رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الفصل الرابع عشر 14 بقلم أميرة مدحت
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الجزء الرابع عشر
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) البارت الرابع عشر
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الحلقة الرابعة عشر
“الفَصْلُ الرَّابِعُ عَشَرَ”
تصلب جسدها بعد ذلك الأعتراف، من المفترض أن أجمل لحظة من لحظات الحب هي وقت الأعتراف، ولكن بالنسبة إليها أسوأ لحظات حياتها، أصابتها الصدمة بشكلٍ ملحوظ، قطبت جبينها بشدة وهي تتراجع للخلف مرددة بذهولٍ :
_إنت قولت إيه؟!!..
نظر لها بريبة وهو يقول :
_هو أنا قولت حاجة غلط!!.. أنا بقول إني بحبك يا روان!!..
حاولت التماسك وهي تقول بضجر :
-طائف ده مش حب!!.. ده مجرد تعاطف مش أكتر، متعاطف معايا عشان إللي حصلي، وعشان إنت حاسس بذنب بسبب أفعال أبوك، فـ ده مش حب، ده تعاطف!!..
قبض على كف يدها قائلاً وهو يحدق في عينيها :
-لأ أنا بحبك، أنا عارف أنا بقول إيه كويس، أنا بحبك فعلاً يا روان.
تخشب جسدها للوهلة، هو يؤكد لها حبه، هتفت بعد صمت دام لنصف دقيقة :
_لأ، الحب ده غلط.
أنقبض قلبه وهو يسألها :
_يعني إيه؟!!..
أجابته بملامح متهجمة :
_يعني حبك ليا ده أكبر غلط، لأن أنا مش بحبك ولا هينفع حتى أحبك.
وكأنها صفعته للتو، تسائل بصوت حاول إخراجه كـ نبرة عادية :
_ليه؟؟!!..
هتفت بجدية وضيق :
_شوف يا طائف، إنت كنت جدع معايا، وأنقذتني من الموت مرتين، بس أنا آسفة، أنا لا يمكن أتجوز إبن رأفت الحديدي.
أغمض جفنيه بقوة محاولاً التماسك على قدر من المستطاع، تابعت هي بدون شعور :
_لا يمكن أتجوز إبن الراجل إللي هددني بحياتي لو منفذتش أمره، وإللي خطفني، إزاي أتجوزك وأبوك حاول يقتلني قبل كده؟؟!!.. أبوك معندوش ذرة من الرحمة!!..
يعلم تلك الحقيقة فـ زاد ألمه أضعاف، حيثُ قال بأمل :
_بس أنا مش كده!!..
أُتلفت أعصابها من كثرة الضغوطات النفسية المستمرة، فاض بها الكيل ولم تعد قادرة على تحمل المزيد، فـ صرخت بدون وعي منها :
_بس إبنه بردو، إبنه سواء رضيت أو أعترضت!!.. إبنه من لحمه ودمه!!.. وأنا لا يمكن أوافق على جوازي منك!!..
أنهمرت دموعها قائلة :
_أنا عاوزة أبقى عايشة في أمان، إنما لو أتجوزتك هدخل الجحيم.
فتح عيناه أخيراً ليقول بنبرة خالية من الحياة :
_وأنا محبش إني أبقى سبب دخولك الجحيم يا روان.
نطق إسمها بضعف، شعرت بتأنيب ضمير بعد أن أستوعبت، هتفت بحرج :
_أنا مكنش قصدي يا طائف، الصدمة بس خدتني جامد و….
قاطعها بقوله الجاد :
_مفيش داعي للأعتذار.
ثم إبتسم بسخرية على حاله وقلبه يتمزق :
_هي مجتش عليكي إنتي كمان.
أدركت من كلماته أنها سببت له جرح عميق بداخل قلبه، دنت منه وهي تقول برجاء :
_أنا آسفة أوي يا طائف، أنـا…
لم تكد تتم عبارتها حيث قاطعها وهو يقول بجمود غريب :
_مفيش داعي نتكلم خلاص فالموضوع، إنتي قولتي كلمتك، أنا دفعتلك مصاريف المستشفى والدكتور قال إنك تقدري تخرجي النهاردة، حمدلله على السلامة يا آنسة روان.
تحرك نحو الباب ثم فتحه، ألقى عليها نظرةً أخيرة وهو يقول لها بحزنه العميق :
_أوعدك إني مش هقرب منك تاني، ولا حتى هقولك أزيك لو شوفتك صدفة!!..
حدقت فيه بعيون لامعة، نظر لها بجمود وداخله يتمزق تماماً، دلف للخارج صافقًا الباب بقوة، زادت إنهمار دموعها الحارة، وضعت يدها على فمها تمنع شهاقتها ولكنها عجزت عن ذلك، أخذت تقول بين بكائها المرير :
_آسفة يا طائف، أنا آسفة أوي.
**************
تشعب غضبه في عروقه، وظهرت عروق نحره بقوة، كما تلونت مقلتاه بحمرة مخيفة، سرت الخوف تحت جلدها وتشعب في كامل خلاياها من تعبيرات وجهه التي أجفلتها، فهو بالطبع لن يمر الأمر على خير، هدر “عز الدين” بصوت جهوري أخترق الآذان من قوته :
_فين صاحب المحل ده؟!!..
أنتفض بعض من الموجودين من قوة صوته، بينما أعاد “عز الدين” سؤاله بملامح شرسة وبتهديد صريح :
_صاحب المكان ده لو مظهرش حالاً أنا هكسر المكان ده كله.
دقيقة واحدة وكان حضر صاحب المحل عقب وصوله من أحد الموجودين تهديد صريح من أحد زبائنه، سأله بصوت محتد :
_في إيه أستاذ؟؟.. إيه الأسلوب إللي بتتكلم بيه ده؟!!.. إحنا في مكان محترم.
أحتقن وجهه بحمرة غاضبة وبرزت عروقه النابضة من عنق، ضاقت أعينه الشرسة نحوه وهو يقول بإستهزاء :
_مش لما تبقى محترم إنت الأول!!..
أستثاره أسلوبه التهكمي، فقال بإنفعال :
_أنا محترم غصب عنك و…
أندفع نحوه كالثور الهائج منتوياً ضربه بشراسة، لكمه بقوة في فكه ثم أمسك تلابيبه ليسدد له لكمة أخرى، دفعه بعدها وهو يقول بشراسة أشد :
_بقى يا كلب حاطط كاميرات مراقبة جوا، عشان تشوف البنات والستات وهما رايحين يقيسوا!!!..
أصدرت بعض كن السيدات شهقات عالية ومنهم من أصدرت صرخات عالية، تحرك سبعة رجال نحوهما بعد أن علموا تلك الحقيقة، هتف أحدهم بغلظة لـ “عز الدين” :
_إنت متأكد من إللي بتقوله ده؟!!!..
هتف صاحب المحل بفزع :
_لأ ده كدب والله…
لم يكمل عبارته حيث يسدد له لكمة عنيفة في فكه جعلت الدماء تنزف من قوتها، صرخ به بغضب جامح قائلاً :
_إنت إللي زيك يعرف ربنا أصلاً يا جزمة!!.. أومال ده إيه؟؟!!..
أتسعت عيناه بهلع وقد أدرك أنها النهاية بعدما رأى الكاميرا الصغيرة في يد الذي أهلكه ضرباً، هتف أحد الرجال بغضب :
_ده إنت يومك أسود.
بدأ أحد الرجال الغاضبين يشمر كوم ساعديه وهو يقول بعصبية مهلكة :
_وديني وما أعبد لأخيك تنام اليومين دول فالمستشفى متكسر.
صرخ صاحب المحل متألماً :
_حرام عليكـ….
ركله أحد الرجال صائحاً بشراسة :
_أخرس يا كلب، إنت لسه شوفت حاجة.
أبتعد “عز الدين” عنهم ثم تحرك نحو زوجته التي كانت واقفة كالصلب، قبض على كف يدها ثم سحبها خلفه متوجهين نحو خارج المكان، ولكن قبل أن يخرج أنحنى بجسده ليقبض على فكه ضاغطاً عليه بشراسة قائلاً بتوعد :
_حظك الأسود أنك وقعت تحت إيدي، أقسم بالله لأقفلك المحل ده عشان تعرف أخرة إللي عملته !!..
دفعه بقوة بعد أن أطلق العنان لكلماته الغاضبة، قم خرج وهو مازال قابض على كف زوجته، بينما بالداخل أمسكوا به وأنهالوا عليه الرجال بالضرب المبرح عقاباً له عن تلك الجريمة التي لا تغتفر.
**************
بعد نصف ساعة وصل “عز الدين” إلى القصر، ترجل هو أولاً ثم هي، تحركا نحو داخل القصر متوجهين للأعلى ناحية غرفتهم، دخل “عز الدين” الغرفة وهو يخرج علبة سجائره، أقتربت منه “ياسمين” مرددة بخوف :
_بلاش يا عز سجاير عشان بتخنق منها.
رمقها بحدة قبل أن يلقي العلبة على الأرض بنفاذ الصبر، كانت مازالت تنطلق شرارت الغضب من مقلتيه وظل وجهه قاتماً متهجمًا يوحي بغضبه المشحون، سألته بخوف أكبر :
_إنت مضايق مني؟؟..
التفت لها بعينين غاضبة وهو يقول :
_إنتي ليه مش بتسمعي الكلام من أول مرة؟!..
أشارت بيدها قائلة بقوة :
_عز، المفروض متضايقش، إنت أنقذت ناس كتير، ومرمط صاحب المحل، والحمدلله الموضوع ده عدى على خير.
هتف بغضب :
_ياسمين لو أنا مش موجود كان يستحيل تعرفي أن في كاميرا من أساسه.
صمتت بعد قوله ذلك، فهو كام محق، هدأ قليلاً وهو يقول :
_مش عارف هتخسري إيه لو سمعتي كلامي!!..
خافت أن يغضب منها، وأنا يفعل مثل ما فعل من قبل، فـ قررت أن تمثل عليه بطريقتها الخاصة، حيث أقتربت منه بخطوات هادئة وقالت بنبرة واهنة زائفة :
_عز، أنا…
رمقها بحدة قبل أن تتابع وهنها الزائف :
_أنا مش قادرة!!..
تبدلت نظراته على الفور وقبل أن يسألها كانت تقع على الأرض ولكن ذراعيه كانت الأسبق حيث أمسكها ليقربها إلى صدره، هتف بها بخوف :
_ياسمين، مالك يا ياسمين؟؟!!..
هتفت بخفوت :
_دوخت فجأة جامد.
هدأت ضربات قلبه قليلاً، ثم أنحنى بجسده ليحملها بين ذراعيه، راكضًا صوب الفراش، مددها برفق عليه، ثم جلس على طرفه وهو يمسح على جبينها وشعرها، أنحنى برأسه ليقبل جبينها ثم نظر إلى عينيها قائلاً بندم :
_آسف لو أتعصبت عليكي.
هتفت بإبتسامة حاولت إخراجها باهتة :
_مفيش داعي للأعتذار، إنت معاك حق فكل كلمة قولتها.
قبض على كف يدها وبيده الأخرى وضعها على بطنها ليتحسسها برفق قائلاً بإبتسامة ماكرة :
_بس شكل إبننا هيطلع شقي.
أتسعت إبتسامتها وهي ترد عليه :
_طالع لأبوه.
وضع كف يدها على موضع قلبه قائلاً بثقة :
_لأ هو هيطلع ليكي فكل حاجة، مش هياخد مني غير قوتي وأسمي.
*************
تمزق قلبه بقوة، لم يعد يشعر بأي شئ حوله، لأول مرة يتمنى الموت، تمنى الرحيل والموت بسلام لعل آلمه الداخلي يسكن، تمنى الصراخ ولكن كان عاجزاً عن فعل ذلك، وضع يده على قلبه وهو يشعر بعنف دقاته، للوهلة سمع صوت صرخات قلبه الداخلية، حبس أنفاسه وهو يتخذ القرار الذي لا رجعه فيه، أمسك هاتفه ثم عبث به، وضع الهاتف المحمول على أذنه قائلاً بصوت أجش :
_أديني عز الدين باشا السيوفي من فضلك.
في ذلك التوقيت الذي أجاب على الهاتف هو “إيهاب” كـ مدير مكتب “عز الدين”، سأله بجدية :
_بس الأول ممكن أعرف مين حضرتك؟؟..
عض على شفتيه بقوة مجيباً :
_طائف رأفت الحديدي.
صعق “إيهاب” حينما علم بهوية المتصل، هب واقفاً وهو يتسائل بحدة :
_عاوز إيه يا إبن رأفت؟؟..
أغمض عينيه بقوة عندما نداه بإسم والده، عاجل يفتحهما قائلاً :
_أنا لازم أتكلم معاه ضروري، فموضوع ميستناش.
هتف بعملية :
_هو حالياً مش موجود في الشركة و..
قاطعه “طائف” صارخاً بإهتياج :
-أنا لازم أشوفه دلوقتي، الموضوع ميستناش لكام ساعة حتى.
صمت للحظات قبل أن يقول “إيهاب” بصوتٍ جاد :
_طب أسمع، تعالى الشركة الرئيسية، أستناه تحت جوا عربيتك، وأنا هكلمه حالاً.
هتف “طائف” بنبرة عادية :
_طيب، سلام.
أغلق الهاتف ليتحرك بسيارته نحو مقر الشركة الرئيسية، بينما أمسك “إيهاب” هاتفه وقام بمكالمة هاتفية لرفيقه، أجاب بعد ثوان ليقول بجدية :
_عز، إنت لازم تيجي الشركة حالاً.
نهض “عز الدين” من مكانه متسائلاً بتوجس :
_في حاجة حصلت؟؟..
هز رأسه إيجابياً وهو يرد عليه قائلاً :
_طائف الحديدي، كلمني وقال أنه عاوز يقابلك ضروري حالاً.
قال “عز الدين” بإمتعاض :
_خليه يجي بكرا أحسن.
هتف رفيقه بنفي :
_قولتله نفس الكلام، بس قالي الموضوع ميستناش، فتعالى دلوقتي وهو هيستناك قدام الشركة.
هتف بجدية :
_غريبة، طيب أنا جاي حالاً، بس جهز نفسك إنت كمان عشان هتيجي معانا.
أومأ رأسه مردداً :
_حاضر، يالا سلام.
أغلق الهاتف ثم وضعه بداخل جيب بنطاله، تمتم “إيهاب” بشرود :
_ياترى عاوز إيه يا إبن الحديدي!!..
*************
بعد فترة، وصل “عز الدين” بسيارته إلى مقر الشركة، بحث بعينيه عن إبن عدوه، ليجده بالفعل ينتظره خارج السيارة عاقدًا ساعديه أمام صدره، أرتدى نظارته الشمسية ذات اللون الأسود، توجه بخطوات ثابتة نحوه وبداخله العديد من الأسئلة، والإجابة مع إبن عدوه، ألتفت “طائف” ناحيته حينما شعر بوصوله، حدق فيه بجمود، وفي ذات الوقت لمحهما “إيهاب” كن على بعد، فتحرك نحوهما حتى وصل إليهما، سأله “عز الدين” بجدية بالغة :
_وصلي أنك عاوزني في موضوع ميستناش، خير؟؟..
هتف بنظرات غامضة :
_عاوز أتكلم معاك شوية بعيد عن عين الناس.
رمقه بحدة وهو يقول :
_أنا موافق بس أي غدر، تحمل إللي هيحصلك.
هتف بعدم أكتراث :
_ماتخفش، أنا هركب عربيتي وهمشي وراكم.
وبالفعل تركهما ثم أستقل سيارته وأدار المحرك ليستعد، بينما أستقل كلاً من “عز الدين” و”إيهاب” السيارة منطلقين وخلفهم سيارة “طائف”.
مرت بضعة دقائق الأولى بسلام، ولكن شعر “طائف” بدوار قوس يهاجمه، حاول التماسك لأنه على علم بأنه ليس هذا هو التوقيت المناسب، ولكن زاد حدة الدوار، وضع يده على رأسه وهو يتمتم بهمس :
_هو في إيه؟؟!!..
وجد ذاته يرى كل ما حدث منذ الأمس حتى اليوم، وكأنه يشاهد شريط سينمائي، زاد ألمه بصورة عنيفة، ضرب بقبضة يده على مقود السيارة وهو يصرخ :
_آآآآآآآه!!!….
لم يستطع الصمود أكثر من ذلك، شعر بالتعب يعمر جسده، خاصةً بعد ثواني شعر أنه على وشك الموت، فـ رحب بالفكرة، وترك الظلام يعتريه ويأخذه إلى مكان بعيد عن أرض البشر.
لاحظ “عز الدين” تهور “طائف” في القيادة، حيث لاحظ أنه يتحرك للجهة اليسار تارة وللجهة اليمين تارة أخرى، هتف بإستغراب :
_هو في إيه!؟.. ماله إبن رأفت؟؟!!..
عقد “إيهاب” حاجبيه بشدة ثم ألتفت برأسه ليرى ذات الشئ، هتف بقلق :
_في حاجة غلط!!..
عاد ينظر إليه قائلاً :
_إحنا لازم…..
وقبل أن يكمل جملته، كان أستمع إلى صوت فرامل قوية، أوقف “عز الدين” السيارة وعقب أن أستدار برأسه، أتسعت عيناه وهو يجد أن السيارة أنحنت فجأة بالرصيف المرتفع، فـ أنقلبت السيارة بعنف وهو بداخلها بعد أن فقد الوعي.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2))