رواية جبروت الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم أسماء أبو شادي
رواية جبروت الجزء الحادي والخمسون
رواية جبروت البارت الحادي والخمسون
رواية جبروت الحلقة الحادية والخمسون
نظـر عمـر إلى ريتـال بعـد صمـت دام لدقيقـة وهـم يقفون في وسـط الأراضي الزراعية..
قـال: تمام يـا ريتـال معنديـش مانـع لـكل ده ، بـس في حاجـة اعتبريهـا شرط او طلــب او زي مــا تحبــي تشــوفيها شــوفيها ، انتي هتيجــي مــن الشرقيــة للقاهـرة على بيتـي.
ريتال بدهشة واستنكار : ايه !
عمر بأبتسامة جانبية واثقة : هتعيشي في بيتي يا قلبي ، بيتنا احنا الاتنين .
ريتال برفض : عمر انت عارف انه مينفعش.
عمـر : لاء ينفـع و ينفـع جـدا كـمان ، بـصي يـا ري ري قلبـي انـا وعدتـك مـش هضغـط عليكي في الجـواز تمام ، و انـا اهـوه بـوفي بالوعـد وبخـيرك يـا نتجـوز يـا تعيشي معايـا في نفـس المـكان و طبعـا الحـال على ماهـو عليـه إلى أن يشـاء اللـه ، بـس تكـوني ادام عينـي و نايمة في نفـس المـكان اللي انـا نايـم فيـه ، غـير كـدة معنديـش كلام.
نظــرت ريتــال إليــه بحنــق وهــي تحــاول اســتحضار برودهــا او إخفــاء انفعالاتهــا لكن دون جــدوى: وان رفضــت الاختيــارات دي كلهــا؟
عمـر بأبتسـامة متسـلطة: حقـك طبعـا ، وحقـي انـا كمـان اسـتخدم حقـي كـزوج شرقـي اصيـل و افـرض عليكي رأيـي اللي انـا شـايفُه مناسـب.
لتسأله بأستنكار : عمر انت بتهزر صح؟
امسـك يدهـا برفـق و وضـع راحـة يدهـا على شـفتيه و قبلهـم قُبلـة حانيـة : لا يـا ري ري قلبـي ، انـا بتكلـم جـد ، وحاليـا لازم نرجـع يـا روحـي علشـان تلحقـي تحضـري شـنطتك لأنـك هتمشـي معايـا دلوقتـي و القـرار هيتنفـذ مــن النهــاردة ( واكمــل بنظــرات وضحــت لهــا مــدى إصراره وهــو يضغــط على الحــروف ) و الليلــة دي هتنامــي في بيتــي بيتــك بيتنــا ، نفــس المــكان اللي انـا فيـه يـا عمـري و ملكـة حياتي.
وســحبها خلفــه دون أن يعطيهــا اي فرصــة للــرد ولم يبالي للغضب الــذي ارتسـم على محياهـا فهـو يسـتطيع إزالتـه و تبديلـه للسـعادة ، ولكـن ليـس الان والوقــت لا يناســب و المــكان لا يســمح بذلــك و الفلاحيـن يراقبونهــم مـن بعيـد.
اقــترب بــدر منهــم ومــازال لا ينظــر الا إلى ليلــه ولكــن انتبــه ان احــدا مــا سـحبها خلفـه ليخفيهـا عنـه ، شـخص لا يعرفـه لمـس حبيبتـه ، امسـك يدهـا و قربهــا منــه و هــي كانــت تقــف مجــاورة لــه ، لم تعـتـرض على لمسـتـه لها ولم يعتــرض شــقيقها و كل هــذا في منزلهــا امــام الجميــع ، بينما هــو محــرم عليــه الاقتــراب منهــا ، رؤيتهــا محرمــة عليــه..
اول مــن تحــرك ليقابــل بــدر كان مــروان ..
مروان بلهجة ليس بها أي ود: جاي هنا ليه يا بدر؟
بقـت نظراتـه مثبتـه على مـن تـكاد تختفـي خلـف شـخص هـو لا يعرفـه وليـس فقـط عينيـه بـل حتـى أذنـه وكل حواسـه فقـط على حبيبتـه ، حتـى يديـه تريـد أن تتمـرد على كل شـئ و تجذبهـا لكـي يحتضنهـا
ليكررمروان سؤاله بصوت مرتفع: جاي هنا ليه يا ابن الشرقاوي؟
اقتربت ماريا منه بعد أن رأته فقد هدوئه المعتاد: مروان اهدى.
نطــق ادم بلهجــة تخبــر مــن يعرفــه ان هــذا شــخص غـيـر الــذي يعرفونــه: ماريــا خــودي ليلــه و ادخلــي جــوا.
أمسكت ليله ذراع ادم برفق وهي تحاول ان تجعله يلتفت لها: ادم.
لم يلتفـت إليهـا و لم تتزحـزح عينيـه عـن عينـي بـدر الـذي يختلـس النظـرات إلى ليلـه ، وتحـدث بصـوت مرتفـع هائـج: ادخلـي جـوا يـا ليلـه ومتنطقيـش حـرف واحـد.
كانـت كلـمات ادم كجلـد بالسـوط على قلـب بـدر الـذي ابتسـم بـألم وهـو يتحـدث بلهجـة ليـس بهـا أي روح : بقيتـي ملـك لحـد غيـري ، بعـد كل اللي فــات واللي حصــل والبعــد و الغيــاب و العــذاب ؟،، تروحي لحد غيري ؟ دا انا كان لســه عنــدي امــل ، امـل أستكترتيه عليـا و قتلتيـه بـدون ماتفكـري في حبـي ليكي او قلبـي اللي بيوجعنـي في كل لحظـة انـا بعيـد فيهـا عنـك.
مروان وهو يحاول دفع بدر: اخرس وامشي من هنا حالا.
امسـك بـدر بيـد مـروان دون أن يحـاول ابعـاده او إيلامه ، فقـط مسـكها بقــوة: انــا همشـي و اطمنــوا مــش راجــع تاني ، عيشي حياتــك و كمـلي طريقـك اللي بدأتيـه بـدون مـا تفكـري في القلـب اللي كسرتيـه يـا ليلـه.
عنــدما نطــق اســمها مرة أخرى اقـترب ادم منــه و في لحظــة كان يلكــم بــدر في وجهــه حتــى كاد يقــع على الارض وهو يخبره بصيـاح: متنطقـش اسـمها على لسـانك ولا حتـى تتكلـم معاهـا ، عينيـك دي هفقعهالـك لـو بصتلهـا كـدة تاني .
حاوط مروان ادم سريعا حتى يمنعه من التهور: بس يا ادم.
كان بالحديقـة بضعـة أشـخاص مـن الجيـران و الاقـارب ومعهـم سـالم الـذي لم يكـن منتبهـا لمـا يحـدث ، التفتـوا جميعـا على الصـوت أثـر صيـاح ادم.
اقتربت ليلـه سريعـا وهـي أيضـا تحـاول جـذب ادم بعيـدا: ادم بليـز اهـدى و تعالى معايـا ندخـل جـوا.
وقـف بـدر بثبـات دون أن تؤثـر بـه لكمـة ادم: شـايفة حبـي ليكي وصلنـي لإيـه ؟، بـس متقلقيـش زي مانسـيتيني هنسـاكي ، انتـي انتهيتـي يـا ليلـه و حبي ليكي انتهـى حتـى لـو وصـل الحـال اني اقتـل قلبـي علشـان ماينبضـش بحبـك تاني ، أتمنالك السـعادة اللي ضاعـت منـي بعـد مـا انتـي غيبتـي عنـي ، آخـر طلـب هطلبـه منـك سـامحيني على جرحـي ليكي ، صدقينـي وجعـك وقتهـا مـا يجيـش ذرة مـن وجعـي دلوقتـي.
ليلــه وهــي تمسك بيــد ادم الــذي يطلــق الشــتائم ويحــاول الاقـتراب مــن بـدر: حتـى أمنيتـك ليـا مـش عايزاهـا ، ولـو على موقفـك معايـا وقـت القرف اللي حصــل ، اطمــن الموضــوع اصلا انتهــى وكل اللي حصــل بقــى ماضي مايشـغلنيش ومافيـش في قلبـي حاجـة منـه علشـان اسـامح او مسـامحش ، انـا الحمـد للـه ربنـا عوضنـي خيـر عـن كل اللي حصـل و رزقنـي بالـزوج اللي اتمنـاه و بحمـد ربنـا على كل حـال لانن فعلا ربنـا كريـم اوي.
كان سالم في ذلك الوقت اقترب و وقف حائلا بينهم جميعا وبين بدر وتدخل قائلا بعد أن تـرك ابنتـه تـرد على مـا نطـق بـه: بـدر خلـص الـكلام ، واتفضل امـشي مـن هنـا و مـش مسـموحلك تقـرب مـن اي مـكان فيـه بنتـي بعـد كـدة ، والا وقتهـا مـش هسـكت و هقلـب الدنيـا كلهـا عليكـم وانـت اللي بـدأت بالمشـاكل لمـا تيجـي في وسـط بيتنـا و تتكلـم مـع بنتـي بالشـكل ده أدام جوزهـا.
نظـر إليهـم جميعـا و قبـل أن يرحـل نظـر إلى ليلـه نظـرة وداع و لكـن هـي لم تكـن تنظـر اليـه بـل كانـت تنظـر إلى ادم وعينيهـا تفيـض بالمشـاعر ، تنظـر اليــه و كأنــه الرجــل الوحيــد في العـالم ،نظــرة لم يراهــا هــو في عينيهــا إليــه ابــدا ، نظـرت تخقـره بأنـه الافضـل ، خـرج بعـد ذلـك دون أن يلتفـت خلفـه ونظـرة ليلـه إلى ادم لا تفارقـه ابـدا.
التفـت سـالم إلى أولاده ( مـروان و ليلـه وادم و ماريـا ) يـلا ادخلـوا علشـان تتغـدوا و اتصلـوا على عمـر و ريتـال اسـتعجلوهم ايـه مـش حاسيـن بالجـوع ؟ طـول النهـار واقفيـن على رجليكـم؟
ماريــا بمــرح تريــد تغيـيـر الاجــواء: واللــه يــا عمــي همــوت مــن الجــوع ، خــلاص مــش قــادرة.
دخـل عمـر وهـو مـازال يمسـك بيـد ريتـال رغـم محاولتهـا ان تسـحب يدهـا منـه أكـثر مـن مـرة : عمر احنـا وصلنـا سـيب ايـدي بقـى.
رد عليها ببرود يجعل ريتال تستشيط: لا يا عمري انا مرتاح كدة.
رأتهم ماريـا لتسألهم بمرح : عمـر و ريتـال وصلـوا مـش محتاجيـن نتصـل بيهـم ، ايـه يـا عشـاق خلصتـوا مشـي؟
نظـرت ريتـال إلى وقفتهـم و انتبهـت إلى انهـم ليسـوا على طبيعتهـم: في ايـه مالكم؟
ســالم: مافيــش حاجــة كنــت لســه بقولهــم يتصلــوا بيكــم علشــان الغــدا تلاقيكم جوعتــوا مــن تعــب اليــوم ، و اهــو النــاس الحمــد للــه كل واحــد اخــد نصيبــه و خلصنــا يــلا انتــوا بقــى اتغــدوا.
دخلـوا جميعـا إلى المنـزل و تناولـوا الطعـام وسـط الضحـك والمـرح دون أن يبالـوا لمـا كان يحـدث منـذ قليـل ، وظـل ادم يتبـادل النظـرات مـع ليلـه في عشـق ينبـت في قلبهـا لـه وهـو يزيـد عشـقها في قلبـه إلى حـد لا يسـتطيع وصفـه او تقديـره.
بعـد الغـداء.. أخـبر عمـر الجميـع بـأن ريتال سـوف تذهـب معـه إلى القاهرة لـضرورة حضورهـا لاجـل عملهـا بجامعـة القاهـرة ، و بالطبـع اسـتغربوا ذلـك و مـا زاد اسـتغرابهم هـو أنهـا سـوف تعيـش معـه بمنزلـه و قد أخبرهم تلك المعلومة وهو ينظر لريتال بتحدي أن تعترض
ادم : عمر انا مش فاهم حاجة.
عمر بأبتسامة : ايه اللي انت مش فاهمه؟
ادم متسائلا بضيق : انتوا نويتوا تلغوا موضوع الفرح يعني ولا ايه وتعجلوا بجوازكم؟
عمـر: لاء طبعـا هنعمـل فـرح بـس لسـه ميعـاده متحـددش وهيتحـدد بعـد مـا ريتـال تسـتقر في القاهـرة ، ولحـد مـا ييجـي الميعـاد ده ريتـال هتعيـش في بيتهـا معـززة مكرمـة ، ( وأضـاف بلهجـة اخبـرت ادم مـاذا يقصـد او مـن يقصــد ) ريتــال مــش اي حــد يــا ادم ، دي الدكتــورة ريتــال المهــدي و ده كفيـل بأنـه يخلينـي اكـون حريـص جـدا على حمايتهـا.
تنهد ادم وهو يقبل بالامر دون اقتناع : لو ريتال موافقة يبقى تمام .
عمــر وهــو ينظــر إلى ريتــال بنظــرات عشــق ولكــن لا تخلــوا مــن التهيمن : ريتـال الحمـد للـه وافقـت لأنهـا اقتنعـت بوجهـة نظـري ، وأن شـاء اللـه بعـد مـا نـشرب الشـاي هتقـوم تجهـز نفسـها علشـان تمشي معايـا.
بعـد سـاعة كانـت تجلـس بجـواره في السـيارة التـي يقودهـا السـائق الخـاص ب عمـر وخلفـه الحراسـة الخاصـة بـه و تـرك مـن كانـوا مـع ريتـال في القرية و أمرهـم ان يبقـوا أعينهـم مفتوحـة على المنـزل ومـن بـه و حمايتهـم مـن اي شـئ.
اطاعتـه و عـادت معـه إلى القاهـرة ولكـن بداخلهـا غيـظ شـديد مـن نفسـها لأنه كان بأمكانهـا الرفـض ولكـن ، ولكـن مـاذا ؟؟؟ ، لا تعـرف هـي فقـط اطاعتـه ولا تعلـم هـل لأنه لم يعطيهـا فرصـة للرفـض ام ان مـا يفعلـه لا يضايقهـا مـن الاسـاس ، بـل انـه اسـعدها بقـراره ذلـك ، ولكـن لا يهـم لمـاذا ، المهـم أنهـا اطاعتـه ، وهـو كان سـعيدا لذلـك ولم يحـاول إخفـاء سـعادته عنهـا.
في منزل عائلة حسين الشرقاوي:
دخـل إلى المنـزل ليـلا و هـو متعـب إلى الغايـة ، ذهابـه إلى منـزل ليله اسـتنفذ كل طاقتــه ، صعــد الــدرج ببــطء وهــو يشــعر أنــه حتــى لا يســتطيع رفــع قدميـه ، وجدهـا تنتظـره جالسـة على الـدرج ويبـدو أنهـا تجلـس منـذ مـدة ، تجاهلهـا وهـو يمـر كأنـه لم يراهـا ولكـن هـي لم تتجاهلـه.
دعـاء: اخـيرا جيـت يـا بـدر ( بالطبـع لاحظت حالتـه و علمـت أنـه علـم بـزواج ليلـه ولكنهـا لم تهتـم ببسـاطة لم تعـد تهتـم بأحـد او لأحـد سـوى ابنتهـا وكفـى ) عملـت ايـه في اللي اتكلمنـا فيـه امبـارح؟
ليجيبها بصوت خافت : بعدين نتكلم.
دعـاء بعيـون لامعة و خـوف من ان ينتهـي حلمهـا بالهـروب مـن كل ماحولهـا: لاء احنـا اتكلمنـا وخلصنـا كلام.
بدر: اطمني ، ليله خالص بح ، مافيش.
لتخبره بقهر : انـا ماليـش دعـوة ب ليلـه ، هـي عندهـا اب وام و اخ يقفـوا جنبهـا و غيـر انهـا مـش انـا ، ولا انـا عمـري هكـون زيهـا ، انـا بتكلـم عنـي انـا وبنتـك ، ارجـوك يـا بـدر لمـرة اعمـل لينـا حاجـة بـس ارجـوك.
نظـر إليهـا بـألم ، ذنـب آخـر مـن ذنوبـه ، دعـاء منـذ دخولهـا إلى هـذا المنـزل لم يــرى منهــا شــئ ســيئ ولكــن وجودهــا بحياتــه هــو الســوء بذاتــه ، هــل يخذلهــا في طلبهــا كــما خــذل حبيبتــه ســابقا و خذلــه القــدر بــأن حرمــه منهـا ؟ ولكـن الم يكتفـي مـن الخذلان؟
بـدر بصـوت خافـت يغلفه الجمود : جهـزي نفسـك الصبـح هاخـدك انتـي و زينـة مـن هنـا.
@@@@@@@@@@@@@@
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جبروت)