رواية لأجلك أحيا الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم أميرة مدحت
رواية لأجلك أحيا الجزء الحادي والأربعون
رواية لأجلك أحيا البارت الحادي والأربعون
رواية لأجلك أحيا الحلقة الحادية والأربعون
رغم صلابته المعهودة إلا أنه منذ أن رأى من أمتلكت قلبه وهي في حالة إنهيار وهو يشعر بالضعف، ضعفه الذي أستدعى قسوته حتى ينتقم لشعوره، ينتقم منه على هبوط كل دمعة على وجنتيها، تحرك “أصهب” نحوه ثم جذبـه من تلابيبـه بـ قوتـه الغاضبة المستثارة لـ يسدد لـه لكمة عنيفة عرفت طريقهـا، هتف الأخير وهو يكافح لـ صد ضرباتـه المؤلمة على وجهه:
-إبعد عنـي، مش عايز أأذيك.
خرجت نبرتـه كـ زمجرة وهو يرد:
– أنـا مش هسيبك إلا وإنت بتتمنى الموت.
كانت عينيـه أشبـه بأعين صقر الجـارح وعيونـه متلونـة بالظلام الدامس، تحولت ملامحـه لـ مزيج من القوة والشراسة وهو يسدد لـهُ لكمـات عنيفة، صورتها بعينيها الباكيتين الحمراوتين وأنهيارها بتلك الطريقة جعلت النيران تشتعل بداخل قلبه قبل صدره.
سقط “ثاقب” على الأرضية وهو يلهث بوهن والدماء تهبط من بين شفتيه وأنفه، وجهه لم يعد كما كان بل يحتاج ما يقارب شهر حتى يعود كما كان، ورغم ذلك لم يتركه “أصهب”، بل أنحنى بجذعه ثم لف يديـه بإحكـام حول رقبتـه وهو يهدر بـ صوتٍ مُرعب:
-وريني بقى هتقدر تأذيني ولا تقرب منها تاني إزاي؟؟..
أخذ يضغط بـ شدة على رقبتـه وهو يزمجر غاضبًا، أرتجف “ثاقب” تحت قبضتـه كمـا تحشرج صوتـه، أخذ يُصـارع ويحاول بكُل قدرتـه على أن يستنشق نسمة هواء، تحول وجهه للون الأحمر الداكن ثم تغير إلى اللون الأزرق، ومع ذلك لم تتراخى أصابع “أصهب” عن عنقـه، بل أشتدت وعينيه تشتد وحشية من غضبه الأسود، وصل إليـه صوت يُناديــهِ صارخًا بـ بقلق:
-خلاص يا باشا كده كفاية، الراجل هيموت.
كان صوت أحد رجاله وهو يقترب منـه بخُطواتٍ سريعة، وقف أمامـه ثم قبض على ذراعـه بقوة، حاول أنتزاع يده المطبقة على رقبة “ثاقب” قائلاً بـ رجاءً رغم حدة لهجتـه:
-سيبـه يا باشا، متوديش نفسك فـ داهية عشان واحد زي ده.
لم تنجح محاولاتـه، فـ تـابع قائلاً بتردد:
-طب عشان خاطر تيجان أبعد.
عند أسمها فقط، هنا هدأت ثائرته وهو يستوعب حجم الكارثة التي كاد أن يقع بها من هول غضبه أرخى أصابعـه عن رقبتـه وهو يستمع إلى جملته المؤكدة:
-سيبه يا باشا وإحنا هنربيه، هنخليه يتمنى الموت وميلاقوش.
أحتقنت عينـي “أصهب” بـ حُمرة مُخيفة وهو يطالعـه بـ بنظراتـه الشرسة، أخذ “ثاقب” يسعل بـ قوة، لم يستطع أن يتحرك من مكانـه وهو يتحسس رقبتـه غير مُصدق أنـه على قيد الحيـاة، فقد كان محاصر بين براثن وحش كاسر، فقد كان على شفى حفرة من الموت، وقف “أصهب” ثم تحرك مبتعدًا عنـه.
بدأ يزحف بكُل قوتـه للخلف وهو ينظر إليه بفزع، في حين إبتسم “أصهب” له إبتسامة جانبية قبل أن ينظر لرجاله هاتفًا بصيغة آمرة:
-مش عاوزهُ ينام، عينيه لو أتقفلت تضربوه، لكن طول ما هو صاحي محدش يقرب منه، مفهوم؟؟..
تمتم “ثاقب” بهلع:
-ينهار أسود، ده قمة الظلم وآآ..
ألتفت “أصهب” بوجهه صارخًا بوحشية:
-أخـرس وإلا لسانك ده هقطعهولك.
أخفض “ثاقب” رأسه وهو يئن بألم، رمقه “أصهب” بنظراتٍ قاسية قبل يلقى نظرة على الساعة ليجدها السادسة صباحًا، أومئ برأسه إيماءة خفيفة ثم غادر من المكان بأكمله تاركًا خلفه من تسبب له الألم عن طريق “تيجان”.
*****
لم يزوره النوم منذ أن غادر وحيده من القصر بعد تلك المواجهة، لم يتوقع أن إبنه سيصل إلى تلك المرحلة من العشق الأسود، أغمض عينيه محاولاً أن يفكر بشكل صحيح، عاود فتح عينيه نحو زوجته النائمة، ولكن تعبيرات وجهها قد أرتسم عليه الحزن بعد ذهاب إبنها الوحيد من القصر ورفضه للعودة إلا بصحبة زوجته.
حرك “راجي” رأسه إيجابيًا وهو يهمس بشرود:
-أصهب عرف يضغط عليا إزاي صح، وأنا فعلاً مش هقدر أسيبه بعيد خصوصًا عشان أهل القرية.
سكت لحظةً قبل أن يضيف:
-مفيش حل غير إني أوافق على وجود تيجان معانا هنا حتى لو على حساب تقاليدنا.
ألتفت بوجهه نحو وجه “شاهيناز” المستكين وهو يتمتم بعدم رضا:
-الخوف دلوقتي منك إنتي لو عرفتي أصل تيجان الحقيقي.
أغمض عينيه وهو يختم حديثه مع نفسه بتعب:
-ربنا يستر من الجاي.
*****
بعد ثلاثة ساعات بداخل السجن، كان “ثاقب” يتطلع حوله بقلق وهو يبلع ريقه بصعوبة، يحاول أن يظل مستيقظًا حتى يبتعد عن شر هؤلاء، ولكن لسوء حظه أن نومه في ليلة الأمس كان قلقًا، فـ لم يأخذ قسط كافي من النوم، وها هو الآن سيذيق العذاب، إذا أغمض عينيه فقط.
دقائق أخرى وكان جفنيه يغلقان ببطء ورأسه تسقط، ولكن سرعان ما فتحهما سريعًا وهو يصرخ بألم حينما هوى أثنين منهم بعصياهم على جسده، صرخ مرة أخرى حينما هاجمته ضربة أشد قسوة:
-آآه.
هدر رجل منهم بصوتٍ مخيف:
-إنت مش نايم فبيتكم يا (….)، فوق بدل ما أفوقك.
حرك رأسه إيجابيًا بضعف وهو يرجع رأسه للخلف قبل أن يهمس بداخله بتهكم مرير:
-أنا إللي جبته لنفسي.
*****
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لأجلك أحيا)