روايات

رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الفصل الحادي عشر 11 بقلم أمل نصر

موقع كتابك في سطور

رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الفصل الحادي عشر 11 بقلم أمل نصر

رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الجزء الحادي عشر

رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) البارت الحادي عشر

نسائم الروح (ميراث الندم 2)
نسائم الروح (ميراث الندم 2)

رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2) الحلقة الحادية عشر

– روح جومي عشان تاكليلك لجمة
اعتدلت بجذعها على ندائه، لتجلس بنصف نومة، تفسح له حتى يجلس بجوارها، واضعًا صنية الطعام بينهما على الفراش، بعد ان تطوع وقام بتجهيزه لها، ليتابع بطرافة:
– وادي الوكل اللي سخنته بنفسي يا ست روح ، عشان تعرفي بس اني راجل مودرن وعصري بعقلية منفتحة.
تبسمت تتناول منه شطيرة الجبن الصغيرة التي اعطاها لها، وخرج ردها قبل ان تقضم منها بفمها:
– ايوة بجى يا عم المودرن، اللي يسمعك يقول دا عمل وسوى، اشحال ما كانوا كام بيضة مسلوقة على كام شرحة خيار وجبنة.
صاح معترضا بعدم تقبل:
– نعم يا هانم، انا مسمحلكيش، تجللي من مجهودي وتستخفي، ولا انت فعلا زي الجطط اللي تاكل وتنكر.
ضحكت لمزاحه ولكنها قطعت تتأوه، تضع كف يدها على خلف ظهرها، ليعلق هو بقلق:
– ايه الحكاية؟ انا بدأت اجلج على فكرة،
على الفور سارعت بطمئنته:
– مفيش داعي للجلج يا عارف، دا أكيد من تعب السفر، وكوم فجأة علي، اخد راحتي بس ع السرير، وبعدها ان شاء الله ابجى عال.
– طب كدة معناه انك مش هتجدري تروحي الدكتورة.
وجمت عن الرد له، ليستنبط من هيئتها ، حرجها في التعبير عن عدم قدرتها للذهاب، مما زاد قلبه توجسًا، ليحسم قائلًا:
– خلاص انا هجيبها هي تكشف بنفسها، باللي الرقم اللي تحدده بنفسي، المهم اطمن عليكي وع العيل
اومأت بموافقة دون جدال كعادتها، لتعود وتتناول الطعام؛ الذي اصبح يشاركها به بعدم شهية، ليحاول التلطيف بقوله:
– عايزين نشد حيلنا كدة عشان العيل ده ينزل، يجي غيره على طول، انا عايزهم يبجوا في طول بعض .
توسعت عينيها بصدمة لتردد خلفه بعدم تصديق؛
– طول بعض، وعلى طول يا عارف، طب مش ناخد نفسنا الاول، ولا العيل ياخد كفايته من الاهتمام .
– يا ستي ومين جال ان هينجص اهتمامه؟ انت عليكي بس تخلفي وامي تشيل، وانا كمان اشيل، احنا ايه ورانا يعني؟
عادت للضحك قائلة:
– امك ربنا يديها الصحة، بس انت وراك شغلك يا حبيبى، وانا المشروع بتاعي ولا انت نسيت؟
– لا يا وحش منستش، ولا كمان نسيت اتفاقنا والتعويض، ولا تكوني انتي كمان اللي نسيتي؟
قال الأخيرة بخبث جعلها تقطب بلمحة من الخجل تعبر عما يدور داخل عقلها بريبة:
– يا خوفي منك يا بدران، المرة اللي فاتت لبستني بدلة رجص، محدش عارف المرة دي ناويلي على ايه؟
تبسم بمكر يتنقل بعيناه نحو الخزانة يتأوه بلوعة:
– اه ع البدلة اللي مخدتش حجها، هايجي وجتها ان شاء الله، وتهز على واحدة ونص.
لكزته بقبضتها على صدره، لتغلب حياؤها امام وقاحته، فتابع يزيد عليها:
– خدي راحتك يا هانم، على ما اخد انا وجتي ف التفكير في التعويض المناسب……. بس نطمن ع النونو الاول.
قال الأخيرة بجدية جعلتها تتمتم من خلفه:
– اللهم امين يارب
❈-❈-❈
ثقيل وجسده المرتخي في سبات النوم العميق، يجعل الأمر غاية في الصعوبة لها، في محاولاتها الحثيثة للنهوض، وقد طال نومها بسببه،
ذراعه العضلي يكتفها عن النهوض بحرية، تجاهد للنهوض دون ايقاظه، ولكنها لا تفلح:
– يووووه.
تمتمت بها بصوت خفيض وهي تحاول بصعوبة لرفعها عنها، وتحريك جسدها للابتعاد حتى كادت ان تفلح، قبل ان تشعر بعودتها مرة أخرى، بعد سحبها على حين غرة ليطالعها بوجهه الناعس:
– بجالك ساعة فرك فرك ، متعرفيش تجعدي ساكنة ف مكانك واصل.
ابتعلت بحرج لم تتخلى عنه ابدا في كل مرة اقترب منها؛
– يا غازي ما انا لازم اجوم اشوف اللي ورايا يمكن انت في اللي يسد عنك ، لكن انا لا.
– ليه؟ وراكي الديوان؟
قالها ببعض السخرية وعيناه تتفرس ملامحها المحببة، وكل خلجة تصدر منها ، ليردف بمشاكسة:
– لكن انا ليه في كل مرة ابصلك احس انك مش شبه اي حد من عيال عمامي، دا حتى خواتك متشبهيش اي حد فيهم، لا في الطبع ولا حتى في الشكل، انتي طالعة لمين يا نادية؟ لامك ولا ابوكي.
عبست ترد بضيق:
– يا سلاام، لاكون جاية من كوكب تاني كمان! مالك يا غازي؟ صاحي عشان تناكفني يعني؟ ما كنت خليك نايم احسن .
– وه .
تمتم بها بدهشة لجرأتها مع كبت ابتسامة مرحة بداخله، لتمتد كفه تلطمها بخفة معقبًا لها:
– يا بت انتي لسانك طول ليه ؟ ما كنتي زي البسة ما حد يسمعلك حس؟ ايه اللي بدلك؟
استفزها بلطمته ليخرج قولها بحدة:
– اديك جولت بنفسك بسة، يعني بتخربش لو حد عصبها، لم نفسك عني غازي.
امام شراستها الجديدة عليه، لم يقوى هذه المرة على كبح ابتسامة متوسعة، ليضغط على طرف ذقنها يزيد عليها؛
– وان ما لميتش نفسي عنك هتعملي ايه يا بت هريدي ، جال وانا اللي كنت فاكرك بسكويتة لا بتصد ولا بترد ،
وكانت المفاجأة حينما دفعته يده عنها، تريد النهوض من جواره، لتستفز هذا الجزء الشقي به، وكان رده السريع بأن سيطر على ذراعيها الاثنان بجوار رأسها ، يخاطبها بتسلية:
– جبتيه لنفسك يا بسة يا للي بتخربشي، ارد عليكي بإيه دلوكت؟
كان متحفزًا للقتال بشكل اخافها حتى تراجعت عن حدتها معه، تريد استعطافه:
– يا غازي انا بهزر معاك ، ثم متنساش كمان اني حامل والعيل هو مطلعني عن شعوري
– يا حلاوة، يعني عايزة تجولي ان الهرمونات هي السبب، امبارح تجفلي السكة في وشي، والنهادرة تمدي يدك علي،
– ما انت اللي بتستفزني.
خرجت منها سريعًا بدون تفكير، حتى جعلته يقهقه ضاحكًا:
– جلبتي ليه تاني؟ ما كنتي هادية من شوية.
– يوووه.
تمتمت بها للمرة الثانية بغيظ يفتك بها امامه، وقد تجمد محله في التطلع اليها، يأسره سحر الريم في عينيها، ويكون الصمت هو سيد الموقف بينهما،
فتأخذ هي ايضا فرصتها ف النظر اليه،
وقد اعتادت الملامح السمراء والوجه الوسيم بخشونة، جاذبية فطرية لا يملكها سوى اعداد قليلة من الرجال، تختلف اطلاقا عن تلك الملامح الناعمة التي كانت…….
نفضت رأسها فجأة حتى ابتعدت عن مرمى شفتيه التي كادت ان تعانق خاصتيها، لتذهب بسحر اللحظة التي كان يشعر بها، ف انتفض هو ينهض عن التخت كله، مما جعلها تخاطبه باعتذار:
– غازي انا مش جصدي.
– ولو جصدك، انا مش فاضي اصلا .
تمتم بها ذاهبًا نحو المرحاض دون ان يلتف اليها، لتعتدل هي ف فراشها، وشعور بالندم يجتاحها، هي الحرب المتواصلة بداخلها، لا تدري كيف تجد لها حلًا كي تخمدها؟ مقسمة بين شقين، واحد يتمسك بالماضي، ويؤنبها كلما ذهبت مشاعرها نحوه، وآخر يدعوها للاستسلام….
وما بين ذاك وذاك، تضيع هي ان لم ترسى قريبا على بر
❈-❈-❈
دلفت لداخل الغرفة التي خلت من الجميع إلا منها، بعد مغادرة شقيقته، تصرفت في البداية بشكل عملي ، في تفحص الوظائف الحيوية، وعمل الازم له من رعاية طبيبة، لتلتقط فرصتها الاَن في التطلع اليه، فتميل بكليتها مقربه نفسها منه، وكالعادة يتولى لسانها التعيبر عما تشعر به:
– ايه بقى يا حليوة يا جامد انت، ما تقوم يا عم وريني مجدعتك……. ما هو مش معقول يعني الجتة الجامدة دي تستسلم كدة للرقدة……. بصراحة بقى، مش لايقة عليك، قوم يا جدع الله……….، طب انت صوتك حلو؟ ولا جامد وجهوري زي هيئتك؟
القت بنظرة شاملة عليه لتعود متابعة:
– يا لهوي عليا، يا راجل خلي عندك نظر وبصلي، يمكن تعجب بيا ولا حاجة، اينعم انا قصيرة ومكعبرة حبتين بس والنعمة انفعك، حتى ابقى خفيفة في ايدك وانت بتشيلني…..
تبسمت وضحكت بمجرد التخيل ، لتغمغم متابعة:
– ومجنونة برضوا، قول عادي متتكتسفش، ما هو عرق الجنان ده وراثة عندنا، وانا واخداه مني امي، دي لبست ابويا مصيبة ودخلته القسم عشان تتجوزو
ختمت ضاحكة مرة اخرى لتستقيم منهية الحوار بقولها
– انا رايحة اشوف اللي ورايا دلوقتي، لكن هجيلك تاني وهرغي معاك كتير عشان تعرف شخصيتي، اه امال ايه، ما هو لازم لما تقوم تبقى عارف مين مشمش ، سلام بقى يا روح مشمش.
❈-❈-❈
– استني عندك ، مين انتي؟ وطالعة عند مين؟
هتف بها حارس البناية الذي نهض عن كنبته الخشبية فور ان وقعت عينيه عليها ، وهي تقترب من المدخل، بعدما ترجلت من السيارة، تاركة زوجها يصطفها الاَن ، وكان رد فعلها النظر اليه باستفهام سائلة:
– انت بتسألني انا؟
اقترب الرجل نحوها يقول بحدة:
– امال خيالك يعني؟ مين انتى؟ ولا تكوني جاية تخدمي عند حد هنا من السكان؟
– أخدم!
تمتمت بها بصدمة، لتعود بالنظر على ملابسها، وتلك الهيئة المزرية، بعدما فقدت الطاقة او الاهتمام بمظهرها، من وقت حادث شقيقها ، لتطرق برأسها عن الرجل الذي لن تلومه عن ظنه بها.
– يا بت ما تجولي، انتي جاية لمين؟ ولا عايزاني اتصل اجيبلك الأمن…..
هتف بها الرجل بحدة ليلتف مجفلًا، نحو من صاح به يهدر بقوة:
– تجيب الأمن لمين يا حيوان؟ انت مش عارف دي تبقي مين ؟ ولا تبقالي ايه؟
انتفض الرجل برعب اصابه، مع تقدم الاَخر نحوه بغضب مخيف،، جعله يدافع عن نفسه على الفور:
– يا بيه انا معرفش انها تخصك، كنت بسألها، لكن هي مردت…..
لم يكمل الأخيرة بعدما انقض عليه يجذبه من ياقتي قميصه بعنف:
– وحتى لو متخصنيش، هل دا معناه انك تعاملها بالجليطة وقلة الادب دي، انا هعرفك ازاي تحترمها يا حيوان لازم اربيك واعلمك الأدب.
صار الرجل ينتفض بين يديه، ويخاطبه برجاء متأسفًا:
– يا يوسف بيه، انا راجل على باب الله وبعمل شغلي ، والله لو اعرف انها تخصك ما كنت هستجرا اكلمها، وع العموم انا بتأسفلك وبتأسفلها اها.
كان غاضبًا بعنف، حتى لم يكترث لصورته امام المارة وبعض السكان التي توقفت امام المشهد، حتى أصبحت هي تتشبث به وتترجاه بحرج:
– يوسف خلاص الراجل مش جصده، حن عليك فضها.
شعر بلمستها على ذراعه وكأنه مس كهربائي، اطاح بتركيزه مع الرجل، ليرخي قبضته عنه، محاولا السيطرة على ارتباكه، بعدما تعلقت كفيها بساعده، بغفلة منها؛
– انا هسيبك بس عشان خاطرها، لكن غلطة تاني معاها المرة الجاية هتشوف اللي يحصلك،
– ولا نص غلطة حتى، ولو عايزني كمان اضربلها تعظيم سلام عادي يا بيه.
قالها الرجل بمزيد من الاعتذار، ليرد هو بإعلانه امام كل الحاضرين، وقد لف ذراعه حول كتفيها بحمائية:
– دي مراتي ، مرات يوسف الغمراوي، يعني تعظيم سلام قليل عليها كمان.
– وه مرتك؟
عقب بها الحارس بذهول ليتبعه البقية بتقديم التهنئة والمباركات للعروسين، فيجيب عليهم هو بفخر متحديًا نظرات الأندهاش الواضحة لها، عكسها هي التي كان الخجل يقتلها مع ضمه لها امامهم، وهذا القرب، رأسها تبعدها بصعوبة عن صدره، رائحة عطره تغمرها وكأنه يحتضنها، باضطراب كان يجعلها بصعوبة تخرج صوتها في الرد لهم
بعد قليل
دلفت خلفه لداخل المنزل، تلفها حالة من التشتت، بعد ما حدث، لتبادره الحديث فور ان أغلق الباب:
– مكنتش حابة احطك في موقف زي ده؟
ضيق عينيه امامها يطالب بتفسير، فتابعت شارحة:
– جصدي ع اللي حصل وانك تنجبر تجولهم عن صفتي، دا الراجل افتكرني طالعة اخدم عند حد من العمارة.
قالت الأخيرة بحزن غلف نبرتها ، ليعقب هو بحنق:
– عشان حمار، عبد المتجلي دا اساسًا غبي ومبيفهمش، ثم تعالي هنا، مين قالك ان انتي قليلة عشان تتأثري؟ دا انت اشيك من أي واحدة شوفتها رايحة جامعتها، ان كان على مستوى الصعيد كله ولا حتى هنا كمان.
ردت بما يشبه التشكيك:
– هنا كمان! مش لدرجادي يعني؟
عاد مؤكدًا لها:
– لا لدرجادي واكتر كمان، ودا سر اعجابي بيكي، انتي مش بس شيك، دا انتي موزة جامدة كمان.
اضطربت لغزله الصريح، لتضطر انهاء الجدال معه، وابتعلت ممتنة له بخجل حتى تهرب من امامه:
– ع العموم انا لازم اتشكرك على وجوفك معايا، رغم اني مش عارف هجدر اوفي جمايلك دي كيف؟
جذبها من ذراعها يوقفها قبل ان تذهب من امامه:
– جمايل ايه اللي عايزة توفيها؟ متخلنيش ازعل منك يا ورد
اثر بها هذه الجدية في العتاب منه ، لتومئ بطاعة دون صوت، فتابع مشددًا دون ان يتركها:
– انا من النهاردة هسعى على نقل ورقك من الصعيد للجامعة هنا، وان كان ع لبسك، ف احنا مش مضطرين ننزل الصعيد نجيبهم، من بكرة دولابك هيبقى مليان بكل اللي تحتاجيه
شرعت بنظرة انبأته عما تفكر به، كادت بها ان ترد، ولكنه كان الأسبق في دحض اعتراضها بحزم:
– الكلام ده خلصان ومفيهوش نقاش يا ورد
❈-❈-❈
وفي مكان آخر ،
داخل غرفة صغيرة تشبه المخزن، ممتلئة بالعديد من ادوات الصيد، وعدد من الاثاث القديم
كان الحديث الدائر عبر الهاتف بين الاثنين:
– شوفلك صرفة يا صدجي وابعتهم…….. يعني ايه؟ مش جادر تبعت عن طريق اي وسيلة، امال فالح بس تنفش ريشك جدامنا عن المسؤلين اللي مصحابهم، ولا علاقتك مع الكبارات……….. متزعجش يا صدجي عشان انا على أخري منك ومن الوضع نفسه……… خلاص يبجى تخلق لي فرصة تبعتهم فيها، انت نفذت واحنا اللي لبسنا، يعني معندناش حاجة نبكي ولا نخاف عليها………. والله براحتك اعتبره زي ما تعتبره، احنا على اخرنا وعايزين نخلص………. ماشي يا كبير نصبر كمان شوية وانا نشوف ايه أخرتها،
– الراجل بيلعب بينا .
علق بها عيسى فور انهاء الاخر المكالمة واغلاق الهاتف،، ليتابع بعيظ:
– بس احنا مش لازم نسكت يا سند، لازم يلبس زي ما احنا لابسين.
سمع الاخير منه، ليزفر بغيظ يرد:
– اه بجى، ولما يلبس يا ناصح مين هيطلعنا منها ؟ مين اللي هيجبضنا، نفسي تبطل اندفاعك يا عيسى .
قالها وتحرك خطوتين ليجلس على اريكة خشبية ، عفى عليها الزمن من قدمها، يتابع لها بنصح وتحذير:
– اهدى واركز ، دا احنا ما بين حدين، اما نطلع لسابع سما، او ننزل لسابع ارض، يا نطول الفلوس ونهرب نعيش ملوك، يا نطب من الشرطة ونروح في كلبوش ، ميغركش الشويتين اللي عملتهم معاه دلوك، انا بس بشد عليه عشان مريخيش معانا، دا راجل مش سهل، واديك شوفت بنفسك، عرف ازاي يظبط الموضوع مع الحكومة ودلوك بايت في بيته، مش زينا هربانين…..
لازم نهاوده يا حبيبي
عبس عيسى وتجهمت ملامحه ليردف بحنق:
– معاك يا سند ، بس يكون في علمك انا اللي مصبرني بس موضوع الفلوس،، انما ان كان عليا، اخلص عليه من عشية ولا يهمني قضية ولا زفت، حتتين الاثار اللي طلعنا بيهم ، هما الحاجة الوحيدة اللي مرطبة على جلبي..
❈-❈-❈
اما عن الأخر
بداخل محل الأجهزة الكهربائية الخاص به، يباشر حركة الشراء والعمال به، من داخل غرفة مكتبه في الأعلى ، ينظر من الواجهة الزجاجية، يمارس حياته الطبيعية، بحنكة اكتسبها عبر سنوات عمله بهذا المجال، مهمها واجه لا يتأثر، حتى لا يثير الشبهة به، حتى وهو متلبس بالفعل يجد الطريقة لأبعاده عنه.
انتبه لعودة احد الرجال من صفوته المقربة، يصعد الدرج حتى أتى ليطرق باب الغرفة.
جلس هو على كرسيه خلف مكتبه، يستجيب له:
– ادخل يا حسان.
دلف المذكور يلقي التحية الاعتيادية، وقبل ان يجلس جيدا، بادره القول باقتضاب:
– هات اللي عندك.
سمع منه الرجل ليجيبه على الفور:
– زي ما بلغتك جبل سابق، بسيوني لساتوا في الغيببوبة، باينهم يأسو منه، كلهم رجعوا ما عدا اخته لسا بتزوره يوماتي، شكله ما منوش جومة وع العموم لو حصل وجام احنا برضوا مفتحين
بتفكير جلي، صار صدقي يهتز بكرسيه يمينًا ويسارًا، ليغمغم وكانه يحدث نفسه:
– يعني الباشا غازي رجع…….. حلو جوي، كدة بجى اللعب هيبجى ع المكشوف.
❈-❈-❈
لم تصدق عينيها في البداية حينما رأت طيف جسده الهزيل داخل فناء المنزل من شرفة طابقها الداخلية ، حتى ظنته في البداية لصًا او متطفل من اهل المنطقة أتى ليبحث عما بحث عنه العديد من ضعاف العقول بعد الحادث رغم علمهم ان كل شيء ذهب للحكومة، بعد سرقة ما خف وزنه وثقل ثمنه من قبل المجرمان عيسى وسند ومن شاركهم فيما حدث.
ليأتي الاَن هو برفقة والدته المكلومة على حفيديها وزوجها والاَن ابنها بفقده للجميع، ما أصعب ما يعانياه الاثنان الآن:
كان جالسًا على طرف الحفرة الكبيرة، ينظر داخلها وفقط، ف اقتربت هي بعدما القت التحية نحو سكينة الجالسة بالقرب منه في أحد الاركان، واضعة كفها على وجنتها ببؤس:
– اخيرا طلعت يا فايز؟ عامل ايه النهاردة؟
انتظرت قليلًا حتى خرج صوته بما يشبه الغمغمة:
– زين وعايش، ولساتها رجلي بتدب عليها.
عقبت على قوله؛
– المهم انها بتدب ع الأرض، يعني لساك واجف على حيلك ودي اكبر نعمة من عند الخالق،
ارتفعت رأسه هذه المرة ليتطلع اليها موجهًا كلماته لترى ملامحه المجعدة وكأنه كبر من السنوات ٢٠ عاما فوق عمره:
– ايه اللي عرفهم طريق الكنز يا سليمة؟ وابويا نفسه دفن على بوابة السرداب من اول ما ظهرت جدامنا واحنا عيال وجال انه دفن على بوابة الفتنة……… دا انا نفسي نسيت، مين اللي خبر عيال عليه وهوايدة عشان يغدروا بعيالي؟
– الله اعلم باللي غدر بولدي، محدش متأكد ان كان هما ولا غيرهم.
– ما هو ولدي انا كمان يا سليمة، ولا انت فاكره كسرتي دلوك على واحد بس؟
غامت عينيه ليتابع بصوت مبحوح:
– انا بس اللي غبي وفهمي تجيل ، كان لازم اخد التلت ضربات عشان افوج، كان لازم اتكسر عشان ينكسر كبري وظلمي ليكي يا بت عمي،
ردت بكبرياء:
– الكلام ده فات اوانه، خلينا دلوك في الوجت الحالي، ربنا بصبر جلبك ويطبطب عليك بلطفه.
– بس انا استاهل يا سكينة، استاهل عشان طول عمري مغيب عجلي في الشرب والعند من غير سبب بغشم، معمي ع اللي بيحصل حواليا، حتى وانا شايف الواد مجلوب عليا، عينه اللي بطج شرار كل ما يبصلي ولا تيجي عيني في عينه، كان متمرد ومحدد طريقه، اتغر بعجله الصغير، وافتكر ان هيعمل اللي انا معملتوش، وكان النتيجة انه يروح فيها
انا اللي مكنتش سائل ولا كان بيهمني، أهملت اسأله ماله، زي ما أهملت في حق الاول، انا باخد جزاتي يا سليمة، انا استاهل يا سليمة.
لأول مرة منذ سنوات لا حصر لها يرق قلبها اليه، لقد تبدل اخيرا وعرف طريق الحق، لقد استفاق من غيبوبته، ولكن بعد فوات الأوان
❈-❈-❈
– البيبي تمام وآخر حلاوة.
– يعني نطمن يا دكتورة؟
سألتها نادية والتي كانت حاضرة معها في هذا الوقت في زيارة لتطمئن عليها مع زوجها.
وكان رد الطبيبة بابتسامة ودودة وهي تلملم ادواتها داخل حقيبة العمل بعد فحصها للمريضة:
– طبعا تطمن ان شاء الله، بس مش اوي يعني، ما هي الحركة والسفر حسب كلامكم، هما سبب التعب اللي حاصل لها، يعني المطلوب دلوقتي هو الراحة، المرة دي جات سليمة، المرة جاية ممكن يحصل نزيف ولا اعراض احنا في غنا عنها حاليا، عايزين نكمل الشهور اللي جاية على خير ، ولا ايه يا ست روح .
اومأت لها الأخيرة بطاعة:
– طبعا يا دكتورة، ربنا يستر في اللي جاي .
– ان شاء الله بس احنا نحرص.
– اكيد بإذن الله يا دكتورة.
هتفت بها نادية لتلفت نظر الطبيبة اليها:
– وانتي كمان يا قمورة خلي بالك ، ولا انتي ناسية انك في البداية زيها، مش عايزة توصية انتي كمان، الواحدة منكم تعرف مصلحتها من نفسها، ولا ايه ؟
قالتها الطبيبة بطرافة، قبل ان تستأذن وتغادر بصحبة عارف بعد ان طمأنته على زوجته، لينفردا بحديثهما معًا، فسألتها بفضول:
– مش ناوية بجى يا ست نادية تعلني عن خبر حملك؟ خلي الكل يفرح بالخبر، وغازي يعمل فرح وليلة كبيرة…..
– ايوة….. هو دا اللي انا خايفة منه.
تمتمت بها تقاطعها، لتردف بتخوف:
– يا ست روح افهمي بجى، انا ما حد ضيع عيالي مني في اول مرة غير اللهفة وتكبير الشوم اللي زي ده، اللي اتلسع من الشربة يخاف من الزبادي، وانا اللي اتلسعت في عيلين نزلوا جبل اوانهم، ومجدرتش حتى اخدهم في حضني، ولو ع الفرح والليالي ، كله في وجته ياجي ان شاء الله، بس الصبر، لازم يعني الجلجزة.
ضحكت روح على تعبيرها الاخير، لتعلق لها بمرح:
– والله انتي طلعتي ما ساهلة، ع العموم يا ستي برضوا حقك، المهم بجى خلينا في علاقتك مع الكبير، انا شايفاه مجلوب النهاردة وهو بيوصلك وبيتكلم معاكي ع الناشف او عادي ع الأصح ، ايه اللي حصل بجى؟ دا مش طبع غازي الملهوف على بصة منك ابدا.
زمت شفتيها ببؤس تجيبها:
– ما انا ملاحظة، وعارفة ان انا السبب في جلبته دي، هو الراجل اساسًا تعبان وزعلان، وانا بغشمي زودت عليه.
قطبت روح تطالعها بتمعن، وقد لفت نظرها اللهجة الجديدة منها في ذكر شقيقها والتحدث عنه، تلتمس تغيرا ملحوظًا جعلها تخاطبها بانتباه:
– طب ما تحكيلي يا ست نادية، زعلتي كبيرنا في ايه يا بت؟
في استجابة سريعة منها ، وكأنها كانت في انتظار الفرصة للبوح عما بداخلها، امام من تستطيع فهم ما تمر به، ردت:
– هحكيلك يا روح، عشان انتي الوحيدة اللي ممكن تفهميني
❈-❈-❈
في المجمع التجاري الكبير
أتت هذه المرة تصحب عزيزة، لتجلس معها في نفس المحل الذي أصبحت ترتاده في الفترة الأخيرة، في رغبة منها لرؤيته، وبنفس الوقت اظهار عدم الاهتمام بالضحك والتسامر مع الأخرى، حتى حينما اكتشفت حضوره أصبحت تزيد بمرحها دون ان تلتفت اليه وكأنه لا يعنيها، ولا تعلم انها كلما زادت تنكشف امامه أكثر بغفلتها،
– عشان تعرفي بس يا عزيزة، اني معنديش اغلى منك، جايباكي في احلى مكان فيكي يا محافظة
ردت الأخيرة بسذاجة ليست غريبة عنها:
– وانا كمان معنديش اعز منك وانتي عارفة زين، ربنا ما يحرمني منك يا فتنة، الاماكن الحلوة دي في حياتي ما شوفتها ولا اعرفها.
تبسمت هازئة وعينيها ذهبت نحو هذا الذي يرتشف من قهوته ، يدعي انشغاله بشيء ما في الهاتف:
– ليه يا ناصحة، معملهاش عزب معاكي ابدا بجى؟ يعني لا فسحك على خطوبة ولا جواز ولا شهر عسل حتى؟
عبست عزيزة تردد خلفها بحنق:
– فسحني على طين! هو دا يعرف اساسا يفسح ولا يزفت، والنبي ما تفكريني بيه، دا انا ما صدجت اخد نفسي معاكي النهاردة، جطيعة ، هي الرجالة بياجي من وراها اي فرح .
– والله وصدجتي
قالتها فتنة بمغزى تقصده، وابصاره لم تنزاح بعد عنه، بظن منها، انه لا يراها ، ولا تعلم بأنه كالردار، يسجل كل فعل منها ، في انتظار تحين الفرصة، وقد ثبت له انها وقعت،
ليرفع رأسه نحوها فجأة يظبطها متلبسة بالجرم في التطلع اليه، حتى ارتبكت لتبتعد ببصرها عنه إلى عزيزة، ترتشف من العصير وتتحدث في أي شيء، ولكنه ظل على وضعه حتى لفت انتباه عزيزة لتعقب بضجر:
– يا مراري، الراجل دا ماله بيبصلنا كدة بعينه البجحة، دا مش رافع عينه عنينا ، ايه جلة الحيا دي،
زاد اضطراب فتنة لتنهاها:
– واحنا مالنا بيه؟ خلينا في حالنا.
– واحنا مالنا كيف؟ دا كانه جاصد؟ والنعمة ابلغ مدير المطعم عنيه؟
– ولا تبلغي ولا تتيلي جومي .
هتفت بها لتنهض وتأمرها هي ايضا بالمغادرة، لتنسحب من امامه، وقد استطاع بالفعل اثارة التوتر بها، مع ضعف الفهم عند الأخرى، لتغمغم داخلها بكل الشتائم والسباب ، لهذا الوضع الغير مفهوم، وكانت المفاجأة حينما صدح هاتفها برسالة مفاجئة، قبل ان تدلف للمصعد ، فتحت لتفاجأ بكلمة مقتضبة منه، ولكنها كانت كفيلة بقلب كيانها رأسًا على عقب:
– (وحشتيني )
❈-❈-❈
عودة للقاهرة
وبداخل شقة يوسف والذي كان يحلق ذقنه امام المراَة في المرحاض ، حينما تفاجأ بدفع الباب فجأة، وظهورها امامه، حيث بدا انها كانت على وشك الدخول حينما اصطدمت عيناها به ، لتشهق بجزع ثم ترتد مسرعة، مما جعله يخرج خلفها :
– بتجري ليه يا ورد انا خارج اصلا، ورد.
توقفت على ندائه دون ان تلتف اليه ، فتابع سائلا بعدم فهم:
– مالك وقفتي ليه؟ ما انا بقولك ارجعي تعالي ادخلي الحمام ، انا داخل اغير وخارج أساسا
ظلت على وضعها معطيه ظهرها ليتابع بعفويته:
– ورد…. هو انتي اتسمرتي مكانك زي التمثال؟ ما تبصي عليا تكلميني عايزة اعرف منك الاوراق المطلوبة لنقلك.
الى هنا ولم تعد قادرة على الصمت لتهدر به متزمرة:
– ابصلك ازاي ولا اروح فين من اصله؟ مش تستر نفسك الاول جبل ما تكلمني، اوووف.
قالتها ثم تابعت طريقها بسرعة لتغلق عليها باب غرفتها، لينتبه هو اخيرا لهيئته، حيث كان مرتديًا لفانلة داخلية بيضاء ملتصقة بصدره العضلي على بنطال قطني مريح،، بوضع اعتاد عليه داخل منزله، حتى غفل عن وضعها معه،
رد فعلها اثار بداخله التسلية ، حتى لاحت ابتسامة مشاغبة على فمه وابصاره ارتكزت على باب غرفتها المغلق، ليعلق بمرح:
– يا دي الكسوف، دي عضلاتي بانت قدامها، يا ترى خدت بالها منها ولا محتاجة اعادة مشهد؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية نسائم الروح (ميراث الندم 2))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى