روايات

رواية شمس ربحها القيصر الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر البارت الثاني والعشرون

رواية شمس ربحها القيصر الجزء الثاني والعشرون

رواية شمس ربحها القيصر
رواية شمس ربحها القيصر

رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الثانية والعشرون

” ما هذا الهراء الذي أسمعه ..؟! هل جننت يا فتاة ..؟!”
قالتها مها بصوت خرج عصبيا بشدة بينما أكملت شمس بنبرة جاهدت أن تكون طبيعية :
” لا تتغابي في تصرفاتك يا ربى .. لقد ذهب ذلك الوغد ولن يعود ابدا ..”
قاطعتها ربى وهي تعقد ذراعيها امام صدرها تهتف بقوة :
” ولكني أريد منه أن يعود ..”
تقدمت والدتها نحوها بغضب لا ارادي وجذبتها من ذراعها تهتف بها بتحذير شديد :
” حذاري مما تفكرين به يا ربى .. إبعدي تلك الأوهام عن عقلك الصلد وإلا ..”
قالت شمس بسرعة وهي تجذب والدتها من كفها تحاول تهدئتها :
” ربى لن تفعل أي شيء يا ماما .. هي فقط غاضبة لا أكثر .. عندما تهدأ ستنسى كل ما قالته .. ”
قالت والدتها بجدية :
” أنا أعرف أختك أكثر من أي أحد .. عندما تضع شيئا في رأسها تنفذه .. وعندما تكره أحدا تكرهه ..”
قالت جملتها الأخيرة وهي تنظر إتجاه ربى التي ردت بنفس القوة :
” ونسيتِ شيئا آخرا يا ماما .. لا أتنازل عن حقي وحق عائلتي مهما حدث ..”
اندفعت مها تصيح :
” وكيف ستأخذين حقك يا ربى ..؟! بالزواج من إبن عمك ..؟! بهذه الطريقة يا ربى ..؟!”
” بأي طريقة ممكنة .. وطالما لا توجد طريقة غير هذه فلمَ لا ..؟!”
قالتها بجدية لتصيح بها شمس لا إراديا :
” هل تظنين إنك سوف تستعيدين حقنا بهذه الزيجة ..؟!ماذا تعرفين أنتِ عن ابن عمك يا ربى ..؟! تتحدثين وكأن زواجك منه سيصب لصالحك حقا .. وكأن إبن عمك مجرد شاب مطيع سيعيد لك ولنا حقنا الضائع ..”
ردت ربى بعناد:
” انا أعرف ماذا أفعل .. لا تتدخلي في أموري يا شمس ..”
” مالذي تغير الآن يا ربى ..؟! لقد توفي والدك منذ أكثر من عام .. لماذا تذكرتِ الآن أمر الميراث ..؟! ”
أجابت ربى بهدوء :
” لإني وقتها لم يكن لدي طريقة تعيد لي حقي .. الآن وجدت الطريقة فلمَ سأنتظر ..؟!”
عادت والدتها تضغط على ذراعها تهدر بها بقسوة :
” أنت جننتِ حقا .. لا أريد سماع هذا الكلام مرة آخرى .. هل فهمت ..؟!”
” اتركيني ..”
قالتها بضيق وهي تحرر ذراعها من كف والدتها وتندفع نحو الطابق العلوي حيث غرفتها ..
اتجهت شمس خلفها بسرعة لتجدها تغلق الباب خلفها بعنف ..
زفرت أنفاسها بضيق ثم وقفت بجانب الباب تنتظر أن تهدأ أختها قليلا قبل أن تتحدث معها لكنها فوجئت بها تغلق الباب بالمفتاح لتغمغم بضيق :
” كم أنتِ عنيدة يا ربى .. !!”
……………………………………………………………

 

 

 

دلف قيصر الى صالة الجلوس ليجد والدته وحوراء هناك مع زوجة عمه وغيث ..
ألقى التحيه بهدوء ثم اتجه نحو زوجة عمه وإحتضنها قبل أن يتقدم نحو ابن عمه الصغير ويحييه محتضنا إياه ..
جلس بعدها معهم ليهتف بغيث :
” كيف حالك يا غيث ..؟! ”
أجاب غيث بجدية :
” بخير يا قيصر وماذا عنك ..؟!”
” عمو قيصر ..”
قالتها والدته ليبتسم قيصر على ملامحه التي بدأت تنضج ويجيب :
” بخير يا غيث .. ”
ثم سأل زوجة عمه :
” أين تلك الصغيرة يا زوجة عمي ..؟!”
ردت وهي تبتسم بهدوء :
” في جناحها .. ستنزل حالا ..”
اومأ بتفهم وأكمل :
” قرار جيد إنكِ قررت الإستقرار هنا .. لا داعي لمزيد من الغربة ..”
وافقته علياء :
” معك حق .. الأولاد يكبرون ويحتاجون لوجود العائلة حولهم ..”
أكملت وهي تتنهد :
” فقط رانسي منزعجة كثيرا من عودتنا فهي لم ترغب بترك هناك ابدا ..”
مط غيث شفتيه وهو يقول :
” ابنتك لا تريد ترك أصدقائها ومدرستها مع إنهم لا يطاقون ..”
رفع قيصر حاجبه متسائلا :
” ألست في نفس مدرستها ..؟! ”
اومأ غيث برأسه وهو يجيب :
” نعم في نفس المدرسة لكنني لا أختلط مع أصدقائها فهم تافهون للغاية ..”
حذرته علياء :
” لا تتحدث عن الآخرين بهذه الطريقة يا غيث .. عيب حقا ..”
ضم شفتيه بعدم رضا بينما ابتسم قيصر وهو يشير الى زوجة عمه :
” يبدو إن أحدهم نضج مبكرا وبات يرى جميع من في سنه تافهون ..”
ابتسمت علياء بينما رد غيث مبررا :
” كلا هم فعلا تافهون .. ”
قاطعته والدته :
” غيث ..!! ماذا قلت أنا ..؟!”
أجاب بإقتضاب :
” قلت الحقيقة لا غير ..”
” ابنك ليس هينا يا علياء .. طريقته في الحديث تسبق سنه ..”
قالتها كوثر بجدية لتجيب علياء :
” ابناء هذا الجيل جميعهم هكذا .. يكبرون قبل آوانهم .. ”
دخلت لميس مع أختها لتلقي التحية بينما سارت رانسي نحو قيصر لتحييه حيث إحتضنها بحب وهو يهتف :
” ما كل هذا الجمال يا فتاة ..؟! أرى إنك تغيرت كثيرا في تلك الأشهر المعدودة التي لم نراكِ فيها ..”
ابتسمت بسعادة وهي تجيب :
” هذا من ذوقك يا قيصر .. ”
” عمو قيصر ..”
قالتها علياء بتنبيه لتزم رانسي شفتيها وهي تهتف بوالدتها :
” أحب أن أناديه هكذا ..”
ربت قيصر على شعرها مرددا بجدية :
” ناديني كما تحبين يا رانسي ..”
ضحكت رانسي وهي تجلس بجواره بينه وبين لميس بينما تقدم فادي بعد مدة ليجدهما يتحدثان في مختلف المواضيع فيلقي التحية بهدوء ثم تلتقي عيناه بعيني أخيه الذي أشاح بصره عنه بعد لحظات مكملا حديثه مع لميس ليزفر أنفاسه بإحباط قبل أن يخرج بعد لحظات من المكان متحججا بحاجته للنوم ..
………………………………………………………………..

 

 

 

في صباح اليوم التالي ..
دلفت شمس الى الشركة بخطوات ثابته ثم صعدت الى الطابق الذي يوجد به مكان عملها ..
بعد مدة كان تعمل على قدم وساق وقد نجحت في إخفاء توترها وخوفها البديهي من وجودها مع فادي في نفس المكان مكررة كلمات قيصر داخل عقلها مرارا كي يترسخ للأبد ..
نظرت الى أحد المهام الجديدة الموكلة إليها بضيق وهي تفكر إن العمل مرهق للغاية في هذه الشركة ..
في الحقيقة العمل مرهق للجميع فالموظفين القدامى يبذلون جهدا خرافيا لكنها علمت إن راتبهم الشهري عالي لدرجة تجعله يستحق هذا الجهد الذي يبذلونه ..
ورغما عنها فكرت هل ستكون مرتاحة حقا اذا حصلت على وظيفة دائمة هنا ..؟!
هل ستكون قادرة على العمل لساعات طويلة بجهد خرافي في سبيل راتب عالي للغاية ..؟!
عادت ونهرت نفسها فهي تسبق الأمور وتفكر وكأنها ضمنت قبولها هنا ..
تأملت عملها الذي إنتهت منه لتوها ثم تذكرت ما أخبرتها به السكرتيرة مع زملائها بضرورة إرسال العمل الى موقع معين أعطتهم حسابه الرسمي مع ضرورة التأكيد بإنتهاء العمل عندها ..
أرسلت الملفات الى البريد الألكتروني ثم نهضت من مكانها وإتحهت الى سكرتيرة خالد تخبرها بذلك ..
لتجد خالد يتجه نحو سكرتيرته ويتحدث معها فتشعر بالإحراج وهي تتذكر ما حدث أمامه وكيف يفكر بها الآن بعدما رأه ..
أفاقت على سؤاله الرسمي :
” كيف حالك يا شمس ..؟!”
أجابت وهي تتأمل ملامحه التي بدت عادية للغاية لا توحي بشيء :
” بخير يا سيد خالد ..”
وجدت أنظاره تتجه نحو الجانب فإتجهت بدورها بنفس الإتجاه لا اراديا بعدما لاحظت جمود ملامحه المفاجئ ..
وجدت قيصر يقف أمام تارا وهو ممسكا بيديها للتحية قبل أن تمنحه تارا إبتسامة رقيقة وتتحرك نحو الجهة الأخرى فتنتبه الى خالد الذي ينظر اليها بجمود مهيب ..
إرتسمت على شفتيها إبتسامة خلابة وهي تتقدم نحوه تحت أنظار قيصر الذي وقف بعيدا يتابع ما يحدث ..
مدت يدها نحو خالد وهي تهتف :
” كيف حالك يا بك ..؟!”
رد وهو ينظر الى يدها الممدودة لثواني ثم يقبض عليها بكفه :
” بخير ..”
خرجت مقتضبة بينما عيناه تتأمل ملابسها البسيطة المكونة من جينز ممزق من بعض المناطق وتيشرت ذو أكمام قصيرة .. حذائها الرياضي و شعرها المرفوع بشكلٍذيل حصان ووجهها الخالي من المكياج والذي بدا أقل جمالا من المعتاد لكنها جميلة بكل الأحوال والأهم إنها جذابة بشكل مهلك خاصة بتلك الإبتسامة الخلابة التي تسرق لب أي شخاص ..
إلتفتت نحو شمس تحييها :
” كيف حالك يا شمس ..؟!”
تعجبت شمس من تذكرها إسمها لتكمل تارا وهي ما زالت محتفظة بإبتسامتها :
” أنا لا أنسى الأشخاص بسهولة .. حتى العاديون منهم فكيف إذا كانت فتاة مميزة مثلك ..”
شعرت شمس بالإحراج قليلا فردت وهي تبتسم بخفوت :
” انا بخير يا ..”
قاطعتها تارا بسرعة :
” تارا يا شمس .. قلتها قبل أن تقولي هانم او سيدة تارا ..”
ضحكت شمس بخفة بينما نظرت تارا لا إراديا نحو قيصر الذي كان يتابع ما يحدث بإهتمام ليزيح بصره بعيدا وهو يلقي كلمات مقتضبة نحو سكرتيرته ثم ينسحب نحو مكتبه وقد فعل خالد المثل لتهتف تارا بشمس :
” من الجيد أن أراك هنا يا شمس … ”
ثم أكملت بمكر :
” يبدو إن الباشا لم يقاوم كثيرا وإضطر للعودة في نهاية المطاف ..”
بهتت ملامح شمس وهي تسأل :
” ماذا تقصدين ..؟!”
قالت تارا وهي تبتسم :
” أتحدث عن الباشا الذي سقط في دوامة العشق أخيرا ..”
ثم أكملت بمزاح :
” إياك أن تخبريه بما قلته فربما يقتلني حينها ..”

 

 

 

تلعثمت شمس وهي تقول :
” ماذا تقولين يا سيدة تارا ..؟! لا يوجد شيء كهذا .. عملي هنا بسبب ترتيبي على دفعتي ولست الوحيدة هنا لهذا السبب ..”
قالت تارا بجدية متغاضية عن كلمة سيدة :
“عزيزتي أنا أقول هذا بناء على ما أراه .. لا يخصني كيف وصلت الى هنا .. ”
صمتت قليلا وهي تتأملها لتكمل بجدية :
” وجودك هنا أكبر دليل على إن الباشا قارب على رفع راية إستسلامه ..”
هزت شمس رأسها نفيا وهي ترد :
” أنت لا تفهمين شيئا مما يحدث ..”
قاطعتها تارا بصدق :
” انا بالفعل لا أفهم شيئا ولا أعرف ماذا حدث بينكما .. انا لا أعرف اصلا كيف ومتى إلتقيتما لإن قيصر لم يتطرق أبدا لأي شيء يخصك خلال لقائاتنا المحدودة في العمل او في الحفلات والعزومات الرسمية ..”
أكملت بجدية :
” أنا أتحدث بناء عما رأيته مسبقا وما أراه الآن .. هكذا فقط ..”
همت شمس أن تسألها عما رأت وقد شعرت بالفضول الشديد لذلك لكن كرامتها أبت لتهتف بضيق :
” أنتِ مخطئة يا تارا .. ”
ابتسمت تارا وهي تجيب بهدوء :
” سنرى يا عزيزتي مع إن نظرتي لا تخيب أبدا ..”
ثم تحركت بعيدا عنها نحو المصعد لتتأملها شمس للحظات قبل أن تتجه بسرعة هي الأخرى نحو المصعد الآخر كي تهبط الى الطابق الذي يوجد به مكان عملها ..
…………………………………………………………….
مساءا ..
في احد أشهر فنادق المنطقة ..
وقف حاتم بجانب قيصر الذي يتابع الحفل من جهة ويتجاذب أطراف الحديث معه من جهة أخرى ..
هتف حاتم بجدية :
” الحفل رائع .. لقد وضعت لميس لمساتها الخاصة وجعلته مختلفا نوعا ما عن المعتاد ..”
اومأ قيصر برأسه موافقا على حديثه :
” معك حق .. لهذا أعطيتها مسؤولية تنظيمه .. رغم صغر سنها إلا إنها تعرف جيدا كيف تثبت نفسها في كل مهمة تخصها ..”
صمت بعدها وهو يبتسم لبعض الضيوف ويرد على تحية البعض الآخر ..
” وماذا عنك انت ..؟! كيف حالك ..؟!”
سأله حاتم ليرد قيصر بهدوء :
” بخير ..”
عاد وسأله :
” وماذا عن فادي ..؟!”
رد قيصر بوجوم :
” هو الآخر بخير .. رفض أن يحضر حفل الليلة .. كالعادة لا يهتم بهكذا أمور ..”
تنهد حاتم وهو يريد :
” وما المشكلة في ذلك ..؟! ليس من الضروري أن يحضر طالما هذا يريحه ..”
أردف بعدها :
” انظر الي .. ألم يخبرك الطبيب إن وضعي النفسي تحسن كثيرا ولم يعد يحتاج للبقاء في المشفى ويكتفي بزيارة الطبيب في عيادته .. ؟! لا تقلق إذا .. من قال هذا هو واحد من أكبر وأشهر الأطباء النفسيين في الخارج ..”
رد قيصر بجدية :
” أشعر بالقلق منه وعليه .. لا أريده أن يعود مثل السابق .. ما مر به لم يكن هينا لا عليه ولا على أي احد ..”
أكمل بشرود :
” الطبيب قال إنه كان يتصرف بلا وعي .. كان كمن فقد عقله تقريبا .. لا أستطيع أن أثق به وبتصرفاته رغم بقاءه في المشفى لمدة عام ونصف .. ”
صمت حاتم بينما استمر قيصر في حديثه :
” ما زلت أراقبه كما فعلت بعد خروجه من المشفى منذ أشهر قليلة .. اتسائل مع نفسي الى متى سأظل أراقب وأفكر به وأقلق عليه ..؟! رغم كرهي له ولكذبه ولما فعله بي وبغيري لكنني لا أستطيع التخلي عنه .. لا أستطيع يا حاتم ..”
هتف حاتم بسرعة :
” بالطبع لن تتخلي .. لا أحد يتخلى عن أخيه إلا قليل الأصل .. كما إن فادي وضعه غير طبيعي وشره وسوء تصرفاته بناء على تجاربه السابقة .. ”
اومأ قيصر برأسه دون رد بينما سأل حاتم محاولا تغيير الموضوع :
” وماذا عن شمس ..؟! كيف حالها ..؟!”
رد بهدوء :
” تبدو هادئة لكنني أشعر إنه الهدوء ما قبل العاصفة ..”
ابتسم حاتم بخفة وقال :
” عاصفتها هبت منذ وقت طويل بل إنها منذ دخولها حياتك وعاصفتها لا تتركك وشأنك ..”

 

 

 

لم يعقب قيصر على حديثه بل إنتبه الى تارا التي دلفت الى قاعة الحفل بفستانها الأسود الجذاب وطلتها الخاطفة للأنفاق ليبتسم بخفة وهو يراها تتقدم نحوه وتحييه وهي تهتف به :
” مبارك الصفقة يا قيصر ..”
رد قيصر بهدوء وهو ما زال محتفظا بإبتسامته :
” أشكرك يا تارا ..”
اتجهت نحو حاتم الذي هتف بها وهو يحييها :
” اتسائل مالذي يجعلك تحضرين حفلات قيصر دون سواه يا هانم ..؟!”
ابتسمت بعذوبة وهي ترد :
” لا أحد يقوى على رفض دعوته يا حاتم .. ”
ضحك حاتم وهو يهتف بها :
” هذا صحيح وأنا اول شخص لا يقوى على ذلك ..”
ضحكت بصوت مرتفع قليلا لتتجه أنظار من حولهم نحوها وخاصة ذلك الذي سيطر الوجوم على ملامحه بعدما تأملها للحظات وهي تحيي ابن عمه ثم صديقه المقرب ..
بالرغم من كونه كان مندمجا في الحديث مع أحد شركائهم في العمل إلا إنه لاحظها منذ قدومها دون أن يعرف إذا ما لاحظها لإن أنظار الجميع إتجهت لا أراديا نحوها فهو فعل المثل أم لسبب آخر ..!
” تارا الهاشم أتت كالعادة .. ”
انتبه الى حديث الرجل بجانبه والذي أكمل وهو ينظر إليه :
” خطفت أنظار الجميع منذ دخولها .. إنها ساحرة حقا .. ”
لم يعقب خالد على حديثه بينما وجدها تتقدم نحو أحد رجال الاعمال والذي رحب بها كثيرا مستغربا مدى إهتمام الجميع المبالغ به بها ثم عاد وفكر إنها مشهورة كثيرا فما سمعه عنها يؤكد مدى شعبيتها وقوة جمهورها ..
فوجئ بها تتقدم نحوه وهي تبتسم بتحفظ ليجدها تحيي الرجل جانبه والذي طبع قبلة خفيفة على كفها وقال :
” سعيد برؤيتك يا هانم ..”
أكمل بخبث :
” غريب إننا لا نراك سوى في حفلات قيصر عمران يا تارا هانم .. فإنتِ قليلة الحضور في الحفلات والمناسبات عموما رغم الدعوات الكثر التي تأتيكِ على حسب علمي ..”
ردت وهي تبتسم برسمية :
” قيصر بك لديه معزة خاصة عندي .. ”
ثم نظرت الى خالد وحيته برسمية شديدة :
” كيف حالك يا بك ..؟!”
رد تحيتها بنفس الرسمية :
” بخير يا هانم ..”
ابتعدت عنهما بعدها لتتابعها عيناه لا إراديا حتى اندمجت مع الحضور فحاول إلهاء نفسه عنها بالحديث مع بعض الضيوف عموما ..
………………………………………………………….
بعد مرور حوالي ساعة ..
إعتلت تارا المسرح فإتجهت انظار الجميع نحوها لتحمل السماعة وتهتف بجدية وشفتيها تعلوها إبتسامة واثقة :
” اسمحوا لي أن أقتنص القليل من وقتكم بإحدى الأغاني المفضلة لديكم ..”
بدأ الجميع بالتصفيق والتشجيع بينما خالد ينظر اليها بملامح غامضة لا توحي بشيء وقيصر يتأملها بإستغراب فهي لا تغني في الحفلات الخاصة عموما ولا حتى حفلات رجال الاعمال والزفاف ..
أكملت بجدية :
” الأغنية ليست لي بل هي إحدى أغاني الزمن الجميل والذي يفضله أحدهم هنا عما أغنيه انا لذا فهذه الأغنية اهداء له ..”
بدأ الجميع يتهامسون عن ذلك الشخص الموجود وسطهم والذي أهدت تارا له هذه الأغنية ..
لتكمل وهي تبتسم بعينين براقتين :
” اتمنى أن تعجبك يا بك وتلائم ذوقك .. إخترتها بناء على حدسي الشخصي كوني لا أعلم أغنيتك المفضلة ..”
كان خالد مرتديا قناع البرود رغم ضربات قلبه الذي أعلنت ثورتها بينما أذنه تسمع الأحاديث الجانبيه ومن بينهم صوت إحداهن تقول :
” منذ متى وتارا الهاشم تغني في هذه الحفلات ..؟!”
بينما الأخرى ترد :
” يبدو إنه شخصا مهما للغاية ..”
صدح صوت الموسيقى لتشدو تارا بصوتها العذب أغنية العندليب ( اول مرة تحب يا قلبي ) ليندمج الجميع معها ..
تضاعفت نبضات قلب خالد ما إن عرف الأغنية من الموسيقى الخاصة بها بينما عيناه تتابعنها دون أن تحيد عنها ولو للحظة خاطفة ..
حاول السيطرة على نبضاته والتركيز مع صوتها الرائع والذي خطف قلب الجميع لكن سرعان ما عاد قلبه ينبض بعنف مخيف ما ان وصلت الى المقطع الآخير..

 

 

 

(قلبي يعيدلي كل كلامك .. كلمة بكلمة يعيدها عليّا
لسه شفايفي شايلة سلامك .. شايلة أمارة حبك ليّا
افرح واملى الدنيا اماني .. لا أنا ولا انت حنعشق تاني
اول مرة .. اول مرة)
انتهت تارا من الأغنية ليبدأ الجميع في التصفيق لها بحرارة ولم يستطع خالد منع نفسه من التصفيق لها بينما رأته هي فإبتسمت بثقة شديدة وهي تنظر الى عينيه بقوة وتحدي وكأنها تخبره إن غنائها مس قلبه رغما عنه ..
هبطت من فوق المسرح بينما سمع خالد صوت احد الرجال الذين يقف بجانبهم يقول :
” من هذا المحظوظ الذي أهدته تارا الهاشم بنفسها هذه الأغنية ..؟!”
بينما الأخر يجيب:
” محظوظ فقط .. محظوظ وأمه تدعي له في كل صلاة .. غدا سوف تتحدث الأخبار عن المعشوق السري للمطربة الفاتنة ..”
ابتعد خالد عنهما متجها خارج القاعة دون أن تغفل نظرات تارا عنه ولا نظرات آخرى توجهت نحوه لا إراديا وشعرت بشيء ما يحدث معه لكنها تغاضت عن ذلك وهي تستمر في حديثها مع صديقتها ..
………………………………………………………..
في منزل شمس ..
جلست شمس على سريرها وهي تتناول الشوكولاته والشيبس وبعض المقرمشات بتلذذ ..
تشعر براحة غريبة سيطرت عليها منذ إستيقاظها صباح اليوم لسبب تجهله لكنها ليست المرة الأولى التي تملأ السكينة قلبها فجأة بلا سبب معين ..
كانت تقلب في هاتفها حينما ظهر أمامها منشور لمركز تجميلي مشهور جدا لكن المشكلة لم تكن به بل بصاحبة ذلك المركز والتي لم تكن سوى ريتا عشيقة قيصر ..
كانت تقف مع مجموعة من اطباء التجميل الذين يعملون هناك تبتسم بسعادة بينما يتحدث المنشور عن المركز وتفوقه على كافه منافسيه في المنطقة ونجاحاته المتتالية والإقبال الشديد عليه ..
مطت شفتيها وهي تفكر إن نجاحاتها تلك نتيجة علاقتها مع قيصر او ربما مع غيره ..
لا تعرف لماذا دفعها فضولها للدخول الى حسابه على الانستغرام لتتذكر إنها ألغت متابعته فتزم شفتيها وهي تعاود التقليب في حسابها ..
أبعدت الطعام عنها بعد لحظات ووضعته على الطاولة بجانبها ثم تمددت على السرير وهي ما زالت ممسكة بهاتفها ..
وجدت أحدهم يرسل لها طلب صداقة ففتحته لتجده موظفا معها في الشركة ..
عقدت حاجبيها بتعجب من معرفته حسابها رغم إنها لم تضف أحدا في الشركة بعد ..
تأملت صورته وقد تذكرت إنها رأته البارحة لتنتظر قليلا ثم تضغط على زر الموافقة ..
لحظات وفوجئت به يراسلها لتمط شفتيها وهي تغمغم :
” ما هذه السرعة ..؟! انتظر قليلا يا رجل ..”
ثم أغلقت الهاتف وهي تفكر إنها لا تريد الحديث معه ولا مع غيره فلا مزاج لديها الآن ..
عادت تفكر لا اراديا في أختها وهدوئها الغريب وتقبلها لخصام والدتها لها فلم تتحدث والدتها معها منذ البارحة لتلتزم ربى الصمت بينما تتحدث معها هي بهدوء غريب ..
تنهدت وهي تدعو الله أن يبعد تلك الأفكار عن أختها تماما فهي لا ينقصها مشاكل جديدة ..
……………………………………………………………

 

 

كانت ربى تبحث عن صفحة فارس ابن عمها الذي لا تعرف عنه شيئا سوى اسمه ..
لا تتذكر متى آخر مرة رأته فهي كانت طفلة عندما انقطعت علاقة عمها مع والدها تماما وقبلها إنقطعت عائلة عمها عن التواصل معهم كما سمعت مسبقا ..
هي حتى لم تكن تعرف اسمه وقد عرفته من حديث عمها ذاك اليوم ..
عقدت حاجيها وهي تفكر في طريقة ايجاد حسابه ثم تذكرت أمر قريبتها من جهة والدها والتي تكون صديقتها على مواقع التواصل ففكرت إنه ربما هو صديق لديها ايضا ..
دخلت على حسابها وبحثت في قائمة الاصدقاء لتلمح اسمه فتبتسم بإنتصار وهي تفتح حسابه ..
تأملت صورته وملامحه الوسيمة الجذابة بتمعن قبل أن تهبط الى المعلومات الشخصية لتتفاجئ انه في التاسعة والعشرين من عمره وخريج كلية الصيدلة .!!
إذا هو يعمل في نفس تخصصها الدراسي ..
لكن ما فاجئها إن حالته الإجتماعية خاطب ..
عقدت حاجبيها بتعجب وهي تفكر إنه كيف يكون خاطب ويطلب يدها ..!!
زفرت أنفاسها بقوة وهي تفتح حساب خطيبته لتجدها فتاة فائقة الجمال تصغره بعامين فقط ..
احتلت الدهشة معالم وجهها وهي تفكر في حقيقة الأمر وكيف ستتصرف بعدما عرفته ..
………………………………………………………………..
كانت تارا تجلس على احدى الطاولات التي يجلس عليها كلا من خالد وحوراء ولميس وقد صادفت أن انضمت إليهم هي بعدما دعتها احدى السيدات والتي تعرفها جيدا بينما يجلس أيضا بعض الرجال والسيدات معهم ..
كان الجميع يتحدث بإستثناء خالد الذي يراقبهم بجمود و قد توقف عن ردوده المقتضبة التي كان يجامل بها الموجودين ما إن إنضمت هي اليهم ..
لا يعلم لماذا لم يحب إنضمامها إليهم ولم يرتح لوجودها قربه ..
أفاق من شروده على صوت أحدهم يسأل :
” ما رأيك أنت يا خالد بك ..؟!”
لتهتف أخرى مازحة وقد لاحظت تفاجئه من السؤال :
” يبدو ان خالد بك لم يكن معنا …”
ابتسم خالد بإقتضاب دون رد بينما المرأة تتأمله بإعجاب صريح انتبهت له تارا التي التوى فمها بإبتسامة متهكمة وهي تسمعها اكمل :
” هنيئا لمن جعلتك شاردا بها يا بك ..”
تجاهل حديثها وهو يرتشف قليل من العصير أمامه بينما حدقت بها حوراء بنظرات باردة قبل أن تنتبه الى إبتسامة تارا الخافتة والتي لم يلحظها سواها كونها سرعان ما أخفتها ..
عادت الأحاديث الجانبية بينما وضعت حوراء جل تركيزها ما تارا التي إنتبهت الى نظراتها الخاطفة المصوبة نحو ابن عمها لتتجهم ملامحها كليا لتجدها تتحدث مع لميس وشخص آخر عن الأخبار الأخيرة التي انتشرت عن ألبومها القادم ليهتف أحد الموجودين بمكر :
” أنتِ فقط كوني مستعدة لأخبار الغد التي لن تنفك الحديث عن الحبيب المجهول ..”
اتجهت انظار حوراء نحو خالد الذي وجدت جبينه يتغضن بإنزعاج فهزت رأسها بإنكار وهي تفكر إن هذا كله مستحيل ومن صوب خيالها الذي يصور لها ما غير موجود .
ردت تارا بهدوء :
” الأخبار دوما ما تتحدث عني وعن عشاقي الذين لا وجود لهم من الأساس يا بك .. لقد اعتدت هذا الأمر ..”
أردفت بجدية :
” الأغنية مجرد اهداء لا اكثر ولا تعني اي شيء ..”
لا يعلم لماذا شعر بكلماتها تضربه في الصميم وإن هناك شيء ما إنزعج داخله بشدة بسبب هذه الكلمات ..
أكملت تارا :
” انا لا اهتم لهذه الأخبار أبدا .. ”
” وماذا عن تلك الشائعات التي تخرج عنك يا تارا هانم ..؟! أنت من المشاهير الذين دوما ما تصدر شائعات في حقهم و البعض منها ليس لطيفا ..”
حدقت بها تارا بتمهل بطيء وكأنها تقيمها كليا بينما اتجهت انظار الجميع نحوها منتظرين ردها خاصة خالد الذي أغضبه حديث حوراء بشكل لا يفهمه والأهم لا يفهم سبب هجومها الواضح على تارا ..
أخيرا ردت تارا بصوت هادئ طبيعي للغاية :
” حسب ما أذكر فإن آخر شائعة صدرت بحقي تحدثت عن زواج سري جمعني بقيصر بك .. أخوكِ ..”
شددت على كلمة ” أخوكِ ” ليتوتر الجو من حولها كليا لتكمل وهي تتأمل وجه حوراء الذي بهت للحظات حيث لم تتوقع هذه الصراحة منها :
” بالنسبة لي لقد نفيت تلك الشائعة بوضوح وكذلك فعل قيصر بك ..”

 

 

 

أردفت وهي تبتسم بهدوء يحمل في طياته التحدي :
” ربما من الممكن أن تشكي في حديثي لكن من غير الممكن أن تشكي في حديث أخيكِ يا هانم .. وإذا كنت تشكين بذلك فهو معك دوما .. إسأليه إذا أردت وهو لن يكذب أبدا .. حسب علمي قيصر عمران معروف بصراحته وجرئته ولا يخشى شيئا مهما كان ..”
أنهت كلماتها وهي ما زالت تبتسم بقوة لتشيح بوجهها بعيدا وهي تحتسي البعض من كوب عصيرها متجاهلة نظرات خالد المصوبة نحوها والتي شعرت بها بوضوح ..
لا يستطيع أن ينكر إعجابه بجوابها وثقتها رغم غضبه من حديثها عن صراحة وجرئة ابن عمها الذي يريد معرفة سر ما يجمعهما بشدة غير منتبها لتلك التي لاحظت نظراته فإشتعلت الغيرة داخلها وهي تراه إهتمامه بها و الذي مهما حاول إخفائه يظهر بوضوح لمن يراقبه بتمعن ..
إهتمام تكاد تجزم إنه لم تحظَ أي إمرأة به من قبل حتى هي وجاءت تلك المغنية وحظيت بإهتمامه رغم إنها أفضل منها في كل شيء ..
عادت تتأمل تارا بنظرات حاقدة بينما الأخيرة نهضت من مكانها متجهة الى أحد أصدقائها وهي تفكر إن عليها أن تبتعد تماما عن هذه الطاولة ..
تلك الفتاة كوالدتها تماما تتماثلان في الشخصية المتعجرفة المتعالية لكن ليس عليها بالطبع فهي تعرف كيف تتعامل مع هذه النماذج وتوقفها عند حدها اما خالد عمران والذي تكاد تجزم إنه سببا في هجوم تلك الحمقاء عليها فستتجاهله هو الآخر كما تجاهلت الكثير قبله .. هي لم ولن تسمح بدخول رجل الى حياتها أبدا ولن يكون هو إستثناء لذلك ..
…………………………………………………………..
في صباح اليوم التالي ..
وقفت شمس امام المصعد تنتظر هبوطه حينما فوجئت بشخص يهتف وهو يقف جانبها :
” صباح الخير ..”
نظرت اليه بدهشة لثواني ثم سرعان ما تذكرته فهو من راسلها البارحة لترد بهدوء :
” صباح النور ..”
قال يعرفها عن نفسه :
” مصطفى ..”
ردت بفتور :
” وانا شمس .. تعرف بالطبع ..”
ضحك وهو يرد :
” نعم أعرف ..”
أكمل بجدية :
” انت متدربة هنا .. أليس كذلك ..؟!”
أومأت برأسها دون رد ثم اندفعت داخل المصعد الذي وصل اخيرا ليلحق هو بها بسرعة دون أن ينتبه أيا منهما الى ذلك الذي وصل منذ قليل وكان شاهدا على حديثهما المقتضب ونظرات ذلك الشاب الغير مريحة ولحاقه بها ..
……………………………………………………………….
دلفت ربى الى تلك الشركة التي يملكها ابن عمها كما فهمت ثم سارت بخطواتها نحو موظفة الإستقبال تسألها عن مكتبه ..
اتجهت بعدها نحو المصعد ودلفت به وهي تتذكر قرارها البارحة بزيارته فهي لن تضيع هذه الفرصة منها ابدا ..
حمدت ربها إن والدتها ذهبت صباحا لبيت خالتها كي تودع أيمن الذي سيعود الى الخارج مع عروسه لتنتهز هي غيابها وأخوها أسامة الذي يستيقظ متأخرا كونه يذاكر طوال الليل فتخرج بسرعة وتأتي الى هنا ..
سارت نحو مكتبه بعدما دلها الموظفين عليه لتدلف الى الداخل فتتفاجئ بمكتب السكرتيرة فارغ وباب مكتبه مفتوح ..
مدت قامتها وهي تتقدم نحو المكتب قبل ان تقف عند الباب وتهتف :
” صباح الخير ..”
التفت فارس نحوها والذي كان يقف في منتصف المكتب يتحدث مع سكرتيرته ليتأملها قليلا وقد جذب انتباهه شعرها الأحمر ولون عينيها وهو يكاد يجزم إن تلك التفاصيل ولون الشعر هذا لا يمتلكه سوى واحدة وهي ابنة عمه التي رأها لآخر مرة عندما كانت طفلة صغيرة لكنه يتذكر ملامحها جيدا ..
” صباح النور .. تفضلي ..”
قالها بجدية لتتقدم نحوها وتقف أمامه معرفة عن نفسها بثقة :
” انا ربى يا فارس .. ابنة عمك ..”

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس ربحها القيصر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى