روايات

رواية قلوب منهكة الفصل الثامن عشر 18 بقلم جهاد وجيه

موقع كتابك في سطور

رواية قلوب منهكة الفصل الثامن عشر 18 بقلم جهاد وجيه

رواية قلوب منهكة الجزء الثامن عشر

رواية قلوب منهكة البارت الثامن عشر

قلوب منهكة
قلوب منهكة

رواية قلوب منهكة الحلقة الثامنة عشر

لفصل الثامن عشر
تعددت مفاهيم الحب حسب وجهة قلب كلًا منا، جميعنا نظنه مجرد شعورٍ يراودنا لينشط هرمون الأدرينالين بأجسادنا ليجعلنا متحمسين لنظرة عاشقة من أحدهم !
ولكن للحب تعاويذ خاصة بنا، وصفه المحبون، المؤرخون والفلاسفه، ولكن لم ينتبهوا أن وصفه ومعناه يُقترن بأوجاعه وآلالامه !!
مرت عشرة دقائق لعينة أخرى حتى فُتح باب الغرفة وظهرت الطبيبة وهتفت بعملية شديدة: اطمنوا مفيش حاجه تخوف، الآنسة نورسين حصل ليها ضعف عام بسبب أنها عندها فقر دم شديد وواضح بقالها مدة مأكلتش، هي حاليًا فايقة وبخير، بالنسبة للآنسه رزان فحصل ليها صدمه عصبية شديدة واضح أنها كانا خايفه جداا وعشان كدا فقدت الوعي والدم اللي كان على ملابسها مكنش ليها لأنه فصيلة تانيه، هي واخده مهدئ دلوقت، الف سلامه عليهم
كادت الطبيبة أن تذهب حتى أوقفها ماجد مجددًا وهتف بتساؤل: حضرتك رزان مدام مش آنسه
الطبيبة بتوضيح: لا يا فندم هي آنسه أنا كشفت عليها بنفسي لأنها كانت جايه وملابسه من الجزء السفلي عليها دم
ماجد بتشتت: حضرتك متأكده ؟!
الطبيبة بتفهم: ايوا حضرتك شاكك في حاجه!!؟
ماجد باستفهام: حضرتك بتشتغلي هنا من أمتى ؟
الطبيبة بعملية شديدة: من تلت سنين، بعد إذنك عندي مرضى
أومأ بصمت وتحرك ببطء ليتهاوى جسده على أقرب مقعد طالته قدماه، انحني بجزعه ليدفن وجهه بين كفاه، الكثير من الأحداث تعصف بذهنه تجعله مشوش للغاية، بداية من رؤيتها تبكي وذهابهم للبيت الذي اُغتصبت به ثم مواجهته ليونس وتأكيده أنه بالفعل نال منها!! وانتهى به المطاف هنا !! يسترجع كلمات الطبيبة المريبة!!
_ ماجد قوم عشان جرحك نزف كتير وزمانه اتلوث
كان هذا صوت مهند القلق، ابتسم بسخرية عندما تذكر ما حدث معهم بعد ذهاب يونس وتركه لهم وسط رجاله، فمهند فاجأه بقوته العضلية وذكاؤه الشديد بمواجهة خصمه!!
ماجد بشك : أنت قولتلي أنك أنتَ اللي وديت رزان المستشفى صح
أومأ له بشرود وتحرك الآخر مبتعدًا بخطوات غير متزنه حتى اختفى خلف غرفة ماا !
*******************************************
_ الكلب دا يجيلي مذلول، عاوزه يندم على اللحظه اللي فكر يقف قصاد يونس مهراااان
صاح يونس بغضب وحده وسط ألمه! فرغم ما أصابه وما سيصيبه لم تقل قوته ولم يهدأ غضبه للآن! فرغم قوة رزان أمامه إلا أنها لم تصيبه جيدًا لتنهي حياته فقط كانت طعناتها سطحية أصابت ظهره بعدة جروح غائرة، ابتسم بسخرية عندما تذكر نظرة الكره والبغض الذي لمسها بعينيها، ها هو ممددًا بلا حراك لمدة حددها طبيبه والتي لن ينفذها !!
ماكس بهدوء تجنبًا لغضبه: جاك أهدأ، جرحك لم يشفى بعد، سيحدث كل ما تريده ولكن أهدأ
يونس بقسوة وغضب: أريده تحت قدماي يتوسلني لكي أخلصه من بين براثيني، أريد رؤيته يبكي دمًا وندمًا
ماكس على نفسه هدوؤه: حسنًا حسنًا ولكن ليس الآن فيجب العودة لطوكيو لدينا الكثير من الصفقات والكثير من النزاعات بين الرؤساء ويظنون بذهابك أن الزعامة اُفرغت لهم
جاك ببسمة مخيفه: أنت محق ليس الآن، أجمع لي جميعهم، أقسم لك سأسير على دماؤهم وهم أحياء
شحب وجه ماكس فور رؤية وجه صديقه يتلوى غضبًا وحقدًا، يعرفه جيدًا وهو متأكد أن الأيام القادمة لن تمر بهدوء أبدا بل ستمر بالكثير من الدماء، هو لا يكترث للنزاعات القائمة من خلفه ولكن ما يشغله ويؤرق نومه هذه الفتاة التي يرغب بسلخ جسدها حية وتقطيعها وإلقائها لأسماك القرش تتغذى على جسدها العاهر !!!
*******************************************
تململت بنومتها، رأت انعكاس شعاع الشمس يزهر من خلف شرفتها الجديدة فابتسمت بحنان ونهضت بحماس لتبدأ حياتها الجديدة!!، ضربت ذكريات ليلة أمس عقلها، يالسخرية القدر هي لم تتمنى أن يحدث ذلك مُطلقًا، لم ترغب أن تُهان أنوثتها بمثل هذه الطريقة المُشينة ولكن هل ستصمت حواء عن إذلال آدم لها !؟
تحركت متجهة للمطبخ، ألقت نظرة خاطفة على الطعام الذي لم تمسه أيديهم أمس، بدقائق سريعة أعدت فطورًا بسيطًا فلن تتحمل معدتها تناول هذا الطعام الدسم صباحًا، بعد نصف ساعة قد انتهت من إعداد الفطور ووضعته بحرص على المنضدة الخشبية التي تتوسط المطبخ، ألقت نظرة خاطفة على باب غرفتهم فهي منذ خروجها أمس لم يصل لآذنها أي أصوات منها مما يعني أنه مازال بالداخل!! كادت أن تذهب للطرق عليه حتى رأت باب الغرفة يُفتح بهدوء ويظهر هو من خلاله، لما يجب أن يكون بكل هذه الوسامة وخاصة عندما يستيقظ!؟
سامي بهدوء: ممكن نتكلم شوي ؟
أومأت بصمت وسارت خلفه حتى وصلا لأريكة سوداء تأخذ موضعها بمنتصف الردهه، زفرت بصوتٍ مسموع لرؤيته يجلس ويربت بكفه على بقعة جواره كإشارة لها بالجلوس جانبه!
سامي ببسمة هادئة وصافية: تعالي يا سلمى
انصاعت لكلامته وجلست على مسافة بسيطة منه ولكنها رأته يقترب حتى أصبح لا يفصل أجسادهم سوى بعض السنتيمترات القليلة!
سامي بخفوت وتوتر : أنا اسف على اللي حصل امبارح، أنا اخدت قراري من أول ما شوفتك وعهدت نفسي إني هنسى أي شيء كان قبلك، حكيتلك كل حاجه عشان حسيتك مش لأني كنت عاوز احكي وبس، عارف إني غلط وغلط جامد في حقك بس صدقيني أنا مقدرتش أنام طول الليل، أنتِ جميلة أووي يا سلمى، جميلة بطريقة القلب ميعرفش ميحبهاش، أول ما شوفتك حسيت بحاجه أجبرتني أتشرب من ملامحك، سلمى إدي لحياتنا فرصة
صمت بضع لحظات يستجمع كلماته ثم همس بإحراج وثقه : صدقيني أنا محتاجك جدًااا، أنا أتربيت يتيم، أمي ماتت وأنا عندي ١١ سنه، بابا عمره ما حسيني بنقص والدتي بس كان جوايا شعور زي أي طفل نفسه أمه تحضنه، صدقيني أنا أول مره شوفتك فيها لقيتني ببتسم بعد مدة طويلة الضحك مكنش ليه طريق عندي، سلمى أنا عاوزك معايا لآخر لحظه في عمري، يمكن تستغربي إني صارحتك بكل دا بس أنا معرفش بيحصلي إيه لما بشوف عينيكي مبعرفش أخبي
قطع كلماته عندما وصل له شهقة عنيفة صدرت عنها، جحظت عيناه عندما رآها تبكي بصمت وهي منكسة رأسها، غصة مريرة صعدت لحلقه جعلته عاجز عن إخراج حروفه، أقترب منها أكثر وسحبها بين ذراعيه، ضمها لصدره بقوة تنافي طبعه الهادئ وشخصيته الودوده، شدد من ضمه لها عندما شعر بدموعها تبلل التيشيرت الخاص به، رفع أناملها بين كفه مقربًا إياها من فمه، لثم باطن كفها بحنان بقبلة رقيقة عصفت بكيانها، شبك أصابع يده بين أصابعها بلحظة تمنى كلاهما توقف الوقت عندها حتى لا ينتهي قربهم وتعود قلوبهم لصراعها الدائم
يونس مربتًا على ظهرها بحنانه المعتاد: هنعدي كل حاجه مع بعض، هننسى ونفرح سوا، هنفضل سوا
****************************************
انعكست أشعة الشمس على عينيها لا بل على غاباتها الزيتونية الغائمة، شعرت بآلالامٍ شديدة بسائر جسدها، لاحت أحداث ليلة أمس بعقلها فنهضت بعنفٍ وسرعة غير منتبهة للأسلاك الحادة المتصلة بذراعها مما جعلها تُنتزع إجبارًا بسبب سرعتها ومن ثم سارت الدماء من يديها موضع إبرة الدواء، حاولت الإتزان بحركتها ولكن قدماها لم تحملانها فسقطت بعنفٍ على أرضية الغرفة مُحدثة صوت ارتطام قاسي تبعه صرختها المتألمة النابعة من قلبها النازف، بكت بقوة وعلت شهقاتها عندما فُتح بابها بقوة وطل منه يتكأ بصعوبة على قدمه المصابة، رأت لهفته مرسومة بوضوح على محياه، خطى إليها بهلع حتى جلس أمامها مباشرة، رفع وجهها بأنامله حتى يتثني له رؤيتها بوضوح، شعر بألمٍ قارص يعصب بقلبه حينما رأى دموعها الغزيرة
مهند بهمس وقلق: نورسين أهدي، إيه وقعك كدا
ابتسمت بحنان وسط دموعها، رأت تشنج عضلاته المتألمة بسبب جلسته الخاطئة حتى يصبح بمستواها ولكنه تجاهل ألمه وما يقلقه هو ألمها!؟
نورسين ببكاء وحديث متقطع: إيه … إييه حصل.. رزان فييين… هو عمل فيها حاجه… وأنت
مد أنامله ليمحو دموعها بحنان، هل عندما تبكي عينيها تتفاعل دموعها مع لون قزحيتيها لتعطي هذا اللون الأكثر من رائع!؟ هز رأسه نافضًا جميع تلك الأفكار وهتف برقة وحنان : الحمد لله محلصش حاجه، رزان في الأوضه اللي جنبك وواخده مهدأ بس، وأنا كويس دا جرح بسيط بس
كذب نعم فقدمه جرحها غائر بطريقة تؤلمه ولكن ليس الوقت المناسب لذلك فمعشوقته تحتاجه ولن يتوانى عنها !
دارت عينيه عليها، رغم شحوب ملامحها وضعفها البادي إلى أنها لازالت جميلة بعينيه، كم مرة سيهمس لنفسه بحبه الخالص لها!؟ متى سيتوقف قلبه عن حبها من جديد بكل مرة تقع عيناه عليها!؟ اختفت بسمته عندما رأي خطٍ من الدماء يسيل من ذراعها في طريقه المستقيم !!
مهند برعب : إيه الدم دا، قومي أنادي للدكتور
هزت رأسها ببسمة خفيفة وهتفت بإطمئنان : متقلقش دا مجرد مكان الكانيولا لما شلتها من دراعي
نفى برأسه وهو يجبرها على النهوض والإستناد عليه وصولًا لفراشها، رغم ألمه الشديد تمكن من إسنادها ومساعدتها الصعود للفراش ليطمئن أكثر عليها وجلس بتعب على المقعد المجاور لها
نورسين بصوتٍ مُجهد : هو يونس حصله إيه
تبدلت ملامحه الهادئة والصافية لأخرى قاسية ومرهبة فور نطقها لاسم هذا الرجل، انقعد حاجبيه دلالة على غضبه ونفوره الشديد ولكن ليس وقت الغضب الآن، اهدا فهي ليست بخير، حاول تهدئة نفسه وهتف باقتصاب: منعرفش، سبناه هناك مرمي
نورسين بحنان مسلطة نظرها على أسفل ركبته موضع جرحه: بتوجعك
ابتسم بحب وهتف : صدقيني طول ما أنتِ قدتمي مش حاسس بوجعها
أدارت وجهها عنه بخجلٍ وتوتر ولكن لم تقدر على التحكم بدقات خافقها المتمرد عليها، شعرت بحرارة تدب بكامل جسدها وصولًا لوجنتيها
مهند برقة ومكر: هو اللي بيتعبوا بيحلوا كدا
هتفت بخجل : اللي بيحبونا بس اللي هيشفونا في تعبنا حلوين
أبعد خصلاتها الثائرة عن جبهتها ومسح عليها بحب: اللي بيحبونا هيفضلوا طول عمرهم يشفونا حلوين ومش هيقدروا يشوفوا غيرنا حلو
هتفت نورسين بحماس: بس ممكن ينسونا !؟
هز رأسه نافيًا وأجاب: اللي بيحب مش بينسى، وخصوصًا لو حس إن الطرف التاني بيبادله المشاعر دي، حتى لو أتجرح من اللي بيحبه هيتعايش مع فكرة أنه ناسيه بس هو بقلبه وكل جوارحه معاه ومش ناسيه
هتفت نورسين بتساؤل : إزاي أعرف إني بحب؟
أراح ظهره على المقعد من خلفه وهتف ببسمة خفيفه: مفيش علامه محدده، بتلاقي نفسك مبسوطه، عاوزه تفضلي تضحكي علطول بدون قيود، بتحسي بقلبك بيضحك، مجرد ما تسمعي صوت اللي بتحبيه هتلاقي روحك بترقص من فرحتها، مجرد لمسك لكف إيديه هتلاقي براحه غريبة تتمني لو مش تنتهي، هتحسي بوقتها مهما فضلتي تكابري، يكفي إن عيونك هتلمع وأنتِ معاه!
*******************************************
صوت أمواج المياه هو ما أفاقه من ليلته الباردة وحالة قلبه المتجمد، أتي لهنا ليرمى بزمام الأمور للبحر لعله يهدأ من ثورته الداخلية ويريح فؤاده النابض، عقلها يدور بحلقاتٍ متشابكة تنتهي جميعها عند نقطة واحدة وهي رزان !
يُقال أن من يأتي للبحر ليسترسل همومه يترك نسخة منها كرسالة تعويضية للبحر عما أفاضه به ولكن هل البحر والمياه بهذا الأتساع لتتحمل كل تلك الآلام البشرية! فتضارب الأمواج يشبه قلوبنا فهي ثائرة مع الرياح والأمطار والمد والجذر كما نحن ثائرين مع الغضب والإضطراب والقسوة والتحدي، أما صموده فيشبه روحنا عند الصمت والتحمل فهو ليس إلا هدوء ما قبل العاصفة!
قاد سيارته بشرودٍ تام حتى وصل للمستشفى، سار مباشرة نحو غرفتها، ترددت أصابعه قبل أن تقبض على مقبض الباب ولكن استجمع قوته وخطي للداخل، رآها عاجزة، شاحبة، ضعيفة، متألمة، جثة هامدة، زوجته وحبيبته ممددة لا حياة بها، أهذا الذي يشعر به هو انتزاع روحه من داخله!
أهذا التهشم هو صوت انكسار قلبه لرؤيتها هكذا!
تحرك نحوها ليجلس بإهمال على الأرضية الباردة ويده السليمة ممسكة بكفها الخالي من الوصلات الطبية، دمعة خائنة سقطت من عينيه
هتف بهمس: قومي يا زان، قومي يا حبيبتي، تعرفي إني حبيتك من أول ما شوفتك…. مش من أول نظرة ولا كدا …. أمي كانت ديما تبص في عيوني وتقولي يبني ….. العيون بتحكي الطرق للقلوب… عيونك كانت بتهرب مني… كنت بقصد أضايقك عشان تتكلمي معايا … أنا حبيتك بسرعة لأني أول مره أحب… مكنش في حياتي غير أمي وأختي
خرجت آخر حروفه ضعيفة متحشرجة، صوته يحمل كل معاني الآم والضعف، ذهبت أول إمرأة بحياته منذ عامين والآن من عشقها لاترغب بالعودة له، بكي كالطفل الضائع الباحث عن والدته، رغبة ملحة بالبكاء جعلته يبكي بعنف وشهقاته تعلو مع كلماته النابعة من صميم روحه المشتاقة لها
ماجد بحب وصوتٍ متقطع: بحس بحرية قلبي معاكي، أنا محبتكيش… أنا توهت فيكي… حاولت أبعد عشان …. عشااان متوجعش لما متحبنيش بس … بس مقدرتش … قلبي كان بيلومني كل ليلة … كان .. كان بيبكي عليكي… كنت بجيلك .. بعد نومك وأفضل لقبل ما تصحي وامشي…. أنا مش عاوز حاجه من الدنيا دي …. مش عاوز غيرك …. أنا حاسس بوجع فظيع في قلبي …. لالا … أنا مش حاسس … لالا حاسس بروحي بتصرخ من وجعها… متسبنيش أنتِ كمان…. بلاش تسيبني… أنا بعشقك… مقدرش أعيش من غيرك والله
انهار جسده للخلف مستندًا على الكومود من خلفه، وضع يديه بعنف على فمه يمنع شهقاته المؤلمة من الخروج ولكن دموعه أبت التوقف وتزامنت بالهطول لتخدأ نيران قلبه المشتعلة، النيران المُقادة بقلبه ليست حمراء لا بل زرقاء بشدة دلالة على ألمه الناشب وجرحه النازف، أهذا ما جناه من الحب! أحقًا لا ترغب بالعودة له!! أستذهب كوالدته بلا رجعة وتتركه يبكي ليلًا على فراقها !
*********************************************
ابتعدت عنه ببطء لاعنة قلبها الضعيف، ماذا كانت ستفعل !؟ يخبرها بمعاناته لنسيان أخرى وتصمد هيا وتبتسم بوجهه!؟ ولكن هذه حربها الأولى معه ولن تكف عن الدفاع حتى إن اضطرت للهجوم !
سلمى بخفوت وحرج: أسفه
حاول المزاح لتقليل حرجها فهتف: لا عادي ولا يهمك بس أبقى اعملي حسابك في مناديل بعد كدا … التيشيرت باظ يا اختي
ابتسمت بحرج وهتفت: اسفه بس
قاطعه ساحبًا يديها خلفه هاتفًا: مش وقت بس ومبسش، أنا جعان
ضحكت بخفوت على طريقته المرحة معها وتحركت مشيرة له للمنضدة المملؤة بأشهى الأطعمة الصباحية اللذيذة هاتفة بثقه: اتفضل يا بشمهندس
تطلع لبسمتها الصادقة وأعتلى ثغره بسمة مريحة وهتف : ومرات البشمهندس مش هتتفضل!؟
كم أرضتها تلك الكلمات غرورها الأنوثي ولو بجزء بسيط مما جعلها تضحك بمرح جالسة بالمقعد المقابل له: أكيد ولا هتعب في الأكل وأنت تفطر على الجاهز وأنا لا
سامي بحنان وهدوء: وأنا مكنتش هعرف أفطر من غيرك
اكتسى وجهها بحمرة قانية حاولت أخفائها بصب اهتمامها بطبقها ولكنه لم يتركها فهتف بخبث: أنتِ توهتي وحطيتي شطه في البيض ولا إيه
نفت برأسها بتعجب فضحك هو بصخب وأشار لوجنتيها المشتعلتان خجلًا وهتف: اومال إيه الأحمر اللي في خدودك دا ولا كأنك طمطمايه
جحدته بنظرة مغتاظة سرعان ما تحولت لأخرى حانية وهي تراقبه يلتهم الطعام بنهم شديد وكأنه لم يتذوق الطعام لأشهر
*******************************************
غلف الصمت الغرفة من حولهم إلا من النظرات المختلسة التي يُلقيها كلًا منهم على الآخر ولكن بعد مدة طويلة من الهدوء هتفت نورسين بتساؤل: مهند أنتو ازاي هربتوا من كل الرجاله اللي يونس كان جايبها دول كانوا كتييير لما صحيت وشوفتهم
ابتسم بسمة مخيفة لم تصل لعيناه وهتف : أنا كنت مشروع ظابط بس فشلت يا نور
تعجبت من كلماته المبهمة وهتفت: قصدك إيه
مهند بتوضيح: أنا كنت مقدم شرطة واجتازت كل الاختبارات وكنت خلاص هتقبل لولا والدتي الله يرحمها خافت عليا ورفضت بشكل قاطع إن اكمل فيها ووقتها حولت ورقي لهندسه بس واصلت تدريبات مكثفة سواء في البيت أو النادي ورجالة يونس كانت جسم بس وماجد واضح أنه كان متوقع حركة زي دي وكان معاه مسدس احنياطي غير بتاعه ودا ساعدنا
نورسين بحماس: يعني ضربتوهم كلهم؟!
ضحك بهدوء على حماسها الطفولي وأجاب: ايوا كلهم كلهم
نوسين بتعجب : اومال إيه الجرح اللي في رجلك دا
مهند بتوضيح: دي رصاصة طايشه من الكلب اللي اسمه يونس عشان يضعفنا بس مش أكتر
ساد الصمت مجددًا وكلًا منهم سابحًا بأفكاره الخاصة حتى قاطع الصمت صوت منهد القوي : نور تتجوزيني!؟
*******************************************
بعد لحظات ضعفه اسنتد بوهن على الكومود من خلفه وانتصب واقفًا، انحنى بجزعه العلوي على فراشها، حقًا تشبه الجنية اللطيفة وهي نائمة رغم مرضها، اقترب بشدة من وجهها وطبع قبلة خفيفة فوق شفتيها، لم يقدر على الابتعاد وتعمق بقبلته أكثر حتى يثبت للجزء النافر من قلبه أنها ستعود من أجله، ابتعد بصعوبة عن شفتيها بشوقٍ وطبع قبلة حانية على جبهتها بث بها كامل أشواقه لها وخوفه من فقدانها !
تحرك مبتعدًا عنها ولم تنزل عيناه عن جسدها الممدد، ألقى نظرة أخيرة عليها قبل خروجه، بعد خروجه توجه مباشرة لمكتب الطبيبة المسؤلة عن حالة زوجته، طرق عدة طرقات وأتته الإجابة بالسماح له الدخول، جلس بثبات على المقعد المقابل لها وهتف بصوته القوي: عاوز أعرف حالتها بالظبط
هتفت الطبيبة بهدوء: الآنسه كان عندها حالة هلع لما وصلت وواضح أنها مش أول مره ليها، واضح كمان أنها عندها فوبيا من الدم ودا نتج عنه فقدانها للوعي، النزيف اللي اتعرضت ليها دا بسبب إن عندها سيولة في الدم ونزفت بشكل كبير ودا بسبب الضعط النفسي والعصبي، وجسمها ضعيف وبعد التحاليل اللي عملناها ليها واضح إنها مش أول مره يحصل ليها نزيف لأن بطانة الرحم ضعيفة
هتف ماجد بتحفز: حضرتك قولتي إنك بتشتغلي هنا بقالك تلت سنين
أكدت الطبيبة حديثه: ايوا
ماجد بثبات وكل خليه بداخله متحفزة لخوض معركة دامية: حضرتك تقدري تعرفي ليا من تقارير المستشفى عن دخول حالة اغتصاب وادت لعقم من سنتين !؟
الطبيبة بنفي: صعب جدًا لأن في حالات كتييره بتيجي المستشفى عندنا بنفس الوصف دا والتقارير والملفات مش تخصصي، أسفه مش هقدر أساعد حضرتك
أومأ بصمت وتحرك مبتعدًا للخارج ولكن قبل خروجه رمقها بنظرة بثت الرعب بأواصلها وجعلتها عاجزة عن بلع رمقها !
بعد خروجه شعر بأحدًا يتتبعه، قبل وصوله لباب سيارته كانت قبضة قوية تقبض على معصمه، التف بهدوء ليعلم هوية الممسك به، وجد شابًا بنهاية عقده الثالث ومن معطفه الأبيض أتضح أنه طبيب ! فك الشاب يديه من على ماجد وهتف بتوتر : حضرتك زوج رزان شهاب الدين !؟
ماجد بتأكيد: ايوا وأنت مين حضرتك
رفع الشاب كفه لمصافحة ماجد وقام بالتعريف عن نفسه : أنا الدكتور معتز عبدالرحمن
ماجد بنبرة جليدية: اهلًا، حضرتك محتاج حاجه!؟
باضطراب شديد تحدث معتز: ممكن ندخل العربية وبعدين نتكلم لأنه موضوع مهم ويخص رزان هانم
أومأ له بصمت كعادته وصعدا كلاهما ومرت عدة دقائق لم يتحدث بها أيًا منهم ولكن بدأ معتز حديثه بهدوء وتوتر : من سنتين الساعه ٣ الفجر جات لينا حالة واضح جدًا أنها اغتصاب…. كان في كدمات كتيره في جسمها.. ولبسها كل متقطع… وطبًا كانت فاقده للوعي… وكان في جرح غائر برقبتها واضح أنه مقصود… الحاله داخله بنزيف شديد … كنت وقتها لسه متخرج وعندي معلومات جديدة زي ما بيقولوا …. دخلت الحاله وكان جايبها أخوها وولضح أنه كان بيموت بالبطيء… كشفت عليها واتصدمت لما لقيتها لسه بكر !!
صمت قليلًا ليرى ملامح ماجد ولكن لم يتبين له أي شيء فالقابع أمامه وجهه فارغ، ملامحه فارغة وباردة كجليد القطبين، واصل شرحه بثبات وقوة عجيبة: البنت كانت لسه بكر واتضح إن النزيف كان بسبب ضغط عصبي ونفسي شديد وواضح أنها اتعرضت لصدمه ساعدت في كدا… والمريضه كان عندها سيوله في الدم شديدة خلتها تنزف الضعف… الغريب إن جسمها كان مليان كدمات ورضوخ وكسور سواء في الحوض أن الكتف… بالإضافه لجرح رقبتها اللي دخلت عمليات تاني مخصوص عشان نقدر نسيطر عليه لأنه كان بأداه حاده وملوثه كانت ممكن تموتها لو متلحقتش وسببت ليها تلوث في الدم… عملت ليها تحاليل شاملة واتصدمت لما لقيت في دمها مادة بتمنع نشاط هرمونات مخصصه للحمل فقط زي الأستروجين والبروجسترون والبرولاكتين وهرمونات تانية كتيره… البنت فضلت في غيبوبة إسبوعين متواصلين وأنا سايبها تحت الملاحظه وبعمل كل يوم اختبارات وتحاليل عشان اعرف مدى تفاعل المادة دي لأن من الواضح أنها كانت مستوردة بالاضافه انها كمان كان في مادة الكلوميد ودي بتتاخد في فترة معينة عند المرأة المتزوجة عشان تنشط المبيض للحمل ولكن لو استخدمت بكمية كبيرة بتعمل ضعف في بطانة الرحم وفعلا سببت ضعف شديد في بطانة الرحم عندها… الواضح من كل دا إن اللي حصل مكنش انتقام ولا اغتصاب ولا أي شيء لأنه كان واضح أنه عاوز يثبت شيء معين وفي نفس الوقت يدمر البنت، أنا مصرحتش بالمعلومات دي وقتها لأي حد وواضح أن أهلها كانوا واثقين انها اتعرضت للاغتصاب فعشان كدا سكت فترة لحد ما اطمن على صحتها وإمكانية حملها بعد كدا، انا بس عرفتهم أنها صعب جداا تحمل ودي فعلا كانت حقيقة… للاسف سافرت لظروف خاصة ورجعت بعدها بست شهور…. حاولت أوصل ليها بكل طريقة ممكنه لحد امبارح ما شوفتك وأنت داخل بيها …. رزان هانم صعب تحمل في الوقت الراهن بس كل شيء ممكن بإرادة ربنا

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب منهكة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى