روايات

رواية أجنحة الأحلام الفصل الأول 1 بقلم مريم وليد

رواية أجنحة الأحلام الفصل الأول 1 بقلم مريم وليد

رواية أجنحة الأحلام الجزء الأول

رواية أجنحة الأحلام البارت الأول

أجنحة الأحلام
أجنحة الأحلام

رواية أجنحة الأحلام الحلقة الأولى

– يا عم محمد بقى أنا تعبت، كُل يوم أجي ألاقي باب العُمارة مفتوح.. ولو أتسرقنا طيب!
بَصلي بِهدوء وكمل:
– حقك عليا يا ست الكُل واللهِ، بس أصل نمت وأنا قاعد.
أتنهِـدت بهدوء وابتسَـمت وأنا بمدله علبة الساندوتشات وإزازة المية والعصير:
– فداك يا عم محمد، أفطر وأقعد.. هاتلك قهوة كده وفوَق يا عم الناس.
ضحِك بخفة وخد مني الحاجة:
– أنا عارف إني بتقل عليكِ من يوم موت حليمة يا ست سِيا، بس والله ما ليا حد.. تسلم إيدك يا ست البنات، ويدوم حسك في البيت وفي الدنيا وتفضلي دايمًا بتساعدي غيرك، ربنا يجبر بخاطرك ويجبر في مطلبك يا بنتي.
ابتسَـمت بِهدوء وكملت:
– أنا زي بنتك، ودادة حليمة كانت حبيبتي.. عن إذنك.
أتحرَكت من قُدامه، ابتسَـمت بِهدوء وأنا بخرج برا شارعنا، وقفت تاكسي وركبت وأنا قاصدة شركة الأُستاذ قُصي وعمار أخويا، يارب أفلح المرة دي.. يارب يفهموني.
– مساء الخير، عايزة أستاذ عمار.
قالت وهيَ باصة في الكمبيوتر:
– أقوله مين يا فندم!
– سِيا الزُهَري.
رفَعت عينها بسُرعة وكملت بهدوء:
– أنسة سِيا! أهلًا بيكِ.. فورًا هبلغ أستاذ عمار وأستاذ قُصي إنك هنا.
اتنهِـدت بهدوء وابتسمتلها بتكلُف:
– على ما تاخدي إذنهم هقعُد هنا.
قعَدت على كُرسي بعيد، وسندت راسي لِورا شوية، رجعت بالزمن لورا.. وأفتكرت أول مرة عرَضت عليهم إختياراتي!
– بس يا عمار أنا مش عاوزة أدخُل بيطري لِمُجرد إن مجموعي جايبها، أنا عايزة حقوق.. وشايفة نفسي في حقوق، ده حلمي ومن حقي إني أحققه يا عمار!
كمِل بصوت عالي:
– مكُنتيش دخلتِ علوم، وصرفت عليكِ دم قلبي يا سِيا، مكنتيش بهدلتي نفسك وبهدلتينا علشان علوم طلاما في النهاية هتدخلي حقوق!
رديت عليه بِعصبية:
– مالها حقوق! هو حد قالك متدخُلش هندسة يا باشمهندس عمار! وفي النهاية بقى أسمك الأُستاذ عادي.. وبعدين دي فلوس بابا يا عمار! بتصرف عليا من فلوس بابا.
– مش هتدخُلي حقوق يا سِيا.
كمِلت بِعند:
– هدخلها يا عمار.
فوقت مِن شرودي على صوتها:
– أنسة سِيا.. أُستاذ قُصي جوا، بس أُستاذ عمار عنده ميتينج دلوقتي؛ قالي أقول لحضرتك تدخلي.
حركت راسي بِهدوء وقُمت من مكاني، أتحركت ناحية المكتب وقبل ما أدخل رجعت ليها:
– لما تكلمي العُملاء، أرفعيلهم راسك.. ده حُسن ضيافة.
سيبتها واقفة ودخلت، خبطت خبطتين على الباب فابتسَـم بِهدوء:
– أتفضلي يا سِيا.
ابتسَـمت بهدوء وقعدت قُدامه:
– أهلًا يا قُصي، عامل إيه!
– أنا بخير يا أستاذتنا.. أخبارك إيه أنتِ؟
ضحكت بِخفة:
– زي الفل.. بس عايزة أتكلم معاك في حاجة وعايزاك تقنع عمار بيها يا قُصي أرجوك.
بصلي بِأهتمام:
– أكيد يا سِيا.. أتفضلي أنا سامعك.
أخَدت نفس وكملت:
– أنا عايزة أفتح ملجأ لِلمُسنين والأطفال والمتشردين،
ده حلمي يا قُصي، عايزة أدور عن حقوقهم، وأبحث في حياتهم وفي دُنيتهم، الناس دي محتاجة بعض، محتاجة تحس إن ليها أحفاد وأهل، الأطفال محتاجين حنان الكُبار.. والكُبار لازم يحكوا ويبرروا، كلمته كتير في الموضوع ده وكل مرة كان بيرفُض حتى يسمع، ورافض إن عمو يتدخل في الموضوع، وأنتَ أقرب حد ليه يا قُصي.
أتنهِـدت بهدوء وقام وقف:
– ملهاش لازمة، أحلامك دايمًا مختلفة يا سِيا، تفكيرك محدود في مساعدة الناس! طيب ومساعدة نفسك! وحياتك ودُنيتك يا سِيا.. دخلتِ حقوق غصب عنه وبدون علمه ومعرفتيهوش غير وأنتِ رايحة، وعايزة تعملي كل حاجة على مزاجك، أنتِ أخـ..
قاطعته بعصبية بسيطة:
– أنتَ شبهه، دماغكم واحدة، أفعالكم وتصرفاتكم وحياتكم، مش بتهتموا غير لِنفسكم وبس يا قُصي.. عمركم ما خوفتوا أو فكرتوا فيا مثلًا! أحلامي فين!
كمِل بِسُخرية بسيطة:
– متحسسنيش إنك بتسمعي كلام حد يا سِيا، ما أنتِ ماشية وبتمشي وهتمشي بدماغك!
قُمت وقفت بعصبية وكملت:
– علشان دي عادتكم كلكم، كل واحد عايز يمشي بمزاجه ويمشي العالم على مزاجه.. أنا غلطانة إنِّي فكرت إن منك رجا، كده كده هوصل وهحقق لوحدي، بس وقتها مش عايزة ألمحكم حتى!
اتحركت من قدامه بعصبية، فلقيت عمار في وشي.. رميت عليه نفس النظرة لأني عارفة مِن نظرة عيونه إنه سمع، بصيت ليهم بفقدان أمل وإستسلام وكملت:
– لو كُنتوا مرة واحدة بس راعيتوا أحلامنا، وشوفتوا أحنا عايزين إيه.. فرحتوا بينا ولينا، مكنش زمان واحدة موتت نفسها والتانية سابت البيت ومشيت، أنتوا عمركم ما كُنتوا عاقلين، ولا عمركم هتتعلموا؛ أنا فكرت إن بعد رُفيدة حد فيكم هيحس! بس محصلش للأسف.
خرجت من الشركة، وطلعت على قَبر رُفيدة.. بنت عمي وأُخت قُصي، وكانت خطيبة عمار أخويا، قعَدت قريب من قبرها هي وماما وبابا وابتسَـمت بِحُزن:
– العالم منغيركم صعب، صعب عليا أكمل في كُل حاجة وأحاول أقنعهم بِدماغي.. كل واحد شايف نفسه وحياته، شايفين إنهم بس اللي بيبذلوا مجهود، رُفيدة مستحملتش.. بس أنا عاندت قُصادهم، وياريتني ما عاندت.. ياريتني مقلتش إني هحاربهم.
سرحت وأنا بفتكر كلامي لُه أول يوم جامعة.. كُنت في طريقي للكُلية، فرنيت عليه:
– عمار، متستننيش عند بيطري.. أنا في حقوق.
كمل بعصبية:
– أنتِ بتستعبطيني يا سِيا!
– لأ صدقني، أنا بس عايزة أعيش زي ما أنا عايزة.
كمِل بِبساطة:
– وأنا مش هستناكِ، ولا عايز ألمحك تاني يا سِيا.
عيوني دمعت:
– يعني إيه يا عمار!
– يعني شوفيلك بيت زي ما كدبتِ عليا، دوريلك على أهل، دوريلك على حياة.
– أنتَ بترميني؟
– برميكي آه.. مش أنتِ كبرتِ كفاية إنك تاخدي قراراتك لوحدك؟
فوقت بِهدوء وكملت:
– ولا كأنِّي عملت حاجة، وولا كأنِّي حاولت.. كان نفسي يحبني نص الحُب اللي حبيته ليه، ويخاف عليا، ويقدرني، بس أنا خلاص، مش هحاول تانـ..
قاطع كلامي صوت هبدة عالية، جريت ناحية الصوت لقيتها واحدة باين على شكلها الكُبر، واقعة على الأرض ومحدش موجود.. أترددت أروح ليها، بس اتحركت أخيرًا وجريت عليها:
– يا طنط! أنتِ كويسة طيب! إيه اللي جايبك هنا دلوقتي بس؟
حاولت أفوقها مكنتش بتفوق، كان معايا أزازة مية في شنطتي فخرجتها ورميت شوية مية على وشها.. مكنش فيه أي مُؤشِر على إنها هتصحى، ومش لاقية عمو بتاع المقابر، بصيت حواليا فلقيت حد جاي من بعيد.. لما دققت لقيته قُصي، جيه جري ناحيتي ومسكها:
– مالها! حصل إيه.. حد قرب منك؟
حركت راسي بِنفي وبصيت لُه:
– معنديش فكرة لو حد قرب مني هي اللي كانت هتقع ليه!
بَصلي ورفع حاجبه، وبعدين قرب وشالها:
– تعالي ورايا على العربية.
اخدها وراح بيها على العربية، حطها ورا وشاورلي أركب جنبه، تخطيت إشارته وركبت معاها ورا وحطيت راسها على رجلي، ركب وبدأ يسوق.. ولأنه قُصي فمكنش هيعرف يسكُت:
– ما لو مكنتيش خرجتِ زي المجانين مِن الشركة كده مكنش هيحصل كل ده.
بصيت لُه بعصبية:
– يا بني أنتَ عبيط؟ يعني هي وقعت علشان أنا اللي خرجت من الشركة، بطلوا تقولوا كلام يعصب وبعدين تقولوا إنِّي لساني طويل!
كمل بهدوء:
– أخوكي أتضايق منك.
رفعت لُه حاجبي:
– يا سلام! لا ألف سلامة على دماغك أنتَ وهو، محتاجين تروحوا لِدكتور أمراض عقلية، علشان عقلكم فيه كتكوت.
– سِيا متعصبينيش!
كملت بهدوء وأنا ببص جنبي:
– قُصي، سوق وأنتَ ساكت.. أنا مش مصبرني عليك غير الست اللي تعبانة دي.
كمِل ببساطة:
– نتطمن عليها ولينا كلام تاني.
أتنهِـدت وسكتت، أوقات لازم نسكُت علشان الكلام اللي هيتقال ممكن يقلل مِننا، أو يخلي مِنهم ناس وحشة، ممكن يجرح اللي قُدامنا، ويفتح في جروح قديمة أترَدمِت.. فسكتت، علشان وقتها كان السكوت هو الحل الوحيد في إيدي، يمكن يجي يوم وحد يفهم، ويستوعب ويُدرك اللي أحنا فيه.
***
– جنية يا بية! جنية يا هانم..
كمِل الراجل بِعصبية وهو بيزُقها:
– ما كفاية شحاتة يا بت بقى، أمشي مِن هنا.
بصِت لُه بزعل:
– طب هاتلي ساندوتش يا استاذ.
– امشي من هنا بقولك.
العالم صعب على شوية أطفال صُغيرين، كُل اللي يعرفوه من الدنيا شكل الشوارع، وخشونة الرصيف، وحر الصيف اللي بيحرق جسمهم، وبرد الشتا اللي بياكل في عضمهم أكل، كلاب الشوارع اللي كانتلهم صُحاب، وعلب الزبالة اللي أوقات بتكون ليهم ملجأ.. أطفال كُل ذنبهم، إنهم جُم لأهل غلط، أو حصل لُهم ظروف غلط، فضاعوا، وتاهوا، وشِبه ماتت طفولتهم وبرائتهم.
قعَدت في حتة بعيد على الرصيف، ضمِت نفسها وبدأت تعيط بشكل يوجع قلب أي حد يشوفه.. كُنت واقفة بعيد بشوف الموقف، بصيت لِقُصي:
– ممكن أروحلها، وروح هات أنتَ العلاج..
بَص في عيوني ثانيتين وضحك بِأستسلام:
– مفيش منك فايدة يا سِيا، هتفضلي طول عمرك بتحبي تساعدي.. روحيلها.
ابتسَـمت وروحت ناحيتها بسُرعة، حطيت إيدي على كتفها وابتسَـمت:
– يا جميل!
رفَعتلي عيونها:
– أيوه يا أبلة..
مسكت إيديها:
– قومي تعالي معايا.
بصِتلي بشك وخوف:
– ليه.. أنا معملتش حاجة والله، أنا بس جعانة.
ابتسَـمت بِحُزن لملامحها اللطيفة، اللي طفاها سواد الشارع، مسكت إيديها وابتسَـمت:
– هنجيب لك أكل.
حركت راسها بعدم تصديق:
– هتجيبي أكل بجد!
– آه والله يلا.
قامت معايا، ومسكت إيدي بسرعة، أخدتها وجبتلها وجبة تكفي جوعها، وازازة مية، قعدت تاكلها على جنب وسابت حتة لِكلب كان واقف جنبها، ابتسَـمتلها ومشيت فلقيتها جاية ورايا:
– أبلة أبلة.. أنتِ اسمك إيه؟
ضحكت بخفة:
– اسمي سِيا، وأنتِ؟
ابتسَـمت بِهدوء:
– أنا ليلى..
ابتسَـمت ووطيت بوستها من خدها:
– أنتِ جميلة يا ليلى، عن إذنك.. هعدي عليكِ كل فترة.
ابتسَـمت:
– متشكرة.
لفيت لقيت قُصي خارج ومعاه الحجة الكبيرة، روحت ناحيته بسرعة:
– بقيتِ كويسة؟
ابتسَـمت وكملت:
– الحمدلله يا حبيبتي، متشكرة لتعبكم والله.
ابتسَـمت ومسكت إيديها فقُصي كمل:
– نطلع بحضرتك على فين؟
أتنهِـدت بحُزن:
– متطلعوش، سيبوني على رصيف جنب المستشفى علشان لو حصل حاجة..
بصلي بِأستغراب فكملت:
– طيب وعيالك فين؟
ضحكت بِسُخرية:
– عيالي! الحمدلله على كل حال.
بصيت لِقُصي بِحُزن فأخدها قعدها على الرصيف زي ما طلبت، لأنها رفضت تروح لِدار مُسنين، قرب مني وكمل:
– هي الدنيا جرى فيها إيه!
كملت بِزعل:
– ده بالضبط اللي كُنت بكلمك عنه يا قُصي.. علشان كده كنت عايزة افتح الدار، علشان الناس دي.
وقِف وكمل بهدوء:
– أنا موافق بس بشرط..
بصيت لُه بِسرعة:
– شرط؟ شرط إيه!
– تتجوزيني..
بعض الأشياء تتوقَف عند نُقطة لا تستطيع حسمها، وهل نحسُم نِقاطًا تخُص مُستقبلنا لِنُحقق حُلمنا!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أجنحة الأحلام)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى