روايات

رواية التل الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم رانيا الخولي

رواية التل الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم رانيا الخولي

رواية التل الجزء الرابع والثلاثون

رواية التل البارت الرابع والثلاثون

التل
التل

رواية التل الحلقة الرابعة والثلاثون

استعدت سلمى لمجيء الاطفال مثل كل صباح وقد اضفى على حياتها مذاق آخر وعوض بعد حرمان أرهق قلبها
كما لم تخفى عليها نظرات وائل التي تحمل عشقًا لم يقل ولم يستطيع اخفاءه
نظرات لم تراها يومًا في عين مراد مما جعل ثقتها تزداد ومحى منها نظرت الانكسار
صدح رنين الجرس فتركت ما بيدها واسرعت لتفتح الباب فوجدت الأطفال يقفون وحدهم فسألتهم بدهشة
_ بابا فين وسايبكو كدة؟
ظهر وائل وهو يحمل باقة زهور واليد الاخرى علبة متوسطة الحجم وقال
_ كنت بجيب الحاجات دي من العربية.
نزل لمستوى صغيريه وقال
_ يلا اطلبوا منها زي ما حفظتكم
لم تفهم سلمى شيء مما يدور حتى صدح صوت التوأم بلجلجة
_ بابا بيقول تقبلي تكوني مامي؟
هزت تلك الكلمة مشاعر الأمومة بداخلها وكأنه علم كيف يصل لمبتغاه بكلمات تعد بسيطة لكن بالنسبة لها كان لها وقع آخر على قلبها
نظرت إليه بحيرة وهو يستقيم ليدنوا منها ويناولها باقة الزهور وعلبة الشوكولا وهو يعيد كلمات توأمه
_ تقبلي تتجوزيني وتكوني أم ولادي وتريحي اللي اتعذب كتير من وقت ما شافك؟
دق قلبها بسعادة لم تختبرها من قبل وقد أكدت نظراته مدى تعلقه بها وكأن حياته رهن أجابتها وعاد يقول
_ وافقي وأوعدك إن عمرك ما هتندمي.
اخفضت عينيها بحيرة لا تعرف ماذا تفعل
لازالت في شهور العدة
تلاعب الشك بقلبه وسأله بترقب
_ لسة برضه بتحبيه؟
رمشت بعينيها تحاول الثبات وردت بثبوت
_ خلينا ندخل نتكلم جوه.
جلست سلمى على المقعد وجلس هو قبالتها وسألها
_ ممكن اعرف سبب رفضك؟
ابتسمت سلمى بمرارة وقالت بصدق
_ انا مش رافضة بس انا لسة مقيدة بعدة وجرح لسة حي ومش بسهولة كدة اربط نفسي بالسرعة دي
عايزة الاقي نفسي الأول وارجع ثقتي بنفسي ويبقى ليا كيان مستقل وبعدها انا بنفسي اللي هاجي واطلب منك اكون أم لولادك.
أومأ وائل بتفاهم فهي محقة في كل كلمة وقال بتأييد
_ وانا معاكي يا ستي في كل اللي تقولي عليه وتقدري تشتغلي معانا من البيت لو عايزة لأني عارفك مش بتحبي الخروج الكتير
ممكن بقى تقبلي الورد مني؟
لم تستطيع الرفض أمام نظرات الرجاء التي رأتها واضحة في عينيه ودون إرادتها وجدت يدها تمتد لتأخذ منه الورد وتمتمت برهبة
_ موافقة.
_______________استيقظت توليب من غفوتها على صوت الباب وهي تشعر بدوار شديد
نظرت في ساعتها لتجدها الرابعة عصراً
عاد طرق الباب فنهضت بتكاسل لتبحث عن ازدالها ونقابها ثم ارتدتهم وقد اشتد عليها الدوار
ذهبت لتبحث عن أحد في المنزل لكن لم تجد أحد
يبدو ان والدها لم يعود بعد من عمله وتميم أخذ يزن وذهب به إلى الحديقة عندما ازداد بكاءه
تحاملت على نفسها وتقدمت من الباب والدوار يشتد بها
فتحت الباب فتتفاجئ به يقف أمامها حاملًا طوق ورد التوليب وعينيه الساحرة تنظر إليها بوله وتمتم بصوته الرخو
_ انا عارف إنك بتحبي زهرة التوليب بس معرفش لحد دلوقت بتحبي أي نوع فيهم عشان كدة جبتلك كل الانواع تعتذر بالنيابة عني.
رمشت توليب بعينيها وكأنها تتأكد من وجوده وقد استطاع بابتسامته تلك محو كل شيء وكأن شيئاً لم يحدث.
تقدم منها ليغلق الباب خلفه وقد سحرته بعينيها التي لم يستطيع النقاب اخفاءها وعليه أن يجد حل لذلك.
حاولت توليب الحفاظ على ثباتها وقد أصبحت الرؤية ضعيفة أمامها لكنها لم تستطيع
قطب جواد جبينه بقلق من حالتها وقبل أن يسألها وجد جسدها يرتخي وكادت تسقط لولا يديه التي أسرعت تحول بينها وبين السقوط.
انقبض قلبه عندما وجدها تسقط بين يديه وقام برفع رأسها على ساقه وهو ينادي على أحد بالمنزل
_ تميم…..عمي….
لم يجيبه أحد
قام بحملها وأسرع بالخروج من المنزل إلى أقرب مشفى يقابلهم وهو يشعر بالذعر عليها
كان يقود السيارة وهو ينظر إليها بقلب ملتاع يريد ان يطمئن ويطمئن قلبه عليها
وصل للمشفى وأسرع بحملها والدخول بها فيسرع الجميع إليه بالحامل ويضعها هو عليه بروية وكأنها شيء قابل للكسر وأصر على الولوج معها.
ظل يضغط على قبضته كي يتحكم في اعصابه وهو يرى الطبيب يقوم باسعافها كي تسترد وعيها
فتحت توليب عينيها فدنى منها جواد يسألها بلهفة
_ حبيبتي انتي كويسة؟
اومأت له بعينيها الواهنة ثم تحدث الطبيب برتابة
_ متقلقش هي كويسة واللي حصلها ده سوء تغذية.
تطلع إليها جواد بعتاب وتابع الطبيب
_ انا هعملها تحاليل عشان نطمن أكتر وإن شاء الله خير.
خرج الطبيب من الغرفة وبدأت الممرضة بسحب العينة وخرجت بدورها فدنى منها جواد ليجلس على المقعد بجوارها واحتوى يدها بقلق بالغ
_ احسن دلوقت؟
اومأت له بصمت ثم اشاحت بوجهها بعيدًا عنه
مازالت غاضبة منه ولن تغفر بتلك السهولة
مد جواد أنامله ليدير إليه وجهها ويجبرها على النظر إليه وتمتم باحتواء
_ لسة زعلانة مني؟
تهربت بعينيها منه فيرفع يدها لفمه كي يقبلها بحب وتابع بأسف
_ حقك عليا بس لما تعرفي الحجيجة هتعذريني
تطلعت إليه بعتاب وتمتمت بألم
_ الحقيقة الوحيدة اللي عرفتها إن جرحي سهل عندك أوي.
ملس بابهامه على وجنتها وتمتم بوله
_ متجوليش إكدة انتي واثجة كويس جوي إني مجدرش ازعلك بس كل حاجة هتعرفيها لما نرجع المزرعة.
_ المزرعة؟!
قالتها توايب بدهشة فيومأ هو مؤكداً
_ أيوة المزرعة، خلاص مهمتي انتهت في القجصر لحد إكدة.
قطبت جبينها بحيرة لا تفهم شيء من حديثه
فقال بثبوت
_ جولتلك هتعرفي كل حاجة متستعجليش.
هزت راسها برفض وتمتمت بوهن
_ مش هرجع إلا لما تقولي ليه كنت بالقسوة دي؟
تنهد جواد بتعب وتمتم باعتذار
_ حقك عليا بس كان لازم أعمل إكدة عشان أحميكي.
_ تحميني إزاي ومن مين؟
قص عليها كل شيء من البداية باستثناء محاولة قتلها وتابع
_ فكان لازم اعاملك بالطريقة دي جدامهم عشان محدش يحس إنك نقطة ضعف بالنسبالي، وخلاص ربنا جدرني ورجعت الحق لاصحابه، ابويا وامي هيرجعوا تاني الجصر، وياسمين هتعيش مع ادم في بيته لأنه رافض ياخد نصيبه، وانا هرجع مزرعتي مع مراتي وابني…
قاطعهم طرق الباب ودلفت الممرضة وهي تقول ببشاشة
_ عاملة ايه دلوقت يا مدام توليب؟
أومأت توليب
_ أحسن الحمد لله.
سألها جواد
_ التحليل ظهر؟
اومأت الممرضة بسرور
_ اه ظهر ألف مبروك يا مدام انتي حامل.
تطلع جواد لتوليب بعدم استيعاب وتمتم برهبة
_ حامل؟
خرجت الممرضة وفهم جواد من هدوءها انها تعلم بذلك الحمل فسألها بشك
_ انتي كنتي عارفة ومخبية عليا؟
هزت راسها بنفي وقالت
_ والله ما كنت متأكدة وبعدين انا معرفتش غير من يومين وانت كنت سايبني ومسألتش عليا حتى.
_ يا ستي انا آسف ومش هتتكرر تاني بس بعد إ كدة متخبيش عليا حاجة مهمة زي دي.
دلف الطبيب بعد قليل كي يطمئن عليها وقال
_ الحمد لله بقينا احسن، انا كلمت دكتورة حنان عشان تطمنكم على الحمل وهي جاية دلوقت.
خرج جواد مع توليب من المشفى بعد ان طمئنتهم الطبيبة على الجنين.
استقلت السيارة معه وقال وهو ينطلق بالسيارة
_ احنا هنطلع على الفندق نجضي فيه يومين جبل ما نرجع المزرعة
وهتصل على تميم يجيب يزن على الفندق
وافقت توليب وانطلق جواد بسيارته وكان ينظر لهاتفه بين الحين والآخر كأنه ينتظر مكالمة هامة.
سألته توليب الاي لاحظت ذلك
_ مالك عمال تبص للفون ليه؟
انتبه لها جواد وقال
_ ها.. أصلي مستني مكالمة مهمة
وبالفعل رن هاتفه فيلتقفه بسرعة وأجاب
_ ايوة عملت ايه؟
_ زي ما حضرتك أمرت وخلناه مضى على التنازل وسلمناه للمحامي والولد دلوقت معانا.
_ تمام جوي ارجعوا بيه النهاردة وسلموه لوهدان.
أغلق الهاتف وتوليب تنظر إليه بحيرة وسألته
_ ولد مين اللي هيسلموه لوهدان.
ابتسم جواد ورد بهدوء
_ ابن حياة مرات وهدان المحامي أكد إن الجضية مش هتكون في صالحنا لأنها اتجوزت وأمها متوفيه فبالتالي الطفل هيكون في حضانة ابوه فمكنش قدامي غير إني أجيبه بالقوة.
قطبت جبينها بدهشة وسألته بتحذير
_ جواد أوعى تكون اذيت الراجل ولا …..
قاطعها جواد
_ لأ متجلجيش أنا بس اديته قرصة ودن صغيرة إكدة عشان ميفكرش يجرب منيها.
رغم رفضها لفعلته إلا إنها فرحت لأجل حياة
______________
وضعت نور ابنها في فراشه ثم دنت من الفراش حيث كان ينتظرها مراد وجلست بجواره تسأله
_ ها ايه بقا المفاجأة اللي بتقول عليها؟
أخرج الظرف من الدرج بجواره وقدمه لها قائلاً
_ افتحي وشوفي بنفسك.
اخذت الظرف منه وقامت بفتحه فتجده شهادة ميلاد باسم “ياسين آسر عاصم”
تبدلت ملامحها للوجوم وهي ترى ذلك الاسم الذي دمر حياتها بجوار اسم ابنها، لم يسعدها ذلك الخبر بل زرع الخوف بداخلها وعندما لاحظ مراد ذلك سألها
_ مالك سهمتي إكدة ليه؟
اعادت الشهادة داخل الظرف ثم نظرت إليه بشك تسأله
_ انت شايف إن ده صح؟
اعتدل مراد في فراشه وتطلع إليها قائلاً
_ انا اتكلمت في الموضوع ده جبل إكدة ودي هتكون اخر مرة نتكلم فيها، قولتلك إن ابنك لازم يتسجل باسم أبوه الحجيجي لأن حرام شرعاً يتنسب لحد تاني
وجولتلك برضه أنه هيفضل ابني مش حتة الورجة دي اللي هتتفرج معايا ياسين ابني ومفيش حاجة هتغير ده.
أومأت له بتفاهم وتمتمت برهبة
_ انا مش بشك في حبك لابني بس كل الحكاية إني مش عايزة أي حاجة تفكرني بيه والفلوس دي انا مش هصرف عليه منها….
قاطعها مراد بجدية
_ فلوس ياسين هتفضل موجودة باسمه في البنك وطلبت انها تكون بدون فوائد عشان ميكنش فيها أي شك ولو عايزة استثمرها في اي مشروع عادي جدا اللي انتي تشوفيه انما هو هيتربى في بيتي ومن مالي فهمتي؟
أومأت له فتابع هو
_ طيب يلا نامي دلوجت وانا همشي على المستشفى لأني عندي شيفت الليلادي.
_______________
دلفت توليب الغرفة مع جواد الذي جذبها ثم مد يده ليرفع عنها نقابها وتمتم باحتواء
_ لسة برضه زعلانه؟
تطلعت إليه بعينيها الساحرة وتمتمت بخفوت
_ بالبساطة دي عايزني اسامح؟
لف ذراعيه حول خصرها ليقربها منه وهمس بجوار أذنها
_ عايزة ايه وانا اعمله عشان ترضي مع إني اخدت عذابي مضاعف ببعدك عني.
شعرت برعشة تنتابها من همسه وقالت بتلعثم
_ مهما تعمل مش هسامحك.
طبع قبلة على وجنتها وهو يزيح عنها حجابها ويحرر خصلاتها من آسرهم وقال بولع
_ ولو قولتلك إني تحت أمرك في كل اللي تطلبيه.
طبع قبلة أخرى على عنقها المرمري وتابع همسه
_ وحشتيني اوي يا تولي أوي.
هم جواد بمواصلة تقبيلها لكنها منعته قائلة
_ جواد استنى خلينا نتكلم الأول.
قربها جواد منه أكثر وغمغم بانفاس لاهثة
_ بعدين
همت بالاعتراض لكنه منعها بأن أخذها في قبلة لم تسمح لها بالاعتراض.
بعد وقت طويل ابتعد عنها جواد فيضع جبينه على خاصتها وتمتم بانفاس متقطعة
_ وحشتيني أوي أوي، اليومين اللي بعدتيهم عني عيشوني في عذاب.
ازدردت لعابها بصعوبة وهمهمت بتلعثم
_ نفس احساسي بس انت جرحتني….
قاطعها بأن وضع يده على فمها يمنعها وقال برجاء
_ متفكرنيش لأني بعاتب نفسي كل دجيجة على اللي عملته.
تطلع إلى عينيها وتابع
_ متبعديش عني تاني ولو عايزة تعاقبيني عاقبيني وانتي جانبي متبعديش ابداً
_ بس في حاجات لازم نتكلم فيها اذا كنت فعلاً عايز تمحي المشاكل من حياتنا
قطب جبينه بحيرة فتابعت هي
_ جواد انا بحبك زي ما انت وعمر ما في حاجة ممكن تغير ده أو تقل منه.
علم جواد أنها تقصد إعاقته حاول التهرب لكنها منعته بإصرار
_ جواد لو كنت انا مكانك كانت هتغير من حبك ليا؟
رد بنفي
_ أكيد لأ
_ خلاص يبقى بلاش الموضوع ده يبقى عائق في حياتنا وخليك على راحتك.
_ بس انا خايف اضيقك أو….
قاطعته بأن وضعت يدها على فمه وقالت بتحذير
_ أوعى تقول كدة احنا مع بعض على الحلوة والمرة وإن لقيت مني غير كدة يبقى مستهلش اعيش معاك.
تطلعت إليه بعشق
_ انت حاجة كبيرة أوي هعيش عمري كله احافظ عليها.
رد عليها لكن بطريقته الخاصة ولأول مرة يكون معها بحيرة دون قيود أو تحسس
ظل يبحث في عينيها عن نظرت شفقة أو اشمئزاز لكن لم يجد سوى حب وسعادة خاصته به وحده
________________
في منزل وهدان
استيقظت ليلاً فتجد أن مكانه مازال فارغاً ولم يعود حتى الآن
حتى انه لم يجيب على هاتفها مما جعل القلق يتسرب إلى قلبها
لم يفعلها من قبل ويتأخر حتى ذلك الوقت
نهضت من الفراش وكررت اتصالها لكنه لم لم يجيب
ماذا حدث له؟
وماذا تفعل؟
ولن تستطيع الخروج في ذلك الوقت
ظلت على حالتها من الخوف حتى انتبهت لصوت الباب
اسرعت بالخروج من الغرفة حتى تتأكد من عودته فتجده يتقدم منها وهو يحمل طفل صغير بين يديه
رمشت بعينيها مرات متتالية تحاول فهم ما تراه رغم أن ابتسامته وقلبها الذي هدر ما إن رآى الطفل إلا إن عقلها لا يستوعب ذلك.
_ السلام عليكم
لم تستطيع حياة الرد عليه وقد شعرت بأنفاسها تسلب منها
سألها وهدان بسرور
_ ايه مش عايزة تشوفي ابنك ولا ايه؟
ازدرد جفاف حلقها وقد اهتزت نظراتها وكأنها تخشى أن تكون الأوهام قد عادت إليها مرة أخرى.
هزت راسها برفض وشعور غريب يجتاحها
علم بها وهدان وقال بثبوت
_ متخافيش ومدي يدك خدي ابنك لأنه مبطلش عياط من وقت ما خرجوا بيه.
وضعه وهدان بين يديها التي حملته برهبة فتزداد وتيرة قلبها عندما تأكدت منه
نعم هو ابنها الذي أخذ منها بالغدر ها قد عاد إليها
رفعت عينيها لوهدان الذي ابتسم لها بحب مؤكداً أن ما تعيشه الآن حقيقة وليس وهم.
تجمعت العبرات في عينيها ثم ضمت طفلها إليها وأخذت تبكي والقت نفسها داخل أحضانه ولم يبخل عليها بالمزيد والمزيد من الحنان ويهمس لها بكلمات استطاع بها أن يهدئ من ورعها
فها قد اكتملت عائلتهم وانتهى ذلك الألم الذي لم يرأف بها لحظة واحدة واختفت الغيوم وسطعت شمس الحب تنثر دفئها على قلوب أرهقتها قسوة الحياة.
________________
_ بارك لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.
صدح رنين تلك الكلمات في قلب آدم الذي
شعر به يرفرف بسعادة غامرة لم يشعر بها من قبل
ها قد تحقق حلمه وأصبح حقيقة وكلها دقائق معدودة وستكون داخل أحضانه
لن ينتظر أكثر من ذلك وما إن تضع بصمتها سيأخذها ويذهب بها إلى منزله الذي حلم بوجودها معه في كل ركن به.
أما ياسمين فقد كانت فرحتها لا توصف وحلم حياتها يتحقق أمامها
كان الجميع معها كندا توليب ونور وحياة وسيلين ويسر وزوجة عمها
والكل سعيد لسعادتها
طرق الباب ودلف جواد وهو يحمل العقد كي تمضي عليه
تطلع إليها جواد بسرور وهو يرى مدى فرحتها
_ مبروك.
ردت ياسمين وهي تفرك يديها بخجل
_ الله يبارك فيك.
ناولها القلم فأخذته منه وهي تحاول السيطرة على دقات قلبها المتسارعة
أما جواد فقد تطلع إلى محبوبته والتي لم يراها منذ الصباح.
تعالت الزغاريد عند انتهاء ياسمين وبدأ الجميع بالمباركة لها
ما عدا جواد الذي تقدم من توليب وتمتم بمكر
_ الليلة دي تعوضيني فيها عن ليلة الدخلة اللي باظت دي فاهمة ولا لأ.
اتسعت عينيها بغيظ وغمغمت من بين أسنانها
_ يا سلام والوقت اللي قضناه في شرم ده كان ايه؟
_ ده كان شهر عسل ميعوضش ليلة الدخلة ولا الصباحية اللي جضتها في القسم
ساعة بالكتير وتكوني جاهزة وانا كلمت كندا تخلي يزن معها.
تركها وغادر وهي تنظر في اثره بتوعد
__________________
في اليوم التالي
وفي منزل عائلة كريمة
دلفت الغرفة التي تقيم بها هي وابنها في حديقة المنزل بعد أن حرجت عليها زوجة أخيها دخول منزلها بعد ما فعلته بهم
وجدت خالد يعمر سلاحه ويضعه في حزامه
سألته كريمة بوجل
_ انت واخد السلاح ده ورايح فين؟
رد خالد وهو يرتدي حذاءه ويستعد للخروج
_ هروح اقتله واخلص منيه.
اسرعت بغلق الباب وتقدمت منه لتقول بحدة
_ انت اتچنيت تجتله كيف، انت اكدة هتضيع حالك.
رد خالد من بين أسنانه
_ حالي ضاع من وجت ما أخد كل حاچة وخلانها نسكن في بيت أخوكي چار البهايم
اني لازمن اخلص عليه واخد المزرعة ولو بالاجبار مستحيل اجبل بالذل ده.
تركها وغادر ولم يبالي بنداءها
______________
في غرفة يسر
دلف عدي غرفة يسر والتي مازالت على موقفها منه ترفض عودته إليها
تقدم منها ليقول بهدوء
_ يسر ممكن نتكلم شوية.
رغم رفضها إلا إنها قررت سماعه عندما لاحظت مدى تأثره بما حدث
تقدم منها وجلس بجوارها على الأريكة ووغمغم بندم
_ اني خابر إنك لسة واخدة على خاطرك مني بس صدقيني اللي حصل ده خلاني افوج لنفسي واعرف ان الطريق اللي كنت ماشي فيه كان أخرته دمار
صدجيني أني اتغيرت وناوي ابدأ صفحة جديدة مع نفسي بعيد عن شر خالد اللي كان هيدمرني معاه.
امسك يدها وتابع برجاء
_ ارجوكي سامحيني عشان اقدر اسامح نفسي انا بحبك.
الصدق الذي لامسته في صوته جعلها تغفر وتسامح وقالت بآسى
_ صدمتي فيك كانت كبيرة جوي.
_ هعوضك وهخليكي تسامحيني بس المهم ترچعيلي.
_ هديك فرصة بس هتكون الأخيرة لو فكرت..
قاطعها بصدق
_ عمري ما هفكر اعيد اللي راح أرجوكي يا يسر انسي اللي فات وارجعيلي.
_______________
وقفت توليب أمام المرآة تضع حجابها فسألت جواد الذي دلف الغرفة
_ مراد وصل؟
_ انتي لسة مجهزتيش جاه هو ومراته تحت.
وضعت نقابها وقالت
_ خلاص انا خلصت.
نزلت معه للأسفل وكانت نور جالسة بجوار مراد ويبدو عليهم السعادة عكس تلك المرة التي رأتها فيها
سلمت عليهم بحبور وجلسوا في جو مليء بالحب
اصر يزن على حمل ياسين وكم كان سعيد بذلك فقالت توليب بمرح
_ لا انا كدة اطمن بقا كنت خايفة البيبي اللي جاي يأثر على نفسيته بس واضح انه بيحب الأطفال
اكدت نور حديثها
_ مادام عنده ام زيك لازم هيكون معطاء وقلبه كبير زيك.
_ ده من ذوقك بس.
تحدث مراد بمزاح
_ طيب هتخلصوا واصلة المدح دي أمتى احنا جعانين.
ردت توليب
_ ثواني والسفرة هتكون جاهزة
نهضت توليب ونور كي تساعدها في اعداد الطاولة وسألتها توليب
_ انا ملاحظة إن فيه اختلاف تام عن كتب الكتاب.
ابتسمت نور وقالت
_ بصراحة يوم كتب الكتاب ده كان أصعب يوم مر عليا يمكن أكتر من موت ماما بس لما قربت من مراد أكتر وفهمته لقيته راجل يعتمد عليه صريح وواضح واللي في قلبه على لسانه مش بيعرف يخدع حد وبيواجه اللي قدامه بعيوبه
لأول مرة مفكرش في بكرة لأني عارفة إن في سند بعد ربنا لو ملت هلاقيه في ضهري.
لاحظت نور أن هناك شيء تود توليب التحدث عنه
_ ليه حاسة ان جواكي حاجة عايزة تقوليلها؟
ردت توليب بجدية
_ انا كنت ضد جوازك منه لأني مكنتش اعرف الحقيقة بس ده برضه بيحللش جوازكم وانتي حامل.
وضعت نور الأطباق على الطاولة وردت بثقة
_ عارفة كل ده بس اللي انتي متعرفهوش إن مفيش حاجة حصلت بينا يعني يعتبر في حكم المخطوبين لكن قبل ما يتقفل علينا باب واحد فهمني كل حاجة وقالي إننا لازم نعيد القران من تاني، يعني اطمني.
ابتسمت توليب وقالت بسرور
_ كدة اتطمنت بس هطمن أكتر لما تقولي إنك خلاص بقيتي مراته بجد.
_ إن شاء الله، يلا بقا لأن مراد في الأكل له طقوس مينفعش يأجلها.
مضى الوقت بسعادة وقد قررت نور أن تبدأ حياتها منذ الليلة
فقد اطمئنت على سلمى وأنها في طريقها للسعادة بذلك العوض.
أما مراد فقد اكتملت سعادته بعودة جواد إليه وقف أمام السيارة ينتظر نور فقال لجواد
_ المرة الجاية هتكون عندي عشان الحاجة بتسأل عليك.
اومأ له جواد
_ إن شاء الله هاجي ازورها في اجرب وقت
خرجت نور وهي تحمل طفلها فانتبه الجميع فجأة إلى صوت حاد
_ جواد
التفت الجميع إلى صاحب الصوت فإذا به خالد يقف أمامهم موجهًا سلاحه إلى قلب جواد
فما كان من مراد إلا أن أسرع كي يدفع جواد بعيدًا عن مرمي السلاح فتخرج الرصاصة لتصيبه هو
وقبل أن يكرر خالد فعلته كانت رصاصة أخرى تستقر في صدره
صرخت نور وهي ترى مراد ساقطًا على الارض والدماء تخرج من كتفه
اعتدل جواد الذي سقط معه وقام بمساعدته على الجلوس وسأله بذعر
_ مراد انت كويس؟
وضع مراد يده على كتفه وغمغم بألم
_ لأ مش كويس
اسرعت نور تجثو أمامه وقالت بذعر
_ مراد…
طمئنها وهو ينهض بمساعدة جواد
_ متقلقيش انا كويس الرصاصة جات سطحية
قال جواد بقلق
_ طيب خلينا نروح المستشفى نطمن.
أصر مراد على البقاء وغمغم بثبوت
_ قولتلك جرح سطحي مش مستاهل.
تطلع جواد إلى وهدان وقال
_ اتصل على المركز بسرعة وخلي كل حاجة مكانها.
تطلع إلى خالد الملقي على الأرض وقد خرجت الدماء من فمه ثم دلف للداخل كي يعقم جرح مراد.
لم تكف نور عن البكاء رغم انه بخير أمامها
كانت الشرطة بالخارج تجري تحقيقها مع العمال الذين شاهدوا الحادث والحارس الذي اعترف بضربه لخالد كي ينقذ سيده
وقف جواد يشاهد الإسعاف وهي تحمل نعش خالد وانطلقت به وكم آلمه تلك النهاية التي كتبها على نفسه
لم تتحمل كريمة تلك الصدمة وأصيبت بالشلل وهنا لم يستطيع عدي تركها واستسمح اعمامه كي تبقى معه في القصر
بعد مرور سبعة أشهر
اغلقت نور الهاتف وهي تشعر بسعادة غامرة بعد تلك المكالمة التي اجرتها مع سلمى بمناسبة زفافها على وائل
دلف مراد فيجدها تقلب في هاتفها تشاهد بعض الصور
تقدم منها يحاوطها بذراعيه الحانية وسألها باهتمام
_ ايه اللي واخدك إكدة ومخلي الفرحة ملية وشك.
تطلعت إليه بابتسامة مشرقة وردت
_ عشان أخيرًا اطمنت على سلمى وبعتتلي صور فرحها شكلها مبسوطة اوي.
لاح الحنين على محياه وتمتم بثبات
_ سلمى بنت حلال وتستاهل كل خير، ووائل برضه انسان كويس وأني واثج أنه هيصونها.
لم يخفى على نور نظرت الحنين عندما سمع اسمها ولم تستاء من ذلك فقد كانت بينهم عشرة ومودة استمرت اربع سنوات فتطرقت في امر آخر
فقامت بوضع يده على جوفها الممتلئ وقالت بسعادة
_ مسألتنيش يعني عملت ايه عند الدكتورة.
رمقها بمكر وقال
_ وهي حاچة زي دي تخفى عليا؟ ناوية تسميها ايه؟
زمت فمها بغيظ وغمغمت
_ يعني قالتلك وانا منبها عليها متقولش بس ماشي.
ضيقت عينيها متسائلة
_ أوعى تكون مضايق انها بنت؟
اتسعت ابتسامته ورد بصدق
_ كل اللي يجيبه ربنا زين المهم إنك تجومي بالسلامة وبعدين احنا لساتنا في أولها.
احاط خصراها يقربها منه وتمتم بوله
_ تعرفي انك وحشتيني جوي؟
أومأت له بدلال
_ اه عارفة وانت كمان وحشتني بقالك اربعه وعشرين ساعة بعيد عني حتى لما روحت المستشفى لقيتك في العمليات
رفع حاجبيه بمكر
_ طيب فين الاشتياق اني مش شايفه، عايز تعويض مضاعف عن كل مرة.
هزت كتفيها بدلال
_ خلاص نيم ياسين لحد ما اخد شاور وأجيلك.
__________________
في غرفة جواد وتوليب
عدل جواد من وضع الوسائد خلف ظهرها كي تستطيع النوم وتحدث بحيرة
_ انا مش عارف انتي بتنامي إكدة ازاي.
أسندت ظهرها على الوسائد وردت بتعب
_ اعمل ايه في ابنك كاتم على نفسي ومخلي نفسي يضيق.
استلقى بجوارها على الفراش وغمغم
_ احمدي ربنا انه صبر عليكي لحد ما تخلصي الامتحانات.
_ مكدبش عليك أنا كنت خايفة اعملها النهاردة وفضلت ادعي أنه يصبر عليا لحد ما اخلص الامتحان الأخير وأروح وانت عارفني مش بحب جو المستشفيات ونفسي اعملها في البيت.
استغفر جواد بيأس منها وسألها بحيرة
_ انتي ليه مصرة تولدي في البيت؟
وضعت توليب يدها على طوفها وقد اشتد عليها الألم
_ قولتلك مش بحب جو المستشفيات واني اطلع من البيت بصوت والناس تتلم عليا واروح هناك الناس كلها تسمع صوتي
لأ خليني في بيتي معززة مكرمة وواخده حريتي، وادي ماما كندا معايا ومش هتسيبني يبقى ليه بقا وش المستشفيات ده.
هز رأسه بيأس منها
_ انتي حرة بس اعملي حسابك إن الدكتورة دي مش تحت أمرك هتقوللها تعالي تجيلك جري.
ازداد الألم معها وقالت بشك
_ يظهر إني هعملها دلوقت
قطب جبينه بحيرة
_ تعملي ايه؟
لم يعد الألم يحتمل فصرخت به وهي تضع يدها على بطنها
_ بقولك هعملها دلوقت ناديلي ماما بسرعة
انتفض جواد بخوف وسألها بجدية
_ انتي بتتكلمي جد ولا زي كل مرة؟
صرخت توليب بألم مما جعله ينتفض من الفراش وارتدى قدمه الصناعية وأسرع بالذهاب إلى والدته.
طرق بابها وقلبه يهدر بعنف
خرجت توليب وهي تجاهد لتفتح عينيها.
_ چواد حبيبي شو بك؟
_ توليب باينها بتولد.
انتبهوا لصرخاتها فقالت كندا بقلق
_ يا الله دخيلك اتصل على الدكتورة بسرعة
امسك ذراعها يطلب منها برجاء
_ أرجوكي اقنعيها تروح المستشفى عشان اكون مطمن عليها.
ربتت كندا على يده وقالت بثقة
_ لا تقلق جواد الدكتورة طمنتني وقالت إن مافي مشكلة من ولادتها بالبيت اطمن.
لم تقبل توليب وأصرت على الولادة في المنزل وقد كانت ولادة متيسرة وعند آذان الفجر صدح صوت ابنه يعلن عن مجيئه للدنيا وانتهى عذاب توليب بسعادة كبيرة لرؤية قطعة مصغرة من حبيبها
تطلعت إليه بحب عندما وضعته الطبيبة بجوارها وقالت لكندا
_ شبه جواد مش كدة؟
_ اي حبيبتي بيشبه جواد أكتير، هروح ابشره.
دلف جواد الغرفة فوجدها مستلقية على الفراش ويبدو عليها الوهن
تقدم منها ليجلس بجوارها وقد آلمه رؤيتها بتلك الحالة فتمتم بوله
_ حمد لله على السلامة.
ابتسمت توليب بحب وهي تمتم
_ الله يسلمك ياحبيبي، مبروك.
تطلع لطفله الذي يحرك رأسه يمنه ويسرى كأنه يعترض على وضعه وقال بحبور
_ شبه يزن.
أومأت وهي تنظر إليه نظرة رضا
_ فعلاً شبهك انت ويزن
دلفت كندا الغرفة وقالت لجواد
_ قوم چواد ساعد مراتك تتحمم لحد ما البنات تغير التخت.
حملت الصغير لتضعه في فراشه الصغير وحمل جواد زوجته ودلف بها المرحاض كي يساعدها على الإستحمام..
خرج بها بعد قليل وقد رتبت كندا الفراش وساعدت توليب على الاستلقاء وقالت بتعاطف
_ نامي حبيبتي وانا راح اضل معك
نظرت لجواد وتابعت
_ وانت جواد ارتاح بغرفة ياسمين شكلك تعبان اكتير.
رفض جواد بإصرار
_ لأ ارتاحي انتي وانا هفضل معها مش هقدر انا بعيد عنها
لم تضغط عليهم كندا وتركتهم وعادت لغرفتها كي تبشر ياسمين.
ظل جواد بجوارها لم يتركها لحظة واحدة حتى استيقظت بعد وقت طويل
فتحت عينيها فتجد جواد مازال بجوارها
_ جواد انت منمتش؟
هز رأسه بنفي وتحدث بحب وهو يداعب خصلاتها
_ معرفتش انام من الفرحة خايف أنام ويطلع كل ده حلم.
ابتسمت توليب وقالت بسرور
_ للدرجة دي؟
أومأ لها
_ وأكتر كمان، كل احلامي اتحققت وده بيخليني أخاف يكون حلم
امسك يدها يقبلها وتابع بشغف
_ على قد ما كنت معارض ولادتك هنا على قد ما انا فرحت إن اللي باقي من احلام بيتحقق في اكتر مكان متعلق بيه
أوعديني إن كل مرة تولدي هنا.
احتضنت يده التي تحتوي يدها وقالت بحب
_ أوعدك.
تمت بحمد الله

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية التل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى