رواية التل الفصل السادس عشر 16 بقلم رانيا الخولي
رواية التل الجزء السادس عشر
رواية التل البارت السادس عشر
رواية التل الحلقة السادسة عشر
نهض وهدان من مقعده عندما انهى طعامه وذهب للمرحاض كي يغسل يده لكنه صدم بحياة التي صدرت منها صرخت ألم عندما انسكب على يدها كوب القهوة فينتفض جسده بتوجس
_ أني آسف مخدتش بالي.
اغمضت عينيها تحاول تحمل ذلك الألم وغمغمت بوجع
_ حصل خير
انقبض قلبه عندما لاحظ احمرار يدها فامسكها بقلق وهو يقول بخوف
_ الحرج شديد جوي، تعالي نروح للدكتور.
رفضت حياة بإصرار
_ لا أني زينة دي حاچة بسيطة مش مستاهلة
لم يقتنع بحديثها وقال بأمر
_ لا اني لازمن اطمن بنفسي غيري هدومك ويلا نروح للدكتور.
وافقت عندما لاحظت تورم يديها ودلفت الغرفة كي تبدل ملابسها لكنها لم تستطيع
حاولت الضغط عليهم كي ترتدي ثيابها حتى صدحت صرخة ألم جعلته يجفل ويسرع للداخل فيراها واقفة وقد سقطت عباءتها على الأرض ويديها احمرت وتورمت بشكل ملحوظ.
تقدم منها وهو يخفض عينيه كي لا تشعر بالاحراج ورفع عباءتها من الأرض وقال بعتاب عندما وجدها تخفي ذراعيها العاريتين
_ متخافيش اني زي چوزك برضك، خليني البسك.
وافقت حياة على مضد لشدة الألم الذي يشتد بها.
ساعدها وهدان في ارتداء العباءة بحذر ورغمًا عنه سقطت عينيه على ذلك الاحمرار الذي طال كتفها عندما لامسته يده وقال بأسف
_ مكنش جصدي.
وضع الحجاب على رأسها واحكمه جيدًا ثم خرج بها من المنزل متجهاً إلى المشفى القريبة منهم.
____________
ارتبك عامر بشكل ملحوظ وتمتم بثبات
_ جواد؟ انت هنا من ميتي؟
سخر جواد من جده الذي يظن ان والده مازال عاشقًا لها وهو تزوج من غيرها وعشق أخرى
رد جواد بتهكم
_ من اول ما جفلت تليفونك
ثم تركه ورحل
عاد إلى منزله وعينيه تختلس النظر إلى شرفتها المضيئة
نظر في ساعته فوجدها الواحدة صباحًا
ما الذي يشغل تفكيرها وجعل النوم يرحل بسلطانه عنها
عاد لغرفته وابدل ملابسه بمنامة قطنيه ثم استلقى على الفراش وامسك هاتفه ليهاتفها
نظرت إلى الهاتف الذي يعيد رنينه للمرة الثالثة لكنها لم تجيب
كانت تنظر إليه بابتسامة عريضة وقلبها ينبض بعشقه
توقف عن الرنين لكنه صدح معلنًا وصول رسالة، لا ضير في ذلك
تناولت الهاتف وفتحت الرسالة فتجده يخبرها
“ردي يا إما هتلاجيني بخبط عليكي”
شهقة بصدمة وكتبت بغيظ
“يزن نايم جانبي وانت عارف لما حد بيزعجه بيعمل ايه”
“خلاص يبقى ردي وبلاش الراس اليابسة دي عايزك في موضوع مهم”
“عادي لو استنى للصبح انا مش مستعجله”
“بس الموضوع ميتأجلش للصبح لازمن في حموتها إكدة”
“قولتلك لأ وبعدين ايه قصة الفون ده؟”
“ياسمين جالتلي إنك جافلة تليفونك ومش هينفع تفتحيه فكان لازمن أجيبلك غيره تكلمي الچماعة عندكم براحتك”
ضحكت توليب على كلمته
“طيب وليه مسجل رقمك بـ أنا؟”
“أني سجلته وانتي غيري براحتك بالاسم اللي يعچبك”
“ماشي”
“بكرة الصبح على الساعة عشرة إكدة هستناكي جدام الإسطبل رايد افرچك على حاچة إكدة”
“ايه هي؟”
“هتعرفي بكرة، تصبحي على خير”
“وانت من اهله”
اغلقت الهاتف والإبتسامة لا تفارق محياها، تعلم جيدًا بأنها تغامر لكن عليها أن تغتنم تلك اللحظات كي تكون ونيستها في سجنها
ستلغي كل شيء يعكر صفو تلك اللحظات فقد طرق الفرح بابها ولن ترفض ضيافته.
_______________
جلست على المقعد بمساعدته وقد بدأت الدموع تتجمع بعينيها والطبيب يعاين الحروق التي اخذت مساحة كبيرة في يدها وبالأخص أناملها.
بدأ الطبيب عمله وقلبه هو يهدر بوجع عليها
وبعد الانتهاء تحدث بجدية
_ مكدبش عليكم الحرق شديد چوي ومحتاج اهتمام ورعاية وبالاخص اللي على كتفها ودراعها، الادوية اللي هكتبها دي تتاخد بانتظام ومش عايز اي تقصير
عادوا إلى المنزل وقد هدئ الألم قليلاً بعد الأدوية التي أخذتها
فسألها بهدوء
_ الوجع هدي شوي؟
اومأت بصمت فقال بروية
_ طيب جومي نامي جبل ما يتعبك تاني.
ساعدها على النهوض وسار بها لغرفتهم وساعدها على الاستلقاء في الفراش
نظر لملابسها الثقيلة وقال بتردد
_ اخلعي عبايتك دي عشان تجيلة جوي وهتتعب الجرح اللي على كتفك
وافقت مرغمة بسبب عدم تحمل شيء على كتفها المصاب
وساعدها وهدان بحنانه الذي تفاجئت به حقًا واهتمامه الزائد، لم ترى ذلك الحنان ولم تشعر به من قبل ولذلك تركته يساعدها وتنعم هي بذلك الإهتمام
ساعدها على الاستلقاء ثم جذب الغطاء عليها كي لا تشعر بالاحراج منه لكنه ابعدها عن كتفها
_ اچيبلك كباية ماية؟
اندهشت لعلمه بحاجتها للماء فأومأت بصمت وجاءها بالكوب ووضع يده خلف ظهرها كي يساعدها على الاعتدال وباليد الأخرى قرب الكوب من فمها وجعلها ترتوى حتى اكتفت.
اعاد الكوب على المنضدة وسألها باهتمام
_ محتاچة حاچة تاني؟
هزت رأسها بنفي وتتمت بامتنان
_ متشكرة جوي
ابتسم بحب وقال باعتذار
_ على أيه اني السبب في كل ده.
_ لا مش انت اني اللي سرحت وأنا ماشية
رفع حاجبيه بمكر وهو يسألها
_ وكنتي سرحانة في ايه بجا؟
ابتسمت بحب وقالت
_ هتعرف بس مش دلوجت.
زم فمه بمزاح
_ احنا فينا من التشويج ده؟ بس ماشي نصبر شوية.
انتبه الاثنين لآذان الفجر فنظر إليها متحدثًا
_ الفجر وجب ومش هتعرفي تنامي من غير ما تصلي، تحبي اجيبلك الماية اهنه ولا تروحي الحمام.
ازداد احراجها منه وقالت باحراج
_ هروح الحمام احسن
اومأ لها وقام بمساعدتها للذهاب للمرحاض وساعدها أيضاً على الوضوء دون ان يضع الماء على يديها.
وقفت خلفه لتؤدي صلاتها والتي لم تفعلها من قبل وقد كانت هذه فرصته لاقناعها بالصلاة دون أن يحرجها.
وكم شعرت بالراحة والاطمئنان وهي بين يدي الله تصلي بخشوع جعلها تندم على تركها للصلاة كل تلك الفترة
وظلت تشكر ربها على تلك النعمة التي انعم عليها بها وهو الزوج الصالح والذي اخذ بيدها لطريق الحق.
_________________
في الصباح
فتحت توليب عينيها اثر اشعة الشمس التي اقتحمت غرفتها
نظرت إلى يزن الذي استيقظ بدوره ونظر إليها باستياء كحاله دائماً عند الاستيقاظ فقالت توليب وهي تلاطفه
_ أوعى يكون زيك كدة يقوم من النوم مش طايق نفسه.
جعد يزن وجهه أكثر فضحكت وهي تعتذر له
_ متزعلش اوي كدة قوم بقى عشان تغسل وشك وتغير هدومك وتنزل تفطر مع بابا تحت.
تمتم يزن باعتراض
_ معايا.
هزت راسها باسف
_ مش هينفع لإني بفطر هنا، يلا قوم بقى
نهضت به وهي تحمله وابدلت له ملابسه ونادت لياسمين التي اصبحت منطوية تلك الأيام، وليست بحاجة لمعرفة سبب عزلتها
وقف جواد أمام المرآة يعدل ملابسه باهتمام زائد ثم خرج من غرفته فيجدها تعطي يزن لنعمة ثم تعود لغرفتها مرة أخرى.
لم تقبل مطلقاً دعوته لتناول الطعام معهم بل تصر على تناوله في غرفتها وخاصة عندما عادت ترتدي النقاب أمامه، فليكن إذًا ففي خلال اسبوع واحد ستجبر على النوم في احضانه وليس الطعام فقط
حمحم باحراج عندما لاحظت نعمة وجوده فنادى عليه يزن بسعادة وهو يجري عليه
_ بابا
حمله جواد وسأله بلطافه
_ كيفك يابطل؟ نمت زين؟
هز يزن رأسه فتابع جواد
_ وميكنش زين ليه وانت نايم في حضنها اللي ابوك بجاله سنتين بيحلم بيه يا ابن المحظوظ انت
شهقت نعمة بخجل وانصرفت من أمامه فيزم فمه باستياء وقد تناسى تمامًا وجود نعمة
_ استغفر الله العظيم، يلا ننزل الساعة جربت على تسعة.
________________
وقفت توليب بدورها أمام المرآة تعدل من وضع النقاب على جهها وهي تشعر بالسعادة والرضا لما تمر به وتلاشت تمامًا تلك العقبات التي تقف أمامها.
نظرت للهاتف الذي اعلن عن وصول رسالة فقامت بفتحها وكان محتواها
“جاهزة؟”
أومأت برأسها وكأنه واقفًا أمامها وكأن صمتها قد بلغه رسالته فتابع
“انا مستنيكي چانب الإسطبل يلا”
ترددت كثيراً في أخذ الهاتف لكنها أخذته تحسباً لأي ظرف وخرجت من المنزل متجهة إلى الإسطبل فتجده منتظرها بجواره
سارت على استحياء حتى تقدمت وقد اخذ ينظر إليها بعشق حتى دنت منه وقال بمرح
_ عليكي غرامة تأخير خمس دجايج بحالهم.
_ دول مش عليا أنا، دول تحسبهم على يزن لأني هربت منه بمعجزة.
_ ماشي سماح المرة دي يلا.
اوقفته باعتراض
_ طيب قولي الاول هنروح فين؟
طمئنها بابتسامته وصوته الرخيم
_ هتعرفي.
سارت بجواره وهي لا تعرف إلى أين لكن يكفي تواجده معها ولن تسأل عن شيء
توقفوا أمام غرفة صغيرة ومغطاة من كل جانب فتمتم بأمر
_ خليكي اهنه
تقدم هو وحده وجذب ذلك الغطاء والذي سقط معه بسهولة فتظهر أمامها غرفة زجاجية مليئة بالزهور بمختلف ألوانها
أشار لها بالتقدم وفتح بابها ودلف ينتظر دخولها وهي منبهرة بما تراه
اغلق الباب خلفهم ونظر إلى ذهولها برحابة صدر وتمتم بحبور
_ عجبك؟
اجابت ومازات مأخوذة بالمنظر
_ انت بتسأل؟
استند بظهره على الجدار وقال بحب
_ ورد التوليب ده بدأت زراعته من بعد ما شفتك استعنت بمهندس زراعي كبير وهو اللي اقترح إننا نعمله في مكان زي ده يكون مهيألها سواء في الربيع او الخريف، زرعتها بكل ألوانها، لونها الأحمر والأبيض والأصفر ملقتش ألوان تانية عشان ازرعها
تقدم منها وهو ينظر داخل عينيها وتابع بوله
_كنت ديما بحلم بوجودك معاي فيها وكنت بتخيل يدك بتزرع وبتروي فيها
كنت بحلم باليوم اللي القدر ينصفنا فيه ويجمعنا
وضع يده في جيبه ليخرج علبة صغيرة وفتحها أمامها فتتسع شموسها الذهبية بلوعة كادت أن توقف قلبها وخاصة عندما تابع
_ وإني بطلب يدك لأول مرة فيها.
تجمعت العبرات في عينيها وهي لا تصدق ما يحدث معها، هل ذلك الحلم التي عانت من عذابه طوال تلك السنين يتحقق الآن بتلك السعادة؟
حبيبها الذي باتت لياليها تزرف الدمع على عشقٍ لم ينصفه الزمن
هل حقًا يقف أمامها الآن يطلب منها الزواج
هل هو حلم آخر من ضمن قائمة الأحلام التي تزداد واحدًا كل ليلة؟
أم حقيقة وحبيبها يقف الآن وينهى ذلك الشقاء الذين عاناه منها تلك المدة.
_ تقبلي تتچوزيني؟
ازدادت دموعها انهمارًا مما جعله يجفل ويسألها بتوجس
_ طلبي ضايقك؟
هزت رأسها بنفي وقالت ببكاء
_ لأ مضيقنيش بس انا كمان عشت سنين بحلم باللحظة دي بس كنت بقول أنها مستحيل تحصل، وهي فعلاً مستحيل تحصل.
اخفض عينيه وانكمشت يده وقد تلاعبت به الظنون، لن يلومها إن رفضت فمن حقها أن تتزوج رجل كامل وليس به عيب
_ تجصدي يعني عشان ظروف ر….
قاطعته توليب بلهفة
_ أوعى تكمل أنا مش بفكر فيها اصلا عشان تشغلني او اتردد بسببها
اخفضت عينيها بأسف وتابعت
_ بس أنا واحدة متهمة بجريمة عملتها وممكن في أي وقت يتحكم عليا…
قاطعها هو أيضًا بدوره
_ وأني اوعدك إن حاچة زي دي مستحيل تحصل طول ما اني عايش.
تقدم منها خطوة وتابع بثقة
_ ولو وصلت إني احارب الدنيا كلها عشان اخلصك منيها مش هتردد لحظة واحدة وافجي عشان اجدر اساعدك وانتي مرتي إنما كدة كل حاچة صعبة عليا.
تمتمت بألم
_ مش عايزاك تعيش العذاب ده مرة تانية.
تحدث بإصرار وهو ينظر داخل عينيها
_ هعيشه لو حصلك ده واني مكبل ومش جادر اعملك حاچة، لو بجيتي مرتي هجدر اتحرك عن إكدة، وافجي وأني اوعدك إنك مش هتندمي.
_ وأهلي؟
اجاب بحبور
_ الصبح… لاه…. النهاردة بالليل هكون عنديهم واطلبك من أبوكي وخلال اسبوع هيكون الفرح.
قطبت جبينها بدهشة
_ بس اسبوع بدري أوي.
_ خلاص نخليها يومين معنديس اي مانع.
ضحكت توليب وقالت باستسلام
_ لما نشوف بابا الأول هيقول ايه.
اتسعت ابتسامته وهو يحتويها بعينيه
_ كل خير إن شاء الله
رفع يده مرة أخرى بالعلبة وسألها بعبث
_ هتاخديها ولا غيرتي رأيك؟
تهربت بعينيها منه وتمتمت بخفوت
_ هخدها.
ارهف السمع إليها بتظاهر
_ بتجولي ايه مش سامع.
خطفت منه العلبة وقالت بمكر
_ هفكر
خرجت من المكان وخرج خلفها وهو يزم فمه بتوعد لها
_ استني عنديكي رايحة فين؟
اجابت وهي تواصل سيرها
_ راجعة البيت زمان يزن لسة بيدور عليا قلتله هستخبي وانت دور عليا.
سار جواد بجوارها وقال بمكر
_ طيب متيجي نعملها وانتي استخبي في اوضتي واني ادور عليكي.🙈🙈🙈
شهقت بصدمة ولم تجيب عليه وواصلت سيرها حتى وصلت للمنزل.
________________
ظلت حياة في الفراش لا تقوى على النهوض ولم يتركها وهدان لحظة واحدة
وظل يعتني بها باهتمام زائد
دلف الغرفة وهو يحمل طاولة الإفطار
فتقدم منها ليضعها أمامها وقال بيأس
_ يظهر إن اليومين اللي اخدتهم أجازة دول نسوني البيض بيتسلج ازاي.
نظرت إلى الطعام الموضوع على الطاولة الصغيرة بحب وقالت بصبو
_ معلش تعبتك معاي.
رد بصدق وهو يجلس أمامها حتى يطعمها بيده
_ ولا تعب ولا حاچة، هو حد يكره يأكل واحدة حلوة زيك إكدة ده حتى يبجى مبيفهمش.
فتحت فمها بخجل عندما قرب اللقمة من فمها
وتناولتها بحياء جعلته يبعد عينيه عنها وهو يقول بهدوء
_ مش هبصلك عشان متتحرجيش
ابتسمت حياة وقد راقها شعوره بها وقالت بخجل
_ بس اني مش مكسوفة منيك، اني بس خايفة اكون بتجل عليك.
ناولها المزيد وهو يقول بروية
_ ولا بتجلي ولا حاچة دي مودة ورحمة بين اي اتنين متچوزين وبعدين افرضي إن اللي حصل العكس كنتي هتتخلي.
هزت راسها بنفي وقالت بثقة
_ لأ طبعًا لأن ده دوري.
_ يبجى دوري أني كمان ولازمن اواصله
لم تجد الكلمات التي تصف بها مدى امتنانها واكتفت بابتسامة مشرقة اشرقت دنياه فقال بصدق
_ كفاية عليا الابتسامة دي.
انتهت من تناول طعامها فقام بوضعها في المطبخ وعاد اليها ليناولها دواءها ثم جاء موعد الدهان
فتتبدل ملامحها بضيق
_ بلاش ده لأنه بيتعبني جوي.
تناول يدها بروية وهو يقول
_ معلش اتحملي شوية
بدأ يضع الدهان على يدها بخفة كي لا يؤلمها
حتى انتهى منه ثم اشار لها على كتفها
_ خليني ادهنلك كتفك.
سمحت له باستحياء حتى انتهى منه ايضًا
ونهض متعللاً بغسل يده ولكنه نهض كي يستطيع التنفس بعد أن توقف وهو بذلك القرب منها
لن يتحمل ذلك كثيرًا فقد بدأ يفقد سيطرته على نفسه تلك الآونة الأخيرة
وقد ازداد عشقه لها وبدأ يشعر بتجاوبها معه
سينتظر حتى تشفى يديها وحينها سيفاتحها في الأمر.
_________________
وافقت نور على الذهاب إلى الطبيبة بعد أن اصروا عليها للاطمئنان على حال الجنين وقد اصبح الألم مستمر معها حتى اصبح لا يحتمل
فذهبت مع سلمى وكان مراد بانتظارهم في المشفى وقد حجز لهم عند طبيبة مختصة لديهم.
استقبلهم أمام المشفى وعندما رأوه تقدموا منه وأشار لهم بصمت كي يتبعوه حتى وقفوا امام إحدى الغرف
_ السلام عليكم
أجابت الطبيبة التي جلست في انتظارهم
_ وعليكم السلام، اتفضلي يا مدام نور.
جلست نور وجلست سلمى قبالتها وبدأت الطبيبة تسألها
_ انتي في الاسبوع الكام؟
أجابت نور بخجل من تواجد مراد الذي وقف يشاهد ما يحدث
_ تمانية وعشرين.
_ متأكدة؟
اومأت نور بصمت فطلبت الطبيبة معاينتها
نهضت ونهضت معها سلمى لتساعدها وبدأت الطبيبة معاينتها
ظهر القلق على وجه الطبيبة وقالت بعتاب لمراد
_ انت ازاي يا دكتور مراد سايب المدام من غير متابعة الوقت ده كله
_ كانت بترفض تاچي والنهاردة اقنعتها بالعافية
نظرت اليه سلمى بصدمة عندما لم ينفي قرابته بها لكن نور لم تبالي بشئ سوى ابنها
_ خير يا دكتور؟
ردت الطبيبة بحدة
_ المايه قليلة اوي ووضع الطفل مهيئ للنزول في اي وقت
ظهر القلق واضحًا على وجهه وسألها باهتمام
_ طيب نموه مكتمل ولا في أي مشاكل؟
_ النمو كويس بس برضه لو نزل دلوقت هنضطر نحطه في الحضانة واحنا في غنى عن كل ده.
نهضت الطبيبة وعادت لمقعدها وقالت
_ انا هكتبلها على ادوية تساعد معانا ودورها إنها تلزم السرير لحد الفترة دي ما تعدي على خير.
اومأ لها وقد بدأ يشعر بالقلق حقاً
أخذ الورقة من الطبيبة وخرج معهم في صمت مطبق حتى وصلوا للسيارة
وقال بأمر
_ خليكم اهنه لحد ما أجيب العلاج وارچع.
نظرت سلمى لنور التي شحب وجهها وقالت
_ متقلقيش إن شاء الله خير.
لم تجيبها نور وظلت على حالة القلق التي انتابتها حتى عاد مراد وعاد بهم للمنزل
وفور دخولهم قال مراد بأمر
_ استني انا عايزك في اوضة أمي.
انقبض قلب سلمى ونظرت إليه تستفهم منه لكنه تهرب منها وسبقهم لغرفة والدته
أما نور فقد ايقنت بأنها ستتعرض لاتهام اخر منه فذهبت خلفه ودلفت الغرفة لتجده واقفًا ينتظرها وآمال جالسة على الأريكة بوداعه وابتسامة على محياها وعند رؤيتها
_ تعالي يا بنتي
تقدمت منها نور وهي لا تفهم شيء وسألتها
_ خير يا طنط؟
_ خير إن شاء الله، الدكتور مراد طمني عـ اللي في بطنك والحمد لله بس كان رايد يفاتحك في موضوع إكدة.
عادت تنظر اليه بقلق تنتظر حديثه حتى تحدث بثبوت
_ دلوقت كلها أيام وتولدي وطبعاً مفيش حاچة تثبت إن الطفل ده ابن آسر …
حاولت نور قطع حديثه لكنه منعها بلهجة حازمة
_ لو سمحتي متجاطعنيش.
التزمت الصمت وتابع هو
_ ومفيش جدامي حل تاني غير إني اكتب عليكي واسجله باسمي.
اتسعت عينيها بصدمة كبيرة وقالت بعدم استيعاب
_ انت بتقول ايه؟
_ بجول اللي مفيش حل غيره، لو انتي عندك اتفضلي جولي.
هزت راسها بنفي وقالت بحدة
_ معرفش بس اللي انت بتقوله ده مستحيل من كل الجهات واظن انك شيخ وعارف حاجة زي دي.
_ ولإني شيخ وحافظ كتاب ربنا عارف اني بجول ايه، وعارف انه لا يجوز سواء من الزواچ من امرأة حامل وإني انسب الطفل ليا، بس للأسف مفيش حل تاني
_ وانا مستحيل اوافق واخون سلمى
صاح بها مراد وكأنه يعاني أيضًا من ذلك المصير
_ جلتلك مفيش حل تاني، فكري انتي ولو لجيتي جولي.
هزت راسها بنفي
_ معرفش بس أكيد فيه.
جلس مراد على المقعد وغمغم بضيق
_ الطفل عشان يتسجل لازمن يكون فيه عجد صحيح حتى لو كان عرفي، انما اللي معاكي ده مزور يعني ملوش أي قيمة لا شهود حقيقية ولا حتى مأذون حقيقي.
اندهشت نور من كم الخداع الذي عاشت به مع ذلك الرجل وتمتمت بعدم استيعاب
_ اخوك ده كان ايه؟ جنسيته أيه؟ حسابه ايه عند ربنا دلوقت لما ضحك عليا وخلاني صدقته وأوهمني بحب مزيف وهو كان بالدناءه دي
رغم حقيقة الأمر إلا إنه لم يتقبل حديثها
_ اذكروا محاسن موتاكم.
ابتسمت بسخرية وقالت بتهكم
_ محاسن موتاكم ، فين الحسنة اللي عملها عشان افتكرها؟ سنتين وهو بيحوم حوليا وبيوهمني بحب مزيف واحلام وردية وانتي كل دنيتي وكل حياتي وآتاريه كان بيخدعني طول الفترة دي عشان افعال دنيئة عايز يوصلها
ليه؟ اشمعنى أنا؟ ولا عشان احنا غلابة ملناش ضهر ولا سند
ليه انا بالذات مع إن فيه غيري كتير مستعدين يبيعوا نفسهم وولادهم.
ضيقت عينيها بحيرة وتابعت
_ أذيته في ايه ولا جرحته أمتى
غشت عينيها الدموع وتابعت بحزن
_ عشت عمري كله ماشية جانب الحيط ببعد عن المشاكل عشان عارفة إني مش هلاقي حد يحميني ولا يقف جانبي، يمكن عشان كدة اختارني انا
على صوتها وهي تتابع
_ لأني لو شديدة وقوية وليها أب ولا أخ يدافع عنها مكنش عمل فيا كدة، إنما ازاي دي فرصة اعمل فيها اللي انا عايزة وتخلف واخد الطفل منها وارميها في الشارع، تبقى مين دي عشان تقف قصادي
نظرت إلى مراد وأردفت بعتاب مزق قلبه
_ وانت جاي تكمل دوره؟ ولا فرصة انت كمان بدل طفل يبقوا اتنين ومع السلامة بعدها (صرخت به بأعلى صوتها) مش كدة ولا ايه.
نهض مراد ليتقدم منها وهو يقول بهدوء
_ اهدي عشان الانفعال غلط عليكي.
ضحكت نور بهستيرية وتمتمت بوجع
_ الانفعال اللي غلط عليا؟ اومال اللي عملتوه ومصرين تعملوه ده أيه، بس خلاص لحد كدة مش هسمح لحد أنه يلعب بيا تاني
وقبل ان يفهم معنى حديثها وجدها تحطم كوب المياة الموضوع على المنضدة حتى تناثر على الأرض وأخذت القطعة المتبقية في يدها وقربتها من شرايينها وهي تقول بإصرار
_ خلينا نرتاح كلنا
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية التل)