رواية غابت شمسها الفصل الثالث 3 بقلم مايسة ريان
رواية غابت شمسها الجزء الثالث
رواية غابت شمسها البارت الثالث
رواية غابت شمسها الحلقة الثالثة
مقر شركة النجار بشارع فؤاد
لم تحاول مرام الأتصال ببيت فودة للسؤال عنه هناك فوالدته لا تحبها ولم تخفي يوما رفضها لعلاقتها بأبنها ولم تهتم مرام لتصحيح فكرتها عن نوع العلاقة التى تربطهما لذلك ذهبت لمقابلة والده ويدعى عصام النجار والذي وافق أن يقابلها على الفور بعد أن أخبرته سكرتيرته بوجودها ووقف عن مكتبه يرحب بها ببشاشة جعلتها حذرة فهو زير نساء متمرس .. ألتقته مرة واحدة من قبل فى حفل عيد ميلاد أبنته شقيقة فودة الصغرى منذ حوالى العام .. تأملته مرام مليا ورأت أنه رجلا وسيما وليس منفرا كما كانت تعتقد بسبب حكايات فودة عنه وكان أبنه يشبهه كثيرا وكما هو واضح يحافظ على لياقته البدنية وقدرت عمره من خلال ما يظهر عليه وهو أنه فى الأربعين وان كان عمره الحقيقى قد قارب الخمسين , طلب منها بأدب واللهفه فى عينيه
– تفضلى بالجلوس يا مرام .. أى ظروف سعيدة جعلتك تزورينى اليوم ؟
سألته برقة وقد بدأ عقلها يعمل بطريقه مختلفة الأن
– لم أكن أعتقد أنك ستتذكرنى يا سيدى .. فلم نلتقى الا مرة واحدة ومنذ مدة طويلة .
ضحك بفتنه
– أنا لا أنسى وجها جميلا أبدا وأنت كنت من صديقات أبنى المميزات .
وغمز لها وعيناه تحومان على وجهها وجسدها بطريقة أثارت قشعريرة باردة فى جسدها وأسعدتها فى الوقت نفسه فقالت بدلال
– شكرا لك .. أخجلتنى .
سألها عما تريد أن تشرب فرفضت عرضه قائله
– شكرا لك سيدى .. لم أحضر لآخذ الكثير من وقتك .
– لا أبدا أنت على الرحب والسعة .. كنت خارجا لتوى لتناول طعام الغداء بالخارج .
وقفت مرام بسرعة وتصنعت الحرج
– يبدو أننى أؤخرك .. سأعود فى وقت آخر .
وقف وهو يقول
– لا داعى لذلك .. يسعدنى أن ترافقينى ان لم يكن لديك ما يمنع وتخبرينى بما تريدين ونحن نأكل .
تظاهرت مرام بالتفكير وبالتردد قبل أن تقول بصوت متلعثم
– تشرفنى دعوتك يا سيدى .
لم ترى مرام الأستغراب على وجه السكرتيرة أو أحد من الموظفين وهى تخرج برفقته ويده تستريح على ظهرها بود .. لقد تغيرت خطتها بعد مقابلتها لوالد فودة ورأت مدى تاثيرها عليه وان كانت تبحث عن زوج ثرى فهو اذا المطلوب ولكنها حذرت نفسها بأن هذا الرجل أعتاد أن يحصل على النساء دون أرتباط رسمى ومقابل المال والهدايا فقط ويجب عليها أن تدفعه ليكسر تلك القاعدة من اجلها
مطعم بسان ستفانو
لم يدخر الرجل جهدا وفعله لفتنتها والتأثير عليها وضحكت على حكاياته ولولا ما تعرفه عنه لأعجبت به حقا .
وسألها وهو يشرب القهوة بعد الغداء وكانت هى قد طلبت مثلجات
– ما مدى علاقتك بفودة أبنى .
نظرت اليه ببراءة وهى تقول
– نحن أصدقاء .. كنا ندرس معا فى الجامعة وظلت صداقتنا قائمة من حينها .
– أعطانى فودة أنطباعا عندما سألته عنك مرة من قبل أن صداقتكما قد تجاوزت مرحلة الصداقه العادية وأن ما بينكما علاقه خاصة .
وضعت مرام ملعقتها فى طبق الأيس كريم بحده وعقدت حاجبيها بغضب
– هو من قال ذلك ؟ .. سيدى أنا وأبنك أصدقاء فقط ضمن مجموعة أصدقاء ولا يعنى لي أي شئ بخلاف الأخرين وأنا لن أسمح له أن يسئ الى سمعتى بقول شئ غير صحيح ومذل كهذا أمامك .
قال بسرعة يسترضيها
– لا تغضبى هكذا قد أكون أنا من فهم الأمر على غير حقيقته .
همت مرام بالوقوف وتعبير حزن على وجهها
– سأنصرف الأن وشكرا على الغداء .
وضع يده على يدها يوقفها
– ليس بعد .. فأنت لم تخبرينى ما جأت لرؤيتى بشأنه .
بدا خائفا من فكرة أنصرافها فقالت بخفوت وهى تعود للجلوس
– لا أظن أنك ستقبل طلبى بعد أن عرفت كيف تنظر لي .
قال بلهفة
– أعتبري أننى لم أقل شيئا .. وتأكدى أننى لا أنظر اليك بنظرة سيئة أبدا خاصة وقد تعرفت عليك عن قرب .. وأنا الأن أراك فتاة جيدة .. بل جيدة جدا .
أبتسمت فأزداد وجهها الرقيق أغراءا ورأت عيناه تبرقان بشدة وقد أحمرت وجنتاه وكان عاجزا عن أبعاد نظراته عن شفتيها
وتابع
– وأى شئ تطلبينه سيجاب على الفور .
أطرقت بوجهها تتصنع الخجل
– كنت أبحث عن عمل وولكن ليس لى خبره لأننى لم أعمل من قبل .
ضحك بسرور بالغ
– عمل ؟ لدى بالتأكيد عمل لك .. أنا فى حاجه لسكرتيرة .
قالت بدهشه
– ولكنى رأيت أن لديك واحدة .
– انها سكيرتيرة المكتب ولكنى فى حاجه الى سكيرتيرة شخصيه .
قالت وقد أنطوت كلماتها على سخريه لم ينتبه لها
– حقا ؟
– أعنى أنها تدير مكتبى واتصلاتى مع العملاء .. ولكن أنت ستكونين مساعدتى الشخصيه .. تديرين أمورى الشخصيه .
****
بدأت مرام العمل فى اليوم التالى مباشرة ولم تهتم لنظرات الموظفين ولا الى تهامسهم عليها خاصة وقد أصبحت بعد ايام قليلة تحتل مكانة كبيرة وهى مازالت صغيرة ولا تمتلك أى خبرة فى العمل وكان كل ما يقلقها هو ظهور فودة لأفساد خطتها التى تسير فيها بنجاح كبير .
كانت فى السابق تتساءل .. الى أى مدى قد يصل الرجل لكى يحصل على أمرأة يرغب بها ؟ وهذا ما أختبرته مع عصام .. ذلك الرجل المحنك صاحب الخبرات .. راح يلهث وراءها كمراهق عاشق يغار عليها من كل رجل تتحدث اليه أو تضحك له وكانت تتعمد فى بعض الأحيان أن تلاطف بعض العملاء أمامه وتعامله هو ببرود وتراه وهو يتلظى بنار الغيرة ويسعى لأرضاءها بشراء الهدايا لها والتى كانت ترفضها بحسرة فخطتها كانت طويلة المدى وهو أن تجعل هذا الرجل يتعلق بها لدرجة أن يطلب منها الزواج واستطاعت بمهارة أن توقف تحرشاته بها بتهديدها له بترك العمل وكانت قد أفهمته أنها تقيم مع خالها وأن والدها يأتى لزيارتها أسبوعيا وأمها تتصل بها طوال الوقت للأطمئنان عليها ومعرفة أماكن تواجدها حتى لا يظن أنها متاحة له وأنها بلا أهل يهتمون لأمرها وبعد عشرة أيام كان قد نضج تماما . أتصل بها خالها مروان فى الصباح وقال أنه سيمر عليها فى مقر عملها واستغربت .. أنهما على أتصال من وقت لآخر وكانا نادرا ما يتقابلان وقد زارها مع خطيبته مرة واحدة ليباركا لها على الشقة الجديدة ومن بعدها ظلت المكالمات الهاتفية هى الشئ الوحيد بينهما
نظر خالها الى مكتبها الأنيق وقال مازحا
– يبدو انك شخصية مهمه كى تحصلين على مكتب كهذا .
أبتسمت له بغرور
– أنا دائما مهمة .. ولا يجب أن تحقد علي اذا كان مكتبك فى شركة المحمول لا يضاهى مكتبى الجميل .
ضحك وقبل أن يجيب فتح الباب بحدة ودخل عصام وعيناه مشتعلتان من الغضب ونظر الى مروان
– سمعت أن لديك زائر خاص يا أنسه مرام .
وقفت مرام
– نعم سيدى .
وكادت أن تنفجر ضاحكة عندما أحمرت عيناه وكان على وشك الهجوم على خالها الذى جلس مدهوشا يحدق فى وجه الرجل الأكبر سنا والذى تابع بحدة
– الزيارات الشخصية ممنوعة أثناء دوام العمل .
كان يصرخ تقريبا ثم أنصرف وأغلق الباب بعنف , سقطت مرام على مقعدها وقد أنفجرت ضحكتها .. عبس مروان ونظر اليها قائلا
– يبدو كرجل سيفقد عقله من أجلك .
أبتسمت بجذل
– لا تشفق عليه .. فهو ليس ملاكا .
تأملها للحظات ثم قال متجهما
– أشعر بأننى السبب فى ذلك .. عندما نصحتك أن تبحثى عن زوج ثرى لم أقصد أن يكون رجلا من عمر والدك .
هزت كتفيها بالامبالاة
– الأختيارات بين الشباب محدودة وهم أكثر تفاهة وعوزا مهما كان أباءهم من الأغنياء .. صدقنى فابن هذا الرجل مدين لي بالمال .
تنهد خالها وقال بكآبه
– أحذرى منه اذن .. فقد يصبح الرجل خطيرا عندما يصل الى مرحله معينة من الضغط .
– لا تقلق علي خالى .. أننى قادرة على أن أجعله يأكل من يدى دون أن يمسنى سؤ .
بعد أنصراف خالها ذهبت الى مكتب عصام وهى تتصنع الغضب فأخذته على غرة
– لماذا فعلت ذلك ؟ .. لقد أحرجتنى أمام خالى .. ولقد طلب منى ترك العمل فورا وقال أنه سيخبر أبى وأمى وسيطلب أن يأخذنى أحدهما للعيش معه .
ثم أنهارت على المقعد تبكى بشدة من دون دموع , أسرع عصام يدور حول مكتبه وركع أمامها قائلا بندم
– خالك ؟ .. كان هذا الرجل خالك ؟.. ولماذا لم تعرفينى عليه على الفور ؟
قالت بمرارة وهى تحاول تجفيف دموعها الكاذبة
– أنت لم تعطنى فرصة لقول أى شئ .
تأوه وقال
– أنا آسف حبيبتى .. لقد شعرت بالغيرة عندما أخبرتنى السكرتيرة أن لديك زائر شاب .. طار عقلى ولم أنتبه الى تصرفاتى .. أنا آسف .
– وبماذا سينفعنى أسفك الأن .. سوف تجبرنى أمى على السفر والعيش معها فى الخليج أو يأخذنى أبى ويحبسنى فى مزرعته .. ولن .. لن أراك بعد اليوم .
شحب وجهه بشده وقال بذعر
– لا .. لا يا حبيبتى لن أسمح لهما بتفريقنا .. سنتزوج فورا ونضعهما أمام الأمر الواقع .
شهقت مرام تتصنع تفاجؤها بالأمر
– نتزوج؟ .. أنا وأنت؟ .. أحقا ما تقول ؟
أبتسم لها بحنان
– نعم .. سوف أفعل المستحيل كى تكونى لى .
تهلل وجهها من الفرح وطوقت عنقه بذراعيها وهى تهمس برقة
– حبيبى ..ظننتك ستتلاعب بي .
دخلت سكيرتيرته الى المكتب دون أن تطرق الباب وقالت عابسة وهى تراهما بهذا الوضع
– آسفة .. ولكن هناك أتصال ضرورى لحضرتك .
وقف وقال
– صلينى به .
أستأذنت مرام للأنصراف مبكرا بحجة أنها ستذهب لمقابلة خالها لأقناعة بعدم الأتصال بوالديها وقال لها عصام
– وسوف أتحدث اليه بنفسى قريبا أخبريه بذلك .
لم تعجبها نظرات السكرتيرة اليها وتوعدتها مرام بينها وبين نفسها عندما تصبح زوجة رئيسها سوف تعلمها كيف تحترمها
رن جرس هاتفها قبل أن تخرج من مبنى الشركة ووجدت رقما غريبا يتصل وعندما أجابت فوجأت بأنه فودة فشعرت بالقلق من أن يكون عرف شيئا عنها وعن والده
– مرام .. حبيبتى كيف حالك ؟
كان صوته مبتهجا فهدأت مخاوفها وقالت ببرود بعد أن تذكرت أختفائه بنقودها
– أنا بخير .. أين كنت مختفيا طوال هذه الفترة ؟
ضحك وقال
– كنت مسافرا .
كانت تعلم .. فقد ذكر والده أمامها أنه سافر فى رحلة الى تركيا عند أحد أصدقاءه ليقيم معه لبعض الوقت وقال حينها
– أحوال فودة لم تعد تعجبنى فى الفترة الأخيرة وأشك بأنه بدأ ينحرف ففضلت أن أبعده عن أصدقاء السؤ لفترة من الوقت .
وافقته وقد تعمدت أدعاء الجهل عندما حاول أن يستدرجها فى الكلام لمعرفة أى شئ عن أبنه
سألته
– ولماذا لم تتصل بى ؟
قال بمرح
– لأننى كنت أعرف أنك ستكونين غاضبة من أجل المال الذى أدين لك به ولو كلمتك ستنفجرين في غاضبة وتتهميننى بالتهرب منك .
– أليس هذا ما حدث بالفعل ؟
– لا .. غير صحيح بدليل أننى أتحدث اليك الأن لنتقابل ونتحدث بأمر نقودك .
أنفجرت به غاضبه
– أنا لا أريد الحديث .. أنا فقط أريد نقودى والا أشتكيتك فى النيابة بوصل الأمانة الذى معى .
ضحك بشده
– لا داعى لذلك .. سأعيد اليك المال كما وعدتك .. والأن أنا فى أنتظارك فى ديليس .. لا تتأخرى .
مقهى وحلوانى ديليس ( محطة الرمل الأسكندرية )
أعتادا أن يجلسا بالخارج ولكنها وجدته ينتظرها بالداخل وبعد دقائق لاحظت أنه متوترا ويتلفت حوله كثيرا فسألته وهى تقطع الكرواسون المغطى بالشيكولاته بسكينتها
– ماذا بك ؟
أبتسم لها وهو يبتلع قضمه من الجاتوة الذى طلبه
– لا شئ .. أفتقد المكان .. أشعر بأننى غبت عن الأسكندرية سنين وليس بضعة أيام .
ثم سألها مبتسما بخبث
– ماذا فعلت أثناء غيابى ؟ .. أخبرنى بعض الأصدقاء أنك كنت تبحثين عنى .. هل أفتقدتنى ؟
ردت ببرود
– بل أفتقدت نقودى .
ضحك بمرح
– قلبك قاسى .
كانت تريد أن تنهى علاقتها به ولكن ليس قبل أن يعيد لها نقودها فأبتسمت له برقه
– متى ستعيد لى المال .
رفع رزمه ملفوفه بورق بنى وموضوعه فى كيس بلاستيك .. ودهشت لأنها لم تنتبه الى انه يحملها وعندما قدمها لها أخذتها ووضعتها فى حقيبتها على الفور وهى تسأل
– المبلغ كاملا مع الفوائد التى أتفقنا عليها
– بلى .
نظرت اليه بشك
– لن أعيد اليك الوصل حتى أعد نقودى وأطمئن الى أنها لم تنقص شيئا .
وافق بسرعة وقد كسا الأرتياح وجهه وعندما عادت أخيرا الى شقتها وقبل أن تبدل ملابسها أخرجت لفافة النقود لتعدهم وبعد أن فتحتها شهقت بفزع وقد شحب وجهها من الرعب عندما أكتشفت أن الرزمة لا تحتوى على نقود وانما كيسين كبيرين من مسحوق أبيض داخل علبه مستطيلة
– كوكايين ؟ .. يا ابن ال … يا ابن ال ..
أسرعت الى حقيبتها وأخرجت هاتفها بيد مرتعشة وبالكاد أستطاعت الوصول الى رقم فايد الذى رد على الفور فصرخت به تلعنه وتسبه
– ماذا تريد أن تفعل بى .. تسجنى .. تعلق رقبتى على حبل المشنقة .
قال محاولا تهدئتها
– لن يحدث لك شئ .. أعدك بذلك .. سيبقون معك ليلة أو ليلتين فقط وسوف آخذهم منك وأعطيك مالك وبزيادة عما أتفقنا .
صرخت بهيستريا
– لا أريد منك شيئا تعال وخذ ذلك الشئ والا ألقيت به فى المرحاض .
صاح بحدة
– اياك وفعل ذلك .. ستطير رقبتى ورقبتك ان فعلت .
أمتقع وجهها وسقط جسدها المنهار على الأريكة
– ماذا فعلت بى أيها الحقير .. لما زججت بى فى تجارتك الملعونة هذه .
قال من بين أسنانه
– أنت تريدين المال بشده ودون تعب وأنا أريده كذلك .. فما أهمية من أين يأتى اذن .. لا تتصلى بى مرة أخرى وهذا لصالحك حتى نطمئن أن لا أحد يتتبعنا .
مرت ليلتها هذه وكلها كوابيس مرعبة وهى تتوقع أن تطرق الشرطة الباب أو تحطمه وتقتحم بيتها لألقاء القبض عليها وزجها بالسجن , وقد أحتارت أين تخبئها وبعد تفكير طويل وعدة أماكن وضعت فيها المخدرات كانت تعود لتخرجها فكلاب الشرطه ستكتشف مكانها فى أى مكان فى الشقة وأخيرا توصلت لحل .. أحضرت حقيبة مشتريات قوية ووضعت بها الرزمه وربطتها بحبل ومن شباك الحمام الملحق بغرفة نومها ربطتها بيد النافذة جيدا وجعلتها تتدلى الى الخارج فما أن يحدث شئ حتى تقطع الحبل بكل سهوله وتجعلها تسقط .. شعرت ببعض الراحة ولكن الخوف لازمها بالرغم منها وفى اليوم التالى لم تستطع الذهاب الى العمل وعللت غيابها لعصام بسفرها لزيارة والدها لأنه مريض وكأن حجتها كانت سببا فى استدعاءه حقا وفوجأت بزيارته الغير متوقعة وعندما سألته بجفاء عن سبب الزيارة قال وهو يجلس بعدم راحة كما بدى على طرف الأريكة بحجرة الجلوس الصغيرة
– أنا فى الأسكندرية من أجل العمل وفكرت فى زيارتك لأرى أحوالك .
لم تفسر حجته على أنها أهتمام منه بها وانما ليطمئن الى أنها لم تنفق المال وأنها لن تلجأ اليه من أجل المال مرة أخرى وصدق حدثها عندما سألها عن أحوالها الماديه فردت عليه بسخرية كان يستحقها
– أطمئن مازال معى نقود وقد وجدت عملا أتلقى منه راتبا جيدا جدا لن يحوجنى لك أو لغيرك بعد الأن .
وقف بعدها منكس الرأس وهو يقول
– هذا جيد .. سأنصرف الأن اذن .
وخرج بعدها على الفور بدون أن ينظر اليها وادركت بعد لحظات بأنها وقفت ساهمة تنظر فى أثره وشعور بالحزن يكتنفها .. تمنت للحظه لو أنه كان يهتم حقا .. ربما لو كان .. لم تورطت مع فودة ولم ترهن شبابها وحياتها من أجل المال والأمان لرجل بعمر والدها .
وعندما ذهبت الى العمل فى اليوم التالى سألها عصام ان كانت قد حدثت والدها عنه ولكنها نفت ذلك وظلت طوال الوقت قلقة وشاردة الذهن وظن عصام أنها قلقة بسبب رد فعل أسرتها على علاقتهما ولم تنفى ظنونه وبقيت فى المكتب حتى السادسة مساءا وكان ليل الشتاء قد هبط سريعا وأزدادت برودة الجو وخلت الشوارع الجانبية لشارع البحر من الزحام خاصة فى المنطقة التى تسكن بها والتى كانت تتميز بالهدؤ الشديد , نزلت من سيارة الأجرة قبل شارعها بمسافة قصيرة أمام السوبر ماركت وأشترت التونة والجبن والخبز من أجل العشاء وكانت تسير فى الشارع الذى توجد به بنايتها عندما سمعت صوت فودة يناديها بحدة
– مرام .
كان يقف بجوار سيارة ليست له وبداخلها شخص ما لم تتبين ملامحه فى الظلام
تقدم منها فوقفت تنتظره وهى تتلفت حولها بقلق فربما يكون مراقبا من الشرطة .. وكان يجب أن يحذرها بأنه سيأتى الليله ليأخذ المخدرات ولكنها شعرت بالذعر عندما رأت وجهه المكفهر والنظرة الأجرامية التى فى عينيه فابتلعت ريقها بصعوبة وتراجعت خطوة الى الوراء بحذر
– فودة .. ماذا تفعل هنا ؟.. ولماذا لم تتصل بى أولا ؟
كانت تتلفت حولها بتوتر أثناء كلامها .. كان الليل ساكنا والشارع هادئ وخاليا من الناس وكانت تبعد عن البناية التى بها شقتها حوالى الخمسين مترا تقريبا وان صرخت ربما لا يسمعها رجل الأمن وراحت بسرعة تقيس المسافة وتقدر سرعتها لو هى جرت وصرخت .. تعالت ضربات قلبها وتسارع تنفسها عندما أصبح فودة أمامها شعرت بصهد كراهيته تهب فى وجهها فأشتدت أصابعها على حقيبة مشترياتها وقد أضعف الخوف ركبتيها
سألها بشراسة
– ما الذى بينك وبين أبى ؟
تراجعت الى الخلف حتى أصطدمت بسيارة متوقفه بجانب الرصيف وسألته
– ماذا تعنى ؟
صرخ بها
– لعنك الله .. ما الذى بينك وبين ذلك الداعر ؟
هزت رأسها وقد أستحال وجهها الى صفحة بيضاء
– لا شئ ..
قاطعها بصفعة قوية أجفلتها وآلمتها فصرخت ورفعت ذراعها أمام وجهها لتحميه
– لا تكذبى أيتها الحقيرة فأنت تعملين لديه فى الشركة .
قالت باكية وهى ترتجف خوفا
– نعم .. ذهبت اليه للسؤال عنك أولا وعرفت أنك سافرت .. وكنت بحاجة للعمل فقد فقدت الأمل فى أن تعيد لى نقودي .. فطلبت منه عملا ووافق .
جذبها من شعرها بعنف
– بالطبع وافق فقد أعجب بك عندما رآك فى حفل شقيقتى العام الماضى ولكننى أفهمته أنك لى ومع ذلك سعى خلفك السافل وأنت سمحت له .
جرها اليه بقسوة وهو مازال يشد على شعرها فقالت تتوسل اليه وهى ترتجف بعنف
– صدقنى الأمر ليس كما تتصور ..
سألها بقسوة
– هل نمت معه ؟
أقسمت له باكية
– أقسم لك .. والله لم يحدث ذلك .. أنت تعرفنى .. أنا لا أفعل شئ كهذا .
قال بشراسة وهو يهزها
– نعم أعرفك .. أعرفك جيدا .. أعرف أنك حقيرة بلا أخلاق تبيعين نفسك للشيطان من أجل المال .. رأتك سكرتيرة أبى وأنت بين ذراعيه وأخبرت أمى .. سمعته وهو يعرض عليك الزواج .
أنتهزت مرام فرصة تراخى يده قليلا ودفعته عنها ثم ضربته بقوة بحقيبة المشتريات فى وجهه وعندما تركها للحظة جرت بسرعه تجاه بنايتها وهى تصرخ وتصرخ بهستيرية لعل أحد يستمع اليها ويأتى لنجدتها ولكن أستطاع فودة اللحاق بها بسرعة وجذبها بقوة من ذراعها فسقطت على الأرض بعنف على وجهها وسقط هو فوقها فشعرت بذراعها ينثنى تحتها بقسوة فصرخت من الالم .. أدارها لتواجهه بلا رحمة .. قاومته بكل قوتها ولكنه أستطاع أن يشل حركتها وهو جاسم فوقها ويلف أصابعه حول رقبتها ويضغط عليها وقد فقد السيطرة تماما على نفسه واتسعت عيناه بجنون .. سوف تموت على يديه .. شعرت بأطرافها تتراخى وانقبضت رئتاها وجحظت عيناها واحتقنتا وكادت حنجرتها أن تتحطم تحت قوة أصابعه ثم سمعت صوتا يحث فودة على تركها قائلا بعصبيه
– أتركها أيها الغبى ستقتلها .. هيا بنا قبل أن يلحقوا بنا …
وفجأة جاء الخلاص سمعت أولا أصوات تصيح من بعيد وخطوات تعدو نحوهما بسرعه وترك الشاب الآخر فودة وحده وتقهقر بسرعه الى الخلف عندما رفض ذلك الأخير تركها .. قدم قوية طارت أمام وجهها وأطاحت بوجه فودة فاندفع جسده الى الخلف بعنف فتركها والشخص الذى ركله أسرع يمسك به ويرفعه على قدميه ويسدد له لكمه قويه فى معدته .. جلست مرام بصعوبة وتوقفت عن متابعة الصراع الذى يجرى أمامها وهى تشهق بقوة لتتنفس وانضم شخص آخر يساعدها على الوقوف ويطمئن على حالها وكان رجل أمن البناية التى تسكن بها وفى نفس الوقت أستطاع فودة أن يتملص من يد الرجل الآخر وهرب مستقلا السيارة التى كانت تنتظره والتى أقلعت به على الفور قبل أن يلحق به الرجل الذى عاد ليقول بصوت لاهث
– لقد فرا بسيارة .. لن نستطيع اللحاق بهما .
سأله حارس الأمن
– ألم تستطع أخذ أرقام السيارة ؟
رد عليه
– للأسف لا .
سألها حارس
– هل أنت بخير يا أنسه مرام ؟
حاولت أن تهز رأسها وتسيطر على شهقاتها المتتالية لترد عليه ولكن صوتها كان مختنقا داخل حلقها وتابع الحارس وكان يوجه كلامه الى الرجل الآخر
– أنها الأنسه مرام التى كنت تسأل عنها يا أستاذ .
رفعت مرام رأسها قليلا فظهرت ملامحها للرجل الممسك بها فصاح ذاهلا
– هذا أنت ؟!!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غابت شمسها)