رواية شد عصب الفصل الأول 1 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية شد عصب الجزء الأول
رواية شد عصب البارت الأول
رواية شد عصب الحلقة الأولى
#الأولى «الوعد المحتوم»
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنتصف ليالى الخريف
بـ إحدى قُرى التابعه لـ الاقصر
تُدعى قرية “الأشرف”
فى حوالى الثانيه صباحً
منزل عريق واجهته شبه آثريه بطراز عتيق لكن رغم مرور ما يقارب على أكثر من خمس سبعون عام على بناؤه،لكن مازال بحاله جيده جدًا حتى من الداخل يُشبه غُرف القصور الفخمه القديمه لكن حدث عليه بعض التعديلات الحديثه العصريه أصبحت الفخامه تمتزج بالعصريه
بإحدى الغرف
رغم شعورهُ بالإرهاق بسبب العمل طوال اليوم ومحاولته النوم أكثر من مره…. لكن حين يُغمض عينيه يسمع بأذنيه طنين صوت تلك المرأه التى قابلها اليوم بـ معبد الأقصر
تذكر حين مرت جواره وهمست له بإسم سمعه بوضوح
[فلاشـــــــــــــ/باك]
قبل غروب الشمس
كان يسير بين أروقة المعبد بصُحبة أحد العملاء الروسيين هو وزوجته وشقيقتها بجوله سياحيه مجامله منه لهم ،يشرح لهم بعض المعلومات الذى يعرفها عن المعبد ويرد على أسئلتهم حسب معرفته، لاحظ إنبهارهم بذالك المعبد، يتجاذب الحديث عن أنهم سيأتون مره أخرى بميعاد لاحق للسياحه فقط يستمتعون برؤية تلك الحضاره التى سبقت التاريخ
“فحقًا مصر خُلقت أولًا ثم آتى التاريخ يرسم ويكتب بين طياته عن تلك الحضاره”
أثناء سيره معهم صدح رنين هاتفه، إعتذر منهم وتجنب قليلًا عنهم، يرد على من يهاتفه الى أن إنتهى الإتصال أغلق الهاتف ونظر أمامه الى مكان سير الثلاث وسار نحوهم لكن كاد يصطدم بإمرأه ترتدى زيًا أسود تقليدى قديم (الملس) كان جزء من وشاح رأسها يُغطي جزء كبير من وجهها بسبب الرياح عينيها مرسومه بكُحل أسود فرعونى …. تجنبها قليلًا، لكن هى إقتربت منه قائله:
جاويد يا ولِد الأشرف.
آن آوان اللُجى(اللقاء).. العشج بينادم على صاحبة النصيب
“سلوان”العشج المكتوب عليك لوعته… الجريبه(القريبه) البعيده
فى البدايه ظن أن تلك المرأه ربما تعرفه حين ذكرت إسمه وكاد يتجاهلها،لكن إسم”سلوان” ترك رنين خاص وعلق بأذنيه،لكن بنفس اللحظه نادى عليه ذالك الضيف إنتبه يُشير له أنه آتي، للحظه واحده أحاد بصره عن تلك المرأه، أختفت من المكان، تلفت يمين ويسار أمام وخلف بكل إتجاه فى المعبد لكن كآنها تبخرت إندهش كثيرًا ولكن حاول نفض ذالك عن رأسه حين أقترب منه العميل، وبدأ يتسأل بعض الأسئله عن المعبد ووروعة هندسة المكان.
[عوده]
زفر نفسه يحاول التغلُب على حالة السُهد تلك يريد أن يفصل عقله وينام، تلك المرأه بالتأكيد كانت وهمًا، بنفس اللحظه يتراجع عقله
بلا لم تكن وهم ولما ذكرت ذالك الأسم الغريب أمامه
نهض من على الفراش يستهزئ بحاله قائلًا:.
واضح إن عقلك جن يا جاويد من أمتى بتصدق فى الخُرافات، الست دى أكيد بتشتغل فى الشعوذه حابه تلفت عقلك.
بنفس اللحظه نظر الى صدره وذالك الخيط السميك المُتدلى من خلف عنقه على صدره ينتهى بحِجاب مثلثي صغير ملفوف بقطعة قماش زرقاء،أحيانًا يأخذه الفضول ويود تقطيع ذالك الحجاب الموصول بالخيط الذى رغم مرور سنوات لم يهترئ الخيط، ود معرفة ماذا يحتوى بداخل تلك القماشه الملفوفه ،لكن ككل مره يتراجع دون سبب،ذالك الحجاب يلازمه منذ أن كان عمره الحاديه عشر ،شعر بأن كثرة التفكير بذالك الأسم تُرهق عقله،إرتدى قميص فوق سرواله،وخرج من الغرفه
لكن دون آنتباه منه تصادم مع جواد أخيه بممر صغير أمام السلم الداخلي للسرايا مازحه قائلًا:
مش تفتح عنيك يا أخ وإنت ماشى خلعت كتفي ولا هما الغلابه اللى زيي لاجين أكتافهم.
ضحك جاويد قائلًا:
راضي ذمتك،فى دكتور فى مصر غلبان.
ضحك جواد قائلًا:
آه أمثالى الدكاتره اللى واخدين الطب رساله ساميه زيي.
ضحك جاويد بإستهزاء قائلًا:
رساله ساميه،عالعموم متآسف.
مزح جواد قائلًا:
أصرفها منين متآسف دى،بعد ما إتسببت إن الكاتشاب اللى كان فى السندوتش بجع الجميص، أمك لما تاخد الجميص فى الغسيل وتشوف البُجعة هتدينى درس إن الأكل الچاهز ده فيه سُمٌ قاتل، وتجولي ظبطك بالچرم المشهود.
ضحك جاويد بتفكير قائلًا:
جولها دى بُجعة دم،او مكركروم أو أى مُطهر طبي إنت مش دكتور هى هتصدجك.
زفر جواد نفسه قائلًا:
هى لو أُم تانيه غير الحجه يُسريه ممكن تصدج،لكن الحجه يُسريه تختلف هتشم البُجعه،بس سيبك من البُجعه أنا هخفى الجميص،بس إنت هتدفع تمن جميص چديد ماركه كده زى الجُمصان بتوعك،طبعًا رُجل أعمال وعندك كذا مصنع خزف وفُخار غير البازارات اللى فى الأقصر وأسوان ،بتتعامل بالعملات الصعبه.
ضحك جاويد قائلًا:
ما يحسد المال الأ صحابه،وأيه منعك مش إنت اللى إختارت الطب من الاول،وجولت مش هاوي شُغل الفخار والخزف…مع إنك كنت بتعرف تشكل الفخار كويس.
تنهد جواد متحسرًا بمزح:
ما إنت عارف إنى كنت بجعد إچباري چار جدك “زاهر”الله يرحمه لما كان يغصب علينا ويجول شُغل الفخار وراثه من چدكم الاشرف الكبير ولازمن تتعلموه ،بس مكنتش هاوي الشُغل ده،لا أنا ولا حتى زاهر واد عمك صالح،بس كنا بنخاف من كرباچ جدك يعلم على چتتنا،يلا الله يرحمه.
آمن جاويد على قول جواد:
جدك زاهر فعلاً كان جلبهُ جاسي.
تنهد جواد قائلًا:
إنت ورثت منيه صنعة الفُخار،بس بعترف عندك ذكاء أكتر منيه،أو يمكن دراستك ساعدتك على مواكبة التطور الزمني ،وأنشأت مصانع فُخار وخزف،بس تعرف أحسن حاجه حصلت بعد موت جدك هى إن عمك”صالح”قسم كل شئ وأخد نصيبه وساب لينا الدار دى وبنى لنفسه بيت مودرن وأخد زاهر إبنه الغبي معاه…تعرف كان نفسي كمان عمتك صفيه تاخد ميراثيها فى الدار ونرتاح من سماجتها.
توقف جواد عن الحديث فجأه ثم غمز عينيه بمكر يعلم رد جاويد حين يقول:
ولا بلاش عمتك تتخلى عن نصيبها فى الدار أهو ينفع بتها مُستجبلًا،لما تبقى مرت جاويد الأشرف.
لكز جاويد كتف جواد بقوه قائلًا:.
ده شئ مستحيل يحصل،” مِسك” بالنسبه ليا زى”حفصه” أختي.
ضحك جواد بإستفزاز قائلًا:
المثل بيجول’ان حبتك حيه إتلفع بيها’.
تنهد جاويد بسآم قائلًا:
عندى أتلفع بحيه ولا إنى إتچوز من مِسك بت عمتك صفيه،وبعدين فضنا من السيره دى دلوك،إنت مش راچع من المستشفى تعبان.
زفر جواد نفسه بإرهاق قائلًا:
مش تعبان،هلكان،مدير المستشفى ما صدج طلع معاش وجال يا فكيك،وأنا اللى ماسك إدارة المستشفى بالإنابه على ما وزارة الصحه تفتكر تبعت لينا مدير چديد.
ضحك جاويد وهو يضع كف يده على كتف جواد بمؤازره مازحً قائلًا:
مش الطب رساله ساميه،إتحمل عشان خاطر ساميه ترضى عنك،يلا هسيبك تروح تنام.
تبسم جواد قائلًا:
والله ساميه طلعت متعبه جوى جوي،بس إنت أيه اللى مسهرك لحد دلوك،وكنت رايح فين؟
تنهد جاويد قائلًا:
مش جايلى نوم، وكنت طالع الاوضه اللى عالسطح،أشغل نفسى شويه يمكن النوم يچي.
غمز جواد بعينيه مازحًا بإستخبار:
وأيه اللى مطير النوم من عنيك،لتكون عاشج يا ولِد الأشرف.
لكزه بقوه بكتفه قائلًا:
روح نام شكلك هيست من كُتر السهر،يلا تصبح على خير ومتنساش تاخد ساميه فى حضنك.
ضحك جواد قائلًا:
تمام إعملى ماج جديد أشرب فيه النسكافيه فى المستشفى الماج الجديم كسرته وراء المدير وهو طالع من المستشفى.
ضحك جاويد قائلًا:
من أعمالكم سُلط عليكم،
كسرت وراء المدير الماج وأهو إنت اللى إتورطت مكانه بالإنابه.
ضحك جواد وهو يتثائب قائلًا:
فعلاً … يلا تصبح على خير.
صعد جاويد الى سطح المنزل
فتح باب تلك الغرفه الكبيره التى تُعتبر مخدع ثاني له،بها فراش وأريكه كبيره،كذالك جزء من الغرفه يضع به طاوله عليها (دوامه،ميزان صغير،وعاء بلاستيكى به ماء، قطع إسفنج، وصلصال) كذالك أدوات تستخدم فى صقل الفخار تساعد فى تشكيل الفُخار
ذهب مباشرةً الى تلك الطاوله وجلس خلفها وبدأ يقوم بصناعة إحدى الأشكال لكن رغم ذالك مازال طنين إسم “سلوان” وحديث تلك المرأه يُشغل رأسه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ…….
بنفس الوقت، بالقاهره
بـ حي سكني فاخر
شقه فارهه
مازالت مُستيقظه تشعر بالضجر، نهضت من فوق فراشها وزفرت نفسها بسأم قائله:
مش عارفه ليه النوم طاير من عيني،وعندى إحساس كده فى قلبي مش عارفه له تفسير،يعنى هي أول مره أسافر لوحدي.
زفرت نفسها تجاوب:
يمكن عشان أول مره أسافر من غير ما أقول لـ بابا،بس أنا لو قولت له هيفكر آنى مضايقه عشان هو إتجوز.
نفخت أوداجها بضيق قائله:
بس أنا فعلًا مضايقه إن هو إتجوز،وإشمعنا الست “دولت”بالذات طبعًا عشان صاحبة عمتو”شاديه”
عشان تضمن إنها متتحرمش من مرتب كل أول شهر اللى بابا بيبعته ليها،بس ها دولت متأكده إنها من نفس نوعية عمتو والاتنين هيظهروا حقيقتهم الإتنين طماعين،وبعدين أنا مالي دى حياة بابا وهو حُر فيها،أما أروح المطبخ أجيب لى كوباية لبن أشربها يمكن بعدها أحس بهدوء وأنام.
أشعلت ضوء المطبخ وآتت بعبوة حليب وسكبت القليل منها وقامت بتدفئته على الموقد ثم سكبته بكوب وحملته وأطفأت الضوء مره أخرى لتعود لغرفتها،لكن أثناء سيرها سمعت ضحكة زوجة أبيها العاليه والتى تُشبه ضحكة الغواني،كذالك سمعت صوت والداها يقول لها بتحذير:
وطي صوت ضحكتك شويه يا دولت متنسيش إن سلوان أوضتها قريبه من الأوضه.
ردت زوجة والداها عليه بمياعه:
وفيها لما أضحك يعنى،هو عيب وبعدين بنتك مش صغيره دى اللى فى سنها أتجوزوا ومعاهم بدل العيل إتنين،بس هى اللى مغروره بجمالها ورافعه راسها،أخويا قبل كده طلبها للجواز وهى رفضت ويحق لها طبعًا ما أنت مدلعها عالآخر وده غلط عليها يا هاشم فى النهايه هى بنت ولازم تفوق لنفسها قبل الغرور ما يسرق عمرها.
زفر هاشم نفسه قائلًا:
سلوان حُره فى حياتها أنا طول عمري سايب ليها حرية الإختيار،وياريت تتعاملي معاها بطريقه كويسه لآن معنديش شئ فى حياتى أغلى من
سلوان.
تضايقت زوجته وتعلثمت قائله بخداع:.
أنا مكنش قصدي سوء لـ سلوان أنا…
قاطعها هاشم قائلًا بتحذير:
أنا بحذرك يا دولت سلوان اغلى من حياتي.
سارت سلوان وهى تشعر بإنشراح،لكن همست بعد أن سمعت ضحكة ماجنه مره أخرى قائله:
طبعًا حاميه ومصدقتى لقيتي اللى يبرد حمو جسمك.
عادت سلوان لغرفتها وضعت كوب اللبن على طاولة جوار الفراش قائله:
أما أتأكد تانى إنى حطيت بطاقتي الشخصيه وكمان الكريديت وكمان تذكرة فى شنطة إيدي.
فتحت الحقيبه وتأكدت من وجود البطاقتين،أغلقت الحقيبه ووضعتها بمكانها،ثم تمددت فوق الفراش ومدت يدها أخذت كوب اللبن وبدأت تحتسيه،الى ان إنتهى تثائيت قائله:
كويس آنى حجزت فى القطر لـ الاقصر احسن من الطيران، أنا مش بحب السفر طيران من أصله بسبب سرعته بحس كآنى فى مكانى مش بتنقل لمكان تاني، وأكيد فى القطر هلاقى ناس أتكلم معاهم.
تثائبت ثم تمددت على الفراش تُغمض عينيها تحلم بتلك الرحله التى كانت تُخطط لها منذ زمن وكانت كلما تنتوي القيام بها تتراجع بآخر لحظه لكن هذه المره آن الآوان، لن تتراجع عن تلك الرحله المؤجله.
…….. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالأقصر
بمنزل مجاور لـ منزل الأشرف، يُضاهيه فى كبر الحجم والفخامه لكن بطراز عصري حديث
بأحد الغرف
بآخر الليل
طفل إستيقظ من النوم فزعًا على صوت صراخ أمه، نهض من على فراشه سريعًا وذهب لغرفتها كالعاده كان سبب صريخها والده الذى يصفعها بقوه إقترب الطفل من والده يحاول أن يسحب أمه من بين يدي والده، لكن والده قام بدفعه بقوه الصقه بالحائط، وذهب نحوه ينهره قائلًا:
بجيت راچل وبدافع عن أمك يا حيلتها، چاي وعاوز تُضربنى، لكن لاه دا أنا ادفنك إنت وهى فى جبر(قبر) واحد.
قال هذا وكاد يصفع الطفل، لكن منعته زوجته وهى تنظر له قائله:. إدلى على مجعدك يا “زاهر”
بوك دلوك هيهدى.
هز الطفل رأسه بـ لا وكاد يتحدث لكن تهجم عليه والده قائلًا:
غور على مجعدك داهيه تاخدك إنت وأمك.
بضعف نهض الطفل مره أخرى وخرج من الغرفه،لكن إستدار مره أخرى حين سمع صوت صفع باب الغرفه ثم عاود والده التهجم على والداته بالسباب النابي بابشع الألفاظ والضرب المُبرح قائلًا:.
بتربي ولدي على إنه يكرهني،لكن ده بُعدك عاد إنت وهو ملكوش عيندي ديه.
قال هذا وقام بضربها،فى نفس اللحظه فتح زاهر الغرفه،ليرى والده يلكم والداته لكمات قويه على وجهها وبطنها،ويحاول خنقها ثم قام بدفع جسدها بقوه فوق الفراش ليهمد جسدها ولا يتحرك ليس هذا فقط بل دماء تسيل منها بغزاره بسرعه كان تحول الفراش الى لون دمائها.
بنفس اللحظه آتى جد ذالك الطفل ودخل الى الغرفه،ذُهل حين وقع بصره على تلك الممده على الفراش الدموي،إنصعق قائلاً:
جتلت مرتك يا صالح!.
نظر لها صالح بإمتعاض قائلًا:
تغور فى داهيه.
نظر له والده قائلًا بتعسف:
إنت اللى هتروح فى داهيه،دى شكلها ماتت ألف مره جولت لك بطل ضرب فى مرتك…لكن.
بصق صالح جانبًا يقول:
هى اللى عتعصبني بحديتها وسؤالها الماسخ رايح فين دلوك،كآنى ههچ منيها،أنا من الاول مكنتش رايد أتزوچ بها بس هى حبلت فى زاهر واد الحرام.
زفر والده بغضب قائلًا:
زاهر مش واد حرام،وإدلى دلوك إخرچ من الدار لحد ما أشوف حل للمصيبه اللى عملتها دى.
خرج صالخ من المنزل دون تآنيب ضمير،وبعد وقت دخل طبيب الى الغرفه،رأى ذالك الفراش الدموي وكذالك أثار الصفعات على وجه تلك الممده، لم يُعاينها طبيًا ورفع فوق وجهها دثار قائلًا:
البقاء لله.
تنهد الجد قائلًا:
عاوز تصريح بالدفن.
كاد الطبيب أن يعترض ويقول أن الميته قُتلت، لكن نظرة الجد القاسيه كفيله بزج الرعب فى قلب الطبيب الذى دون سبب الوفاه”نزيف إجهاض أدى الى الوفاه”.
يوم واحد عزاء والليله الثانيه كانت زوجه أخرى تدخل الى غرفة والداته.
إستيقظ من النوم مفزوع ليس بسبب تلك الذكرى التى تسيطر عليه دائمًا يراها وهو نائم،لكن بسبب صوت صفع أبواب المنزل،يعلم جيدًا من السبب فى ذالك،إنه والده الذى يكرهه ويتمنى يومًا أن يصحوا من النوم على خبر موته،لكن هو ككل ليله عاد بعد ان قضى وقت برفقة الغواني الذى يذهب لهن لا يكفيه الحرام الذى يرتكبه،نهض من فوق الفراش وخرج من غرفته وقف بالاعلى ينظر الى والده الذى دخل للمنزل وأشعل الضوء يسير بترنُح مخمور كعادته،ذهب نحو غرفته يصفع بابها لكن سقط أرضًا قبل ان يدخل للغرفه،رأهُ ولم يرآف به بل لم يرف له جفن،لا يشعر بشئ نحوه سوى البُغض،يعلم انه بالنهايه والده و وواجب عليه بِره لكن هو لا يستحق البِر هو يستحق الجفاء الذى زرعه من البدايه ، تجاهله وعاود الذهاب نحو غرفته،بداخله كم تمنى بهذه اللحظه أن يظل نائم هكذا أرضًا ولا يصحو أبدًا.
….. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شبرا الخيمه
قبل آذان الفجر
بمنزل متوسط بأحد القُرى
دخلت الى الغرفه وجدت والداتها تسجُد أرضًا وترفع يديها بالدعاء والتضرع باكيه الى الله ان يحفظ إبنتها ويوفقها بالطريق التى ستذهب إليه.
تدمعت عينيها قائله بعتاب:
برضوا بتعيطى يا ماما.
نهض من فوق سجادة الصلاه وتوجهت نحوها قائله:
ومش عاوزاني اعيط يا إيلاف وإنت مسافره لآخر الدنيا.
تنهدت إيلاف قائله ببسمه تحاول رسمها تغلب بها ضعفها:
هى الأقصر بقت آخر الدنيا، دى بينها وبين القاهره ساعة زمن بالطياره.
بكت والداتها قائله بلوم:
كان لازم تقدمى تظلم، يمكن كانوا اخدوا بيه فى وزارة الصحه وبدل ما يبقى تكليفك فى الاقصر كان ممكن يبقى فى اى مكان قريب مننا حتى لو وحده صحيه ريفيه… فى إسكندريه ولا القاهره مش فى الأقصر آخر الصعيد.
تبسمت إيلاف قائله:
مالها الاقصر،طب ياريت كان الحظ إبتسم لى وجالى التكليف فى مستشفى “مجدي يعقوب” فى أسوان…كانت تبقى فرصة عمري،بس مش مهم الاقصر قريبه من المستشفى دى ويمكن تكون الاقصر فرصه توصلنى لأسوان.
تنهدت والداتها ببكاء قائله:
إ ليه أنا حاسه إنك مبسوطه ويمكن إنتِ اللى أختارتي مكان التكليف بتاعك يبقى بعيد كده.
تعلثمت إيلاف قائله:
لأ طبعًا يا ماما،وبعدين لو كان بمزاجي كنت هختار الأقصر برضوا،والأقصر مش بعيده زى ما إنت متخيله،ساعه بالطياره زى ما قولت لك…وكفايه بقى عياط مش عاوزه اسافر وانتِ حزينه كده،المفروض تدعيلى،كمان خلاص لازم أمشى الطياره الساعه خمسه الفجر ولازم أكون فى المطار قبلها بساعه عالاقل،إدعيلي يا ماما.
بكت والداتها وهى أيضًا
حين إنحنت على يدها تُقبلها،ثم رفعتها وقامت بضمها بقوه تدعى لها بالخير والستر،هى على يقين ان إيلاف تريد البُعد عن هنا وعن أى مكان قريب،وربما هى من إختارت الأقصر عنوه منها كى تبتعد وتذهب بل تهرب الى مكان تعتقد أن لا أحد سيعرف أنها إبنة ” اللص القاتل”.
….. ـــــــــــــــــــــــــــــ
صباحً
منزل القدوسي
بغرفة مؤنس
فتح إحدى ضُلف الغرفه وأخرج ألبوم صور قديم
ثم جلس على أحد المقاعد وفتحه يُقلب بين صفخاته بإشتياق الى أن توقف عند تلك الصوره
صوره ودمعه، لم تكن أغنيه بل كانت شعور مُضني فى القلب لذكرى صاحبة تلك البسمه،كانت جميله بوجه ملائكي،من يراها يُعطي لها عمرًا أكبر من ثمانية عشر عام عمرها وقت إلتقطت تلك الصوره
جمالها كان لها لعنه،كانت عيون وقلوب الرجال تتهافت عليها وهى لا تُعطى لهم إهتمام،لكن العصفوره الجميله فجأه وقعت بيد صياد ربما لم يكن مخادع لكن هى بسببه إختارت الطيران بعيد عن السِرب وعن حضن والداها،كان الإختيار عليها سهلًا،”لن أتزوج الأ من أحببت حتى لو كان الثمن قتلي يا والدي” وقد كان بداية الجفاء.
……..ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بغرفة مِسك
إستيقظت على صوت منبه هاتفها
تمطئت بيديها تحاول نفض النوم الذى مازال يسيطر عليها،ثم مدت يدها لطاوله جوار الفراشه وجلبت ذالك الهاتف أغلقت صوت التنبيه ثم فتحت ملف خاص بالصور وآتت بإحدى الصور وقبلت الهاتف ثم قالت بشوق:
صباح الخير يا جاويد يا حبيبي.
ظلت تنظر للصوره بشوق ثم قالت بتمنى:
أمتى أصحى من النوم والأجي جاويد نايم چاري، يارب إسمع دعايا وقرب البعيد.
بنفس اللحظه فتحت والداتها باب الغرفه وتبسمت حين راتها مستيقظه قائله:
صباح الشهد على أحلى الصبايا، يلا جومي فوجى كده عشان تفطري جبل ما تروحى للمدرسه، وبلاش تتأخري النهارده.
إبتسمت مِسك قائله بسؤال:
وفى أيه النهارده بجى عشان مش عاوزانى اتأخر فى المدرسه.
إبتسمت صفيه قائله:
معزومين عالعشا عند خالك صلاح، وكنت بفكر نروح عينديهم من العصريه تُجعدي شويه مع “حفصه ” تحاولى تليني راسها من ناحية أخوكِ، سايجه الدلال عليه.
إبتسمت مِسك قائله:
حاضر يا ماما، متخافيش حفصه بتسمع كلامى ناسيه إنى صاحبتها الوحيده وانا اللى لمحت ليها إن أخوي هيحبها لحد ما هى كُمان حبته ووافجت على الخطوبه منيه،رغم إن مرات خالى”يُسريه”
مكانتش موافجه،بس رضخت لما حفصه وافقجت.
تنهدت صفيه وزمت شفتيها قائله:
يُسريه طول عمرها شديده ومستجويه،بالك يمكن هى اللى مجسيه جلب جاويد.
تنهدت مِسك بشوق وتمني قائله:
لاء مش هى يا ماما مرات خالى نفسها تجوزه، بس جاويد هو اللى زي چدى زاهر الله يرحمه جلبه جاسي بتمنى بس لو يفتح لى جلبه.
إبتسمت صفيه قائله بتأكيد:
لاه إطمنى خلاص جاويد مش بس هيفتحلك جلبه، لاه، ده هيبجى من حظك ونصيبك بس إنت زى ما جولتلك، دايمًا تهاودي چاويد فى اى حديت يتحدت بيه، ومتأكده بعد ما أحط الحچاب ده تحت فرشتة جاويد هيبجى كيف العاشج الولهان ليكِ… وكيف ما جالتلى العرافه هيجولك، سيري أما أنظرلك،ويغلبك بالمال تغلبية بخلف الصبيان.
نظرت مِسك الى ذالك الحجاب بيد والداتها قائله بإستفسار:
ميتى ده يحصل يا ماما،انا بجى عندي شك بالوليه المشعوذه اللى بتروحى ليها مفيش عمل جبل إكده رفق معاها،زى ما يكون جاويد مُحصن نفسيه.
ردت صفيه بتأكيد:
لاه المره دى العمل هيچيب نتيجة ومش بعيد جبل ما نعاود من العشا يكون جاويد طالبك بلسانه للجواز…بس جولى يارب،ده عمل بالمحبه.
……ــــــــــــــــــــــــــــ
بمكتب بأحد مصانع الخزف،
شعر جاويد بالسأم فجأه من العمل،أغلق ذالك الحاسوب،وإتكئ بظهره على المقعد،نظر نحو شباك المكتب،ظهر قُرص الشمس وهى تستعد للغروب تذكر ان ذالك نفس موعد أمس الذى إلتقى فيه مع تلك المرأه بالمعبد،
تهكم على نفسه قائلًا:
كلمتين من دجاله خلوك مش عارف تنام ولا تركز.
زفر نفسه يذم ذالك الشعور، لكن فجأه نهض من فوق مقعده مُتذكرًا موعده مع أحد العملاء، خرج من المكتب وذهب الى مكان ركن سيارته، صعد إليها كى يتوجه الى مكان لقاؤه بذالك العميل، لكن أثناء سيرهُ بالطريق كان قريب من ذالك المعبد، توقف قليلًا يُفكر وهو ينظر لساعة يده، وجد انه مازال بعض الوقت على موعد العميل، نظر نحو طريق المعبد يشعر بحِيره فى عقله هنالك شئ يجذبه للذهاب الى المعبد، إستسلم لذالك الهاجس وبالفعل
دخل الى المعبد ظنًا منه أن هذا ليس أكثر من فضول منه لرؤية تلك المرأه وسؤالها لماذا قالت له ذالك الإسم بالأمس.
بعد قليل
كان يسير بين أروقة المعبد عيناه تبحث بكل إتجاه وزاويه، لم يجد ما يبحث عنها، لكن بلحظه سمع صوت من خلفه يقول:
اللى عتدور عليه جدامك يا وِلد الأشرف.
نظر خلفه لذالك الصوت بدهشه هو بالكاد أدار ظهره متى جلست تلك المرأه جوار أحد أعمدة المعبد، لكن
تحدثت تلك المرأه:
چاي تسألني عنها.
نفض تلك الدهشه عن رأسه وأقترب من مكان جلوسها أرضًا جاثيًا على ساقيه قائلًا بإستفسار:
مين اللى جولتى لى إسمها إمبارح؟
ردت المرأه: كنت متوكده إنك هترچع لإهنه من تانى تسألنى عنها، بس كل اللى أعرفه إسمها
“سلوان” وهى دلوك بالطريج، اللُجى(اللقاء) الليله تحت الجمر الأحدب،ودى لعنه تانيه.
همس الأسم يشعر بنغمه خاصه له بين لسانه ورنين خاص بآذنيه”سلوان”.
لكن نظر للمرأه وكاد يتسأل لكن هى سبقته قائله: العين عليها مرصوده يا وِلد الأشرف
إنت الحارس الحامى ليها، بس حاذر لوعة العشج، لعنة العشج لساتها مستمره، يا تنتهى بـ دم واحد من الأحبه، يا يظهر الغريج(الغريق) ويبيح بمين اللى خلع جلبه من بين ضلوعه وهو حي.
كاد جاويد أن يتستفسر منها عن قصدها، لكن قاطعته المرأه قبل أن يسأل قائله بحسم:
الليله تحت الجمر هيكون بداية الوعد المحتوم.
…….. ــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شد عصب)