روايات

رواية في منتصف الطريق الفصل الثالث 3 بقلم قوت القلوب

رواية في منتصف الطريق الفصل الثالث 3 بقلم قوت القلوب

رواية في منتصف الطريق الجزء الثالث

رواية في منتصف الطريق البارت الثالث

في منتصف الطريق
في منتصف الطريق

رواية في منتصف الطريق الحلقة الثالثة

★« الوجه الآخر »★
شقه أمانى وشمس …
بعد إنتهاء الفتيات من تسوقهن توجهن لشقه “أمانى” و”شمس” لزيارتهم كما إتفقا معهما بالأمس ، طرقت “سوسو” الباب ليجيبها “شمس” على الفور وهو يقابلهم بإبتسامه محبه فلطالما إعتبر هؤلاء الفتيات إخوته هو أيضا فجميعهم أيتام ويستحقون رعايه وإهتمام بعضهم البعض …
ليهتف “شمس” مرحباً بهن …
_ أهلاً أهلاً… تعالوا اتفضلوا …
تلفتت “سوسو” برأسها بأرجاء الشقه قبل أن تتسائل بإندهاش …
_ الله … هى “أمانى” مش هنا ولا إيه .. ؟!
زفر “شمس” بضيق محاولاً ألا يصبح متذمراً بإصرار “أمانى” على هذا العمل …
_ لأ… فى الشغل …
تعجبت الفتيات من ذهاب “أمانى” للعمل بيوم الإجازة ..
_ النهارده !!!
سمعوا صوت مفتاح الشقه يتحرك بالباب ليتوقعوا وصول أمانى …
_ “أمانى” …. إنتي فين يا بنتى …؟!
لوت “أمانى” ثغرها تجاه “شمس” وهى تنظر نحوه تلومه ..
_ ما هو “شمس” أكيد قالكم …!!
ليردف “شمس” قاطعاً محاولة “أمانى” بإختلاق مشكله الآن بحضور الفتيات ليشهدوا معها أنها على حق ..
_ مش وقته يا “أمانى” … مش عايزين نضيع فرحة “بشرى” بخلاف صغير نفضل نتكلم فيه طول الوقت …
_ماشى … أنا حدخل أغير هدومى وأحضر الغدا عشان ناكل كلنا مع بعض …
_يكون أحسن برضه …
شعرت الفتيات بأن الأجواء متعكرة قليلاً ليحاولوا المزاح معهم ليخرجوهم من هذا الجو المتوتر ، لتنتهى تلك الزيارة بعد أن إستطاعت الفتيات تصفيه الأجواء بين “شمس” و”أمانى” ليعودوا فى المساء إلى الدار …
_______________________________________
دار الرعايه..
بعد قضاء يوم مرهق وسعيد بنفس الوقت عادت الفتيات إلى الدار محملين بأكياس عدة إشتروهم لزفاف “بشرى” ، فأخيراً بعد سنوات طويله من الإحساس بالوحده واليتم ستتزوج إحداهن ويكون لها بيتها الخاص وحياتها الخاصه وزوج محب يحبها ويهتم بها ….
فور عودتهم تجمعت بقيه الفتيات حولهم يتفقدون تلك الأكياس كلها بفرحه وكأنها لهم جميعاً وليست لـ”بشرى” فيالهم من عائله فتيات كبيرة …
تقدمت نحوهم أبله “مرفت” وهى تربت على كتف “بشرى” بسعاده ..
_ ألف مبروك يا “بشرى” ربنا يتمم فرحتك بالخير يا رب … أنتى طيبه وتستاهلى كل خير …
_ الله يبارك فيكى يا أبله ..
ثم أعادت “مرفت” نظرتها للفتيات آمره إياهم على الفور ..
_ خلاص يا بنات … سيبوا حاجه “بشرى” عشان متتبهدلش كفايه كدة …
بتذمر شديد تركت بقيه الفتيات ملابس “بشرى” الجديده لينصاعوا لأمر أبله “مرفت” بهدوء ..
تركتهم أبله “مرفت” لتعود لحجرتها بعد إطمئنانها بعوده الجميع إلى الدار سعيده بزواج إحداهن متمنيه للبقيه أن يحظوا بحياه سعيده يستحقونها بعد سنوات حرمان طويله ..
فور أن أغلقت أبله “مرفت” الباب ومن بعدها أخفضت إضاءه الردهه الخارجيه حتى إلتفت الفتيات مرة أخرى حول “بشرى” بسعاده لتسحب “سوسو” الطاوله الخشبيه الصغيرة نحو إحدى الفتيات قائله …
_ خدى يا “سكر” طبلى وخلينا نتبسط وأنا حرقص للصبح عشان “بشرى” …

ثم نظرت نحو “نهى” برجاء ..
_ و”نهى” حتغنى … صح …. ؟!!
بإرهاق شديد قضبت “نهى” ما بين حاجبيها رافضه الغناء فقد تعبت جدا اليوم …
_ لا بالله عليكى يا “سوسو” … شغلى أغنيه وخلاص .. أنا تعبانه خالص …
لتهتف الفتيات تتوسلن لـ “نهى” بالغناء لما تتمتع به من صوت شجى عذب يطرب الآذان حقاً …
_ بالله عليكى يا “نهى” يلا … عشان “بشرى” …
نظرت “نهى” بإبتسامه نحو “بشرى” المنتظرة بوجهها البشوش لتضرب بإرهاقها عرض الحائط فليفرحوا جميعا بأختهم وصديقتهم اليوم …
بدأت “نهى” بالغناء ليصدح صوتها العذب الحنون فهى تتمتع حقا بهبه حباها الله بها بصوت رقيق تلين له القلوب …
أخذت الفتيات تصفق مع الإيقاع فرحاً لتصاحبهن إحدى الفتيات بالدق والطبل فوق الطاوله ..
تمايلت “سوسو” بجزعها ترقص بدلال وفرحه لتعلو الأجواء السعيده بالدار لتصل تغريداتهم المبتهجه لأذن أبله “مرفت” لتتغاضى عن تلك الأصوات الليله وهى تبتسم لفرحه بناتها ..
__________________________________________
فاروق المالكى …
وأخيراً إنتهى هذا اليوم الطويل القاسى بعد إنتهاء العزاء ليتجه “فاروق” إلى غرفته أخيراً فمنذ ليله الأمس وإفاقته على ذلك الخبر المشؤوم لم يختلى بنفسه قط ، صعد بهدوء تجاه غرفته كجبل صلب لا يهتز ، لكن ما أن دلف إلى الغرفه وأغلق بابها مرتكزاً برأسه على بابها الخشبى مغمضاً عيناه بألم محاولاً التنفس ببطء لعله يجد سكينته وراحته المفقودتان …
لحظات بقى على هذا الوضع ليتجه نحو الأريكه الموضوعه بزاويه غرفته الكبيرة ليرتمى فوقها وهو يحل من ربطه عنقه السوداء الخانقه تاركاً لملامح وجهه أن تنبسط مخرجه علامات حزنه العميق على فقدان أخيه الوحيده تاركاً العنان للوجه الآخر الحزين للخروج من داخله منحياً الوجه القاسى جانباً ، تنهد بحزن مسنداً رأسه إلى حافه الأريكه بصمت …
ضم شفتاه بأسى وهو يتذكر بأنه على الرغم من كونه الأخ الأصغر إلا أن عمه “عزيز” وكَّل إليه كل المسؤوليه بعدما جرعه من قسوته وشدته بعد وفاه والده لتصبح له الكلمه العليا فـ “فايز” كان دوماً لين القلب متسامح النفس هادئ الطباع بعكس “فاروق” تماماً ولم يحبذ أبداً العمل معهم أو التحلى بطبعهم القاسى لتكون لـ “فايز” حياته المستقله الهادئه رغم بقاءه معهم بنفس البيت ( القصر) ..
إعتدل “فاروق” متنهداً بحسرة ..
_ راحت الضحكه الحلوة من البيت دة خلاص … الله يرحمك يا “فايز” سبقت ورحت لهم قبلى …
_________________________________________
خالد …
إستقل سيارته المتواضعة عائداً بطريقه إلى المنزل ليصف سيارته أمام بنايه مكونه من ثلاثه طوابق بأحد الأحياء السكنية المتوسطه …
صعد نحو شقه والديه التى يقيم بها معهم ليجد والدته تجلس برفقه أخيه “هيثم” ..
وقعت عيناه على تلك الصغيرة النائمه فوق الأريكه إلى جوار والدته تسند رأسها الصغير فوق ساقها …
ليلقى “خالد” السلام بهدوء حتى لا يوقظ تلك النائمه …
_ السلام عليكم … عاملين إيه ..؟!
_ الحمد لله يا ابنى … أقعد …

نظر “خالد” نحو والدته التى تملس بحنان على رأس “سلمى” حين أردفت والدته بحسرة …
_ شفت يا “خالد” إللى حصل … “فايز” جوز “عليا” أخت “صفاء” تعيش إنت ….
أومأ “خالد” رأسه لمعرفته بما حدث متسائلاً وهو يؤشر بعيناه تجاه “سلمى” …
_ هى عرفت …؟!
زمت “أم خالد” شفتها بتحسر وهى تحرك رأسها يمينا ويساراً …
_ لأ …. لسه… وهى عيله زى دى حتفهم برضه أن أبوها مات … عينى عليكى يا بنتى دى مكملتش تلات سنين ….
_ عمره بقى حنقول إيه …
لتلقى “أم خالد” سؤالها المتطفل نحو “خالد” ..
_ تفتكر “عليا” حتعيش معاهم فى القصر ولا حترجع بيت أبوها …
ليجيبها “خالد” بحده غير مبرره على عكس طبعه الهادئ وهو يضيق بين حاجبيه ليثير الريبه لدى والدته …
_ وهى حتقعد فى القصر بتاع إيه … مش خلاص جوزها مات … يبقى ملهوش لازمه تقعد هناك …..
_ ومالك إتحمقت كدة ليه … أوعى تكون لسه بتفكر فيها يا “خالد” … دى حاجه قديمه وراحت لحالها من زمان …. إنساها يا أبنى …
لينهض “خالد” مدافعاً عن رغبته التى طالما كان يتمناها …
_ أنساها ليه … !!! ما خلاص إللى كان واقف بينى وبينها مات … وجاتلى فرصه تانيه … ما أفكرش فيها ليها …
_ يا “خالد” …. يعنى يوم ما تفكر تتجوز … تتجوز واحده كانت متجوزة قبل كدة وعندها بنت كمان … !!!
_ وده يعيبها فى إيه يعنى ….؟!.
تلجمت “أم خالد” من تسرعها وظلمها لـ “عليا” وظروفها على الرغم من أن ابنتها مرت بنفس الظروف من قبل …
لتردف “أم خالد” بتخوف …
_ عندك حق … بس …ااا… دة بيقولوا عم جوزها وأخوه طبعهم صعب أوى وأكيد ولا حيسيبوها ولا حيسيبوا البنت …
_ أنا مش عارف إحنا مستعجلين على الموضوع ده ليه … أنا داخل أرتاح ..
كان “هيثم” يتابع هذا الحوار الذى ليس له داعى مطلقاً بذلك التوقيت ليخرج عن صمته ..
_ لازمته إيه الكلام ده دلوقتى …. ده لسه الراجل دمه مبردش ….أنا رايح أجيب “صفاء” من عند “عليا” … سلام ..
لامت “أم خالد” نفسها على تسرعهم بالحديث بهذا الموضوع فى الوقت الغير مناسب إطلاقاً وهى تنظر نحو “سلمى” بتحسر لتحملها ببطء وتدخلها إحدى الغرف فهى ستبقى معهم حتى ينتهى العزاء بالقصر ..
__________________________________________
اليوم التالى…
إستيقظت “أمانى” على صوت المنبه الخاص بها لتبدأ يوم عمل جديد ، إلتفتت إلى جوارها بإتجاه موضع “شمس” الفارغ لتضيق حاجبيها بإندهاش متسائله ….
_ إيه دة …؟! هو “شمس” فين …. ؟!
بدلت ملابسها أولاً بإختيارها لفستان برتقالى اللون ومشطت شعرها بعجاله حتى لا تتأخر على الذهاب الشركه ، خرجت من الغرفه باحثه عن “شمس” الذى ليس من عادته الإستيقاظ قبلها لتلاحظ تلك الأطباق الموضوعه فوق طاوله الطعام ، أمالت رأسها بإبتسامه خفيفه لتدرك أن “شمس” سبقها لتحضير الافطار فتوجهت للمطبخ لرؤيه “شمس” وهذا التطور المفاجئ …
أخذ “شمس” يحضر ويرتب الطعام لمفاجأة “أمانى” منذ الصباح ..
أقبلت نحوه “أمانى” متسائله بنبره مبتهجه ..
_ أنت بتعمل إيه يا “شمس” من الصبح كدة …؟؟؟ مش عوايدك …!!
إستدار “شمس” تجاه “أمانى” لتتسع إبتسامته قبل أن يدنو منها بمحبه …
_ قلت أريحك يوم … وكمان عشان أصالحك على زعلك إمبارح …
ضمت “أمانى” شفتيها عن إبتسامه رضا لكشف شمس نيته بإرضائها عوضاً عن مشادتهم بالأمس …
_امممم … قول كدة … بتغرينى بالاكل … ماشى …
مدت “أمانى” يدها لتحمل طبق كمساعده لـ “شمس” ليحمل هو الآخر متجهين نحو طاوله الطعام لتناوله سويا …
_ أنا مش عايزك تزعلى منى حبيبتى … أنا حقيقى بخاف عليكى وبغير عليكى … مش عايز حد يتعرض لك أو يضايقك ..
_ لا .. متقلقش عليا … أنا أقدر أوقف كل واحد عند حده كويس …
_ مش عارف ليه مش مرتاح لشغلك وسط العملاء والرجاله رايحين وجايين …
كزت “أمانى” على أسنانها فقد بدأ “شمس” يثير عصبيتها مرة أخرى بتحكمه بها وبعملها وتصرفاتها بذلك الشكل المبالغ فيه لتردف بحده من بين أسنانها …
_ تاااانى يا “شمس” … أنا مش حسيب الشغل … فاهم ولا أقول تانى …
حاول “شمس” إمتصاص غضب “أمانى” فهو يعلم جيدا أنها سريعه الإستثاره والغضب …
_ ليه بس … أنا ححاول أوفر لك كل إللى أنتى محتاجاه وبلاش بهدله وشغل وسط الرجاله …
هوت “أمانى” بكفيها بعصبيه فوق الطاوله الخشبيه تضربها بحده قبل أن تنهض من جلستها مستكمله حديثها الحاد …
_ يا “شمس” بلاش تعصبنى على الصبح .. أنا شغلى مع ناس محترمين … وبعدين هى شغلانه مشرف التشطيبات دى حتجيب لنا إيه ولا إيه ؟؟!!!! … فوق بقى يا “شمس” إحنا لازم نعمل لمستقبلنا بمرتبى ومرتبك مش حنفضل طول عمرنا عايشين كدة …
أشارت “أمانى” بكفيها وهى تدور بهما حولها تقصد بها شقتهم البسيطه …
لتبدأ نبره “شمس” تميل للإرتفاع قليلاً من لوم “أمانى” المستمر له لبساطه معيشتهم فهى دوماً تطمح لحياه رغده لكنها لا تستطيع الصبر …
_ ومالها عيشتنا يا “أمانى” … أنا مقصرتش … أنا محدش ساعدنى وأنتى فاهمه … أنا يتيم زيى زيك … وبحاول أسعدك على قد ما أقدر … أنا صعبان عليا بهدلتك فى الشغل ونفسى أريحك وأبسطك … أنا بغير عليكى … أه … إيه المشكله لما أغير على مراتى … إيه المشكله فى كدة ؟!! …
زفرت “أمانى” بضيق محاوله إنهاء تلك المجادله التى لن تسفر عن شيء سوى مشكله بينهم مرة أخرى ….
_ أنا عارفه إحنا كدة مش حنوصل لحاجه … أنا نازله عشان متأخرش على الشغل …
إتسعت حدقتا “شمس” بحده وهو يقف بعصبيه مشيراً بيده تجاه ملبس “أمانى” قائلاً بحده …
_ إيه دة …. ؟؟ أنتى حتنزلى كدة …؟!!
ألقت “أمانى” نظرة على فستانها قبل أن تردف بعدم فهم …
_ اه … فيه إيه …. ؟!
ثارت الدماء بعروق “شمس” وهو ينهر أمانى عن إختيارها لهذا الفستان الضيق الذى يبرز حُسنها وجسدها الممشوق …
_ تنزلى كدة إزاى .. ليه شايفانى إيه ؟!! …. إزاى مراتى تنزل بفستان ضيق زى ده … !!!!!
_ أعمل إيه يعنى .. تخنت شويه والفستان ضاق عليا …….ولا أرميه يعنى … ؟! … ما أنا مقدرش كل يوم والتانى أجيب هدوم جديده ولا مرتبى ولا مرتبك يسمحوا لنا بكدة … فهمت قصدى بقى … إحنا مينفعش نعيش بالعيشه الضيقه دى … عمر ما مرتبك لوحده حيكفى … بطل تحكم بقى أنا زهقت …
بالطبع هى محقه أن راتبه لن يكفى متطلبات كثيرة ، لكنه مع ذلك لا يتحمل وجود زوجته وسط العديد من الرجال يتطلعون إليها ويتمعنون بتفاصيلها خاصه بذلك الفستان الضيق المثير ، يغير عليها حقاً ولن يتحمل قرب آخر منها ، هو يعلم جيداً السوء بنفوس البشر وليس كل ما يظهر منهم هو ما يعتمل بنفوسهم حقيقه ، يعلم خبث النوايا بنفوسهم ولن يتركها بسذاجتها التى تحاول إخفائها بوجه آخر خلف هذا القناع الحاد والعصبيه المفرطه أن تنجرف نحو الطامعين حولها ليردف بإستهجان بأنفاس متهدجه …
_ تحكم !!!! … لا يا “أمانى” ماسمهوش تحكم … ده إسمه غيره وحب … وأنا لا يمكن أسمح لك تنزلى من البيت بالمنظر ده … ها … قولتى إيه …؟!
تركته “أمانى” غاضبه وهى تدب بقدميها بقوة وعصبيه دالفه لغرفه النوم مرة أخرى ساحبه جاكيت من الجينز ترتديه فوق الفستان بإرتعاش غاضب لتخرج مسرعه لتلقى بكلماتها الغاضبه على مسامع “شمس” دون إنتظار رده …
_ أهو …. إرتحت …. أنا زهقت وطهقت والله …. أنا حطلع على الدار أبات هناك مع البنات عشان حنه “بشرى” ومش جايه هنا …
خرجت ومازال وجهها يستعر بحمرة غضبها وهى تصفق الباب من خلفها لتترك “شمس” يضرب الطاوله بقبضته بضيق فما كاد يصلحه بينها زاد سوءا أكثر وأكثر …
لم يعد يدرك أهو من يضيق عليها الخناق بتحكمه وغيرته كما تقول ، أم أن هذا هو الطبيعى لشخص يحب ويحرص على من يحبه ويخاف عليه فبداخله وجه محب غيور لكن ما يظهر لها دوماً وجه المتحكم المتسلط الغير مراعى لها أو لرأيها ورغباتها …
_________________________________________
فاروق المالكى …
مع تلقيه العزاء لليوم الثانى على التوالى إنتبه “فاروق” لعدم رؤيته للصغيرة “سلمى” إبنه أخيه منذ يومين …
دلف إلى داخل القصر باحثاً عنها فهى البسمه الوحيده المتبقيه بعد رحيل أخيه ، فمازالت على برائتها الفطريه كطفله الثلاث أعوام ولن يتركها تتلوث بشرور الدنيا كما تلوث غيرها سيحرص على الإعتناء بها بالتأكيد ولن يتركها تنزلق من بين يديه أبداً …
نادى “فاروق” على “إعتماد” مدبرة المنزل ..
_ “اعتماااد” …
هرولت إليه “إعتماد” على الفور تلبيه لنداءه ..
_ أيوة يا “فاروق” بيه .. محتاج حاجه …؟؟
_ فين “سلمى” … مش شايفها يعنى ؟!
_ الست “صفاء” أخت “عليا” هانم أخدتها عندها اليومين دول لحد ما العزا يخلص عشان البنت متتأثرش …
تجهم “فاروق” بضيق ليأمر “إعتماد” بإبلاغ “نادر” بالذهاب لإحضارها على الفور وبدون تأخير ، فأولاد المالكى لا يخرجون من بيوتهم …
_ حالاً تبلغى “نادر” يطلع مع السواق يجيبها … ولاد المالكى ميسيبوش بيتهم أبداً … يلا …
أشار إليها “فاروق” ملوحاً بيده لتنصرف وليس عليها سوى الطاعه لكن من داخلها ترفض تماماً تعريض تلك الصغيرة لتلك المظاهر الحزينه التى تعم هذا القصر …
ترك “فاروق” القصر بصحبه “حازم” متجهاً نحو المستشفى ليمر بعمه “عزيز” ويطمئن على حاله الذى لم يتغير منذ الحادث بوقوعه بتلك الغيبوبه …
مر بالطبيب المتابع لحاله عمه “عزيز” ليستعلم منه عن آخر تطورات حالته …
_ مع الأسف يا “فاروق” بيه … “عزيز” بيه حالته متأخرة جداً وإحنا بنحاول نساعده على قد ما نقدر لكن مفيش حاجه طبعاً بعيده عن قدرة ربنا على الشفا …
أومأ “فاروق” بتفهم ليشكر الطبيب على مجهوداته لينصرف بعدها عائداً إلى القصر مستكملاً تلقيه العزاء بأخيه فليتها كانت محنه واحده لكنها تضيق عليه من كل جوانبها فـ “فايز” وطيبته من جانب وعمه السند والعقل والقوة من جانب ….
__________________________________________
أمانى …
دلفت إلى داخل المكتب ومازالت آثار المشاده الصباحيه مؤثرة على ملامحها المختنقه وهى تضع حقيبتها على تلك الطاوله الجانبيه قبل أن تتخذ مقعدها بإحباط شديد وهى تغمض عيناها بضيق مسنده كفها فوق وجنتها بإختناق …
لم تكن تود أن يتطور الأمر بينها و بين “شمس” إلى ذلك الجدال اليومى أبداً ، شعورها الدائم بتحكمه بها وبتصرفاتها جعلها دوماً فى حاله تحفز لأى كلمه أو فعل يصدر منه ، لم تعد تتحمل تدخله بكل صغيرة وكبيرة حولها ، لطالما أرادت حياه عاديه تتخذ فيها قراراتها بنفسها لا أن يتحكم بها وبتصرفاتها بهذا الشكل …
شعرت بإزدياد بحرارة الجو خاصه وهى ترتدى جاكيت ثقيل لا يناسب تلك الرطوبه المعبأه للأجواء لتخلع هذا الجاكيت معلقه إياه بظهر المقعد لحين إنتهائها من عملها ثم تعاود إرتداءه مرة أخرى بعد ذلك …
بدأت تعلق بصرها بشاشه الحاسوب وهى تدخل بعض البيانات بهذا البرنامج لضبط كشوف الإستيراد الجديده حين دلف “بهجت” إلى المكتب ملقيا تحيه الصباح كعادته بإبتسامته الثابته فوق محياه …
_ صباح الخير يا “أمانى” …
رفعت “أمانى” أصابعها من فوق لوحه المفاتيح الخاصه بالحاسوب لتنهض مرحبه به برسميه ..
_ صباح الخير يا أستاذ “بهجت” …
أكمل “بهجت” طريقه لغرفه مكتبه لتعاود “أمانى” جلستها مستكمله كتابه بقيه البيانات …
لاحظ “بهجت” طله “أمانى” الملفته بذلك الفستان الضيق الذى أبرز أنوثتها وجمالها ليتراجع إلى الخلف بضع خطوات من دون ملاحظه “أمانى” له ليحدق نحوها بشهوانيه مدققاً بكل تفاصيلها المثيرة وهى غارقه بعملها بتركيز شديد …
إستطاع “بهجت” بسرعه مريبه أن يحول نظراته المتفحصه لأخرى هادئه معجبه وهو يقترب من مكتبها مردفاً بإبتسامه عريضه …
_ إيه الفستان الشيك ده … أول مرة أشوفك لابساه … حلو جداً عليكى يا “أمانى” …
رفعت “أمانى” بصرها تجاه بهجت المجامل لها وهى تتصنع الإبتسام رداً على مجاملته اللطيفه فكم كانت تود سماع تلك الكلمات من “شمس” وليس منه …
_ شكراً يا أستاذ “بهجت” … دة بس عشان عندى حنه أختى بعد الشغل …
حرك “بهجت” رأسه بتفهم مستكملاً حديثه بنبرة مبتهجه …
_ ألف مبروك … يا ريت كل يوم عندك فرح عشان نشوفك بالحاجات الحلوة دة ….
أسرع “بهجت” بتغيير مجرى الحديث حتى لا ترتاب “أمانى” به …
_ متنسيش معاد “حسنى شرف” النهارده … يا ريت تأكدى على مدير مكتبه على المعاد .. ده شغل حيودينا فى مكان تانى …
أردفت “أمانى” برسميه شديده …
_ اه طبعاً … متقلقش يا أستاذ “بهجت” أنا بعت له الصبح تأكيد المعاد وإن شاء الله نمضى العقود النهارده …
_ إن شاء الله … خلى “منير” يعملى فنجان قهوه وهاتيهولى المكتب عقبال ما يوصل أستاذ “حسين” …
_ تمام حضرتك …
دلف “بهجت” إلى مكتبه وهو يحرك حاجبيه للأعلى إعجاباً بتلك الفتاه دون الإكتراث بأنها متزوجه وبعيده المنال عنه تماماً ، جلست “أمانى” متفكره للحظه برد فعل “شمس” فى الصباح ورد فعل “بهجت” الآن فيالهما من ردان مختلفان جداً ، لتعتريها لمحات غاضبه من “شمس” فماذا كان سيخسر إذا عاملها بتلك الطريقه اللطيفه التى عاملها بها “بهجت” ، أم إنه دوماً يحاول إثاره ضيقها وعصبيتها ….
أفاقت لنفسها من شرودها لتطلب من العامل إحضار فنجان من القهوة لـ “بهجت” كما طلب ….
________________________________________
بإحدى المناطق الشعبيه ..
نظر برضى تجاه تلك التجهيزات ليتغير شكل سطح بيتهم الصغير ليصبح على أتم الإستعداد لاقامه العرس به ليله الغد …
إستدار “محمد” تجاه أحد العمال المختصين بتوضيب تلك الفراشه بأعلى السطح محفزاً إياه ..
_ الله ينور … تمام كدة يا أسطى “شاكر” …
(( “محمد” … شاب قمحى متوسط الطول ذو أنف مدبب وعينان سوداوتين وشعر قصير ، يعمل كموظف حكومة بإحدى مصالح هيئة التأمينات الإجتماعية ، تعرف على “بشرى” أثناء زيارتها للهيئه بحثاً عن عمل وتقديم أوراقها لديهم فربما تحظى بفرصة عمل هناك ، توسم بها الهدوء والطيبه ليعجب بها على الفور وبعد فترة وجيزة تقدم لخطبتها من مشرفه الدار ، إستطاع بمساعدة والدته تجهيز شقته ببيت والديه ليتزوج بها من “بشرى” بعد فترة خطوبه دامت لأكثر من عام ونصف …. ))
مر بشقته لآخر مرة يطمئن على تجهيزها تماماً لإستقبال عروسته بالغد ليشعر بالسعاده بذلك الإنجاز الكبير و نجاح خطوته الأولى نحو حياته المستقبليه بوجود زوجه وأسرة مستقرة …
عاد “محمد” لشقه والدته وتلك الإبتسامه مازالت تشق وجهه بسعاده لتقابله أمه( انصاف) بتساؤل …
_ ها يا “محمد” … الرجاله خلصوا ترتيب السطح والفراشه والكهارب ( الإضاءة) …؟؟
_ كله تمام يا ماما … حضرتوا العشا النهارده للناس اللى جايه …
_ من صباحيه ربنا وأنا و “وسام” شغالين أهو قربنا نخلص عقبال ما تنزل تجيب الساقع ( المشروبات الغازية) نكون خلصنا …
_ أن شاء الله … أنا حنزل أهو عشان أرجع بدرى وأبقى جاهز للمعازيم …
_ ماشى يا حبيبي …
تركهم “محمد” خارجاً لقضاء آخر الإحتياجات الناقصه لتعود “إنصاف” للمطبخ لإستكمال تجهيز الطعام لمساء اليوم لدعوة “محمد” لأصدقائه وأقاربه بليله الحنه فزفافه فى الغد أخيراً …
________________________________________
بنهايه اليوم …
توجهت “أمانى” مباشرة إلى دار الرعايه بعد إستئذانها أبله “مرفت” للمبيت مع الفتيات اليوم لقضاء معهم ليله الحنه الخاصه بـ”بشرى” …
تعالت الضحكات السعيده على وجوههم جميعاً بتلك المناسبه السعيده وسط تصفيق الفتيات وغناء بعضهم بمصاحبه الأغانى المبهجه ورقصهم جميعاً حول “بشرى” التى لم تكن تظن أن للسعاده طعم وحلاوة بتلك الصورة فكانت كالفراشه الطائرة بينهم حتى أنها لم تدرى أن ابتسامتها تتسع ببلاهه طوال الوقت بتلك الصورة من فرط سعادتها …
حل سكون الليل لتخلدن جميعاً إلى النوم فيما عدا أربعتهم الباقين بعيون ساهرة …
ربما كانت “نهى” أصغرهم لكنها كانت تتكلم بعقلانيه بحته بتلك اللحظه وهى تلوم “أمانى” بشده..
_ هو طبعه كدة … بيغير … و إللى بيغير يعنى بيحب … بطلى عصبيه بقى …
زفرت “أمانى” الهواء دفعه واحده وهى تحاول إيضاح وتبرير ردود أفعالها مع “شمس” …
_ حتى لو غيره دة كدة بيخنقنى .. ألبسى ده .. متلبسيش ده .. متكلميش .. متروحيش … متعمليش … زهقت من تحكماته فيا على كل صغيرة وكبيرة … ليه مش بيتعامل معايا بالراحه ويسيبنى بحريتى ..
جلست “بشرى” إلى جوار “أمانى” المختنقه بضيقتها ..
_ أنتى برضه مش مدياه فرصه على طول تتعصبى … إستحمليه شويه … “شمس” طيب وغلبان …
_ أنا مش قادرة أستحمل بقى … كان نفسى لما أتجوز أفرح وأعيش حياتى براحتى مش أخرج من سجن أروح لسجن تانى … نفسى أثبت كيانى وأشتغل ويبقى ليا كيان ثابت لوحدى .. هو مش لازم يبقى وصى عليا وعلى تصرفاتى بالشكل ده .. حقيقى تعبت من تحكمه ده …
لملمت “سوسو” شعرها الطويل استعداداً للنوم لتنهى ذلك الحوار الكئيب بأسلوبها المميز ..
_ خلاص يا ست “أمانى” … نكدتى على البت ليله حنتها … قومى نامى ومتصدعيناش ورانا بكرة فرح … خلى النكد بعد الفرح .. ماليش مزاج أتنكد النهارده … يلا أنتى وهى شطبنا خلاص كل واحده على سريرها عشان نلحق ننام ونرتاح …
إنصعن جميعاً لـ “سوسو” لتذهب كل منهن تجاه سريرها لتدعو “سوسو” “أمانى” للمبيت إلى جوارها بسريرها …
_ تعالى يا نكديه نامى جنبى …
لوت “أمانى” فمها بإبتسامه جانبيه وهى تدنو من “سوسو” للنوم إلى قربها حين همست “سوسو” بإذن “أمانى” بصوت لا يسمعه سواهما …
_ خفى على “شمس” … ده بيحبك … حد طايل حد يحبه فى الزمن ده … شوفى الدنيا حواليكى مش حتلاقى زيه … إتفاهمى معاه بدل العصبيه حيفهمك … “شمس” زينا ولا عمره حيزعلك ولا يكسر قلبك عشان يتيم زى حلاتنا وعارف يعنى إيه كسرة قلب … نامى نامى وفكرى كويس فى كلامى … تصبح على خير …
إستمعت “أمانى” لحديث “سوسو” بصمت متفكرة به لترد بهمس شارد …
_ وأنتى من أهله ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في منتصف الطريق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى