روايات

رواية انت ادماني الفصل السادس والعشرون 26 بقلم سارة محمد

رواية انت ادماني الفصل السادس والعشرون 26 بقلم سارة محمد

رواية انت ادماني الجزء السادس والعشرون

رواية انت ادماني البارت السادس والعشرون

انت ادماني
انت ادماني

رواية انت ادماني الحلقة السادسة والعشرون

ليالي مظلمة .. كـ حياتها تماماً ، مازالت على وضعها ، في غرفة عطره الذي يبوح يخترق روحها بقسوة ، حتى جسدها العاري تستطيع أن تشتم تلك الرائحة فيه ، منذ الصباح و هي جالسة هكذا .. حتى حل الليل عليها و لم تراه حتى ، لم يخطر على بالها سوى شئٍ واحد .. “قُصي” .. لا تعلم أسيصدق أنها أُغتصبت أم خانته .. و تلك الفكرة تمزق ذهنها ،(توضيح)”حلا أُعجبت بـ قُصي يا جماعة وفي بالها أنه كمان جبها أو عجبته وكدة وكانت – قبل م زين يخطفها – هتعترف لـ قُصي أنها حبته قـ عشان كدة فكرت أنه ممكن ميصدقهاش ” شهقت ببكاءٍ و هي تحتضن الغطاء إلى صدرها ، لم يكُن بمقدورها حتى أن تنهض أو ترتدي ملابسها .. جسدها يؤلمها بشدة وتلك البرودة التي تأتي من النافذة تخدر جسدها ، لم يكُن أمامها سوى النهوض ، هي لن تظل هكذا بقية حياتها بالطبع ، نهضت و هي تلُف الغطاء حول جسدها ، و قدميها تلامس الأرضية الباردة .. سارت ببطئٍ نحو المرحاض المُلحق بالغرفة ، و كل خطوة كانت بمثابة خنجر يمزق روحها ، أستندت على الحائط و هي تتابع خطواتها ، غرزت أسنانها بشفتيها والألم الجسدي لا يُحتمل والنفسي كان أشد قسوة على روحها ..
عند وصولها للمرحاض .. لوت مقبض بابه و هي تدلف له ببطئ ، أمتدت يداها و هي تفتح صنبور مياه الدُش ، هدرت المياه الباردة على حوض الاستحمام ، سرعان ما أنفجرت بالبكاء و قدميها خانتها و هي تجلس على ركبتيها وشهقاتها لم تعُد تستطيع كتمانها اكثر ، ضربت الأرض بكفيها و هي ترفع رأسها لأعلى صارخة بأقوى صوت لديها .. صراخٍ دوى بالشقة ..
أهتاج صدرها و هي لم تعُد تستطيع حتى أخذ نفسها ، و كأنها تحتضر ، شحب وجهها للغاية بل وتلونت شفتيها بالبنفسجية وكأنها تختنق ، أخذت عدة شهقات وهي تحاول أخذ نفسها و كلها كانت تبوء بالفشل ، فرغ الأكسجين من رئتيها تماماً ، و بتلك اللحظة ولج “زين” دافعاً الباب بقدميه بحدة حتى صُفِع الباب بالحائط الذي يجاوره ، قسمات البرود أرتسمت على وجهه ، و لكنها زالت تدريجياً عندنا رأى حالتها المُرعبة تلك ، سُرعان ما هبط لمستواها و هو يراها تحاول أستنشاق الهواء ولكن كمن أحد يقبض على عنقها رافضاً تركها..
أمتدت ذراع “زين” الصلبة لظهرها المُغطى بذلك الغطاء .. أخذ يضرب عليه بقوة لربما هذا يساعد في أستنشاقها للهواء ، تشبثت “حلا” بقميصه و كأنه منقذها و هي لازالت على حالتها تسعل بشدة و وجهها شاحب مرفوعٍ لأعلى في محاولة مستميتة لتدخل بعض الهواء لرئتيها ، بينما شفتيها تلونت بزُرقة بغيضة ، أنتفض جسدها بين يداه ليشتم “زين” بخفوت ، شعر لوهلة أنه عاجز .. أحساسٍ لن يرضى أن يشعر به .. هو لازال لم يأخذ حقه منها .. لم يريها الجحيم و لن يسمح لها بالذهاب قبل أن يفعل ، و بقوة حازط كتفيها بيد و الأخرى كانت تُثبت عنقها من الخلف ، و بقوة شديدة أنقض على شفتيها و هو يمارس لها تنفس أصطناعي ، ظل هكذا لدقيقة ربما حتى هدأت “حلا” بين يداه و قد عاد اللون لوجهها و هدأت أنفاسها ، وسرعان ما أستوبعت أنها بين يداه و هو يحاوطها بكلتا ذراعيه ، بينما عيناه القاسية بلونها المشابه لزرع مات من الجفاف ، توسعت عيناها بشدة لتنزع يداه من حولها و هي تزحف بقديمها على الأرض مرتدة للخلف بزاويةٍ بالمرحاض ، أحتضن ركبتيها لصدرها و هي تدفن رأسها بها ، أنسدلت خصلاتها الطويلة إلى جانبها و كأنها تواسيها ، خرج منها شهقة مصحزبة ببكاءٍ خافت .. خافت للغاية ….
حدق بها “زين” بقسوة .. بينما شئٍ ما يصرخ بداخله أنها طفلة لم تتجاوز العشرون من عمرها .. شئٍ بداخله يؤنبه بشدة ، و بتلك اللحظة لمعت عيناه بشراراتٍ حارقة تكاد تحرق كل من حولها ، نهض كالذئب و بخطوتين كان واثب أمامها .. أمتدت يداه لتقبض على خصلاتها الناعمة جاعلها تنهض وسط صرخاتها المتألمة ، أشتدت يداه على خصلاتها أكثر حتى كادت أن تُقتلع من جذورها ، بينما “حلا” كانت تصرخ به أن يترك خصلاتها بينما هو غير مُهتم لصراخها بل لم يسمعه و كأنه أصبح أصم .. و كل ما يريده الأن أن يكتم ذلك الصوت بداخله ليثبت له أنها أبداً لن يندم و أنه سينتقم منها ، ألتوى ثغره بأبتسامة شيطانية وبذراعه الأخر قبض على خصرها ليقربها له حتى بات لا يفصلهما شئ .. بينما كفه الأخر حتى لم يتهاون بقبضته على خصلاتها .. بل أزدادت و هو يرجع رأسها للوراء ، كان عنقها الأبيض ظاهراً أمامه بوضوح و صراخها كاد أن يشُق الجدران ، و وسط صراخها أقترب بثغره من عنقها الأبيض الطويل ليدفن أنفه بها ، أشتم رائحته بعنقها نزل بأنظاره قليلاً و هو يجدها ملتفه بحرص بالغطاء ، و بلحظةٍ كان يُلثم عنقها بشفتيه القاسيتين ، تزالت القبلات على عنقها و هي لم تكف عن صراخها بل ضربته بكفيها الصغيرتان على صدره للصلب بضرباتٍ لم تؤلمه مقدار ذرة ، قربه جعلها تتذكر قُرب ذلك العجوز منها ..
تذكرت عندما كانت صغير ، قبل ذلك بسنتان فقط .. عندما قررت والدتها الزواج بشخصٍ كان أقذر مما تتخيل ، كان يرتدي قناع الطيبة و البراءة أمام والدتها و امامها كان يظهر وجهه الحقيقي ، و مرت الأيام و تزوجت والدتها به ، و عاش معهم ببيتٍ واحد ، و أول ليلة بالمبيت لديهم ، كان يتسلل بالضبط عن الساعة الثالثة لفجراً ذاهباً لغرفتها ، و عندما دلف ووجدها نائمة على الفراش بمنامية مريحة .. كان يقترب ولعابه يسيل و هو يرى كتلة من الجمال أمامه وجسدها الغض الذي كان شبه ظاهر أمامه ، كان يجلس على طرف الفراش بجانبها و عيناه بها وميض شيطاني خبيث ، بلل شفتيه لتمتد يداها متلمساً جسدها بشهوةٍ ، و للأسف كانت “حلا” نومها ثقيل بعض الشئ .. مما كان بمثابة فرصة ذهبية له ليتمتع بجمالها أكثر ، رفع القميص التي كانت ترتديه و حبات العرق على جبينه ، ظهرت ساقيها البيضاوتين ليتحسسهما ، كان يظل معها حتى تمر ساعة بالضبط ليتركها ذاهباً لزوجته حتى لا تكتشف ما يفعله مع أبنتها من أفعال مشينة ..
حتى جاء اليوم الذي أفاقت به “حلا” لتراه بوجهها .. على فراشها ، جحظت عيناها وكادت أن تصرخ لولا يداه التي كتمت صراخها و هو يقترب منها بشدة ، قال بنبرة شهوانيه لاهثاً :
– أياكي تقولي لأمك يابت .. خليكي كويسة كدة وأنا هريحك ..!!!
أنتفضت بين يداه بينما ظهر الأنكسار على وجهها ، أنتهز العجوز الفرصة ليقول بنبرة شيطانية :
– وبعدين أمك مش هتصدق حاجة هتقوليهالها .. عارفة ليه ؟ عشان هي بتعشقني يا حلا ..!!!
أنسابت دموعها على وجهها ليكمل “سيف القناوي” بقذارة و هو ينظر لجسدها بنظراتٍ بعثت الرجفة بجسدها :
– وبعدين هو أنا مش من حقي أتمتع بالبت و امها ولا أيه ؟!!
أمتدت يداه لتمسد على خصلاتها الطويلة و هو ينظر لها بشرٍ .. و سُرعان ما أشتدت يداه القاسية على خصلاها لترجع برأسها للوراء من شدة الألم و هي حتى لم تملك حق الصراخ ، دفن هو أنفه بعنقها ليغرز أسنانه به …
و كان كل يومٍ و تحديداً الساعة الثالثة فجراً كان يذهب لها .. حتى هي كانت عندما تدق الساعة الثالثة كانت ترتجف بقوة لترتدي أثقل شئ عندها حتى تحجب جسدها عن عيناه التي تشعرها أنها عارية ، كانت عيناه خضراوتان كـ مقلتيّ “زين” بالضبط .. حتى تلك القسوة التي تُكمن بعيناه ورثها “زين” منه ، حتى جاء ذلك اليوم .. عندما ماتت والدة “حلا” حيث كان ليدها ثقب بالقلب ، هُنا أنهارت “حلا” كلياً ، ظلت تبكي بحرقة على وفاة والدتها .. و كان “سيف” العجوز يُمثل امام الناس طيبته وكان يساندها .. و بذلك اليوم .. عندما كادت “حلا” أن تهم بالنوم ، هُنا دلف “سيف” و عيناه تنذر بشرٍ جديد ، و لكن كان مختلف ، فـ بذلك اليوم حاول “سيف” أن يسلبها أثمن ما تملك .. صرخت وبقوة و لكنها باغتته بضربه على رأسه بمزهرية كانت تجاورها على الكومود ، هُنا وقع “سيف” أرضاً وسط صدمة “حلا” مما فعلت ، و عندما نزلت لمستواه لتتفقد نبضه وجدته أنه .. قطع نفس .. ونبضاته أختفت تماماً .. بينما الدماء كانت تنظف من رأسه بغزارة .. و هنا هربت “حلا” من المنزل بأكمله .. وفي منتصف الليل …
عند تذكر “حلا” تلك الأيام .. أستشعرت قبضة “زين” القوية على خصرها ، وقبضته الأقوى على خصلاتها ، وسنانه التي غُرزت بعنقها .. هُنا أنهارت قواها لتسقط مغشياً عليها .. بين يداه الصلبة .. مجدداً ..!!
• • • •
كانت واقفة تطالع ظهره الصلب المواجه لها وهو يقف في الشرفة منغمس بدُخان سيجارته يطالع النظر أمامه و كالعادة صدره عاري .. رغم برودة الطقس ، دنت إلى الشرفة بجانبه و هي تضع شالٍ على رأسها ملتفة به كتفيها ليُدفئها قليلاً ، وقفت جواره قليلاً و هي تستند على مسند الشرفة ، منذ ذهاب “لينا” و هي تفكؤ في كلامها .. هي بالفعل ستهرب منه ، و أخيراً ستحرر ، إلتفتت بوجهها قليلاً لتحدق به لدقيقة .. ملامحه القاسية و عيناه العسليتا الصلبتان .. خصلاته الغزيره و وجهه الوسيم مروراً بـ فكه العريض و ذقنه الجذابة ، صدره الأسمر و عضلاته القوية ، ذراعيه و عروقه الزرقاء ، أدق تفصيلةٍ به كانت تشاهدها ، ألتفتت مجدداً و هي ترتجف من برودة الجو ، ظلت محدقة أمامها لتفر دمعة هاربة منها ، ألتفتت للجهة الأخرى حتى لا يشاهدها .. لا بكاء ولا ضعف من الأن ..!!!
بللت شفتيها لتقول بنبرة قوية و هي لازالت مُحدقة أمامها :
– أطفي السيجارة ..
أرتفعا كِلتا حاجبيه بتهكمٍ و هو محدق أمامه قائلاً بأستهجان ساخر :
– أيـه ؟
– أطفي السيجارة .. بكرَهه ريحتها ..
لم يلتفت لها ليغمغم بصرامة :
– هعتبر نفسي مستمعتش ..
ألتفتت له بحدة لتمسك بسيجارته و هي تقذف بها من الشرفة ، دقيقة و أصبحت عيناه سوداء كـ سواد الليل الموحش ..
بينما هي أردفت بحدة و هي تقف قبالته :
– عارف يا رعد أنت فكرتني بـ مين ؟ واحد كان معانا في الجامعة حكالي قصة عُمري مـ هنساها .. واحد أتشرخت عنده كوباية و عشان هي كانت قوية و أزازها سميك تجاهل شرخها و كمل أستعمالها .. كل مرة لما.كان يصُب فيها الميا السخنة كان متوقع أنفجارها ف أي لحظة .. بس على العكس مكانش بيحصلها حاجة .. قال خلاص هي جامدة والشرخ مأثرش فيها أوي يعني و مش هيحصلها حاجة و أطمن وبقا يتعامل عادي زيها زي أي كوباية مش مشروخة مـ هي أستحملت بقا و بعدين فـ مرة لما جيه يحُط الشاي فيها سمع صوت الشرخ بيزيد ، حاول يعمل أي حاجة ينقذ بيها الموقف .. مقدرش
الكوباية دي شبهي أوي .. أنت فاكر أني عشتن مستحملة اللي أنت بتعمله فيا أن الجرح اللي فيا ألتئم مثلاً .. لاء بالعكس أنت كل مرة بتزود الجرح والحفرة اللي بينا أكتر و صدقني مع الوقت .. هتخسرني زي ماهو خسر الكوباية ..
لم تهتز نظرات “توليب” بل أزدادت قوة لتدلف للغرفة .. ليس خوفاً من بطشه .. بل خوفاً من البكاء أمامه و بالطبع سينتهي بها المطاف .. في أحضانه ..!!
زاغت أبصارها و هي تشعر بنزيف في قلبها لن يتوقف ، و كأن “رعد” آخذ عهداً أنه سيشرب آخر نقطة في دمائها ، و بهدوء أخذت غطاء لتستلقى على الأريكة و هي تفرد الغطاء عليها ، دفنت و جهه في الوساد و على العكس لم تبكي .. وكأنها أعتادت .. بل أصبح لها لامبالة مُريعة ..!!!
بينما هو .. و كأن أحد قام بدق مُسمار بقدميه .. لم يستطيع الحراك .. بل لُجم لسانه و كأنه فقد النطق .. أتكئ على مسند الشرفى بكفه و الأخر وُضع على جبينه و هو مغمض العينان ، و كأنها للتو أمسكت بسهماً غرزته بقلبه بقسوة .. واجهته ببشاعته و ما أصعب تلك المواجهة ، سار بثقل ليجدها مستلقية على الأريكة ، دنى نحوها و هو ينحنى لمستواها ، كان وجهها البرئ بملامحه الطفولية مواجهاً له ، أرتجاف مقلتيها داخل جفنيها المغلقتان أعلمه أنها ليست نائمة ، أقترب بوجهه من وجهها أكثر و أنفاسه المملوئة بعبق دخان سجائره تلفح وجهها ، سعلت “توليب” من رائحة أنفاسه لتنهض جالسة و هي مازالت تسعل بحدة ، أنتفض “رعد” جالباً لها كوب من المياه كان موضوع على الكومود ..
بالبداية رفضت أخذه و هي تنفي برأسها ، سُرعان ما أمسك “رعد” بعُنقها من الخلف مثبتاً رأسها ليقرب الكوب من ثغرها و هي ترتشف منه حتى أنهت الكوب ، طالعته بحدة لتنفخ وجنتيها غضباً ، جلس بجانبها و هو يمنع أبتسامة مُتألمة كادت أن تزحف إلى ثغره قائلاً بهدوءٍ بارد :
– جهزي نفسك عشان في حفلة بكرة هنا في الڤيلا ..
أخبرتها “لينا” بذلك مسبقاً ، فـ هي و غداً ستهرب من هُنا .. ألتفتت له و هي تومئ برأسها قائلة بأبتسامة مُصطنعة :
– تمام ..
ظل مُحدقاً امامه سانداً يداه على ركبتيه بجلسةٍ ملئتها العنجهية ، باغتها بالإلتفات لها ممسكاً بيداها بحركة مفاجئة قائلاً بخفوت :
– توليب أيه رأيك نبدأ من جديد ؟ أقسم بالله مـ هزعلك تاني .. هعوضك عن كل حاجة وحشة حصلتلنا ، أنتِ بس أديني فُرصة ..
ظلت تنظر له ، لم تخرج كفيها الصغيرتان من بين كفيه ، ماذا لو خدعته ؟ مثلما كان يفعل هو بها دائماً .. ماذا لو مثلَت الحُب لغداً فقط ؟ ماذا لو جعلته يصرخ من داخله ؟!!
راقت لها الفكرة .. و رقت عيناها قليلاً و هي تقول بإبتسامةٍ عابثة :
– مش هتزعلني تاني أبداً ؟
للحظة توسعت عيناه .. أهي وافقت ؟ وسعود كل شئ كما كان ؟ شدد على كفيها و هو يقول بقوة :
– وعد ..!!!
هي تعلم أن “رعد البناوي” لن يخالف وعده أبداً ، و لكن هي أختارت الهروب .. ولن تتراجع
أومأت “توليب” .. حاولت جاهدة أصطناع السعادة ولكن يبدو أنها لم تنجح .. ألتف ذراع “رعد” حول خصرها والأخر كان يمسد على خصلاتها المجعدة ، و بثقل رفعت “توليب” يداها لتضعها على ظهره العريض ، ذلك سيكون آخر عناق بينهما ، للحظة أراحت وجهها على كتفيه ، هو يُضعفها .. يستنزف طاقتها بعناقٍ بسيط ، تأثيره عليها قوي للحد الذي لا حد له .. هي تعشقه حقاً .. و لكن هو كل مرة يملأ كوبٍ من بحرٍ عشقها و يقذف به للهواء .. و كأنه يريد تخليصها من عشقها ذلك بأفعاله .. رُغم ذلك فـ أكثر ما يُريحها .. عناقه و عندما تلتف ذراعيها بتلك الطريقة على خصرها .. أو عندما يجذب رأسها ليدفنها بصدره .. كل هذا يجعلها تضعف .. وتذيب به أكثر ، لا تعلم لما أرادت البكاء بأحضانه .. و فعلت ..
باغتته بأنفلات شهقةٍ عالية نبعت منها يليها بكاء حارق ، دُهِش “رعد” من بكائها المفاجئ كالأطفال التي سرعان ما تنفجر بالبكاء ، لم يبعدها عن أحضانه ، بل أنتقلت يداه لتمسح على ظهرها و هو يواسيها على شئٍ لم يعلمه ، بينما هي شددت ذراعيها حول عنقه لتتشبث به أكثر و هو كان مُرحب بذلك ، ظلت فترة ليست قليلة تبكي بأحضانه .. رغم تألم “رعد” من سماعه لنشيجها وبكائها إلا أنه جعلها تُفرغ مابها من ألم .. كان هو السبب الأول به …
نزعت “تزليب” نفسها من بين أحضانه لتمسح دموعها بظهر يداها كالأطفال و “رعد” يُحدق بها ، عيناها شديدة الأحمرار و أنفها كذلك ، شفتيها التي تلونت بالأحمر أيضاً مع أرتجافها من شدة البكاء ، حاوط وجهها بكفيه و هو يضع خصلة متمردة خلف أذنها ، أسند طبينه على جبينها مغمض العينان .. حاجبيه معقودان بتألم لتألمها ، بينما أرتجفت نبرة “توليب” و هي تقول بنبرة أوشكت على البكاء :
– رعد …
أبتلع باقي الكلمات في جوفه و هو مطبق على شفتيها برقة حانيةٍ .. لم تعتادها منه ، أنسابت دموعها على وجنتيها و هي ترى ضعفها للمرة المائة معه ، أمتدت كفي “رعد” ليقبض على خصرها مُقربها منه ، لم تمانعه “توليب” ولم تتواجب معه أيضاً كل ما تعلمه الأن أن تلك ستكون أخر ليلة بينها .. لن تنساها مهما حيت ، عندما رأى “رعد” أنها لم تمانعه حتى أمتدت أنامله لأعلى ظهرها و هو يهم بفتج أزرار بيجامتها ..
هُنا دفعته “توليب” من صدره و هي تتمتم بخفوتٍ :
– رعد .. لاء ..!!!
أومأ “رعد” قائلاً بهدوءٍ ظاهري وداخله يصرخ مطالباً بها :
– تمام يا توليب ..
تنحنحت و هي تلُم شتات نفسها .. بينما قالت بحماسٍ حقيقي :
– رعد أيه رأيك تركبي خيل ؟
رفع كِلتا حاجبيه ليغمغم بدهشةٍ :
– خيل ؟! أشمعنى يعني ؟
– أصل بصراحة أنا شوفت خيل عندك كدة لونه اسود وشعره حلو اوييي فـ قولت بقا أنك تخليني أركبه ..
أكملت و هي تحني بأنظارها قائلة بخفوتٍ :
– طبعاً لو مش عايزني أركبه ..
أبتسم بحنو ليقرص وجنتيها الممتلئة كالأطفال ، عبست “توليب” و هي تزم شفتيها للأمام ، لمحت حدقتي “رعد” تتحولا للون الأسود .. أخذ يقرب وجهه منها و هو يقول بنبرة بدت صارمة مُحذرة :
– متعمليش الحركة دي تاني …
عقدت حاجبيها بتساؤل و هي تُعقب :
– حركة ايه ؟ ..
ضربت مقدمة رأسها بتذكر وهي تقهقه .. فـ هو يقصد انها تزُم شفتيها ، أستطردت وسط ضحكاتها :
– أشمعنى بقا ؟
أظلمت عيناه أكثر ليقول و هو ينظر لشفتيها المكتنزة بخبث :
– عشان متهورش ..
رفعت حاجبها الأيمن لتقول بخجلٍ مُغيرة الحديث :
– طيب مش هتركبني الخيل ؟
اومأ و هو يلتقط هاتفه من جيب بنطاله ، ضغط على شاشته ليضعه على أذنه بعدها و هو يردف بصرامةٍ :
– مش عايز أشوف مخلوق في الجنينة …
أنهى جملته المختصرة ليبعد الهاتف عن أذنيه و هو ينظر لما ترتديه .. ، بنطالٍ مُلتصق بقدميها المملؤتان بتناسق باللون الرصاصي تعلوه كنزة شتوية باللون الأسود قصيرة تصل لمنتصف معدتها مُظهرة خصرها المنحوت و خصلاتها المجعدة منسدلة تصل لآخر ظهرها .. برقت حدقتي “رعد” برغبةٍ رفض أن تظهر على وجهه ، جفَّ حلقه لينظر لوجهها الذي وُضِع على كفيها الساندتان على ركبتيها و هي تنظر له بنفاذ صبرٍ قائلة بتأففٍ :
– يلا ؟
نهضت و هي تصفق بحماسٍ ، بينما نهض “رعد” و هو يضرب كفيه على الطفلة المتزوج بها ، أشار لها أن تتحرك لتحملق به بصدمة قائلة و هي تشير لجزءه العلوي :
– انت هتنزل كده يا رعد ؟ هتاخد برد ..
ضيق عيناه ليردد :
– مباخدش برد أنا يا توليب .. يلا أنزلي
رفعت كِلتا حاجبيها بتهكمٍ و هي تقترب منه واضعة يداها على صدره :
– لا والله ؟ احلف ؟ أنت مش خدت برد قبل كدة ودخلت أوضتك لقيتك بتتنفض وسخن مولع ؟
حاوط خصرها مقرباً إياها منه و هو يقول بخبثٍ :
– اممم ساعت م عملتيلي كمادات ونمتي فـ حُضني ؟ فاكر طبعاً
عضت شفتيها بضيقٍ .. هو غلبها و بكل بساطة ، تمتم و هي تدفن وجهها بصدره بخجلٍ مُحبب ، بيننا قهقه “رعد” على خجلها .. حاوط منكبيها بذراعه العاري و الأخر حاوط خصرها الرفيع ..
رفعت وجهها و هي لازالت في أحضانه تنظر له ببراءةٍ بعيناها الكبيرتان و أهدابها الكثيفة .. نظرة لا تُقاوم ..
زمجر “رعد” بحدة مشيحاً بأنظاره بعيداً ، هو بالتأكيد سيفعل ما ليس محموداً بها الأن .. و هي ستكون المُلامة الوحيدة ..
أستطردت برجاءٍ بنظراتها البريئة :
– رعد عشان خاطري البس حاجة ..
جمدت أنظاره ليقول مشيحاً بأنظاره برفضٍ قاطع :
– لاء …
هو عنيد .. و بالطبع هي أكثر عنداً .. نزعت نفسها من بين أحضانها لتكتف ذراعيها قائلة :
– طب أنا هنزل لوحدي شكراً مش عايزة منك حاجة ..
نطق مُحذراً بمقلتيّ جامدتان :
– توليب حسني أسلوبك ..
لوت شفتيها بتهكمٍ لتتركه خارجة من الغرفة و هي تنزل من على الدرج .. ذاهبة نحو الحديقة تاركة إياه يشتعل ..
بينما “رعد” شتم بسره ليذهب وراء تلك المتمردة بخطوات تحفر بالأرض من غضبه ..
توسعت حدقتي “توليب” و هي تراه يذهب صوبها ، أسرعت بخطواتها حتى أصبحت تركض دون أن تلاحظ ، بينما “رعد” أخذ هو الأخر بالركض ورائها و بالطبع كان هو الأسرع ليلتقطها من خصرها بذراعه القوية ، “شهقت “توليب” من قبضتيه القوية التي باغتتها ، بينما خصلاتها ضربت وجه “رعد” بقوة ..
ألتوى ثغره بأبتسامة ماكرة ليهمس بجانب أذنها وظهرها مقابلٍ لصدره العاري :
– مهما حاولتي تهربي يا توليب .. هجيبك ..!!!
للحظة أنقبض قلبها .. نبرته رغم مزاحه إلا أنها جعلت الخوف يزحف لقلبها ، و كأنه يُصرح لها أنها تبقى دائماً بين يداه .. حاولت أن تهدأ لتقول بقوة زائفة :
– مش يمكن في مرة أقدر أهرب يا رعد ؟
توحشت عيناه لينزلها من بين أحضانه و هو يلُفها له ، أشتدت يداه على كتفيها و هو بقزل بحذرٍ :
– قصدك أيه ؟!!!
نفت ببساطة رغم قبضتيه القوية إلا أنها قالت بثباتٍ :
– عادي حبيت أهزر معاك ..
لم يبدو عليه الأقتناع .. أقترب من أذنها ليهمس كفحيح الأفعى التي تصدر سمها :
– هزار بايخ .. صدقيني لو فكرتي مجرد تفكير أنك تهربي .. هجيبك .. بس ساعتها هتكرهيني يا توليب فوق ما تتخيلي ..
وقع قلبها أرضاً ، ارتجف جسدها بين يداه و عيناه بدت فيها شبه ضعفٍ ، و لكنها لن تستسلم .. دائماً و أبداً ستحاول الهروب منه ..
أبعدها “رعد” محاولاً تلطيف الأجواء المذبذبة و هو يقول مشيراً على الأسطبل :
– مش هتركبي الأدهم ؟
للحظة نست ما حدث من ثانية لتنفرج شفتيها بأبتسامة عابثة قائلة :
– أسمه الأدهم ؟
أوما “رعد” بحنو لتسبقه ” توليب” و هي تسير نحو الأسطبل متحمسة لرؤياه ، سار “رعد” ببطئ خلفها ليفتح الأسبطل و دلفوا معاً ، ركضت “توليب” نحو الخيل و هي ترى مدى جماله .. كان باللون الأسود ذو خصلاتٍ طويلة للغاية .. ، أبتسمت “توليب” بسعادة لتمسح على خصلاته برقة ، أخرجه “رعد” إلى الحديقة ليلتفت إلى “توليب” قائلاً :
– على فكرة الخيل دة غالي علية جداً .. و أول مرة حد يركبه غيرك ..
أبتسمت “توليب” له لتنطلق متشبثة بعنقه و هي تقبل وجنته المُزينة بذقنه قائلة بنبرةٍ حانيه و هي تشكره :
– شُكراً ..
أبتسم “رعد” و بدوره قبّل مقدمة رأسها ..
امتدت ذراعي “توليب” لتمتطى الجواد بحرفية و هي تمسك باللجام ، حركت قدميها ليصهل الأدهم رافضاً التحرك .. عبست “توليب” و هي تنظر إلى “رعد” بحزن :
– هو مش راضي يمشي ليه ؟
نظر “رعد” إلى الادهم و هو يبتسم قائلاً :
– يمكن عشان غريبة عليه ..
مطت شفتيها بخيبة أمل لتحرك قدميها أكثر ، أزاداد صهيل الجواد ليرفع قدميه بالهواء و هو يصهل بحدة ، شهقت “توليب” بفزعٍ لتسقط من فوق ظهرها على الأرضية الصلبة ، بينما قهقه “رعد” على ذلك المشهد الذي لن يتكرر ، صراخ “توليب” وغضب الأدهم كان كفيل بإضحاكه .. و لكنه أندفع نحو “توليب” التي أخذت تبكي من شدة الألم الذي داهم ظهرها من قوة أرتطامها بالأرضية ، هم “رعد” بالإنحناء لها لكي يجعلها تنهض و لكنه أغمض عيناه و اشتدت بروز عروقه مع أزدياد احمرار وجهه .. الالم في معدته نتيحة الطعنة لا يُحتمل ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية انت ادماني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى