روايات

رواية ديجور الهوى الفصل السابع والأربعون 47 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الفصل السابع والأربعون 47 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الجزء السابع والأربعون

رواية ديجور الهوى البارت السابع والأربعون

ديجور الهوى
ديجور الهوى

رواية ديجور الهوى الحلقة السابعة والأربعون

‘ دبـــي ‘
فتح كمال النوافذ كلها، استيقظ منذ وقت طويل، هذه هي عادته مهما تملكته الرغبة في النوم أو الإرهاق أو أي شيء يستيقظ مبكرًا…
استيقظ منذ وقت طويل قضى فرضه وحاول النوم مرة أخرى بجانبها لكنه فشل، فأخذ حمام دافئ وكانت هي مستغرقة في نومها بعمق لذلك لم يرغب في أن يوقظها لـتناول الفطور معه؛ يوم أمس كان مرهق من بدايته لنهايته بالنسبة لها…
لكن عند الثانية ونصف بعد الظهر قرر أن يوقظها بنفسه، جلس بجانبها على الفراش وضع يده على كتفها وهو ينادي عليها:
-فــردوس!!
كررها أكثر من مرة حتى تململت في نومتها وفتحت عيناها ببطئ وكسل مجيبة أياه:
– ايه يا كمال في أيه؟!.
تحدث كمال مداعبًا وجنتيها بأصابعه:
-أنتِ اللي في ايه؟! كل ده نوم وعماله تقوليلي بليل انا مش متعودة اغير مكاني ولا انام في مكان غريب وأنتِ نايمة زي الفسيخة أساسًا..
نظرت له بضيقٍ وهي تحاول الاعتدال لتجلس في نصف جلسة لولا أنها كانت طوال أمس كانت تحت أنظاره لكان ظن بأنها تناولت شيئًا جعلها تنام بهذا العمق…
تحدثت فردوس بنبرة هادئة متذكرة وخصلاتها مبعثرة وهي تفرك عيناها:
-اديني صحيت اهو خير بقا..
غمعم كمال وهو يقوم بتقليد نبرتها:
-محسساني اني مصحيكي اعذبك ده أنتِ اللي فضلتي تقولي هنصحى بدري يا كمال، وهتنزل تمشيني يا كمال، ده كمال قرب ينام تاني وأنتِ مصحتيش.
نامت بعمق كبير، وكأنها كانت تحتاج لهذا التغيير، تحتاج إلى هواء ومكان جديد مختلف وبعيدًا عن تلك الصراعات النفسية، فقط معها حبيبها ولا شيء أخر يشغلها، لقد اتخذت القرار الصحيح بإتيانها إلى هنا…
هتفت فردوس بسخرية طفيفة:
-خلاص يا كمال علق ليا حبل المشنقة علشان طولت في النوم وبعدين يعني أنا كنت جاية من سفر..
تحدث كمال بتهكم:
-صح جاية من سفر وسط الصحراء على جمل..
تمتمت فردوس بجدية وهي تنظر له:
-كمال أنا حاساك بتختبر قدرة تحملي، أو عايزني أقوم ارقع بالصوت ونتخانق ولا ايه مش فاهمة..
ترك قُبلة على وجنتيها متحدثًا بصوت جاد هو الأخر:
-لا عايزك تقومي تفطري وتلبسي علشان نخرج يا اما هغير أنا الخطة ومش هنتحرك وده الحل الأفضل والأجمل بالنسبالي…
قالت بنبرة خافتة، بها بقية نوم:
-لا هقوم اهو..
______________
” القــاهـــرة ”
تمتم شريف بهدوء:
-ليه؟!.
-أنا عايزة أشوف بـشـرى…..
ردد شريف بعدم استيعاب:
-ايه؟!.
غمغمت شمس بسخرية وهي تنظر له نظرة ذات معنى:
-على فكرة باين أنك سمعت انا قولت ايه مش لازم اعيدها يعني..
هتف شريف ساخرًا هو الأخر:
-ليه؟! الترابط الأخوي حل عليكي فجأة؟! ولا شوفتيها في المنام..
صاحت شمس مستنكرة أفعاله حقًا هي على وشك الإصابة بالجنون بسببه:
-هو أنتَ ليه بتنرفزني بجد ولازم تتريق على كل حاجة بقولها؟!
عقب شريف ببساطة شديدة:
-علشان أنتِ بتقرري مرة واحدة قرارات ملهاش اي تلاتين لازمة خصوصًا في الوقت اللي احنا فيه، مش بتفكري بمنطقية، هتفيدك بأيه أنك تشوفيها؟! هتحكيلها حكايتك اللي هتبقى بالنسبة ليها فيلم عربي قديم ولا هتروحوا تتغدوا مع بعض ونختم الليلة بحضن أخوي.
تمتمت شمس بانزعاج شديد:
-أنتَ جاحد ومش بتراعي مشاعر اللي قدامك.
قال شريف بتوضيح:
-لا مش جحود بس واقعية وبحاول أوريكي الرؤية كلها..
عقبت شمس على حديثه بنبرة متشنجة:
-بطل تتصرف كأنك ولي أمري، وطول ما أنتَ مش في مكاني متحكمش عليا طول ما أنتَ مش عايش في اللي أنا عايشة فيه متتكلمش، الإنتظار مميت وأنتَ مش بتدي عُقاد نافع بتعمل كل حاجة وسايبني على نار وعلشان تقولي كلمة بتذلني عليها سنة زي ما هما بيعملوا بالظبط معايا مفرقتش كتير عنهم…
هل تظن بأنه لا يعرف معنى الانتظار؟!
هل جربت هي انتظار الأيام التي ستقوم بتسليم نفسك بها وتنسى حريتك، التي قمت بنسيانها منذ زمن؟!!
هل تظن بأنه لا يشعر بها إذن فهي حمقاء…
هتف شريف بهدوء ساخر:
-أه انا عايش في مياة البطيخ وسايبك أنتِ في النار حقك على اللي خلفوني..
تمتمت شمس بعصبية:
-خليني اشوفها وديني المكتب عند هلال هشوفها وحتى مش هتكلم في حاجة احسن من تريقتك ريحني…
سألها شريف بنبرة منفعلة:
-هيفيدك بأيه؟!.
هتفت شمس ببرود:
-وأنتَ مالك؟!!.
حاول أن يكبح غضبه قدر المُستطاع وهو يجيب عليها بنبرة مكتومة:
-ريحي نفسك ابوكي مقعدها في البلد وهي دلوقتي تعتبر سايبة الشغل عند هلال..
غمغمت شمس بعدم فهم:
-ليه مش بتقول اتقدملها؟!.
عقب شريف بلا مبالاة وهو يشرح وجهه نظره الخاصة به الذي لم يخبره أحد عنها:
-حسب ما فهمت ابوكي راجل مخه صغير ودماغه تعباه فاكر أن هلال اتقدم ليها وان بينهم يعني علاقة قبل كده أو هي كانت عارفة انه هيتقدم ليها وبينهم كلام، فتقريبًا معصلج أنها ترجع..
والدها فعل هذا من أجل رجل تقدم لخطبة ابنته!!
ماذا سيفعل حينما يعلم بأنها راقصة؟!!
صمتت شمس ولم تتفوه بحرف فحاول هو الإجابة عليها برفق:
-شمس انا ولا بذلك ولا مش عايز اقولك حاجة كل الحكاية ان ابوكي في بني سويف مش بيتحرك من البيت وأول ما يرجع اسكندرية هنشوف احنا الموضوع دي كل الحكاية ثقي فيا..
تمتمت شمس بسخرية شديدة:
-والله ما في حاجة هتوديني في داهية إلا ثقتي فيك يا ثائر…
عقب شريف على حديثها بتهكم:
-كتر خيرك يا حبيبتي..
رغم أنه يتحدث بسخرية إلا أن قلبها خفق بجنون أثر كلمته الغير مقصودة (حبيبتي) ولكنها حاولت ألا تظهر هذا فصمتت حتى رأته وهو ينهض من مكانه متمتمًا:
-أنا همشي بقا علشان طولت هنا ولو في اي جديد هتصل بيكي وهقولك وهحاول مجيش كتير هنا أفضل ولو عوزت ابعتلك حاجة هبعتلك مع البواب..
تمتمت شمس بانزعاج جلي وهي تنهض هي الأخرى وتقف قبالته:
-لا متتعبش نفسك احنا لما بنعوز حاجة بنجيبها وماما خدت على المكان وبتنزل تجيب طلبات البيت…
قال شريف وهو يكز على أسنانه يكبح رغبة بداخلها بصفعها:
-براحتك..
جاءت سوسن من الداخل وهي تحمل القهوة الساخنة فغمغم شريف بسماجة:
-والله يا حجة كتر خيرك بس أنا خلاص ماشي خليها ليكي أنتِ، احنا محتاجين نقعد مع بعض علشان نظبط مواعيدنا أكتر من كده علشان أنا بقولك اتاخري شوية أنتِ لما بتصدقي…
قالت سوسن بانفعال:
-والله ما انا عارفة ايه اللي مصبرني عليك؟!..
عقب شريف ببساطة:
-نفس اللي كان مصبرك قبل كده على الناس اللي في حياتك قبلي، يلا يا حجة في رعاية الله..
بعد رحيل شريف بـساعة تقريبًا تناولت شمس الطعام مع والدتها ثم جلس الاثنان على الأريكة مما جعل شمس تبدأ هي الحديث:
-انا عايزة اعرف اسم ابويا منك كامل وكل التفاصيل اللي تعرفيها عنه، اسم مطعمه كل حاجة تقوليلي عليها..
نظرت لها سوسن بتردد وهي تغمغم:
-ليه؟!!
صاحت شمس بانفعال وجنون :
-هو أنا كل ما أسال حد على حاجة يقولي ليه؟! ما تجاوبيني وخلاص وريحيني هيحصل ايه يعني اعتبرينا بندردش ياستي…
قالت سوسن بانفعال هي الأخرى:
-اصلا هو قفل محله القديم و عنده دلوقتي سلسلة مطاعم جديدة غير القديمة و….
قاطعتها شمس بهدوء شديد:
-كويس يعني انتِ تعرفي عنه كتير، عرفيني أنا كمان بقا واعملي ثواب وريحيني ولو لمرة….
_____________
الطف عاداتي أني أعتدتُ عليك.
#مقتبسة
بينما يظنون إننَي لا أتحدث كثيرًا كنتُ أتحدث معك
عني وعن شؤوني وأفكاري و كأنَني أتحدثُ لنفسي
لشدة ارتياحي معك و كُنت منزلي الدافئ
#مقتبسة
ذهبت إلى أحد المولات التجارية برفقته عقب انتهاء امتحان فهد، الذي ذهب إلى المنزل وخلد إلى النوم ورفض النزول معهما متعللًا بأن خاله سيصنع كعكته المفضلة لذلك وقع على أفنان الخروج معه بمفردها…
قامت بشراء بعض الأشياء إلى المنزل برفقته من اختيار الاثنان معًا كان شعورها هي بالأخص غريب وجديد هي تشعر بأنها تتزوج بالفعل وتمر بتلك المراحل التي تمر بها أي فتاة قبل زواجها لكن الإختلاف بسيطًا أو ليس بسيطًا لن تكن كاذبة فهي متزوجة من هذا الرجل منذ أكثر من سبع سنوات ولديها طفل…
لكن شعورها لم يختلف أن أي فتاة تختبر تلك الأمور ولأول مرة حتى ولو كانت بظروف مختلفة، تمر بتلك المراحل التي ظنت بأنها لن تثل لها ابدًا وانتهى امرها…
في نهاية اليوم وضع داغر متعلقاتهم ومقتنياتهم في السيارة -الذي قام بتأجيرها خلال الفترة الذي يتواجد بها في القاهرة- ثم ذهبا إلى أحد المطاعم ليتناولا طعام الغداء بعد أن اتصلت بشريف الذي أخبرها بأنه تناول الطعام برفقة فهد، لتتناول هي وداغر…
كان الأمر مُربك بالنسبة لها..
أي خطوة بينهما أو أي شيء جديد تكون متوترة، ليس خوفًا رُبما حماس يتملك منها، ورُبما مشاعر جديدة تشعر بها تربكها…
أتى الطعام وبدأ الاثنان يتناولا سويًا بهدوء بينما هاتفه كان يهتز في جيبه، كان يتجاهله في البداية حتى اخرجه ووجدت انها مُصره على الاتصال فقام بحظرها فهي لم تكف عن الاتصال به منذ الصباح الباكر…
وضع الهاتف على الطاولة تحت أنظار أفنان، وبعد ان انتهى الطعام وطلب كلاهما مشروب، اهتز هاتفه يعلن عن اتصال من رقم غير مصري، على الرغم من أنه كان هناك احتمال بأن تلك منال إلا أنه لا يستطيع تجاهل الاتصال من رقم غريب..
قد يخص الأمر عمله…
تمتم داغر بنبرة هادئة وهو يوجه حديثه لها:
-انا هقوم معايا مكالمة وراجع تاني..
قال أفنان بهدوء:
-طيب.
ابتسم لها ثم غادر المطعم وسار بضعة خطوات ثم أجاب بلهجة رسمية:
-ألو..
أتاه صوت منال المنفعل بشكل كبير:
-أنتَ بترد لما اتصلت من رقم غريب، بتبلكني يا داغر؟!
صدق توقعه مما جعله يقول بهدوء وبرود:
-كويس أنك واخدة بالك اني بلكتك ده معناه اني مش عايز نتكلم ولا يكون في تواصل ما بينا..
جاءه صوتها الغاضب:
-أنتَ اتجوزت يا داغر؟! انا شوفتك منزل على الفيس من اكونت صابرين بعد ما شيلتني من عندك.
عقب داغر ببساطة:
-اه يا منال ولو في حاجة ليها علاقة بالشغل حابة تقوليها قوليها، لو مفيش ياريت تقفلي ومتتصليش بيا تاني مدام مفيش شيء يستدعي ده…
-داغر أنتَ ازاي قدرت تتخطاني بالسرعة دي؟! ومين اللي قبلت تتجوزك وأنتَ مبتخلفش ولا خبيت عليها..
تحدث داغر ببرود شديد عكس غضبه المعتاد أو جرحه من هذا الأمر التي تعبث به بكل براعة دون أي مراعاة لشعوره:
-منال احنا موضوعنا انتهى من بدري ملهوش لزوم الاتصالات وكل الكلام اللي ملهوش لازمة ده، وعلى حد علمي أنتِ دلوقتي مخطوبة كلامك معايا ميصحش..
كأن أحدهم سكب دلو ماء مثلج فوق رأسها فهي تعمدت أن تخفي الأمر عن أغلب أصدقائهم المشتركين، لكنها حاولت أن تحول الأمر إلى صالحها:
-أنتَ مهتم يا داغر بيا واديك بتعرف أخباري اهو…
خرجت منه ضحكة ساخرة وهو يغمغم بجدية شديدة:
-آسف اني هخيب أملك انا ولا مهتم ولا حاجة قبل سفري امك بعتتلي دعوة لخطوبتك على الواتساب واعتذرت أنه كان بالغلط، وبالنسبة اني كنت سايبك عندي على الفيس ده علشان احنا زمايل وحقيقي أنتِ اكتر واحدة عارفة اني غير مهتم بكل ده، وشيلتك امبارح بسبب اللايكات اللي عماله توزيعها ومراتي اضايقت وياريت متتصليش بيا واحترمي دبلة الراجل اللي المفروض هي في ايدك..
ثم ختم حديثه بهدوء شديد:
-سلام..
ولم ينتظر ردها فهو ألجمها كليًا ثم حظر الرقم بعدها، وتوجه صوب المطعم مرة أخرى وجلس في مكانه ليجد أفنان جالسة متحفزة وهي تعلق على الأمر بضيقٍ:
-كل ده، المكالمة طولت اوي..
-حقك عليا.
صمتت رغم أن شيء بداخلها أخبرها بأن هناك شيء أخر، فهو خرج ليتحدث بعيدًا عنها..
لو لم يكن هناك شيء لكان تحدث أمامها المكان ليس مزدحمًا ولا هناك ضوضاء بالشكل الذي تجعله يفضل الحديث في الخارج…
أسترسل هو حديثه بهدوء:
-هنسافر بعد بكرا مجرد ما فهد يخلص ناخده من المدرسة ونرجع..
هتفت أفنان بشرود:
-شريف هيوحشني مكنتش متخيلة اننا هنسافر بالسرعة دي خصوصًا ان بالي مشغول عليه…
عقب داغر بنبرة هادئة:
-هو أنتِ تخصص قلق وخلاص؟! قلق من غير سبب يا قلقانة على فهد يا قلقانة على شريف، كده هستنى تقلقي عليا..
قالت أفنان بعفوية شديدة وهي تنظر له:
-لما تسافر هقلق عليك رغم اني…..
صمتت ليسألها وهو يمد يده ليأخذ كف يدها الناعمة بين كفيه:
-رغم أنك ايه؟!..
عقبت أفنان بنبرة خافتة ومختنقة:
-اني اتعودت على وجودك وحاسة ان بعدك عني مش هيكون شيء هين او اني مش هقدر.
رفع كفها ليُقبله بهدوء ورقة تتنافي مع ملامحه رُبما أو مع أشواقه من جهة أخرى ليقول بهدوء شديد:
-وأنا اوعدك اني مش هطول وهحاول أخلص الأمور هناك بأسرع ما يمكن ان شاء الله…
شعرت بالسخافة أن تقوم بتذكيره بأنه سيضحي بعمله ومكانته هناك من أجلها وأن يفكر جيدًا في الأمر ولكنها أبت فعل هذا تلك المرة وعقبت تعقيب بسيط وعفوي جدًا:
-وأنا واثقة فيك..
هي كأي أمرأة في النهاية تحب التضحية من أجلها والتمسك بها، لكنها رُبما تحاول التفكير بمنطقية…
هي كاذبة حينما تخبره بألا يضحي وجوده بات أكسجين حياتها أعتادت عليه بشكل أو بأخر رغمًا عن أنفها…
_______________
” الـشـرقـيـة ”
كان مراد يجلس مع والدته فهو ذاهب غدًا إلى وحدته، انتهت إجازته التي قضى نصفها في القاهرة والنصف الأخير منها مع والدته وبعد تناول الطعام ذهب الحديث إلى فردوس…
تمتم مراد بلا مبالاة:
-ايه المشكلة يعني أنها سافرت؟!.
عقبت نجوى بنبرة جادة:
-يعني أنتَ مش شايف أنه من أول ما جات والكلام اللي قالته ليا عن اخوها الغير مفهوم، وبعدها عايزة تبيع البيت ورجعت بيت توفيق وبعدها سافرت كل ده عادي؟! انا مش فاهمة اي حاجة من اللي بتحصل..
عقب مراد بنبرة هادئة وهو ينظر لها بعد أن رشفة من كوب العصير المتواجد بين يديه:
-مختصر الكلام يا امي ان فردوس عرفت حاجة تخص حسن جننتها وخليتها اليوم اللي خبطت علينا فيه كأنها ميتة كأنها كانت واحدة تانية، واللي عرفته مش عايزة تصرح بيه بطريقة واضحة اصعب من انه يتقال، بس أكيد كافي أنها تشوف ان اخوها يمكن يستاهل اللي حصل فيه..
قالت نجوى بعاطفية:
-مهما حسن عمل ممكن ده يخلي فردوس تحس ان اخوها كان لازم يموت؟! حساها صعبة اوي..
-فردوس متتخلاش عن كل حاجة ولا توصل للي هي فيه غير لو كانت صدمة عمرها وده لما روحت ظاهر لما لقيتها مولعة في حاجات في بيتهم، فردوس مش صغيرة ولا عبيطة بالعكس هي مبتعملش حاجة غير وهي متأكدة أن فعلا اللي بتعمله صح، ولما بتصرف نظر عن حاجة هي عارفة انه مينفعش…
ابتلع ريقه ثم غمغم بجدية:
-وبالنسبة لسفرها لكمال أنا عمري ما حسيت ان فردوس هتقدر تبعد عن كمال ولا هو هيسيبها، فردوس لو كانت عايزة تسيبه كانت سابته في ساعتها بس يمكن حبها ليه اتجاوز كل اللي حصل، في عز ما كانت بتجيب حق اخوها وبتدور على شريف مكنتش عايزة تسيب كمال…
رغم عدم اقتناع نجوى بما تسمعه…
إلا أنها قالت بنبرة صادقة:
-اهم حاجة تكون فردوس كويسة ومقتنعة باللي بتعمله انا مش عايزة اشوفها غير انها مرتاحة مستقرة في حياتها ونفسيًا وكل حاجة..
تمتم مراد بهدوء:
-أنا متأكد ان فردوس مش هتعمل غير اللي يريحها وهي أدرى الناس بنفسها..
صمتت نجوى ثم غيرت الموضوع بمهارة:
-مش النهاردة شوفت جميلة اخت محمد رفاعي..
عقب مراد بكلمة واحدة مقاطعًا حماس والدته:
-لا..
صاحت نجوى بانفعال:
-هو ايه اللي لا هو أنا كملت كلامي أصلا؟!
قال مراد بوضوح:
-مش هروح اخطب حد ولا هتقدم لحد أنا لسه في الجيش وقدامي سنة عقبال ما اخلص ولسه قدامي مستقبل وحياة مش وقت ترشيحات ملهاش لازمة ده أنا لسه مخلص الجامعة سبيني أقف على رجلي على الأقل يعني واتثبت في شغلي…
غمغمت نجوى بشذر:
-لا أنتَ عايز تصيع ومتتربطش بمسؤولية لا أكتر ولا أقل…
تمتم مراد مداعبًا والدته:
-وهو المطلوب اني اصيع انا مش بتاع مسؤولية ولا بتاع جواز انا دلوقتي بس اخلص جيشي واشوف الدنيا مخبيالي أيه، انا مينفعش أكون مسؤول عن واحدة وإلا هعملك مشكلة كل يوم وهخسرك الناس اللي تعرفيهم وبعدين هخطب واحدة هشوفها امته وأنا يا في الجيش يا في المكتب.
هتفت نجوى بانزعاج جلي:
-أنتَ الوحيد اللي في اخواتك غلبني ومش قادرة عليه الظاهر اني كبرت، كل اخواتك كانوا بيسمعوا كلامي ويريحوني في كل حاجة إلا أنتَ، محدش فيهم شطح كده ورايح جاي مش راحم نفسه غيرك..
نهض مراد من مكانه وترك قُبلة على رأسها قائلا بمرح وهو يواسيها:
-معلش يا نوجا مهوا أنتِ والحج الله يرحمه اللي اتشقيتوا وجبتوني على كبر وادي النتيجة، ومينفعش اللوم او العتاب او البكاء على اللبن المسكوب يلا انا هروح احضر شنطتي…
رفعت حذائها المنزلي وقذفته به ليصطدم بظهره متحدثة بانفعال تحت ضحكاته:
-عيل متربتش…
_______________
احبك للحَد الذي يجعلني ﻻ اصلحُ لغيرك..
#مقتبسة
وحدكِ تبدين زمنًا كاملاً، بينما البقية كلهم أوقات مُستقطعة ‏من العمر.
#مقتبسة
‏يظهر على ملامحي كمّ أنا أحبّك ولأيٍ قدر أستطيع أن أضحي من أجلك وكيف قد أمتزجت روحيّنا حتى أصبحنا روحًا واحدة يظهر عليّ مهما حاولت التخفي
‏والأستتار على أمر محبتك.
#مقتبسة
” دبـــي ”
منذ إتيانها كلاهما يتعمد عدم الحديث عن أي شيء…
ولو أخطا أحدهما وتفوه بأي شيء يخص الماضي يقوم الأخر بتغيير الموضوع حتى فردوس…
تناولت الطعام معه في الخارج ذهبا إلى أكثر الأماكن السياحية المعروفة ألتقطت الكثير من الصور معه، لديها ألالاف الصور في فترة الخطوبة وعقد القرآن لكنها لم تمتلك ولا صورة معه منذ سبع سنوات ونصف من الزواج كانت اليوم الصورة الأولى التي تجمعهما…
كان يوم رائع بكل المقاييس، كانت معه وكأنها عادت تلك الفتاة المحبة الشغوفة رغم ما تحمله بداخلها، إلا أنها أرادت الاستمتاع معه بكل لحظة، لا تفكر سوى في أنها معه، وليحدث ما يحدث عن عودتهما إلى حياتهما الطبيعة وإلى المنزل الذي يزيد من جرحها…
او البلدة كلها، لا تعلم هل الجرح في نفسها أم في الأماكن؟!!
تجلس بين ساقيه على الأريكة منذ عودتهما تستند بظهرها على صدره، وفوقهما الغطاء ويشاهدا التلفاز كلاهما يجافيهما النوم حتى كمال الذي استيقظ في الصباح الباكر كان يشاهد التلفاز تلك العادة لازمته منذ الفترة التي قضاها مع داليا قبلها لم يكن محبًا للتلفاز يومًا، يبدو أن أي شخص يدخل إلى حياتنا ويخرج منها يترك أي أثر حتى ولو بسيطًا….
أما فردوس كانت معطية كامل تركيزها في الهاتف، نظر كمال من أسفل نظارته الطبية التي يرتديها عند مشاهدة التلفاز أو الهاتف، أو العمل على الحاسوب…
وجدها وضعت صورة لهما بعد عقد قرأنهما بجانب صورة من الصور الكثيرة الخاصة بهما اليوم…
-بتعملي ايه؟!..
تمتمت فردوس بشرود:
-بشوف، تخيل دي أول مرة نتصور فيها من بعد جوازنا سوا شكلنا اتغير اوي مكنتش واخدة بالي ان ملامحنا اختلفت واتغيرت بالشكل ده غير دلوقتي، وكأني مكنتش شايفة شكلنا طول السنين دي كلها..
نبرتها كانت مرتجفة ومتوترة لكنها كانت صادقة وعفوية في الوقت نفسه، الأمر كان مخيف كأنها الآن أدركت عدد السنوات التي ضاعت من عمرهما في، تلك الخطوط البسيطة في وجهه، وشعيرات بيضاء ظهرت في خصلاته تكاد لا ترى إلا لو دققت النظر جعلت هناك فرقًا به، أما هي ملامحها تبدو متغيرة من ناحية قد تكون ازدادت انوثة، رُبما اكتسبت وزنًا إضافي، ملامحها من ناحية أخرى تبدو مرهقة حتى ولو تحول شكلها إلى الأفضل كأي أمرأة في الثلاثؤن من عمرها إلا أنها لن تنكر أن هذا أيضًا يعبر عن السنوات الضائعة…
تمتم كمال بنبرة هادئة محاولا قول أي شيء قد يجعل الأمر لا يذهب في الحديث في تلك النقطة:
– بس برغم كده أنتِ لسه في عيني نفس البنت اللي شوفتها لأول مرة وهي مروحه من مدرستها هتفضلي طول العمر بنفس الشكل في عيني…
ابتسمت قليلًا واستدارت برأسها لتترك قُبلة على وجنيته مدركة أنه يتفوه بتلك الكلمات حتي يتم تغيير الموضوع ليس هو وحده من يعرفها ويحفظها، وجدها توجهت إلى تطبيق (الفيس بوك) ثم توجهت إلى حسابها الشخصي وضغطت على تغيير الصورة الشخصية متمتمة بهدوء:
-اختار معايا صورة احطها بروفايل لينا احنا اتصورنا كتير اوي بس اختار معايا الأحسن..
بعد وقت وصل الاثنان إلى اختيار صورة وضعتها فردوس صورة لملفها الشخصي ليسحب الهاتف منها متمتمًا:
-كفايا كده على التليفون قولتلك مش عايز حاجة تاخدك مني…
ضمها إلى أحضانه أكثر وترك قُبلة على رأسها وهو يتنهد تنهيدة عميقة، قال بعدها:
-احنا هنمشي من البيت قريب..
سألته فردوس باستغراب:
-هنمشي نروح فين؟!.
عقب كمال ببساطة:
-في عمارة جدي كان جايبها وهو حابب ننقل فيها وتقريبًا احنا أول ناس هنمشي وهما هيجوا بعدنا لو حابة، لو معندكيش مشكلة عادي ممكن نفضل لغايت ما هما يمشوا معانا..
تمتمت فردوس بنبرة عادية:
-مش فارقة معايا اوي اللي أنتَ عايزه..
هي لا تعلم أفضل الحلول الآن ولا تفكر في شيء سوى أنها معه لا ترغب في التفكير في أي شيء أخر، لكن الغريب بأن تلك رغبة توفيق الذي تعلم تعلقه بمنزل العائلة هل هذا بسببها أم أنهم يرغبون في فصلها قليلًا عن الصراعات او عن فهد؟!
كما يفهمها كمال هي تفهمه بشكل كبير ولكنها تدعي عكس ذلك…
لم تصدق حديث كمال عن فهد تحديدًا أدركت صدقه في كل شيء إلا أمر فهد تعلم بأن حديثه يحمل شيء من الكذب، فهي لم تشك ولو لمرة خلال السنوات الماضية بأن كمال يكذب عليها في شيء..
حتى أنه لم يتصنع ولو لمرة بأنه لا يعرف مكان شريف بل كان صادق فيما يقول اما يمتنع عن الإجابة..
هي ليست بلهاء لتصدق ان أمر فهد طبيعي وهو طفل داغر تحديدًا بإتيانهم وعدم معرفة اي شخص بالطفل….
ليست متأكدة من انه ليس طفل داغر مئة بالمئة ولكنها متاكدة من أن كمال لم يكن صادقًا في هذا الأمر….

…..الـثـالـثـة فـجـرًا…
كلاهما يقف في أحد الشوارع الشبة خالية في هذا الوقت بعد سباق دام لمدة ساعة تقريبًا يستند كلا منهما على دراجته..
تمتم شريف بنبرة ساخرة:
-والله يا هلال انا فعلا بقيت مقتنع اني لازم أسلم نفسي النهاردة قبل بكرا علشان احنا لو كملنا في الطريق ده هيبقى نهايته موت حد فينا.
عقب هلال بصوت هادئ:
-متكبرش الموضوع أنتَ حتى النهاردة وصلت الأول يعني تتحسد..
صمت شريف ليعقب هلال بنبرة هادئة:
-هتعمل ايه؟!.
قال شريف ساخرًا وهو ينظر له بعد أن كان يتناول أحد المشروبات الغازية:
-مدام وصلنا للسؤال ده يبقى جدي كلمك..
تمتم هلال بنبرة عادية:
-ده الطبيعي الراجل عايز يطمن عليك أنتَ اكتر واحد فاهم يا شريف ان تكملة حياتك على أنك ثائر ده مش هينفع ولو ربنا سترها الفترة اللي فاتت دي كلها والسنين دي علشان الدنيا متظبطة بس محدش عارف بكرا فيه ايه، غير يا أستاذ كل يوم أنتَ فيه هربان بيزود من سوء موقفك ومش محتاج أنا اللي اقولك الكلام ده أنتَ خبير اكتر مني..
ضحك شريف وهو يستكمل تناول مشروبه وهو يتحسر صدقًا على موقفه بعد أن كان حلمه العمل بالمحاماة جنبًا إلى جنب مع هلال تبخر كل هذا في لحظة، هو ليس نادمًا على ما فعله من أجل شقيقته ولو تكرر الموقف لفعله مرة أخرى، لكنه لم ينكر حزن طفيف يحتله أحيانًا..
أسترسل هلال حديثه بوضوح:
-موضوع اختك مش لازم تتحجج بيه أكتر من كده اللي فهمته من جدك أن أمورها كلها بقت تمام واتحلت، أنا عارف أنك اخدت على الحرية وفكرة السجن مش حاجة هينة لكن أرحم بكتير من عيشك طول عمرك ملكش هاوية لازم ترجع شريف اللي انا اعرفه مرة تانية وثائر ده لازم ينتهي…
بشرود كان يعقب شريف:
-وشمس؟!.
تمتم هلال بانزعاج:
-شمس موضوعها أسهل منك بكتير يا شريف بلاش تعمل نفسك مش فاهم، لو ابوها محلش الموضوع ودي هيتحل عن طريق المحكمة مفيش أسهل من قضايا اثبات النسب خصوصا ان امها كانت متجوزة بالفعل رسمي، فكر في نفسك يا شريف العمر مفيهوش وقت يضيع أكتر من كده السنين اللي بضيع وأنتَ ثائر دي مش في مصلحتك، ومتقلقش ان شاء الله هتاخد حكم مخفف هي هتكون المشكلة الحقيقة هروبك..
أبتلع ريقه ثم غمغم بنبرة جادة:
-حتى دي بفكر فيها مع بابا، وهندور ليها على ثغرة ممكن تكون في صالحك لسه بنفكر في موضوع ولو ظبط يعني يمكن يشفع شوية بس في كل الأحوال اي حكم هيكون أفضل من اللي أنتَ فيه..
غير شريف الموضوع تمامًا وهو يسأله:
-عملت ايه لما روحت بني سويف؟!.
-اتفقنا على خطوبة عائلية ابوها كان عايز يعمل فرح كبير وكده بس اللي فهمته أن بشرى مش عايزة كده، ولسه هيرد عليا تاني، بس يعني مش دي المشكلة دلوقتي خلينا فيك أنتَ.
هتف شريف بجدية:
-شمس يا هلال، شمس أهم حاجة عندي أياك تتخلى عنها مهما كان ده هيكلفك…
ردد هلال بنبرة تماثله:
-شريف أنا عمري ما سيبت حد معاه حق غير لو جيبته ليه فمتقلقش، ارجوك سيبك من موضوعها ونركز فيك، الشهر الجاي هتسلم نفسك أنتَ فاهمني مش هنأخر أكتر من كده، موضوع شمس اتحل قبلها او بعدها ملكش فيه..
ثم سأله بنبرة هادئة:
-معلش بس في سؤال محشور في زوري، آخرة حوار شمس معاك أنتَ ايه واخرة الجدعنة دي ايه؟! يعني لو خلاص موضوعها مع ابوها خلص واعترف بيها أنتَ عايز ايه منها؟! وعايز توصل لأيه؟! وهتتخطى ماضيها..
قال شريف بتردد وهو ينظر له بحيرة:
-مش عارف يا هلال، مش عارف حكايتي معاها هتوصل لفين ومش عارف هتخطى ماضيها ولا لا اللي مهما كانت الاسباب اللي خلاها تعمل كده مش هقدر أنساه، ويمكن هي حياتها كلها تتغير لما ابوها يعترف بيها واتشال انا من الحسبة في النهاية أنا هكون رد سجون مهما كان أنا عملت معاها ايه، ومهما كانت عيلتي مين…
تمتم هلال وهو يرفع أحدى حاجبيه:
-يعني بعد كل اللي عملته وبتعمله علشانها ده أنتَ متخيل ان لو موضوعها اتحل ممكن تصرف نظر عنك؟!.
هز شريف كتفه بلا مبالاة:
-مش عارف بس ليه لا؟!! ممكن ده يحصل محدش ضامن حاجة..
هتف هلال بنبرة غريبة عليه جعلت شريف يشعر بالدهشة هلال ليس معتادًا على الحديث بتلك الطريقة العاطفية:
-لو ده حصل فهي متستاهلش كل حاجة بتعملها علشانها والمفروض لو شاكك فيها كده ده يخليك متفكرش تساعدها وتوصيني عليها بالشكل ده..
-حتى لو ده حصل مش هلومها، لكن أنا هفضل خايف عليها وهفضل عايزها في أحسن حال وعايز أمورها تتظبط حتى لو بعيد عني، أنا حبيت شمس يا هلال وحبيتها رغم كل عيوبها ورغم كل مشاكلي، علشان كده أنا عايز حياتها للأفضل سواء كنت فيها أو لا…
عقب هلال بانزعاج:
-يلا نروح أحسن، اهم حاجة زي ما اتفقنا ظبط أمورك كلها ومتفكرش تجيلي المكتب علشان قريب مرات اخوك خلينا دايما على تليفونات ونتقابل برا…
___________
” الـيـوم التـالي”
” بــنــي ســويــف ”
أرسل لها هلال قضية أخرى جعلتها طوال الليل مستيقظة لم تخلد إلى النوم إلا بعد شروق الشمس، وحينما استيقظت التقطت هاتفها وأخذت تعبث في أحدى مواقع التواصل الإجتماعي لترى صورة له وهو يرتدي ملابس رياضية قطنية عوضًا عن تلك الملابس الكلاسيكية وهو يستند على دراجة نارية في الليل كان مبتسمًا وحظت صورته على الكثير من المعجبين بها والتعليقات هي كانت تعلم من البداية من أنه مشهورًا على مواقع التواصل الاجتماعي وكان هذا السبب الأكبر الذي جعلها تعمل في مكتبه تحديدًا بعد اقتراح مراد عليها، أخذت تسأل نفسها هل تقوم بالضغط على زر الإعجاب ام لا؟!!
ثم شعرت بالغضب بالتاكيد أنه لن يهتم ولن يرى ما دام تخطت الصورة عشرة ألالاف إعجاب بالتأكيد لن يهتم بإعجابها هي…
صمتت لثواني تحاول فهم نفسها، تحاول فهم ما تمر به هي بالفعل على وشك أن يتم خطبتها له، لا تدري ما الذي يحدث ولما تشعر بتلك المشاعر الجديدة كليًا، لكنها لن تنكر انه بالرغم من حلاوة الشعور إلا أن تجربة أي شعور جديد تكون بها جانب مخيف تحديدًا وهي شخص تربى في أسرة قد تظهر رائعة ولكنها كانت مفككة وهشة من الداخل…

في ذات المنزل وبـغرفة والديها، كان منير يقوم بغلق حقيبة السفر الخاصة به تحت أنظار نرمين التي هتفت:
-أنتَ هتسافر بجد؟!.
هز منير رأسه قائلا بنبرة جامدة:
-زي ما أنتِ شايفة بقفل الشنطة، هسافر يومين وراجع..
غمغمت نرمين بسخرية:
-يعني ده وقت تسافر فيه؟! واحنا بنحضر لخطوبة بشرى وكمان يعني أنتَ لسه قايم من العملية مبقاش ليك كتير مستعجل على السفر ليه؟!.
هتف منير بنبرة جادة:
-مستعجل ايه انا بقالي أسبوعين واكتر قاعد في البيت، ومش متعود اسيب كل حاجة كده من غير ما اكون بطمن على الشغل، وكمان يومين وهرجع مش هطول..
صدقًا هو لن يتغير حتى ولو مرت مئات السنين سيظل يلعب دور الشخص المراهق الذي يحب الجلوس دون أعباء ومسؤوليات في المكان الذي يبتعد فيه عن كل شيء متعللًا بأن السبب هو سلسلة المطاعم…
قالت نرمين باستهجان:
-براحتك يعني عادتك ولا هتشتريها..
أغلق منير الحقيبة ثم نظر لها متحدثًا بنبرة ساخطة:
-جرا ايه يا نرمين هو مينفعش الواحد يفك عن نفسه شوية مش كفايا عملت اللي أنتِ عاوزاه أنتِ وبنتك ووافقت على عريس الغفلة عايزين ايه تاني؟!.
غمغمت نرمين بسخرية:
-والله محسسني أنك اتنازلت أو محسسني ان هلال ده شمام ولا حد من الشارع، ده راجل وشاب أي حد يتمنى يناسبه، أنتَ متنازلتش ولا حاجة، أنتَ بتقنع نفسك بكده علشان يكون عندك سبب كافي تنزل تتمتع ليك شوية وتبعد عن المسؤولية كالعادة…
تمتم منير ببرود:
-مهما عملت مش عاجب، واه ياستي أنا نازل اريح دماغي، أنا مش متعود على القعدة هنا وأنتِ عارفة، ويعني أنا من زمان قعدتنا مع بعض مش لا على كيفك أو كيفي عاملة نفسك مضايقة ليه ده بالعكس أنتِ قولتيها أكتر من مرة أنك بتفرحي لما بسيب البيت وبسافر…
غمغمت نرمين بجدية:
-والله مش عايزاك تقعد علشات اتأمل جمالك احنا حياتنا منتهية من زمان واللي احنا فيه تحصيل حاصل، كل الحكاية أني بتكلم على بشرى اللي المفروض بنحضر لخطوبتها وفي حاجات كتير المفروض نعملها…
رد منير عليها بنبرة غاضبة:
-قولتلك يومين وراجع مقولتش رايح اغيب ست أشهر ولما نرجع هنظبط كل حاجة أحنا محدش بيجري ورانا…
تمتمت نرمين بنبرة غير مفهومة بالنسبة له:
-منير أنتَ مكلمتش احمد بقالك قد ايه؟!.
قال منير بإيجاز:
-بقالي كتير يا نرمين بطمن عليه منكم وخلاص…
هتفت نرمين بسخرية:
-أنا كلمته وعرفته بموضوع بشرى وهو قالي انه مش هيقدر ينزل على الخطوبة مش هيلحق ياخد اجازة بالسرعة دي…
قاطعها منير بلامبالاة:
-لو حابة تأجلي لغايت ما ابنك ياخد اجازة مفيش مشكلة…
تمتمت نرمين بانفعال طفيف:
-بشرى بنتي وحفيدة امك، اما احمد هو ابني، واضح انهم عيالي أنا بس وأنتَ مش شاغل بالك بابنك وبتكلمه كل فين وفين..
صاح منير بانفعال هو الأخر وهو يقف قبالتها:
-وأنا ليه اهتم بيه وهو مفكرش ينزل اجازة لما عرف اني تعبان وفي المستشفى وليه اهتم بيه بعد ما قرر يسافر ويعيش حياته ونسي ابوه، ليه مطالب مني اطبطب عليه وهو أصلا….
صرخت نرمين فيه وهي تغمغم مقاطعة حديثه:
-لأنك بتجني اللي عملته زمان في ابنك، وابنك شبهك وطالع زيك لو مش عاجبك تصرفاته ده نفس اللي عملته مع ابوك زمان لما سيبته وقررت تعيش وتفتحلك مطعم ملهوش أي لازمة بدل ما تقف جنب ابوك، ابنك عمل زيك بالظبط دور على اللي بيحبه وريح دماغه، ولأن احمد عاصر القرف اللي كنا فيه والمشاكل اللي حصلت أكتر من بشرى…
ابتلعت ريقها وهي تقول بوضوح مسترسلة حديثها بهجوم كبير:
-بشرى امك بتعوضها علشان لما حست أن احمد ضاع حبت تعوضها ودايما بتضغط عليك في طلبات بشرى علشان هي حاسة بالذنب؛ متلومش على أحمد انتَ بتحصد اللي عملته زمان ليه منتظر ابنك يقف جنبك؟! وبعدين يقف جنبك فين أساسا أما أنتَ بنشوفك صدفة في بيتك، الله اعلم بتعمل ايه في إسكندرية ما أنتَ بتحب تعيش دور المراهق زي ما عملت وروحت اتجوزت واحدة من الشارع…
ابتلع ريقه وهو يتحدث بجدية:
-خلصتي خلاص النمرة بتاعتك؟! خلاص منير هو اللي وحش؟!!!
ضحكت نرمين بسخرية وهي تقول باستنكار شديد:
-الغريبة أنك مش شايف نفسك كده لغايت دلوقتى ومصمم تعيش دور الضحية…
هتف منير بهدوء ونبرة جليدية:
-لا انا مش بعيش دور الضحية، بس أنا مكنتش متجوزك يا نرمين لوحدك انا كنت متجوزك ومتجوز اهلي ومتجوز اهلك عمر ما كان في ما بينا حياة طبيعية مكونة من اتنين بس كل حاجة في حياتنا كانت مُشاع، رغباتهم هما كانوا أهم من رغباتي عندك المرة الوحيدة اللي حبيتي تاخدي قرار هو انك تطلقي مني وساعتها هما مرضيوش..
ابتلع منير ريقه ليقول بجدية شديدة وغضب جامح:
-حتى لما قولتلك تيجي معايا إسكندرية تقعدي معايا وتساعديني على رغبتي في اني افتح مطعم صغير حتى لو عكس رغبة ابويا قولتي لا، ساعتها رفضتي تبدأي معايا من نقطة الصفر او علشان مظلمكيش أنتِ سمعتي كلام ابويا وابوكي في أنكم تضيقوا عليا حياتي علشان ارجع عن اللي في دماغي واجي اشتغل مع ابويا..
أسترسل حديثه بنبرة جادة تحت ذهولها:
– أنا كنت متجوز واحدة طول النهار متحفظة في الكلمة واللمسة وكل تفصيلة في حياتنا مهما كانت خاصة ما بينا مكنتش من دماغك لا من دماغ امك او اختك او ابوكي، اه دورت على راحتي برا وتعرفي اني فضلت ادور عليها اللي بتقولي عليها من الشارع وموصلتش ليها ولو كنت لقيتها كنت هرجعها ليا وده اللي كنت ناوي عليه..
نظرت له باستهانة وعدم تصديق وقاحته وفظاظته مما جعلها تعقب بسخرية:
-انا كان عندي سبعة عشر سنة يا منير لما خلفت أحمد كنت صغيرة ومش فاهمة حاجة، وبعدين لو أنا كنت ماشية بطوع اهلي كنت انتَ نفس الشيء وإلا كنت طلقتني بس ابوك اللي جبرك تكمل ساعتها…
هز رأسه بإيجاب وهو يقول بصوت ميت:
-كويس يعني أنتِ معترفة وده شيء كويس جدًا، واحنا الاتنين كملنا فملهوش لزوم نقعد نحاسب بعض بعد العمر ده كله أحنا كملنا جوازنا وقتها علشانهم وبعدها علشان الشكل الإجتماعي فبلاش قلبة الوش اللي ملهاش لازمة..
هتفت نرمين بجفاء :
-انا مطلبتش منك حاجة غير انك تهتم بولادك لو فشلت تكون زوج بلاش نفشل في أنك تكون اب…
عقب منير على حديثها بجمود:
-كويس من عنيا هحاول اعمل زيك زي ما فشلتي تكوني زوجة بتحاولي تكوني ام بقالك فترة شيء يحترم بصراحة..
-أنا مشوفتش حد في بجاحتك يا منير..
تمتم منير ببرود:
-ولا هتشوفي حد في صبري عليكي وعلى لسانك الطويل، المهم هما يومين ومش هتأخر ولما نيجي هتصل بيهم علشان ننزل نجيب الشبكة واجيب لبشرى العربية وهكلم أحمد واطمن عليه اي اوامر تانية؟!!..
أشاحت بوجهها وهي تعود إلى الفراش لتجلس فوقه:
-لا امشي وريحني

في غرفة بشرى كانت تستمتع إلى أصواتهم مما جعلها تغلق باب غرفتها جيدًا وتحاول النوم مرة أخرى كلما تظن أنها اعتادت تلك الحياة بين والديها يظهر لها بأنها لم تعتد أبدًا..
______________
بعد وقت…
منذ الصباح وهي في حالة غير جيدة بعد سماعها الشجار الذي دب بين والدها ووالدتها التي دون أن تعرف مضمونة إلا أنها تأثرت به، غاضبة من نفسها ومن انزعاجها هي لم تعد طفلة صغيرة لكن ماذا تفعل؟!
الأمر يؤثر بها بشكل كبير..
قررت أن تشغل نفسها طوال اليوم وعقلها في تلك القضية الجديدة شكرًا له أنه أرسل شيء يشغل عقلها دون أن يدري، لكنها كانت حزينة ولا تعلم لا تصل إلى حل لتلك القضية ولما يرسل لها أشياء تحتاج إلى هذا المجهود كله..
فهي في مكتبها لم يكن يفعل هذا معهم..
تناولت الغداء مع جدتها ووالدتها في صمت اعتاد الجميع عليه في مثل تلك الأوقات الصعبة وبعدها ولج كل شخص إلى غرفته وقررت هي الاستمرار في القراءة والبحث وإيجاد ثغرة، وبالطبع لم يخلى اليوم من مكالمة ملك التي شعرت بأن هناك شيء غريب في صديقتها فأخبرتها بشرى على مضض بأن هناك شجار في منزلها هو الذي جعلها في تلك الحالة وحينما تشعر بأنها في حالة جيدة ستتصل بها مرة أخرى..
وبعد ساعة وهي تتناول مشروبها الساخن صدع صوت هاتفها يعلن عن اتصال، وحينما التقطته لا تدري لما ارتعشت يدها أثناء قرأتها اسمه الذي يزين الشاشة وسقط الكوب على لوحة المفاتيح الخاصة بالحاسوب ويدها الأخرى كانت فتحت المكالمة دون أن تدري…
كانت تلعن وتشتم نفسها وهي تجذب المناديل الورقية بعد أن ألقت بالهاتف على المقعد تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه..
-غبية يا بشرى، غبية ومتخلفة يارب اللابتوب ميحصلوش حاجة يارب..
أخذت تمسح الحاسوب وهي تلعن نفسها وهذا اليوم وكل شيء يحدث من حولها وحمدت ربها أن ما انسكب على لوحة المفاتيح كان أقل مما انسكب على المكتب وكان هذا أفضل شيء على الأقل…
-واضح اني اتصلت في وقت غير مناسب.
تسمرت مكانها بعد أن قلبت الحاسوب وتركته يخرج بعض النقاط التي تتواجد بداخلها، تسأل نفسها من أين يأتي هذا الصوت الخافت والبعيد؟!!..
-الصوت ده جاي منين؟!..
كان سؤالها غبي بشكل جعل ضحكاته تتزايد وهو يتحدث:
-اكيد مش من الثلاجة، من التليفون..
التقطت الهاتف بأيدي متوترة وهي تتسأل متى أجابت تلك الحمقاء عليه؟!!! ما الذي يحدث هل كل المواقف المحرجة تحدث لها أمامه؟!!
قالت وهي تضع الهاتف على أذنيها:
-ألو..
-عاملة ايه أنتِ واللابتوب؟!
حكت عنقها بأصابعها وهي تجيب عليه:
-احنا كويسين، معلش انا مش عارفة رديت عليك امته أصلا..
عقب هلال على حديثها بهدوء:
-حصل خير…
ثم أسترسل حديثه مداعبًا أياها:
-هو أنتِ لما كانوا بيعلموكي بدايات المحادثة محدش علمك ان لما حد يقولك عاملة ايه تسأليه هو كمان عامل ايه؟! لاني ملاحظ أنك مبتفكريش تسألي انا عامل ايه ودي نقطة مش في صالح أي بنت أنها غير مهتمة..
أجابته بشرى بتردد وحماقة:
-ما أنا بقلق لما بتتصل ومش ببقى عارفة في ايه.
رد هلال عليها بسخرية شديدة لم يستطع كبحها رغم أنه يحاول:
-يعني شغالة في مكتبي لا وكمان بعد يومين ثلاثة هننزل نشتري الشبكة ولسه بتسألي أنا بتصل بيكي ليه، صحيح بتصل بيكي ليه أنا؟!.
أدركت أنه محق هناك أكثر من سبب يجعله يتصل بها، فأردفت بنبرة هادئة:
-ازيك، عامل ايه، ايه اخبارك؟!.
-ايه الافراط في العطاء المبالغ فيه ده، كل ده في نفس الجملة؟! على العموم أنا كويس أنا قولت اتصل اشوفك وصلتي لفين في القضية اللي بعتها…
قالت بشرى بسخرية:
-موصلتش لحاجة الحمدلله..
عقب هلال ببراءة:
-معقول؟! شكلك اتحسدتي أو أنا اللي حسدتك..
ضحكت رغمًا عنها وهي تعقب بنبرة عفوية:
-يعني انا مش في المود شوية اني احاول اوصل لحل بس لسه هكمل لولا بس اللي حصل هظبط الدنيا واللاب توب وهرجع…
سألها هلال باهتمام:
-وايه اللي مخليكي مش في المود؟!!.
“هو أنتَ هتصاحبني؟!”.
كبحت نفسها بصعوبة حتى لا تظهر نفسها في موضوع الحمقاء المتهورة أكثر من ذلك أمامه وعقبت ببساطة شديدة:
-مفيش حاجة عادي مخنوقة لوحدي يمكن من قعدة البيت..
-بتحبي الدهب العادي ولا الدهب الأبيض ولا ملكيش فيه وبتحبي الدايموند..
ما هذا؟!
هل هذا الرجل مجنون؟!
فهو ينتقل من حديث إلى اخر بشكل لا تستوعبه..
-أيه؟!..
غمغم هلال بهدوء:
-بحاول اعرف تفكيرك لأن عند اتفاقنا على الشبكة متفقناش على حاجة معينة قولنا هنجيب اللي تحبيه واللي يريحك فحابب أفهم ذوقك…..
هي ليست من محبين الإكسسوارات ولا المشغولات الذهبية أو أي شيء بشكل عام فهي نادرًا ما ترتدي خاتم أو سلسال او اي شيء عكس ملك..
ردت بشرى عليه بحيرة حقيقية:
-مش عارفة…
-خلاص تبقي تجربي ساعتها وهبعتلك بيدج ماما بتتعامل معاهم تشوفي لو حبيتي عندهم حاجة نروح الفرع ولا حابة تجيبي من حد عندكم؟!..
قالت بشرى بتوضيح وحرج:
-أنا مش عارفة بصراحة لسه مفكرتش في حاجة…
قاطعها هلال بقنوط:
-أو مش متحمسة تفكري….
حاولت ألا تكن فظة وهي تبرر موقفها أمامه:
-مش حكاية كده؛ انا مختلفة شوية عن تصرفات البنات اللي ممكن تيجي في بالك مش شخص الحماس واخده طول الوقت..
قاطعها بنبرة لا تعلم هل يداعبها به أم يسخر منها:
-إلا في حل القضايا شغفك ضارب للسماء.
-يعني شوية لان دي الحاجة اللي بلاقي فيها نفسي، وكمان علشان موضوعنا غريب وجه في وقت أغرب وأنا مكنتش عاملة حسابي او متخيلة اني ممكن اتخطب في الوقت اللي زي ده وأنتَ بنفسك عارف اني كنت في القاهرة علشان بس أخد خبرة من المكتب عندكم رغم ان بابا كان بيقنعني ان المحاماة وكل ده مش شغلانة البنات بس انا حاسة بشغفي فيها وكنت بثبت نفسي..
ابتلعت ريقها وهي تقول موضحة بشكل أكبر وباستفاضة لا تعلم لما رغبت بها:
-فأنا لسه بحاول استوعب الوضع أنا مرتاحة وصليت استخارة وهو ده اللي حاسة بيه في الوقت الحالي وزي ما قولتلك انا لسه باخد على الوضع وبستوعبه لأن مش الجواز والخطوبة كانت في بالي..
عقب هلال بهدوء:
-أنتِ صريحة وجريئة ساعات.
سألته بتردد وبفضول في معرفة كيف يراها:
-ودي حاجة وحشة ولا حلوة؟!.
أجابها بنبرة هادئة جدًا:
-بالنسبالي كويسة بس لو اتعملها كنترول شوية هيبقى الوضع أحسن.
ثم استرسل هلال حديثه بنبرة جادة وهو يجعلها تدرك قوة ملاحظته:
-بس يعني انا شايفك بطلتي تنطقي اسمي، هل في مشكلة؟!.
ردت بشرى عليه بتهكم:
-مهوا مش حاسة أنه ينفع اقولك يا متر كل شوية واحنا هنجيب الشبكة وبرضو مش حاسة انه ينفع انطق اسمك عادي..
تصنع أنه يوافقها الرأي:
-دي مشكلة فعلا ومحتاجة تتحل وقت تاني بس أنا مضطر أقفل دلوقتي علشان عندي ميعاد، لو في اي حاجة ممكن ترني عليا أنا مش بعض..
قالت بشرى بنبرة مرتبكة وغبية:
-كويس انك قولتلي كنت خايفة من الموضوع ده.
سمعت ضحكاته قبل أن يتفوه مودعًا حتى لا يصيبها بالحرج أكثر من هذا:
-سلام.
-سلام..
______________
‘ القــاهـــرة ‘
-أفنان هي مهنة التحقيق دي اكتسبتيها من جوزك ولا من أخوكي كمال؟! علشان واضح ان القعدة معاهم غيرتك…
كانت تلك كلمات شريف الذي يقف في المطبخ بجانب أفنان التي تقوم بوضع العدس على النار أما شريف يقوم بتقطيع البصل وكلاهما تهبط الدموع من عيناه فأخبره فهد في الصباح بأنه يرغب عند عودته من المدرسة أن يتناول “الكشري” الذي يصنعه خاله له..
وخلد للنوم إلى حين أن ينتهي الطعام..
عقبت أفنان على حديثه بعدما مسحت عيناها بالمنديل الورقي:
-أنا مش بحقق معاك يا شريف أنا بطمن عليك، أنا قلقانة و..
تحدث شريف بغطرسة مقاطعًا أياها:
-وأنا مش محتاج حد يقلق عليا يا أفنان خليكي في نفسك ومتدخليش..
هتفت أفنان بثبات ولم تنزعج كما توقع:
-شريف أنا عايزة افهم حدود علاقتك بيها.
صاح شريف رغمًا عنه:
-مش ملاحظة أنك اتماديتي أوي يا أفنان؟!!…
صمتت أفنان ولم تتحدث بكلمة وهي تراقب ملامحه الغاضبة ووجهه الأحمر، استغفر شريف ربه وهو يحاول الإجابة عليها حتى ولو كاذبًا:
-أنا مليش علاقة بيها هي من طريق وأنا من طريق تاني ياريت متشغليش بالك اكتر من كده..
لم تصدقه ولكنها حاولت تمرير الأمر وهي تغمغم بنبرة جادة:
-صفي المكرونة علشان خلاص اتسلقت لاني خايفة تتقلب وانا شايلاها..
هز رأسه بإيجاب وفعل ما أرادت ليحاول أن يمزح معها تحديدًا بعد المشادة الكلامية التي حدثت بينهما:
-مش ناوية تحمري البصل أو تعلمي أي منظر…
عقبت افنان بنبرة باهتة:
-اخر مرة حاولت احمره ليك ساعتها حرقته فبلاش أحسن وبعدين أنا مش عارفة أنتَ بتسمع كلام فهد ليه ادينا دربكنا الدنيا وخلاص كنا خليناه يأكل أي حاجة تانية الكشري زحمة وكل حاجة في حلة.
أردف شريف بنبرة هادئة وواثقة:
-هو نفسه يأكله وأنتِ اللي بتمنعيه يأكل حاجة من برا علشان مناعته وصحته لولا كده كنت اكلته برا، ومدام عايز حاجة أنا مقدرش أقوله لا وبعدين متقلقيش هبقى اقول قدام داغر أنك أنتِ اللي عملتي الأكل لأنه واضح ميعرفش أنك لسه زي ما أنتِ وأني فضلت أدلعك حتى السنين اللي فاتت وأنا اللي كنت بعمل الاكل.
ابتسمت أفنان رغمًا عنها وهي تجيب عليه:
-ايوة بس برضو متنكرش محاولاتي أنا دايما بحاول أنتَ وفهد اللي بتعيبوا على كل حاجة اعملها ومفيش مرة اديتوني فرصتي أنا اكيد كنت هتحسن لو لاقية الدعم الكافي منكم.
عقب شريف مداعبًا أياها باصبعه في أنفها الذي قام بغسلها لتوه أثناء حديثهما بعد تقطيعه البصل:
-يمكن تجربي وتلاقي الدعم الكامل من داغر لأن انا وفهد مش مضحيين للدرجة دي…
وعلى ذكر داغر أتى من الخارج قائلا بنبرة هادئة:
-في واحدة ست برا بتسأل عنك..
يبدو أن من اندماجهم في الحديث لم يسمع أي منهم صوت الجرس…
خرج شريف من المطبخ وبعدها الشقة ثم توجه نحو البوابة وخلفه سارت أفنان تحت أنظار داغر المندهشة من اتباع أفنان له..
وجد شريف “سوسن” تقف أمامه بملامح مذعورة وما أن وجدته أمامها حتى هتفت بجنون:
-الحقني يا ثائر، الحقني يا ابني..
عقب شريف بنبرة متوترة ومرتبكة وهو على وشك أن يتوقف قلبه من الاحتمالات:
-في ايه؟!! ايه اللي حصل؟! شمس كويسة؟!..
غمغمت سوسن بنبرة جنونية:
-أنا صحيت من النوم ملقتهاش ومبتردش على موبايلها شوية متردش وشوية يديني مقفول ومعرفش راحت فين..
قال شريف بانفعال هو الاخر:
-يعني ابه مش عارفة هي راحت فين؟!! ويعني ايه نايمة ومش واخدة بالك من بنتك هو ده اللي متفقين عليه؟! ومن الصبح مستنية ايه علشان تقولي ليا؟!!!!
جاءت أفنان من خلفه قائلة رغم عدم فهمها للأمر كله:
-براحة علي الست مش كده.
تمتم شريف بنبرة لا تقبل النقاش:
-ادخلي أنتِ يا أفنان الشقة لو سمحت متدخليش .
أشار لها داغر هو الاخر بأن تأتي وتتركه وبالفعل ولج الاثنان إلى الشقة وأغلق داغر الباب خلفهما..
تحدث شريف وهو يكز على أسنانه بانفعال واضح:
-ايه اللي مسكتك من الصبح؟!.
قالت سوسن بارتباك:
-كنت بحاول اوصل ليها افتكرت أنها بتشتري حاجة او نزلت تتمشى وبعدها اتصلت بيك أكتر من مرة تليفونك مش مجمع…
اللعنة..
يبدو أن هاتفه قد خرج من التغطية بسبب الشبكة السيئة هنا أغلب الوقت، ولأن فهد كان يلعب به حتى يرضيه، افنان لا تقبل بأن يظل منشغل بالهاتف الخاص به لوقت طويل…
هتف شريف بنفاذ صبر:
-ايه اللي حصل يخليها تنزل من البيت من غير ما تقولك..
عقبت سوسن بارتباك وقلق:
-مش عارفة محصلش حاجة كل حاجة كانت طبيعية استنى…
صمتت لثواني وهي تغمغم بتوتر كبير:
-امبارح سألتي عن اسم مطعم ابوها القديم ومطاعمه الجديدة في اسكندرية وأصرت اني اقولها كل حاجة عنه، احسن تكون راحت اسكندرية……

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى