روايات

رواية في قبضة الأقدار الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الجزء السابع والثلاثون

رواية في قبضة الأقدار البارت السابع والثلاثون

في قبضة الأقدار
في قبضة الأقدار

رواية في قبضة الأقدار الحلقة السابعة والثلاثون

هناك أشخاص نتعثر بهم بين أروقة الحياة ودروبها نظن بأن لقائنا بهم مجرد صُدف مندثرة ولكن بعد ذلك يتضح بـ أنهم حقيقتنا الثابته في هذا الواقع الملئ بالفرضيات. و بـ أن وجودهم هو اليُسر بين تعسرات الحياة. نأنس بهم و تألفهم الروح للحد الذي يجعلها لا تتعافى سوى بقربهم.

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

انهي جمع حقائبه و أرسلها إلي السيارة متوجهًا إلى الأسفل فـ سمع شهقة قوية خرجت من والدته التي اخبرها «سليم» بما حدث فـ صاحت حين وقعت عينيها عليه

” كلام ايه اللي بسمعه ده يا سالم؟”

زفر بـ حنق قبل أن يجيب بـ جمود

” معنديش معلومات عشان اقولها لك يا ماما. انا مسافر القاهرة و هشوف بنفسي حصل أي؟

كان الجميع يلتزم الصمت أمام غضبه الضارى و خاصةً هي ولكن قد جاء الوقت لـ تضرب بيد من حديد فقالت بغضب مفتعل

” الكلام دا معناه أن في خاين في الشركة !”

توجهت نظراته إليها تشملها بنظرة كانت مُرعبة و لهجه تشبهها حين قال بفظاظة

” و عرفتِ دا لوحدك؟”

تحركت بـ خيلاء تتهادى في مشيتها قبل أن تقف أمامه تقول بتهكم

” اه تخيل. اصل انا واحدة بفكر بعقلي . مش لاغياه و ماشيه ورا مشاعري..”

رمقها بسخرية و قال بفظاظة

” غريب عليكِ اوي الموضوع دا ! و ياترى وصلتِ لـ أيه؟

يا عاقلة ! “

قال كلمته الأخيرة بلهجة هازئة أثارت حنقها فأجابته مندفعة

” الخاين دا انت مُصر تقربه منك يا سالم . مين معاه ايميل الشركه غيرك انت و سليم؟ “

لم تتغير نبرته حين أجاب باختصار

” مين؟”

بلهجه مسمومة نابعه من قلب فاض به الشر

” فرح!!”

شهقات متتاليه اندلعت من حولهم فتابعت «شيرين» بقوة

” مش كانت سكرتيرتك ؟ “

أجابها «سالم» من بين أسنانه

” و هتبقى مراتي. فـ خلى بالك من كلامك.. “

” و عشان كده هتستثنيها من حساباتك صح؟ المال مش مالك لوحدك يا سالم بيه !! دا مالنا كلنا يعني اللي سرق سرقنا كلنا”

تراجعت للخلف خطوتين حين هالها مظهره فتابع بقسوة

” الخاين هعرفه و هعاقبه قدامكوا كلكوا. “

شددت على كلماتها حين قالت بتحدي

” و لو طلعت هي إلي خاينه و سرقت الفلوس هتعمل ايه؟”

أجابها بـ اختصار

” وقتها هتعرفي !!”

أنهى كلماته و تابع سيره دون أن يغير غضبها اي اهتمام ولكن وجهه كان مكفهرًا و ملامحه متجهمة فما أن اختفى عن الأنظار حتى صاحت «أمينة» بغضب

” أنتِ عماله تعكي يا بنت همت و هييجي علي دماغك في الآخر..”

أجابتها«شيرين» بوقاحة

” عشان بقول الحقيقة أبقى بعك!!”

«أمينة» بتقريع

” لا عشان فكرك انك مش مكشوفة؟؟ و أننا ناس هبلة هتضحكي عليهم. بس وماله خلينا ورا الكداب “

اختتمت جملتها بعد أن ألقت عليها نظرة حانقة محتقرة و تابعت صعودها للأعلى ترافقها «حلا» فـ تقدمت «همت» من ابنتها وقالت بنبرة خافتة

” اللي حصل دا ليكِ يد فيه؟”

لم تجبها شيرين إنما توجهت إلى غرفة الصالون فـ تبعتها «همت» التي أغلقت الباب خلفها وهي تقول بنبرة ساخطة

” جاوبيني .. “

«شيرين» بحنق

” أنتِ بره الليله خلاص بتسألي ليه ؟”

تعاظم الغضب بداخلها فـ أجابتها بحدة

” اتعدلى يا بت ناجي! ايه الجينات الزبالة نقحت عليكِ ولا ايه؟”

جن جنونها و استقرت الكلمات في منتصف جرح غائر بـ داخلها فصاحت بعنف

” اوعي تغلطي في ابويا.. ابويا اللي اتخليتي عنه ورمتيه لما اخوكي شاورلك. ابويا اللي عمل كل حاجه في الدنيا دي عشان خاطرك و خاطرنا رمتيه واطلقت منه و مفكرتيش تسألي عنه ولا مرة. لو جبتي سيرته مش هسكتلك أبدًا”

صدق ظنها فـ ابنتها الآن تشبه الي حد كبير ذلك المسخ الذي أحبته يومًا بالرغم من أنه كان ابن عمها إلا أن دماءه كانت ملوثة. يحقد و بقوة على اشقائها. أوهمها ذات يوم بأنه يعشقها ولكن الحقيقة أنه كان طامع بأموالها فحسب لتستيقظ ذات يوم على صفعة خذلان قوية نالت من قلبها و روحها و للآن لم تتعافى منها

” دانا اللي مش هسكتلك يا شيرين.. ابوكي اللي بتدفعي عنه دا سرقنا. و خاننا اتسبب في موت جدك و جه ياخد عزاه عادي من غير اي احساس بالذنب.. سنين عايش معانا بياكل من خيرنا و هو بـ يعض الايد اللي اتمدتله.. ابوكي دا أسوأ إنسان على وجه الأرض. اختارته و وقفت قدام أهلي عشان اتجوزه و هو بالمقابل عمل ايه ؟ كسرني و كسرهم و خاننا كلنا.”

كانت تنتفض بحرقه وهي تتحدث وانهمرت عبراتها حين تابعت بقهر

” هنا بالضبط اكتشفت خيانته لما جت البت السكرتيرة اللي كان مرافقها و حكت كل حاجه. كان بيخونى من اول يوم جواز.. سرق فلوس ابويا و فلوسي و بسببه خالك منصور جاله جلطه من الزعل. كنا هنروح في ستين داهيه و اسم الوزان كان هيبقي في الأرض لولا أن ربنا دايمًا بـ يقف مع الحق . و قدرنا نرجع مكانتنا تاني . سالم اللي أنتِ بتجري وراه دا عمره ما هيفكر فيكِ أبدا. عارفه ليه؟؟ عشان بيجري في عروقك دم ناجي. كنت الأول في صفك و بقول يمكن لكن دلوقتي لا .. أنتِ متصلحيش تبقي مراته و لا مَرات كبير عيلة زي دي… يا بنت ناجي..”

ألقت كلمتها الأخيرة كـ سُبة متبوعه بنظرة محتقرة استقرت في صدر تلك التي استنكرت ما سمعته أذناها بشدة فصرخت غاضبة

” كذب.. ابويا اشرف من الشرف .. التعابين اللي حواليكِ دول هما اللي سمموكِ عشان كانوا كارهينه و كانوا عايزين ياخدوا تعبه وشقاه.. و أنتِ طول عمرك تابع لأمينة بتقولي حاضر و نعم وبس. لكن أنا مش زيك . و فخورة انى بنت ناجي. و سالم بيه الوزان نصيبه معايا انا سواء عجبك او لا. سواء بيحبني أو لا. “

كانت تعلم كيف أن يدق قلب الأنثى لمن لا يكترث له تعلم جيدًا كيف يكون ذلك الشعور بأن يفضل أحدهم شخصًا آخر عليك و لهذا تجاوزت عن كل شي و اقتربت منها تقول بحنان و لهجة مُتألمة

” انا عارفه اللي أنتِ فيه مش سهل… و حاسة بيكِ بس أنتِ اختارتي من الأول و حصل اللي حصل وربنا وحده اللي عداه على خير. بلاش تأذي نفسك و تأذينا معاكِ. سالم مش هـ يظلمنا حتي لو مدناش ارض هيدينا اضعاف تمنها انا عارفاه. بلاش نبقى أعداء كفايه كدا. “

صرخت بقهر

” لا مش كفايه.. و حقنا دا ابسط حاجه هناخدها. و كدا كدا هناخده. لكن رد اعتبارنا و كرامتنا و كرامة ابويا اللي خرج من هنا متهان دي مش هتعدي بالساهل..”

خربش الشك جدران قلبها فقالت بترقب

” اشمعنا دلوقتي جايه تدوري علي حق ابوكي و كرامته ؟؟ في ايه وراكِ ؟ انا مش مطمنالك؟”

” لا اطمني.. انا عارفه انا بعمل ايه كويس اوي ..”

أنهت جملتها و أوشكت علي المغادرة فقامت «همت» بامساكها بقوة من رسغها تُديرها إليها قبل أن تقول بلهجة خطرة و عينين انبعثت منها نيران الغضب

” أنتِ بتتواصلِ مع ناجي؟؟؟”

ابتلعت ريقها قبل أن تقول بلهجة جامدة

” لا…”

***************

قد لا تعلم ما ينقصك إلا عندما تراه.. هكذا كان الأمر معها …
فـ سابقًا كانت الأشياء تتعقد و العالم يظلم و يضئ وهو ثابت لا يتململ يدرك مسئولياته و يحملها دون أي تضرر يعلم وجهته جيدًا و بأنه الكتف الذي اعتاد أن يسند الجميع دون أن يهتز ولكنه الآن لأول مرة يشعر بحاجته للاتكاء. لأن يضع رأسه علي كتف أحدهم ينشد الراحة التي تتلخص في قربها.. كانت هي الكتف الذي أشعره بحاجته طوال تلك السنوات.. لم يتخلل الى قلبه أي ضعف إلا عندما وقع بعشقها. هي من أضاءت له عتمة حياته و كأنه بـ رؤيتها وجد ما كان ينقصه و اكتملت روحه بقربها لهذا و لأول مرة بحياته لم يخجل من إظهار ضعفه حين قام بإمساك الهاتف ينوي الحديث معها فجاءه الرنين الذي كان يتراقص مع دقات قلبه التي تقرع كالطبول تترقب سماع صوتها الذي لم يتأخر بالإجابه وكأنها شعرت به

” سالم..”

باغتها حين قال بخشونة

” وحشتيني…”

لم يكن اشتياقًا فقط بل احتياجًا قاتلًا لوجودها حملته لهجته فلامس قلبها لتجيبه بلهفة

” انت كويس؟”

أجابها باختصار

” يعنى ..”

” فيك ايه ؟؟ طمني؟”

لأول مرة يحتار كيف يصيغ حروفه ؟ كيف يخبرها بما هو أعمق من الكلمات بكثير ولكنه اكتفي بكلمات بسيطة كانت ملخص لكل ما يحمله بقلبه من ثقل

” عايزك معايا .. “

كان هذا ما يشعر به في تلك اللحظة بأن وجودها سبب كاف لانتهاء كل الأشياء السيئه فلامست كلماته حواف قلبها الذي تعثرت نبضاته من فرط التأثر فقالت بلهجة خافته يشوبها الخجل

” هانت. كلها كام يوم و نكون مع بعض..”

أضاف مصححًا

” أن شاء الله.. دايمًا قدمي مشيئة ربنا قبل اي حاجه..”

أضافت مُصححه

” أن شاء الله.. بس انا حاسه انك فيك حاجه و مش عايز تقولي عليها..”

أجابها بخشونة

” هتعرفي كل حاجه لما اشوفك .. قوليلي حاجتك هتوصل امتى؟”

” انا جهزتها المفروض هتوصل النهاردة ان شاء الله.. بس..”

هكذا توقفت الكلمات على أعتاب شفتيها فلم تستطيع أن تكمل بسبب الخجل فهي لم تكن تريد لأي شخص أن يطلع علي ملابسها أو أشياءها الخاصة ففطن هو لما تريد أن تقوله فقال باختصار

” متقلقيش محدش هيدخل الجناح بتاعك لحد لما تنوريه .. “

ارتاح قلبها كثيرًا فقالت بخجل

” طمنتني.. شكرًا بجد انك فاهمني من غير ما اتكلم..”

كان يود لو يحطم ذلك الهاتف و يذهب إليها و يخبرها كم أنه يحتاجها و يشعر بكل ما يدور بداخلها حتي أنه يعلم تمامًا كيف صارت ملامحها و كيف نبت محصول التفاح الشهي ليضئ وجنتيها الجميلة ولكنه اكتفي بإخراج زفرة حارة من جوفه قبل أن يقول مازحًا

” و لسه لما تعرفي اني ناوي أرتب معاكِ كل حاجه. ماهو مش معقول هسيب عروستي الحلوة تتعب و أنا موجود..”

تلاحقت أنفاسها وهي تتخيله يجلس بجانبها ليرتب معاها أشياءها وبعض الملابس الخاصة بالعرائس التي لا تعلم كيف أقدمت على شرائها فـ ودت في تلك اللحظة لو تختفي من العالم من فرط الخجل فـ خرجت الكلمات متلعثمة من بين شفتيها حين قالت

” ايه .. لا . طبعًا . و تتعب نفسك ليه ؟ انا هعمل . كل حاجه .”

نجح ارتباكها في رسم ابتسامة خافتة على ملامحه المتصلبة فأجابها بخشونة

” ياريت كل التعب يكون بالشكل دا..”

” نعم .. يعني ايه ؟ “

هكذا سألته بـ اندفاع فـ خرجت منه ضحكة خافتة قبل أن يقول بفظاظة

” هبقي اشرحلك عملي . المهم اللاب توب بتاعك هييجي مع حاجاتك صح ؟ “

” اها هبعته . في حاجه ولا ايه؟”

هكذا استفهمت فـ أجابها بلامبالاة

” لا عادي . الجهاز بتاعي حصل في مشكله فـ هاخد بتاعك فترة لحد ما يتظبط .. أنتِ حذفتي اي حاجة من عليه تخص الشغل”

«فرح» بتفهم

” لا خالص حتي ايميل الشركه لسه مفتوح عليه انا تقريبًا مقفلتوش. “

ابتسم بهدوء قبل أن يجيبها ببساطة

” خلى بالك من نفسك. ولو احتاجتى حاجه كلميني. و استخدمي الكريديت اللي سبتهالك يا فرح و دا أمر مش طلب.”

أرادت مشاكسته قليلًا فقالت بغيظ مفتعل

” مابحبش حد يأمرني ..”

أجابها بفظاظة صارت مُحببة على قلبها كثيرًا

” أنا مش اي حد..”

خرجت الكلمات مندفعة من بين شفتيها حين قالت

” دي حقيقة على فكرة..”

” معترفه يعني !!”

ابتسمت بحب قبل أن تقول بتأكيد

” اه معترفه مبقاش في مجال للإنكار .”

زفر بتعب قبل أن يقول بأنفاس متهدجة و قلب يشدو بعشقها و يهلك من فرط شوقه الضاري لها

” جهزي نفسك بقي عشان كلها كام يوم و هسمع اعترافاتك كلها و الإنكار هيكون له عقاب شديد.. “

ابتسمت بخجل قبل أن تقول بخفوت

” خلى بالك من نفسك..”

كان اهتمامًا لم يكن يعلم أنه في أمس الحاجة إليه لذا شعر في تلك اللحظة بإمتنان كبير لوجودها في حياته فأجابها بخشونة

” حاضر.. “

أنهى مكالمته و قام بإجراء أخرى وما أن أتته الإجابة علي الطرف الآخر حتى قال بفظاظة

” مروان تسمع اللي هقولهولك و تنفذه بالحرف الواحد و مش عايز مخلوق يعرف حاجه ..”

****************

في اليوم الثاني كانت تنهى بروفه فستان الزفاف الذي كان أكثر من رائع و يلائمها كثيرًا و قد شعرت بالفراشات تطير في معدتها من فرط السعادة التي جعلتها تضع يدها فوق قلبها و تتمني أن تدوم تلك السعادة ولا يحدث أي شئ يعكر صفوها و لكن دائما تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد دق هاتفها برقم غير مسجل فشعرت بنغزه قويه في قلبها تنذر بأنه هناك شيئا سيئا قد حدث لهذا أخذت نفسا قويا قبل أن تجيب بنبرة حاولت أن تكون ثابتة

” مين معايا ؟”

اتاها صوت شيرين الساخر حين أجابت

” شيرين الوزان .. “

حاولت تهدئه نفسها قليلا قبل أن تقول بلامبالاة

” اقدر اعرف سبب اتصالك ؟ في حاجه اقدر اساعدك بيها؟’

حاولت شيرين اخفاء غضبها قبل أن تقول بهدوء

” الصراحة انا اللي عاوزة اساعدك. “

” بس انا مش محتاجه مساعدتك!”

هكذا اجابتها فرح فتحدثت شيرين يتهكم

” مش لما تعرفي الأول انا عيزاكِ في ايه ؟ وقتها تبقي تحددي.”

بداخلها شعور قوي بالشر تجاه تلك الفتاة وكان قلبها يتوسل بصمت بالا تستجيب لفضولها و تعطي لتلك الفتاة فرصة لتخريب سعادتها و قد استجابت لـ توسله هذا و قالت بلهجة قوية

” مش عايزة اكون قليلة الذوق بس انا مش فاضية خالص دلوقتى أنتِ عارفه فرحي كمان كام يوم. فـ هضطر اأجل كلامي معاكِ لـ بعد الفرح و زي مانتِ عارفه احنا هنعيش في بيت واحد قدامنا وقت طويل عشان نرغى براحتنا بس دلوقتي انا حقيقي مش فاضيه فـ معلش هقفل معاكِ و نبقي نتكلم بعدين . عن اذنك ..”

هكذا أنهت حديثها و أغلقت الخط بل الهاتف بأكمله و لكن هناك شعور قوي داخلها يريد معرفة ما كانت ستخبرها به فإذا بها تسمع صوت شقيقتها التي قالت بتشجيع

” عين العقل يا فرح.. البنت دي مش كويسة خالص و أكيد مش هتكون عيزاكِ في خير ..’

التفتت فرح الى جنة التي كانت هي الأخرى تقوم بعمل البروفة الأخيرة علي فستانها التي ما قبلت أن ترتديه سوى بعد إلحاح كبير من الجميع و خاصة ذلك المجنون الذي اخبرها بصرامة لا تقبل الجدال

” من غير يمين يا جنة .. لو ملبستيش الفستان هاجي اشيلك علي كتفي قدام الناس كلها و ادخل البسهولك بنفسي. “

هكذا اذعنت لأمره و قبلت بإرتداء هذا الفستان الساحر الذي خطف قلبها فور أن وقعت عينيها عليه كما اعجبها كثيرا فستان شقيقتها والذي كان يلائمها كثيرا و لأول مرة تراها سعيدة بتلك الطريقة ألي ان أتاها ذلك الاتصال اللعين من تلك الفتاة و التي بالتأكيد تريد أن تخرب حياة شقيقتها..

” ايا كان اللي هي عيزاه انا مفيش بيني و بينها حاجه عشان اسمعلها .. كبري دماغك منها. المهم خلصتي ؟”

” اه خلصت .. متغيريش الموضوع يا فرح . لازم تقولي لسالم عالي حصل عشان لو فكرت تعمل حاجه يمنعها..”

فرح بنفاذ صبر

” خلاص يا جنة كبري دماغك منها مش طالبه مشاكل و أفلام هندي قبل الفرح انا من غير حاجه متوترة .. يالا بينا..”

زفرت جنة بغضب من عناد شقيقتها ولكنها لم تعلق بشئ ولكن بداخلها رهبة كبيرة من شئ سئ قادم و قد كان شكلها بمحله فقد كانت شيرين تكاد تجن من رد فعل فرح تجاه حديثها فقد استغلت غياب سالم و قامت بحجز تذكرة ذهاب و عودة الي المنيا حتي تتيح لها فرصة مقابلة فرح لتاتي الأخيرة و تخرب مخططها فأخذت ترغي و تزبد لا تعرف ماذا عليها أن تفعل و للحظة طرأ علي بالها فكرة شرعت في تنفيذها علي الفور فقامت بالتقاط الهاتف و إجراء مكالمة وما أن أتاها الرد حتى أجابت باندفاع

” محتاجة مساعدتك ضروري..”

كانت كل عضلة به تؤلمه ناهيك عن غضبه الضاري الذي جعله يقول بحنق

” صرعتي راسي رن رن . عايزة اي يا حرمه انتِ ؟”

صاحت شيرين غاضبة

” اتكلم معايا عدل يا عمار.. و متنساش اني انا اللي عرفتكوا طريق ولاد عمك و المصايب اللي عملوها..”

عمار بحنق

” ضربتك علي يدك عشان تاجي تجوليلي ولا أنتِ اللي عملتي أكده من نفسك ؟ “

” يعني هتتخلى عني بعد ما ساعدتك..؟”

زفر غاضبا و خرج صوته حادا

” ايه اتخلى عنك دي يا بت الحلال هو انا چوزك وانا معرفش . و بعدين أنتِ عايزة اي؟ خلاص عرفنا كل حاچه و اتحلت كل المشاكل عايزة أي مني؟”

صاحت بانفعال

” لا متحلتش .. سالم هيتجوز فرح ! عادي عندك أنه ياخدها منك ؟ مش دي بنت عمك و أنت أولى بيها؟”

صاح بانفعال

” انا محدش يجدر ياخد حاچه مني . و فرح اني مرايدهاش من اللول وإن كانت عايزاه ف أنا مش هوجف في طريجها تشبع بيه..”

شيرين بقهر

” عادي كدا .. مش سالم دا اللي اتخانق معاك و ضربك قدام الناس كلها. و وقف قدام جدك شكلك ايه لما الناس تعرف أنه خد خطيبتك ؟ هتعدي الموضوع بالساهل كدا ؟ “

تعاظم الغضب بداخله و غلا دماءه في عروقه ولكنه توقف للحظة و قد أضاء عقله بفكرة خبيثة ف استطرد قائلًا

” لاه مهيعديش بالساهل .. أنتِ عندك حج.. بس الحديت مهينفعش في التلفون احنا لازمن نتجابل..”

شيرين وقد تنفست الصعداء فقالت بلهفه

” و أنا موافقة . انا هنا اصلا قدامي ٣ ساعات على ميعاد الطيارة انت فين ؟”

قهقه عمار بشر قبل أن يقول

” دانتِ مبتضيعيش وجت واصل .. جوليلي فينك و أنا هاجيكِ”

اخبرته شيرين عن مكانها فوعدها بملاقاتها و بعد أن أغلقت الهاتف قام هو بإجراء مكالمة يتلهف كثيرا لها و جاءه الرد علي الطرف الآخر

” حمد لله عالسلامه. خفيت بسرعه و بقيت قادر تتكلم ؟”

هكذا تحدث سالم بسخرية فأجابه عمار بمثيلتها

” وه هي الخرابيش دي تمنع الحديت بردك ؟”

سالم بتهكم

” معلش عندي دي . المرة الجايه لو فكرت تقرب من حاجه تخصني هتأكد انك لا هتقدر تتكلم ولا تتحرك خطوة واحدة. “

قهقه عمار بشر قبل أن يقول ساخرا

” الحجيجة أن اللي يخصوك هما اللي بيجربوا مني مش العكس؟”

انكمشت ملامحه بغضب وقال بفظاظة

” وضح كلامك .. و خلي بالك عشان هتتحاسب عليه..”

عمار بتهكم

” يا راچل حساب ايه دانا ماددلك يدي بالصلح . ويعلم ربنا لو مكنتش غالي علي مكنتش كلمتك . بس اني جولت احنا بجينا نسايب ولازمن انبهك . مينفعش اسيبك أكده مختوم علي جفاك..”

صاح سالم بعنف

” كلمة زيادة و هاجي بنفسي اقطعلك لسانك. الحق نفسك و قول اللي عندك ..”

” حجك.. انا عارف ان كلامي تجيل بس زي ما جولت لازمن انبهك .. السنيورة بت عمتك . شيرين. لسه جافله معاي دلوق و عيزاني اروح اجابلها في فندج (..) و طبعًا اني راچل بفهم في الأصول فجولت اكلمك اللول استأذن منك اروح اجابلها ولا لا؟ انت ايه رأيك؟”

تعاظم الغضب بداخله حتي بدأ ينفسه علي هيئه نيران فخرج صوته مرعبا حين قال

” عارف لو طلعت بتكذب علي هعمل فيك ايه ؟”

مروان بتسلية

” و اكذب لي؟ وبعدين هو انت هتغلب مانت تجدر تتأكد بسهوله. هو اني بردو اللي هعرفك. و بعدين ولا تزعل نفسك اني هروح بنفسي و ناخدو صورة حلوة مع الأمورة و ابجي ابعتهالك عشان تتوكد ..”

لم يتحمل سماع كلمه اخرى فقام بإغلاق الهاتف و إجراء مكالمة هاتفيه بمديرة مكتبه لمعرفة ما إن كان هناك حجزت باسم شيرين الوزان علي متن خطوط الصعيد فاخ الأمر منها بعض الوقت لتخبره بوجود حجز اليوم باسمها فتجمدت عضلات جسده من فرط الغضب و قام بالاتصال بها فأتاه صوتها المرتجف

” آلو. سالم؟”

” اطلعي علي فيلا صفوت الوزان دلوقتي و إياكِ تخرجي منها لحد ما اجيلك ..”

ارتعبت كل خلية بها من حديثه و معرفته بمكان وجودها فحاولت خداعه قائله

ايه ؟ انت بتقول ايه عايزني اروح الصعيد لوحدي؟”

خرج صوته كالسيف حين قال صارخا

” بطلي كذب و اعملي اللي قولتلك عليه حالا. وحسابك عاللي عملتيه دا هيكون غالى اوى ..”

ارتجف جسدها ذعرا من حديثه فقالت في محاولة لتهدئته

“انا عملت ايه ؟ لو كانت كلمتك تقولك…”

” اخرسي .. العربية هتجيلك دلوقتي و حسابنا لما اجيلك..”

*************

قهقه «عمار» بسعادة من بين جروحه التي أخفت ملامحه و شوهت وسامته مما جعل الاندهاش يسيطر علي تلك التي كانت تراقبه من بعيد فقالت بخفوت

” يا مرى.. دانت إبليس يجولك يا خال.. “

تنبه لصوتها من علي باب الغرفه فصرخ بها

” واجفه عندك بتعملي ايه يا بت انتِ؟”

ارتعبت حين لاحظ وجودها فتقدمت تحمل أحدي الصواني التي كان عليها إفطاره وقالت باحترام

” ست تهاني بعتالك الوكل..”

” حطيه و غوري من اهنه..”

اغتاظت من وقاحته فـ خرجت الكلمات من فمها مندفعة كما هي العادة

” دلوجتي بتشخط وتشخط اللي يشوفك من يومين وانت مجدرش تصلب طولك ميشوفكش و انت كيف الجطر أكده..”

اغتاظ منها حين سمع كلماتها الغير مفهومه فصاح بغضب

” بتبرطمي بتجولي ايه يا مخبلة أنتِ ؟ “

تراجعت خطوتين إثر صراخه و قالت باندفاع

” مبجولش. يعني اجصد حمد لله عالسلامه صوتك رچع طلع اهوه بعد ما كنا مرتاحين منه..”

كانت كارثه بحق لسانها السليط يتنافى مع جمالها الخارجي والذي يظهر على استحياء من بين ملابسها المهلهلة و منديلها الباهت الذي يظهر بعضًا من خصل شعرها الأسود اللامع الذي أثره لثوان و خطف انظاره ولكنه تجاوز عن سحرها الخفي الذي يجذب أنظاره إليها وقال بتقريع

” طب غوري من وشي روحي شوفي وراكِ ايه “

اقتربت منه و الامتعاض باد علي ملامحها حين قالت

” موراييش غيرك..”

” وه كيف دا؟؟”

بنبرة مغتاظة أجابته

” الست تهاني أمرتني متعتعش من چنبك طول مانت عيان و اديلي كام يوم جاعدة جارك بخدم چنابك..”

ابتسم ساخرًا و تجلت سخريته في نبرته حين قال

” اترحمتي من خدمة البهايم اومال؟”

” انا عن نفسي مش شايفه أنها فارجه كتير خدمتك من خدمتهم..”

هب «عمار» من مكانه وهو يصيح بغضب

” بتجولي ايه يا بت المركوب أنتِ ؟”

تراجعت للخلف وهي تقول بجزع

“مبجولش.. اجصد يعني مش هتفرج اهي كلها خدمة..”

” اه بحسب.. بت لسانها عايز جطعه..”

تحدثت بخفوت و لهجة ممتعضة

” مكنش الراچل الطيب اللي ضربك ده جطعلك لسانك انت وريحنا.”

صاح مرة أخرى

” بتبرطمي بتجولي ايه يا بت؟ انا بكره البرطمة دي.”

” ولا حاچه بكح .. كح كح “

حاولت أن تمثل السعال أمامه فكان مظهرها يوحي بالضحك فـ غافلته ضحكه ارتسمت علي ملامحه المتورمة جعلتها تتحدث دون أن تعي

” لهو انت بتعرف تضحك زيينا .. ؟”

” اومال مش بني آدم ولا اي؟”

إجابته بعفوية مضحكة

” ايوا بني آدم ظالم و چبار. “

” وه ليه اكده؟”

” لاه واني مالي . اخاف اجولك لا تطخني عيارين المرة دي”

ابتسم علي مظهرها وقال بهدوء

” لا جولي و أنا هديكِ الامان ..”

” الصراحه بجى انت راچل مفتري و ظالم و متعرفش ربنا. و ده مش كلامي ده كلام كل الفلاحين . “

هكذا تحدثت بلهفة فـ ارتسم الذهول علي محياه وقال بصدمة

” بتجولي ايه يا بت؟”

اقتربت منه تجلس بجانبه وهي تقول باندفاع

” مش اني اللي بجول. ده كل الناس بس هما بيخافوا منك. فكرك يعني أنا هطوج عشان مخليني اخدم عـ البهايم لاه . أبدّا والله داني بسمع عنك كتير . هجولك ايه بس دا الناس بتسب وتلعن فيك طول الليل و النهار و يجولوا الظالم چه الظالم راح.. اه والله.”

فطن إلى غضبها من هذا العمل الشاق الذي كلفها به و لأنها كانت عفويه بدرجة كبيرة فقد أخطأت بالحديث ليعرف ماذا يدور بخلدها فـ ارتسم الخبث علي ملامحه وقال مرددًا حديثها

” بجي بيجولوا عليه الظالم راح المفتري چه؟”

” أيوا…”

” و بيسبوا و يلعنوا فيا طول الليل و النهار؟”

” أيوااا..”

” يعني ده مش كلامك ده كلامهم هما؟”

” أيوااا..”

هب من مكانه وهو يصيح بها

” چاكِ أوا في سنانك. بجى انا الفلاحين ييشتموا عليا ليل نهار.. دانا هخلي يومك اسود .. “

تراجعت بذعر تجلي في نبرتها وهي تقول

” ليه بس و اني كت عملت ايه . الحج عليا اللي بنورك ؟”

” بتنوريني !! طب انچرى روحي شوفي شغلك . لو لجيت الزريبة فيها أي حاجه همسحها بخلجتك العفشة دي”

غضبت و انهارت أحلامها بأن يثنيها عن هذا العمل الشاق فقالت تحاول ردعه

” لا سايجه عليك النبي . دانا زهرة شبابي انجطفت و اني بترب للبهايم..”

عاندها قائلًا

” عقبال رجبتك لما تتكسر و لسانك الطويل دا يتجطع هو التاني..”

شيعته بنظرات الخسه قبل أن تقول بقهر

” لك يوم يا ظالم . حسبي الله ونعم الوكيل..”

“اخفي من وشي…”

****************

اليوم الثاني كان يوم السفر فتحضر الجميع للذهاب الى الصعيد و من بينهم «أمينة» التي حاول «سالم» ثنيها عن الحضور ولكنها رفضت رفضًا قاطعًا بأنها تريد ذلك من كل قلبها فخضع لرغبتها و بالفعل غادروا المنيا ليجدوا «صفوت الوزان» في استقبالهم و قد كان استقبال حافل من جهته

” الصعيد كلها نورت يا حاجه امينه .. متتخيليش فرحتنا بيكوا قد ايه .”

«أمينة» بوقار

” تسلم وتعيش يا صفوت بيه .. كلك ذوق و طول عمرك صاحب واجب.”

” تسلمي يا حاجه.. اتفضلوا ارتاحوا وانا هشوف سهام جهزت ولا لا . “

كان يتحدث بحرج تفهمته «أمينة» علي الفور فقالت بوقار

” متضغطش عليها. احنا مش غرب عن بعض.. سيبها براحتها لحد ما تحس انها عايزة تشوفنا ..”

ارتسمت ابتسامة امتنان على ملامحه التي أهلكها وجع دفين فاومأ برأسه بتفهم قبل أن يأتي صوت الخادمة لتخبرهم بأن «ياسين عمران» في الخارج فأمرها «صفوت» بأن تجعله يدخل على الفور وما هي إلا لحظات حتى وجدوه يطل عليهم فتنبهت كل ذرة من حواسها لذلك الفارس الذي تمنته ذات يوم ولكنه أتاها بأكثر الطرق رفضًا لقلبها الذي كانت نبضاته تدق بجنون حاولت التحكم به قدر الإمكان و رسم اللامبالاة علي ملامحها حين جاء دوره في السلام عليها فمدت يدها بثبات يتنافى مع اهتزاز حدقتاها وهي تناظره

” حمد لله علي سلامتك…”

” الله يسلمك..”

هكذا أجابته ببرود لا يشبه عينيها أبدًا فتجاهلها و هو يلتفت مرحبًا بالجميع وكان آخرهم «مروان» الذي كانت نظراته مُتهكمة تشبه نبرته حين قال

” مواعيدك مظبوطه بالثانية احنا لسه يدوب واصلين ..”

كان كلماته تحمل سخريه تجاهلها «ياسين» قبل أن يقول بلامبالاة

” مفيش وقت نضيعه الفرح كمان يومين.. ولسه في حاجات كتير مفروض تتعمل ..”

تنبه «سالم» إلى حديثه فتدخلت «أمينة» لتلطف الأجواء قليلًا

” ربنا يعينك يا ابني.. حلا كانت عايزة تروح تشوف اخر بروفة للفستان تقدروا تروحوا تشوفوه وكمان صور كتب الكتاب قلنا تتصورها هنا..”

كانت حججًا واهية ولكنها تريد أن تكسر هذا الحاجز الذي تراه أمامها ولهذه ارتسمت بعينيها نظرات خاصة ل«سالم» الذي ابتلع غضبه و وافق علي مضض فتحدثت «أمينة» بلطف

” يالا يا حلا مع خطيبك عشان تخلصوا اللي وراكوا.. معدش في وقت..”

اومأت «حلا» بهدوء يتنافى مع ضجيج أفكارها و صخب قلبها و تقدمت أمامه إلى الخارج فقادها بهدوء الى السيارة وما أن استقلتها حتى قادها بسرعة كبيرة مبتعدًا عن المكان بأكمله ..

بعد وقت ليس بقليل أوقف السيارة أمام إحدى المقاهي فالتفتت حولها قبل أن تقول

” وقفنا هنا ليه؟”

تحمحم بخفوت قبل أن يجيب بلهجة هادئة

” كنت عايز اتكلم معاكِ شويه ..”

باختصار اجابته

” اتفضل..”

” طب مش تبصيلي عشان اعرف اتكلم ..”

هكذا تحدث بهدوء فحاولت السيطرة علي دقات قلبها التي تدق كالطبول قبل أن تستدير برأسها تطالعه بصمت وعينين تحوي عتب كبير لامس زوايا قلبه فقال بلهجة رقيقة

” انا عارف ان كل حاجه جت بسرعه . و ملحقناش حتى نستوعب ايه اللي بيحصل .. و عارف كمان أن موضوع الجواز دا كان صدمة ليكِ بس…”

قاطعته بسخريه يشوبها المرارة

” بس مكنش صدمة ليك..”

انكمشت ملامحه بحيرة تجلت في نبرته حين قال

” تقصدي ايه؟”

” اقصد انكوا خططتوا لكل حاجه صح و عرفتوا امتا تضربوا ضربتكوا. بصراحة لما قعدت مع نفسي و افتكرت كل اللي حصل انبهرت بذكائك . كنت مقنع جدًا.. حتي وانت بتواسيني و بتخفف عني انا صدقتك اوى على فكرة.. “

لحظة صمت طويلة خيمت على المكان فقد كان مصدومًا من كونها تظن بأنه خطط لكل شئ ولكنها فسرت صدمته علي أنه تفاجئ بمعرفتها لما حدث فـ أردفت بسخرية

” ايه اتصدمت لما عرفت اني فاهمه كل حاجه؟؟ ايه ده معقول انا باين عليا الغباء كدا ؟’

تجاوز عن صدمته وحل محلها الغضب الذي دفعه للقول

” تبقى غبية فعلًا لو فكرتي اني خططت لكل دا .. انا معرفتش أن جنة و فرح ولاد عمي غير يوم ما قابلتها في الجامعه.. يوم ولادة جنة تقريبًا..”

إجابته باندفاع

” مش هيفرقلي كتير ..”

” اومال ايه اللي فارقلك.. اوعي تكوني مفكرة اني كان ليا يد في خطفك..!”

قال جملته الأخيرة باستنكار جعل ابتسامه ساخرة ترتسم علي ملامحها قبل أن تقول بقهر داخلي

” مفكرة انك ليك يد في خطفي!! لا أنا متأكدة انك انت اللي دبرت وخططت لخطفي. طبعًا اومال تكسر مناخير ولاد الوزان ازاي وتجيب حق بنت عمك؟؟ “

صاح بغضب فقد تجاوزت الحدود

” حلا بطلي جنان..”

تابعت بألم تجلى علي ملامحها بوضوح

” عارف. انا مكنش عندي مشكله اني اصحح غلط حازم. ومعنديش مشكله اني ابقي كبش الفدا الي هيضحوا بيه عشان كل حاجه تبقى تمام. و قبل ما جدك يهددني انا كان عندي استعداد اعمل اي حاجه عشان اخواتي محدش فيهم يتأذى. بس انك تكون السبب في العذاب اللي عشته و الرعب الي مريت بيه دا كان صادم بالنسبالي اكتر من موضوع الجواز نفسه..!”

كان ألمها اضعافه بقلبه ناهيك عن غضبه لظنها به ولذلك حاول أن يصحح ذلك الوضع قائلًا بخشونة

” صدقيني انا مكنتش اعرف موضوع الخطف ده و لا حتى كنت أعرف أن جدي عرف باللي حصل ..”

صاحت بألم

” و ايه اللي يخليني اصدقك ؟؟”

” عشان انا مبكدبش.. و مش مضطر اكذب . لو فعلًا عملت كدا هقول مش هخاف منك ..”

هكذا أجابها بوضوح فـ أردفت بقوة

” ولا انا كمان هخاف منك و لازم تعرف كويس اوي اني مجبورة عليك وعـ الجوازة دي عشان بس أفدي اخواتي لكن لو هيخيروني فـ أنا عمري ما كنت هقبل ارتبط بيك…”

لامست بحديثها منعطفات خطرة و خدشت جدار كبرياءه الذي جعله يقول بجمود

” يبقى ملهاش لازمه الجوازة دي و أنا هعفيكِ من التضحية “

لا تعلم هل كانت خيبة تلك التي زارت قلبها في هذه اللحظة أم أنها كانت مصدومه فقط ! ولكن كان هناك شعور قاس يفترس قلبها دون رحمة للحد الذي جعل دمعة غادرة تنبثق من طرفي عينيها فسقطت علي قلبه المغرم بها ولكنه آذت كبرياءه كثيرًا بكلماتها تلك ناهيك عن ظنها السئ به فحاول ردع نفسه عن آخذها بين ذراعيه خاصةً وهي تناظره بتلك الطريقة التي تحمل عتابًا صريحًا لم يفشل في فهمه فوجد يده تتسلل إلي أسفل وجنتها لتقوم بمسح دمعتها التي أدمت قلبه و خرجت الكلمات معاتبه من بين شفتيه حين قال

” بتعيطي ليه؟ مش دا اللي أنتِ عيزاه..؟”

كانت لمسته كـ صاعقة برق أصابت أسفل ظهرها فـ شعرت بـ جسدها بتصلب بقوة حبست الأنفاس بصدرها فأخذت ثوان حتى استعادت كامل ثباتها قبل أن تقول بلهجة مهتزة

” دا من الضغط بس .. انت عندك حق دا اللي انا عايزاه. لو عندك فرصة توقف المهزلة دي انا معاك. “

شعر بأنه آلمها دون أن يدرك فهو للآن لم يخبرها كم هو يعشقها على الرغم من يقينه بأنه هناك مشاعر قوية بداخلها له إلا أن الوقت لم يمهله اي فرصة معها لذا أخذ قراره بأن يتجاوز عن كل ما حدث و يحاول أن يبدأ معها مرة أخرى حتى لو كان بتلك الطريقة لذا قال بلهجة خافته ولكن قوية

” للأسف مفيش فرصة اني اوقف حاجه.. “

اهتزاز حدقتاها و انتباه ملامحها كانا خير دليل علي أن حديثه لاقى صدى بداخلها و خاصةً حين قالت بنبرة مرتجفة

” يعني ايه ؟”

احتضنتها عينيه بدلًا من ذراعيه و تعمقت نظراته بطريقة مربكة لها كثيرًا و خاصةً حين قال بتلك النبرة التي يغزوها التملك

” يعني بعد بكرة هتبقي مراتي.. و مفيش اي حاجه في الدنيا هـ تمنع دا…”

***************

” مكشره ليه يا أم أربعه و أربعين ؟”

كان هذا صوت «مروان» الذي تقدم ليجلس على الأرجوحة في الحديقة بجانب «ريتال» العابسة و التي لم تعير حديثه اهتمام فاردف و هو يعبث بخصلات شعرها

” ماتردي يا برنسيسه هوا بيكلمك ؟”

ناظرته بامتعاض تجلي في لهجتها حين قالت

” هوا ايه ده انت كنت هتوقع المرجيحه وانت بتقعد .”

” قصدك ايه يا بت انتِ؟ انا تخين ولا ايه”

«ريتال» بتهكم

” لو مكنتش شايف بكروشتك تبقي محتاج نضارة “

” يا بت أنتِ راضعه سم فران . بتطلعي بكابورت من بقك .. ارحمي أمى شويه .. “

ناظرته «ريتال» بأعين ممتلئة بالدموع و قالت بلهجه تهدد بالبكاء

” كده ماشي مش هكلمك تاني ..”

شعر بالقلق عليها فقال باندهاش

” و دا من امتى الاحساس دا ؟ دانتِ اسقع من الديب فريزر .. اوعي تكوني زعلانه بجد؟”

هنا انفجرت «ريتال» في البكاء وهي تقول من بين نهنهتها

” زعلانه.. اوي .. يا .. عمو..”

احتضنها «مروان» برفق وهو يقول

“مدام احترمتيني و قولتي عمو يبقى زعلانه بجد .. حصل ايه يا بت مين زعلك وانا انفخهولك “

” الدنيا .. يا عمو ..”

هكذا أجابته من بين عبراتها فقال بصدمة

” الدنيا .. ايه يا بت الكلام دا أنتِ لسه روحتي فين ولا جيتى منين؟ دنيا ايه ؟ يكونش توم و جيري قتلوا بعض و انا معرفش !!”

صاحت به غاضبة

” توم و جيري ايه شايفني عيله قدامك ؟ “

«مروان» باستنكار

” لا لا سمح الله انسه عندها ست سنين و بتقولي الدنيا مزعلاني . افهم من كدا ايه ؟ “

” تحس بيا عن كدا..”

«مروان» بحنق

” يخربيتك خوفتيني. هيكون حصل ايه سبونج بوب خلى بيكِ ؟ طب غيروا نوع البامبرز المفضل عندك ولا حصل ايه مانا مش فاهم “

ازداد نحيبها وقالت بنبرة متقطعة

” الفستان .. بتاعي.. مش .. عاجبني .. و مش لاقيه.. حد .. ييجي .. معايا .. أجيب .. واحد .. جديد “

احتضنها «مروان» بقوة فقد شعر بالشفقة عليها وقال برفق

” كل دا عشان حته فستان . طب كنتِ قوليلي و انا كنت جيت معاكِ نقيتلك احلى فستان ..”

رفعت رأسها تناظره و بشفاه مذمومة إجابته

” لا انت ذوقك وحش اوي..”

” اتفو عليكِ يا شيخه.. انا غلطان اني بصالحك…”

أنهى كلماته تزامنًا مع رؤيته «سما» التي كانت تخرج من الباب تبحث بعينيها عنهم فقال بلهفة

“هجبلك ست فستانين بس تخدمي عمك.. “

برقت عينيها وقال بحماس متناسية حزنها

” موافقة ..”

” طبعًا أنتِ بتحبي سما ؟ “

” طبعًا “

” و طبعًا سما ذوقها حلو ؟”

” طبعًا”

” ايه رأيك لو ناخدها معانا و نروح نشتري احلي فستان في الدنيا لأحلي ريتا؟”

برقت عينيها و قالت بحماس

” موافقه طبعًا..”

«مروان» بتخطيط

” بصي هي جايه علينا عايزك تعيطي و تهبدي لحد ما تقنعيها تيجي معانا”

«ريتال» بتفكير

” بس دي خدمة كبيرة أوي يعني فستان قليل عليها..”

ناظرها بصدمه قبل أن يقول بصدمه

” يابت أنتِ بتساوميني يخربيتك جايبه الدماغ دي منين.. دانا وانا قدك كنت برياله.. “

«ريتال» بعفوية

” طب انت كنت اهبل يا عمو انا ذنبي ايه ؟”

” طب اكتمي بقي واعملي اللي قولتلك عليه هي جايه اهيه..”

بالفعل ما أن أطلت عليهم «سما» حتى أتقنت «ريتال» رسم دور الحزن فاقتربت منها «سما» قائلة بحنان

” مالك يا ريتا ؟ بتعيطي ليه ؟”

انفجرت «ريتال» في البكاء و «مروان» يحاول تهدئتها

” متعمليش في نفسك كدا يا ريتا .. اجمدي ياختي ..”

«سما» برقة

” ايه يا مروان في ايه ؟ مالها ريتا؟”

«مروان» بهيام و لهجه خافته

” مروان بيدوب هنا ..”

«سما» باستفهام

” بتقول ايه ؟”

لكزته «ريتال» في جنبه خفيه فاعتدل في جلسته وهو يلملم نفسه قائلا بلهجة حزينه

” أبدًا يا ستي ريتال مقهورة عشان مجبتش فستان حلو.. و مش لاقيه حد يروح معاها يختارلها فستان حلو . “

اقتربت من «ريتال» تحتضنها وهي تقول بحنان

” يا روحي .. بس كدا طب ليه مقولتليش وانا آجي معاكِ”

اندفعت الكلمات من فمه حين قال

” احنا لسه فيها يلا نروح دلوقتي نختار لها الفستان .. “

«سما» بتفكير

” بس احنا منعرفش حاجه هنا.. هنروح فين ؟”

«مروان» بغرور

” عيب تقولي كدا و أنتِ معاكِ مع مروان الوزان .. دانا اعرف دهاليز الصعيد دي دهليز دهليز.. يا بنتِ دانا اصحابي مسميني خط الصعيد..”

«سما» بحماس

” إذا كان كدا . يبقي يلا بينا…”

بعد مرور ساعتين تأففت «سما» من درجة الحرارة العالية وقالت بضيق

” بقالنا ساعتين بنلف. هنوصل امتا ؟؟ “

«مروان» بتحسر

” انا عارف بايننا تهنا ولا ايه ؟”

انتفضت «سما» تناظره بغضب وهي تصيح

” توهنا!! انت بتستهبل .. اومال عمال تقولي خط الصعيد و اعرف دهاليزها دهليز دهليز .. انت بتشتغلني…”

صدح صوت «ريتال» من الخلف حين قالت

” الصراحة اه . بيشتغلك. هو اساسًا تاني مرة ييجي هنا . هيعرفها منين ؟”

«مروان» بغضب

” اكتمي يا قدرة الفول أنتِ .. علي فكرة يا سما دا كان اختبار لمدى ثقتك فيا . و سقطي فيه.”

«سما» بتوعد

” يعني احنا مش تايهين ؟؟”

«مروان» بثقة

” يا بنتي عيب .. نتوه ازاي يا جاهله . احنا في عصر الانترنت الاندرويد مستبلناش مساحة للغلط التليفونات التاتش ملت البلد . في اختراع اسمه ال GBS يا جاهله.. “

انهي كلماته وهو ينظر إلي «ريتال» قائلا بأمر

“هاتي التليفون يا ريتا اما نشوف احنا فين ؟؟”

ارتسمت الذعر علي ملامح «ريتال» حين سمعت حديث «مروان» و ارتبكت نبرتها حين قالت

” ايه دا . هو انت كنت محتاج تليفونك يا عمو..”

” نعم ياختي !!”

هكذا تحدث «مروان» فأجابته «ريتال» بعفوية

” اصلي كنت زهقانه فلعبت جيم بابجي و فصل شحن و أنا في نص الجيم . “

” بابجي .. الطم ولا اجيب لطامة..”

هكذا صرخ «مروان» فـ ناظرته «سما» بسخط تجلي في نبرتها حين قالت

” دانا اللي هلطم بحجارة عشان سمعت كلامك و رضيت آجي معاكوا.. انا هنزل اوقف اي عربية ماشية واعرف احنا فين ..”

و بالفعل ترجلت من السيارة تنوي العبور للجهة الأخرى فلحق بها «مروان» الذي قال بصراخ

” استني يا بت .. خدي يا هبلة. تتخطفي هنا. هيؤدوكي الله يخربيتك ..”

و لكن فجأة تسمر الإثنان بمكانهم حين شاهدا …….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية في قبضة الأقدار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى