رواية لأجلك أحيا الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم أميرة مدحت
رواية لأجلك أحيا الجزء الرابع والعشرون
رواية لأجلك أحيا البارت الرابع والعشرون
رواية لأجلك أحيا الحلقة الرابعة والعشرون
جلست “تيجان” على طرف الفراش الفراش وهي تحدجه بعينين سعيدين لامعتين، إبتسم لها بخفة وهو يتنهد بحرارة، رغم شحوب وجهها إلا أنها مازالت تجذبه بطريقة ساحرة، على رغم من أنه لم يعيش بداخل أي قصة حب، بل قضى حياته بداخل ذلك السجن الذي لما يخرج منه إلا بعد دخولها فيه، قبض على كف يدها حينما لاحظ شرودها، فـ ألتفتت له بعينيها، زفر بعمق قبل أن يقول بصوتٍ هادئ:
-ماتخفيش، كله هيبقى كويس.
إبتسمت بتهكم وهي تجيبه بيأس:
-صعب.
عقد ما بين حاجبيه قبل أن يقول بصرامة:
-قولتلك ماتخفيش، كل حاجة هتظبط مع الوقت.
أخفضت رأسها قبل أن تقول بأسى:
-إنت مش فاهم حاجة.
رد عليها بلهجة واثقة:
-قصدك على حكاية جدي؟!..
رفعت وجهها إليه هامسة بصدمة:
-إنت عارف؟؟.. مين إللي قالك؟؟.. أنا واثقة أن راجي باشا مقالش حاجة ولا آآ..
صمتت فجأة حينما وصلت إلى اسم الشخص، فـ أرتسم على تعبيرات وجهها الإزعاج وهي تتابع:
-يبقى مامتك هي إللي بلغتك.
إبتسم بسُخرية قائلاً:
-مش عارف أقول عليكي ذكية ولا خبيثة؟؟..
أعتدلت في جلستها قبل أن تقول بلهجة متحمسة حازمة:
-بُص يا أصهب، دلوقتي جدك هيحاول على أد ما يقدر يعوض إللي حصله، هيبقى عاوز يرجع هيبته وجبروته من جديد، وأول حاجة هيعملها عشان ده أنه يلاقي السجينات ويقتلهم قدام أهل القرية.
قطب حاجبيه بقوة وهو يهدر بغضب جامح:
-لو قرب من أي واحدة من السجينات هـآآآ..
قاطعته بوضع إصبعها على شفتيه وهي تقول بنعومة:
-ماتقلقش، أنا أتفقت مع والدك أنه ينقلهم لمكان أمين، وأخويا ويسر راحوا ينفذوا الخطة إللي حطناها.
أخفض عينيه السوداوين الحادتين ناحية إصبعها قبل أن يعاود رفعهما كي يحدق في عينيها الواثقتين، لاحظت ما فعلته فأبعدت إصبعها على الفور، إبتسم بثقة غير قابلة للتشكيك قبل أن يقول:
-إنتي أد الحركة اللي عملتيها دي؟؟..
أخفضت رأسها قليلاً وهي تجيبه بهمس:
-لأ.
أتسعت إبتسامته قبل أن يقول بثقة جادة:
-لو عملتيها تاني تحملي النتيجة.
رفعت رأسها إليه وهي تنظر له بريبة لتجده يغمز لها، أتسعت عيناها وهي تنهض فجأة من مكانها بإرتباك، هتفت بتلعثم:
-أنا هاروح أتصل بيسر أو وافي أشوفهم فين دلوقتي، محتاجة أي حد منهم يبقى معايا، عن إذنك.
وقبل أن تتحرك نحو الباب، وجدت نفسها تنتفض على صوته المخيف وهو يهدر:
-تيجـــــان.
أستدارت له ليتابع هادرًا بعنف وعينين غاضبتين:
-يسر مين اللي تكلميه، عارفة لو كلمتيه هتشوفي مني وش عمرك ما شوفتيه فحياتك.
تراجعت للخلف عفويًا للخلف قبل أن تصرخ بقوة زائفة:
-إنت بتكلمني كده ليه؟؟.. مش من حقك على فكرة آآ..
قاطعها “أصهب” بصوتٍ قاسي:
-تيجااااااااان، مش عشان شوفتي الجانب الحلو الي فيا تنسي الجانب التاني، قسمًا بالله لو كلمتي لهتشوفي مني أيام سودا زي سواد شعرك كده.
هدرت “تيجان” بغيظ:
-قصدك زي لون عينيك كده.
إبتسم ببرود ثلجي:
-متفرقش.
ضربت الأرض بقدمها قبل أن تقول بحنق:
-أنا طالعة أكلم وافي قبل ما يجرالي حاجة منك.
سارت نحو الباب كي تلج للخارج وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة، في حين أسترخى “أصهب” أكثر وهو يقول بإبتسامة منتصرة:
-أيوة كده، ناس متجيش غير بالعين الحمرا، قال أكلم يسر قال، مجنونة!!..
*****
-أهل القرية عاملين ثورة على أبويا، أكتر من ألف ونص واقفين قدام القصر، والعدد بيزيد مش بيقل.
قالها “راجي” لـ”شاهيناز” التي زفرت بحرارة وهي تقول بصوتٍ مدهوش:
-معقولة؟؟.. إيه القوة اللي نزلت عليهم دي؟؟.. من إمتى يعني بقى عندهم الشجاعة أنهم يقفوا قصاد الهامي؟؟..
رد عليها ببسمة خفيفة:
-بعد إللي عمله أصهب، خلى كل واحد فيهم يفكر أنه ليه يفضل جبان، مع إنه المفروض يعترض عادي ويعيش مش قلقان طول الوقت أنه يعمل غلطة تافهة، كلهم أجتمعوا وبقوا إيد واحدة.
إبتسمت “شاهيناز” إبتسامة باهتة قبل أن تتسائل:
-تفتكر أننا هنخلص من ظلمه؟؟..
أجاب “راجي” بإبتسامة واثقة وهو يزفر بإرتياح:
-ماتقلقيش يا شاهيناز، أهل القرية هيعملوا إللي مكنتش هقدر أعمله، لأنه فالأول وفالآخر أبويا، لكن أهل القرية بيعتبروه حاكم ظالم وبس.
تسائلت مرة أخرى بشرود:
-طب وهيعملوا فينا إحنا ليه وفـ أصهب؟؟..
أجابها بلهجة جادة وهو يضع يديه بداخل جيبي بنطاله:
-أعتقد أنهم يتمنوا حاكم عادل وقوي بردو، فمش هيلاقوا غير إللي خلاهم أقوياء، ومين إللي خلاهم كده غير أصهب الهامي؟؟..
ما أن أنهى جملته، حتى إستمع إلى أصوات عالية غريبة، أصواتٍ كثيرة وكأنهم مئات.. مئــات الأشخاص، يصيحون بإسم واحد فقط وهو “أصهب”.
دبت حركة مريبة في كل الطرقات المشفى بعد سماع تلك الأصوات القوية المُنادية بإسم الملك، تحرك “راجي” سريعًا نحو الأسفل وخلفه “شاهيناز” التي تركض وقلبها ينبض بقلق، خرجا من المشفى وخلفهما الكثير من الأطباء ليجد الجميع أكثر من ربعمائة شخص يقفون أمام المشفى يتهاتفون بإسم “أصهب” مع الكثير من الدعاء له.
ألتمعت عينا “شاهيناز” بدموع وهي تنظر بذهولٍ إلى ذلك العدد الذين يقفون أمام المشفى فقط كي يطمئنوا عليه، إستمعت إلى صوت زوجها وهو يقول بإنتصار:
-مش قولتلك هيرجعوا لـ إللي خلاهم أقويا.
*****
دخلت “تيجان” سريعًا إلى الغرفة كي تبلغه ما يحدث في الأسفل، بنفس الوقت وجدته يخرج من المرحاض وهو يتكئ بعكازة الأيمن فقط، تحركت نحوه هاتفة بتلهف:
-إنت كويس يا أصهب؟؟.. حاسس بأي وجع.
أشار بيده وهو يسير ببطء ناحية فراشه:
-لأ الحمدلله، أنا بقيت كويس يا تيجان.
تسائلت مرة أخرى:
-مش محتاج مني حاجة؟؟..
عقد ما بين حاجبيه وهو يقف أمامها متسائلاً بريبة مع قلق الذي بدأ يأكل قلبه:
-ليه بتسألني السؤال ده؟؟.. إنتي هتمشي ولا حاجة؟؟..
حركت رأسها بالسلب مؤكدة:
-لأ خالص.
تراخت تعبيرات وجهه المشدودة وهو يزفر بإرتياح قبل أن يهمس:
-آه بحسب.
إبتسمت بخبث قائلة:
-ليه؟؟.. مش عاوزني أمشي؟؟..
رد عليها بحنق:
-ومين قالك إني هسمحلك تمشي أصلاً؟؟..
رفعت حاجباها للأعلى هامسة بدهشة:
-نعم؟؟..
قبض على ذراعها يجذبها نحوه هاتفًا بحدة:
-إنتي هبلة؟؟.. أنتي فكرة إني ممكن أسيبك كده؟؟.. لازم تعرفي يا تيجان إنك بقيتي تخصيني.
حركت رأسها بعدم إستيعاب هامسة:
-قصدك إيه؟؟..
رد عليها بقوة تتناسب مع وميض الحزم في عينيه:
-يعني هتجوزك يا تيجان، هتجــوزك.
******
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لأجلك أحيا)