روايات

رواية ديجور الهوى الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم فاطمة طه سلطان

رواية ديجور الهوى الجزء الحادي والأربعون

رواية ديجور الهوى البارت الحادي والأربعون

ديجور الهوى
ديجور الهوى

رواية ديجور الهوى الحلقة الحادية والأربعون

‏”الحبّ الأول مثل الحصبَة، يترك آثارًا لا تُمحى!”
#مقتبسة
‏في حياةٍ أُخرى
أقل مَشقة
وأكثر إنصافًا
كُنت سأسند رأسي
على كتفك
وأخبرك كم أحبك
وكم أنَّ الأشياء كلها
تصبح خفيفة ومُحتملة فقط بوجودك.
#مقتبسة
-لاب توب حسن لما روحت البيت لقيته هناك وأنا عايزة افتحه علشان اكيد عليه صوره وحاجته فاحتفظ بيها وهو مقفول بباسورد أنا معرفهوش…
تجمد وجه كمال…..
هل عليه شيء يخص شقيقته؟!!.
هل تغييرها خلفه شيء…..
الكثير من التساؤلات تدور في عقله….
هي تختبر ردة فعله..
وصمته أكد لها أنه يعلم أشياء كثيرة..
عكسها هي تمامًا…
خلع سترته السميكة تحت أنظارها وهو يعقب بنبرة خالية من التعبير:
-مقولتيش يعني على الحوار ده؟!!.
تمتمت فردوس بنبرة هادئة تمامًا وهي تعقد ساعديها:
-يعني حسيت انها حاجة متهمكش أنك تعرفها وعلشان منرجعش نتخانق ونفتح في الحاجات القديمة، وبعدين هي حاجة بسيطة.
هتف كمال بنبرة غريبة:
-متهمنيش اه، بس يعني ايه اللي طلع اللابتوب بتاعه فجأة كده بعد السنين دي كلها؟!.
قالت فردوس بأريحية ونبرة غير هجومية وهي تحاول تحليل كلماته وردة فعله:
-لقيته في اوضته، أنتَ عارف اني مدخلتش البيت من سنين ولا اعرف ايه اللي موجود فيه ولقيته في اوضته فحبيت افتحه علشان لو عليه صوره احتفظ بيها، اوضته كان قافلها بالمفتاح طنط نجوى خلت عم اسماعيل يكسر الباب.
جلس كمال على طرف الفراش بأعصاب متوترة يحاول إخفائها وثبات يحسد عليه في النهاية هو لا يعلم هل هذا الحاسوب عليه شيء أم لا؟!!
هو لا يعلم شيء…
لكنه أمر يستدعي القلق..
-تفاصيل كتيرة اوي مفكرتيش تقوليها في ساعتها.
ابتسمت فردوس بسخرية رغمًا عنها..
هي التي تخفي؟!
هو الذي يفعل..
أجابته فردوس بنبرة جادة:
-زي ما قولتلك حسيت أنها حاجة متهكمش وعلشان منرجعش نتخانق غير كمان أنك الايام دي كنت بايت مع مراتك في المستشفى لو تفتكر يعني مكنتش فاضي ومحبتش أشغلك.
عقب كمال على حديثها بنبرة ساخرة بعض الشيء وهو يخلع ساعة يده:
-كتر خيرك.
تمتمت فردوس بنبرة جادة:
-ما تعمله ليا أنتَ اعتقد بتفهم فيهم ايه رايك؟!..
رغم أن الأمر بسيط جدًا ويستطيع حله..
لكنه فضل المشاهدة على أن لا يكون عضوًا فعال:
-لا خلي حد يعمله ليكي زي ما اتفقتي مدام مش عايزاني ادخل في الموضوع من الاول.
سألته فردوس بهدوء عكس ما يتواجد بداخلها:
-اتأخرت النهاردة يعني؟! ومن تأخيرك افتكرتك هتبات في بيتك التاني..
تمتم كمال وهو ينظر لها:
-اديني جيت.
-اومال اتأخرت ليه من الأول ؟!!.
هتف كمال ببرود وكأنه لا يقول شيئًا:
-كنت مع داليا.
نظرت له بضيق وهي تجلس على الأريكة عاقدة ساعديها تنظر في الناحية الآخرى ليتحدث بنبرة غامضة بالنسبة لها:
-مسألتيش يعني عاملة ايه، سؤالك المعتاد ولا قولتي كنت بتعمل ايه معاها زي سؤالك المُريب اللي سألتيه أكتر من مرة.
تمتمت فردوس بثبات زائف فهي محطمة إلى أقصى درجة:
-عادي يمكن عقلت وعرفت أن أسئلتي كانت غلط ومش في محلها.
جاء ليجلس بجانبها على الأريكة ليكون أمامها:
-ده شيء يحترم جدًا.
تمتمت فردوس سائلة أياه بضيقٍ:
-كمال لو عايز تضايقني أعرف اني مضايقة لوحدي فأنا مش ناقصة أنك تستفزني صدقني…
وضع ذراعه على الأريكة قائلا بجدية:
-لا مش قصدي استفزك أنا بس حبيت أبلغك بحاجة يمكن تكون مهمة بالنسبالك.
ضيقت فردوس عيناها متمتمة باستغراب وفضول:
-حاجة ايه دي؟!.
هتف كمال بثبات:
-أنا كنت مع داليا وأبوها عند المأذون.
قالت فردوس بغباء:
-ليه هتتجوزوا تاني؟!!!!..
تمتم كمال متهكمًا:
-طب اعقلي الكلمة، فكري فيها قبل ما تقوليها لثواني يمكن تجاوبي إجابة صح، معرفش ليه بتكبري وعقلك بيصغر..
هتفت فردوس بنبرة بانزعاج جلي:
-كمال أنتَ بتغلط فيا على فكرة أنا مش علشان هادية هعدي أي حاجة..
هتف كمال بنبرة جادة:
-عقابي هيكون ايه ياترى؟!.
لم تعلق على حديثه بل أشاحت بوجهها للناحية الأخرى ليخبرها هو بنبرة لم تفهمها:
-أنا وداليا أطلقنا.
دقيقتان..
دقيقتـــان..
تنظر له ببلاهة وأعين متسعة تحاول استيعاب ما تسمعه منه…
سألته بتلعثم تحاول قول اي شيء:
-ليه حصل ايه؟!.
أجاب عليها إجابة مختصرة:
-مفيش نصيب.
هتفت فردوس بدهشة:
-مرة واحدة كده؟!.
هز راسه بإيجاب ولم تجد شيء تقوله سوى:
-بصراحة مكنتوش لايقين على بعض خالص يعني هي مش شبهك كده مش ماشية معاك وده رأيي بصراحة وبحيادية..
تصنع الجدية وهو يسألها:
-بجد يعني أنتِ شايفة كده؟!.
-أيوة.
هتف كمال بنبرة متهكمة:
-خلاص عروستي التالتة من إختيارك علشان تنقيلي واحدة تليق عليا وتشوفيها جنبي تحسي أنه هي دي اللي تنفعني.
كزت على أسنانها وضغظت وهي تتفوه بحروف اسمه:
-كـمــال!!.
تمتم كمال بنبرة ساخرة:
-يعني أنتِ مش شايفة بتقولي ايه؟!! ومضايقة من ردي؟!.
هتفت فردوس بنبرة عفوية:
-مهوا أنا مش عارفة أعمل ايه، مهوا لو فرحت شكلي هيكون عبيط وأهبل، ولو زعلت هكون غير منطقية.
قال كمال بهدوء وهو يقترب منها أكثر في جلستها:
-ممكن تقولي اللي حساه هيكون أحسن….
قالت فردوس بتعب حقيقي:
-حاسة اني في النص، أنا في نص كل شيء يا كمال، وده أكثر شيء بيموت أنا مش محصلة اي حاجة…..
هو لا يحب أن يؤلمها..
لا يحب أن يسمع تلك الكلمات منها..
أسترسلت حديثها وهي تنظر له:
-بس الاكيد اني غصب عني انا من جوايا مرتاحة على الأقل..
رفع يده وحاوط بها وجهها ليرفع رأسه ويترك قُبلة على جبهتها متحدثًا برفق لا يليق بما يتفوه به:
-يعني هتختاري ليا التالتة؟!!.
قالت فردوس بانزعاج رغمًا عنها:
-لا خلي طنط تختار ليك انا مش امك.
رفع حاجبيه وكاد أن يعقب ولكنها غمغمت بنبرة خافتة سابقة أياه:
-أنا مش هتحمل، وبنهار كل يوم من ساعة ما اتجوزت عليا، وكنت غبية لما روحت زغرطت، غبية اني اتخيلت ان دي حاجة ممكن استحملها عادي..
يداعب وجهها بأصابعه وهو يعقب على حديثها:
-أنا مش هتجوز تاني ولا تالت يا فردوس، لأني أدركت اني مش هقدر أكون مع حد غيرك ولا عندي طاقة او مجهود أعمله مع حد غيرك، فأنا مش قد التفكير اني عادل بينك وبين أي حد ولا لا…
ابتلع ريقه ليعقب بخفوت:
-لأن أي واحدة غيرك كفتك في الميزان بالنسبالي غير ومجهود خرافي بالنسبالي اني اقدر أعدل بين أي حد وبينك، علشان كده دي حاجة مش هفكر أعملها تاني.
غمغمت فردوس بتردد فهي مازالت جاهلة حقيقة الأمر:
-حتى لو سيبنا بعض..
-ده مش احتمال بالنسبالنا وأنتِ عارفة كده كويس أحنا لبعض يا فردوس مهما كانت علاقتنا غلط وفيها العبر كلها كله هيتصلح.
“مش حاسة”
رغبت في أن تخبره بهذا قلبها ليس مطمئن أبدًا…..
لكنها صمتت وفضلت الصمت..
ألقت نفسها في أحضانه ليحاوطها بذراعيه مدركًا أن هناك أمور كثيرة تحدث معها غير أمر الحاسوب ذهابها إلى المنزل به الكثير من الالغاز…
هي عرفت شيء قلبه يحدثه بهذا ولكنه لا يستطيع التأكد لكنه سيتركها تفعل، وتصل إلى ما يجب أن تصل لها لقد وصل الاثنان إلى نهاية الأمر…
_____________
في معرض خاص بتأجير السيارات..
كان يجلس على مقعده، بعدما أنتهى من صراخه في أولاده راشد ومحمد الذين يلعبون بالكرة….
وريان البالغ من العمر عامين ونصف تقريبًا يجلس على المكتب أمامه ويحاول أن يطعمه الطعام التي صنعته زوجته -يقين- وهو بعض الخضروات المصنوعة بطريقة صحية وقطعة من الدجاج الناضج..
وضع ظافر الملعقة في فم ابنه الذي خرج الطعام من فمه بعد أن تذوقه ولم ينل استحسانه كعادته تحديدًا منذ أن بدأت يقين في صنع الوصفات المختلفة من أجله يعاكسها ويرفض تناولها أغلب الأوقات وهي ليست لديها طاقة له فهي بعد أيام قليلة جًدا ستكون في شهرها التاسع من حملها بطفلهما الرابع الذي جاء دون حساب كان وقتها صغيرها يبلغ عام وعدة أشهر ولكن حدث رغم الاحتياطات التي لا تفلح في بعض الأحيان..
ألتقط ظافر بسرعة منديل ورقي ومسح به فمه ووضع منديل على ملابسه حتى لا يفسدها وهو حقًا على وشك أن يتشاجر مع يقين فهو لن يتحمل الأطفال في مكان عمله…
سأله ظافر بنفاذ صبر:
-مش عاجبك الأكل؟!.
هز الصغير رأسه في إيجاب ودلال فهو يشعر بالغيرة الشديدة بسبب حمل والدته وهو يشعر بالغيرة رغم أنه لم يفهم المعاني بشكل جيد ولكنه يعي بأن هناك طفل صغير سيشاركه اهتمامهم، وتلك المرة حالفهما الحظ بفتاة أخيرًا..
وضع ظافر الملعقة في فمه وتناول الطعام قائلا رغمًا عنه:
-ايه دا يا يقين؟! ما له حق الواد ميأكلش، ادي اخر الأكل الصحي…
سمع صوت اصطدام الكرة بإحدى السيارات ولكنها لم تكن من ناحية الزجاج ليقول صارخًا:
-قسمًا بالله لو في حاجة اتكسرت يومك مش هيعدي أنتَ وهو….
نهض ظافر من مقعده ونادى طفله الأكبر:
-راشد تعالى…
أقترب منه راشد بأدب ليقول ظافر بهدوء:
-اقعد حاول تأكل ريان، عقبال ما أكلم امك اشوفها خلصت ولا لا.
-حاضر يا بابا..
ترك محمد الذي ممسك بالكرة، وجلس مكان مقعد أبيه وحاول أن يطعم شقيقه الصغير، ليبتسم ظافر وهو يراقب المشهد…
راشد يذكره بشقيقه -رشاد- عاقل، يسبق سنه، يتحمل المسؤولية، يحنو على الجميع….
بينما محمد جلس على المقعد يلاعب نفسه بالكرة بملل شديد….
ولج ظافر إلى داخل الغرفة التي تتواجد بها مكتب صغير واريكة حينما يريد أن يبتعد عن اي شيء يدخل ويجلس بها، لكنه لم يغلق الباب خلفه…
أخرج هاتفه وأتى برقم زوجته وقام بالإتصال بها، وبمجرد أن أجابت عليه وقبل أن تتفوه بشيء قال هو سائلا أياها بنبرة مسرحية:
-ايه يا حبيبتي مسحتوا ولمعتوا تحت السراير وفوق الدواليب؟!
عقبت يقين على حديثه بعفوية شديدة رغم مرور السنوات لم تعتاد على سخرية زوجها في أغلب الأوقات، هي أتت بامرأة تساعدها في المنزل نظرًا لاقتراب ولادتها:
“ايوة خلصنا اوضتين وكل اوضة بنخلصها بنعمل فيها كل حاجة”
-كويس.
سألته يقين باستغراب:
“بس غريبة يعني أنك بتسأل؟! من امته بتهتم؟!”
رد ظافر عليها بسخرية شديدة:
-اصلي لسه قافل مع الدكتور حالا قالي لو في تراب تحت السرير أو في تراب فوق الدولاب او تراب في أي مكان في الشقة مش هيطلع البت من بطنك ولا هيولدك..
“خفة دمك دي هي اللي جايباك ورا يا حبيبي وبعدين خلاص احنا قربنا نخلص لازم اولد على نضافة ولما ارجع البيت يكون نضيف”
تجاهل ظافر ما قالته زوجته ثم غمغم:
-خلصي يا يقين عيالك هيكسروا المعرض عقبال ما يطلعوا، ومختارة يوم ما شاء الله محدش فاضي فيه نوديهم عندهم…
غمغمت يقين بعفوية:
“أنا قولتلك وديهم النادي”.
عقب ظافر بنبرة جادة:
-هما مش عايزين يروحوا.
“هما اللي مش عايزين يروحوا ولا أنتَ اللي مش هتعرف تمشي بالتلاتة”
عقب ظافر باقتضاب:
-الاتنين يعني المهم انجزي علشان أنا جبت اخرى…
جاء راشد وهو يركض فولج إلى الحجرة قائلا بقلق:
-بابا.
أستدار له ظافر متمتمًا:
-في ايه؟!.
تمتم راشد بتردد:
-محمد حدف الكرة في وش واحد….
…بعد ثلث ساعة تقريبًا…
كان ثائر (شريف) يجلس ويضع على وجهه كيس الثلج الذي أتى به ظافر بعد أن جعل الأطفال يصعدون إلى والدتهم بعد أن غضب عليهم وأخبرهم بأن يستعدوا لتلقي العقاب حينما يصعد…
غمغم ظافر بتردد وحرج كبير:
-حقك عليا يا ثائر أنتَ عارف اني ساكن هنا في نفس العماره وامهم كانت بتعمل حاجات في البيت فنزلوا قعدوا معايا وهما أشقية شوية…
نظر ظافر إلى وجهه ليسترسل حديثه بحرج:
-شويتين تلاتة عشرة.
ضحك شريف ثم أبعد عن وجهه الثلج ووضعه على الطبق المتواجد فوق المكتب..
-لا مش هما لوحدهم السبب في اللي في وشي هو ابنك علم علامة فةق اللي موجودين بس، انا مضروب من الأول الكرة مش السبب الوحيد.
ردد ظافر كلمته باستنكار:
-مضــروب؟!!!!!.
عقب شريف بنبرة مرحة:
-يعني صاحبي كان مغلول شوية فقولتله يطلع غله فيا..
تمتم ظافر بعدم فهم:
-يعني أنتَ أي واحد من صحابك مخنوق بتخليه يلعب البخت في وشك؟!!.
غمغم شريف بنبرة هادئة:
-يعني حاجة زي كده، سيبك من وشي، أنتَ ايه اخبارك عامل ايه؟! فات كتير اوي على أخر مرة شوفتك…
بدأت العلاقة بين ظافر وشريف منذ سنوات كان يقوم بتأجير سيارة من هنا قبل أن يقوم بشراء سيارته الخاصة به وينهي هلال أوراقه الرسمية الجديدة كان وقتها يرغب في سيارة من أجل شقيقته التي كانت حالتها الصحية حرجة وسيئة جدًا أثناء حملها..
وبعدها بدأ في العمل كـ (مقاول) كان يتولى امر الأراضي التي كان يقوم ظافر ووالده ببناء عمائر فوقها وكان هو ينهي كل شيء ولكن منذ عام تقريبًا لو يكن بينهم تواصل…
تمتم ظافر بهدوء:
-الحمدلله بخير، أنتَ ايه اخبارك ماشي في جوازة جديدة ولا فاضي الايام دي؟! انا كل ما أتصل بيك او اشوفك الاقيك عريس جديد…
أنهى حديثه الاخير بمرح فقال شريف بتهكم:
-ما نعمل ايه بقا أنتَ اللي مش عايز تجرب تاني وهلال مش عايز يجرب أصلا….
رد ظافر عليه بنبرة مرحة:
-يمكن يا ثائر علشان أنتَ بتخلص على البنات والستات في السوق فمحدش لاقي حاجة.
ابتسم شريف مدركًا خطئه بتأثر:
-معملتش حسابي في دي عندك حق…
تحدث ظافر بترحاب:
-الكلام خدنا واللي عملوه العيال نساني، تشرب ايه؟!
تمتم شريف بحرج:
-لا تسلم والله، انا مش عايز أشرب حاجة أنا جاي وقاصدك في خدمة..
قال ظافر باهتمام وهو يستند بذراعيه على مكتبه:
-قول طبعًا لو أقدر أعمل حاجة مش هتأخر طبعًا.
تمتم شريف بهدوء:
-عايز شقة إيجار في عمارة تكون تبعك لناس قرايبي من بعيد شوية..
عقد ظافر حاجبيه ثم تحدث بعدم اقتناع:
-اشمعنا انا يعني؟! أصل اكيد متقنعنيش أنك يا ثائر مش عارف تلاقي شقة إيجار، ده الحاجات دي شغلتك حتى..
غمغم شريف بتوضيح أكبر:
-يعني انا بقالي فترة مبطل شغلي كسمسار او شغل عموما بسبب ظروف كتيرة حصلت في حياتي، وأنا عايز حاجة تبعك لأني واثق فيك والناس دي تهمني، وأنا أخر عمارتين عملتهم ليك قولتلي أنك هتأجرهم إيجار جديد…
تمتم ظافر بتفسير:
-فعلا أنا كنت ناوي اعمل كده، بس أبويا مش بيحب الإيجار والحوارات دي كلها، قعدت أقنعه ان ده أفيد بس هو مش بيحب السكان ومشاكلهم وفي الاخر بعناهم تمليك علشان نريح دماغنا لأن احنا في الحوارات دي من ايام جدي والايجار القديم.
هتف شريف بتردد:
-يعني شكلي دوشتك على الفاضي انا كنت عامل حسابي يكون في أي شقة فاضية في العمارتين ولا حاجة…
قال ظافر بفضول:
-قرايبك منين ويهموك ازاي؟!.
تمتم شريف بتوتر:
-بصراحة هما مش قرايبي بس يهموني دي حقيقة…
-يعني مين هما؟!.
تمتم شريف بنبرة جادة مختصرًا:
-جارة ليا هي وبنتها..
قال ظافر وهو يحاول ترجمة الحديث:
-قصة حب يعني…
هتف شريف باحراج:
-يعني مش كده، بس هما يهموني، وواقعين في مشكلة هيسيبوا المكان اللي هما فيه، ومش عايزهم يقعدوا في أي حته عايز مكان أكون مأمن عليهم فيه..
عقد ظافر ساعديه ثم أخذ يفكر لدقيقتين تقريبًا وحينما شعر شريف بفقدان الأمل تمتم:
-خلاص مفيش مشكلة أنا هدور على حل تاني واديني شوفتك أنتَ كنت واحشني.
تمتم ظافر بإشفاق:
-هو عندي شقة بس مش أكيد يعني لازم أخد رأيها.
قال شريف بعدم فهم:
-رأي مين؟!.
هتف ظافر بتوضيح:
-الشقة هنا في العمارة، شقة اخويا الله يرحمه، اجرتها مراته لفترة لمرات عثمان أنتَ عارفه شوفته معايا كذا مرة، ومن ساعتها بنت عمتي اللي هي مرات اخويا ولا باعتها ولا أجرتها لحد غريب، فأنا هعرض عليها الموضوع لو وافقت تمام هتصل بيك أقولك….
صدع صوت هاتف ظافر لتضئ الشاشة بصورته مع زوجته، مما جعله يجيب عليها بعد ان أستأذن من ثائر وكانت تحاول امتصاص غضبه…
“الو يا حبيبي؟! فينك”.
عقب ظافر بنبرة جامدة:
-تحت.
“ماشي يا حبيبي انا قولت اطمن عليك وعلى العموم أنا خلصت خلاص يعتبر وهعمل الغداء بعملك الملوخية الناشفة اللي بتحبها”.
عقد ظافر حاجبيه وكأن أحدهم يحدثه في أمر هام:
-اه تمام.
“أنا بحبك”.
-طيب ماشي.
كانت تعلم أنه لا يحاريها في الحديث لأن هناك شخص يجلس معه:
“ربنا يخليك ليا يا حبيبي يا أبو ولادي”.
كانت تعلم بأنه غاضب فقص لها اولادها كل شيء…
-خلاص لما ابقى اطلع نشوف الحوار ده.
______________
في المول التجاري..
كان يجلس هلال بملابسه الغير كلاسيكية عكس عادته، يجلس في (الكافية) مع شريف…
فهو رغب في الاطمئنان عليه ومعرفة إلى أين وصل مع تلك المرأة وأخذ شريف يسرد له ما حدث بالتفصيل ثم ختم حديثه بنبرة ساخرة:
-متقلقش لسه موقعتش نفسي في مصايب.
عقب هلال على حديثه ساخرًا:
-متقلقش أنتَ طول ما أنتَ بدماغك دي هتوقع نفسك في الف مصيبة ومصيبة ده انا عايزك تتسجن علشان حد يلحقك.
ضحك شريف ثم غمغم بنبرة هادئة:
-المهم انا روحت لظافر الحوت وطلبت منه شقة وهو قالي على حوار شقة اخوه ده وانا مستنى منه رد وهقعد شمس وامها فيهم لغايت ما نشوف هنقول لابوها ازاي.
هتف هلال بضيقٍ:
-متفكرنيش بموضوع ابوها ده علشان كل ما بفتكر اللي أنتَ هببته دمي بيفور.
ابتسم له شريف بخبث وسائله ببراءة مزيفة:
-صحيح مقولتليش يعني عملت ايه في الموضوع؟!.
أردف هلال باقتضاب:
-ابوها منعها تيجي الشغل تاني ورجعها البلد تقريبًا هو شاكك ان في ما بينا حاجة او انها عارفة اني كنت جاي ده تخميني يعني هي مقالتش بصراحة بس أنا حاسس كده، المهم ان بابا كلمه وخد ميعاد يوم الجمعة.
تمتم شريف بسعادة:
-يعني الأمور بتتحل ومتقولش للي كان السبب، اعمل حسابك حتى لو معزمتنيش انا هاجي معاك..
رمقه هلال بسخرية وهو يقول:
-هو أنا اقدر ماخدش صاحب الفضل في الموضوع برضو؟! ده عيبة في حقي.
هتف شريف بجدية زائفة:
-طول عمرك ابن أصول..
تمتم هلال بنبرة هادئة ونظرات متوعدة:
-يلا نحاسب ونمشي علشان هاخدك مشوار.
-ماشي، المهم في حاجة أنا عايز أطلبها منك.
ضيق هلال عيناه وهو يتمتم:
-بغض النظر عن بجاحتك الأيام دي معايا بس هعديها وقولي عايز ايه…
تمتم شريف بثبات واضح:
-لو اتسجنت او حصل اي حاجة مهما كانت خليتني مش عارف أساعد شمس متسيبهاش أبدًا يا هلال لغايت ما ابوها يعترف بيها، اوعى تسيبها، ودافع عنها في غيابي..
ولم يستطيع أن يستكمل حديثه بنبرة جادة:
-يعني أنتَ هتبقى جوز اختها فاعتبرها زي اختك…
رمقه هلال بنبرة مغتاظة ليسترسل شريف حديثه برجاء:
-علشان خاطري يا هلال، اوعدني..
عقب هلال بثبات:
-اوعدك مدام ليها حق مش هسيبها غير لما تاخده..
“بعد مرور عـشــر دقائق”
كان هلال وشريف يخرجا من المكان مما جعل شريف يسأله:
-أنتَ راكن عربيتك فين؟!! اعمل حسابك أنك هتوصلني انا سايب عربيتي عند الميكانيكي…
تمتم هلال بأدب زائف:
-استنى بس خمس دقايق…
ورحل مما جعل شريف يظن بأنه سيأتي بالسيارة الخاصة به ولكن بعد عدة دقائق وجد هلال يقف أمامه بدراجته النارية السوداء مما جعل شريف يهتف متهربًا؛
-لا مدام وصلنا لكده انا هركب تاكسي علشان عايز اروح بيتي سليم انا وشي مدشمل لوحده.
ضيق هلال عيناه قائلا بسخرية:
-اركب ورايا خلص وبعدين تروح ايه ده اليوم لسه في اوله ده احنا هنروح الجراش اللي تحت بيتي وهنجيب التاني علشان نتسابق..
سأله شريف بعدم تصديق:
-ايه لازمة السباق اللي هتكسبني فيه ده وبعدين يعني أنتَ بتخاف عليا من المصايب اللي بعملها ومش بتخاف عليا من السباق ده يعني أنتَ تخلص عليا عادي حادثة وقضاء وقدر لكن ادخل نفسي في مصيبة وانا حي مينفعش..
تمتم هلال بنبرة ساخرة:
-ما أنتَ زي القرد اهو هي أول مرة وبعدين الأعمار بيد الله خليك مؤمن، يلا اركب ورايا وبطل رغي…..
جلس شريف خلفه وهو يقول:
-اشهد ان لا اله الا الله محمد رسول الله.
____________
…في اليــوم التالـــي…
بــالمستشفى.
بعد أن أخبرته شمس بأن والدتها قالت لها في الهاتف “عبده فاق”..
وقتها توقفت عقارب الساعة بالنسبة لها ولم تجد شيء تفعله سوى الاتصال به….
فأخبرها شريف بألا تتحرك من مكانها وتظل في منزلها…
ذهب إلى المستشفى في الصباح الباكر بعد اتصالها على الفور لا يدري حتى كيف بدل ملابسه من السرعة والعجلة التي كان بها…
توجه إلى الاستقبال ليجد سوسن جالسة قبالته وبمجرد أن رأته نهضت متمتمة:
-أنتَ جيت أخيرًا…
غمغم شريف بنبرة متهكمة:
-سبحان مغير الأحوال من يومين تقريبًا كنتي بتقوليلي ايه اللي جابك..
هتفت سوسن بارتباك:
-مش وقتك يا ابني، عبدة فاق انا خايفة اوي..
تمتم شريف بنبرة عملية فهو استطاع تمييز تلك المرأة التي ترغب دومًا في شخص يحل أمورها لم تعتاد يومًا أن تعتمد على نفسها وأن تتخذ قرار:
-دخلتي واتكلمتي معاه؟!.
-لا خوفت.
هتف شريف بنبرة ساخرة:
-يا حجة سوسن ربنا يهديكي قوي قلبك كده خوفك منه هو اللي مفرعن اللي خلفوه، على العموم أنا هدخل ليه.
لمحت سوسن الأكياس المتواجدة في يده لتعقب باستنكار متجاهلة كلماته السابقة:
-أيه اللي أنتَ جايبة ده؟!.
تمتم شريف ببرود:
-رغم اني كنت جاي مستعجل إلا اني مقدرتش اني مجيبش حاجة واجي بايدي فاضية، اشتريت برتقال ده الموسم بتاعه وشوية موز وتفاح، مهوا الفاكهة مهمة في الحاجات اللي زي دي هو خرج من العناية صح؟!!.
– ايوة ونقلوه اوضة رقم ***.
“في غرفة عبدة”
كان مستلقي على الفراش يشعر بالغضب الشديد حتى أنه منذ دقائق كان يصرخ في وجه الممرضة لأنها أخبرته بأن لا أحد من عائلته بالخارج…
لن يتركها، يقسم بأنه لن يتركها وكان صوته شبه مسموعًا رغم الاعياء الواضح عليه وعلى صوته…
ولج شريف (ثائر) إلى الغرفة ووضع الأكياس في أحد الجوانب متمتمًا بنبرة باردة:
-معلش اتاخرت عليك، بس ده مش مبرر يعني تتخانق مع الممرضات يعني الناس تقول عليك ايه؟!!.
جذب مقعد بلاستيكي ووضعه بجانب فراشه ووضع قدم فوق الأخري…
وكل هذا كان عبدة يحاول تذكره..
ولمح حيرته تلك شريف على ملامح وجهه فحاول تسهيل الأمر عليه:
-افكرك بيا علشان واضح انك لسه تحت تأثير الصدمة، وبرضو علشان متقابلناش ولا شوفتني كتير ممكن تكون لمحتني مرة ومرتين في الحتة، انا ثائر…
عقب عبدة بسخرية وتهكم صريح:
-اه الواد بتاع شمس.
ضحك شريف ثم تحدث بنبرة مرحة:
-والله ضحكتني بكلمة واد دي بس مقبولة منك بس خلي بالك ده يعني كده أنتَ بتعيب في تربيتك، مهوا شمس دي في حكم بنتك ده أنا حتى سمعت منها أنك مربيها من وهي حتة لحمة حمراء وأول مين شالها لما امها ولدتها..
تمتم عبدة وهو يكز على أسنانه:
-وياريته طمر فيها.
قال شريف بتأثر زائف:
– شوف والله يا عم عبدة وما ليك عليا حلفان أكثر حاجة بكرهها هي نكران الجميل وبجاحة البشر، للأسف الستات مش بيطمر فيها حاجة، شوف يا اخي خليتها رقاصة قد الدنيا وتريند والبت لسه بتتنمرد عليك، خير تعمل شر تلقى، معلش ده حال الدنيا.
أدرك عبدة بأنه يسخر منه ولكنه يسليه ويريد أن يعرف نهايته ويعرف من هذا الشخص الذي جعل شمس تكتسب تلك القوة….
هو شخص مثير للاهتمام بالنسبة له…
فهو لم يقم بضرب سوسن إلا استفزاز ووسيلة ضغط على شمس ولكنه لم يتخيل بأن تكن تلك ردة فعلها…
أسترسل شريف حديثه بهدوء:
-عارف أنا بحب كلام الرجالة علشان كده أنا مقريف وأنا بكلمك دلوقتي ولغايت دلوقتي مولعتش سيجارة من ساعة ما صحيت بس يلا مش مشكلة كله يهون علشان خاطرك.
صاح عبدة بنبرة منفعلة:
-أيه اللي جابك هنا؟!! بيني وبينك ايه علشان تيجي، ولا خايف ابلغ عن السنيورة؟!.
تمتم شريف بجمود:
-انا بديلك العذر علشان أنتَ متعرفنيش أنا مبخافش من حاجة بعون الله، وبعدين جاي اتفرج عليك…
ردد عبدة كلماته باستنكار وعدم فهم:
-تتفرج عليا؟!.
ضحك شريف متمتمًا بنبرة مرحة:
-شكلي غلطت في التعبير كنت بنجح فيه بالعافية معلش…
ابتلع ريقه ثم غمغم بنبرة واضحة:
-قصدي اتفرج على اللي عملته فيك، لعلمك أنا لو منك احمد ربنا..
-على ايه؟!.
كانت نبرته ساخرة مما جعل شريف يستغفر ربه وهو يقول:
-بغض النظر عن إلحادك احمد ربنا في كل وقت، بس مش مشكلة أنا هقولك تحمد ربنا على أنها هي خدت حقها منك عشان مديت ايدك عليها وعملت كده فيها لأن لو مكنتش عملت كده هي كان رد فعلي هيكون أسوء حاجة ممكن تشوفها في حياتك، بجد أنتَ راجل محظوظ واضح ان ربنا بيحبك مع اني اشك.
ضحك عبدة ثم تحدث بنبرة ساخرة:
-انتَ فاكر أن عيل زيك هيجي يهزني بكلمتين؟!.
هتف شريف بنبرة جادة وهو ينظر له ببراءة:
-اعمل ايه؟! في حالتك دي المفروض اعمل معاك ايه غير الكلام؟! انا بصراحة مش راجل مفتري يعني بحب تكافؤ الفرص والمقدرة.
ابتلع ريقه ثم أسترسل حديثه بنبرة لطيفة لا تليق بما يقوله:
-عارف انا طول عمري في حاجة بتشغل بالي، الناس اللي ربنا مش بيرزقهم بالخلفة لاني عاصرت حالة حد قريب مني، عارف ان ربنا له حكمة في كل شيء وان مفيش حد بياخد اكتر من نصيبه، بس لما شوفت حالتك عرفت الحكمة ليك انك مخلفتش ليه…
نظر له وهو يستكمل حديثه بقسوة:
– متفتكرش انك لو كنت خلفت كنت هتعامل بنتك او ابنك معاملة مختلفة عن شمس متهايقلك أنتَ حد معندوش ضمير و ****.
أنهى حديثه ببساطة شديدة…
كاد عبدة أن يلعنه ولكن غمغم شريف بجدية:
-لا متتكلمش ولا تجهد نفسك أنا بس اللي جاي أتكلم وأنتَ هتسمع، أنتَ لسه بين الحياء والموت برضو متفتكرش أنك عديت مرحلة الخطر يعني لو حد حطلك حاجة في المحلول حقنك بحاجة عمل فيك حاجة هيكون قضاء وقدر معتقدش أن ليك أهل يسألوا عليك، مهوا لو كان ليك اهل وأنتَ ابن أصول مكنش ده بقا حالك.
هو استهان بهذا الرجل!!.
استهان به بالفعل…
الآن أدرك الشيء الذي جعل شمس بتلك القوة..
هو رجل يعرف كيف يجرح ويصيب من أمامه دون أن يرف له جفن، رجل ليس بالسهل الحديث معه…
هتف عبدة بسخرية:
-للدرجاتي لحست مخك دي واحدة كانت بترقص وبتعري جسمها قدام الناس حتى لو كنت انا اللي دخلتها الطريق بس هي كملت، يعني واحدة متأمنش ليها وأنتَ شكلك ابن ناس…
تمتم شريف بنبرة هادئة وهو يعقد ساعديه:
-فعلا انا ابن ناس بس عندي دماغ يعني مثلا مينفعش اجيب فرخة احطها وسط ثعالي واقول اتاكلت ليه؟! وانا العين اللي مش هتبص ليها وهتغطيها وهعرف اخرجها من كل اللي هي فيه، معلش أنتَ بس متعرفش يعني ايه رجولة متعود ان محدش بيعوز من الستات غير حاجة واحدة انا فاهم دماغك..
ابتلع ريقه ثم قال بوضوح:
-بصراحة انا جايلك وواخد قراري مش جاي أخد رأيك فيه، بس علشان منعًا للدوشة انا راجل صاحب مزاج حبيت اجي اتكلم معاك مش أكتر، بحب اشتري دماغي.
تمتم عبدة بنبرة غامضة:
-أنتَ عايز ايه؟!.
قال شريف بابتسامة واسعة:
-حلو أنا برضو قولت ليهم أنك عاقل، وهعرف اتفاهم أنا وأنتَ، مع انهم قالوا يعني أنك لامؤاخدة…..
قاطعه عبدة وهو يضع يده على بطنه بألم وارهاق:
-اتمنى تكون المحاضرة بتاعتك خلصت ياريت تلخص أنتَ عايز ايه..
تمتم شريف بوضوح:
-اول حاجة هتمسح عمر شمس من دماغك وفيديوهاتها من تليفونك كأنك مكنتش تعرفها ولا هي ولا امها..
نظر له باستنكار وهو يسأله:
-وبعدين؟!.
هتف شريف بنبرة جادة رغم شعوره بسخريته:
-هطلق سوسن وتبعد عنهم، ومتجبش لا سيرتها ولا سيرة شمس في اللي حصلك هتألف قصة حلوة لأني سمعت أنك في التأليف شاطر زي ما كنت بتألف لشمس كل يوم قصة عن ابوها…
تمتم عبدة بغضب:
-أنتَ بتعمل كل ده علشان واحدة رقاصة وامها حرامية؟! تعرف ايه عن شمس وامها أنتَ؟!.
هتف شريف بهدوء:
-اعرف اكتر من اللي تعرفه أنتَ، وعارف ابوها مين حتى كنت قاعد معاه من كام يوم، وعارف أنك وامها سرقتوا ابوها عارف كل حاجة متقلقش والله.
بهتت ملامح عبدة ليسترسل شريف حديثه مستغلًا هذا:
-شمس هتكون مع ابوها حتى لو امها عملت فيه ايه، استحالة ينكر لحمه ودمه، شمس ممكن تتنقب لو فيديوهاتك دي هتقرفها بيها كتير، ابوها يقدر يسجلها بأي اسم تاني من اول وجديد وتقدر تعيش حياة جديدة تمامًا وده اللي هيحصل فأنتَ لو عطلت الدنيا دلوقتي مش هتكسب حاجة أبدًا هضيع وقتك ووقتنا في حين أنك ممكن متطلعش خسران.
لوى عبدة فمه بتهكم وهو يقول باهتمام:
-ازاي؟!.
تمتم شريف بهدوء:
-هطلق امها وملكش دعوة بيهم، وهديك حق الشقة الايجار اللي أنتم قاعدين فيها وتكتبها باسمك، وهديك مبلغ تحطه وديعه في البنك، اعتقد أنتَ كده كسبان، ومش بعمل كده والله علشان خوفًا منك أنتَ أقل من كده بالنسبالي بس زي ما قولتلك أنا بكسب وقت وبحب اشتري دماغي…
قال عبدة بلا تردد:
-موافق، انا استحالة اعيش مع بنت المجانين دي تاني.
هتف شريف بجدية:
-في معلومة حابب اقولها ليك انا مبهزرش، يعني مش هعمل كده علشان تيجي بعد شهر تخلص الفلوس وتيجي تنط لينا، وساعتها يا هسجنك يا هكمل اللي شمس معرفتش تكمله للآخر فياريت يكون قرارك نهائي عشان أنتَ متعرفش اللي بيرجع في كلامه معايا بيحصله ايه يا عبد الحميد……
هتف عبدة بنبرة جادة:
– قراري نهائي هات المأذون وأنا هطلقها وهاخد القرشين وهسافر السعودية لابن عمي، شمس مش هترجع زي الأول وأنا مبحبش أكون خسران….
___________
أمام المنزل وقف بالسيارة وبجانبه تجلس سوسن..
هتف شريف بنبرة هادئة بعد أن منع لقائها بـ عبدة حتى يأتي بالمأذون غدًا ووقتها لتتحدث معه إذا أرادت ولكنه لم يرغب في أن يشوش أحدهما الآخر..
-حمدالله على السلامة يا حجة سوسن
صاحت سوسن باحتجاج:
-ما تبطل تقولي يا حجة دي..
تمتم شريف ببراءة مزيفة:
-ليه بس يا حجة ده انا بحترمك مش يمكن ربنا ينولهالك لو اتقيتي ربنا.
-أنتَ متربتش أنك تحترم الأكبر منك أبدًا؟!.
قال شريف ساخرًا:
-انا مش عارف قولت ايه دلوقتي معصبك وبعدين انا متربي احترم اللي بيحترم نفسه وبعدين انا شايل منك ومعبي فيعني احمدي ربنا.
هتفت سوسن بجحود:
-هو أنتَ كاسر عيني؟!.
تمتم شريف بتهكم صريح:
-اه كاسر عينك، ما عبدة قاعد سنين كاسر عينك مش هيجرى حاجة لو لمدة كام يوم سمعتي كلامي فيهم وبقيتي حرة بعد كده.
أخذت تُحدث نفسها بكلمات غير مسموعة ليتحدث شريف ساخرًا:
-حجة سوسن أنا مبحبش البرطمة لو عايزة تقولي حاجة في وشي قوليها اسهل لكن الشغل ده مبحبوش، المهم قوليلي في ايه في حياتك بتعرفي تعمليه غير طبعا انك تلغي شخصيتك مع الراجل اللي معاكي وتخليه يستغلك أنتِ وبنتك.
كزت سوسن على أسنانها قائلة بنبرة مجروحة:
-احترم نفسك.
تمتم شريف بجدية:
-خلاص حقك عليا، بتعرفي تعملي ايه غير حوارات الكوافير ولا البيوتي سنتر علشان بنتك متقلبش وشها، اي حاجة تانية تعرفي تشتغليها..
أخذت سوسن تحاول التفكير وبعد ثلاث دقائق أجابت عليه:
-كنت زمان بعرف اخيط وافصل واعمل شوية حاجات بس ده كان زمان اوي انا حاسة اني نسيت اصلا..
تمتم شريف بنبرة عملية:
-غيره.
هتفت سوسن بهدوء:
-اشتغلت زمان في عيادة كنت بساعد الدكتور بس مش ممرضة يعني بدي حقن على القد واقطع كشوفات وكده بس الكلام ده كله من سنين طويلة اوي اكتر حاجة شاطرة فيها هي شغل البيوتي سنتر.
قال شريف بجدية:
-ماشي هنشوف الحوار ده بعدين، المهم بكرا المأذون هيجي تشوفي قسيمتك فين وكل حاجة، وبعدها لو حوار الشقة اتحل هوديكم على هناك علطول، انا كده كده قولت لشمس تلم حاجاتكم المهمة وبصي انتِ برضو…
-حاضر يا ابني.
تمتم شريف بنبرو هادئة:
-شمس فوق قوليلها تنزلي علشان عايز اتكلم معاها.
رددت سوسن كلماته باستنكار:
-تنزلك؟!! تروحوا فين؟!.
فتح شريف عينه بانبهار وهو يقول:
-لا مش معقول اتغيرتي بالسرعة دي وبقيتي أم مسؤولة انا مبهور بيكي بجد..
-بطل تريقة.
-مش بتريق ده مؤشر حلو بتصلحي من نفسك بسرعة، نزليها علشان عايز اتكلم معاها في شوية حاجات….
“بـــعـــد ســاعــــة”
“في النادي”
– لماذا هو ؟!
– لأنه يشبه إسناد رأسك على نافذة سيارة في طريقٍ طويل ، بهذا العُمق تمامًا..
#مقتبسة
‏«أنا أؤمن بالحب الذي يجعل الإنسان في حالة دائمة من الأمان مهما بلغت شدَّة تقلباته وعواصف الأيَّام من حوله، الحب الذي يحوله لطفل سعيد وضاحك، أو لشاعر، أو لفنان، أو حتى لإنسان يمارس سكينته التَّامة براحة بال، الحب الواضح في الصَّمت قبل التَّبرير، في الغضب والعتاب قبل الرِّضا»
#مقتبسة
كانت تجلس أمامها بحجابها الذي يخفي جبهتها ومنطقة ذقنها، حجاب ملفوف بقوة، تخلت عن نقابها ولكنها لم تتخل عن الحجاب والنظارة الشمسية رغم أن الشمس في وقتها للغروب…
أخذت تلح عليه بالحديث ليخبرها المحادثة بأكملها حتى تصمت وتكف عن الثرثرة وبالفعل كفت عن الثرثرة ولكنها على وشك أن تنهي علبة المناديل الورقية فأخذت تبكي كما لم تفعل من قبل…
تحدث شريف بضيقٍ:
-بتعيطي ليه دلوقتي؟! في ايه ليه النكد ده؟!.
أجابته من وسط دموعها:
-بعيط بسببك.
ردد شريف كلمتها مستنكرًا:
-بسببي؟!.
هزت رأسها بإيجاب وهي تقول:
-ايوة علشان انا عمر ما حد عمل علشاني اي حاجة، اول مرة احس اني مهمة عند حد او ليا قيمة، عمر ما حد فكر يعمل حاجة علشاني او فكر في مصلحتي بجد، وأولهم امي واللي عملته وهي اللي وصلتني لغايت هنا.
تمتم شريف بهدوء:
-يمكن لسه مقابلتيش ناس كويسة ومعارف كويسين..
قاطعته شمس بنبرة عاطفية:
-أنا الدنيا ادتني كل اللي فاتني بيك، أنتَ بكل الناس اللي ممكن أقابلهم في حياتي حتى في عمري اللي جاي، انا لسه مش مصدقة أنك عملت كل ده علشاني..
أجابها شريف بفظاظة جابرًا نفسه عليها، هو لا يريد أن يعطيها أي أمل…
حياتها او حياته كلاهما على حافة الخطر وهو بالأخص مستقبله مجهول أكثر منها.
-صعبتي عليا مش اكتر.
تمتمت شمس بعناد:
-والله مهما قولت وحاولت تبوظ اللي عملته بكلامك مش هتفرق معايا، مهما حاولت تبين عكس كده.
هتف شريف مبتسمًا رغمًا عنه:
-خلاص ماشي، بطلي عياط علشان نعرف نتكلم.
حاولت شمس التوقف عن البكاء ليتحدث شريف بهدوء:
-موضوع الشقة هيتحل بإذن الله فكوني مركزة في الموبايل في أقرب وقت هقولكم انزلوا تمام…
-تمام.
تمتمت شمس بنبرة مرتجفة:
-أنتَ قولت لعبدو انك شوفت ابويا ده بجد؟!.
هز شريف رأسه بإيجاب:
-ايوة شوفته ودخلت بيته وشوفت مراته وامه.
ابتسمت شمس ببلاهة وكأنها طفلة صغيرة:
-كمان ليا جدة..
وجدته ينظر لها بشفقة ولم تعجبها تلك النظرة ولكنها حاولت التبرير:
-أنتَ مجربتش يعني ايه تفضل عمرك كله فاكر نفسك ملكش اهل، وان اللي باقيين من اهلك مش عايزين يعترفوا بيك بعد ما ابوك مات، دي القصة اللي فضلت اسمعها كتير.
ثم سألته بنبرة جادة:
-في حاجة مني؟! في حاجة في شكلي زيه؟.
-ممكن تدويره الوش بس أنتِ اكتر شبه الحجة سوسن…
تمتمت شمس بعدم فهم:
-طب جمعت معلومات عنه دي فهمتها لكن دخلت بيته بصفتك ايه؟!.
عقب شريف بعفوية بعد أن سحب نفس من سيجارته:
-بصفتي صاحب الشخص اللي هيتقدم لبنته، ليكي اخ واخت، واختك شغالة في مكتب هلال…
رددت شمس كلماته بخفوت:
-اخ واخــت!!!!.
هز راسه بإيجاب لتقول بإحباط:
-نفسي اشوفهم كلهم واتعرف عليهم بس خايفة اوي يا ثائر خايفة اوي ميقبلش بيا.
تمتم شريف بنبرة جادة:
-مفيش اب مش هيقبل ببنته وبعدين شكله ابن ناس هو أكيد في الاول هيحب يتأكد ويعمل تحليل وغيره بس في النهاية هيعترف بيكي اكيد.
قالت شمس بتردد:
-وأنتَ ليه متأكد كده؟! امي نفسها هربت وهي حامل فيا وهو ميعرفش اي حاجة عني، وكمان عنده عياله ومكتفي بيهم ولو عرف اني رقاصة هيعمل ايه؟! وأنتَ بتقول أنه شكله ابن ناس وانا بالنسبالهم واحدة من الشارع.
لم يتحمل وصفها حتى لو كان يحمل شيء من الصحة…
لذلك قال بنبرة منفعلة:
-شمس انا معاكي، وطول ما انا معاكي كل حاجة هتتحل ولو حصل أي حاجة ليا هلال مش هيسيبك وهيظبط امورك كلها..
ضيقت شمس عيناها وهي تسأله بخوف حقيقي:
-يعني ايه لو حصل ليك حاجة؟!..
تمتم شريف بثبات:
-أنا حياتي على كف عفريت مهما بانت ليكي أنها مستقرة حتى قبل ما أفكر اسلم نفسي ممكن في لحظة حياتي تتقلب، فأنا عايزك قوية وتقفي في وش اي بني ادم ميهمكيش مهما غلطتي قبل كده ومهما عملتي مدام ليكي حق يبقى تخلي عينك قوية..
ابتلع ريقه وهو ينظر لها بثبات:
-صاحب الحق عينه قوية يا شمس، متخليش اي بني ادم يكسرك ولا يستغل اي غلطة ليكي في انه يعكنن عليكي عيشتك، متخليش حد يحاسبك على غلطاتك دي حاجة بينك وبين ربنا، وانا طول ما في ايدي اعمل حاجة لو ههد الدنيا علشان خاطرك هعملها…
ابتسمت له قائلة بثقة:
-وأنا متأكدة من ده..
غمغم شريف بنبرة ساخرة:
-ما بلاش نفشة الريش دي..
هتفت شمس بهدوء وهي تمسح دموعها:
-هنفش ريشي غصب عنك..
ثم نظرت على وجهه قائلة:
-ايه اللي في وشك ده..
تمتم شريف بغطرسة:
-ملكيش فيه..
_______________
في المساء..
توجه صوب غرفة جده..
وما أن فتحها حتى وجده يجلس على فراشه يقوم بالتسبيح…
اغلق كمال الباب خلفه ثم سار بضعة خطوات حتى وصل إليه ليتحدث توفيق معاتبًا اياه:
-بقى تطلق داليا ويحصل كل ده ومتجيش تقولي؟! ولا تاخد رأيي؟!.
غمغم كمال بتردد:
-اللي حصل داليا كانت مصمة واخدت عمي على أمل اننا نتكلم بس مكنش في فائدة من الكلام، وبعدين محبناش ندوشك انا مش صغير يا جدي انا داخل على الستة وتلاتين سنة..
تمتم توفيق بضيقٍ:
-ولو بقيت مئة سنة مدام أنا عايش هشوفكم عيال صغيرة..
هتف كمال بجدية وهو يجلس أمامه على الفراش:
-كل شيء قسمة ونصيب ومحدش عارف الخير فين، والمهم ده مش موضوعنا في حاجة مهمة لازم نتكلم فيها.
عقد توفيق حاجبيه ثم سأله:
-حاجة ايه دي؟!!.
تمتم كمال بنبرة متوترة وقلقة:
-شريف..
-ماله؟!!.
هتف كمال شارحًا الأمر:
-طالب نحوله مبلغ كبير، أول مرة يطلب مبلغ زي ده مرة واحدة، بل على العكس هو في العادة مبيحبش يطلب مننا ومعتمد على الشغل اللي بيشتغله ولما بيطلب مبيكنش بالمنظر ده…
تحدث توفيق ببساطة:
-طب ما تسأله محتاجه في ايه؟!.
قال كمال بنبرة جادة:
-اكيد متاهتش عن بالي، سألته يقولي هستثمرهم في شقة ومش عارف كلام كده مش داخل دماغي…
تمتم توفيق بهدوء:
-يمكن فعلا بيتكلم بجد وأنتَ اللي شاكك على الفاضي..
هتف كمال بنبرة غريبة:
-انا مش شاكك على الفاضي بس تصرفاته لما كنت عنده في القاهرة وبعده مش مريحاني وكل حاجة حصلت ورا بعضها كنت ناوي اسافرله تاني بس موضوع داليا وامها وكل الحاجات دي منعتني..
سأله توفيق بجدية:
-حاجات ايه اللي حصلت متقلقنيش…
قال كمال بجدية:
-انا مش عايز اظلمه كل اللي حصل لما كنت انا وامي هناك سمعت صوت واحدة وهو بيكلمها في الاوضة وعمل كذا حاجة غريبة لما شافنا، غير ان افنان نفسها مستغربة ان اتصاله بيها قل ولو اتصل بيتكلم بشكل روتيني انها عاملة ايه وخلاص يقفل مش زي الاول كذا مرة في اليوم، واضح ان في حاجة شاغلاه..
تمتم توفيق بنبرة قلقة بعض الشيء:
-انا لسه مكلم هلال امبارح ولما سألته مقاليش حاجة.
-طب ايه؟! هنعمل ايه؟!!.
هتف توفيق بنبرة جادة:
-ابعتله الفلوس اللي هو عايزها يمكن عايزاها في حاجة ضرورية حتى لو بيكدب، مينفعش نأخر عليه فلوس محتاجها، ونفكر مع بعض ايه اللي يخلينا نكشف اللي بيحصل، ويمكن تطلع تحليلاتك غلط ومفيش حاجة.
تمتم كمال بنبرة صادقة:
-اتمنى، كل الحكاية اني خايف عليه ومش عايزه يوقع نفسه في مصايب كفايا اللي هو فيه.
-ان شاء الله خير.
ثم حاول توفيق تغيير مجرى الحديث بنبرة هادئة:
-عرفت ان داغر هيسكن في بيت اهله هو وافنان؟!.
ابتسم كمال وقال بهدوء:
-عرفت ربنا يكتب ليهم الخير، ويارب تكون دي فرصة كويسة لعلاقتهم.
تمتم توفيق مبستمًا:
-انا واثق في داغر وحاسس أن أفنان بدأت تفهم وتعرف مين اللي بيحبها وبيقدرها، والعلاقة ما بينهم للأحسن، وانا مش هلاقي حد اطمن عليها معاه قد داغر، ناقص اطمن عليك واطمن على شريف اهم حاجة علشان لما أقابل ابوكم يعرف اني مسيبتش عياله..
تغيرت ملامح وجه كمال لأخرى حزينة:
-ربنا يطول في عمرك بلاش الكلام ده.
تمتم توفيق بحكمة ونبرة هادئة:
-الموت قدر وكلنا بندوقه مهما كان صعب هو مرحلة من مراحل حياة كل واحد فينا، وأنا بوصيك يا كمال زي ما بوصي بكر دايما تلموا بعض، وتفضل واخد بالك من امك ومن أفنان ومن اخوك الطايش ده، مهما حصل تفضلوا جنب بعض، وعايز نبدأ تجهيز في العمارة اللي قولتلكم عليها من دلوقتي.
قال كمال باستسلام:
-حاضر نبدأ مدام ده هيريحك.
أردف توفيق بنبرة مسالمة:
-يحضرلك الخير يا حبيبي..
ثم أسترسل حديثه بفضول:
-عامل ايه مع فردوس؟!! من كام يوم عملت كيكة كلتها وانا ايدي على قلبي احسن تكون بتسممنا…
ضحك كمال رغمًا عنه ليقول بخفوت:
-لما تبص من بعيد هتشوف واحدة بتحاول تتغير وتتأقلم على الحياة اللي فيها وتنسى، حتى طريقتها معايا اتغيرت..
سأله توفيق وهو يضيق عينه:
-ومن قريب؟!..
-مشوشة، وخايفة، ومش عارفة هي عايزة ايه..
تمتم توفيق بجدية:
-رغم اني بكرهها ومبحبش اقول كده قدامك، إلا انها بتحبك ومتمسكة بيك حتى لو مش عارفة تحبك بشكل الحياة الجديدة اللي اتفرضت عليك وعليها، من يوم فرحكم الا ان مفيش حد في مكانها هيفضل قاعد لغايت الوقت ده الا لو بيحب…
ابتلع ريقه ليقول بتوضيح أكبر:
– بس مش عارف يعبر عن اللي جواه، او خايف يعبر ليخون ذكرى حد ميستاهلش الزعل عليه في نظرنا احنا، استغل الفرص يا كمال، احيانا العمر بيكون عبارة عن لحظات بنسرقها بنفرح نفسنا فيها…..
لم يفهم كمال الشق الثاني من الحديث..
وعن أي فرص يتحدث؟! ولكنه بالرغم من هذا لم يكن لديه الطاقة من أجل سماع التوضيح…
قال توفيق بهدوء:
-اعمل حسابك ان السفرية الجاية لدبي هتروح انتَ مش بكر لأنه مش عايز يسيب دعاء وهي حامل، وكمان فرصة تغير جو، ولو تحب ممكن نطلع لفردوس باسبور وتسافر معاك…
هز كمال رأسه بطريقة غير مفهومة، حديث جده متفائل جدًا..
متفائل لدرجة منعته من أن يخبره بأمر الحاسوب…
ولأنه لا يرغب بأن يمنع الأمر..
ان كان به شيء فلتعرف فردوس الحقيقة وينتهي هذا العذاب..
لا يرغب في أن يمنع أحد هذا رغم رغبته الداخلية القلقة من ردة فعلها….
_____________
“خذيني تحت عينيك
خذيني، أينما كنت خذيني ،كيفما كنت
أردّ إليَّ لون الوجه والبدنِ
وضوء القلب والعينِ
وملح الخبز واللحنِ
وطعم الأرض والوطنِ …”
#مقتبسة
لا يُبرهن الحب في رسائل الصباح ولا رسائل المساء، يُبرهن في أن يكون حبًا حقيقيًا صادقًا مستمرًا طوال الوقت فيه من الوداعة والفهم والسؤال والصبر والمراعاة والتماس العذر والمبادرة.
#مقتبسة
ترتدي روب الاستحمام وتقف في المرحاض تنظر إلى الملابس المعلقة، هل ترتدي تلك المنامة البيضاء من الحير التي تتكون من بنطال طويل والقطعة العلوية ذات حملات رفيعة جدًا تظهر كتفيها وعنقها وتبرز مناطق أنوثتها وفوقها روب قصير من نفس اللون، كان هذا أكثر شيء محتشم أتت به دعاء، الباقي أشياء لم تجرؤ على أن ترتديها، بالجانب الآخر معلق منامة شتوية من القطيفة تليق مع تلك الأجواء الشتوية…
تنظر لهما بحيرة…….
أخذت تجفف خصلاتها بالمجفف اولًا، تجفف خصلاتها الرطبة، وهي تفكر في يوم الغد…
غدًا هو يوم الجمعة…
ستذهب بالحاسوب إلى المتجر أو المركز الخاص بالصيانة….
هي تشعر بالقلق الشديد والفضول ما يفصلها عن الحقيقة رُبما هو يوم..
ورُبما لن تجد أي شيء…
ووقتها لا تعلم ما الذي عليها أن تفعله؟!…
يبدو أن كمال يعرف كل شيء ولكنه لا يتفوه بأي شيء حتى أنه رفض أن يفتحه لها وهي على يقين أنه يستطيع…..
لكن الغريبة أنه لم يمنعها..
لم يمنعها من أن تستمر فيما تفعله..
هو لا يخبرها شيء ولكنه لا يمنعها في الوقت ذاته وهذا شيء غير مفهوم..
أنتهت من تخفيف خصلاتها وأخذت تقوم بتمشيطها ثم قررت أن ترتدي تلك المنامة البيضاء..
بالفعل بعد دقائق قليلة كانت ترتديها وترتدي فوقها هذا الروب وتقوم بإغلاقه بإحكام مرة بعد مرة بعد مرة…
لا تدري حقًا ما الذي تنوي فعله اليوم ولكنها تظن بأن الأمور لن تكن كالسابق بعد الغد مهما كانت النتيجة…
-مدام قلقانة اوي كده البسي هدومك التانية واخرجي عادي…
كانت تحدث نفسها وهي تنظر في المرآة على هيئتها..
بعد أن أغلقته بـإحكام شديد وتغلق ساعديها، وكأن أحدهما يغصبها على ما تفعله….
لوهلة رغبت في وجود دعاء معها لعلها شجعتها بكلمتين من كلماتها التي لا تعجبها دومًا..
لكنها ترغب فيها الآن…
سمعت صوت طرقات على الباب يصاحبها صوته:
-ايه يا فردوس أنتِ نمتي؟! بقالك اكتر من ساعة جوا…
حقًا هو شعر بالقلق عليها..
لعلها تشعر بالاعياء أو هناك شيء بها..
عقبت فردوس بخفوت:
-كويسة مفيش حاجة شوية وخارجة.
“شوية وخارجة؟!”.
ردد كلماتها بصوت هامس لم يصل لها، حسنًا فردوس بمفردها عشرة نساء، هو كل يوم يتعامل مع أمرأة مختلفة عن اليوم السابق، أمرأة غير مفهومة وعليه أن يحللها..
تنهد ثم ذهب إلى الفراش وجلس فوقه وأخذ حاسوبه المحمول مرة أخرى يقوم بإنهاء بعض المهام البسيطة الخاصة بالعمل…
وبـيديه كان يحمل كوب القهوة الخاص به، الذي هبط أثناء تواجدها في المرحاض وقام بتحضيره بعد حديثه مع جده وطوال هذا الوقت هي بالداخل…
مرت عدة دقائق وكانت تخرج من المرحاض وهي ترتدي تلك المنامة وقررت بأنها لن تخلعها ولكنها وضعت فوقها الجزء العلوي من المنامة (القطيفة) ذو السحاب الطويل الخاص بالمنامة الأخرى…
أرادت حل وسط…
وكان أبشع الحلول التي اخترتها، حينما وجدته منهمكًا ولم يرفع بصره لها وبين يديه القهوة خلعت ذلك الجزء حينما لمحت نفسها في المرآة بأنها قد أفسدت هيئتها….
وعلى أي حال الروب مغلق بإحكام، لكن الجو بارد جدًا، ذهبت وأخذت تغلق النافذة والشرفة وهنا كان يراقبها حينما شعر بحركتها في الغرفة….
أدرك انها لم تتأخر عبثًا بل يبدو أنها كانت تشعر بالتردد في شأن هيئتها، هو يفهمها بشكل عميق جدًا….
بشكل لم يصل له أي شخص…
انهى كوب قهوته ثم وضعه على الكوميدنو ولكنه ظل يعلق بصره في الحاسوب رغم أنه انتهى مما كان يفعله..
جاءت وجلست على الطرف الآخر من الفراش متمتمة:
-بكرا الجمعة، هروح علشان اعمل اللاب توب.
تمتم كمال بنبرة هادئة:
-طيب هبقى اوصلك.
سألته فردوس بملل:
-بتعمل ايه؟!!.
-كنت بعمل حاجات للشغل بس خلصت.
تزامنًا مع نهاية كلماته كان يغلق الحاسوب ويضعه على الكوميدنو ثم نظر إليها متفحصًا تلك المرة هيئتها حينما باتت عن قُرب ترتدي قرط فضي اللون به بعض الفصوص….
حقًا هو مغرم بأقراطها بشكل كبير يجد بأن كل قرط ترتديه يليق بها وحدها لا يتواجد أمرأة يليق بها مثلها، وكأنها هي من تعطيه رونه الخاص وتزيد من جماله في أذنيها ترتدي ذلك الروب القصير كانت هيئة جديدة عليها ما أفسدها سوى أحكامها له ومن كثرة ما قامت بربطة المظهر يبدو وكأنها أعدت جديلة خاصة بالشعر…
يظن بأنها قضت الساعة كلها تقوم بإغلاقة أكثر من مرة يسأل نفسه هل الحل هو فكه وسيقضي الليل كله به أم يقوم بقصه؟!
وجدته يضحك رغمًا عن أنفه ووجهه مبتسم لتعقد حاحبيها فهي لا تدرك الاحتمالات التي تتواجد بعقله..
-بتضحك على ايه؟!.
نهض من مكانه وتوجه صوبها ممسكًا طرف العقدة قائلا:
-بضحك على دي، كنتي بتفكري في ايه وأنتِ بتعمليها؟!!.
غمغمت فردوس بتردد وتوتر:
-مكنتش بفكر في حاجة.
جذبها منها لتنهض وتقف قبالته…
تمتم كمال وهو يقوم بحل العقدة الأولى وهو يحدثها:
-متأكدة.
قالت وهي تنظر في عينه:
-ايوة.
يحل العقدة الثانية والثالثة…
سمعها تهتف باسمه بتردد:
-كمــــال..
-نعم.
قالها بصوت هامس وشغوف كما أعتادت منه ومعها كانت يحل العقدة الرابعة…
أردفت فردوس بنبرة هادئة وراغبة وواثقة للمرة الأولى:
-كمال أنا عايزة انسى النهاردة…
تمتم بخفوت:
-تنسي ايه؟!.
معها كان يحل العقدة الخامسة لا يصدق بأنها فعلت هذا كله يديه تقوم بحل عقدة ملابسها لكن عيناه كانت لا تترك عيناها ولو لحظة..
هتفت فردوس بنبرة خافتة وهامسة ويديها تحاوط عنقه:
-انسى الغلط اللي انا عملته، والغلط اللي أنتَ عملته، انسى انك كنت لغيري، انسى كل حاجة وحشة، ولو لمدة يوم مش عايزة افكر غير اني مراتك وبين ايديك…
صدع صوت هاتفها بعد أن انتهت من كلماتها ولكنه جذبها إليه غير عابئًا بأي شخص قد يقاطع هذا الأمر بعد تلك الكلمات ولم تجادل هي ولم تتهرب…
“احيانا العمر بيكون عبارة عن لحظات بنسرقها بنفرح نفسنا فيها”
كلمات توفيق تدور في ذهنه…
أماكلماتها جعلت جميع العقد تُحل في ثواني…
كل العُقد والقيود تنتهي….
كلـهــا…
ليترك الغد للغد، وليبقى اليوم فرصة لالتقاء حقيقي وصادق، طبيعي بين قلبين…
حتى ولو كان كلاهما يعلم بأن القادم رُبما ليس سهلًا ولكن متى كانت حياتهما سهلة؟!!!!!…

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ديجور الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى