رواية كهرمان الفصل الخامس 5 بقلم ياسمين الهجرسي
رواية كهرمان الجزء الخامس
رواية كهرمان البارت الخامس
رواية كهرمان الحلقة الخامسة
تحرك مسرعا بها وهو يشعر بضعفها واستسلامها لتلك الغيمه السوداء التي سحبتها لقاع مظلم، دلف الي قصره وهو يحملها ثم صعد بها الى غرفته و ضعها بحمايه في فراشه ودثرها بحنو وكأنها طفلته، من ثم جلس أمامها في الظلام دون شعاع إلا من نور خافت بجوار فراشها، ينتظرها حتي تسفيق كما قال له الطبيب…
سند ساعديه على ساقيه ووضع كفيه تحت ذقنه وظل يتأملها وهى نائمه ملامحها رغم شحوبها ولكن فاتنه حد اللعنه، كان شعرها ينتشر بتموجَته الساحره حول وجهها ببشرتها الحلبيه، تمني لو يستطيع أن ياخذها في أحضانه ويحبسها داخل حصون قلبه لكي يحميها ولا يجعل أحد غيره يراها ويفتن بها..
غص قلبه وهو يحدثه
— النوم هو الأخ التوأم للموت….
كهرمان شكل عمرها مش مطول فى الدنيا.. متتعلقش بيها ياصاحبي البت دى بنت موت.. شافت كتير وزهدت الحياه..
قبض كفيه يضرب مكان قلبه بشده لينحيه عن تلك الفكره التى وخزت فؤاده…
أخذ يزفر أنفاسه يحاول تهدئة نفسه إلا أنها تسارعت مجددا عندما بدأت تتمملل في الفراش وتحرك رأسها يمينٱ ويسارٱ تتنازع مع ماضيها الأسود حتي أنتهى هذا الصراع بصرخه دوت في أنحاء الغرفه..
انتفض فى جلسته مقترباً منها بلهفه حثه قلبه ان يضم ارتعاش جسدها لعلها المره الاخيره، نهره عقله لا يجوز، كان لجسده السلطان الأكبر سمح لنفسه أن يأخذها في أحضانه، كان صوت بكائها المقهوره بطريقه أنثويه عصفت بقلبه..
رتب علي ظهرها بشفقه يدعمها بصوته الأجش:
— أهدى يا كهرمان أنا معاكي محدش يقدر يقرب منك خلاص هما هيدخلوا السجن لأخر نفس فيهم ومستحيل يقدروا يقربوا منك تاني ولا أي مخلوق على وجة الأرض يقدر يمس شعره منك أنتى فى حمايتى لأخر نفس فيا…..
تشبثت به كغزاله تائهه فى البرارى تحتمى به من صياد غاشم، تداهما دروب الضياع التى على وشك ان تسلكها، تزيد بعثرتها ذكرى وحشية اغتصابها تعزز شعورها بالتلاشى، تبكي بنحيب يقطع القلوب وقهرة شهقاتها المتقطعه علي حالها تَصُمْ الآذان..
بصوت منكسر هتفت
— هم أخدوا مني كل حاجه خلاص…
نطقتها بمخزون عذاب ليس له مثيل، أخذت تبكي ودموعها تشق أنهار علي وجنتيها…
شعر “أصلان” أن دموعها تحرقه بلا رحمه، احتواها بين زراعيه ونيران الانتقام تتأجج بصدره يشعر أن قلبه يتمزق بسكين بارده من دموعها وضعفها الذى يطعن رجولته في مقتل ….
هتف يطمئنها ويبث الراحة داخلها :
— أنتي في أمان معايا وطول ما أنا جنبك مستحيل حد يقرب منك.. وفي أقرب وقت السافل اللي عمل معاكي كده هيبقي جوزك.. يعني هترفعي عينك في وش أي حد.. ومفيش مخلوق هيقدر أنه يسألك في حاجة.. وهتبقي متجوزه على سنة الله ورسوله.. انتى فى الأول والآخر معملتيش حاجه غلط تخجلى منها…
اعتلت الصدمه ملامحها غير مصدقه ما سمعته منه، تحولت الى كتله غضب قاتله ودفعته بقوه بعيدا عنها وظلت تضرب وجهها عده لطمات متتالية:
— حرام عليك ليه تظلمني زيهم.. ليه تحكم عليا بورقه تسجنى اللى باقى من حياتى مع اللى دبحنى بسكينه تلمه.. ليه تبقى القاضى والجلاد فى نفس الوقت.. أنا قولت انت هتبقى رحمة ربنا ليا على الأرض.. أتاريك الجزار الجديد اللى هتكمل على الدبيحه عشان تقطع النفس خالص..
أظلمت عيناه من صدمه فعلتها وحديثها الفظ الملام، حبس أنفاسه الغاضبه مانعا نفسه من التهور عليها وصفعها، بسط يده وامسك يديها التي تلطم بها وجهها..
هدر بصوت عالي
— أنتى بتعملي كده ليه.. كل اللي أنا بعمله علشان اضمن ليكي حقك. وتقدرى تعيشى وسط الناس من غير ما حد يلسن عليكى.. ده اسلم حل لظروفك.. وبعدين دى مش جوازة العمر.. شهرين تلاته بالكتير وتطلقى.. وفى الاخر دى هتكون ورقه شرعية بتحلل وضعك من بنت لست عشان لو حبيتى تتجوزى وتعيشى حياتك يبقى فى مبرر لتحويلك من عذراء بكر لسيده عاقل رشيد
اردفت بغضب ودموعها تزداد انهمار:
— مستحيل اربط اسمي باسمه تاني.. وبعدين أنت ازاى عاوزني أخدع واغش الراجل اللي هتجوزه بعد كده.. أنت مش حاسس باللي أنا حساه.. صدقني أموت نفسي اهون من اللى انت عاوزني اعمله..
تابعت من بين بكائها وشهقاتها
— أنا بموت في اليوم ألف مرة وانا بطولى.. أومال لما يبقى فى حياتى شخص تانى المفروض هكمل معاه حياتى وأنا مخبيه عليه سر كبير زى ده ممكن يهدم حياتى من جديد بعد ما أكون اتعلقت بيه.. اللى انت عيزنى اعمله ده هيكون زى بيت مبنى من رملة البحر مع أول موجه هتيجى هتهده وكأنه ماكان وأنا اللى هفضل أنعى حظى لوحدى.. يعنى هتبقى حياتى فى الاخر سرب اواهم دخلت فيه برجلى وانا الخسرانة الوحيده.. أنت بتريح ضميرك على حسابى.. بس كله غلط مينفعش.. مينفعش ..
تملك منها فيضان الغضب والحسره
— انت مش حاسس بالنار القايده في قلبي ولا روحي اللي بتتحرق أزاى وأنا حاسة بخجل من نفسي وخوفي من ربنا وأنا بخدع راجل كل همه أنه يتجوزني يبقى جزاءه اني اغشه.. حتي جسمي مستحيل ينسي اللي اتعمل فيه.. عمرك ما هتتخيل وجع جسمي مكان ضربه وبهدلته ليا.. نفسي امسح أي أثر له على جسمي…
وأثناء حديثها كانت تداهم مخيلتها لقطات ما حدث معها، ظلت تبكي تاره وتلطم وجنتيها تاره، وحاله من الهياج انتابتها وأخذت تمزق ملابسها ويدها تمسح بخشونه على جسدها تزيل آثار لمساته..
كانت الصدمة له عندما سقطت عينه علي آثار أظافره على زراعها واسنانه على رقبتها وكدمات مدمية على مقدمة صدرها، تجمد مكانة وهو يتوعد لهم سيعاقبهم أضعاف مضاعفة على فعلتهم بها، تلاطمت الافكار داخل عقله تعصف به بلا هواده يتوعد لهم بجهنم على الارض، حتى فاق من شرودة وهي تسقط مغشي عليها وترتطم بظهر الفراش..
في نفس الأثناء دلفت “صفاء” والدته على صوت بكائها وصريخها صدمت من المشهد الذي أمامها هزته لكي يستفيق على حاله، ثم بسطت يدها وسحبت الغطاء لكي تستر جسدها العارى المدمي بسبب آثار اظافرها..
حولت نظرها ل “أصلان” متحدثه باستياء:
— هات أزازة البرفيوم أفوقها.. واخلص ياابني بدل ما أنت واقف تتفرج عليا..
نفض رأسه لكي يستفيق وخطي بخطوات متلهفة باتجاه منضده الزينه الخاصه به أخذ العطر وعاد إلى والدته التي اخذتها بالفعل ونثرت منها على وجهها لكي تستفيق..
وأكملت حديثها بأمر له :
— اتصل بدكتوره الأمراض النفسيه اللي المفروض كانت هتبدا معاه بكره خليها تجيلها حالا.
أوما لها برأسه وأبعتد عنهم الي نهاية الغرفة وأخرج هاتفه من جيب سترته وأجرى مكالمه بالطبيبة وعاد مره أخرى اليهم.
كانت والدتة تبكي على حالها وأنها لم تفيق من الإغماء، و”كهرمان” مازالت تسبح في أنهار الظلام الدامس..
نظرت له والدته بلوم وعتاب قائله :
— إيه اللي وصلها للحاله دي.. أيه حصل رجعها لنقطة الصفر أنا سيباه معاك كانت بدأت تتأقلم علينا..
هز رأسه يرفض تلميح والدته
لم تمهله “صفاء” فرصه للرد وقاطعته
— روح لأختك خليها تجيب لبس علشان اغير لها قبل ما الدكتوره تيجي..
نظر لوالدته بطاعة وتركها وغادر وهو يشعر بالندم والغضب بآناً واحد ندم من نظرة أمه الملامه وغضب من تلك المعتوه التى ثارت بدون داعى هو بالاخير يريد مصلحتها..
عاد بعد قليل في يده كنزه أعطها لها وانصرف وعقله يكاد ينفجر من رد فعلها، ظل أمام الغرفة حتي أقبلت عليه الطبيبه بصحبة الخادمه القت عليه التحيه وبسطت يدها تصافحه:
— ازاي حضرتك يا اصلان باشا.
صافحها باقتضاب :
— أهلاً بيك يا دكتوره اتفضلي…
وأشار لها على الغرفه، طرق الباب عدة طرقات حتي أذنت له والدته بالدخول…
دلفت الطبيبه التي استقبلتها “صفاء” واشارت لها على كهرمان وهى تسرد لها ما حدث معها.
بعد أن انتهت من الكشف عليها، اعطئها أبره لتستفيق وهتفت:
— عاوزه أستاذ “أصلان” علشان اشرح له الخطوات اللي المفروض تتعمل .
اومات لها “صفاء” وخطت نحو باب الغرفة وهتفت بإسمه :
— أصلان اتفضل يا ابني الدكتور عايز تتكلم معاك.
دلف “أصلان” وعلامات الحده تحتل معالم وجهه قائلا بصوته الاجش:
— اتفضلي يا دكتوره قولي اللى أنتى عاوزه تقوليه عن حالتها…
أجابته الدكتوره بعملية:
— طبعا هي عندها حالة انهيار عصبي وأنا عطتها حقنه مهدئة بعد ما تأكدت من افقتها الكاملة.. بس نظرا لأنها مغتصبه يبقي لازم في أقرب وقت تخضع لفحص طبي علشان ميحصلش حمل.. لأن ده اللي كان المفروض يعملوا الدكتور اللي شافها أول مره.. لأن ده هيعرضها للخطر.. وما افتكرش أن البنات اللي بتتعرض للاغتصاب بتبقى مرحبه بالاحتفاظ بالجنين..
كانت تسمعها “صفاء” وهي تبكي بحزن ونظراتها مسلطه بشفقه على كهرمان غصه مررت حلقها وهى تقول :
— يا عيني عليك يا بنتي كان مستخبي لك ده كله فيه.
اجابتها الطبيبه
— ده نصيبها يا”صفاء” هانم.. المشكله مش في كده المشكله في أنها حاليا مش هتشعر بكل اللي بيدور حواليها لأنها معرضه للانتحار في أي وقت.. بس أنا هبعت طبيبه نسائيه صديقتي أقدر أثق في أمانتها ومهنيتها أنها هتعمل ليها الاجراءات الطبيه اللازمه.. علشان لو كان لا قدر الله حصل حمل نقدر نتخلص منه في هدوء.. وأنا هبعت ممرضه تقيم معها لو شايفين أن ده مناسب.. لكن الأفضل ليها من وجهة نظرى أنها تدخل مصحه.
أجابها “أصلان” بلهفه رافضا حديثها
— أنا عاوز اثنين ممرضات.. واحده تهتم بالعلاج وواحده تهتم بنظافتها الشخصيه استبعيدي نهائي إنها تروح المصحه…
هتفت الطبيبه بعمليه:
— خلال ساعتين هتكون الممرضات عند حضرتك وهما عارفين شغلهم كويس.. وان شاء الله الانسه تخف في أقرب وقت.. بس هو أنا كان عندي فضول أعرف هي تقرب ليكم ايه.
أجابها أصلان بغضب:
— يا ريت ما تسأليش وخليكِ في شغلك.
رفعت له حاجبها الأيمن بتحدي قائله:
— انا مقدره الموقف اللي أنتم فيه ومقدره مكانتك الاجتماعيه والمهنيه.. لكن ده من صميم شغلي مش بسألك لمجرد الفضول فقط.
ردت عليها “صفاء” بلهفه تخفف من حدة الحوار
— أكيد أنتي مقدره اعصابنا إللي مشدوده وعشان انتي متعرفيش “أصلان” ابني ما بيحبش حد يتدخل في شؤونه الشخصيه وعلشان انتي قولتي ان ده سؤال في صميم شغلك أنا بقول لك أن ابني لقاها في الشارع.
تبدلت نظرات الطبيبه من الحده الى اللين قائله
— ان شاء الله هتبقى كويسه وزي الفل وربنا هيجعله في ميزان حسناتكم استاذن انا
وانحنت وحملت حقيبتها وغادرت.
رمقته والدته بتجهم هاتفه بقلة حيله :
— انا رايحه اصلي على ما الممرضات تيجي.
وتركته وعقلها يسطر ما تزاحمت به أفكارها لمكنون صدرها يرفض البوح به حاليا..
ازدرد “أصلان” ريقه بصعوبه يتنفس بحراره وهو ينظر لها بأسف على حالتها، اقترب منها عندما لاحظ أن عيونها تدمع وهي نائمه، بسط أنامله يجفف عبراتها، وابتعد عنها كمن لدغه عقرب وهو يسلط نظراته على بطنها سيجن من فكرة حملها..
ظل يحدث نفسه وهو في تخبط ما بين العقل والضمير الذي يملي عليه قتله.
— ابن الاغتصاب مالوش يعيش.. وصمة العار لازم تندفن عشان متبقاش الشوكه اللى تنغص عليها حياتها.. كفايه عليها وجع وقهر لحد كده..
اخرج هاتفه من جيب سترته وأجرى مكالمه مع مدير الشؤون القانونيه لمجموعة شركاته عن ترتيب الأوراق اللازمه لزواجها من هذا المغتصب في غصون يومين واغلق الهاتف وهو يجلس على مقعده ينظر لها بدون أن ينطق لسان عقله أو لسان قلبه أى أحاديث فهو حسم امره بدون جدال من أياً منهما..
كان ينظر لها كمن ينظر الى سراب خيل له في صحراء قاحله وهو فاقد القدره على التركيز
مضى الوقت سريعا ودلفت والدته ومعها الممرضتان وفي يدها مجموعه من ملابس ابنتها وضعتها على الفراش وشرحت لهم حالتها وتركتهم وهي تنظر له قائله:
— اتفضل أنت يا “أصلان” علشان يشوفوا شغلهم .
أوما لها برأسه وغادر بدون ان يتفوه، أمسك زراع والدته ودلفوا غرفتها اجلسها علي الفراش ودثرها بالغطاء هاتفا:
— أمى عارف إنك عاوزه تتكلمي معايا بس أنا فعلاً مش قادر دلوقتي واللي فيا مكفني.. علشان خاطرى أجلى الكلام لحد ما اطمن عليها..
هزت راسها بالموافقة :
— روح يا ابني ربنا يهديلك نفسك وقلبك..
قالت كلمتها الأخيرة وكانت ورائها مغزى هو يعلمه تركها بخطوات متلهفه هاربا من نظراتها وغادر الغرفه.
نظرت الي أثره قائله
— كنت عارفه أن قلبك مال لها وأنا اللي عارفة قلبك يا ابن قلبي مهما تدارى محدش بيحس بيك غيرى.. ربنا يقدم لك الخير…
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كهرمان)