رواية حورية بين يدي شيطان الفصل الأول 1 بقلم رحمة سيد
رواية حورية بين يدي شيطان الجزء الأول
رواية حورية بين يدي شيطان البارت الأول
رواية حورية بين يدي شيطان الحلقة الأولى
في سكون الليل الحالك…..كانت تركض ممسكة بيد شقيقهـا.. تركض وتركض وكأنها في سبـاق… سباق النجاح فيه سيكون نصر العمـر… والهزيمـة مرارة لاذعة سترافق ذلك العمر !!
كادت تسقط اكثر من مرة متعثرة ولكن شقيقهـا “علي” شد على يداها بقوة محذرًا بحدة :
-ارجوكِ اسرعي يا حور، كل دقيقة تمر ستؤثر في حياتك،، وإن امسكوا بنا سنصبح حديث الصحف في الصباح !
-لا استطيع.. قلبي سيتوقف
كانت تلهث بصوت مسموع وهي تتحدث بسرعة.. هي تعرف… لا بل متيقنة أنهم يبحثون عنهم الان في كل مكان !!!!
وفجأة سمعوا صوت الطلق الناري قريب منهم جدًا.. لدرجة أن جسد حور بدأ يرتعش بعنف مُثير للشفقة وهي تتمسك بيد شقيقهـا جيدًا…..
وصدح صوت احدهم كالرعد وسط سكون الليل :
-توقفوا.. إن لم تتوقفوا سأطلق النار
رغمًا عنها سقطت ارضًا… كل شيء يُعاكسها حتى اقدامها…. لم تعد قادرة على الركض اكثر ؟!
توقف “علي” هو الاخر يحاول جعلها تنهض ولكنها كانت كالطفلة تبكي وهي تمسك بقدمهـا التي استوطنتها العجز كما حياتها كلها….
ليُخرج “علي” سلاحه بتلقائية وهو ينظر للآخر الذي أصبح امامهم..
فزمجر فيه مسرعًا وكأنه يحذره من مصير أسود :
-لا تتدخل يا حسين واتركنا نذهب.. أنت تعلم جيدًا أنني لن اترك شقيقتي تدفع اخطاء اخيها وادعك تأخذها فصلية ذليلة !!!
ابتسم المدعو حسين بسماجة وهو يهز رأسه نافيًا :
-وانت تعلم جيدًا أنه أمر العشيرتان بعد الاجتماع.. وتعلم جيدًا جدًا ماذا يحدث لمَن يخالف امر عشيرته !
وفجأة رفـع الاثنـان سلاحهمـا بوجه الاخـر… وحور.. حور سقطت في حفرة عميقة… قاسية وموجعة لتلك الروح التي تناجي الرحمة في قلوب مغشية !!!
رفعت رأسها فجأة تصرخ من وسط بكاءها :
-يكفي، اتوسل اليكم يكفي !!
أشار لها حسين برأسه بحدة آمرًا :
-انهضي اذًا وتعالي معي بكل هدوء
نظرت لشقيقهـا الذي احتدت عينـاه السوداء لترمي شرارات من الغضب كالفتيل الذي على وشك التهام المحصول كله…..
اقترب منهم حسين فجأة وتحرك “علي” في نفس اللحظات يسحب حور.. فأطلق حسين الرصاص بعشوائية ومع حركة “علي” وتفاديه لها لم يصبه شيء… ولكن ازدادت صرخات حور التي شعرت وكأنها اصحبت في معركة دامية….. معركة لن تنتهي الا بانتهاء احد الطرفين !
صرخ حسين وهو يحاول سحب حور :
-هيا تعالي ودعكِ من ذلك المتهور الأبله
ولكن ذلك المتهور فعليًا،،، دفعه بعنف بعيدًا عن حور لدرجة أن حسين فقد توازنه ليسقط على الارض خلفه ولكن لسوء حظه كانت توجد حديدة قاسية بارزة غُرزت بمنتصف قلبه !!!!!!!!
ليهرب “علي” بعد إلحاح حور الطويل……..!
………………………………….
أفاقت “حور” من شرودها على صوت رفيقة دربها “ريم” وهي تهزها برفق متمتمة :
-حور.. يا حوووور ما بك ؟!
هـزت رأسها ببطء ليخرج صوتها مبحوحًا لينًا كخشبة رقيقة لا تستطع أن تغرق وسط المياه ولا حتى أن تنفذ من موجاتها !….
” شردت قليلاً في تلك الليلة المأساوية التي حولت حياتي للعبة طاولة يتحكمون بها الكبار ” !!
عضت “ريم” على شفتاها بأسى.. لو سألوها ماذا يفعل الظلم في ذلك العالم لردت صراحةً…. انه تجمع كله ليصبح سوطًا يجلد تلك الفتاة بلا رحمة !
ثم سرعان ما إنتبهت لحور وهي تستكمل ضاحكة بسخرية :
-ستقولين عني مجنونة إن اخبرتك أن جزء داخلي صغير جدًا سعيد بزواجي من عاصي.. !
هزت رأسها نافية بابتسامة خالية من المرح :
-لا لن اقول يا عزيزتي لانني عاصرت ذلك الحب المخفي طوال سنوات
نظرت “حور” للنافذة مرة اخرى وهي تهمس متابعة ببلاهه طفلة لا تدري ماذا تُحيك الحروف بفاهها :
-أ تعلمين يا ريم ؟ آآ……..
وكادت تكمل ولكن قاطعتها ريم بمرح المعتاد لتضيف مرحًا خاصًا على الاجواء المعكرة :
-وكيف سأعلم إن لم تخبريني يا حبيبة ريم !
ابتسمت حور ابتسامة صغيرة ثم استطردت بنبرة ليست هنا بل شاردة تصف تلك الضجة التي تسيطر على داخلها :
-أشعر بقلبي يهتز بعنف.. يهتز رعبًا من القادم.. وكأنه يتمنى لو تزوجت شقيقه حسين رحمه الله، فيكون اكثر رحمةً بي.. ولكنه ينهار.. يرتجف كلما تذكر أن غضب ونار انتقام عاصي كالشياطين يمكن ان تحرق حتى روحه من كثرة غليانها !!
ثم تهدج صوتها اكثر قائلة :
-وكلما نظرت في المرآة لأرى وجنتاي التي كانت تتوق للمسة منه.. أرتجف عندما اتذكر أنها ستحمل علامات صفعاته بالتأكيد !!!!
ثم مدت يدهـا تتحسس شفتاها الوردية الصغيرة :
-وشفتاي.. لن يُفتتن بها ولن تهمس بحبه كما توقعت، بل ستهمس بالتوسل والرجاء له فقط !!
ثم اصبحت تضحك بهيسترية فجأة وهي تنظر لريم التي كادت تبكي تأثرًا بحال صديقتها الميؤس منه :
-بل احيانًا اُحدث نفسي انه صار وقتل اخي علي اخوه الثاني حسين لأتزوجه هو فيُستجاب دعائي الدائم بأن يصبح زوجي !!
ثم اردفت باستنكار بعد ان تركت الضحك :
-ولكن إن كنت مبروكة لهذه الدرجة لمَ لم يُستجاب الجزء الثاني من دعائي يا ريم ؟!!!
عقدت ريم ما بين حاجباهـا هامسة ببحة متأثرة :
-أي جزء ؟!
لتجيب بقلب متمني متوجع بقدر تمنيه :
-أن يُصبح أب لأولادي يا ريم.. أن يناديه اطفالي بـ أبي!
رفعت ريم كتفاها بسرعة تحاول التخفيف عنها :
-وما ادراكِ بالغد يا عزيزتي؟! سيصبح أب لأولادك إن شاء الله
ابتسمت حور متهكمة بقوة :
-على مَن تضحكين يا ريم ؟ هل تتخيلين أن عاصي سيُنجب من أخت قاتل أخيه، ألا يكفي انه سيتزوجها فقط لينتقم منهم فيّ وليس خضوعًا لحكم العشيرة،، خاصةً بعد قتل اخيه الثاني على يد نفس العائلة !!!
ثم ارتمت بأحضانهـا فجأة تشهق ببكاء عنيف.. بكاء كانت تسده بصعوبة… بجدار واهي من التماسك… ولكن ذاك الجدار لم يعدر قادر على استيعاب قدرًا اكثر من البكاء الحاد……!
لتربت ريم على خصلاتها البنية برقة مغمغمة :
-ابكي يا عزيزتي.. ابكي يا رفيقة عمري فـ غدًا ينتظر منكِ الصمود لأستيعاب ما سيحدث به !!!!
****
في اليوم التالي…
كانت ترتعـش وهي جالسة بين النسـوة.. ترتدي فستـان زفاف… لا لا هو لا يمت لفستان الزفاف بأي صلة !!
هو كـفن…
كــفن من اللون الأسود يلف جسدهـا لتُزج به وسط ظلمات حياتها الجديدة التي ستصبح قبرًا يضم جسدها كاتمًا عنه ملذات الحياة..!
نظرت بعيناها البنية اللامعة بدموع متصلبة، للاسود الذي ترتديه بناءًا على اوامر زوجها المصـون..
واضح كعين الشمس أن حياتها ستصبح مثل لونه تمامًا.. ولمَ لا… فهي مجرد “فصلية” !
اداة للصلح بين عائلتان تسرب التــار بينهما فكانت هي الحل الأمـثـل لوقف سيل الدماء…
ولكن لم تنتهي المشكلة على هذا بل ازدات تعقيدًا وكأن القدر يُقسم لها ان حياتها للاسف…. حالكة !
نظرت للنسوة من حولها.. الجميع هادئ يجلس ببرود..
فهذه العادة مُرسخة منذ القدم في “العراق”….
ويبدو انها لن تزول في بلدتهم الريفية الصغيرة..
وفجأة صمت الجميـع عندما ظهر زوجها المصون.. عاصيهـا وعاصي قلبهـا….
” عاصي الشهـاوي ” …
وقد كان اسمًا على مُسمى……
سحبهـا من ذراعها دون أي كلمة وهو يحيي الجميع ببرود.. اتجه بها نحو غرفتهم..
بدأ قلبهـا يرتعد بين ضلوعها… هي تعشقه حتى اُدمي قلبها بعشقه.. وهو يكرهها !!
معادلة غير متوازنة اطلاقًا…..
لهذا فهي ترفض هذه الزيجة تمامًا.. ولكن ما باليد حيلة !!
ظلت تتراجع بالخلف بذعر ونبضاتها تكاد تتوقق عندما رمقها بنظرة مستذئبة وهو يردد بخشونة تليق بعينـاه الزيتونية الحادة :
-مبارك يا….
ثم ضحك بسخرية وهو يُملي عيناه من فستانها الأسود شامتًا :
-يا عروس !
وقد أحمرت عينـاه بغضب أسود كالمرجل أرعبها وهو يكمل :
-مبارك جحيمك.. مبارك بداية عذابك يا حور
كان تنفسهـا مسمـوع.. يثقل شيءً فشيء وهي تراه يخـلع بدلته ببطء مُدمر لأعصاب تالفة من الاساس….!!!!
بدأ يفتح ازرار قميصه وهو يحدق عيناها التي احتضنها فتيل من الذعـر… خاصةً وهي تسأله بحروف متقطعة :
-مـ… ماذا تفعل؟؟
ظل يقترب منها ببطء.. حتى اصبح امامها مباشرةً عيناه تشـع كرهًا أصاب أعماق روحها المخبئة ..
ثم رفع يده يسير بإصبعه على طول ذراعها وهو يُزيل فستانها رويدًا رويدًا ولم تخفى عنه تلك الرجفة العنيفة التي هزتها بعمق، ليكمل هامسًا بنبرة أجشة :
-اليوم… دخلتنا إن لم تتذكري.. وتعلمين جيدًا ان اهلي ينتظرون دليل طهارتك.. وبالطبع إنتِ لا يرضيكِ أن يُقال عن عاصي الشهاوي أنه ليس برجل !!
حاولت التمسك بفستانها كالطفلة… مهلاً ولمَ كما ؟!
فهي بالفعل تُعد طفلة في بداية عامها العشرين..
وخرج صوتها مبحوحًا وهي ترجوه :
-ارجوك اتركني
ثم نظرت لعيناه متوسلة :
-لا تفعل هذا بي يا عاصي
تلوى ثغره بابتسامة ساخرة ثم سرعان ما اختفت ليعود لقسوته المقيتة وهو يخبرها :
-ولمَ لم يرحموا اخواني هم يا حور؟ الاول قتله اخاكِ الاكبر بغير عمد كما يدعون والثاني قتله اخاكِ الاوسط عندما كاد أخي أن يأخذك فصيلة ظنًا منه انه يخلصك من العذاب ولكنه لم يعلم انه يرميكِ في العذاب بجهل !!!
عضت شفتاها بخوف ولم تنطق.. لتشهق والخوف يكبر داخلها منتشرًا بكل خلية حية بجسدها عندما مزق فستانها بحركة مباغتة !!
هي تعلم انه لن يكن متهاون حتى وهو يأخذ منها اعز ما تملك…
يأخذ الشيء الذي لو تغير الوقت والظروف لقدمته له وهي اسعد مخلوقة على وجه الارض…!
ثم بدأ يُقبل رقبتها بعنف متعمد.. وهو يكبل خصرها بينما هي تتلوى بين ذراعاه بقوة…
لتصرخ فيه مستنجدة قلبه الحنون الذي تعلم انه يكمن داخله في احد الاركان التي اُظلمت بالكره :
-ارجووووك يا عاصي.. ارجوك اتركني ! ماذا تريد لتتركني وشأني !!
لم يتردد وهو يجيب بجمود مُخيف :
-اريد كل شيء.. كل شيء حلو في حياتك.. قلبك لأدميه وروحك لأقتلها بالحياة.. وجسدك ليذكرك بعار ونجاسة عائلتك !
ولم يعطها الفرصة لنطق المزيد بل كان يكتم اعتراضها بشفتاه القاسية..
رفع لاعلى يداها التي تحاول دفعه ليمسكها بيد… ثم تقابلت شفتاه بشفتاها التي كانت ترتعش..والنار تشتعل بداخله اكثر.. نار الانتقام الضارية… ونار اخرى تحرقه بقسوة لانه رغب في امتلاكها……
بينما يداه الاخرى تستبيح جسدهـا…. و هي تتلوى بين يداه محاولة الفرار من بين مخالب معشوقها الوحيد… !!!!!
لتدفعه بعنف وهي تبكي بصوت عالي والفزع يفرض زمامه على روحها.. ولكنه ظل يقترب منها……..
****
كانت “أسيـل الشهاوي” شقيقة عاصي الوحيدة تجلس على الفراش في احدى الغرف في فندق صغير نوعًا ما…تضم قدماها لصدرهـا وهي تحدق بالأرضية بشرود !
عيناهـا تحوي فراغ صادم للضجة التي تستوحش صدرهـا…!!
رفعت عيناها بسرعة عندما سمعت صوت باب المرحاض لتجد “علي الجبـوري” شقيق حور يطل ببروده المعتـاد الذي استوطن روحه منذ أن التقى بها !!!….
عاري الصدر يسير ببرود حتى وصل أمامها فبدأ يتحدث بصوت ساخر :
-ما بكِ يا امرأة، مَن يراكِ لا يظن أننا تزوجنا منذ ايام معدودة لا تكاد تتخطى العشر حتى !!
ثم صدرت عنه ضحكة خشنـة مغموسة بالحقد وهو يُذكرها بما تود نسيانه وبقوة :
-اووه.. حقًا اعتذر نسيت أني لم اكن سوى مُحلل حتى تستطيعين العودة لزوجك الذي طلقك ثلاث مرات !! وأن ذلك تم بدون علم اهلك الذين يعتقدون انكِ تعيشين هانئة مع زوجك في بغداد !
حينهـا فقط رفعت عينـاها التي كانت بحـر.. بحر أزرق هائج وبجنون يرمي حروفها على هيئة شرارات :
-لا اكره في حياتي سواك وعائلتك يا قتلة ! وخاصةً أنت.. القاتل الذي لا يشعر بذرة ندم حتى على قتله !!! لذا قدم لي معروف واحرمني من سماع صوتك الرائع…
وبالرغم من ان داخله كان يتلوى وكأنه يود الانقضاض عليها، الا انه قال بنبرة قاسية تحمل نمطًا واضحًا من الشماتة :
-لا ألومك على كرهك لي ولعائلتي، ولكن ما اتعجب منه وبشدة هو حبك المرضي لذلك الرجل الذي لا يكف عن ضربك وسبك كاليتيمة !!
جزت على أسنانها الصغيرة بصمت ولم تُعلق.. هي لا تجرؤ أن تنطق بشيء من الاساس….!
ألم يكن هو مَن خلصها من يد زوجها عندما كان يضربها وهو يسحبها قصرًا معه يريدها ان تترك ذلك الفندق الذي جاءت اليه مع اخر يوم في عدتها لانها تعلم انه سيبحث عنها في منزلهم الذي تركه اثناء فترة العدة ليبحث عن مُحلل….!
هو هكذا وسيظل هكذا… قاسي.. متسرع وغيور بدرجة لا تُطاق.. بمجرد ان يفقد اعصابه يُطلقها لدرجة انه هشم روحها بكلماته….ولكنها تعشقه ؟!!!
قد يكون عشق مرضي كما قال “علي” ولكنه تسرب لأوردتها وانتهى الامـر…..!
انتبهت لــ علي الذي كاد يتجه للدولاب وهو يتذكـر ذلك الوقت.. يتذكـر عندما علم وسط الكلام من زوجها انه يبحث عن محلل سيعطيه المال مقابل ذلك… وبمحض الصدفة علم انها تكون شقيقة عاصي الشهاوي ليس سواها.. فلم يتردد وهو يعرض نفسه كـ مُحلل على زوجها الأبله !!!!
وعندما وجد منه التردد الكبير خاصةً عندما علم ان “علي” هو قاتل شقيق زوجته.. هدده انه سيخبر اهل “اسيل” عما تتلقاه ابنتهم من زوجها المصون وسيخبر على وجه الخصوص عاصي الشهاوي الذي ربما يقتل زوجها في التو !!……
ولكن بالطبع أوضح له بل وأقنعه انه يفعل ذلك لحاجته للأموال بسبب هروبه دون اخذ الاموال الكافية بالرغم من ان علي اخذ كل رصيده في البنك !!….
ولكنه كان يتصرف بدافع واحد فقط.. بدافع الأنتقام !
الأنتقام من عاصي الذي هو متيقن انه يُذيق شقيقته المسكينة “حور” اسوء انواع العذاب النفسي والجسدي…..!
استفاق من شروده على نظرات أسيل الشاردة.. فلم يترك الفرصة لأهانتها وهو يستطرد :
-اعتذر عن خروجي عاري الصدر فأنا لم اعتاد على كوني متزوج.. اعتدت ان دائمًا لا يكون مكانك سوى احدى العاهرات فقط !!
وايضًا ابتلعت غصة مؤلم كانت كالأشواك تمزق حلقها وهي تبتلعها بصمت….
لتشهق فجأة بعنف وهي تراه يميل عليها فجأة لتعود للخلف بحركة تلقائية حتى اصبحت متمددة على الفراش وهو فوقها ولكن دون ان يلمسها… انفاسه الساخنة تلفح وجهها الذي اصبح شاحب والتوتر يستولي على قسماته….
فهمست بصوت مبحوح ظهر التوتر به جليًا :
-ماذا تـ… ماذا تريد يا علي، ابتعد !
رفـع حاجبه الأيسـر يتهكم بقوة :
-أليس من المفترض أن يكون زواجنا مكتمل حتى تصبح عودتك لزوجك صحيحة وحلال شرعًا !؟؟؟
هزت رأسها نافية بسرعة :
-لا.. أنت لن تمس شعرة مني الا على جثتي !!
مد يده يتحسس جانب وجهها.. ثم وببطء شديد ثغرها الوردي رغم شحوبه.. ثم رفـع حاجباه بتعجب مصطنع :
-على حد علمي ديننا يقول هذا، ام انكم تدعون لدينًا جديدًا ؟!!!!
-ليس لك دخل.. يكفي ان تبتعد عني
صرخت بها وهي تمسك ملابسها وكأنها تحتمي بها من ذلك الــ “علي” !!….
ولكن مع لمعة عينـاه الشرسـة.. وعقله الذي يضاهيها لمعة الخبث التي زجها الشيطان بين ثنايـاه… كان وبحركة مباغتة يمزق فستانهـا الرقيق لتشهق هي بعنف مزمجرة فيه بهيسترية :
-ابتعد عني.. اتركني ماذا تفعل
ولكنه لم يأبه بها.. ظل يمزقه بغل واضح عندما مزق الفستان تمامًا.. كان ينظر لجسدها المُعرى لاويًا شفتاه بسخرية لاذعة وهو يقول :
-لا تقلقي.. لن أقترب منكِ لان ليس أنا من يأخذ بقايا غيره !!
وألقى نظره اخيرة عليها بازدراد واضح قبل ان يخبرها :
-ثم انك لا تثيرين فيّ ما تثيره طفلة حتى ! سأذهب لأبدل ثيابي و يُستحسن أن تبدلي تلك الثياب ايضًا.. لربما يشك طليقك بكِ فتتلقين ضربًا مبرحًا كالعادة !
شدد على كلمة “طليقك” وكأنه يدفنها بعقلهـا لانه وببساطة القلب خارج حساباته…!
وبالرغم من طبيعة علي وشراسته الحالية لينتقم.. الا انه متملك وغيور على اي شيء يمتلكه حتى لو كان يمقته !!……..
وبمجرد ان دلف للمرحاض مرة اخرى بدأت هي تبكي بصوت مكتوم وهي تدفن وجهها بين قدماها..لا تدري ما القادم ولكنها تشعر انه سيء….سيء جدًا !…..
………………………………..
في ظلمة الليل…….
كانت أسيل متسطحة على الفراش كالجنين..نامت من كثرة الأرهاق والبكاء رغمًا عنهـا…خصلاتها البنية ترتمي على الوسادة جوراهـا ويداها تشتد على الغطاء الذي يُغطيها بأهمـال…..!
دلف “علي” إلى الغرفة بهدوء تام دون ان يُصدر اي صوت.. وقف على عتبة الفراش يحدق بظهرهـا الملتوي وخصلاتها الشاردة…ليمد يده ببطء متردد يتحسس خصلاتهـا برقـة.. ولكن فجأة وجدها تستيقظ لتنتصب جالسة تصرخ فيه بقلق :
-ألم اخبرك ان تبتعد عني؟!! اتركني وشأني..
عادت ملامحه من سفرة واجمة شاردة لملامح خشنة وحادة وهو يُلقي بكلمات كالسوط على مسامعها :
-سأتركك لا تقلقي، ولكن بعد ان يتم ما اتيت لاجله…..
سألته بخوف :
-وماهو ؟
بدأ يفتح ازرار قميصه ببرود قاصدًا إرعابها.. ببطء مُقلق وهو يهمس لها ؛
-أتيت لأتمم زواجنا، لان طليقك المصون طلب مني ان ينتهي ذلك الزواج بأسرع وقت….فهل انتِ مستعدة يا عروس ؟!! ……
*****
وبعد أيـام معدودة…..
ليلة خطبـة “ريم” صديقة حور وعقد قرانهـا …
كانت تجلس شـاردة.. شاردة في صديقتها التي لم تستطع التواصل معها منذ ان تزوجت!!…
اصبح تشعر بالوحدة تقتلها ببطء.. والفراغ يستوحش حياتها شيءً فشيء…!
نظرت حولها لتنتبه للشيخ الذي قال بهدوء :
-بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في الخير
لتصدح الزغاريد لتعبأ المكـان… بينما هي تتنهد بصوت مكتوم وهي تحدق بــ “ظافر” ابن خالهـا الذي وافقته على اقتراحه المتهور من اجل ان يحصل على حضانة طفله عمار من طليقته ….
لا تدري ما الذي جعلها توافق على الزواج الصوري المؤقت ذاك… ولكن لربما لانها لا تريد لعمار ان يحيا بلا أب كما عاشت هي خاصةً مع ام مثل زوجة ظافر السابقة !!…..
بدأ الجميـع يتحدث في شتى الامـور.. حينها بدأ ظافر يقترب منها ببطء… لا يصدق أن طفلته الحبيبة اصبحت زوجته.. ملك له… تحمل اسمه ولا غيرها !!!
نعم طفلته… طفلته التي تربت على يداه منذ كانت عشر سنوات حينما توفى والدهـا.. ولم تنفصل عنه حتى بعد زواج والدتها من والد حور الا حينما اصبح عمرها عشرون عامًا فأصرّت والدتها على أخذها لتعيش معها في بيت زوجها الجديد “والد حور” …..
اصبح جوارها تمامًا.. فهمس عند اذنها متعمد لمسها بشفتاه :
-مبارك يا زوجتي.. مبارك أنتِ لي !
حاولت رسم ابتسامة سمجة حتى لا تلفت انظار الجميع لها… ثم همست بحدة :
-ابتعد عني يا ظافر، أنا لستُ امك او ابيك او امي او زوج امي حتى تقنعني انك رأيتني زوجة مناسبة هكذا فجأة فأتيت لخطبتي !!! كلانا يعرف انه زواج مؤقت حتى يعود عمار لك فقط…!
اومأ ظافر برأسه دون ان يجد ما يستطع قوله.. بينما داخله يحتـرق… يحتـرق بقسوة عندما يتذكر انه مجرد زواج صوري مؤقت !!
بعد فترة بدأ الجميـع يغادر… ليقترب زوج والدتها “والد حور” منهم مغمغمًا بجدية :
-نحن سنصعد لأعلى.. ونتركك تجلس مع زوجتك قليلاً بمفردكما يا ظافر.. بالمناسبة والدتك ووالدك ايضًا سيبيتون هنا الليلة بعد اصرار زوجتي، وبالطبع انت ستغادر !
هكذا كان ابراهيم الجبوري.. فظ خشن… يلقي ما بصدره في وجه مَن امامه دون تردد !!!
اومأ ظافر موافقًا بهدوء :
-بالتأكيد يا عمي، لا تقلق انا اعرف الأصول جيدًا
اقتربت منه والدته لتهمس لهما بابتسامة صادقة :
-اسعدكما الله يا اولادي..
ثم غادرت مع البقية لتصبح القطة في عرين الاسـد رسميًا……!
حينها إلتفت لـ ريم التي تنفست بصوت مسموع وهي تردد بحنق :
-واخيرًا انتهت تلك المسرحية !
ثم التوت شفتاها بابتسامة صغيرة متهكمة وهي تردد :
-كدت اصدق اننا متزوجـان فعلاً، تمثيلك رائع يا ظافر !! احسنت
ثم نظرت له مكملة بلا توقف :
-ولكن أ تعلم.. اشعر ان والدتي لم تقتنع بفكرة زواجنا ولكنها خضعت لرأي عمي ابراهيم كالعادة.. أيًا يكن، ما حدث حدث وانتهى
تثرثر وتثرثر بلا توقف.. بينما هو شارد بدنيـا اخرى غير التي تحوينـا… عينـاه تراقب حركة شفتاها التي تستفزه ليُقبلهـا….!
وبالفعل لم يُحرك عيناه عن شفتاها وهو يهمس :
-ريم.. هل يمكنني فعل شيء ؟!
لا تعرف ان كان سؤال او مجرد اخبار ولكنها اومأت ببلاهه :
-نعم ولكن…..
ولا يوجد “لكن” في قاموس ظافر المتلهف الذي بلحظة كان يُثبت وجهها بيداه ليلتقط شفتاها في قبلة شغوفة ليُحقق اول حلم تمنى تحقيقه عندما تصبح ملكه….!
وهي كالصنم بين يداه تحاول استيعاب ما يحدث واسكات تلك الفراشات التي تطير بمعدتها……..
قطع قبلتهم اللاهبة صوت هاتفه وهو يرن،،، ليلعن ظافر بصوت مسموع وهو يترك شفتاها قصرًا… ثم همس قبل ان يبتعد تمامًا بأنفاس متقطعة:
-اعتذر يا طفلتي لم استطع الصمود
اخرج هاتفه لينهض وهو يجيب ببضع كلمات مختصرة اخرهـا رده السريع قبل ان يُغلق :
-حسنًا حسنًا انا قادم الان يا لينا….
ثم نظر لريم التي كانت مبهوتة مكانها تحدق باللاشيء… ليهمس ببضع كلمات هي حتى لم تنتبه لمحتواهم جيدًا ولكن يبدو انه كان يخبرها بمغادرته وبالفعل غادر هكذا !!!!!
تركها كالمنبوذة ليلة كتب كتابهم ليرى احدى عشيقاته !!……
…………………………………
بعد فترة كبيرة تحديدًا في منتصف الليل……
سمعت ريم طرقات بطيئة على الباب فنهضت بهدوء لتترك الرواية التي كانت تقرأهـا ثم ارتدت اسدال بعشوائية و اتجهت للباب لتفتحه….
وما إن فتحته حتى شهقت بعنف وهي ترى ظافر امامها،، تراجعت على الفور عندما رأت مظهره الذي تعلمه جيدًا وتعلم انه ثمل حينها….!
فهمست بتوتر خشية ان يستيقظ اي شخص :
-ماذا تفعل هنا الان يا ظافر ؟؟! ألم يخبرك عمي ابراهيم انك لن تبيت هنا ! هيا عود لمنزلك
لم يرد عليها ظافر بكلمة واحدة وإنما سحبها من يداها الصغيرة للداخل وهو يغلق الباب بصمت….
صعد بها حتى غرفتهـا فأدخلها اولاً ثم دخل خلفها ليُغلق الباب ببطء بينما هي تبتلع ريقها بتوتر.. !
بدأ يقترب منها فتذكرت على الفور ما حدث في الصباح ليتلعثم لسانهـا اكثر وهي تقول :
-لماذا آآ… تقترب هكذا ؟! وما الذي فــ…. فعلته في الصباح !!!
اخذت نفسًا عميقًا عندما وجدت نفسه ملتصقة بالحائط ولا يوجد مفر من يداه التي احاطتها… ليرفع عيناه ببطء ثقيل يهمس لها :
-ماذا فعلت ؟! أ تقصدين أني قبلتك؟؟ نعم..
ثم رفع حاجباه بسخرية يتابـع :
-كنت ثمـل لم اكن واعي لمَ فعلته….
ثم اقترب مرة اخرى جدًا حتى بدأت انفاسه الساخنة تضرب وجهها الشاحب بقوة… ليردف :
-والان ايضًا انا ثمل،،، لذا توقعي مني اي شيء ! مثلاً أن اقبلك مرة اخرى
ومن دون مقدمات وجدها تدفعه بعنف بعيدًا عنها وهي تزمجر فيه بعصبية واضحة :
-ابتعد عني، لا أطيق رائحة الخمر والنساء التي تفوح منك !!
ثم تقوس فاهها بتهكم قوي :
-يبدو ان احدى عشيقاتك لم تتحمل فكرة أنك ستتزوج فدعتك على الفور لتُعيد امجاد الماضي معها ربما تعود لعقلك….!
بدأت تفرك جبينها بتوتر عندما لاحظت نظراته المشتعلة التي استوطنها الغضب محاطًا بالجنون خاصةً عندما استطردت :
-لا ادري ما الذي اصابني لأتزوج من زير نساء، بل وكان متزوج سابقًا وانجب ايضًا !!! وفارق السن بيننا ماشاء الله عشر سنوات.. !! أي جنون ذاك الذي اوقعت نفسي به… اتمنى ان اغمض عيني وافتحها لأجد ان ذلك الكابوس انتهى !
ثم تركته لتركض خارجة من الغرفة قبل ان يفتك بها كما تخبرها ملامحه..
وبمجرد ان خرجت ضرب هو المزهرية الصغيرة الموضوعة لتسقط متهشمة ارضًا يليها همسه الحاد كالذبيح :
-بسببك.. بسببك فقط تزوجت لأبتعد عنكِ وبسبك ايضًا اصبحت زير نساء.. فقط لأنساكِ وابتعد عنكِ كما امرت والدتك، ويا ليتني استطيع.. ليتني استطيع ان ابيت بأحضان النساء مرتاح البال لا احترق شوقًا لكِ !!!!!!
*****
بدأت “حور” تتململ في الفراش بكسـل.. فتحت عيناها السوداء الكحيلة ببطء ليهاجمها ضوء الشمس الذي اخترق غرفتهـا…!
نهضت تجلس وهي تضم ركبتاها لصدرهـا.. عينـاها مسلطة على اللاشيء !!
لا تدري كم يوم مر على زواجها اللعين ذاك.. ولكنها باتت تشعر أن الايام لا تسيـر…القافلة لا تسير ومَن بالقافلة متحطم تمامًا…..!!
بالرغم من استسلامها له في تلك الليلة،،، إلا انها كانت كفاجعة احتلت منتصف حياتها..
نظرت للباب المُغلق عليها… فهو هكذا في كل مرة يخرج ثم يُغلق الباب عليها ! …
وفجأة وجدته يفتح الباب ويدلف دون ان ينظر لها.. كادت تنهض وهي تنطق بصوت مبحوح :
-هل يمكنني الخروج للحديقة قليلاً.. اصبحت اشعر بالاختناق من تلك الغرفة
قالت اخر حروفها وهي تسرع في خطواتها لتصل للباب… ولكنه بات حلم مقتول في مهده عندما قبض على يداها بقوة وهو يقول :
-لا… ليس اليوم !
سألته بحروف مرتجفة نوعًا ما :
-لماذا ؟!
حينها جذبها ببطء يُقربها منه.. حتى تقابلت عيناه مع حلكة عيناها وهو يخبرها :
-صراحةً استسلامك تلك الليلة جعل من الامر شيء عادي بين اي زوجين.. وهذا لم يعجبني اطلاقًا !!!!!
اهتز فكها بعنف وهي تحدق بالحقد الذي يُغلغل الشفقة بقلبه… ثم همست بصوت شارد وكأنها تحدث نفسها :
-أ تعلم لمَ استسلمت لك يا عاصي ؟!
رماها بنظرة مستفهمة،،، لتكمل هي :
-لاني لا اكرهك.. لا اكره لمستك.. لا اشمئز منك كما يجب !
تجاهل كلامهـا الذي يُزيد من طرب الشياطين داخله بغباء منها ودون ان تشعر لتشعره انه لم يؤلمها كما اراد….!
ليتابـع وهو يقترب منها جدًا مغمغمًا بنبرة فاح منها الحقد :
-لذلك افكر في اعادة تلك الليلة ولكن بالطريقة الصحيحة التي تُشعرك انكِ تكرهيني فعليًا……….!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حورية بين يدي شيطان)