رواية بيت السلايف الفصل الرابع 4 بقلم خديجة السيد
رواية بيت السلايف الجزء الرابع
رواية بيت السلايف البارت الرابع
رواية بيت السلايف الحلقة الرابعة
همست جـميـله بانين في اغوارها وهي تتطلع الى الجالسين وحينها بدات ام محمد بالهتاف والصراخ كانت تنظر اليها بصدمة كبيرة حتي الان لا تصدق ان محمد زوجها مات ! نتيجه تصادم سياره التاكسي باحد وانتهت بموته !
انبثقت اه من فمها كخناجر تطعن حلقها لا تعرف من المفترض ان تحزن عليه ام تفرح بان رحله عذابها ستنتهي نوعا ما ! تود حقا فقط ان تلقي نفسها بزاوية ما وتجهش ببكاء عنيف؟ كلما تذكرت ما كان يفعله بها ! تزوجت في السابعه عشر من عمرها واستمرت ثلاث اعوام من الجحيم تجرعت فيها الكثير والكثير حتى فاض من حولها الالم وتبلدت مشاعرها بفضل ذلك الذي يدعي زوجها ، كانت امامه كقطعة قماش يفعل بها ما يريد!
لم يكن حلمها ان يتم زواجها بهذه الطريقة كانت وقتها تود الصراخ والعويل ان زواجها وخطوبتها حدثا بهذه الطريقة وتحت تاثير هذا الضغط! لكن هي لا تعرف الكره حتي تكره او تشمت في موته حتي!
لكن كيف ستتقبل حياتها القادمة وكيف سـيلعب معها القدر ؟ وهل سوف يخبئ لها المزيد من الخيبات!
لتفيق على صراخ ام محمد بالهتاف العالي بحزن:
-يا حبيبي يا ابني ااااااه
***
في الصعيد اخذت تتردد آيات الذكر الحكيم بداخل منزل دياب حماد الجبالي وبينما تسود مظاهر الحزن ارجاء المكان بين الجالسين، كانت احلام زوجة ضاحي تتوسط اريكة رثة المظهر ترسم الحزن والحسره الزائف على ملامحها لكن بداخلها سعادة كبيرة بان سلمي فارقت الحياة اخيرا لتصبح الحدود فارغة بينها وبين دياب قصيره لتقترب منه وعلى امل ان يصبح لها في يوم ،لاتعرف تفاصيل موت سلمي لكنها سعيده جدا بانها رحلت بلا عودة؟
والبنات ايضا تنهمر منهم الدموع بغزارة بحزن على امهم ، وعلى جنب اخر جلس ديـاب بعيد عن الضيوف عينيه متسعة بصدمة لايستطيع تصديق ماحدث ولا ما تم ابلاغه به حتى الان،ماتت سلمي في مشفي وهي بالقاهره ماذا كانت تفعل هناك ؟ جاءت في عقله مليون فكره وفكره، كان يريد ان يذهب القاهره على الفور لكن حزن البنات منعه وارسل غفير يعمل اليه ليبحث، لكنه لم يستطع الانتظار اكثر من ذلك لينهض ويذهب الي القاهرة ليعرف الحقيقة ؟
ليلتفت دياب وتفاجأ بفرحه امامه نظرت اليه بحنان وحاولت التهوين عليه قائلة:
– البجيه في حياتك يا اخوي شد حيلك يا حبيبي
نهض ضاحي بحده قائلا بغضب :
– فرحه انتي ايه اللي چابك اهنيه ليكي عين تاچي بعد اللي عملتي اطــــلـعــي بـــــره .!
قال دياب بنبرة حادة :
– ضاحي اقفل خشمك وما لكش دعوه بخيتك
ثم تحدث منتهدا بهدوء:
– ادخلي يا فرحه ديه دار ابوكي مهما كان
أبتسمت فرحه له قائله بامنتان :
– تسلم يا اخويا
***
في القاهره بداخل فيلا زين حسنين الجبالي كان زين يجلس بداخل مكتبه يمارس هوايته المفضله وهي الرسم لتدخل نادين لتقول :
– انا كنت عاوز اتكلم معاك في موضوع مهم
ترك ما بيده ليقول بجدية :
– وانا كمان كنت لسه هنادي عليكي . بس اتفضلي انتي الاول ؟
جلست امامه عـلى الكرسي لتتحدث بهدوء :
– لا قول الاول انت يا زين سامعاك ؟
هز راسه بالإيجاب متنهد قائلا بجدية :
– تمام! الفتره الاخيره بقينا بنتخانق كثير اوي ما بقاش في تفاهم بينا خالص ولا حتى بقينا نحترم بعض و انا فكرت فـ.
قاطعته قائله بسخرية :
– اننا ننفصل عن بعض صح ؟
عقد حاجبيه بدهشة وتعجب وهتف بحيره :
-صح بس عرفتي منين؟
نظرت اليه بعدم مبالاة وقالت بجدية :
– عشان ده كان نفس الموضوع اللي كنت هكلمك فيه انا كمان ما بقتش سعيده ومرتاحه معاك ولا حاسه اننا اصلا ينفع نكمل مع بعض . فالاحسن فعلا الطلاق
تنهد مجيب براحه فهو كان يقلق من هذه المواجهة:
-تمام انا هكلم عيسى عشان يجي ويقعد مع باباكي ونخلص بس أروي
نادين بهدوء :
-عمري ما همنعها تشوفك او تشوفها انت في الاخر باباها . انا كمان هكلم بابي واقول له عشان ما يتفاجئش بعد كده
تحدث زين ببرود :
– يبقى اتفقنا
***
-ايوه صح يا فندم المتوفية سلمى رشيد كان معاها حد ؟
قالها احد الدكاتره في المشفي التي توفت فيها سلمي زوجة دياب !
تسال دياب بتراقب و ببرود كعادته عندما يتحدث وبداخله نيران لا يستطيع اطفاها :
– وهو فين والحادثه حصلت ازاي ؟
هتف الطبيب موضح :
– عربيه سواق تاكسي خبطت في الموتوسيكل اللي كانت راكبه وراء واحد ، هو اتنقل في المستشفى معاها و جروحه بسيطه بس للاسف مشي وما نعرفش راح فين ؟ والسواق كمان اتوفى!
أومأ غريب مساعد دياب موافق بسرعة ثم همس بنبرة مرتعدة :
-ما تجلجش يا دياب بيه ععرف مكانه فين و عاجيبهولك حتى لو كان تحت الارض
نظر دياب بنظره حادة وعروقـه بارزة بجنون وكانه سيقتل قتيل او على وشك ارتكاب جريمة. ولكنه القى كلماته بعنف بصوت قوي مُخيف :
-مستني ايه في ظرف 24 ساعه يكون عندي!
على جانب اخر بنفس المشفي كان يجلس والد محمد يبكي وينوح بحسره :
– اه يا ابني حتى العربيه اللي حيلتنا اللي فتحنا البيت راحت هي كمان معاه!
هز الممرض راسه باشفاق هاتفا بهدوء:
– يا حج ايه، اللي بتعمله ده مش هيرجع اللي راح ادعيله بالرحمه .
ثم القي نظرة خاطفة على دياب وهو مازال يقف مع الطبيب وقال بتفكير :
– اذا كان على التاكسي انت ممكن تاخذ تعويض كبير من صاحب الموتوسيكل اللي خبط في تاكس ابنك
صمت بلحظه وقد ظهر على ملامحه خبث متوافق بطمع، عبث وهو يهمس له :
– تعويض! فلوس يعني !
ليقول الممرض ببراءة لا يعرف نواياه :
– ايوه لو رفعت قضيه ممكن تكسبها وتاخذ حق التاكسي اللي راح من ابنك الله يرحمه . والاستاذ اللي هناك ده يبقى زوج المدام اللي ماتت!
***
في فيلا احمد السويفي دخل بارهاق بعد يوم عمل طال استقبلته ثريا زوجته باندفاع قائله بحده:
-كويس انك جيت اتفضل شوف الهانم بنتك عملت ايه وهتجيبلي حقي منها ازاي
تنهد احمد مجيب :
– ممكن تهدي يا ثريا وبعدين انتي ايه اللي اكدلك انها هي اللي قطعت الفستان
نظرت هايدي قائله بهدوء :
-صح يا مامي ممكن تكون مش هي
جزت عـلى اسنانها بحده وقالت بغضب :
– اسكتي انتي وما تدخليش نفسك في اللي ما لكيش فيه وبعدين هتكون مين غيرها؟ و مين من الخدم يقدر يعمل كده
صمت يفكر بالاصح فمن يفعل هذا غيرها ليقول:
– حاضر هطلع اسالها الاول
***
عقدت حاجبيها اسيف متسائلة باستفهام :
تسالني عـلى ايه
ليقول احمد بدون مقدمات :
– انتي اللي قطعتي الفستان بتاع ثريا؟
اطلقت ضحكه عاليه بسخرية هاتفه باستفزاز :
– بقيلك ساعه بتتكلم في كلام ما لوش لازمه وعامل فيها قاضي كنتي فين قبل ما تروحي الجامعه ،عشان تعرف اذا كنت انا اللي قطعت الفستان ولا لأ ؟ كنت وفرت على نفسك كل الكلام ده وسالتني على طول
أخذت تتحدث وهي تومئ براسها على مضض : وايوه انا اللي قطعتلها الفستان!
اتسعت عيناه بصدمه فسالها بصوت واهن:
-وايه اللي يخليكي تعملي كده .
فاشارت له اسيف محذرة بصلابة :
-حرقه دمي اسكتلها يعني!
هز راسه نافيًا وهو يقول مرددًا باصرار :
– لا بس تيجي تقولي لي مش تتصرفي تصرفات العيال دي
ظلت تنظر اليه ببرود ثم نطقت بحدة عدائية تنبع من جوفي عينيها الخضراء :
– ليه ما ليش ايد ولا لسان اعرف اخد حقي بنفسي انا مش ضعيفه علشان اسمع الكلمه الوحشه و اهانتي واجري على اوضتي واقعد اعيط زي ناس
قال بصوته المضطرب وهو يهمس :
– ناس مين ؟تقصدي مين!
هزت راسها قائله بلا مبالاة زائفة :
-ما قصدش حد بذاته
هز راسه بعدم اهتمام ليقول بحده: طب نرجع لموضوعنا اتفضلي انزلي معايا واعتذري لثريا . واياكي تعملي حركات العيال دي تاني ، ثريا اكبر منك وعيب اللي بتعمليه معاها ده
حاولت تهدأ نفسها وهي ترد مستنكرة :
-اعتذر لي مين؟ ده في احلامك
هتف احمد بغضب شديد :
– بنت اتكلمي باسلوب احسن من كده انا ابوكي
بينما هي تجلس امامه وضعت قدم فوق الاخرى وهي تبتسم ابتسامة بادرة قائلة :
-والله ده بقي اسلوبي مش عاجب حضرتك ما تتكلمش معايا !! ويبقى احسن !!
استدار بغضب مرة اخرى يكمل مزمجرًا بعنف :
-هو انتي مش ناويه تبطلي طريقتك المستفزه دي معايا انا بالذات انا مش عارف اعمل معاكي ايه . عيب كده انا ابوكي !!
تنفست اسيف ببطء وكان روحها ستُزهق منها مرددة بصوت خافت غير مسموع :
– ما هي المشكله انك ابويا!
***
في منزل جميله خرج ابو محمد من غرفته ثم نظر يمين ويسار يتاكد من عدم وجود احد يراه حتي كاد ان يخرج لتصيح زوجته من خلفه :
– ايه يا راجل بتتسحب كده ورايح فين ؟
انتفض جسده بذعر:
– يا وليه خضتيني بالراحه
نظرت اليه بحنق قائله بغضب:
– طب رد عليا رايح فين انت بقالك اسبوعين على الحال ده وما حدش عارف مالك انا ابتديت اشك فيك انت متجوز عليا ولا ايه ؟
قال بضيق شديد:
– هو اللي يعشرك يفكر في الجواز ثاني برضه
لتقول بحده:
– امال في ايه مالك كنت رايح فين
ليقترب منها بخطوه بطيئة اشبه بخطى الذئب ثم تشدق بخبث دفين :
– عشان تعرفي انك على طول ظلماني ! المشوار اللي انا رايحه لو نفع ان شاء الله هتبقى طاقه القدر اتفتحتلنا وهنبقي اصحاب اموال!
عقدت حاجبيها بدهشة قائله:
– وده ازاي ان شاء الله
تطلع حوله بتراقب ثم اقترب هامسا بخبث :
-انا في الاسبوعين اللي فاتوا وانا عمال اروح الصعيد عشان اجمع معلومات عن اللي اتسبب في موت ابنك ،وعرفت في المستشفى ان الموتوسيكل اللي خبط في عربيه ابنك كان راكبه راجل ومعه واحده ست! الست دي جوزها راجل في الصعيد ومن عيله غنيه اوي!
سالت بفضول:
– وهو هيديك فلوس بناءاً عن ايه ؟ ما هو مراته ماتت هي كمان
ظل يهز راسه نافياً بلهفة و طمع :
– بطلي قر انتي بس وانا مش راجع غير وانا محليلك بقك . بس اوعي تجيبي سيره للبت جميله مش ناقصين قر من اولها
***
في غرفه احلام وزوجها جلست مربعه قدمها اعلي الفراش قائله بتفكير :
– ما عرفتش سلمى كانت في مصر عتعمل ايه ؟
جلس جانبها و قال بلا مبالاة :
– دياب جاللي ان هو اللي بعتها تجيب شويه حاچات من هناك .
ثم تحدث بعدم تصديق وحزن على اخيه:
-بس دياب حالته صعبه جوي ماكنتش اعرف أنه عيحب سلمى اكده
لوت شفتيها بسخرية هاتفه بغيره :
– نعم !! هو مين ده اللي عيحبها اخوك ما بيكرهش حد جدها .
ابتسمت قائله بخبث هاتفة:
– لاه الموضوع في حاچه ثانيه خالص ولازم اعرفها
***
الحفل يعج بالحضور وصوت الاغاني عال صخب، تقف اسيف بفستان اسود قصيره وحذاء ذو كعب عال بينما شعرها القصير نسبيًا مرفوع بطريقة عشوائية، وبعض الخصلات الشاردة انسدلت ،لتهب وجهها ذو الملامح الجميلة الهادئة سحرًا خاصًا..رباه ما اجمل هذا الاجواء اجواء عيد زواج احمد السيوفي وزوجته ثريا، وارتداء الفساتين الجديدة والقصيرة لطالما عشقت الاناقة وكل ما يخص جمال الانثى كانت واثقة بجمالها ولكن واثقة ايضًا ان يومها سيمر بغضب شديد داخلها كلما فعل احمد السويفي حفل خاص بزواجه كان بالنسبة لجميع الحاضرين سعداء جدا بهذا الثنائي الرائع بعد قصه دامت سنوات، حتي بعد زواج احمد السيوفي من حياه هذا المراه الضعيفة الذي احببته بصدق واخلاص وانجبت منه فتاه، لكن لم تاخذ مقابل هذا الحب غير التعب والوجع والفراق. والموت من الحسره
كان الجميع سعيد الا هي بداخلها وجع بلا نهايه اغمّضَت عيناها بتعب شديد ضاغطه على يدها بعنف وهي تراهم منسجمين و يضحكون مع بعض حررت مرفقها الاحمر من شدة ضغطها عليه ووضعت يدها فوق شعرها بالم و اولت ظهرها بارهاق واسى لترحل ز لم تستطع اكمال الحفل.
***
بعد مرور شهرين كان يجلس دياب حماد الجبالي في غرفته حبيس فهو لا يريد ان يتحدث مع احد ولا يراه احد جالس الا بوجه غاضب وحزين كاد ان يجن من التفكير ليعرف ماذا كانت تفعل سلمي في مصر، تمني ان يكون بجانبه احد ليحكي ما بداخله حتى يخفف عنه ، ليتذكر عيسي فهو قبل ان يكون ابن عمه كان صديقه واخ قبل خاصمهم لكن الان لا يوجد احد جانبه!
تقدمت احلام منه وهي تحمل صينيه الطعام تريد ان تستغل ضعف دياب و احتياجه اليها هي :
– اني حضرتلك لجمه تاكلها وكمان اكلت البنته . مش رايد مني حاچه يا سي دياب
رفع دياب عينيه اليها بحدة :
– رايدك تغوري من وشي و اياكي تدخلي الاوضه ثاني وانا فيها
وضعت صينيه الطعام اعلي الطاولة لتقول ببرود:
-امال مين اللي عنضفهالك بعد اكده ما خلاص سلمى ماتت الله صحيح هي كانت في مصر بتعمل ايه
نظرت اليه باهتمام وامل ليجيب وهو مازال ينظر الى الفراغ قائلا باقتضاب :
-ما لكيش صالح
كست ملامح دياب مشاعر لا يمكن قرائتها لتتحدث احلام بحنان قائله بحب :
– مالك بس شايل هم الدنيا ليه فوج راسك انا جنبك احكيلي اللي متضايجك اكيد سلمي عملت حاچه مزعلاك جوي منها
اغمض عيناه بضيق شديد دون ان ينطق بحرف واحد لتسرع احلام بضم يده اليها وتضع يدها الاخري فوق كتفه قائله مستغليه شروده :
– احكيلي مش عتلاجي حد في الدنيا دي كلتها يفهمك قدي ، وعلى فكره العرض بتاعي لسه ذي ما هو اني مستعد اطلج من ضاحي ونتجوز اني وانت
اعتدل دياب فى جلسته بنفور وهو يبعد يدها عنه سريعا والتفت دياب اليها و تلتمع عينيه بغل وكراهية لتخرج كلماته بصوت عالي من بين شفتيه كالفحيح :
– يـــا ضــــاحــــي
دخل ضاحي وهو يعقد حاجبيه باهتمام وحزم:
– نعم يا خويا في حاچه
نظر له يغمغم بوحشية :
– خد مرتك واطلع بره وعرفها الاصول وجولها ما ينفعش تدخل الاوضه بعد اكده طول ما انا فيها. او بعد كده ما تدخلهاش خالص سلمى ماتت وما ينفعش تدخل الاوضه وانا موجود
لتتنحنح احلام قائلة بسرعة :
– اني كنت بجيبلك الوكل
عقد حاجبيه باستغراب وقال ببراءة :
– فيها ايه يا دياب احلام زي خيتك بالضبط
شتم اخيه بافظع الشتائم واللعنات في سره على طيبه وساذجته بينما ابتسمت احلام بشماته ليرحل من امامها بغضب ….
***
كان يقف جلال بين مساحه الارض الواسعه ينظر اليه بانبهار :
– هي دي الارض مسحتها كويسه جدا للمشروع اللي هعمله عليها . ها هبدا امتى ؟
ابتسم عيسي وقال :
– انت مستعجل جوي اكده
هز راسه هاتفا بجدية :
– ايوه يا عيسى مستعجل وبعدين هاستنى ايه المشروع لسه عياخد وقت عجبال ما يتبنى، يبجى نبدا من دلوج و انا جهزت ورق بالموضوع وعملت دراسه وعحتاج حوالي الـ** فدان من الارض يعني تقريبا الارض دي كلها
عقد حاجبيه بدهشة وقال :
– اني فكرت عتحتاج فدادين اجل من اكده
هز راسه هاتفا بعدم مبالاة :
– طب وفيها ايه مش الارض دي كلتها بتاعتك
عيسى باسف :
– للاسف لا يا چلال الخمس فدادين اللي في الاخر دول مش تبعنا
نظر اليه بحده وقال بغضب :
– نعم امال بتاع مين
هز كتفيه دليل علي عدم معرفته : ما عنديش فكره والله بس على طول في غفير بيجعد يحرس الارض ما اعرفش اذا كانت بتاعته ولا بيحرسها بس؟
جز علي اسنانه بغضب شديد :
– يعني ايه مش عارف اعمل المشروع انا محتاچ الارض دي يا عيسى مناسبه جوي لموقع المشروع اتصرف واشتريها
تحدث عيسي بهدوء :
– طب افرض ما كانتش للبيع او صاحبها مش راضي يبيعها.. الارض فيها زرع ، ما تحاول تستخدم المساحه دي وخلاص وبلاش ندخل في مشاكل
تنهد بخيبة امل مجيب بحنق شديد :
– مش عينفع يا عيسى المساحه يادوبك ..ده غير في مواد ضارة ودخان ممكن يقتل الزرع بتاع الارض . يعني برده هندخل في مشاكل ما فيش حل غير ان احنا نشتريها و نعوض صاحبها
نظر اليه مطولاً وقال بجدية :
– طب سيبلي الموضوع ديه وانا هتجص (هتقص) واعرف الارض دي تبع مين
***
كان دياب قبل شروق الشمس يجلس امام منزله ينظر الي الفراغ،الى حتى الان لم يصل الي ذلك الشاب المجهول حتي يعرف ماذا كان يفعل مع زوجته، تقدم منه ضاحي قائلا :
-مالك يا دياب من ساعه موت سلمى و انت حالتك وحشه حتى الشغل بطلت تنزله،خلاص يا دياب هي ماتت الله يرحمها زعلك مش هيفيد بحاچه
هز راسه بارهاق واضح عليه قائلا :
– ما فيش حاچه يا ضاحي تعبان وعاوز اخذ اجازه شويه
تنهد ضاحي متسائلا بفضول :
-براحتك يا اخويا ، هي سلمى كانت بتعمل ايه في القاهره
زفر دياب بحدة قائلا بنفاذ صبر :
– ما انا جلتلك كانت بتشتري حاچات بترغي فـي الموضوع تاني ليه؟ يا ضاحي
ليعتدل فورا فى جلسته يتنحنح يجلى صوته قائلا بحدة لم يقصده :
– هاه ولا حاچه يا اخويا . طب انت ناوي تعمل ايه . بناتك بجو لوحدهم ومحتاجين حد يرعاهم
تقدمت احلام ببطء تحمل اكواب الشاي، لتجلس فوق احد المقاعد جانبهما لتنظر اليه بتراقب بابتسامة ماكره :
– واني رحت فين يا ضاحي ما هما زي ولادي برده !
ضاحي بجدية :
– ما جلناش حاچه بس برده محتاجين حد معاهم على طول خصوص بنتك الصغيره انا من رايي تفكر تتجوز تاني
اتسعت عينى احلام تسأله بصدمة وبحده : -بتجول ايه يا ضاحي ااا ديه سلمى بجيلها تلاث شهور ميته
ضاحي بهدوء :
– الحي اولى من الميت يا احلام الحزن مش عيفيد في حاچه ولا هيرچع اللي راح !! و سلمي خلاص ماتت وشبعت موت يبجى ايه اللي يمنع ان دياب يتجوز تاني؟
نهض دياب يستعد بالانصراف قائلا بلا اهتمام زائف عكس ما بداخله فكل ما يشغله بناته :
– ربنا يتولاهم . انا رايح اشوف اشغالي
رحل دياب واحلام تتابعه وهي تخفض راسها و تفرك قبضتها بقوة وعصبية محدثه نفسها :
-جال يتجوز ثاني جال ديه اني اما صدجت سلمى غارت في داهيه . انا مش هفضل ساكته اكده كثير لازم اتصرف دياب لازم يكون ليا انا لوحدي، و لو واحده جربت منه تاني ده انا اولع فيها وهي حيه.
قبل ان يصل دياب الي باب الفيلا تفاجأ بغفير عمده الصعيد يقول بانفاس الاهثه :
– يا دياب بيه استني
استمع صوته دياب ليقف متحدث الآخر :
– كويس ان لحجتك يا دياب العمده رايدك ضروري في الدار
عقد حاجبيه بدهشة متسائلا بغرابة:
– رايدني انا في ايه ؟
**
ها هي الامواج الشمسية تبعث اشعاتها عبر النوافذ الزجاجية وها هي اغصان الاشجار تتناغم تحركاتها الهائجة مع رياح الفجر وها هو اذان الفجر يعلن قيامه لتتاجج النفوس المؤمنة وثبًا لصلاتها.
جلس جـلال بجوار قبر والده، يتحسس ترابه بالمٍ لا يشعر به غير الله، كم اشتاق اليه،لم يري شخص مثل والده في طيبته وحنانه. تنهد تنهيدة حارة تبوح بكل ما يشعر به لا ينكر بانه عندما كان يشعر بحاجة الى احد كان يذهب الي اخيه عيسي لقد شال حمل كبير عيسي منذ الصغر خضخض راسه، مُقصيًا تاثير محبوبة مُهجهِ عن افكاره وشردَ بارهاق صَبَّبَّ حبيبات زبرج صلابته، ليستمع فجاه الي صوت شهقات بكاء بعنف من احد قريب منه، ليرفع جلال عينيه بفضول يريد أن يعرف من أين انبعث هذا الصوت، انحرفت عيناه ليرى تلك الفتاة الراقدة امام القبر وهي تبكي بحرقه. بالتاكيد تبكي على هذا الشخص الراقد في القبر أمامها. تمعنت عسليتيه النظر بها بجراءة وهاله ما راى بها من جمال لم يراه من قبل جسدها الرشيق قامتها المتوسطة بشرتها البيضاء الناعمة شفتيها الكرزية المنتفخة قليلا عيناها التي ابدع الخالق في رسمها وتلوينها بالازرق لكنها منتفخة وحمراء من البكاء. وشعرها المتموج العسلي الذي مطلق بحريه خلف ظهرها.
الوصف الوحيد الذي يلائمها هو الملاك هي ملاك، كلمات الجمال قليلة جدا عليها هناك شعور غريب يتسرب في اوردته لا يعرف ما هو ولكنه قاسٍ للغاية عليه وهو يراها تبكي بحرقه وتتحدث بهمس للشخص الميت الراقد بداخل القبر مما اثار داخله شعور غريب ربما هي الغيرة او التملك مازال ينظر اليها، تاملها دون ملل لانها تبدو كالملاك، لها سحر خاص بها لكن داخله شعور غضب! نعم من هذا الشخص الذي تبكي اليه وماذا يقرب اليها؟ وماذا تفعل بهذا الوقت وهي وحيده بهذه الساعه قرب الفجر؟
كاد ان يجن من تصرفاته وتفكير فـهو لا يفوت عـلي لقاءه بها عدد دقائق ليشعر هكذا. كانت مازالت تبكي بحرقه ومازالت تتحدث معه وهو مازال شعور بالغضب يمتلكه ،كم كان يريد ان يذهب اليها حتى يواسيها ويخفف هذه الدموع والحزن بداخلها لكن من تكون هي
لؤلؤتيها الشجية الحزينه خنجرا باسلا يضرب بقلبه لا يدري ما هو السبب.
كان يتامل ملامحها التي لم يرى مثلها قط دون اخراج تلك الافكار والمشاعر التي تداهمه لكن لم يستطع! لقد اسرته وجعلت عقله مهووس بها، لتقف تلك الفتاه فجاه تمسح دموعها المنهمرة وهي تلقي نظرة على القبر بحزن عميق لتسمع صوت هاتفها لتاخذ من الحقيبه وتجيب :
-الو خير
صاح والدها بحده :
– انتي فين و ايه اللي انا سمعته وعملتيه في الجامعه ده انتي ضربتي حمزه الانصاري ابن رجل الاعمال بالقلم في الجامعه؟؟.
تنهدت اسيف وهي تتذكر هذا الشيجار منذ يومين عندما تطاول حمزه مره اخري على مصطفى صديقها وعليها لتغضب منه وضربته بشده أمام الجامعه، و دون اهتمام اجابت متنهدا :
– ايوه يا بابا حصل
– تيجي حالا الفيلا انا مستنيكي انا شكلي دلعتك زياده عن اللزوم
نفخت بضيق شديد وهي تغلق الهاتف وترحل وكان هو يتابع غضبها ايضا باستمتاع، و تنهد بخيبة امل وهو يراها ترحل لينهض بدون وعي بخطوات سريعه خلفها لكن ليقف، فلماذا يلحق بها وماذا سوف يفعل معها.؟
***
ذهب دياب الي العمده تفاجأ بشخص يجلس بجانبه ولينظر اليه بابتسامه خبيثه لاحظها دياب وهو يجلس، وبعد فترة هدوء ليفتح عينة فجاة وهي تشتعل ببريق ينظر اليه :
– يعني انت رايد مني تعويض مجابل موت ابنك صوح
هز والد محمد راسه سريعا قائلا :
– مش بالضبط يا بيه انا راجل على قدي والتاكسي اللي راح هو اللي كان بيصرف على البيت . انا و امه و مراته كمان ده يا حبه عيني كلهم مفلوقين من العياط
تحدث العمده :
– انا اول ما جالي وحكالي على اللي حصل وعلى ظروفه جلت اكلمك ونحلها مع بعض
ليقول والد محمد بخبث:
– انا كان ممكن ارفع قضيه واخذ تعويض فـي المحكمة بس قلت بلاش شوشره
تاكد دياب بخبرة سنواته الطويلة ان هذا الرجل، لا يريد سواء المال والطمع واضح بعينه الماكره ليشعل بركان غضب داخله قائلا :
– انت عتجول ايه يا راجل يا مجنون انت چاي تهددني. وانت فاكر لو رحت محكمه عتعرف تاخذ مني قرش واحد من غير رضايا . واضح انك ما عندكش فكره مين اللي غلطان البيه ابنك هو اللي كان بيسوق بسرعه وخبط فيها وماتت يعني انا اللي رايد تعويض منك مش انت. شكلك مش عارف بتتعامل مع مين
ابتلع الآخر ريقه قائلا بذعر :
– هو انا حيلتي حاجه يا بيه ده ابني الوحيد ما ليش غيره ولا حتى ليه عيال من مراته عشان مش بتخلف. ده غير علينا ديون كثير واعمل ايه في مراته ، اللي ما لهاش غيره
ليقول دياب بنبرة حذره :
– عارف في خلال ثواني لو ما غورتش من جدامي عاعمل فيك ايه عخرجك من اهنيه على نقاله
تحدث العمده بحده :
– خلاص يا دياب اعمل حساب ليا واني جاعد في وسطيكم عيب كده الراجل في بيتنا برده
دياب بعصبية مفرطة : مش سامع الحديد يا عمده،ما انا كمان عندي بناتي ومش عارف مصيرهم عيكون ايه بعد موت امهم
صمت العمده قليلاً بتفكير :
– خلاص لازم نتفج على حل يرضي الاطراف واني عندي الحل .انا شايف اللي بتعملوا ديه مش هيودي ولا عياجي بحاچه خلاص اللي مات مش بيرچع ومش مهم مين اللي كان غلطان دلوج ؟
ثم ليهتف بتردد ورهبة :
– انت مش بتجول ان ابنك كان متجوز .
ليعم الهدوء مرة اخرى فيقول والد محمد بتوتر فقد ندم اشد الندم بانه فكر ان ياتي الي هنا : ايوه
العمده بجدية :
-خلاص يبجى انحلت، دياب محتاج واحده تراعي عياله وانت زعلان على مرات ابنك ، يبجى خلاص! دياب يتجوز مرات ابنك ويسترها ومن ناحيه ثانيه تربيله بناته؟
_______________________________
يتبع……
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بيت السلايف)