روايات

رواية في منتصف الطريق الفصل الثاني 2 بقلم قوت القلوب

موقع كتابك في سطور

رواية في منتصف الطريق الفصل الثاني 2 بقلم قوت القلوب

رواية في منتصف الطريق الجزء الثاني

رواية في منتصف الطريق البارت الثاني

في منتصف الطريق
في منتصف الطريق

رواية في منتصف الطريق الحلقة الثانية

★« بداية ونهاية … »★
المستشفى…
أجابت “عليا” عن تساؤل “خالد” وهى تتابع بقلق نظرات “فاروق” النارية نحوهم ..
_ “فايز” جوزي عمل حادثة هو وعمه “عزيز” و مستنيين نطمن عليهم …
أخذ “فاروق” يرمقهم بغضب وهو يتفحص “خالد” من رأسه لأخمص قدميه بتقزز حين باغته متسائلاً بإستحقار وهو يوزع نظراته بين “عليا” و”خالد” …
_ مين حضرتك ؟؟! مش تعرفينا يا “عليا” … ولا إيه … ؟!.
زمت “عليا” شفتيها بإرتباك لقسوة “فاروق” بطرح السؤال فهى تتوجس من غضبه المفاجئ بشدة فعلى الرغم من أنه الاخ الأصغر لـ “فايز” إلا أنه يتمتع بشخصية قوية قاسية على النقيض تمامًا من زوجها المستكين الحنون …
_ ده ..اا…. الدكتور “خالد” … يبقى أخو “هيثم” جوز “صفاء” أختي … انت مش فاكرة ولا إيه يا “فاروق” …؟!!
أعاد “فاروق” بصره نحو “خالد” بإشمئزاز …
_ لأ…. عمومًا ممكن دكتور “خالد” يدخل يطمنا .. لأننا واقفين هنا بقالنا كتير ومحدش فهمنا إيه إللي بيحصل …
أومأ “خالد” متفهمًا بطبعه الهادئ الذى إكتسبه من طبيعة عمله كطبيب جراح فعليه أن يتحلى بالصبر والهدوء للتعامل مع الكثير من المواقف والحالات ليردف محاولاً بث الطمأنينة بنفوسهم غير مكترث بنظرات “فاروق” الحادة ولا بلهجته الآمره ..
_ إن شاء الله خير … أنا حدخل لهم حالاً وأطمنكم عليهم..
تابعت عيونهم مرور “خالد” من بينهم إلى أن دلف لغرفة الطوارئ دون أن يعترضه أو يمنعه أحد ، بالطبع فهو يعمل معهم بنفس المستشفى و قد أتى للتو بموعد مناوبته اليومية …
طال الوقت كثيرًا ليزيد من قلقهم ، حتى قطع ذلك الصمت المحطم للأعصاب بخروج خالد من غرفة الطوارئ لتتعلق به أبصارهم جميعًا …
بالبدايه توسموا الإطمئنان منه عن حالتهم لكن بتمعنهم بملامحه المضطربة وهو يوزع نظراته تجاه “فاروق” تارة وبين “عليا” تارة أخرى إستشعر بها “فاروق” بأنه يخفي خبر كارثي …
تقدم “فاروق” أولاً وقد تلاشت تلك النظرات الغاضبة والمتقززة لتحل محلها إحساس جارف بالقلق والإختناق …
_ خير يا دكتور “خالد” … طمني …
إلتفوا جميعًا حول “فاروق” و”خالد” يستمعوا لرد “خالد” الذى طال كثيرًا …
إستجمع “خالد” شجاعته لإبلاغهم بتأثر حقيقي …
_ أنا آسف فعلا إنى أبلغكم خبر زى ده … للأسف … الأستاذ “فايز” تعيشوا إنتوا … البقاء لله … شدوا حيلكم …
هل تنهار الجبال وهى واقفة ، هكذا أحسها “فاروق” بفقدانه لأخيه الأكبر مصدر الحنان لهم ، فمنذ صغره كان هو من يتحمل أكثر ، هو من يجب عليه التحلي بالقوة والتخلي عن كل مظاهر الحنان والطيبة وليس أخيه “فايز” الذى إكتفى بالهدوء والحنان ليترك “فاروق” يتحمل كافة المسؤوليات التى توكل إليه من عمه “عزيز” ، ليكون “فايز” بمثابة السند المعنوي لنفوسهم المهترئة ، كان بوابة عبورهم للسلام النفسي ، هكذا وبكل سهولة ينهار ويختفي من وجوده بينهم ، ضربة موجعة لقلب “فاروق” …

تحاشى النظر تجاههم جميعًا حتى لا يلاحظ أيا منهم تلك النظرات الصارخة بألم لفقدان أخيه الوحيد محاولاً البقاء صامدًا كمن لم يتأثر أبدًا لهذا الخبر …
تحرك بضع خطوات مبتعدًا عنهم محاولاً ضبط تنفسه المختنق حتى لا تخونه دمعة من عيناه التى لا تبكي أبدًا ، فهو لم يبكِ منذ يوم وفاة والده …
صرخت “عليا” بإنهيار غريب وتعالت أصواتها بعدم تحمل لخبر فقدانها لزوجها وهى تنزلق أرضًا صارخة تتأوه بكل قوتها …
_ لااااااااااا …. اااااه يا “فايز” … لااااااااا إلا “فايز” …. خدوا روحي و”فايز” لااااااااااا….
تلمست “فريده” الحائط من خلفها بعد تراجعها عدة خطوات ومازالت أنظارها المصدومة تتابع إنهيار “عليا” الصارخ الذى دفع بالعديد من الممرضات لمحاولة تهدئتها بشتى السبل ، رفعت عيناها تجاه “فاروق” الذى أولاهما ظهره لتعود ببصرها مرة أخرى تجاه “عليا” لتجتاحها إنتفاضة صامتة تبعها سيل من الدموع لفجعة موت أخيها …
ظلت “فريده” تتابع “عليا” ببكاء صامت للغاية وهى تضم شفتيها بقوة حتى لا تصدر أى صرخة أو شهقة من داخلها فالألم بقلبها عظيم ، لقد رحل جانبها المشرق الحنون للتو ، لقد أصبحت وحيدة يتيمة بدونه …
حاولت كثيرًا وجاهدت كثيرًا لتتحمل لكنها لم تستطع ، لتمسك برأسها المتثاقل لتتحول الرؤية بعينيها لصورة ضبابية فتفقد وعيها مصدرة صوت إرتطام قوى على الأرض …
إنشغالهم جميعًا بصراخ وعويل “عليا” لم ينتبهوا لـ”فريده” الصامتة إلا عند سماعهم صوت الإرتطام من خلفهم …
إنتبه لها “خالد” لينادى أحد الممرضات بسرعة ..
_ تمريض …. بسرعة …
أسرعت إثنتان من الممرضات تجاه “فريده” لمساعدتها على الإفاقة من تلك الاغماءة ليتم نقلها لإحدى الغرف على الفور …
تفاجئ “خالد” بسكون “عليا” للحظات لتغمض عيناها هى الأخرى فاقدة الوعي بصورة درامية ليلحقها “خالد” قبل سقوط رأسها أرضًا …
فزع “خالد” لفقدان “عليا” لوعيها ، أسرع بحملها تجاه إحدى الغرف هى الأخرى لإفاقتها من تلك الصدمة …
تفاجئ “خالد” قبل تحركه بـ”عليا” بيد قوية تقبض على ذراعه ليلتفت بإقتضاب نحو الممسك به بقوة ليجد “فاروق” يواجهه بملامحه المتجهمة الثابتة …
_ “عليا” تعبانه ولازم أفوقها …
لم يكترث “فاروق” بما يتفوه به “خالد” عن “عليا” ليباغته بسؤال آخر ..
_ وعمي …؟! عامل إيه ..؟!!
حرك “خالد” رأسه متفهمًا لملامح الضيق المرتسمة على وجه “فاروق” ليجيبه وهو يضع “عليا” على أحد الأسرة النقالة التى أحضرتها الممرضه بدلاً من حمله لها ..
_ “عزيز” بيه حالته نوعًا ما مستقرة .. بس يفوق الأول ونشوف لو الحادثة كان ليها أى مضاعفات ولا حاجة ….
أشار فاروق بحركة جفناه فقط متفهمًا ذلك ليترك “خالد” ، والذى أسرع للحاق بـ”عليا” و”فريده” للاطمئنان عليهما بينما سهم “فاروق” للحظات قبل أن يستدير تجاه “حازم” قائلاً …
_ “حازم” … تابع باقى الإجراءات عشان …. دفن “فايز” والعزا ….

لم يكن “حازم” ينتظر توضيح من “فاروق” فلهم سنوات طوال يعملون سويًا حتى أصبح يتفهمه من نظرته فقط فـ”حازم” ليس مدير أعماله وذراعه الأيمن بل وكاتم أسراره أيضًا يعتمد عليه “فاروق” بكل صغيرة وكبيرة ….
_ البقية فى حياتك يا “فاروق” بيه … متشغلش بالك … كله حيترتب زى ما إنت عاوز بالضبط …
تحرك “حازم” مع أحد الحراس مبتعدًا عن “فاروق” لإنهاء كافة الإجراءات لدفن “فايز” وتحضير العزاء ..
أشار “فاروق” لبقية الحرس بالإبتعاد إلى خارج المستشفى فهو لا يحتاجهم الآن …
بعد خلو المحيط منهم جميعًا هوى “فاروق” بألم فوق أحد المقاعد الشاغرة أمام غرفة الطوارئ ، لم يشعر بهذا الحزن العميق من قبل ، لقد أوجعه بالفعل موت “فايز” ، أراد الصراخ والبكاء كما يفعل الجميع لكنه لا يقدر …
كم تمنى أن يصرح عما يشعر به من ألم لكن ذلك الشعور بالضعف تخلى عنه منذ زمن بعيد ، فإظهار المشاعر ضعف وهو ليس بضعيف …
حتى وهو بمفرده لم يكن ليستطع إخراج ذلك الحزن بداخله ليكون ألمه المستتر أكبر وأعمق من مجرد دموع وصرخات …
نكس رأسه بحزن مخفيًا وجهه بكفيه بصمت منتظرًا إنتهاء “حازم” من كافة الترتيبات حتى يستعيد صلابته مرة أخرى لتلقى العزاء بأخيه …
________________________________________
مع سطوع الشمس لتخفى ظلام هذا الليل الطويل وحلول الصباح بسمائه الصافية بيوم من أيام فصل الصيف الحارة ….
سمع تحركات تعبث بالخزانة ليستفيق من نومه بقلق وهو يضيق بين حاجبيه متعجبًا من تلك التحركات بذلك الوقت المبكر …
رفع “شمس” رأسه وهو يحجب ذلك الضوء المؤذى لعينيه من إضاءة مصباح الغرفة لينظر تجاه ساعة الحائط التى تعلن تمام الساعه السادسة صباحًا..
_ إيه الدوشة دى على الصبح يا “أمانى”… مالك صاحيه بدرى ليه كدة … ده حتى النهارده إجازة …!!
((أمانى … إحدى فتيات دار الأيتام تزوجت من شمس منذ قرابة العشرة أشهر ، تتمتع بملامح رقيقة ووجه مستدير ذو شعر بنى قصير ، فتاة طويلة ذات قوام ممشوق وإبتسامة شقية ساحرة ، متمردة بطبعها ، ومع ذلك تهوى الإستقرار لهذا تزوجت من “شمس” لتشعر معه بذلك الإستقرار وتترك دار الرعاية فذلك كان حلمها وحلم كل فتايات الدار …))
أخرجت “أمانى” رأسها وهى تميل بجزعها إلى الخلف لتنظر تجاه “شمس” من خلف الخزانة وهى تميل بفمها بغير رضا قائله …
_ عايزة حاجة ضرورى من الدولاب … نام أنت يا “شمس” …
تذمر “شمس” وهو ينهض من فوق الفراش ليجلس على طرفه ناظرًا بعيون متعجبة من “أمانى” وهى تدس رأسها مرة أخرى بداخل الخزانة …
(( شمس … شاب ثلاثينى ذو وجه نحيل وملامح تنم عن الطيبة ووسامة عربية أصيلة وأنف مدبب صغير يرتدى النظارات الطبية لتكسبه هيئة وقورة متفكرة ، ربما تزوج من “أمانى” فى البداية بعد ترشيحها له كفتاة رقيقة يتيمة مثله تمامًا فقد كان هو الآخر نزيل دار رعاية أخرى ، لكنه بالفعل أحبها ووجد بها كل ما يحلم به لزوجته وشريكة حياته …))
_ هو إيه إللى نام يا “شمس” … مش عايز أنام … أنتِ رايحه فين من بدرى كدة …؟!
تكتفت “أمانى” لتوضح لشمس الذى يبدو أنه نسى تمامًا هذا الإجتماع الطارئ الذى أخبرته به …
_ أنت نسيت … أنا عندى شغل النهاردة عشان إجتماع أستاذ “بهجت” إللى قلت لك عليه ….
زفر “شمس” بضيق متمللاً ..
_ ما كفاية بقى شغل وبهدله يا “أمانى”… يعنى دة حتى يوم الإجازة مش راحمك … أنا مش عايزك تشتغلى وتتبهدلى …
رفعت “أمانى” عيناها نحو السقف بتملل من تكرار “شمس” لتلك الإسطوانة اليومية بتذمرة من عملها وإصراره على تركها للعمل والتحكم بها بتلك الصورة …
_ أووووه … مش كل يوم يا “شمس” … أنا بحب أشتغل وأثبت ذاتى … وبعدين محسسنى إنك قاعد على تل فلوس … ما إللى جاى على قد إللى رايح …
تفزز “شمس” غاضبًا من محاولتها التقليل من شأنه وأنه لا يقدر على الإنفاق على بيته ..
_ يعنى أنا مش مكفى بيتى يا “أمانى”…؟!
رفضت “أمانى” أن تتحور كلماتها لأخرى بمعنى مختلف ، هى لا تقصد تقصيره بالمرة بل تحاول تنبيهه أنها تعمل ليبنيا حياتهم يدًا بيد …
_ وبعدين يا “شمس” … أنا مقصدش كدة خالص … أنت مش مخلينى عايزة حاجة .. بس لا قادرين نحوش ولا نعمل حاجة .. يبقى أشتغل وإيدى بإيدك …
_ مش مهم … أنا عايزك تقعدى من البهدله … و أوعدك أشتغل بدل الشغلانة إتنين وتلاته بس عايزك تقعدى معززة مكرمه فى بيتك …
_ مش وقته الكلام ده … أنا كدة حتأخر … نبقى نكمل بعدين …
تركته “أمانى” وهى تحمل قطعة الملابس بيدها لتكمل إرتداء ملابسها إستعدادًا لخروجها للعمل ليجلس “شمس” بضيق فها هو يوم إجازة أخرى يضيع من بين يديه و”أمانى” ليست متواجده بالبيت معه ..
__________________________________________
فاروق …
لم يكن يتمنى أو يتخيل أن تلك ستكون النهاية ، لحظة الوداع ، إقترب من جثمان أخيه مودعًا إياه بصمت متأملاً وجهه الشاحب لتنغرس تلك الصورة بذهنه كآخر لحظة تجمعهما معًا ، ليتذكر وداعه لأبيه أيضاً بنفس الهيئة منذ سنوات عديدة مضت …
تحامل على نفسه ليبقى بنفس القوة ، وجه حديثه لـ”حازم” دون أن يبعد عيناه عن فايز كأنما لا يريد أن يضيع لحظة واحدة من آخر دقيقة لهما معًا …
_ خلاص رتبت كل حاجة …؟!!
_ كله تمام … الورق طلع وتصريح الدفن والجنازة والعزا … متقلقش …
_ تمام .. أنا حروح أطمن على عمى “عزيز” ونطلع كلنا على الجنازة …
إتجه “فاروق” مباشرة نحو الطبيب الذى إختص بحالة عمه ليسأله عن تفاصيل حالته …
_ إيه الأخبار يا دكتور … ؟!
_ الحمد لله يا “فاروق” بيه …. إحنا نقلنا “عزيز” بيه للعناية لحد ما حالته تستقر … ويفوق …
_ عناية !!! ليه …؟!! هو حالته محتاجه يتنقل العناية المركزة …؟!!
_ الكسر بسيط الحمد لله .. لكنه الصدمه كانت فى رأسه عشان كدة سببت له غيبوبه بسيطه إن شاء الله يفوق منها ويرجع أحسن من الأول … وده طبعاً محتاج عنايه خاصه عشان كدة كان لازم يدخل العنايه لحد ما يفوق …
أومأ “فاروق” متفهماً ذلك ليخرج لـ”حازم” الذى إنتظره بالخارج يعطى تعليماته للحرس المرافقين لهم …
_ “حازم” … خلى السواق يوصل “فريده” و”عليا” للبيت وحد من الحرس يبقى هنا مع عمى ويبلغنا بأى جديد .. ويلا بينا عشان …. ندفن “فايز” …
أكمل جملته بقوه عكس ما يعتمل بداخله ليعطى “حازم” تعليماته ثم يذهب مرافقاً لـ”فاروق” للقيام بدفن أخيه …
__________________________________________
دار الرعايه…
كيف تحت سماء واحده قلوب تعصر ألماً وقلوباً ترقص فرحاً ، تلك آهات فراق ونهايه وتلك لقاء وبدايه …
إستيقظت الفتيات بنشاط كبير على الرغم من نومتهم المتأخرة ليله الأمس ..
وقفت “سوسو” تضع لمساتها الأخيرة بمساحيق التجميل فوق ملامحها بكثافه لتضع لون زاهى من أحمر الشفاه الرخيص خاصتها وهى تطبق شفتيها بحركه معتاده لتوزيع اللون بدرجه كامله على كامل شفتيها وهى تنظر فى تلك المرآه المعلقه على الجدار ناظرة نحو “نهى” قائله …
_يلا بينا عشان نلحق ناخد راحتنا … أنا خلصت خلاص …
_ كويس بس هى فين العروسه إللى إحنا رايحين معاها … طفشت ولا إيه … ؟!
أهلت “بشرى” نحوهم بإبتسامتها الحنونه وقد توهجت وجنتاها الحمراوتين وهى تتعجل بخطواتها دالفه للغرفه ..
أخذت تلوح “بشرى” بكفها لشعورها بإزدياد حرارة الجو اليوم …
_ أنا هنا أهو …. جهزت خلاص … الجو صعب أوى يا بنات النهارده … المهم … أنا كلمت أبله “مرفت” أننا حننزل نشترى حاجات من السوق …
اعتدلت “نهى” بإهتمام ..
_ وقولتى لها جبتى الفلوس منين يا فالحه …؟!
نظرت “بشرى” نحو “سوسو” المبتسمه بمكر …
_ “سوسو” قالتلى أقولها أن فيه متبرع إدا الفلوس لـ “شمس” وهو إدهالى …
_ طيب … شاطرة … اقوم أنا أغير هدومى وأروح لأبله “مرفت” أقولها أنى مش حقدر أدى الدرس النهارده …
لتردف “بشرى” رافضه …
_ لالا … خلاص … أنا قلت لها … أجهزى بسرعه أنتى بس مش عايزين نتأخر عشان نلحق نعدى على “أمانى” بعد السوق …
_ ماشى … دقيقه وحكون جاهزة …
تابعت “سوسو” “نهى” وهى ترتدى كنزتها الورديه وبنطالها الجينز المعتادين بسرعه بتعجب …
_إنتى بتلبسى بسرعه كدة إزاى … ده أنا لازم أقعد ساعه بس أجهز نفسى …؟؟!
ضحكت “نهى” وهى تسخر من “سوسو” ..
_ ما أنتى خلصتى علي الألوان كلها فى وشك لكن أنا مش بحب الحاجات دى وأخرى البلوزة الروز والبنطلون أنط فيهم وخلصنا …
_ طب وشعرك ده … مش ناويه تلميه ولا تسرحيه زى الناس …؟!
رفعت “نهى” كفيها لإغاظه “سوسو” وهى تحركهما بسرعه لتزيد من عشوائيه خصلات شعرها العسلى ..
_ لأ… هو حلو منكوش كدة … إستايل يا بنتى …
إمتعضت “سوسو” ولوت فمها بإزدراء تجاه “نهى” وهى تقترب منها قابضه على شعرها مرة أخرى بمزاح ….
_ ماشى يا غلباويه … يلا بينا … عقبالك يا مفعوصه …
تنهدت “نهى” بجديه وهى تردف ..
_ عارفه يا “سوسو” … زى ما أنتى حلمك تبقى غنيه ومعاكى فلوس … أنا حلمى ألاقى حد من أهلى بدل ما أنا مقطوعه من شجرة كدة …
إبتسمت “سوسو” بسخريه من حديث “نهى” مردفه ..
_ أهل ….!!! وهو إحنا لو لينا أهل كنا إترمينا هنا … فوقى يا “نهى” …
_ أهو حلم وخلاص …
_يمكن … !!!
قاطعتهم “بشرى” لتحول مجرى الحديث الحزين على حالهم بآخر ..
_ لأ .. بقولكوا إيه مش طالبه نكد … ده أنا بكره حنتى مش عايزين عكننه …
لتتسع إبتسامتهم بإقتراب الفرحه من قلوبهم لتردفا ..
_ وأحلى عروسه …
خرجت الفتيات من الدار للتسوق وشراء بقيه إحتياجات بشرى من ملابس وإكسسوارات وغيرها لتنهى بهذا تجهيزاتها للزفاف بعد غد ….
__________________________________________
مكتب بهجت للشحن…
وضعت “أمانى” حقيبه يدها فوق مكتبها قبل أن تحضر ذلك الخطاب الذى قامت بترجمته بالأمس لعرضه على “بهجت قادر” صاحب الشركه ومديرها ….
طرقت بخفه ورسميه على باب غرفه مكتبه ليسمح لها “بهجت” بالدخول …
بخطوات رشيقه تقدمت “أمانى” نحو بهجت وذلك العميل الذى يجتمع به برسميه لتمد يدها بالخطاب تجاه “بهجت” قائله …
_ ده الإيميل بتاع الشركه الصينيه يا فندم أنا ترجمته وحضرته من إمبارح …
(( بهجت … رجل أعمال يمتلك شركه صغيرة للشحن وإستيراد البضائع يتحلى بوجه مستدير وعينان صغيرتان تحيطهما إنتفاخ قليل وإبتسامه دائمه لا تختفى عن ملامحه بكل الظروف حتى وسط مشاكله لتصبح ببعض الأوقات سمه مستفزة لبعض الناس لرؤيته دوماً غير مكترث ، يتعامل مع كل الأمور ببساطه وأريحيه ، يسعى لأهدافه بتخطيط واضح ومميز يحصل به على مراده دوماً.. ))
رفع “بهجت” عيناه المتفحصتان بتروى لـ”أمانى” وصولاً لوجهها ليومئ لها بإبتسامه رضا قبل أن يشكرها …
_ شكراً يا “أمانى” … حطيه على المكتب لحد ما أخلص مع “سعيد بيه” …
وضعت “أمانى” الملف بهدوء فوق سطح المكتب لتعود مرة أخرى إلى مكتبها بالخارج دون إدراكها لتتبع “بهجت” لتحركاتها حتى إبتعدت عن مرأى عيناه تماماً ليكمل نقاشه مع ضيفه بعمليه ….
__________________________________________
قصر المالكي…
أقيم سرادق عزاء مهول بحديقه القصر الواسعه ، ضم العديد والعديد من الشخصيات الهامه والبارزه فى المجتمع ليكون أشبه بقاعه إجتماعات عنه كـ سرادق للعزاء …
وقف “فاروق” بقوه وصلابه يتلقى العزاء بأخيه الراحل بمنتهى الثبات ، بل يكاد يظن من لا يعرفه حقا أنه لا يبالي بموت أخيه مطلقاً …
صدحت تلك الآيات القرآنية التي تهدئ النفوس فى حين جلس الجميع بصمت مهيب وحزن عميق لفقدان هذا الشاب بمقتبل حياته ….
بداخل القصر …
جلست “فريده” تمسح دموعها الصامته التى تتساقط بلا توقف وقد إحمرت وجنتاها وأنفها كثيراً ، حاوطتها العديد من النساء المتشحات بالسواد يبكين بتأوه حزين وصمت قاتل …
لم تستطع “عليا” تحمل ذلك الإحساس بالحزن والفقد فلزمت غرفتها بعد أن حقنها الطبيب بمهدئ لتهدئه إنهيارها على زوجها الفقيد …
مالت إحدى السيدات على الأخرى تهمس بصوت خفيض …
_ يا عينى على شبابه … كان صغير والله … ده مبقالوش كام سنه متجوز … كانت حنيه الدنيا فيه …
مصمصت الأخرى شفاهها بتحسر مؤيده حديث رفيقتها قائله…
_ اه والله… بس أنا أسمع إن “فايز” كان عيان مش كدة ..؟!!
_ يا حبيبي كان زى الفل … بس ييجى من سنه كدة جاله تعب فى الأعصاب خلاه مش قادر يتحكم فى أعصابه ولا حركته خالص … دة الدكاترة كانوا بيقولوا بوادر شلل …
_ يا عينى …. أهو ربنا ريحه من تعبه … هو عنده أولاد صح ..؟!
_ بنت واحده صغيره ودوها عند خالتها لحد ما أمها تتحسن وتبقى كويسه …
_ لا حول ولا قوه الا بالله … ربنا يصبرهم …
_ يا رب …
__________________________________________
بالسوق…
حملت الفتيات العديد من الأكياس بعد تبضعهم بالعديد من الملابس لتتوقف “نهى” لبرهه وهى تتنفس بنهج خفيف فقد أعيتها تلك الحرارة وذلك الإرهاق الذى أحل بها لتقف منحنيه قليلاً نحو الأمام كمن كانت تعدو لمسافه طويله وهى تضع كفها على صدرها ….
إقتربت منها “بشرى” بحنوها البالغ …
_ إيه يا “نهى” … تعبتى … نروح ….؟؟!
حركت “نهى” رأسها نفياً لتحاول رسم إبتسامه مزيفه على وجهها لتطمئن بشرى وسوسو القلقتان لتردف مازحه …
_ لا … يا أختى … أنا كويسه …. بس إرحمونى … قلت لكم أنا صاحبه مرض …
أقبلت “سوسو” تحفز نهى على إنهاء تلك الجوله سريعاً فهى لا تريد أن تزيد من تعبها أكثر ..
_ بلاش دلع يا نهى خلينا نخلص الكام حاجه إللى باقيين بسرعه وروحى إرتاحى عند “أمانى” براحتك …
_ ماشى … يلا … مش ده آخر محل …
_ أيوة …
_ يلا بينا …
أكملوا الفتيات تسوقهم بسرعه حتى لا تتعب “نهى” أكثر من ذلك ليتوجهوا لبيت “أمانى” كما إتفقوا معها …
__________________________________________
مكتب بهجت…
طلب “بهجب” من “أمانى” (سكرتيرته الخاصه) أن تأتى إليه بعد إنصراف العملاء الذى إجتمع بهم اليوم ..
_ أفندم يا أستاذ بهجت …
إرتسمت تلك الإبتسامه الثابته على محيا “بهجت” وهو يردف قائلاً …
_ معلش بقى يا “أمانى” ضيعت لك الإجازة النهارده … بس متقلقيش .. أكيد فيه أوڤر تايم طبعاً …
صمتت “أمانى” لترتسم على ملامحها إبتسامه رسميه مجامله وهى تتذكر ما حدث بينها وبين “شمس” فى الصباح ورفضه لذهابها للعمل بيوم الإجازة ، لكنها كانت مضطرة لذلك …
_ لا أبداً يا أستاذ “بهجت” … دة شغل …
_ بحب فيكى إنك عارفه طريقك كويس ومهتمه بكيانك وشغلك بالشكل ده … مش زى البنات إللى معندهاش إراده دى …
_ شكرا يا أستاذ “بهجت” … حضرتك محتاج منى حاجه تانى ولا أقدر أروح أنا …
_ لا لا … تمام … إتفضلى أنتى …
تركت “أمانى” “بهجت” لتذهب نحو مكتبها أولاً قبل إنصرافها من الشركه لتتخذ نظرات “بهجت” نحوها طريقه مغايرة حين إستدارت ليتابعها بتفحص جرئ لكامل جسدها دون أن تعى “أمانى” لذلك …
وضعت “أمانى” حقيبتها فوق كتفها لتخرج مسرعه من الشركه للحاق بالفتيات اللاتى لابد وأنهن بطريقهن الآن لبيتها …
__________________________________________
فاروق….
جلس على أحد المقاعد ببدايه السرادق ليسترجع بعقله ما حدث بالأمس …
حيث قابل عمه “عزيز” عند عودته من المصنع فى المساء ، وجه إليه عمه سؤال بنفس طريقه “فاروق” فى الحديث وكأنهما نسخه طبق الأصل من بعضهما البعض فمن يراهما يظن أنهم أب وإبنه وليس عمه …
_ لما تخلص ورق الطلبيه دى إدينى خبر يا “فاروق” …
_ ليه … أنت مش حتقعد معايا نراجعها سوا …؟!
_ لا … حروح مع “فايز” الأول عنده معاد مع الدكتور بتاع الاشعه …
_ عمى …. بلاش طيب تهاوده فى موضوع السواقه ده … أنت عارف إن أعصابه صعب يتحكم فيها … ومينفعش يسوق تانى …
_ متقلقش …
تركه “عزيز” ليصطحب “فايز” إلى المستشفى للقيام بتلك الأشعه التى طلبها الطبيب الألمانى لإرسالها له بالفاكس ومتابعه حاله “فايز” المتأخره يوما بعد يوم …
لم يكن يدرى أن “عزيز” سيرق قلبه لاستجداء إبن أخيه المؤلم وهو يطلب منه قياده السياره ولو لمرة أخيرة بحياته فهو يعلم تماماً حب “فايز” للقياده وللسيارات …
رؤيته أمامه يتحول إلى عاجز قعيد ألمت روحه ليوافق دون أن يدرك تلك العواقب التى ستحدث فقد كان يود تلبيه طلب أخير لابن أخيه المحب ….
_ بالله عليك يا عمى …..آخر مرة … أنا بحب العربيه دى أوى … إعتبرها آخر مرة حسوق فيها أصلا ً … وأنت قاعد جنبى أهو …
_طيب … بس لحد المستشفى بس …
_موافق …
ربما حقق له آخر أمنيه يتمناها قبل أن يصبح عاجزاً تماماً ، لكن يشاء القدر أن يفقد “فايز” التحكم بالسيارة لظهور تلك الهلاوس البصريه الغريبه أمامه والتى تلاحقه كثيراً بالأيام الأخيرة ، لم يشعر بنفسه إلا وهو يصطدم بجدار كبير لإحدى البنايات رغماً عنه وسط تحذيرات “عزيز” المفزوعه الغير قادر على المساعده أو إنقاذهم من هذا المصير المحتوم بالاصطدام …
_ حاسب يا “فايز” … حاسب يا “فايز” ….. اااااااه …..
لم يكن تخيل “فاروق” لما حدث بذلك الحادث الشنيع بعيداً عما حدث بالفعل فطالما طلب “فايز” مترجياً عمه تاره و هو تاره أخرى لقياده السيارة ، كان يود “فايز” قيادتها ولو لمرة واحده ، لكن “فاروق” يرفض رفضاً قاطعاً خشيه من تعرضه لأى سوء ، لكنه بعدما علم أن “فايز” هو من كان يجلس بمقعد السائق إستطاع “فاروق” تخيل ما حدث بدون الحاجه لذكاء خارق ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في منتصف الطريق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى