رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر) الفصل الثاني 2 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر) الجزء الثاني
رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر) البارت الثاني
رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر) الحلقة الثانية
﷽
السهم الثاني
#سهم_الهوى_مرأةالجاسر
#سعادمحمدسلامه
🏹🏹🏹
بين تلك المروج الخضراء المُحيطة بذلك القصر إمتطت أحد الخيول كعادتها حين تشعر بالآرق أو الهروب من التفكير،لكن هيهات،فكآن ذكريات المكان تجعل قلبها سقيم
أوقفت الحصان وترجلت من عليه جلست على إحد جذوع الشجر الجافة، خلعت قُفازيها بعدما شعرت بتعرُق يديها، دقائق ثم عادت تمتطي الفرس.. لكن فجأة رفع الفرس قدميه الأماميتين بمباغته وكادت أن تقع من على ظهره، لكن قبل أن يحدث ذلك أمسكت اللجام لعدم إنتباهها ورعونة الحصان الذي مازال يصهل بقوة وإندفع بالسير، كاد ينسلت طرف اللجام من قبضة يدها بعدما شق جرح صغير بيدها اليُسري، لكن سُرعان ما تشبثت بطرف اللجام وجذبته بقوتها فإستجاب الفرس لها وتمكنت منه، حتى عاد يسير على أقدامه الأربع، وهي مازالت تتمسك باللجام الى أن هدأ جموحه،بمجرد ذلك سُرعان ما ترجلت من عليه وقفت على الأرض جواره تشعر بألم يدها نظرت الى ذلك النزيف بيدها، تذكرت جرحً قديم مُشابهه لكن لم يكُن هي المُصابة بل كان بمِعصم جاسر كان جرحُ عميق وقتها، هي من ضمدت له الجرح بوشاح خاص بها، ويديها ترتعش بل كانت تشعر بأن ذلك الألم يسكن جسدها هي…تنهدت تشعر بآلم لكن ليس بيدها،لا تعلم أين موضع الآلم تحديدًا فى جسدها.
على مسافة قريبة كان يقف جاسر ولاحظ حركة إندفاع الفرس، كاد أن يقترب منها بعدما شعر برجفة قلب وهلع كاد أن ينطق إسمها بتحذير،ويقول لها كيف تتعامل معه بحرص، لكن سُرعان ما تبسم وهو يرا تمكُنها من السيطرة عليه مره أخرى كذالك ترجُلها من عليه وقوفها ونظرها ليدها، هنالك شعور بقلبه يؤكد أن يدها تأذت من ذلك، إتخذ القرار وبدأ يسير نحو مكان وقوفها الى أن توقف بعدما لاحظ إقتراب ذلك الكهل الذي يعرفه حقًا كان شخص لطيفً معه لكن يشعر بالغِيرة حين يراه يحتضن تاج،بالنهاية ليس والدها ولا عمها أو خالها مجرد صديق قديم لوالدها،حتى إن كان قريب فى العمر من والدها،ألم تتزوج سابقًا من ذلك البغيض “قاسم البنداري” وكان يقترب من عُمر والدها
زفر نفسه بغضب وتسرع بعد أن كان يتوجه نحوها،غادر المكان بخطوات متوعدًا لنفسه بـ الا يضعف، يذم حنين قلبه الدائم لها.
بينما حاولت تاج ترك التفكير بـ جاسر،وتبسمت لـ خليل وهي يضمها بأبوه قائلًا بلهفه:
إيدك مالها بتنزف.
نظرت ليدها وضعت وشاحً على الجرح قائله:
جرح صغير،بسبب لجام الفرس.
تنهد متألمً ثم جذبها للسير معه قائلًا:
خلينا ندخل القصر وجنات تداوي لك الجرح.
إبتسمت ووافقته وسارت معه نحو القصر،لكن إلتفت خليل أكثر من مره خلفه فلقد رأي جاسر،هو يعرفه جيدًا،لوهله إنشرح قلبه حين رأي إقترابه نحو تاج لكن خيب رجاؤه حين رأه يعود مُغادرًا،تنهد بآسف.
بعد لحظات كانت تدخل الى القصر برفقة خليل الذي إستقبله فِراس قائلًا:
خُوليو كنت لسه هتصل عليك.
إبتسم خليل لكن سُرعان ما شعر بخفقان فى قلبه حين سمع تلك التى، نهت فِراس تحثه على الإحترام:
إيه خُوليو دي خليك مؤدب وقول يا عمو، أو أونكل.
نظر خليل له بمشاعر خاصة وهتف بمرح:
فِراس صديقي وأنا بحب إسم خُوليو يا جنات .
إبتسمت جنات مُرحبه:
براحتك، إنت اللى بتخليه ياخد عليك وميعملش حساب لفرق السن بينكم اللى لازم يحترمه.
إبتسم خليل وهو يحتوي فايا التى أقبلت عليه تحتضنه قائله:
عمو خليل عندنا، وأنا أقول ليه حاسه بسعادة كده، عشان عمو خليل هنا.
إبتسم قائلًا:
حبيبتي الشقية.
-حبيبتي الشقية
غص قلب تاج من هاتان الكلمتان كانت تسمعهن من والدها،والدها الذي رحل وترك على عاتقها مسؤولية، ربما كانت غير مُستعدة لها، لكن إجبارًا تحملت، وأمضت بطريقها تستكمل ما كان يُخطط له من إنجازات.
ضحكت حين سمعت قول جنات لـ خليل:
الفطور جاهز يلا يا شباب بيقولوا كُتر السلام يقل المعرفة.
نظرت فايا نحو والدتها قائله:
مامي بقت بتقول أمثال شعبية، لا إحنا كده قربنا أوي نبقي…
-صيع
قالها الثلاثي”تاج،فايا،فراس” بنفس اللحظه.
ضحكوا جميعًا حين سمعوا رد جنات:
من عاشر القوم، هعمل إيه بتعلم منكم… بلاش رغي كتير، يلا عالسفره.
ضم خليل كل من فايا وتاج الى أن دخل بهن الى غرفة الطعام، جلسوا يتحدثون بمرح الى أن إنتهي فِراس من طعامه قائلًا:
شبعت عندى حسابات لازم أراجعها يادوب الحق وقت عشان دي حسابات لازم ندفعها فى أسرع وقت.
أومأت له تاج قائله:
عاوزاك تاخد بالك وتراجع كويس أنا معنديش ثقة لا فى آسر ولا الحربؤة ميسون، ومتأكده إنهم بيتلاعبوا فى الحسابات.
وافقها فِراس قائلًا:
لاء إطمني واعي لهم، كمان فى موضوع كنت هقولك عليه، أنا كنت عملت إعلان لتعيين محاسبين جُداد، وبصراحه إتقدم مجموعة هايله والله لو بإيدي كنت شغلتهم كلهم ما عدا واحدة بس، بس إحنا مختاجين إتنين بس للآسف وفاضلت بين اللى إتقدموا وأختارت أفضل إتنين، بس أنا هاخد كمان واحدة محتاج لها.
تسائل خليل:
ودي محتاج لها فى إيه بقى؟.
لمعت عين فِراس بشعور لا يعلمه هو فقط مُغتاظ من تلك الحمقاء الذي تفاجئ أنها أبعد ما تكون عن القبول بالعمل بالشركة لكن يود
يود ماذا
لا يعرف هو فقط يريد إستفزازها والتمكن من
من ماذا
لا يعرف هو فقط يريد العبث قليلًا، هكذا جاوب عقله… فقال:
محتاج مساعدة خاصة معايا وإختارتها من أفضل اللى إتقدموا.
هكذا كذب فهي أسوأهم.
أومأت تاج قائله:
تمام مش هيضر بس مش عاوزه تقصير،الفترة الجاية محتاجة شغل جامد،لأن بعد ما هنختار الشركة اللى هتستلم إنشاء المدينة الجديدة هيبقى فى علينا إلتزامات محتاجة التركيز،المشروع ده لو تم زي ما أنا مخططة له هيبقى ناقلة كبيرة لينا فى سوق العقارات.
أومأ لها وغادر،بينما بعد قليل نهضت فايا قائله:
عندي شُغل لازم أتابعه.
إبتسموا لها،لحظات ونهضت جنات للرد على هاتفها،تبقى خليل مع تاج،وضع يده على يدها قائلًا:
إيه اللى مضايقك أوي كده.
تنهدت وهي تنظر ليده قائله:
المزرعة،الغبي آسر كنت طلبت أشتري منه نصيبه فى المزرعة وللآسف الحربؤة ميسون وسوست له،وباعها لمشتري تاني.
تنهد خليل بآسف:
آسر معندوش شخصية،ميسون مسيطرة عليه،وده يزعلك ليه،سهل تعرضي على الشخص اللى إشترى المزرعه وتشتريها منه.
نهضت من خلف المقعد وتنهدت بحِيره:
مش عارفه الشخص ده لو عرضت عليه هيوافق أو لاء،يمكن لو شخص تانى كان إشتراها كان ممكن بسهولة أشتريها منه لكن…
قاطعها خليل الذي نهض هو الآخر خلفها قائلًا:
ليه مين الشخص ده؟.
نظرت الى ذلك الضماد حول يدها قائله:
“الجاسر محمد الهواري”.
إندهش خليل قائلًا بتكرار:
جاسر.
أومأت برأسها بموافقة،ثم أكملت:
عرفت إن جاسر رجع مصر من يومين تقريبًا،وإمبارح إتفاجئت إنه إشتري نص المزرعة…مش عارفه إيه هدفه من كده،وإحساسي ببقولى إنه مش هيوافق يبيع بسهولة.
تآسف خليل وكاد يتفوه بخطأ أنه رأي جاسر قبل قليل هنا بالمزرعة، لكن لا يود زيادة آلم تاج، وضع يده على كتفها بمؤازرة رغم غصة قلبة:
إنتِ عارفه مكانتك إنتِ وإخواتك عندي، إنتِ أخت بنتِ فى الرضاعة يعني بنتِ،أنا ممكن أتواصل مع جاسر وأعرض عليه يبيعها.
نظرت تاج له تشعر بحيِرة:
مش عارفه جاسر عارف قيمة مكانة حضرتك عندي،ومش فاهمه أساسًا ليه جاسر إشتري نصيب آسر،ومعني كده إنه كان متواصل معته وأنا الغبيه اللى إتأخرت كان لازم أعرض على آسر مبلغ أكبر،هو طماع هو والحربؤة ميسون،للآسف…
صمتت تاج بينما حرضها خليل!
للآسف ليه،اللى كنتِ هتعرضيه على آسر نعرضه على جاسر.
تنهدت بآسف:
مش عارفه حاسه لو أنا اللى إتواصلت مع جاسر ممكن يعند،أكيد هو منسيش الماضي،وحاسه إن السبب الرئيسى إنه إشتري نص المزرعة لهدف فى دماغه.
تبسم قائلًا:
بسيطة هتواصل أنا معاه، ونشوف يمكن يكون شاريها إستثمار.
تنهدت ببسمة:
جاسر أكتر واحد عارف قيمة المزرعة دي كويس، وأعتقد مش هدفه الإستثمار، بس مش هنخسر حاجه إتواصل معاه، يمكن يوافق يبيع وأطلع انا غلطانه.
إنقطع حديثهما حين دخلت عليهما جنات تبتسم قائله:
واضح إن مجيك النهاردة للمزرعة مكنش صدفة.
إبتسم وهو ينظر لها بنظرة خاصة ممزوجة بمشاعر مُتمكنة من قلبه يخشي البوح بها فيخسر حتى صداقتها، بالنهايه هي أرملة صديقه، بينما لاحظت تاج تلك النظرات، لكن تكذب لو تقبلت به مكان والدها ، كذالك تشعر بآسي على مشاعره هي أكثر من عانت، فهي ذاقت آلم نفس السهم ومازالت تُعاني من ندباته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بـ ڤيلا آسر
انهت ميسون إتصالها الهام ثم نظرت لـ آسر بفرحة غامرة قائله:
الأرض اللى قولتلك عليها بقت بتاعتنا خلاص، السمسار اللى كان مسؤول عنها جاب موافقة صاحب الأرض عن البيع وقال ممكن نسجلها فى أي وقت، أنا طلبت من المحامي تجهيز العقود.
رغم عدم إقتناعه لكن تبسم لها قائلًا:
مش كنا إستنينا شوية ندرس المنطقه هناك.
نظرت له بسخط قائله:
ندرس إيه المنطقه هناك كلها كام شهر وهتشوف سعر السهم فيها معدي جامد، والا إنت عاجبك نفضل تحت مزاج الزفتة تاج اللى مفكره نفسها نابغه وأذكي الأذكياء، خلينا ناخد فرصتنا ومتأكدة خلال سنه بالكتير هيبقى عندنا شركة خاصة بينا ومنافسة كمان لأكبر شركات العقارات.
إبتلع إعتراضه وهي تقترب منه بدلال تعبث بأناملها فوق أزرار قميصه قائله بمباغته:
أنا ليع بحس إنك عاوز تفضل تابع لـ تاج يمكن فى الفترة اللى كنت متجوزها فيها كانت بتحاول تخدعك وتقربك منها، هي زي الحلزون بتلف على كل واحد شوية فى الأول عمك اللى كان فى عمر باباها وإتجوزته ومفرقش معاها السن طبعًا طالما هيعوضها، وبعدها إنت أكيد حاولت تغريك.
بداخله تهكم ليت تاج فعلت ذلك وأغرته، هو بالفعل إعترف لها أنه مُعجبً به، لكن كان ردها أنها لا تُفكر سوا بالعمل وبالفعل بمجرد نهاية العام تم الإنفصال فورًا حسب رغبتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنطقة متوسطة يقطنها ذوي الطبقة المتوسطة، شقة متوسطة
وضعت تلك الأم بعض الأطباق والأكواب ونادت بحنان:
صهيب يلا الفطور جاهز.
سريعًا ذهب نحو تلك الطاولة وجلس يتناول الطعام،إبتسمت بحنان قائله:
بالراحه وإنت بتاكل محدش هياخد الأكل من قدامك.
إبتسم وهو يبتلع الطعام قائلًا:
مستعجل يا ماما.
إبتسمت له بحنان قائله:
مستعجل على إيه؟.
أجابها:
عالمكتب الهندسي، إدعيلي يا ماما فى مناقصه قدامي وشروطها مناسبة ليا، يارب أفوز بها، لو فوزت بها المكتب الهندسي يتنقل ناقله تانيه خالص.
دعت له قائله:
ربنا معاك ويحقق مقاصدك،بس قوليلى إمتي هتفكر فى الجواز عاوزه أطمن عليك زي ما إطمنت على بقية أخواتك.
لا يعلم لما فى تلك اللحظة تذكر تلك الفتاة الذي قابلها بالملهي، وإبتسم لها قائلًا:
مش بفكر فى الجواز دلوقتي، عندي هدف تاني، المكتب ينجح ويبقى له إسم محترم وسط المكاتب الهندسية.
تبسمت له بحنان:
والجواز هيقل من نجاحك بالعكس يمكن يكون حافز ودافع لك.
نهض وهو يُقبل رأسها قائلًا:
إدعيلي بس يا ماما يوفقني فى المناقصه اللى قدامي وقتها اوعدك أفكر فى الجواز وهسيب لك مهمة إختيار عروسه على ذوقك.
تنهدت بقلة حيلة قائله:
وأختارها لك انا ليه هي هتتجوزني أنا، وبلاش تتأخر بالليل زى عوايدك.
إبتسم لها قائلًا:
حسب الظروف، يلا بالسلامة يا ماما.
تنهدت بمودة قائله:
ربنا يرزقك ويتوب عليك من السهر لأنصاص الليالي بره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بشقة والد ليان
ضجرت كعادتها وهي تدلف الى غرفة ليان كالعادة نائمة، تفوهت بصوت عالى:
بلوه وربنا بلاني بيكِ… مشوفتش حد يقضي طول حياته نوم زي الغبية دي،قومي يا غبية،عاملة زي الدبه تاكل وتنام.
وكزت ليان بقوة، فتحت عينيها بنعاس قائله:
فى إيه يا ماما عالصبح.
نظرت لها بغضب قائلة:
قومي كفايه نوم.
تفوهت بزهق سائلة:
فى إيه ياماما عالصبح بتصحيني ليه.
أجابتها بنزق:
بصحي البرينسيس عشان أقولها الخدامه اللى باباكِ جبهالك حضرت لجنابك الفطور.
تنهدت بنعاس:
مش جعانه يا ماما تسلم ايدك.
تنهدت بضجر قائله:
طبعًا ما إنتِ بتصحي الفجر تاكلى وتنامي، قومي، أنا حاسه بصداع، قومي شوفى طلبات أخواتك إيه.
تثائبت ليان قائله:
طالما فطروا مش هيحتاجوا حاجه، هينزلوا النادي لأصحابهم، سبيني أنام بقى.
زفرت بضيق وجذبت الوسادة تضعها فوق نفسها قائله:
إتخمدي، إنتِ هتجيبلى الضغط ببرودك.
ردت ليان:
أعملك آيه عشان ترتاحي وتسيبني أنام بهدوء… مش روحت الاختبار زي ما طلبتي وإعملى حسابك بلاش طموح زايد مش هيقبلوني لو شوفتي البنات والشباب اللى كانوا معايا دول هيئه ومعاهم كورسات ده غير تقدير الجامعه.
نظرت لها بضيق وقذفتها بالوسادة قائله:
طول عمري حظي خايب..إتخمدي،ربنا يصبرني.
غادرت والدتها بينما تثائبت ليان وهي تتذكر لقائها مع ذلك الأحمق الذي تعمد الإستقلال من شآنها حين سألها:
إنتِ لا هيئه ولا تقدير جامعي ولا حتى معاكِ إجتياز كورسات تدريبيه جايه هنا ليه،أكيد غلطي فى الاسانسير.
لم ترد عليه فهي لم تهتم على يقين أنها لن تقبل بتلك الوظيفة…تثائبت وعادت للنوم تجذب معشوقتها الأولى…الوسادة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليلًا
بمنزل والدة جاسر
كان يقف خلف شباك غرفته يُراقب حركة تلك النجوم التى تتحرك بالسماء، نجوم إشتاق لبريقها وحركتها وأمنيات كان يتمناها وهو ينظر الى القمر الأحدب هذه الليلة، نسمة صيفيه رطبه هبت، خففت من وطئة حرارة الطقس، بخضم ذلك صدح رنين هاتفه،ترك النظر لذلك وذهب الى مكان هاتفه ونظر له سُرعان ما إستغرب ذلك الإتصال الذي ربما توقعه من تاج.
على الجانب الآخر بالمزرعة
كانت تجلس مُمدده ساقيها فوق فراشها، تضع وسادة فوقهم وفوقها حاسوبها الخاص…عن غير قصد خبطت يدها المُصابة بقوة بتلك الطاوله المجاورة للفراش بعدما جذبت هاتفها من عليها،وضعت الهاتف جوار الحاسوب،ونفخت فوق الضماد لحظات حتى هدأ الألم،فتحت حاسوبها،صدفة أو قدر ظهر أمامها إعلان لأحد العطور العالمية الشهيرة،لم يلفت نظرها ذلك بل،الذي لفت نظرها هو ذلك الشاب الذي يقوم بالأعلان
همس قلبها بإسمه:
جاسر.
كان هو العارض الخاص بالأعلان،يسير بالصحراء وهواء يُحرك أطراف قميصه المفتوح يظهر صدره عاريًا،أخري تتوجه نحوه وهو بلا إهتمام،وهي تهيم به وبعطره…
شعور بالغِيرة شعرت به حين رأت تلك العارضة تقترب منه ويمسك يدها ونظرات من يراها يظن أنهما مُغرمان لا عارضان لإعلان…لوهله تخيلت لو كانت هي مكان تلك العارضه .. كانت إحتضنته، سُرعان ما لامت ذلك وقالت:
فوفي يا تاج خلاص موال المشاعر ده قفلنا عليه، فكري إنتِ” تاج فريد مدين “سيدة الأعمال، هيام الماضي إنتهي
فكري بس فى مصلحتك.
بينما جذب جاسر هاتفه وتبسم ربما على يقين بسبب ذلك الإتصال، قام بالرد بهدوء وهو يسمع الآخر:
مساء الخير يا جاسر
أنا” خليل فياض”
كنت صديق شخصي لوالد تاج،وإتقابلنا قبل كده.
أجابه جاسر:
أيوه فاكر حضرتك،سبق وإتعاملنا مع بعض،خير.
إبتسم خليل قائلًا!
كويس إنك لسه فاكرني،ده هيسهل عليا أدخل فى الموضوع مباشرةً.
أجابها جاسر:
أنا بحب الطُرق المباشرة.
تنهد خليل قائلًا:
لو تحب نتقابل مباشرةً نتكلم فى الموضوع اللة عندي.
أجابه جاسر:
أكيد طبعًا يشرفني نتقابل،بس أحب أخد فكرة أو موجز عن الموضوع اللى عاوزني فيه.
ربما لديه تخمين عن ذلك الموضوع صدق
تخمينه حين أخبره:
بخصوص مزرعة آل مدين،فى مُشتري هيدفع المبلغ اللى تطلبه.
بسؤال يعلم إجابته:
أقدر أعرف مين المُشتري ده.
أجابه خليل:
المُشتري”تاج فريد مدين “.
ربما يسمع خليل صوت ضربات قلب جاسر من مجرد ذكر إسمها، سيطر على تلك الضربات قائلًا:
وحضرتك الوسيط بيني وبين…
توقف للحظة فبماذا سينعتها قبل إسمها سابقًا لم يكُن بينهم ألقاب، رغم ذلك لم يستطع وضع لقب قبل إسمها واستطرد حديثه:
هستني تاج بكره الساعه حداشر الصبح فى مكتبي،هبعتلك العنوان فى رسالة.
لمعت عين خليل ببسمة ظفر قائلًا:
تمام هبلغها.
تنهد جاسر قائلًا:
تمام.
أنهي خليل حديثه مع جاسر وأغلق الهاتف، ألقى جاسر الهاتف فوق الفراش وعاد يسير نحو ذلك الشباك،تبدلت النسمة الباردة بأخري حارة تضرب جسده،زفر نفسه يشعر بحرارة زائدة فى جسده،إتخذ القرار وذهب نحو حمام الغرفه خلع ثيابه ونزل أسفل صنبور المياة رغم أن المياة باردة لكن مازالت حرارة جسده لم تهدأ،ظل لوقت أسفل المياة ثم خرج يلف خصره بمنشفه،مازال فكره مشغولًا،بحديث خليل معه،ورغبة تاج في شراء نصف المزرعة الذي إشتراه،تهكم بداخله هل تظن أنه إشتراه ليبيعه مره أخري،شرد بعقله هو إنتظر كثيرًا وجازف بالرهان على حياته ذات مره
ليس ليعود ذلك السائس،بل مالك نصف تلك المزرعة التى شهدت أفراحه وأطراحه،جلس على الفراش،حتى سمع رنين هاتفه الذي أخرجه من ثوران عقله،جذب الهاتف وتبسم وقام بالرد على ذلك الذي تحدث بمرح:
إعلان البرفان نزل،وعليه نسبة مُشاهدة عاليه جدًا،شوفت الكومنتات كمان بيسألوا عن موديل الإعلان،لاء وكومنتات غزل فيك ولا كآن الموزة الموديل كانت معاه رغم إنها عارضة ازياء مشهورة،بس التركيز كله عـ
“الفتى الأسمر”.
تبدل عبوسه الى بسمه قائلًا:
آخر إعلان قررت الإعتزال خلاص مليت من الشغلانه المُمله دي،هركز بقي على شغلي الدايم.
تبسم الآخر قائلًا:
أنا دلوقتي حالًا لسه جايلي عرض إعلان سيارات ماركة شهيرة، إيه رأيك.
أجابه:
قولتلك مليت من الشغلانه دي، كفاية كده، هركز عالأسهم اللى إشترتها من” شركة تاج” وكمان المزرعة إنت عارف هوايتي الأولى هي الفروسية هرجع لها من تاني…هي سبب حظي فى المال.
أجابه الآخر:
تمام هعلق العميل مش هرفض هسيبك يمكن تفكر كمان أهو فرصه نضعط يمكن نزود قيمة الإعلان بالإسترليني.
تنهد بنهي:
مالوش لازمه قولت خلاص المرحلة دي إنتهت وأنا ببدأ مرحلة جديدة لـ “جاسر الهواري”
رجُل الأعمال.
أغلق الهاتف وضعه جانبه وتمدد على الفراش يحاول إستقطاب النوم،لكن لا فائدة
سُرعان ما قامت بالرد على هاتفها وتسرعت بالسؤال:
جاسر وافق على بيع نصيبه فى المزرعة.
أجابها خليل:
أنا عرضت عليه وهو سألني عن صاحب العرص وقولت له تاج…
قاطعته بتسرع وآسف:
وأكيد رفض،مكنش لازم تقوله إن أنا المشتري.
تبسم خليل قائلًا:
بالعكس هو مرفضش كمان مقبلش.
إستغربت تاج بعدم فهم:
مش فاهمه.
ضحك خليل قائلًا:
هو حدد ميعاد ليكِ معاه بكره فى مكتبه،وبعتلى عنوانه فى رساله هحولها لك،والميعاد الساعه حداشر الصبح.
إستغربت تاج ذلك وسألته:
وإنت بتكلمه مقدرتش تستشف إن كان ممكن يوافق يبيع بسهولة ولا لاء.
حدس خليل على يقين أن جاسر لا ينوي بيع نصف المزرعه،لكن ربما لو إلتقي وجهًا لوجه مع تاج،قد يكون له تأثير عليه،أو عليهما،تنهد قائلًا:
لاء مقدرتش إستشف منه حاجه،ومش هتخسري حاجه،روحي قابليه وإعرضي عليه،وشوفي قراره.
توترت تاج قائله:
تمام متشكره يا عمو، تعبتك.
إبتسم بأمل قائلًا:
تصبحِ على خير.
أغلقت الهاتف ووضعته جوارها، عادت تعمل على حاسوبها، لكن لم تستطيع التركيز، فِكرها شارد بلقاء الغد.
ليلة إنتهت وهما الإثتين ساهدان النوم، كل منهم يُفكر بلقاء الآخر بعد تلك السنوات.
ـــــــــــــــــــــــ
صباحً
وقفت أمام المرأة تنظر الى ثوبها الأسود الأنيق القصير الذى يصل الى ما مقدمة ساقيها،رغم الضيق بعض الشئ، ذو فتحة جانبيه تصل الى بداية ركبتها، كذالك بأكمام شفافه نظرت الى ظهرها كان الثوب يغطي الظهر بالكامل،كذالك من الامام كان مُحتشمًا بالنسبة لها…
تشعر بتوتر وإرتباك كذالك ترقُب لنتيجة لقائها به.
بينما جاسر هو الآخر تأنق ببنطال أسود من الچينز فوقه قميص رمادي ومعطف بذه مُضاهي له،تذكر زجاجة ذلك العطر القديمة…ذهب نحو إحد ضُلف الدولاب،فتحها وجذب تلك القنينة،قام بالنثر من محتواها على ثيابه، تذكر أن تلك الزجاجة كانت هدية من تاج له، رأي ذلك الوشاح الحريري ذو اللون الأخضر الامع، جذبه وقربه من أنفه يستنشق كآن مازالت رائحتها تسكن به، تنهد وهو ينظر الى طرف الوشاح كان مُطرز بإسمها، ذلك الوشاح مازال يحمل أثر دماؤه يوم أصيب بالخطأ ونزف كم كانت رقيقة وقتها سالت دموعها عليه، لكن ماذا تبدل حبيبتي لماذا إنقشع الضياء وسرنا بالعتمة بعيدًا عن بعض، لماذا خذلتيني، لماذا لم تأتي وتركتيني أنتظر وحدي…
أعاد وضع الوشاح جوار قنينة العِطر، وأغلق الدولاب، ونظر نظرة أخيرة على هندامه ثم غادر بمشاعر متضاربة، بين الخذلان وبداية إستراد مروض الخيول مكانته الحقيقية.
*****
بعد وقت
بالسيارة كانت تشعر بالتوتر لأول مرة،رغم خبرتها بتلك اللقاءات وبراعتها فى المفاوضات لكن مع جاسر لا شئ معلوم،حاولت السيطرة على ذلك التوتر قدر إستطاعتها حين توقفت بسيارتها أمام ذلك العنوان،ترجلت من سيارتها
تعبئ صدرها بالهواء،تُسيطر على تلك المشاعر الضعيفة،إستقامت بصدرها وسارت بكبرياء
بينما جاسر يقف خلف ذاك الحائط الزجاجي لمكتبه لمعت عيناه بظفر حين رأي تلك التى تترجل من سيارتها تسير بخيلاء كعادتها مُهرته الصغيرة كبرت ومازالت تمتلك وهج خاص بها، شموخ كبرياء،غرور بربريه،سابقًا كان هو من يستمتع ببربريتها بل هو من أنشأ تلك البربرية لكن لام نفسه هل مازال عشقها يسري بقلبك، أفق لقد خذلتك لمرتين لا تنخدع بمكرها…
تنهد وذهب يجلس خلف مكتبه، يترقب اللقاء معها مباشرةً بعد أربع سنوات.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سهم الهوى (امرأة الجاسر))
رواية جميلة جدا دايما مبدعة استاذة سعاد محمد سلامة