت الباب وراه كويس و راحت للبلكونة عشتن تشوف زين، لقتُه واقف بيسلم على الناس قبل ما يمشوا، بس شهقت لما شافتُه لاحظ حازم اللي نازل من الشقة متبهدل فـ مسكُه من ياقته و صوته العالي واصل ليه بس مش قادرة تسمع بيقول إيه، خافت عليه و عمها واقف بيهدي فيه لحد م سدد لكمة لـ حازم و رغم إنها مبسوطة فيه إلا إنها خايفة من تهور زين، كانت هتنزل لولا إنها لاحظت إنه واخدُه من ياقة قميصُه و طلع بيه العمارة، نبضات قلبها إرتفعت بخوف و هي عارفة الخطوة الجاية، خدت قرار إنها مش هتقولُه عشان لو عرف لا محالة هيقتلُه بإبدُه و هي مش مستغنية أبدًا عن وجود زين في حياتها! سمعت خبطات عنيفة على الباب فـ فتحت برجفة، كان ماسكُه من ياقة قميصُه و عمها عزيز وراه بيترجاه يسيب إبنه، و أول ما زين شافها هدر بحدة:
– الوسخ ده طلعلك؟!!!
نفت بسُرعة من غير تفكير، فـ بصلها حازم بخبث رغم جسمه اللي واجعُه، هزُه زين بحدة و هو بيبصله و بيزعق في وشه:
– أومال كنت نازل من العمارة ليه يا روح أمك!!!
هتف حازم بألم زائف:
– كنت عايز أعمل تليفون يا زين بيه و ملقتش حتة هادية غير مدخل العمارة!!
– إحنا أسفين يا زين بيه!
قال عزيز برجاء و هو بيبعد إبنه عن مرمى إيده، فـ هتف زين بقسوة:
– لو لمحت بس خيالك قريب من مكان هي فيه هطلّع روحك في إيدي!!!
و رزع الباب في وشهم فـ إنتفض جسمها، أنفاسُه عالية بياخد الصالة ذهابًا و إيابًا و لفِلها فجأة و هدر بعُنف:
– و رحمة أبويا لو كان طلعلك لكُنت طلعت روحُه في إيدي!!!
إزدردت ريقها و رغم إنها مبتحبش الكدب و هي كدبت عليه إلا إن اللي عملتُه كان الصح، كان فعلًا هيقتلُه و هيودي نفسُه في داهية! قرّبت منُه و طمنتُه و هي بتربت على كتفُه:
– إهدى يا زين! هو مش هيجيله الجُرأة يطلع هنا أساسًا!! هو عارف إنه لو طلع هيبقى آخر يوم في عُمره!!!
حاوط وشها و قال و هو بيتفحصها:
– طمنيني عليكِ إنتِ .. حد دايقك من اللي كانوا هنا؟
نفت براسها بإبتسامة هادية و قالت:
– متقلقش عليا!!
و إسترسلت:
– زين!
قال و هو بيقعُد على الكُرسي:
– نعم!
قعدت على رجلُه و قالت بحُب:
– تعبتك .. بقالك يومين مبتنامش ولا بتروح شُغلك!!!
إبتسم من جلوسها على قدمُه، فـ حاوط خصرها و قال بهدوء:
– سيبك من الهبل اللي بتقوليه ده و تعالي في حُضني!
و بالفعل إرتمت بأحضانُه على صدرُه، بتفتكر لما ضربتُه على صدره أول ما عرفت بـ الخبر رفعت إيديها و مسحت على مكان ضربها بحنان و هي بتهمس بحُزن:
– أنا أسفة إني عملت كدا!!
عِرف قصدها، فـ شال حجابها و غلغل إيدُه بـ شعرها التقيل الناعم و قال:
– مش عايز أفتكر اليوم ده!!
أومأت و قالت و هي بتفرُك عينيها:
– و أنا كمان!!
وكملت بإرهاق:
– هقوم أعمل عشا، مكلناش حاجة من الصُبح!
شدد على حُضنها و مسح على شعرها و هو بيقول بهدوء:
– زي م إنتِ متقوميش! هعمل أوردر!!
أومأت و أراحت رأسها على صدرُه، و بالفعل طلب طلبية أكل تكفيهم النهاردة و بكرة، إتنهدت و ضمت قدميها لصدرها فـ بقى جسمها كلُه في حضنه، هو حاوطها كإنها بنته، فـ قالت و أناملها بتعبث بزُرار قميصُه و بصوت حزين:
– ماما و بابا ماتوا لما كان عندي عشر سنين، ماتوا في القطر زي ناس تانية كتير كانوا معاهم، و إتربيت مع جدتي و خدت بالها مني و ربتني، و رغم إنب كنت بحبها أوي و كانت بتعاملني بحنان بس مافيش حد يقدر يعوض وجود أم و أب، كنت قبل م أنام لازم أعيط على مخدتي و أتكلم مع بابا كإنه سامعني، كنت بحب بابا أوي أوي و ماما طبعًا بس بابا كان بيعاملني كإني أميرة! عُمره ما زعقلي و لا ضربني ولا كان بيخلي ماما تضربني، لما مات عرفت يعني إيه كسرة الضهر، و طلعت إشتغلت من وأنا صغيرة، إشتغلت في حاجات كتير أوي و الدنيا جات عليا فوق ما تتخيل و كنت بستحمل عشان جدتي اللي مبقتش قادرة تشتغل و تعبت، أنكرة إنب روحت أخدم في بيت و أنا صغيرة و كنت بنام على أرضية المطبخ في عز التلج مكانتش الست اللي هناك تجيبلي حتى غطا، و رغم إني كنت صغيرة ساعتها مكملتش ١٤ سنة جوزها كان بيبُصلي، و في مرة حسيت بإيدُه بتمشي على جسمي و آآآ!!!
سكتت للحظات لما حسِت بإيدُه اللي محاوطة خصرها بتقسى و كإنه مش في وعيُه، أنِت بألم و قالت محاوطة رقبتُه بتستخبى منُه فيه:
– زين!!
أدرك اللي هو بيعملُه، فـ لانت قبضتُه على خصرها و مسد على ضهرها برفق وقال:
– كملي!
– سا .. ساعتها صوّت و طلعت أجري من البيت ده، و من بعدها إشتغلت في محل لبس و كنت بقبض كويس و بجيب علاج لتيتة الله يرحمها وبصرف على دروسي لحد م دخلت الكلية و المحل كان صاحبه راجل كبير كان بيعاملني زي بنتُه، لحد م غيّر فرع المحل في محافظة تانية و مبقتش عارفة أشتغل، قبل إنت م تيجي بكام يوم!
رفعت وشها لبه و إبتسمت بحُزن و هي بتمسد على وجنتُه بظهر أناملها:
– إنت كنت أكتر حد أذِتني في كُل دول!
سكت .. مش عارف يقولها إيه، فـ كملت بسُخرية:
– و رغم ده حبيتك، حبيتك لدرجة إني عندي إستعداد أفديك .. بروحي!!!
إعترافها المُبطن بالحُب خلاه يبُصلها بنظرات طويلة، فـ همست أمام شفتيه و إيديها على موضع قلبُه:
– وجعتني وجع .. مش قادرة أوصفُه!! بس أنا متأكدة .. إن قلبك موجوع أضعافي
وبصِت لـ موضوع قلبُه و همست بـ رقة:
– و أنا هنا .. عشان أداويه!!
نزلت رجليها و كانت هتقوم فـ شدها لصدرُه و قال بصوته الرجولي:
– رايحة فين؟!
قالت بإبتسامة:
– مش رايحة في حتة!
و قامت قعدت جنبُه على الكنبة، و ربتت على فخذها و قالت بحنان:
– تعالى .. هات راسك هنا على رجلي!!!
للحظات بصلها بتردًد، إلا إن صوتها الحنون خلّاه ينفذ، حط راسه على رجلها و نام على ضهرُه، فـ مسحت على خصلاته بحنو شديد لدرجة إنه غمض عينيه، فضلت للحظات بتمسح على شعرُه الناعم و بتدخّل صوابعه بين خصلاته، لحد مـ قالت بـ لين:
– مين وجعَك .. و خلاك تقسى و إنت فيك حنية الدنيا كلها كدا؟!
– أنا مش حنين!
قالها و هو مغمض عينيه، فأسرعت قائلة بلهفة:
– مين قالك! إنت حنين جدًا!! بس .. موجوع!!
– أمي!!!
قال و لأول مرة تلمس ألم في صوتُه، غمضت عينيها بـ تشتم ريَّا في سرها بأسوأ الشتايم، و همست بنفس الرفق:
– عملِتلك إيه؟
فضل مغمض و شريط حياتُه كلها مشي قُدام عينيه و لأول مرة يفتح قلبه بالشكل ده و قال:
– لما إتولدت سابتني مع دادة و هي كانت مشغولة بحياتها و خروجاتها و نواديها و صحابها، أبويا اللي كان بيهتم بيا ودايمًا كان يزعقلها عشان تبقى معايا بس مكانتش بتهتم، لحد م في مرة لقتها داخلة سكرانة و كان معاها واحد، يومها كان أبويا مسافر و الخدم كانت مديالهم أجازة طلعت الأوضة معاه و لإنه كان بني آدم زبالة خدني معاهم و هي كانت موافقة!! كان عندي سبع سنين و شوفت كل اللي تتخيليه و اللي متتخيلهوش و لا دماغك البريئة تصورهولك بيحصل بين راجل و ست، هتقوليلي ليه مسيبتلهمش الأوضة و مشيت، هقولك عشان كنت مربوط في الكرسي، و أبسط حاجه لما كنت بغمض عيني كنت بلاقي قلم منُه نزل على وشي عشان أفتح و أشوفهم!!! من الليلة دي و أنا مبقتش زي الأول! المشاهد دي إتحفرت جوايا، كرهتها كُره لو إتوزع على الدنيا يكفي و يفيض، كنت بقرف من نفَسها في البيت، لما أبويا رجع كان حاسس إني مش على طبيعتي و متغير، سألني أكتر من مرة و كنت بقوله مافيش حاجه! كنت خايف يموتها و يروح السجن في بني آدمة زي دي! و بعد كام سنة صحينا مالقيناهاش، خدت فلوسه و هربت، باع كل حاجه و سكنا في شقتُه القديمة، بس الديون كانت عليه كبيرة، سددها كلها و مات، عارفة اليوم اللي أبويا مات فيه عملت إيه؟ كنت ١٥ سنة بالظبط، خدت المُسدس بتاعُه و عرفت عنوان الراجل ده و روحت ضربتُه عشر طلقات في جسمُه و بعدها خدت عزا أبويا، و كان هاين عليا أموتها هي كمان بس كانت برا البلد، إشتغلت و إتمرمطت لحد ما كبرت و فتحت شركة صغيرة، و الشركة الصغيرة بقت كبيرة .. و بقت بدل م هي شركة واحدة خمس شركات في محافظات مختلفة، لحد ما وصلوا لإمبراطورية شركات جوا و برا مصر! و بقيت أشهر رجل أعمال في سن صغير و لما سمعت إسمي نزلت بعد م خلصت الفلوس اللي خدتها من أبويا، نزلت وباست على رجلي عشان أسامحها .. مسامحتهاش، كان جوايا من ناحيتها غل و احد دلوقتي لسه جوايا! بس خلتها تعيش معايا عشان تشوفني يوم ورا يوم و أنا بقوى أكتر! كل ما أبُصلها أفتكر الطفل الصغير المربوط في كُرسي و بيشوف فيلم قذر و البطلة أمُه! و كل يوم بكرها أكتر من اليوم اللي قبلُه!
وشها كلُه دموع، مش قادرة تصدق المُعاناة اللي عاشها، إزاي دي تبقى أم!!! حضنت راسُه لصدرها ساندة جبينها على صدرُه بتحاول تمنع شهقات بكائها من الخروج، دقايق و بعدت راسها عنُه لما إتمالكت نفسها و مسحت على وشُه بحنان و ميِّلت باست عينيه ساندة جبينها على جبينُه، فـ كمل زين:
– لحد ما جات بنت مش واصلة لـ رقبتي حتى، و خلبتني أعيش إحساس أول مرة أعيشُه، لما زعّقت مع ريَّا هانم و طلعت الجناح معاكي و حصوني اللي كنت ببنيها قدامها إنهارت قُدامك و خبطت الحيطة بإيدي فاكرة عملتي إيه؟ إحتوتيني يا يُسر! مسحتي على وشي بإيدك الصغيرة دي، و بوستي دقني و ثبتي وشك على وشي و إنتِ بتهديني بصوتك اللي مش هسمع في حنيتُه! و في المرة اللي بعدها لما حسستي بإيدك على مكان الخبطة اللي خبطتهالي و بوستيها! الحُضن اللي بتحضُنهولي مش مجرد حضن واحدة لجوزها! إنتِ كإنك كُنتِ عارفة إني محتاج حضن أم و كُنتِ بتديهولي! عشان كدا يمكن إنتِ الوحيدة اللي شايفاني حنين! مكنش ينفع قُصاد كل الحنية دي أبقى قاسي!
و همس بصوت مليان حُزن:
– لما نجيب طفل .. هبقى بحسدُه لإنه عندُه أم هتديلُه كل حنانها و مش هتحرمُه من حُضنها زي م أنا إتحرمت!!
مقدرتش تتحمل و شهقت ببكاء و هي بتضُمه لصدرها، فـ إتعدل شوية عشان يعرف يحضنها و لأول مرة هي اللي تبقى حاضنها، راسُه عند صدرها محاوط خصرها بدراعه القوي، مسحت على شعرُه و باست مُقدمة رأسه و هي بتقول وسط بُكائها الخفيف:
– أنا أسفة!! أسفة بالنيابة عنها و عن أي حد وجعَك!
يا حبيبي .. عيشت كُل ده!! أنا .. أنا عايزة أروح أكُلها بسناني! دي .. دي متستاهلش لقب أم!! كل الوجع ده شايلُه جواك يا روح قلبي؟!!!
إبتسم لإنها أول مرة تقولُه الكلمة دي! فـ غمس راسُه في صدرها أكتر بيمسح على ضهرها:
– إهدي و متعيطيش!
مسك خصرها و شدّها لتحت فـ بقت مُستلقية على ضهرها بشكل كامل و هو على بطنُه، حط راسُه على صدرها و نام في حُضنها، فـ مسحت على شعره و وشه بحنان بتحاول تهدى، سمعته بيغمغم:
– تقيل عليكي؟
فورًا قالت بحنو:
– لاء يا حبيبي مش تقيل!!
غمّض عينيه و بعد دقايق نام، هي مقدرتش تنام، مش عايزة دقيقة واحدة تضيع و متفضلش بصّالُه و بتمسد على شعرُه، الجرس رن و الظاهر إن الأكل وصل، مكانتش عايزة تبعده عنها إلا إنها إضطرت، و لسه كانت هتبعد راسُه عنها صحي، و قال بهدوء بصوته الناعس:
– خليكِ!
و قام هو فتح، دفعلُه الفلوس و دخّل الأكل المطبخ، رجعلها و شالها حطها على السرير، فتحتلُه دراعها بلُطف فـ إبتسم و نام بنفس الوضعية، إلا إنه حط إيدُه على بطنها وقال:
– جعانة؟ نقوم ناكل؟
نفت برأسها على الفور، هل تساوي أكلة نومه بأحضانها؟ و قالت بحنان:
– مش جعانة، و مش عايزاك تبعد عني لأي سبب دلوقتي!!
– ولا أنا عايزك تبعدي عني!
قال بهدوء، فـ مسحت على خُصلاته لحد مـ نام تاني، و هي كمان نامت نوم عميق!
• • • • •
صحيت من النوم لقت نفسها هي اللي في حُضنه إبتسمت و غمرت وشها في رقبتُه، طبعت قُبلة على دقنُه و من ثم خدُه و جفونه، إبتسم و فتح عينيه فـ سندت دقنها على صدرُه و بتبصلُه مبتسمة، و غمغمت بحُب:
– صباح الخير يا حبيبي!
همس بصوته الناعس اللي بتموت فيه:
– صباح الجمال!
و إسترسل بإبتسامة:
– دة أحلى صباح صحيت عليه في حياتي!
توردت وجنتيها فـ إعتلاها ساندًا بكفيه جوار رأسها لتشهق هي بتفاجؤ، نزل لوجنتيها الشهيتان و قبلهُما قبلات بطيئة دغدغت معدتها، غمّضت عينيها فـ طبع قبلة حنونية على شفايفها و همس:
– و أحلى نومة نمتها في حياتي كانت نومة إمبارح!!
فتحت عينيها و همست بحُب و هي بتمسد على وجنتُه اليُمنى بأناملها:
– بجد؟
– والله!
همس و هو بيُقبل ذقنها و فكها، فـ إزدردت ريقها و هي حاسة إنها لسه بتتكسف منُه، لقتُه بيقول بهدوء ورجع يبُص في عينيها:
– بس أنا كُنت تقيل عليكِ صح؟
نفت بسُرعة و هي بتقول بحُب:
– والله العظيم أبدًا، كنت خفيف جدًا على قلبي و عليا!!!
– يُسر!!
قال بعد تنهيدة، فـ غمغمت:
– مممم
همس قُدام شفايفها:
– أنا محتاجلك!!
و سكت لبُرهة، و كمل:
– عارف إن الوقت مش مناسب على وفاتها، بس أنا حقيقي محتاجلك!
بَص لـ ملامحها و مقدرش يفسر شعورها، غير لما قالت بهدوء:
– إنت فاكر بعد كلمة محتاجلك دي هقدر أقولك لاء؟
– لاء .. متوافقيش عشان ترضيني!
قال بهدوء، و إسترسل:
– لو تعبانة قولي .. حاسة إنك مش في مود يسمحلك بـ ده .. قولي!!
– أنا عايزاك!
صرّحت بـ ده بإبتسامة، فـ إبتسم هو الآخر و إلتقط شفتيها بنهمٍ مُشتاق!
• • • • • •
صحي من النوم، غطاها كويس عشان متبردش و قام لبس، دخل الحمام أخد شاور و طلع برا الأوضة يمسك تليفونه، لقى رقم غريب بيرن عليه، رد، و سمع صوت مألوف بالنسبالُه بيقول بخبث غريب!:
– أنا طلعت لمراتك إمبارح، و هي كدبت عليك و قالتلك إنه مطلعش عارف ليه؟ عشان خافت عليا منك!! الدم بيحن بردو يا زين باشا!!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ضراوة ذئب (زين الحريري))

‫5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى