رواية هجران رحيل الفصل الرابع 4 بقلم شامة الشعراوي
رواية هجران رحيل الجزء الرابع
رواية هجران رحيل البارت الرابع
رواية هجران رحيل الحلقة الرابعة
ولجت “نور” إلى غرفة صديقتها “رحيل” فوجدتها تتزين أمام المرآة وتمشط شعرها الذى تركته بسلاسة على كامل ظهرها، فكانت ترتدي ثوب أسود لا يليق إلا بها، فتبسمت “نور” قائلة:
– ماشاء الله شكلك جميل أوى يارحيل.
أجابتها الأخرى بمرح:- طول عمري ياحب.
– تباً لغرورك، وبعدين يلا خلينا ننزل لجدو نكلمه على موضوع الرحلة.
تحدثت “رحيل” وهى ترتدي الاكسسوارات بيديها:
-طب ما تروحي تقوليله أنتى.
– لا يابنتي مش هينفع أكلمه لوحدي وبعدين هو مابيرفضش ليكى طلب.
نظرت إليها وقالت:- ياسلام ياختى ماهو بردو مابيرفضش ليكي طلب ومش بيتاخر عليكي فى اى حاجة أنتى محتاجاها.
– بس أنتى تأثيرك عليه أكبر لأنك أكتر واحدة مميزة عنده.
تبسمت “رحيل” برقة ثم قالت بلطافة:
– حاضر ويلا قدامى خلينا نخلص من زنك الرخم ده.
عبست “نور” من كلمتها فقالت : – بقى أنا زنانه.
– اه.
بعد لحظات كان الجد جالس يقرأ فى إحدى الكتب الأدبية، فجاءت “نور” من خلفه وهى تنوى على فعل شئ مزعج كالعادة،
فصاحت بصوت عالٍ بجانب أذن جدها قائلة:- جددوووووووو.
أستدار الجد نحوها ثم قال:
– حرام عليكى يانور دا أنا مصدقت خلصت من مازن تيجي أنتى تكملي المسيرة بعده.
رددت الاخرى بنبرة مرحة:
-جرا اي ياجدو دا أنت قلبك طلع قلب خصايه على الآخر.
تفوه الجد بنبرة ساخرة:
-خصايه روحى ياشيخه روحى ياشيخه ربنا يسامحك أنتى ومازن ف يوم واحد.
دنت منه “رحيل” وقالت مازحة:
– ايه ياجدو ماله مازن بس دلوقتى ده حتى الواد عسل وفى حاله.
اجابها قائلاً: -عسل بالستر ياختى.
تحدثت “نور” بابتسامة بشوشة:
-خلاص بقا ياحجوج متزعلش بهزر وياك يارمضان.
-هو أنا أقدر اقدر ازعل منك ياجميل.
سرتُ فى نفسها فرحةٌ غامرة فقامت بضمه إليها بكل قوتها وهى تقول:
-ايوه بقى ياجدو ياعسل دا أنت حبيبى أنت.
تبسم تغر الجد وقال مازحاً:
– يابت براحه هتخنقيني عايزة تموتيني بدرى يابنت حنان.
ابتعدت “نور” قليلاً ثم قالت:
-لا بعد الشر عليك من الموت ياحبيبى ربنا يطول في عمرك.
ابعدتها “رحيل” من أحضان جدها و قالت:
-ابعدي كدا وإياكِ تقربى من وهودى دا حبيبى أنا.
ثم قامت هى بضمه إليها وقالت بلطافة:
-مش صح ياجدو أنت حبيبى أنا وبس.
افترّ ثغره عن ابتسامة عريضة ثم قال بحنية بالغة:
– طبعا ياقلب جدك.
نظرت “رحيل” “لنور” وهى ترقص حاجبيها بإغاظة فقالت الأخرى بضجر:
-شوفت ياجدو حبيبة قلبك بتغظني أزاى وبعدين أنت بتحبها هى وأنا لا.
أجابتها “رحيل” بعند: -اه بيحبنى أنا وبس.
نظرت إليها “نور” بوجه غاضب: -ياجدووو.
ضحك الجد “وهدان” على الفتاتين وهما يتصارعون على تلك المحبة، فقال مراضياً لهما :
-تعالى يانور، ثم أخذها بين ذراعيه كما فعل مع الاخرى وقبل رؤوسهما وقال:
– انتو الاتنين بحبكم زى بعض ومفيش اغلى منكم عندي، وخليكم عارفين أنكم ملكات البيت ده، والنور اللى بينوره ولو واحده منكم بس زعلت او حصل ليها أى حاجه القصر بيضلم، وخليكم عارفين بردو أنكم أحلى وأجمل حاجه فى حياتى، دا أنا عايش عمري علشانكم.
تحدثت “رحيل” بتاثر فقالت:
– تعرف ياجدو أني بحبك اوووي ف ربنا يديمك ليا وميحرمنيش منك ولا من حنيتك عليا.
وقالت الاخرى: – وأنا كمان ياوهودى بحبك أوي.
ضربتها “رحيل” بخفة على رأسها ثم قالت بنبرة مرحة:
-بت أنا بس اللى اقوله وهودى سامعه.
أبتعدت “نور” وهى تقول بتلعثم:
-جدو أحنا عايزينك ف موضوع.
نظر إليها الجد من طرف عيناه وقال:
– ما أنا قولت بردو الداخله دي فيها إن وياترى موضوع ايه اللى عيزاني فيه.
نظرت “نور” “لرحيل” بمعني تحدثى أنتي، فقالت الأخرى بكل وضوح:
– الصراحه كدا ياجدو أصحابنا فى النادى عاملين رحلة ف كنا عايزين نروح معاهم.
-وطالعة فين الرحلة دى.
أجابت “نور” بتوتر: -دهب ياجدو.
صاح العجوز منصدماً :- نعم دا ايه ياختي.
أردفت “رحيل” قائلة:
– اه ياجدو دهب وكمان يعني مش هنبقى لوحدنا ماهو معانا بنات رايحين.
الجد:- و دى هتقعد قد اي يارحيل هانم.
-أسبوعين ….أسبوعين بس ياجدو.
تفوهت “نور” بنبرة ممتزجة بالعطف:
– اه والله وافق بقى وخلينا نفرح.
– ولو موافقتش هتزعلوا يعني أنتو مش واخدين بالكم أن هى أسبوعين واحنا من امتى بنخلى واحده فيكم تبات بره من أصله.
-ياجدو ياحبيبى دى مره من نفسنا واحنا بقالنا كتير مخرجناش خروجه زي دي.
الجد: -لا مش موافق.
هتفت “رحيل” بترجى وقد ألتمعت عيناه بالدمع المزيف:
– علشان خاطرى ياجدو ما تحرمناش من الخروجة دي.
“نور”:- بالله عليك وافق بقى.
فقالت الأخرى بإصرار مبالغ :
-يلا بقا ياوهودى وافق علشان خاطرنا.
-لا يعنى لا .
أردفت “رحيل” بنبرة حزينة مصطنعة:
– بقا كدا ياجدو امال عمال تقولنا أنتو أغلى اتنين عندي وأنك بتحبنا فين الكلام دا بقى وأنت بتكسر فرحتنا بعدم موافقتك على الرحلة.
تفوهت “نور” بنفس اللهجة : -اه ياقلبى ياللى اتكسر يانى.
نظر إليهما الجد بفم مفتوح من تمثيلهما الواضح:
– لا براف مشهد هايل، ثم ضحك قائلاً:
-دا أنتو زنانين أوى.
ضحكت “رحيل” بنبرة عالية و التمعت عيناها الزرقاء بشدة، فقالت وهى تقبل جدها:
– بحبك ياوهدان.
تبسم الجد وقال بمرح:- لمضه هانم ارتحتى دلوقتى يارب تكونوا مبسوطين، دا على كدا بقى لو كنت رفض كنتوا هتزعلوا صح.
-صح.
هتفت “نور” بصوت مرتفع نسبياَ:
– يعيش ويحيا وهودان بيه.
فأخذت “رحيل” تردد معاها وهما يذهبوا إلى الخارج، يعيش وهدان يعيش وهودى يحيا العدل، فضحك العجوز على هيائتهم المضحكة وفى هذا الوقت جاء “حمزة” وهو ينظر لاثرهم بحيرة فقال:
– هما مجانين العيله دول مالهم.
– فرحانين علشان وافقت أن هما يسافروا.
-يسافروا فين !.
– رحلة تبع النادى طالعه دهب أسبوعين واصحابهم كلهم رايحين وهما عايزين يروحوا معاهم.
-أزاى بس يابابا توافق ع طلب المجانين دول.
-ما أنا مقدرتش الصراحه أرفض ليهم طلب.
رد “حمزة” ضاحكاً: -هما اشتغلوك يابابا .
تبسم الجد بهدوء ثم قال :
– ما أعمل إيه اي لبنتك وبنت أخوك اللمضه التانيه اللى اتمسكنت لحد ما اتمكنت وأنت عارف إن بضعف قدام عيونها الحلوين.
تفوه “حمزة” باسماً:
– رحيل دى مشكلة وأنت بقا هتقدر ع بعدهم أسبوعين دى لوحده منهم اتأخرت برا بتبقى هتتجنن عليها.
– أهم حاجه أشوفهم فرحانين قدامى وبعدها كل شئ يهون.
بعد عدة ساعات ..
كانت “نور” تهمس “لرحيل” قائلة بسعادة:
-تعرفى أني بجد فرحانة أن جدك وافق على السفر واخيراً هنسافر لوحدنا.
أنتبه “مراد” لهمسها فسمع كلماتها الاخيرة فقال متسائلاً:
-مين دا اللى هيسافر.
أجابته شقيقته برقة:- أنا ورحيل ياابيه هنسافر.
-نعم تسافروا ! وعلى فين العزم إن شاء الله.
رددت عليه “رحيل” دون أن تلتفت نحوه: – رايحين دهب.
تحدث فى هذة اللحظة “مازن” بفرحة عابثة:
-الله دهب أنا جاى معاكم قوليلي بقى هنقعد هناك كام يوم ها ها.
أردفت “رحيل” بهدوء :-هنقعد أسبوعين.
-العب بس استنى انتو رايحين لوحدكم.
ألقت “نور” ناظرة خاطفة إليه ثم قالت:
-لا يامازن دى رحله طالعة ف النادى مع أصحابنا.
تحدث أخيها بعدم موافقة:- مفيش مرواح فى حته يانور.
بُهت وجه الفتاة فقالت منزعجة:
– ليه بس كدا ياابيه.
– أنا قولت كلمتي مفيش سفر فى حته مفهوم.
تحجرت الدموع فى عيناها فقالت بنبرة مختنقة:
-علشان خاطرى يامراد وافق.
قطب جبيناه وقال غاضباً:
– أوافق ايه يااستاذة أنتى بتقولى رحلة لدهب وطالعة تبع النادى واكيد فيها زفت شباب و..
أوقفته “رحيل” عن الحديث قائلة:
– لكن فيها بنات طالعين وبعدين احنا اخدنا موافقة جدو.
– وأنا قولت لا.
رددت عليه الأخرى بتحدي:
-وأنت مالك بتدخل فى اللى ملكش فيه ليه وبعدين أصلا أنت بترفض على أساس اي.
نظر إليها بعينان تتقدان غيضاً فقال بنبرة حادة:
-لا ليا يا أستاذة رحيل ومتنسيش أني ابن عمك الكبير وليا كلمة عليكى فاهمه.
زاد تمردها فأجابت بنفس الغضب والحدة:
-لا مالكش كلمة عليا ليك على أختك وبس و بعدين أنت فاكر نفسك ايه أصلا علشان تقولى لا وترفض.
تفوه أبيها بتحذير قائلاً:
-رحيل أخرسى ومسمعش صوتك واحترمي الموجودين.
ثارت “رحيل” غاضبة من ذاك المتحكم فصاحت متحدثة دون أن تنتبه إلى نبرة صوتها العالية:
– لا يابابا معلش حضرتك أنا مش هسكت هو ملهوش حق يتكلم معايا بالطريقه دى هو فاكر نفسه ايه يعنى.
غضب “سليم” من نبرتها فرفع يديه ليضربها، لكن منعه “مراد” قبل أن يفعل شيئاً سيندم عليه.
فنظرت إليه “رحيل” بصدمه وقد ترقرقت عيناها فهى لم تصدق ما حدث للتو، فهذة المرة الأول التى يرفع بها والدها يديه كى يضربها، وكل هذا بسبب ذاك المراد الذى تكن له مشاعر كارها، فأتاها صوته الذى تبغضه قائلاً:
-عمى أرجوك اهدى الموضوع مش مستاهل أنك تتعصب بالشكل ده وبعدين ماينفعش تضربها.
أحكم “سليم” قبضته حول ذراع أبنته وقال بانفعال:
– الظاهر أني دلعتك زيادة عن اللزوم وبقى صوتك يعلى عليا …ومن هنا ورايح ابن عمك الكبير له الحق أنه يدخل ف أى حاجه تخصك وكلمته هتبقى مسموعه وهتمشي عليكى فاهمه ياهانم.
رجت الصدمة كيانها فأغمضت عيناه بقوة فقام والدها بهز جسدها بقوة أوجعتها ثم قال:
– مش بكلمك أنا ردي عليا.
أردف “مراد” باختناق:
– عمى سليم مش كدا سيبها لو سمحت.
دفع “سليم” أبنته التى كادت أن تسقط أرضاً فقال:
– على فوق ومشفش خلقتك قدامى يلاااااااا.
فزعت من حدته، وأثناء مرورها من أمامه وقفت مقابل “مراد” وقالت بنبرة متحشرجة من أثر اختناق البكاء:
-أنا بكرهك يامراد ومكرهتش حد فى حياتى قدك، أنهت جملتها ثم هرولت إلى غرفتها.
فنظر الآخر لاثارها بحزن وقد احس بوخزه قوية فى صدره،
فتلك الكلمة أخذت تتردد فى أذنيه شعر وكان خنجراً طُعن فى قلبه، فهذة الكلمة كانت كفيلة بأنها تكسر قلبه وتفتته إلى قطعٍ صغيرة.
تحدث الجد مستنكراً لما حدث:
– مكنش يصح اللى أنت عملته دا ياسليم.
أجابه بتهكم قائلاً :
-يعنى حضرتك ماشوفتش الهانم أزاى بتزعق وبتعلى صوتها عليا ومحترمتش وجودى قدامكم كأني مش عاجبها ومعملتش أى احترام لأى حد من اللى قاعد.
أردف الجد معاتباً:
-عارف أنها غلطت بس بردو مينفعش أنك ترفع أيدك عليها.
تحدثت “صفا” بكل بقسوة وبرود :
– المفروض كان ضربها وأداها قلمين على وشها ع قلة أدبها دى.
نظر إليهم بعدم رضا ثم قال:
-أنا هقوم أنام احسن دا أنتم مفيش فيكم أى فايدة وأنتى ياصفا بلاش معملتك دى لبنتك.
رددت متعجبة:
-يعنى هو أنا عملت ليها حاجة، وبعدين يابابا رحيل مدلعة زيادة عن اللزوم وحضرتك السبب فى دلعها ده.
ضرب كف على كف وهو يقول :
– لا حول ولاقوة إلابالله عايزانى أبقى قاسي زيك عليها ولا أبقى زى التانى اللى مش بيسأل فيها من أصله والله البت دي خسارة فيكم.
**********************************
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هجران رحيل)