رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل السابع والأربعون 47 بقلم سماح نجيب
رواية لا يليق بك إلا العشق الجزء السابع والأربعون
رواية لا يليق بك إلا العشق البارت السابع والأربعون
رواية لا يليق بك إلا العشق الحلقة السابعة والأربعون
ج٢ –١-” نيران بجوف الجليد ”
صوت حفيف ثوب زفافها على الأرضية الرخامية ، وهى تدور بالغرفة ، جعل الخوف والقلق ينهش قلبها متسائلة بغياهب عقلها عن مكان وجود زو جها الآن ، فمنذ أن خرجت والدتها من الغرفة ، من أجل إخبار أبيها بأن يرسل أحد للبحث عن أسباب تأخر كرم فى المجئ، وهى لم تعود ثانية ، بل ظلت هى بمفردها فى الغرفة ، تشعر بأن جدرانها تكاد تطبق عليها من شدة شعورها بالضيق والإختناق ، فما معنى تصرفه هذا ؟ هل عاد لعناده ، وسيتركها بهذا الوقت الحرج ؟
فبالحديقة جمع غفير من المدعويين ، بإنتظار خروج العروسان ، اللذان تأخرا بالخروج عن الوقت المعتاد لمدة زمنية تقدر بساعتين كاملتين ، فبعد أن يأست من زرع الغرفة ذهاباً وإياباً ، وبعد أن شعرت بسحق باطن كفيها من كثرة فركهما ببعضهما ، أرتمت على الفراش وأنخرطت بالبكاء
– ليه يا كرم ؟ ليه تعمل فيا كده يا حبيبى
قالتها هند ونشبت أظافرها بأغطية الفراش البيضاء ، والتى أصرت والدتها على تزيين السرير بها من أجل الليلة ، فخدشت قماشها الحريرى الرقيق ، وعلقت الخيوط بأظافرها المطلية بلون يشبه لون الذهب ، فهى كانت تمنى نفسها بأن الليلة لن تلتحف بتلك الأغطية فقط ، بل ستلتحف بساعديه القويتين ، وستغنيهما حرارة عواطفهما عن الحاجة للأغطية ، التى ستقيهما الشعور بالنسمات الباردة
– كرم
نادت إسمه همساً وبلوعة ، فلما هى التى ليس مقدرًا لها بأن تنعم بحبه ، فكلما إجتازت عقبة للوصول إليه ، تجد العديد من العقبات الأخرى ، ولكنهما لم ينشأ بينهما خلافاً ، فأمورهما كانت على خير ما يرام حتى البارحة ، فلما فعل ذلك ؟
أجفلت قليلاً عندما شعرت بيـ ـد تلمـ ـس ذراعها من فوق القماش الملتصق به كإنه جلد ثانِ لها ، وهى مستلقية على الفراش ودافنة وجهها بين طيات أغطيته ، فربما والدها ووالدتها جاءا من أجل مواساتها بعدما عصفت بكيانها رياح الخيبة والخذلان ، فسرعان ما رفعت رأسها ، لتسألهما إذا كانا علما أى شئ عن زو جها المفقود
ولكنها فغرت فاها عندما أبصرت كرم جالساً بجوارها على حافة الفراش ، فقفزت على قدميها ووقفت قريباً منه تحدجه بنظراتها المستاءة قليلاً ، ولكن لم يكن إستياءها بقدر شعورها بالسعادة كونها تراه أمامها سليم معافى ، ولم يمسه سوء أو مكروه
– أنت اتأخرت ليه كده يا كرم رد عليا
قالت هند بنبرة مستاءة ، لعله يفصح عن أسباب تأخره كل هذا الوقت
ولكن لم يرد جواباً على سؤالها ، بل أنه ترك مكانه ، وأقترب منها وعانـ ـقها بحـ ـرارة ، كادت تذيبها بين يـ ـديه ، فكلما فصل العناق بينهما ، يمسح وجهها بكفيه من آثر بكاءها ، ويعود ليعانقها مرة أخرى
فما أن إبتعد عنها وأسند جبينه لجبينها ، قال بصوت هامس مرتجف :
– أنا أسف لو كنت أتأخرت عليكى يا حبيبتى
شعرت بإرتجاف جـ ـسده أسفل يديها الموضوعتان على صـ ـدره ، فعلى الرغم من حرارة عناقه العاطفى ، وعبارة إعتذاره التى ختمها بتلك الكلمة ” حبيبتى ” التى طالما تمنت سماعها منه ، إلا أن كل هذا لم يجعلها تشعر بأنه بخير ، بل ربما هو يخفى عنها أمراً
رفعت عيناها لعينيه ترنو إليه بقلق وهى تقول بصوت خافت :
– مالك يا حبيبى حاسة زى ما يكون فى حاجة مخبيها عليا ؟ وليه إنت أتأخرت عليا ده كله ، قولى يا حبيبى إيه اللى مضايقك
تبعت حديثها بتمسيد كفها الرقيق والناعم على وجنته ، لعل يعلم صدق إهتمامها به ، فنظراتها الحانية ملؤها العديد من الأسئلة عن سر أفعاله اليوم ، أو إذا صح القول منذ الأمس ، فشروده زاد عن الحد ، الذى يجعلها تقنع عقلها بأنه بخير ، وأنه ربما ذلك عائد لشعوره بالتوتر أو الإرتباك من أجل حفل الزفاف أو إتمامه لزو اجه منها ، ولكن كيف يكون ذلك صحيحاً ، وهو الذى عانقها منذ برهة بشوق ، كإنه لم يعد بمقدوره الإنتظار أن ينتهى حفل الزفاف ويصبحا بمفردهما
أمعن كرم النظر بها ، فتنفس بعمق محاولاً التخفيف من حدة تلك المشاعر ، التى أثقلت قلبه فغمغم بنبرة هادئة :
– هند أنا …..
لم يكن الوقت لصالحه ليكمل عبارته ، إذ صدحت صوت الزغاريد على باب الغرفة من خالته ، التى رافقها عدد من النسوة ، من أجل مرافقتهما من باب الغرفة إلى حيث يقام حفل الزفاف بحديقة المنزل
فأقتربت منه خالته وقـ ــبلته على وجنتيه وهى تقول بسعادة :
– مليون مبروك يا حبيبتى ، ربنا يتمم بخير يلا يا عرسان علشان الناس قلقت من تأخيركم
رافقتها دموعها من أنها اليوم ستضع إبنتها الوحيدة بين يـ ـدين من أحبته كولدها ، والذى تقاسم حبها وحنانها مع إبنتها المدللة ، فرفعت يـ ـد هند ووضعتها بين كف كرم العريض ، وإحتضنت كفيهما معاً بين كفيها ، كأنها بذلك تعبر عن مدى مباركتها لتلك الز يجة
بلل كرم شـ ـفته السفلى بطرف لسانه ، فشـ ـفتيه أصابهما الجفاف ، كأنه أرتوى من ماء البحر المالح ، الذى لا يجعل المرء يشعر بالإرتواء ، بل يزيد من شعوره بالظمأ ولهفته للماء ، فهاتان الساعتان الماضيتان ، كان يصارع قلبه وعقله ، فعقله وكبرياءه ما أنفكا عن جلده بسياط التأنيب على أنه سيرضخ لأن يكون لعبة بيـ ـد زو ج خالته إشتراها من أجل الترفيه عن إبنته المدللة ، ولكن غلبته عاطفته كالعادة ، ولم يشأ أن يتسبب لهم بفضيحة تتغنى بها ألسن الجميع ، من أن العريس فر ليلة الزفاف
– يلا بينا يا هند
قالها كرم وهو يمد ذراعه لها قليلاً لتتأبطه ، فإحتضنت ذراعه بكفها برقة ونعومة ، تكاد تشعر بسريان الدماء بذراعه المفتول العضلات ، ولكن إنزلقت يـ ـدها سريعاً حتى وصلت لكفه وتشابكت إيـ ـديهما سوياً ، مفضلة أن تشعر بدفء يـ ـده ، لعله يخفف من شعورها بالبرد المفاجئ ، ولا تعلم هل شعورها بتلك الرجفة الخفيفة عائد للطقس المائل للبرودة ، وكونها ترتدى ثوب زفاف أكمامه ذات قماش ناعم وخفيف ، أم أن هناك سبباً أخر جعل البرودة تسكن أوصالها
– يلا بينا يا حبيبى بس كلامنا لسه مخلصش
قالت هند وهى تهمس قريباً من أذنه ، فخرجا من الغرفة يتبعهما والدتها والنسوة ، يلقين عليهما أوراق الورد وحبيبات الملح الناعمة ، وصوت الزغاريد يصدح بأذنيهما ، هبطا الدرج بحرص وكرم يساعدها برفع ثوبها الثقيل ، لكى لا تتعثر به أثناء هبوطها الدرج ، فوصلا للحديقة فتعالت الصيحات والتصفيق الحار ، كأن المدعويين يعبرون عن سعادتهم برؤية العروسان أخيراً ،أقترب منهما والد هند وسيمات وجهه تطفح بالبشر والسرور ، من رؤية إبنته صارت اليوم عروساً ، وأن من تزوج بها شاب لم يجد خصاله الحسنة ، بأى شاب من شباب تلك الفئة المسماة بالأثرياء
فضم إليه إبنته بحنان وهو يقول بصوت أصابته الحشرجة من تلك الغصة العالقة به ، والناتجة عن تجمع الدموع بمقلتيه :
– حبيبة قلب باباكى أنتى يا هند مليون مبروك وتعيشى العمر كله فى سعادة وهنا
رفعت هند ذراعيها وطوقت أبيها ، وردت قائلة وهى تحاول جاهدة السيطرة على تلك العبرات التى أحرقت جفنيها :
– الله يبارك فيك يا بابا وربنا ما يحرمنى منك أبداً يارب
تركها أبيها وأقترب من كرم يقدم له تهانيه ومباركاته ، فضمه إليه وربت على ظهره وهو يقول بخوف والد على إبنته :
– خلى بالك منها يا كرم أنا معنديش أغلى منها فى حياتى ، عارف أنك هتحافظ عليها ، مش عايز دمعة واحدة تنزل من عينيها يا كرم لأن دموعها غالية عليا أوى ، لدرجة أن ممكن أعمل أى حاجة فى الدنيا علشانها
– متقلقش يا عمى على هند ، هى فى عينيا
قالها كرم وتصنمت ملامح وجهه وتحجرت عيناه ، هل والد زوجته يقدم تصريحًا مبطنًا لخداعه له ، أم أن حديثه يندرج تحت بند خوف والد على إبنته ، التى لم يكن له أبناء غيرها ، ولذلك يشدد من رجاءه له بأن لا يجعل أى مكروه يصيبها ، ويستدعى بكاءها ، فربت على ظهر زو ج خالته بألية وسرعان ما أنفض المشهد العاطفى بين والد العروس وبين زو ج إبنته
توافد العديد من المدعوين لمصافحة العروسان وتقديم التهانى والمباركات ، وما أن جلسا بالمكان المخصص لهما ، همس كرم بشئ من السخط لكثرة الأعين الراصدة له :
– الواحد إيده وجعته من كتر الناس اللى سلم عليها
فهو صافح العديد من الرجال والنساء ، فمن الرجال من نظر له بحسد كونه إستطاع الزو اج من إبنة رجل ثرى ، يعلم الجميع مدى ثراءه وأعماله ومركزه الإجتماعى والسياسى ، كأنه فاز بجائزة اليانصيب الكبرى ، فكم من شاب تنافس على الزو اج منها ، ولكن باءت محاولتهم بالفشل ، ليأتى الآن ذلك الشاب الفقير والشبه معدم بالنسبة لتلك الطبقة المخملية ، ويتزوج من إحدى ربيباتها
وصل صوت همساته الساخطة لأذنى هند ، ولكنها لم تفهم ما يهمهم به لنفسه ، فلمست ذراعه بأطراف أنامها قائلة بإهتمام :
– فى إيه يا كرم بالظبط مالك مش على بعضك ليه كده
حاول إيهامها بأن كل شئ على ما يرام ، فأخذ يـ ـدها بين إحدى يـ ـديه وتشابكت أصابعهما سوياً ، فرد قائلاً بإبتسامة ، لم يحسن أن يسكن بها شئ من الدفء أو البهجة :
– أبداً يا حبيبتى مفيش حاجة ، جايز بس علشان مش واخد على جو الناس الأغنياء ونجوم المجتمع ، فحاسس أن غريب وسطكم
– غريب وسطنا
قالتها هند وهى تقطب حاجبيها ، فما دلالة حديثه هذا ، وعن أى إناس يتحدث ، ولما يقلل من شأنه ، فهى لا يعنيها شئ سواه هو ، سواء كان ثرياً أو معدماً ، ولا تريد سوى أن تكون الحياة بينهما قائمة على الأخذ والعطاء من مبدأ الحب ولا شئ أخر
فأكملت حديثها وهى تمعن النظر برماديتيه ، لعلها تستخلص سر ذلك الجفاء والبرود ، اللذان تلبساه فجأة :
– كرم أنا ليه حاسة أنك من إمبارح وأنت متغير ، ومش على طبيعتك حتى تصرفك النهاردة غريب وكلامك أغرب
أسدل كرم جفنيه وندت عنه زفرة حارة ، وما أن فتح عيناه وهم بالرد عليها ، رآى وجه مألوف له ، فقال بعفوية :
– نورهان
إنتبهت هند على لفظه لذلك الإسم ، الذى لم تعلم لمن يكون ، ولكن ما أن تتبعت نظرات عينيه ، حتى رآته ينظر لفتاة تقف على مقربة منهما تضع حول عنقها كاميرا وتلتقط لهم العديد من الصور ، فأنزعجت هند من إبتسامة الفتاة لزو جها ، ولكن زاد أمر إقترابها منهما أن جعل الغيرة تعصف بقلبها ، خاصة بعدما رآتها تمد يـ ـدها لكرم
فصافحته قائلة بإبتسامة هادئة :
– ألف مبروك يا كرم
صافحها كرم ونظر إليها متسائلاً بفضول :
– الله يبارك فيكى أنتى بتعملى إيه هنا يا نورهان
إبتسمت نورهان إبتسامة عفوية وهى ترفع الكاميرا بين يـ ـديها ، فقالت وهى تمد يـ ـدها لتصافح هند :
– ما أنا قولتلك قبل كده إن أنا بشتغل فى جرنال ، وطبعاً النهاردة فرح مش عادى علشان العروسة بنت راجل أعمال وسياسى معروف ، فطبعاً الجرنال بعتنى علشان أعمل مقال عن الفرح ، ألف مبروك يا عروسة
بُهتت هند من حديث نورهان العفوى ، فهى لا تعلم من تكون ، ولا تعلم ما سر معرفة بزو جها ، الذى أختفت من وجهه معالم الإنزعاج فجأة ما أن رآى تلك الفتاة ، ولكن رغم شعورها المميت بالغيرة ، إلا أنها صافحتها بهدوء ، حتى لا تنفعل وتجذب الأنظار إليهم
إرتدت نورهان بخطواتها قليلاً للخلف وهى تقول بلطف:
– ممكن بقى أخدلكم كام صورة حلوين بس وأنتوا واقفين مش قاعدين
نهض كرم من مكانه وأخذ يـ ـد هند ، وأخذت نورهان تملى عليهما تلك الوضعيات الملائمة لإلتقاط الصور ، حتى شعرت هند بالسأم وردت قائلة بفظاظة ، ليس لشئ سوى أن تلك الفتاة تتحدث وتمزح مع زو جها :
– مش كفاية كده ولا إيه أصل الصراحة زهقت يا أنسة
أزدردت نورهان لعابها وردت قائلة بإبتسامة مرتجفة من أثر شعورها بالإحراج :
– أه تمام وأسفة لو كنت أخدت من وقتكم كتير
إبتعدت نورهان عن مكان وجودهما ، فقبل أن يعرب كرم عن إستياءه من أسلوب هند الفظ فى صرفها ، كانت الموسيقى الخاصة برقصة العروسان تصدح بالمكان
إسودت رماديتيه وهو يطالع وجه زو جته المحتفن بدماء الغضب والغيرة ، إلا أنه فضل الصمت حتى تنتهى رقصتهما ، ولكن لم يكن لديها الصبر الكافى للإنتظار ، فحدقت فى عينيه بقوة وتساءلت :
– مين دى يا كرم وتعرفها منين ، باين عليكم أنكم تعرفوا بعض كويس
رد كرم بصوت لامبالى ، وكأن الأمر لا يعنيه :
– علشان أريحك يا هند دى نورهان اللى رجعت إسكندرية علشان أخطبها ورفضت لما عرفت إن أنا متجوز
أر تعشت يـ ـديها اللتان تحط بهما على كتفيه ، فنظرتها إليه آلمته ، فحاول تخفيف وطأة تلك الضغوط التى إكتنفتهما معاً ، فأبتلع ما أمكنه من لعابه الذى شعر بمرارته فجأة ، فاستأنف قوله بنبرة هادئة لينة وعطوفة :
– هند مفيش داعى أنك تحسى بالغيرة منها ، واللى باينة فى عينيكى ، اللى بينى وبين نورهان متعداش صداقة عابرة وأنا من ساعة ما هى رفضتنى مشوفتهاش إلا النهاردة وبمحض الصدفة
بعد إنتهاء رقصتهما ، تجمع حول هند العديد من الفتيات ، ففضل كرم الإبتعاد قليلاً عن مكان تواجدهن ، ولكن حظه العثر جعله يقف على مقربة من مجموعة مؤلفة من رجال ونساء تتعالى أصوات ضحكاتهم ولم ينتبهوا على وجوده ، ولكن ما سمعه منهم كان كنصال الخنا جر المسـ ـمومة
فمن بينهم قالت سيدة وهى تدنى برأسها وتضع يـ ـدها على فمها لتكتم صوت ضحكاتها المترافقة مع حديثها :
– أنتوا عارفين العريس شغال إيه ، بيقولوا كان شغال مدرس فى مدرسة هنا وأتنقل الصعيد دا غير أنه محلتوش أى حاجة دا حتى ساكن فى حارة ، يا خبيتها هند الصاوى أتجوزت واحد هيعيشها فى فقر ، دا تلاقى مرتبه ميجيبش حق جزمة واحدة من اللى بتلبسهم ،وهى اللى كانت عايشة فى عز وهنا وباباها معيشها فى نعيم
رد أحد الرجال قائلاً بإبتسامة هازئة :
– ماهم بيقولوا مراية الحب عمية ، أصل العريس يبقى إبن خالتها ، ومتخافيش بكرة اللى أنتى شيفاه محلتوش حاجة ده هيعبى جيوبه من فلوس حماه ، بس طلع واد شاطر قدر ياكل عقل هند الصاوى ، اللى مفيش شاب قدر إنه يخليها توافق على جوازها منه ، دا واد لعيب على حق ، لعبها صح وحط الكورة فى الجون ، وهنياله عروسة مال وجمال
إستمر الحديث بينهم على هذا المنوال ، حتى شعر كرم بتمزيق نياط قلبه على سماعه إساءتهم له وظنهم السئ به ، فكز على أسنانه ليكبح جمـ ـاح دمعاته التى ألحت عليه كسبيل لأن يعتق عينيه من ذلك الشعور الذى يشبه الحـ ـرق ، من تجمع العبرات بمقلتيه ، فما أن وصل للحد ، الذى لم يكن لديه متسع لسماع المزيد من حديثهم الساخر والمؤ لم ، إبتعد بهدوء من المكان ولم يشعروا به ، فرآى هند تلتفت برأسها بحثاً عنه ، فخطى بخطواته تجاهها
– معلش لو كنت خليتك تقلقى أو تدورى عليا
قالها ما أن عاد لزو جته وشد على شفتيه ليرسم تلك الإبتسامة المتكلفة ، وكأنه صار متحجر الشعور والقلب ، لا يفعل شئ سوى أن يبادل الجميع إبتساماتهم المزيفة ، بإبتسامة أشد زيفًا ، ويتمنى لو أن تنتهى الساعات المتبقية لهذا الحفل ، الذى شعر فيه بغربته كإنه إحدى الدمى ، التى تتراقص على أنغام الفلوت ، سعيدة بتقديم دورها على أكمل وجه ، فى حين أنها لا تتعدى كونها كومة من الخشب أو البلاستيك ، تقف على مسرح الحياة ، يتناوبون على مشاهدتها و النظر إليها ، وأحياناً يصفقون لها على أنها إجتهدت وإستطاعت الترويح عنهم ، فما أن ينتهى دورها ، سيتم وضعها بمكانها لحين الحاجة إليها بوقت أخر
فأستطرد قائلاً بآلية:
– أنا تحت أمرك
فذلك هو دوره بأن يبهج نفس إحدى فتيات المجتمع المخملى ، بأن تتخذه زو جًا يغدقها بتلك العاطفة التى خلقها الله بين الرجل والمرأة ، فهو حتى يخشى لفظ تلك الكلمة التى تفسر وضعه الحالى حسبما ما رآه من زيف وخداع ، ولكن ما فتأت نفسه توسوس له بأن لا يتعدى كونه عا هرًا سيتم شراءه مقابل المال من أجل قضاء وقت لطيف مع تلك الفتاة المسماة زو جته ، حتى وإن كان كل شئ سيتم بمشروعية تامة وموثق برابط الزو اج المشروع
❈-❈-❈
ظلت ميس تحدق بشرود فى سقف الغرفة ، التى تمكث بها بالمشفى ، تزامناً مع مرور يدها على بطنها صعوداً وهبوطاً ، فذلك الخواء الذى تشعر به بداخلها ، لم يكن فقط لفقدانها جنينها ، والذى فقدته بذات اليوم الذى علمت بوجوده داخل أحشاءها ، ولكن هناك خواء من نوع أخر ، ذلك الخواء الذى سكن قلبها ، ما أن رآت ذلك الجانب المتو حش والعنـ ـيف من زو جها ، الذى تخلى عن أى أسلوب متحضر بالتعامل معها ، بل بدا كإنسان بدائى شـ ـرس ، من تلك العصور التى لم يكن بها أى مظهر من مظاهر الحضارة ، سوى إستعمال القوة البدنية فى إخضاع الطرف الأخر
أخرجها من شرودها سماعها صوت إدارة مقبض الباب ، فلعل الطبيب جاء من أجل الإطمئنان على أحوالها الصحية ، التى ساءت منذ الأمس ، بعد علمها بشأن إجهاضها ورؤيتها لعمران ، فهو ما أن خرج من الغرفة بوقتها ، ظلت تبكى وتصرخ وتنوح ، حتى جاء الطبيب وحقنها بإبرة مهدئة حتى تكف عن حركتها المفرطة وإهتياجها الغير معتاد ، فحتى الآن لا يعلم جدها أو خالها أو والدتها بشأن ما حدث لها ، وربما كان هذا أفضل ، فهى لاتريد أن يراها أحد وهى بتلك الحالة
أنفتح الباب ولكن القادم لم يكن الطبيب ، بل زو جها عمران ، والذى ما أن رآته حتى صاحت به بحنق :
– أنت جاى ليه يا عمران
أغلق عمران الباب خلفه ، وخطى بقدميه عدة خطوات ، حتى وقف على مقربة من سرير المشفى ، فرد قائلاً بصوت حمل بين طياته الندم :
– جيت علشان أشوفك وأطمن عليكى يا حبيبتى ، عاملة ايه دلوقتى يا ماسة
وضعت يـ ـديها على أذنيها ، وصاحت فى وجهه برفض لحديثه الناعم أو لمناداته لها بإسمها التحببى :
– بس إسكت يا عمران ، أنا مش طايقة أسمع صوتك ولا حتى عايزة إسمع منك كلمة تانية ، أرجوك سيبنى وأخرج
ولكن لم يستمع عمران لرجاءها ، فهى لا تعلم بأى حال صار منذ ما حدث بينهما ، فلو شقت قلبه أو جسده لنصفين ، ربما لن تجد منه إعتراض أو صرخة إحتجاج ، فهو كان يمنى نفسه دائمًا بأن يرزقه الله بطفل ويمنحه إسم والده ” مراد ” ليعود إسم “مراد الزناتى ” يصدح ثانية بين أرجاء المنزل ، ولكن بحماقته إستطاع ضياع تلك الأمنية ،والتى كانت تحملها زو جته بأحشاءها ، التى لم يعشق قلبه سواها هى ، ولم يستطع التفريط به لأنثى غيرها ، ولكن ها هى الآن لم تعد تطيق رؤية وجهه ، فما أن تراه حتى تظل تبكى وتنوح ، كأنها رآت وحشًا أو مسخًا دميمًا
تجاهل إحتجاجها لرؤيته ورجاءها له ، فأقترب أكثر من فراشها ودنا منها حتى كادت تختلط أنفاسهما سوياً ، فإلتعمت الدموع بعينيه وهو يقول بصوت نائح ويـ ـداه تمسد على رأسها :
– أنا أسف يا حبيبتى أسف ألف مرة أن عملت فيكى كده وضيعت الحاجة الحلوة اللى كنت مستنيها
بخيانة إحدى عبراته لعينيه ، سقطت على وجنتها اليمنى ، فجعدت جبينها بعد شعورها بتلك الدمعة السا خنة تلا مس بشرتها ، مدت يـ ـدها وأزالتها بطرف إصبعها بجمود وبرود ، فهى حتى غير قادرة على كراهيته ، ولم تعد قادرة على الشعور بأى من تلك المشاعر التى كانت تفيض حلاوة وعذوبة بينهما ، فهذا هو عمران ، الذى إشتهت نفسها قربه منها ، وكانت تتحين الفرصة من وقت لأخر بأن تقضى برفقته أوقاتاً حالمة خاصة بهما ، فلما الآن تشعر بكل هذا البرود واللامبالاة ، كأن تم فصل قلبها عن جـ ـسدها ولم يعد به أى شعور إنسانى يمكن أن تشعر به تجاهه
مدت يـ ـديها ودفعته عنها وهى تقول بنبرة خالية من الحياة:
– خلاص يا عمران مبقاش ينفع أسفك ولا ندمك ، خلاص كل حاجة راحت حتى الحب اللى كان ليك فى قلبى مات ساعة ما عرفت أن خسرت إبنى ولا بنتى فى اليوم اللى عرفت فيه بموضوع الحمل ، حتى ملحقتش أفرح بحملى زى أى واحدة بتحب جو زها ومبسوطة أنها هتخلف منه ، مكنتش أتخيل فى يوم أنك معدوم الإحساس والإنسانية لدرجة أنك تعتدى عليها بالو حشية اللى عملتها ، أنت قبل ما تأذى جـ ـسمى أنت أذيت قلبى ونفسى وكسرتنى ، ومبروك عليك كده تبقى حققت إنتقامك ، أنا خلاص أتكسرت يا عمران ، كسرت قلب بنت النعمانى يابن الزناتى
وضعت كفيها على فمها ، حتى لا يعلو صوت بكاءها أكثر ، ولكن ما أن سمع عمران قولها بشأن أنها لم تعد تكن له أى حب بقلبها ، كأنه أصيب بضربة قوية على رأسه ، وعن أى إنتقام تتحدث ، فهو إنتقم من ذاته ومن قلبه أبشع إنتقام ، بأن أضاع فرصته الأولى لإنجاب وريث له
رمشت عيناه عدة مرات ، قبل أن يقول بتيه :
– إنتـ ـقام إيه يا ميس ، ليه مش عايزة تصدقى أن حبى ليكى أتغلب على فكرة الإنتـ ـقام ، ومن أول ما بقينا لبعض ، أنا مكنتش بفكر فى حاجة إلا إزاى أسعدك ، بس أنتى اللى فهمتى كلامى مع غزل غلط ومش عايزة تصدقينى وعنادك هو اللى وصلنا لكده
إبتسمت ميس بسخرية وقالت وهى تمسح عينيها :
– دلوقتى الغلط بقى عليا أنا ، وإن أنا السبب فى اللى وصلنا ليه ، فعلاً عندك حق وعلشان كده بقولك إحنا مننفعش مع بعض تانى يا عمران وكل واحد فينا يروح فى طريق ، لأن الحياة بينا مش هينفع تستمر ، فطلقنى يا عمران
تهدل فمه وكست خطوط الإجهاد جانبيه ، فهو على علم ودراية بما تشعر به ، ولن يأخذ حديثها الآن على محمل الجد ، فربما حزنها لفقدانها جنينها وماعانته من آثار إعـ ـتدائه الوحشى عليها ، جعلها تفكر من منطلق أن الفراق بينهما سيكون الحل الأنسب
فندت عنه نهدة عميقة ورد قائلاً بهدوء بعدما جلس على طرف الفراش مواجهًا لها ، ولم يكتفى بالجلوس ، بل أخذ كفها الأيسر بين يـ ـديه ،وربت عليه بحنان وهدوء :
– حبيبتى أنا عارف إن أعصابك تعبانة وأن اللى حصل مش سهل عليكى ، بس بلاش تهدى كل حاجة فى لحظة غضب
– ومقولتش الكلام ده ليه لنفسك ، قبل ما تعمل اللى عملته
قالت ميس وهى تحاول سحب يـ ـدها من بين كفيه ، ولكن فشلت فى سحبها ، وذلك عائد لإحكام قبضتيه عليها ، فكفت عن محاولة جذبها ، حتى لا تشعر بالإنهاك والإرهاق أكثر
– عارف إن غلطت يا ميس ، وأنك مجروحة منى ، ومش لاقى كلام أدافع بيه عن نفسى ، غير أن أقولك سامحينى
قالها وترك يـ ـدها بعهدة إحدى كفيه ، بينما راح بكفه الأخر يمرره على وجهها ، لعله يستجلب عطفها ، أو أن يرى إلتماع خضراوتيها ، مثلما كان معتاد أن يرى بريقهما الملتمع ما أن تشعر بإقترابه منها ، ولكن لم يرى بعينيها الغائرتان سوى الشعور بالخذلان ، بل إنها أطبقت جفنيها حتى لا تراه
فاستطرد قائلاً بلين ورفق وصوت ملتاع بنيران عشقها :
– سامحينى يا ماسة عمران
بشعورها بتمرر إبهامه على شـ ـفتيها ليمحى عنهما تلك الرطوبة ، التى نتجت عن تدفق عبراتها الغزيرة والتى بللت وجهها بأكمله ، قبضت بيـ ـدها الحرة على ملأة السرير البيضاء ، تخشى أن تضربها موجة ضعف من الحنين إليه ، والتى مازال أثره متراكماً بغياهب عقلها ، فهى حاولت طرد كل مشاعر الحنين والإشتياق وكل ما كانت تشعر به تجاهه ، ولكن يبدو ما زال تأثيره عليها حاضراً
فأزدرت لعابها وقالت بضعف لم تحسن إخفاءه بنبرة صوتها المرتجفة:
– عمران أرجوك أخرج برا
لم يهب لنجدتها بهذا الوقت سوى عقلها ، الذى إستطاع حرق تلك المشاعر التى زارتها بلحظة من الضعف ، فما أن فتحت عيناها ورآت إبتسامته ، التى ملأت وجهه ، من أنه متيقن بأنها لا تقصد كل ما تفوهت به وأنه مازال يملك تأثير على عواطفها ، جذبت يـ ـدها من يـ ـده بإصرار وألحت عليه بضرورة الخروج ، فلم يتشدد عمران برأيه فى البقاء وخرج وهو لديه إقتناع بأنه ما أن يفرط فى تقديم إعتذاره وأسفه ، سيجدها تعود إليه سريعاً
ولكن ما أن خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه ، قالت ميس بإصرار :
– مش هخليك تضحك عليا يا عمران ولا أنك تأثر عليها بعمايلك دى وندمك
فهو واهم ولا يعلم بأنها أخذت قرارها الذى لا رجعة فيه حتى وإن مازالت تشعر بالحب نحوه ، فالفراق بينهما سيحدث سواء شاء بذلك أم آبى ، فهى لن ترتضى بأن تكون زوجة مهدورة الكرامة والكبرياء حتى وإن كان هذا تحت مسمى الحب ، فلا حب ولا عشق بين زو جان إلا إذا كان قائمًا على المودة والإحترام وأن يحترم كل منهما مشاعر الأخر ، فإن كانت هى أخطأت بأنها سلكت مسلك العناد ، فخطأه هو لا يغتفر ، خاصة وأنها ذهبت إليه رافعة راية السلام ، وقبلها كانت تمهد الطريق لعودتهما ولكن هو من تجاهل الأمر ، فهما عنيدان وكل منهما معتز بكبرياءه ولا يقبل خضوعه للأخر ، وربما ستظل تلك هى مشكلتهما الأزلية
❈-❈-❈
لم يدوم طويلاً توسلها للحارس بأن يجلب لها الماء ، فعلى الرغم من إقامتها الجبرية بتلك الغرفة التى تشبه القبو ، إلا أنها لم تلقى مهانة من أحد أو سوء معاملة ، فهى تظن أن ربما قاطنى القصر اكتشفوا حقيقة أمرها ، وإلا ما كان أمر رياض النعمانى بأن يتم إحتجازها بهذا القبو ، حتى يبت بأمرها لاحقاً ، فتلك الحالة من الهرج والمرج السائدة بالقصر منذ إختفاء راسل وابنته ووفاء ، لا يبدو أنها ستنتهى بوقت قريب ، بل سيظل رياض النعمانى يتحرى الدقة حتى يكتشف سر إختفاء ولده وحفيدته ، ولم يكن إختفاء راسل هو الأمر الوحيد الذي يستدعى القلق والإهتمام ، بل تلك الحالة من الإغماء التى أصابت حياء بعد علمها بإختفاء أحباءها دفعة واحدة ، وصارت غرفتها كأنها غرفة للفحص الطبى ، من دخول وخروج الأطباء ، الذين يوصى رياض النعمانى بجلبهم من أجل زو جة إبنه ، فجميع الأطباء أجمعوا و أجزموا على أن تلك الحالة من الإغماء ماهى إلا وسيلة إتبعتها حياء للهروب من واقعها الألـ ـيم
قالت إيلين بغيظ وكزت على أسنانها بتذكرها حياء وذلك الإهتمام المنصب عليها من الجميع :
– حياء حياء ، كأنها بقت مركز الكون فجأة والكل لازم يدور حوليها
فلولاها ما كانت هى هنا بتلك الغرفة القذرة ، وكأن رياض النعمانى ، يلقى اللوم بأكمله على عاتقها لما حدث لزو جة ولده ، وإختفاء راسل ، ولكنها لا تعلم أى شئ بشأن إختفاءهم ، فهى تفاجأت مثل الجميع ، بتلك الرسالة التى تركها راسل لأباه قبل رحيله ، فحتى زو جته لم تكن على علم بما ينتوى فعله ، وما أن سمعت نص تلك الرسالة التى تركها ، سقطت مغشياً عليها فاقدة الوعى
ولكن ما هو سر إحتجاز رياض النعمانى لها هنا ؟ فهو ما أن علم بشأن رحيل ولده وحفيدته ، كان أمره الأول الذى أصدره لرجاله بأن يأخذوها ويضعوها بهذا القبو ، خاصة أنها هى أخر من رآها تتحدت مع راسل قبل إختفاءه ، ولكنها تكاد تصاب بالجنون لتعلم أين ذهب ؟ فإن كانوا يظنون بأنها تعلم مكان تواجده ولا تريد الإفصاح عنه ، فهى تقسم أنها لو كانت تعلم أين ذهب لكانت رافقته دون تردد
إنتبهت على صوت باب الغرفة يُفتح ويلج منه رياض النعمانى بمفرده ، بعدما أشار لرجاله بالإنتظار فى الخارج ، فحاولت تأدية دورها للنهاية وكأنها لا تعلم لما هى موجودة هنا
فأقتربت من رياض وعلى وجهها ملامح البراءة والوداعة وهى تقول بصوت خائف مرتجف :
– جدو أنت خليتهم يجيبونى هنا ليه أنا مليش ذنب فى إختفاء راسل ومامته وبنته ومعرفش راحوا فين
وضعت يـ ـدها بإستعطاف على يـ ـد رياض ، فسرعان ما نفضها عنه ونظر لها بجفنين حمراويين لم يذيقان طعماً للنوم أو الراحة منذ قراءته لتلك الرسالة ، فهدر بها بصوت جهورى:
– أخرسى بقى وكفياكى تمثيل هو أنتى مفكرانى أنا مش عارف أنتى مين وبتعملى هنا إيه وأنك أصلاً مش إيلين النعمانى حفيدة إبن عمى
شحب وجهها على الفور بعد سماعها ما قاله رياض ، فصار وجهها شاحبًا باردًا كوجوه الموتى ، فلا إرادياً إرتدت بخطواتها للخلف ، كأنها تأمن بطشه بها بصنع مسافة آمنة بينهما ، وكلما حاولت فتح فمها لتقول شيئاً ، تعود وتضم شـ ـفتيها كأبواب الحصين المنيع
فقالت بجهد بعدما إستجمعت عقلها وشجاعتها :
– ححضرتك بتقول إيه ، وأنا مش إيلين إزاى يعنى ، أنا مقدرة خوفك على إبنك بس صدقنى أنا معرفش حاجة والظاهر أن حضرتك أعصابك تعبانة زينا كلنا
دب رياض الأرض بعصاه عدة مرات ، وعيناه تتفرس بها ، كأنه بخلق تلك الأصوات من إرتطام العصا بالأرض ، سيزيد من شعورها بالخوف منه ومما يمكن أن يفعله بها ، وسيلة يتبعها من أجل خلق جو نفسى متوتر ، يجعلها تشعر بالإنهيار سريعاً ولا تجعله يبذل جهد زائد فى جعلها تبوح بكل ما لديها
لوى رياض ثغره وقال بهدوء لا ينم على شئ سوى أن هناك عاصفة قوية بالطريق إليها :
– أنتى مفكرة نفسك بتضحكى على مين يا شاطرة ، دا أنا رياض النعمانى ،ولا أنتى قولتى فى نفسك أنتى واللى بعتك إن خلاص دا كبر وخرف وعقله مبقاش فيه ، وأن هصدق إنك من العيلة ، اللى متعرفهوش يا شاطرة ، إن أنا أعرف مين إيلين النعمانى واللى برضه متعرفهوش إن أنا سافرت روسيا وأنا اللى جوزتها لجوزها لأن والدها متوفى وهى بعتتلى علشان أكون جمبها فى اليوم ده ، بس الظاهر الغبى اللى بعتك معملش حسابه ولا عرف معلومة زى دى ، اعتمد بس على إن إيلين سابت إسكندرية من عشرين سنة وأن العلاقات بينا مقطوعة
جحظت مقلتيها وهى تنظر بوجهه ، ورغم ذلك تساءلت بدهشة :
– بس إزاى وكل اللى هنا صدقوا إن أنا إيلين حتى ولاد أخوك عاصم وسوزانا
رد رياض قائلاً وهو ينظر إليها بطرف عينيه :
– أينعم مليش طولة بال أرغى معاكى ، بس هقولك إيه السبب فى أن محدش فيهم شك فيكى ، علشان هم ميعرفوش إن أنا سافرت لإيلين والوقت اللى سافرت فيه روسيا ، كان عاصم وسوزانا وميس مسافرين بيقضوا اجازة فى أوروبا ، وجاتلى الدعوة من إيلين فجأة ، فسافرتلها على طول وحضرت الفرح ورجعت ، قبل هم ما يرجعوا ، ومرضيتش أقولهم لأن فى الوقت ده الدكاترة كان مشددين عليا مجهدش نفسى بالسفر ، وأنتى شوفتى ميس وولاد أخويا بيخافوا عليا قد ايه فمحبتش يعرفوا ويفضلوا يجادلوا معايا ، ريحت دماغى يعنى من النقاش ، فلما حضرتك جيتى وقولتى أنك إيلين بالاثباتات المزورة اللى معاكى فى نفس التوقيت اللى حصل فيها البلاوى دى كلها مع راسل ومراته كان لازم أعمل نفسى مصدقك علشان أعرف إيه اللى وراكى ، فعلشان كده أحسن ليكى تقولى كل اللى تعرفيه عن سبب إختفاء راسل أو ليه هو عمل كده
صُدمت من سماع حديثه من بدايته لنهايته ، فحقاً هو مثلما سمعت عنه رجل شديد الذكاء والحنكة والحكمة ، ولكن سذاجتها هى وديفيد خيلت إليهما أنهما إستطاعا خداعه بسهولة ، فإن كانت سمعت عن شدة ذكاءه ، فسمعت أيضاً عن عقابه الذى ينزله بمن تخول له نفسه أن يمسه بسوء ، فأين ذلك الأحمق والوغد المدعو ديفيد ليخلصها من بين براثن رياض النعمانى
أنسكبت دموعها رغماً عنها بعد تخيلها لذلك المصير ، الذى من الممكن أن تلقاه على يـ ـده ، فقالت بعدما أنحنت على يـ ـده تحاول تقـ ـبيلها لعلها يعتقها أو يخلى سبيلها :
– أحلفلك بإيه أن معرفش راسل سافر فين ، وإيه اللى يخليه يسيب البلد كلها ويسافر ، والله ما أعرف حاجة ، أينعم أنا كنت معاه أمبارح بالليل فى الجنينة ، بس كلامه معايا كان عادى وقالى أنه مش هيقدرى يتجوزنى بس هى دى كل الحكاية ، ويمكن الوحيدة اللى لازم تسألها هى حياء لأنها هى اللى كانت مقضية الليلة معاه ، ليه متسألهاش هى وبتسألنى أنا
سحب رياض يـ ـده من بين كفيها وزجرها بغضب :
– الظاهر كده أنك حابة تأنسينى شوية وشكل قاعدتك هنا مطولة ، هسيبك شوية تفكرى قبل ما أدى أوامرى لعاصم ورجالته يتصرفوا معاكى وأنتى متتخيليش ممكن يعملوا معاكى إيه
خرج رياض من الغرفة ، فى حين أن أحد رجاله أوصد الباب بإحكام ، فجلست على ذلك الفراش الشبه متهالك وهى تفكر جدياً فى تهديد رياض لها قبل خروجه ، فإن كان حاولت إستعطافه لتركها متذرعة بأنها لا تعلم شيئاً ، إلا أنها ربما تعلم السبب الذى دفع راسل للرحيل ، ولكنها لم تضع ببالها أنه سيأخذ بحديثها جدياً ، فهى لم تفعل ما فعلته إلا من أجل إفساد علاقته بزو جته وربما يحدث بينهما الطلاق ولن يعود لحياء مكان بقلبه وحياته ، وستكون فرصتها الذهبية فى التقرب منه ، ولكن كأنه سأم الجميع وأخذ ما يعنيه من أحباءه ورحل ، غير عابئ بما تركه خلفه
فبالطابق الثانى من المنزل وبتلك الغرفة التى كانت غرفة راسل الخاصة ، وسكنتها حياء برفقته فى الأونة الأخيرة ، كانت مستلقية على الفراش لا حول لها ولا قوة ، فبعد خروج الطبيب ، الذى رافقتاه سوزانا وغزل ، صارت حياء فى الغرفة بمفردها ، تتلاعب الشياطين بأحلامها ، تشعر كأن جـ ـسدها مكبل بأغلال ولا تستطيع الفكاك منها ، تحاول أن تصرخ فلا يصل صوتها لأحد ، تركض بمتاهات ولا تجد سبيل للخروج ، ولكن وسط كل تلك الأحلام المزعجة ، إستطاعت فتح عينيها وظلت تحملق بالفراغ ، فعمل عقلها وذاكرتها على إسترجاع تلك الأحداث التى حدثت بمنزل عمها ” أدريانو ” بعدما رآت أثار الدم
عودة لوقت سابق
رائحة العطر النفاذة ، التى أخترقت طاقتى أنفها ، جعلتها تفتح عيناها على الفور وهبت جالسة بالفراش وهى تصرخ منادية بإسم زو جها :
– رااااااسل
ولكن إنتبهت أنه جالساً بجانبها على الفراش ، فراحت يـ ـديها تتحسس وجهه ، لتتيقن من أنه بجوارها حقاً وليس طيفاً أو شبحًا يشبهه ، فراحت تسأله بلهفة :
– راسل إنت كنت فين أنا لقيت الدم على السرير والأرض كنت فين
عقد راسل حاجبيه قائلاً بدهشة:
– دم إيه اللى على السرير والأرض يا حياء مفيش حاجة ، وأنا كنت برا فى الجنينة مستنيكى تخلصى الشاور بتاعك ، بس لقيت عمك أدريانو بيناديلى أنك مغمى عليكى ، فجيت علشان أفوقك وأشوف إيه اللى حصلك
فغرت حياء فاها مما سمعته منه ، فهى رآت الدم على الفراش والأرض ، وتتذكر تلك الإبتسامة البشعة التى رآتها على وجه عمها قبل إغماءها ، فما معنى كل هذا ؟ فهل فعل عمها كل هذا من أجل إرهابها وأن يجعل الخوف يسكنها من أنه قادراً على إيذاءه ، أم ماهو المغزى الحقيقى خلف كل ما حدث لها ؟
وضعت طرف إبهامها بين شفتيها وهى تقضم ظفرها ، لتحاول إيجاد تفسير لما حدث ، إلا أنها سمعت راسل يقول ، بعدما ترك الفراش وأتجه صوب تلك الحقيبة ، التى راح يلقى بها ثيابهما بعشوائية :
– يلا بينا يا حياء نمشى علشان بنتى وماما وحشونى ، ومش عايز أسمع منك كلمة ، لو مش عايزة ترجعى معايا خلاص خليكى أنا ماشى
لا تعلم سر تصرفه الجاف معها ، ولكن ربما هو أصابه الضيق من شقيقها وعمها ، فلم تجادله بل نهضت وأمتثلت لأمره ، وأطمئنت على بيرى وذهبا سريعاً من منزل أدريانو وعادوا لمنزل رياض النعمانى ، فقضيا سوياً تسعة أيام، لا تفهم سبب تصرفاته الجافة معها ، وبمساء اليوم العاشر أصر على أن يقضيا سوياً ليلة حالمة ملحمية زخرت بالعشق والشوق ، كأنها ليلة لم تمر بحياتهما سابقاً ، ولكن ما أن إستيقظت من نومها العميق ، وجدت تلك الرسالة التى تركها لها ولأبيه قبل رحيله
فما أن وصلت بذاكرتها لذلك الجزء المتعلق بالرسالة ، ظلت تصرخ وتنوح بقهر ، فجلست بالفراش ولفت ذراعيها حول ركبتيها ، ولكن لمحت تلك الرسالة الورقية ملقاة قريباً من الكومود ، فبلهفة تركت الفراش وجلست على الأرض وأخذت الرسالة لتقرأها ثانية ، لعلها تتمعن بحروفها ، وتفهم لما فعل راسل ذلك ؟
فراحت تقرأ الرسالة بنبرة مرتعشة من أثر بكاءها المكتوم:
– والدى العزيز – زو جتى العزيزة ، لقد كنت أرحل دائمًا دون إبداء أسباب لرحيلى ، ولكن تلك المرة ، لا أعلم أى شيطان وسوس لى جعلنى أخط بيدى تلك الرسالة ، ولكن ربما أردت جعلكما تشعران بتلك النيران التى شبت بقلبى وأحرقته ، فمثلما سأعانى ، ستعانيان أنتما أيضاً من رحيلى أنا وإبنتى وأمى ، فلم يعد لدى الصبر الكافى لأن أحيا بتلك الكذبة الجميلة التى صنعتها أنتَ و زو جتى من وهم حبكما لى ، فلا تحاولان البحث عنا ، فأنا أخذت كافة الاحتياطات اللازمة لرحيلى من الإسكندرية ، فلو شعرت يوماً بأنك كدت تصل إلينا ، سأحاول الفرار منك حتى لو رحلت لأقصى أطراف الأرض ، فمن الأفضل أن تتركانى أحيا بهدوء مع إبنتى وأمى فأنا لم يعد يعنينى أمر أحد غيرهما
ضمت حياء الرسالة لصدرها وهى تقول بصوت نائح :
– طب أنا عملت فيك إيه ووهم إيه اللى عيشتك فيه ، ذنبى إيه أنا علشان تسيبنى ، ذنبى إيه أعيش من غيرك أنت وبنتنا ؟ ليه عايز تحرق قلبى يا راسل ؟
صاحت بشق عبارتها الأخير ، كأنها بإنتظار أن يجيبها أحد على سؤالها ، فهى لم تفهم شيئاً من رسالته المبهمة ، سوى أنه رحل بغير عودة ، وأنه رحل لظنه بها السوء ، ولكن ماذا حدث جعله يفكر هكذا ؟
أسندت ظهرها للسرير وهى جالسة مكانها على الأرض ، فنظرت للخارج ، عبر باب الشرفة المفتوح ، وظلت تحدق بالسماء التى أختفت منها النجوم ، وأصبحت معتمة ومظلمة ، تثير بنفسها الإنقباض والخوف ، فعيناها جامدتان ، كأنها تبحث عن بارقة أمل وسط ذلك الظلام الذى كسا السماء بثيابه السوداء ، فلم عادا ثانية لتلك اللعبة المنهكة للقلوب والأعصاب ؟ وما تلك الأسباب القوية التى دفعته للرحيل ؟ فما تعرفه عن قوة تحمله وصموده ، يجعلها متيقنة من أن ربما هناك دافع قوي وراء تصرفه هذا ، فراسل ليس ذلك الرجل ، الذى ينفعل سريعاً ويأخذ بظواهر الأمور ، دون التمعن ببواطنها ، مثلما حدث بينهما عندما حاولت إيهامه بأنها أسباب رحليها عنه كان من أجل المال ، فأحبط تماديها بكذبتها ولم يصدق أقوالها وأفعالها ، فهو حتى لم يكلف نفسه عناء إخبارها بما فعلته وجعله يأخذ قراره بالرحيل ، كأن ذلك إحدى أدواته بتعذيبها ، بأن يجعلها تظل تفكر ماهو الخطأ الفادح الذى أرتكبته بحقه وجعله يهجرها هكذا دون وخز من قلبه أو ضميره بعد تلك الليلة الحالمة التى قضتها برفقته؟
❈-❈-❈
أغلق أزرار سترته وحمل صغيرته التى غفت بين ذراعىّ وفاء ، فهو يعلم بشأن إصابتهما بالإنهاك والتعب ، نتيجة تنقلهم من بلد لأخر ، فبعد وصولهم من الإسكندرية للندن ، لم يمكثوا سوى سويعات ومن ثم رحلوا لبلد أخر ومنه لدولة أخرى ، وساعده بذلك بعض علاقاته ونفوذه ، فهو يريد أن يفقد أبيه أثره ولا يعثر عليهم ، فهو لا يريد العودة للإسكندرية مرة أخرى ، حتى وإن كان ترك قلبه هناك ، تركه بين يديىّ معـ ـذبته ، التى ستظل دائماً وأبداً ندبة بقلبه لن تندمل
زفر راسل زفرة مطولة وأغمض عينيه ريثما يمر طيفها ، الذى رآه منعكساً على زجاج إحدى نوافذ تلك السيارة التى أشار إليها بالتوقف ، حتى تقلهم لذلك المنزل ، الذى إبتاعه بدون علم أحد ، فتخطيطه لترك الإسكندرية ، والإستقرار بإحدى الدول الأوروبية ، لم يستلزمه سوى عشرة أيام فقط ، ولا يعلم كيف بتلك المدة الزمنية القصيرة ، تمكن من تنفيذ كل هذا ، ولكن ربما المال قادراً على فعل المعجزات ولما لا وهو الوريث لإمبراطورية النعمانى
ترجل السائق وبعد تبادل بضع كلمات مع راسل ، حمل الحقائب ووضعها بصندوق السيارة ، وجلست وفاء بالمقعد الخلفى ، ووضع راسل سجود بين ذراعيها ، فقبل إبتعاده ليجلس بجوار السائق ، نظرت إليه وفاء وتساءلت بصوت منخفض ، كأنها تخشى سماع السائق لسؤالها :
– إحنا رايحين فين تانى يا بنى ؟ إحنا عمالين نتنقل من بلد لبلد زى اللى بيهرب من حد بيجرى وراه
رمقها راسل بنظرة إشفاق ، ورد قائلاً وهو يمسد على خصيلات صغيرته النائمة:
– خلاص ياماما مش هنروح مكان تانى ، إحنا هنوصل البيت وهترتاحوا، ومعلش لو كنت تعبتوا ، بس هانت دلوقتى هنرتاح كلنا وخلاص مش هنروح لمكان تانى
قبل سحب يـ ـده شدت وفاء عليها وقالت وهى تمعن النظر به :
– وأخرتها إيه يا راسل
ربت راسل على يـ ـدها وإبتسم بوجهها قائلاً بهدوء :
– لما نوصل البيت نبقى نتكلم يا ماما
إستقام بوقفته وأغلق باب السيارة الخلفى ، ففتح الباب المجاور للسائق وأتخذ مقعده بجواره ، وأخبره بالعنوان الذى يريد الوصول إليه ، فأنطلق السائق بالسيارة يقودها بمهارة ويسر ، وظل راسل ينظر من النافذة ، فهنا لن يعرفه أحد ، وربما لن يستطيع والده الوصول إليه ، على الرغم من أنه ليس متيقنًا من ذلك ، فهو يعلم إلى أى مدى يصل نفوذ أبيه
غفت عيناه رغماً عنه من شعوره بالإرهاق ، ولكنه إستفاق من غفوته بعد سماع صوت السائق يخبره بشأن وصولهم ، فدفع ما عليه من نقود وترجل من السيارة وساعده السائق بإخراج الحقائب، ترجلت وفاء هى الأخرى وهى تأن بصوت منخفض من شعورها بألم وتيبس عظامها ، ولكن إنتبهت على ذلك المنزل الذى لم يكن بضخامة منزلهم بالإسكندرية ولكن يكفيهم ، فالحى بأكمله كل المنازل والبيوت به متشابهة تقريباً ، وربما لا يفرق بينهما إلا ألوان الطلاء و الأرقام التى تم وضعها على باب المنزل
حمل راسل الصغيرة عنها قائلاً وهو يشير لها بالدخول :
– تعالى يا ماما يلا أدخلى
نظرت إليه وفاء وتساءلت:
– هدخل إزاى هو إحنا معانا مفتاح يا إبنى
إبتسم لها راسل ورد قائلاً بهدوء :
المكتب اللى إشتريت منه البيت ، قالى أن ساعة ما أوصل هيكون فى حد مستنينى علشان يسلمنى البيت والمفاتيح ، أدخلى يا ماما متقلقيش
ولجت وفاء وهى تجر حقيبتها وحقيبة سجود ، يتبعها راسل وهو يحمل سجود التى مازالت نائمة ، ويجر حقيبته بإحدى يـ ـديه ، فسرعان ما وجدوا باب المنزل يفتح وتخرج منه إمرأة تبتسم لهما بترحيب ، فبعد تبادلها الحديث مع راسل لمدة خمسة عشر دقيقة ، أثناء إصطحابه هو ووفاء بجولة لرؤية المنزل ، ناولته المفتاح والأوراق الخاصة بملكية المنزل وخرجت ، فوضع راسل سجود فى الفراش بتلك الغرفة التى ستكون خاصة بها ، وهبط الدرج للأسفل وأرتمى على إحدى الأرائك وأغمض عينيه بإرهاق شديد ، ولكن سمع صوت أقدام وفاء قادمة ، ففتح عيناه على الفور
فحدق بها متسائلاً بجدية:
– حلو البيت يا ماما عجبك
جلست وفاء على مقعد مقابل لتلك الأريكة الجالس عليها، وردت قائلة بحيرة :
– هو حلو يا راسل ، بس أنا لحد دلوقتى مش قادرة أفهم أنت ليه بتعمل كده ، وليه خليتنا نسيب إسكندرية ، أنت لما قولتلى أنك هتسيب البلد أنت وسجود وأنا ، سمعت الكلام من غير نقاش علشان أنت عارف مقدرش أعيش من غيركم ، وعلشان أنا كمان عرفاك وعارفة أن دماغك ناشفة ، ولما سألتك ليه سيبت حياء مرضيتش تقولى ، فليه عملت كده وسيبت مراتك حبيبتك اللى أنا متأكدة أنك متقدرش تعيش من غيرها ، دا أنت كنت بتموت لما بعدت عنك شوية
أظلمت عيناه وأكفهرت ملامحه فرد قائلاً بنبرة
وحـ ـشية :
– علشان لو كنت فضلت فى إسكندرية كنت قتـ ـلت حياء
❈-❈-❈
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لا يليق بك إلا العشق)