روايات

رواية وريث آل نصران الفصل الثالث 3 بقلم فاطمة عبدالمنعم

رواية وريث آل نصران الفصل الثالث 3 بقلم فاطمة عبدالمنعم

رواية وريث آل نصران الجزء الثالث

رواية وريث آل نصران البارت الثالث

وريث آل نصران
وريث آل نصران

رواية وريث آل نصران الحلقة الثالثة

توضيح بسيط قبل الفصل 🌸
عيلة نصران مكونة من نصران وسهام
★”طاهر” مش ابن “نصران”… طاهر ابن أخوه يعني ابن سهام وأخو نصران
★فريد و عيسى ولاد نصران من مراته المتوفية، يعني مش ولاد سهام.
★بعد وفاة أخو ” نصران” “نصران” اتجوز مراته “سهام”
وخلف منها “حسن” و “رفيدة” ودول الأخوة المشتركين لعيسى وطاهر وفريد.
أتمنى تكون الأمور وضحت 💙
يلا نبدأ 👇
بسم الله الرحمن الرحيم
تلك الليلة، الليلة التي أبكت القلوب دما… تلك الحكاية الاعتيادية شاب وفتاة قررا أن يصنعا حياة معا فاندثرت حياتهما قبل أن تتكون.
لا تعلم ماذا يحدث، هي الآن في غرفتها على الأرضية بنفس ملابس أمس، كان خوفها يتلاشى بأول شعاع من ضوء النهار ولكن الآن قد تلاحمت الأشعة وحل النهار والخوف يتزايد، هل خوف أم حسرة ومرارة ومشاعر كُثر
جلست “مريم” جوارها تقول بنبرة باكية فهي الاخرى مدهوشة مما يحدث:
هو ايه اللي حصل يا ملك؟
هل تسألها حقا؟…. سؤال قاتم مخيف، ماذا حدث؟ …. لا إجابة هي نفسها لا تدري ما حدث كل ما تتذكره أنها نعمت بلقاء ودي مع من أحبته، وعند موعد الانصراف اصطحبها في هذا الطريق المظلم الجانبي حتى لا تسير به وحدها، ذلك الطريق الذي تتسلل منه في العودة لبيتها حتى لا يراها أحد…. تأكد أنها الآن بأمان بعد أن خرجا من هذا المكان الضيق وودعها ضاحكا
فجأة تبدل كل شيء ظهر شاكر أمامها والظلام الدامس يقتل كل شيء ولم يكن هناك سوى مصدر واحد للإنارة أضفى بعض الحياة
Flash Back
وجدت يدها تُجذب، لم تكن منتبهة بل كانت تسير بهدوء في طريقها للمنزل وهي شاردة في لقائها الذي انتهى، حتى اصطدمت بيد شاكر التي قبضت عليها وهو يقول بشر برز في عينيه مشيرا على سيارته:
اركبي.
لم تأخذ فرصتها في الاعتراض بل دفعها عنوة وسط رفضها وصوتها الذي علا تقول بذعر:
عايز مني ايه يا “شاكر”؟
لم يترك فرصة لكل هذا بل التهم الطريق بالسيارة التهاما
كانت ” شهد” _كما ظهر سابقا_ تراقب شقيقتها مع فريد، وعند انصرافها انصرفت “ملك” خلفها… ولكن حدث ما لم تتوقعه، ذهبت أولا لشراء شيء ما ثم أتت تتابع طريقها من هذا المكان الضيق وحين عبرته واتت لتتخذ جهة اليمين كي تواصل توجهها للمنزل لمحت “شاكر” يدخل شقيقتها عنوة للسيارة، من سوء الحظ أنه لا أحد هنا ، هذا المكان الذي تستعين به شقيقتها للوصول إلى المنزل لا يمر فيه سوى القليل من المارة وهم في قرية ينام أهلها باكرا فالساعة التاسعة مساءا بالنسبة لهم هي الرابعة فجرا، وحتى إذا مر أحد فإن كل ما في القرية يعلم بعضه، وسيتركوا الفتاة مع ابن عمها دون تدخل إلا إذا صرخت مستغيثة وهذا لم يحدث فهو لم يعطها فرصة كهذه.
لم تعرف ماذا تفعل، فشاكر تحرك مسرعا ولم تلحق به ولم يسر من جهة اليمين المؤدية للمنزل فعلمت أنه ينوي الشر، هرولت تعود إلى الطريق الضيق مجددا علها تلحق بمنقذها الوحيد هنا ولحسن الحظ وجدت “فريد” ما زال يجلس في المكان الذي جلست معه شقيقتها فيه.
قالت مسرعة وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة:
أنا شهد أخت ملك.
كان يحاول فهم ما يحدث وأيضا حاول يطمئنها بقوله:
اهدي طيب، مالك في ايه؟
كانت تحاول تجميع الكلمات شاكر، شقيقتها، أخذها، عنوة، سيارة، لم يردعه أحد
لم تستغرق إلا دقائق حتى وجدت فريد يهرول من أمامها إلى سيارته ، حينما أخبرته “ملك” في الصباح أنها لن تأتي إلا مساءا عاد إلى بيته وحين حان موعد اللقاء أتى إلى هنا.
أسرع بسيارته نحو الطريق الذي أرشدته شهد له، ظلا يتبعان “شاكر” فترة يحاول إيقافه ولكن الاخر سرعته مهولة كل منهما يزيد سرعته وكأنهما في سباق يتنافسا بشراسة على المركز الأول… هذا المعتوه يسير في طريق مقطوع باتجاه الأراضي الزراعية ولا يعلم أحد ما ينتوي، استطاع “فريد” أخيرا أن يقطع الطريق عليه، كلاهما نزل من سيارته ولكمة عنيفة صدرت من “فريد” لشاكر وهو ينعته بألفاظ بشعة
احتد العراك، و “شهد” تهرول ناحية شقيقتها تتأكد أنها بخير، أتى “شاكر” يجذب “ملك” ليرحل بها ولكن منعه “فريد” واحتد الشجار بينهما حتى وصل الأمر في النهاية إلى أعيرة نارية، وجثمان فريد على الأرضية، وفتاة ملكومة تصرخ باسمه.
Back
فاقت من شرودها وهي تردد اسمه، لقد لفظ اخر أنفاسه أمامها، عيون دامعة وهي تكرر:
هو فريد كويس صح؟
احتضنتها “مريم” التي لا تعرف شيء وقالت مؤكدة فقط تطمأن شقيقتها:
كويس يا حبيبتي كويس.
قالت “ملك” بضياع و عينها تدور في كل أرجاء الغرفة وكأن المكان غريب:
طب هاتي التليفون أكلمه.
وكأن سكين حاد ينهش في قلبها، رعشة سرت في جسدها بالكامل حين تذكرت المشهد و “شاكر” يبحث عن هاتف “فريد” بعد أن تخلص منه ولكن عقلها يرفض التصديق.
_هاتي التليفون، أنا عارفة فريد بيحبني وهيرد عليا
قالتها بإصرار واستطردت بانهيار:
أنا كنت هعرفكوا عليه والله…. بس خلاص جت الفرصة، هاتي التليفون نتصل بيه.
احتضنتها مريم وقد بكت حقا على حالة شقيقتها هذه مما جعل الاخرى تصرخ بكل ما امتلكت من قوة، وهي تهز رأسها بعنف نافية أن يكون كل هذا قد حدث.
★***★***★***★***★***★***★***★
قسم شرطة لا يتواجد به إلا من تم إبلاغهم بالخبر “عيسى” و “طاهر”
اتصال هاتفي إلى “نصران” يطلبوا منه الحضور لأمر عاجل في المركز التابع للقرية التي تبعد قريتهم بعدة كيلومترات، استغرب “نصران” الأمر وأيضا الإصرار على عدم قول أي شيء حتى يحضر أحد
وبسبب ظروف مرضه أرسل “طاهر” الذي ثارت ريبته حين عرف أن الأمر يخص “فريد”
وقابل “عيسى” في طريقه، لم يلقي السلام على هذا الغائب الذي حضر للتو بل استمر في الهرولة قائلا:
تعالى معايا يا “عيسى” في حد اتصل من المركز بالحاج بيقولوا في حاجة بخصوص فريد.
لم يعلم والده حتى الآن أنه حضر، حتى “طاهر” علم الآن حين وجده، وحمد ربه على وجود أحدهم لأنه يخشى أن يكون هناك حدث مفجع.
لم يأخذا الكثير من الوقت حتى وصلا إلى المركز، فعائلتهم معروفة للجميع، _أصحاب القرية التي حملت لقبهم، قرية نصران_ …. كان الضابط لا يعلم من أين يبدأ ولكنه استجمع ثباته حين قال “طاهر” عند جلوسهما:
خير يا حضرة الظابط ماله فريد؟
أطبق الصمت على المكان فنطق “عيسى” هذه المرة:
اتخانق مع حد؟
تحدث الضابط برسمية يخبرهم بما لديه:
الساعة 6 الصبح جالنا فلاح من القرية هنا، عمل محضر قال إنه لقى واحد ميت جنب الأرض بتاعته.
تجمدت الدماء في عروقهم، طاهر قلبه يهوى أرضا، و “عيسى” ذلك الثابت الذي لا يبالي للأشياء من حوله شعر أن جسده كله خذله وأنه لا يستطيع الحركة.
ابتلع “عيسى” ريقه وهو يسأل بارتياب:
ايه علاقة فريد بالموضوع؟
_ممكن تقوموا معايا؟
قالها الضابط بهدوء طالبا منهم الذهاب معه، لا يعلما إلى أين ولكنهما يريدا تفسير لما يحدث، حتى ضابط المركز لا يستطيع التحدث الأمر ليس هين، إن الفقيد شاب من زهور عائلة نصران، والأدهى أنه مات مقتولا
تلك القرية التي لا تدخلها الشرطة ويحكمها “نصران” فقدت اليوم ابن كبيرهم.
ذهبا مع الضابط وقد وجدا أنفسهم في السيارة التي توقفت بعد ربع ساعة تقريبا عند مشفى قريب.
قادهم إلى الداخل، قادهم إلى اخر مكان يمكن أن يتمنى انسان التواجد فيه… إلى
ثلاجة الموتى!
★***★***★***★***★***★***★***★
في منزل “مهدي”
كانت غرفة المكتب تضم هادية تالفة الأعصاب التي تبحث عن آلة حادة تتخلص بها من “شاكر”، ” شهد” التي قلت حالتها سوءا قليلا عن شقيقتها، و”مهدي” وأخيرا فاعل الجرم نفسه “شاكر”
قال “مهدي” بانفعال وهو يصفع ابنه صفعة مميتة:
انت اتجننت، عارف اللي أنت عملته ده هيودينا كلنا فين لو حد بس شم خبر إن إيدك فيها!
تحدث بتبجح وكأنه لم يرتكب جريمة أمس، وكأن ما فعله كان دفاع عن ممتلكاته:
الحق مش عليا، الحق على الهانم بنت أخوك اللي كانت دايرة على حل شعرها معاه… أنا واحد بيغير على عرضه واتصرف
نظر لعيون “شهد” التي ترمقه باستنكار مستطردا:
وعموما متقلقش محدش هيعرف حاجة.
هنا لم تحتمل فصرخت فيه “شهد” بشراسة وقد رسخ في ذهنها ذلك المشهد الدامي وشقيقتها المجاورة للجثمان:
ده عند أمك…. أنا هنزل دلوقتي حالا أقدم بلاغ أقول فيه كل حاجة و…
لم تكمل حديثها فلقد جذبها من خصلاتها ولم يهتم بأحد وهو يقول بغضب:
بتقولي ايه يا بت… سمعيني كده بتقولي ايه.
أخذت تحاول التملص منه بعنف هذا المريض النفسي، وبالفعل أبعده والده عنها وجذبتها أمها ناحيتها لتقف خلفها لتقول هي هذه المرة:
حسبي الله ونعم الوكيل فيك، عايز تعمل فيها ايه دي كمان؟
نظرت لهم وهي تحاول استيعاب ما حدث:
ملك قالتلي على “فريد” ، وقالتلي إنه عايز يتقدم ، وقولتلها تأجل الموضوع دلوقتي علشان عارفة جنان ابنك، وانه فاكر الجواز بالعافية وهيعمل مشاكل
يقوم يقتله…لقيتها معاه هاتها وتعالى جرها وامشي مش تقتله!
صرحت “شهد” من خلفها تواجهه:
هو لما خدها من ايدها كانت لوحدها راجعة البيت، أنا اللي روحت جبت “فريد” يلحقها علشان لقيته واخدها على طريق أراضى و يا عالم كان هيعمل فيها ايه.
نطق ببرود باسما ابتسامة برزت فيها نواياه الخبيثة:
مش عيب كده ، شهد حبيبتي ماتعرفيش ان الكداب بيروح النار ولا ايه؟
امتعض وجهها أمام بروده فتابع هو وقد تبدلت البسمة لملامح اخرى لا تعرف سوى الشر:
اللي متعرفيهوش يا شهودتي إن أنا كنت ورا “ملك” من أول ما خرجت من البيت وشوفت كل حاجة، حتى بالأمارة شوفتك وأنتِ واقفة بتصوريهم، وأول ما اختفيتي وأختك قامت تروح كنت هاخدها واعرفها غلطها وارجعها، أنتِ بقى اللي عملتي الحوار ده كله وندهتي فريد.
هنا نطق والده وقف أمامه يقول بنبرة حملت وعيد أهل القتيل جعلت قلق ابنه ينتشر:
فريد اللي أنت بتقول اسمه ده، لو أهله عرفوا حاجة هتتقطع حتت وتترمي للكلاب.
_محدش هيعرف حاجة، ولو دماغ الحلوة لعبت عليها وراحت بلغت تليفونها اللي صورت بيه معايا.
قالها “شاكر” وهو يخرج هاتفها الذي أخذه منها عنوة من جيبه ملوحًا لها به وتابع:
لو قولتي أي حاجة هقول إن أنا وأنتِ متفقين على قتله وأكبر دليل الصور دي اللي صورتيهالي علشان تعرفيني مكانهم .
نزلت الدموع من “شهد” التي ترمق “شاكر” بمقت في حين التفتت والدتها لها تسأل:
أنتِ كنتي بتعملي ايه، أنتِ أختك هي اللي كانت واخداكي معاها صح؟
بدأت في الدفاع مبررة بنحيب:
أنا شوفتها ماشية لوحدها من طريق غير الرئيسي، ولما لاقيتها قاعدة مع “فريد” صورتهم علشان أعرفك وتتكلمي معاها….تابعت وقد زادت شهقاتها حين قالت بصدق:
بس بعد كده والله قررت إني مش هوريكي حاجة وهمسحهم، وشوفت بعدها الحيوان ده وهو بياخدها والباقي اللي حكيته ليكِ.
ارتفع ضغط “هادية” بصورة غير طبيعية، احتمال كل هذا ومحاولة التعايش معه وتقبل الحقائق التي تتوالى تباعا أمر مستحيل لذا اختارت الحل الأسهل، تمكن الدوار منها ولحقت بيها يد ابنتها التي صرخت باسمها وهي تساعدها على الوقوف:
ماما لا.
أسرعت تجلسها للأريكة وتحضر كوب مياه وهي تقول:
ارتاحي يا ماما… ارتاحي.
وضعت الكوب على فمها لتسقي والدتها، ونال “شاكر” ووالده نظرة جانبية منها مليئة بكل ما فعلاه بهم.
★***★***★***★***★***★***★***★
توقف الزمن هنا، وعند هذا المشهد تحديدا
“فريد” بهجة الدار، و زينتها… ذلك الضاحك حد السماء، الحاني حد الكون، المخطئ الذي يتدارك خطأه بعد فترة ويهرول لك آسفا، والمصيب الذي سُلِب غدرا من أحبته.
توقفت الأرض ب “عيسى” هنا وهو يرى جثمان مغطى، سحب الغطاء وقد عرف ضيق الأنفاس طريقه إليه، لتتجمد عيناه حين رأى وجه شقيقه
حين رأى وجه توأمه!
براءة تقاسيمه كأنها تخفف من حزنهم، تخبرهم برسالة منه أنه بخير.
تردد في ذهن “عيسى” آخر رسائل منه تلك الرسائل التي حملت صوته الضاحك الذي يجبرك على الابتسام بل والقهقهة.
(يا عيسى وحشتني أوي…مش هشوفك بقى ولا إيه، اه شكل البنات في شرم كلوا عقلك.)
انتقل عقله إلى لحظة اخرى سمعه يقول فيها
(عيسى أنا بحب بنت… أنا مش هقولك اسمها غير لما تنزل، علشان في مشاكل كتير وعايزك تساعدني أحلها وأتقدملها… أقولك سر اسمها ملاك أو أنا اللي سميتها كده.)
نزلت الدموع من عيني “عيسى” رغما عنه، اليوم نصفه الاخر رحل، في الأول رحلت التي حملتهما معًا فبلت قطعة من روحة والآن رحل توأمه … وكأن عقله جمع له كل شيء الآن فتذكر
(على فكرة يا عيسى this is not fair، هو مش أنت توأمي فين الأكشن بقى في الموضوع؟… لازم كل واحد فينا يروح يومين مكان التاني ونشتغلهم)
فاق من ذكرياته على “طاهر” الذي أصابته حالة من عدم التصديق، فقط يرمق صديق طفولته وأيامه، ابن عمه الذي لم يجده يوم إلا أخ
همس باسمه والدموع تلتحم بمقلتيه وقد تمزق نياط قلبه:
فريد.
لا حظ الضابط حالة الانهيار التي أوشكت أن تعرف طريقها لهما، فطلب منهما الخروج بأدب وقد تم وضع الغطاء على الوجه الذي قبل أن يُغطى تماما اختلس عيسى نظرة له يطلب منه أن يكف عن هذا المزاح الثقيل، وأن يقوم الآن غامرا الأجواء بحديثه الذي لا ينتهي.
وجد “طاهر” اتصال هاتفي من “نصران” فعلم أن بالتأكيد الخبر وصل له من أحدهم، فمؤكد منذ خروجهما وهو يبحث بنفوذه عن أحد يُسرب له ما حدث.
لم يعلم ماذا يفعل، فتح الهاتف وظن أن الصوت الذي سيسمعه صوت انهيار، خوف أي شيء إلا نبرة الثبات هذه و”نصران” يقول:
ابني ميتدبش مشرط فيه، سامعني يا طاهر
شعر “عيسى” بما يحدث فأخذ الهاتف يضعه على أذنه ليسمع والده يتابع بنفس الحسم:
ابني ميتشرحش، ولا حد يلمس جتته وهيتدفن الليلة… لو أنت مش واعي يا طاهر اديني “عيسى”، احنا مش فاضيين للبكا، لما يرتاح في تربته الأول ونشوف حقه.
هنا نطق ” عيسى” بنبرة جامدة وكأنها فقدت الحياة بعد أن غادر الجسد روحه:
معاك “عيسى”… اعتبره حصل، محدش هيمد ايده في جثة فريد.
أنهى حديثه وأغلق الهاتف ليسمع الضابط يقول باعتراض:
أنا مقدر الموقف، بس دي جريمة قتل ولازم الجثة تتشرح.
قاطعه ” عيسى” بنبرة حادة تخبره أنه لن يحدث إلا ما يريدوه:
واحنا قولنا مفيش جثة هتتشرح.
تحرك ليقف في مواجهة الضابط وهو يتابع بثبات:
حاج “نصران” عايز ابنه يبات في تربته الليلة… اعتبر مفيش حاجة حصلت، مفيش قضية.
ترك الضابط واستدار لطاهر الذي قال بأعصاب تالفة:
كان جاي معايا امبارح، كنا رايحين عند مهدي نبلغه حاجة من أبوك، سابني وقال هيلف شوية، مكنتش أعرف إنها أخر مرة هشوفه.
ضرب “عيسى” بقبضته على كتف “طاهر” هامسا بثبات على الرغم من الحرب التي تدور داخله:
اهدى علشان نعرف نتصرف.
استدار “عيسى” للضابط يستفسر منه:
مين الكبار في القرية هنا، اللي عارفين المداخل والمخارج واللي عارفين الناس.
قال الضابط بهدوء يخبره بما يريده:
في كتير، بس اعتقد حاج “مهدي” هو أكتر حد هيفيدك.
_طب خلي حد يجي معايا يوديني بيته.
قالها عيسى مستعدا للرحيل فقال الضابط بانزعاج:
أنا مش هعرف اعمل اللي عايزينه ده، الجثة لازم تتشرح.
نطق “عيسى” بنفاذ صبر ولم يستدر:
طاهر فهم الباشا، علشان شكله مفهمش مني.
حضر من سيرشد “عيسى” للمنزل وسار خلفه مغادرا بأوامر من الضابط كي يوجهه إلى
منزل “مهدي” .
★***★***★***★***★***★***★***★
في منزل “نصران”
دخلت “سهام” غرفة زوجها وتبعها “حسن” و “رفيدة” وهي تقول باسمة:
أنا جبتلك أهو “حسن” و”رفيدة” علشان ناكل معاك هنا في الأوضة.
لاحظوا تعابيره الجامدة، عيناه التي فضحتها تلك السحابة الشفافة ولكنها تأبى النزول، كل شيء مريب.
تبادلوا النظرات التي كساها الاستغراب وتشجع “حسن” ليسأل أولا:
مالك يا بابا في حاجة؟
لم يجد إجابة فنطقت “سهام” هذه المرة باضطراب:
أنا ممكن أروح البيت التاني لحد ما “عيسى” يقضي أجازته هنا.
_فريد مات.
قالها وهو لا يعلم هل هي حقيقة فعلا، هل نبتته حصد روحها من فقد كل معنى للإحساس!
لم تستعب “رفيدة” ما يقال وشعرت بأن الروح تُسحب منها وهي تقول:
لا يا بابا في أكيد حاجة غلط، ده تلاقيه مقلب من مقالبه.
ساندها “حسن” مؤكدا وقد كانت أمنيته الوحيدة الآن أن يكون الأمر مزحة:
أيوه يا بابا هو أنت لسه هتعرف لعب فريد دي.
تحدث بحدة ليفيقهم من صدمتهم هذه:
فريد الله يرحمه، وهيتدفن النهاردة.
صرخت “سهام” مستنكرة وهي تهز رأسها رافضة لهذا الحديث وهي تتحدث بانهيار:
لا اللي ربيته سنين مماتش يا “نصران”… روح يا حسن روح هات ” فريد” .
كانت حالة “حسن” يرثى لها فدفعته هي متابعة بصياح وقد شق البكاء طريقه:
بقولك روح هات أخوك أنت مبقتش تسمع.
وقعت “رفيدة” على الأرضية التي لم تكن برودتها أكثر من برودة جسدها وهرول ناحيتها شقيقها أما عن “سهام” فدفنت رأسها في صدر نصران وهي تردد بلا وعي والبكاء ملازم لها:
بتكدب ليه حرام عليك، بتكدب ليه… عايز تاخد حتة من قلبي ليه يا “نصران”
لم يدر بما يجيب هل يجبرهم بحسمه أن يتوقفوا!
كيف ؟
وهو بنفسه ود لو يصرخ صرخة يسمعها العالم بأكمله فيعرف أن هناك أب كيعقوب فقد يوسف ولكن “يوسف” هنا لن يعود أبدا!
★***★***★***★***★***★***★**★
وصل “عيسى” إلى منزل “مهدي” فصرف مرشده وتحرك هو ليتجه ناحية البوابة ولكنه وجد البوابة تُفتح وإحداهن تنطلق كالسهم هاربة من هنا… ابتعد كي لا تتعركل به، أما هي فثبتت وقد جحظت نظراتها وهي تردد بأمل أعاد الروح لها:
بجد!
جذبته من يده بعيدا عن البوابة وهي تقول ببكاء:
أنا كنت عارفة… كنت عارفة إني مش ههون عليك، يلا من هنا يلا بسرعة… أنا موافقة نمشي بعيد… أنا بحبك وراضية ومش هقولك لا تاني واعترض.
احتضنته وتشبثت به كأنه أملها الأخير وهي تصرخ:
أنت مبتردش عليا ليه، أنا أسفه والله حقك عليا… أنا بحبك… يلا نمشي من هنا.
رفعت وجهها تستغيث برده، بقلبه الذي أحبها ولكنها لم تجد في عينيه فريد، بل وجدت عينين اخرى مصوبة عليها، تشبه عيون “فريد” ولكنهما عينان ليس بهم
“فريد”.
إنها ما زالت كما هي، حياة تخبرنا أنه لديها الجديد بعد… تحدثنا أن كل ما مضى نقطة في بحر ما هو آتي
تتلذذ بجهلنا لتمارس فنها، هناك حياة تبدأ بكلمة، وهناك حياة تنتهي بكابوس، ولكن الكثير حقا أن هناك حياة تبدأ بليلة… ليلة كهذه…. ليلة لا ننساها أبدا

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وريث آل نصران)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى