رواية قلوب منهكة الفصل الثالث عشر 13 بقلم جهاد وجيه
رواية قلوب منهكة الجزء الثالث عشر
رواية قلوب منهكة البارت الثالث عشر
رواية قلوب منهكة الحلقة الثالثة عشر
# الثالث_عشر
ورقة ضائعة، تتقاذفها تيارات الهواء العاتية
طفلة ضالة لطريقها، تتأكلها أجساد الوحوش الضامره
في منزل شهاب الدين:
بقت على صدمتها، هذا الغريب من وجهة نظرها، يطالبها للزواج، هل جُنَ!
ماجد بغموض: لازم تتجوزيني يا رزان
أيقظ مخالب قطتها الناعسة لتنقض عليه بموجة غضبٍ حقًا أشتاق لها..
رزان بغضب: أنت مجنون؟ جاي تقولي تتجوزيني وبعدين تقولي لازم تتجوزيني، لا فعلًا أنت مجنون
كادت أن تجن، تنتفض من شدة غضبها وهذا اللوح البارد، يضع يديه بجيب بنطاله ويقف ببرود رافعًا حاجبيه بتعجب منها!!!
ماجد ببرود: أنا مش جاي أخد رأيك ولا أسألك أنا بعرفك يا حلوة
اشتدت أناملها غضبًا على خصلاتها لدرجة كادت تقتلعها من جذورها، يأمرها؟! ألا يكفيها أنه أصبح ظلها بأمرٍ من أخيها! ألا يكفيه أنه أرهقها ليومين بتمارينٍ قاسية لجسدها! ألا يكفيها تحكمه وصوته الذي يخيفها عندما يغضب! ماذا يريد أيضًا ؟!
رزان بغضب شديد: أنتَ مبتفهمش، لو آخر واحد في الدنيا عمري ما هتجوزك، أنا معرفكش يا بني آدم
ماجد بجفاء: كفاية إني عارفك
رزان بعصبية وتوتر: وأنا مش عاوزه أعرف واحد زيك
يا صغيرة هو بالكاد يتحكم بأعصابه التالفة بسببك، لتأتي وتسبيه! أقترب منها بلحظة كان ممسك بذراعها بين قبضته بقسوة ألمته قبلها، أحتدت نظراته وقست ملامحه قسوة ضعف قسوته، لن يقبل رفضها، لن يتركها بعيدًا عن ناظريه ليصل لها هذا الحقير، هل مثلما أخبره شقيقها أنها كانت تعشقه، لا بل تهيم به، هل ووقفت ندًا بند لشقيقها وأبيها لأجله؟!! هل يزور أحلامها! هل تهمس بأسمه بين شفتيها! هل مس قلبها غيره! غيرته أعمته لمجرد تخيله أنها مازالت تحب هذا الفأر النتن الذي سيجلده حيًا حتى يلفظ آخر أنفاسه، نسي أنه كان زوجها، ولكن هذا يعني أنه ذاق أحضانها التي هي له بمفرده!!أفاق من تخيلاته على دموعها الثمينة التي تتمايل على قبضته، هل أبكى صغيرته ألمًا؟؛ ترك يديها كمن لدغه عقرب وانتفض مبتعدًا عنها ولكنه لم يذهب وإنما وقف أمامها يراها تمسح دموعها بظهر يديها كطفلة أُخذت حلوتها منها، تُمسد ذراعها وتتألم دلالة على مدى بشاعة فعلته…
ماجد لنفسه:
” آسف يا حبيبتي بس لازم أعمل كدا، غصب عني أوجعك، أنا بتوجع أكتر منك بس لابد من كدا يا زان ”
ألتقت نظراتهم، بلوم، بعتاب، بألم، بحب، بخوف؛ غرق ببحر جواهرها الغالية ولم يرغب بمنقذ له، صوت شهقاتها المتألمة أفاقته، مزق أنينها الخافت قلبه، كم أراد قطع يده التي تسببت بألمها الآن، تمنى لو يستطيع ضمها لأضلعه ومحو دموعها بأصابعه أو بشفتيه، كم تمنى إشباع جوعه منها بإخبارها بما يرهق قلبه، ولكن الأوقات ليست لهم الآن!
..
ماجد بثبات وبرود: يكون في علمك كتب كتابنا الليلة
رزان بصراخ وغضب: على جثتي فاهم
*****************
صعدت غرفتها سريعًا بعد ذهابه، ارتدت ثيابها على عجلة، ستذهب لشقيقها، لتتأكد من حديث هذا المختل، كان بإمكانها مهاتفته وسيأتي ولكنها تريد أيضًا الخروج، لا بل تريد الهروب، خرجت ولم تجد سيارتها، علمت أنه فهم ما سيجول بخاطرها لذلك أخذ سيارتها، ولكن هل ستقف!، طلبت سيارة لتصلها بعد عشرة دقائق، خوفها من المجهول ضاعف قلقها، ماذا وإن كان شقيقها على علم بهذا الأمر وسيزوجها له، كانت شاردة في عالمها ولم تفق ألا عندما توقفت السيارة بمنطقة شبه خالية، تلقائيًا أعاد عقلها ذكريات هذا اليوم المشؤم، أعتصرت عيناها خوفًا، تحسست حبات العرق أعلى جبهتها بتوترٍ، فزعت من صوت السائق وهو يأمرها بصوتٍ غليظ بأن تتحرك وتهبط، هبطت من السيارة بخطواتٍ متعثرة أثر فزعها، لازال عقلها يصور لها تلك اللمسات، الهمسات، الكلمات، عقلها يقظٍ بما فيه الكفاية ليستعيد هذا اليوم بكل تفاصيله، وفجأة ظهر لها من العدم، بطوله الفارع، بمنكبيه العريضين، بملامحه التي طالما حفرها قلبها، عيناه القاتمتين بقسوة وشرٍ خالص، هيئتة اختلفت عن ذي قبل ولكن مازال هو كابوسها الأول والأخير، حبيبها الأول وقاهرها الأول وزوجها!، محطم فؤادها وسَجانها القاسي، تابعت أقترابه منها بدقات قلبٍ ملتاع، قلبها الآن يُطعن بالخوف، ابتسامته المريضة تزين ثغره الجاف، كادت تتقيأ من فكرة أنها أحبته بيومٍ، أصبح أمامها مباشرة لا يفصلهم سوا بعض الإنشات….
جاك بجنون: زان، لقد أُرهق قلبي لأجلك يا صغيرة، أشتقتك كمدمنٍ فقد جرعته لمئة عام، حبيبتي اسمعيني صوتك، كم أشتقت لسماعه وسماع اسمي من ثغرك الجميل
فرغ عقلها من حديثه، هل فقد ما تبقى من ثباته الداخلي وتوازنه العام ليأتي لها بعدما أفقدها روحها، عجزت حروفها عن الرد عليه وكذلك ملامحها بقيت كصفحة بيضاء باهته لا تعرف ماذا توضح، الإشمئزاز! القرف! البغض! السخرية! ولكنه يحدثها بلغته الأم!! لما لا يحدثها كسابق عهده فلقد أخبرها أنه أتقن العربية لأجلها !! هل كانت كذبة تلك أيضًا!، تفضت تلك الأفكار عنها ورفعت عينيها ببحورها الثائرة
رزان بغضب ممزوج ببعض الخوف: أأنتَ مريض؟ ماذا تريد مني بعد، ألا يكفيك ما فعلته بي؟ ماذا تريد مني
جاك على نفس ابتسامته التي توحي فقط بأنه فقد عقله: لازلتي قطتي الشرسه التي أعشقها حد النخاع
رزان بجنون وصراخ: يا حقير، كيف تأتي بعد فعلتك، بل وتختطفني، أكرهك جاك أكرهك بقدر حبي لك سابقًا، أكرهك
قالت كلمتها الأخيرة بصراخٍ يمزق القلوب، قلب أنثى فقيدة للحب يتألم خافقها من محبوبها، قلب انثى جُرح بل دُبح بأبشع الطرق، هذا الذي امامها شخصًا غير حبيبها السابق من أمامها مجنون!
جاك بلهفه: حبيبتي أهدئي ما زلتي متعبة فأنتِ لتوكِ خرجتي من المستشفى
رزان بجنون وغضب: أكرهك جاك، أتعلم؟! أتمنى غرس خِنجرًا بارد بصميم قلبك، لماذا عدت، لماذا للآن لم أُشفىّ منك، لا أعلم كيف وقعت لكَ، جعلت الجميع يتألم بسبب فعلتك، لقد ذبحتني بكل جفاء، أستقبلت حبي لكَ بفعلتك الشنيعة، ماذا فعلت لأستحق هذا منك، لما عدت ! هااا أخبرني!! هل أتيت لترى صُنع يداك!!! أخبرنييييي!! من أي جنسٍ من الحيوانات الحقيرة أنت!!، لما عدتتتتتت، أخبرنييييي
سقطت كوردة ذابلة، كورقة مُهملة، أفترشت بثوبها الرمال بألم، شهقاتها مزقت حلقها، تضرع ثائر جسدها لها، بكت وصرخت وكادت تقتلع فروة رأسها من قوة شدها لخصلاتها، أناملها تنتقل بين ثوبها وشعرها تصغط بكل قوتها وقهرها ووجعها عليهم وكأنها تستمد منهم العون لإستكمال هذه المواجهة التي ستلقي بها لحافة النهاية، دموعها تسابق ألمها لعلها تخفف جِراح فؤادها النازف، عقلها عُطلت أفكاره وأُغلقت بأصفادٍ حديدة منيعة، ليبقى قلبها بحربٍ قاسية، لتبقى روحها تناجي ربها بصراعها الحتمي مع مغتصبها وحبيبها الأول !!
***********************
يتألم و يحزن لحالها، استشعر الحزن بصوتها نظرًا لجفاؤه معها، ولكن لابد من الإبتعاد ليلوذ بكرامته وهيبته، انتفض فزعًا من دخول ماجد المفاجىء له، راقب انفاعالات وجهه وارتعاش فكه فتسرسب القلق لقلبه كلصٍ محترف يعرف كيفية الوصول لغنيمته …..
ماجد وهو يجلس قبالاته: عاوز أتجوز رزان
لم يعطيه فرصة للرد بل وصدمه بكلمته الأخيرة
…..والليلة
مهند بصدمه: نعم، أنت مجنون يبني
ماجد ببرود: هقدر صدمتك ومش هرد عليك، رزان هتكون مراتي الليلة يا مهند بموافقتك أو غصب عنك
مهند بغضب وحده: هي وكالة من غير بواب يا حيوان أنت، موافقتي أو عدمها مش هتشكل فرق قدام موافقة بابا ورزان نفسها
ماجد بغموض: أعتبرها موافقه وعمي موافق
مهند بتهكم: هو بقى عمك كمان
ماجد باستنكار: أنتَ باين نسيت ماجد القديم، معنديش مشكله أفكرك وحالًا
أنهى جملته عندما سحبه بقوة من خلف مكتبه وختمت قبضته لكمة قوية أسفل عين مهند، لكمة أطرحته أرضًا من قوتها، شعر بفكه وكأنه خُلع من موضعه، تألم بقوة من ظهره أثر وقوعه وفكه الذي سالت منه الدماء بتروي وهدوء …
ماجد بسخرية: قوم يا بتاع عمي، كتب الكتاب الليلة
مهند بألم وغضب: روح منك لله ما كنت حلو وبطلت طولة إيدك دي
ماجد بتهكم: أبقى حط تلج على عينك عشان مراتي حبيبتي متتخضش عليك أصلي عارفها قلبها رهيف
مهند بسخرية: روح إلهي تتكسر رقبتك وما تلاقي قطع غيار ليها
ماجد بتحذير: مهند
مهند بخوف مبتلعًا لعابه: نعم يا صهري الغالي
ثم أكمل بصوتٍ خفيض …. كان ماله ماجد الحارس، إيه رجع الوحش دا ياربي، ربنا يسترها عليا أنا لسه مدخلتش دنيا
ماجد ساخرًا: ومش هتلحق تدخلها ثم أكمل بغموض وثبات:كان لازم أرجع وكويس إني فوقت قبل فوات الآوان
لم يحاول الإستفسار عن باطن حديثه، فهو يعلم أن القابع أمامه الآن ليس ماجد الهادىء وأنما الوحش الغامض والقاسي، ليس ماجد اللين وإنما الشديد والمخيف، لا ينكر أن عودته طمأنته على أن شقيقته بيدٍ أمينة ولكن ما سر عودة هذا الوحش الهائج !؟
*************************
اقترب منها بقلبٍ حزين، بقلب عاشقٍ يتألم حد النخاع، جلس قبالاتها وهي وسط أنهيارها لم تنتبه لوجوده، وإنما أمتدت يده الملفوفة بضمادة بيضاء ليحاول ضم يدها الصغيرة، ولكن ما ألمه حقًا هي نظرة الإشمئزاز بعينيها، كيف لكل هذا الحب أن يتبدل لبغضٍ قاسٍ مرهق له؟ كيف لخافقها أن يكرهه ويقترف من لمساته؟ كيف لها دونه؟
جاك بحنو: زان، يا روحي لم يحبك أحدًا بقدر حبي لكِ، أتألم ضعف ألمكِ، عامين كاملين يبكى قلبي شوقًا لعينيكِ، عامين أراقبكِ خلسة ولا أقدر لمواجهتك، عامين ينزف قلبي عشقًا لكِ، عامين وأنا أشبه بالغريق بلاكِ، تبدلت كليًا لأجل حبكِ، أعلم بشناعة فعلتي ولكن كانت لحظة جنونية مني يا روحي، آسف يا حبيبتي، كنتي زوجتي على أي حال
كانت تسمع لكلماته وتهز رأسها بعنف، هيسترية غاضبة أحتلت ملامحها، تنفي كلماته، لا تصدق حديثه، ألا يشعر بما فعله بها، لقد أغتصب روحها الطفولية، لقد سرق حقه بحبها، سرق نقاء خافقها وتركها بلا روح، كلماته جعلتها تجن، دفعته بعيدًا عنها بكل قوتها، دفعته بقوة أنثى أُنتهكت برائتها، بكل غضبها وألمها صفعته، صفعته بحق حبها له، بحق أحلامها، بحق برائتها، بحق ألم عائلتها وضياع عمرها، بحق دموعها وكوابيسها التي ذاقتها لسنواتٍ عديدة، مرة وأخرى وأخرى وكل صفعة تفقد جزءٍ من قوتها، دموعها تنهمر بألم على وجنتيها التي أصبحتا كحبتي توتٍ من شدة إحمرارهم أثر غضبها وثورتها
رزان بغضب وهي تزيح دموعها بظهر يديها: عامين! عامين من الدموع، من القهر، من الكسرة، عامين ذاق قلبي الألم فقط، عامين قضيتهم بين المرضى النفسين بسببك، عامين تجرعت المنومات والمهدئات وكل الأدوية التي من المفترض أن أُشفى بهم ولكنهم كانوا كالماء بالنسبة لي، عامين كل ليلة تزورني بكوابيسي لم تغفل عنياي عنك، ولكن أتعلم؟ هذا دفعني بشدة لكرهك، كيف تأتي الآن وتتحدث وكأن شيئًا لم يكن، مضى عامين وتركت لي ندبة للآن أعاني منها، للآن أرتعب لمجرد ذكر اسمك أمامي، للآن تصيبني نوبات هلعٍ عند رؤيتك، كسرتني، حطمتني، دمرت كل ذرة قوة بي، ألم تكن بشر، ألا تتذكر ما فعلت بي ؟! لأذكرك، لقد أغتصبتني، أخذت ما هو ليس لك، أخذت شرفي، ذبحت روحي بيديك، جعلتني أرى شفقة الجميع لي، ألم تستطع الصبر لنكمل زواجنا!! هل كان هذا انتقامًا منك بي أم ماذا؟لقد…. لقد قضيت علي، والآن تتعود ووتحدث عن حبك وكأنك لم تفعل شيء؟!
حاول التحدث ولكنها قاطعته بكلماتٍ جعلته كالوحش الجائع..
رزان بتحذير وحده: إياك والإقتراب مني وإلا، أنا وقفت لك بالمرصاد اليوم، ولكن غدًا ستصبح جثة بفصل زوجي فأحترس مني جاك، لست برزان السابقة، فمن أمامك ستقضي عليك وتطعمك للكلاب المتسولة لأن هذا ما يليق بك وبقدرك القذر
نفضت الرمال العالقة بثيابها واحتلا التحدي والقوة وهج عينيها وتحدث بثبات : لقد كنت صفحة سوداء بعقلي وقلبي شوهت روحي، أصبحت لا أخاف فقدان شيء بعدما فقدت عذريتي بسببك، واجهت الجميع، أبي، أخي، أمي، وحتى صديقتي ووقفت أمامهم لأجلك!! لأجل أن أصبح زوجة مسخٌ مثلك، زوجة كلبٌ ضال، أعطيتك كل شيء بي، حبي، وفائي، بقائي! أجل بقيت رغم علمي بنزواتك، رغم علمي بنظراتك المريضة للفتيات، أتعلم ما بقلبي أكبر من الكره لك، جعلت من قلبي حجرة مظلمة مشوه الجدران ومحطمة الأساس
رحلت، رحلت من أمامه بلمحة خاطفة، كُرر المشهد مجددًا ولكن هذه المرة كان هو الأضعف، جلس بإنهيارٍ على الرمال، كطفلًا ضل وجهته، كعجوزًا بُترت أصابعه أثر جوابته العاشقة لحبيبته ولكنها تركته بنهاية المطاف، انهمرت دموعه بقوة، صوت نحيبه يمزق الآذان وينزف قلب السامعين له ولكن بكل مرة ينهار بها لا يتواجد لجواره سوى طيفه فقط، كلماتها تصدح بعقله وتتردد واحدة تلو الأخرى، ( أكرهك_ زوجي_ أكرهك_ زوجي) أُظلمت عيناه بظلمة تضاهي ظلمة روحه، سرعان ما لملم شتات نفسه ومسح دموعه بعنفٍ ونهض وكأن ماحدث لم يكن له أثر، وقف بهيبته من جديد وكأنه لم يكن الطفل الباكِ منذ لحظات!
******************
ضلت طُرقها، ثارت كالتائهة تساري قدميها فقط، لا تعلم لأين يأخذها قلبها، لا تعلم من أين أتت بكل تلك القوة التي أظهرتها له، رغم ألمها وجرحها إلا أنها دافعت عن روحها بما تبقى لها من قوة، شعرت وكأنها محاربة بساحة القتال تبارز وحشًا قاسِ، ولكن لما تفوه لسانها بهذه الحماقات عن زوجها وما شابه، هل ستخضع لهذا الماجد أيضًا، تعلم أن بعد هذه المواجهة أنها أصبحت بأفضل حال، لقد إلتمست قوتها من جديد، ولكن لما قلبها يؤلمها الآن، رفعت نظرها لساعة يدها لتتفاجىء بحلول المساء وأنها بمفردها وخارج البيت ولا تعلم أين ضالتها، راقبت المكان من حولها وهذا ما سرب الرعب لقلبها، فهي بطريقٍ مهجورٍ على ما يبدو، ابتسمت بمرارة لهذة الذكرى ماذا سيؤخذ منها الآن فما يفترض أن يُقتنص منها قد أُخذَ من زمن وانتهى الأمر فلا يتوجب عليها الخوف، تابعت سيرها حتى وصلت لطريق سيرًا، سرعان ما ظهرت لها سيارة أجرة، اطمئن قلبها عندما علمت هوية عمر السائق الذي يتضح عليه الشيب وملامحه تكسوها الطيبة والحنان، راقبت الطريق من حولها من نافذة السيارة بعيونٍ يكسوها الألم، جازفت من قبل وستجازف الآن ولن تنتهي المجازفه بعد ….
السائق بحنان: وما ضاقت إلا وعند الله منها المخرج يبنتي
رزان ببسمة خفيفة: ونعم بالله
السائق بثقة: بنتألم عشان نتعلم يبنتي، جينا الدنيا دي عشان ناخد دروس وندفع غرامتها ونتعلم ونفوق، المواقف القاسية بتدينا طاقة نتقدم وندافع عن نفسنا، ربك رب قلوب يا بنتي أشكيله همك وهو أكيد الوحيد اللي هيفرج كربك
رزان ببسمة حانية ومحبه: متعرفش كلامك دا ساعدني إزاي يا عمو
السائق بطيبة: ربنا يسترها عليكِ يا بنتي
وصلت بعد مدة ليست بقصيرة لبيتها، شكرت هذا السائق الذي خرج كطوق نجاة لها وأرشدها لوجهتها التي ستخطو أليها الآن، ألقت نظرة ممتنة أخيرة له وولجت للداخل بخطواتٍ تختبرها لأول مرة، خطواتٍ قوية وثابتة، رأت الجميع ينتظرها وكان هو أول الناظرين لها عند دلوفها، رأت لهفته عليها عند وصولها، كاد شقيقها أن يتحدث ألا أنها قاطعته بنظرة مطمئنة وكذلك والدها، ابتسمت بسمة لم تصل لعينيها وهتفت بقوة وكبرياء : أنا موافقة على عرضك يا ماجد
صمتت لدقائق لتعلم رد فعل الوجوه المسلطة عليها ثم تابعت بثقة أكتسبتها مؤخرًا : والليلة كتب الكتاب
ليس للأنثى أغلى من عفتها وطهارتها فإن دنست فقدت رونقها، فقدان روحها يشبه فقدانها لشرفها، نكسة تصيبها بمقتل، تصبح أعين الجميع مسلطة عليها وعليها فقط وهذا ما يدفعها للإنهيار وربما الإنتحار! ليس بهين فقدانها ليس بهين أبدا ولا هي جريمة لا تغتفر لا تغتفر !!!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قلوب منهكة)