رواية أسرار عائلتي الفصل الثامن 8 بقلم أروى مراد
رواية أسرار عائلتي الجزء الثامن
رواية أسرار عائلتي البارت الثامن
رواية أسرار عائلتي الحلقة الثامنة
إكتفى بقول تلك الكلمات ثم أخذ هاتفه وخرج متجها نحو غرفة المكتب ليعرف سبب طلب والده له، طرق الباب ثم دلف بعد سماعه الإذن بالدخول، وجد جده يجلس خلف المكتب ووالده أمامه، لكنه وقف مكانه حين وقعت عينه على تلك التي تجلس في مقابلة أبيه وحدق بها بصدمة لم يفق منها إلا عندما إقتربت منه بسرعة وحضنته تحت ذهول والده وجده وهمست:
– أنا هربت منهم يا خالد!
لم يصل همسها إلا إلى خالد ولكن محمد وقف مخاطبا إياه ببعض الحدة:
– مين دي يا خالد؟ من اول ما جت وهي رافضة تتكلم إلا لما تجي ..
تردد خالد في قول الحقيقة لكنه حسم أمره وأجابه وهو يحضنها:
– دي أختي.
رفع حاجبه بإستغراب قبل أن تتسع عينه بصدمة متسائلا:
– بنت يمنى طليقتي؟
أومأ برأسه وهو يحضن أخته بشدة إستعدادا لتلقي غضبه لكنه تفاجأ به يرمقه بنظرات حادة دون أن ينطق بحرف، إنتبه إلى جده الذي تدخل قائلا:
– خدها دلوقتي عند بدور وارجع عشان نتكلم لوحدنا في الموضوع ده.
شعر خالد بإرتجافها فهمس لها بحنان:
– متخافيش، انا هتصرف واقنعهم عشان تفضلي هنا معانا، ودلوقتي تعالي معايا اعرفك على بنت عمي.
قال ذلك ثم سحبها معه متجها للأعلى نحو غرفة بدور والتي كانت تجلس ومعها رحمة تتبادلان أطراف الحديث، قاطع ذلك صوت طرق على الباب فقامت بفتحه لتجد ابن عمها خالد ومعه فتاة أخرى لا تعرفها، تطلعت إليه بإستغراب وقبل أن تنطق بحرف كان هو يسبقها بالكلام:
– اسف لو ازعجتك بس ممكن تخلي اختي معاكي دلوقتي؟
رفعت حاجبيها بدهشة وتساءلت:
– اختك؟
زفر بإستعجال وأردف:
– هتعرفي كل حاجه منها هي، المهم أختي دلوقتي أمانة عندك.
هزت رأسها موافقة دون أن تمحي ملامح الإستغراب من وجهها، نظرت إلى تلك التي تقف أمامها ببسمة حزينة فإبتسمت لها بسمة عريضة وقالت بمرح وهي تسحبها لتدخل وتغلق الباب:
– مع اني مش فاهمة حاجة بس مفيش مشكلة في اني اصاحب بنتين في نفس اليوم!
ثم جلست وأجلستها معها على فراشها بجانب رحمة التي إبتسمت لها بترحيب هي الأخرى وأردفت:
– إسمك ايه بقى؟
أجابت ببسمة هادئة:
– عائشة.
…
– يعني انت كنت بتروحلها من ورايا؟
كان ذلك السؤال أول ما خرج من شفتي محمد بعد عودة خالد للمكتب، لوى هذا الأخير شفتيه بضيق قائلا:
– من حقي اني ازور ماما على فكره، مش معنى انكم اتطلقتوا اننا ممنوع نشوفها.
إتسعت عيناه بصدمة سرعان ما تحولت لغضب وصاح:
– قصدك ايه؟ عايز ترجع دلوقتي للست الي سابتك من صغرك ومسألتش عنك؟
تنهد خالد بتعب وأردف:
– مقصدش كده يا بابا، انا مروحتلهاش اصلا ومشفتش وشها من زمان.
– امال عرفت بنتها ازاي؟
مسح على شعره بتوتر وهو يجيب:
– هي جاتلي من نص سنة تقريبا، معرفش عرفت مكاننا ازاي بس كانت عايزاني احميها من ابوها بعد ما ظلمها وعذ’بها لما سمع من حد تاني انها خرجت معاه وو…
قطع كلامه ليفهم كل منهما قصده، ضغط محمد على أسنانه بغضب هادرا:
– وأمها فين؟ مدافعتش عنها ليه؟
– انت اكتر واحد عارف ماما كويس، ابناءها ديما هما اخر اهتماماتها، وطبعا انا وعدي المفروض نبقى سندها بعد ابوها الي ظلمها، وعشان كده انا عايزها تفضل معانا هنا.
– وأنا مش موافق.
نظر خالد إلى والده الذي قال ذلك بحزم وأردف بنبرة راجية:
– يعني يرضيك اسيب اختي مع عيله زي دي؟
– لا بس مش عايز مشاكل مع أمك وجوزها ولو أختك فضلت هنا هضطر اشوفهم وانا مش مستعد اقابلهم تاني.
– بس …
قاطعه بنبرة لا تقبل النقاش:
– ده آخر كلام عندي.
وقف فور إنهاء كلامه ثم خرج من المكتب دون أن يضيف كلمة أخرى، إلتفت خالد إلى جده بنظرة راجية قائلا:
– ممكن تقنعه يا جدي أرجوك!
– بس انا برضه مش موافق.
– ليه؟ ماهي بدور جت وقعدت معانا رغم أن مفيش حد فينا اتعامل معاها قبل كده ويعرفها، ليه متسيبش عائشة برضه معانا؟
– متقارنش بدور بأختك يا خالد، بدور فرد من عيلة العمري بس عائشة لا، وأنا مش هقدر اخدها من عيلتها طالما هي لسه مش واخده اسم عيلتنا.
قال تلك الأخيرة وهو يراقبه بنظرات ذات مغزى إستطاع خالد فهمه لكنه تساءل رغم ذلك:
– قصدك ايه؟
– قصدي أن الحل هو انها تتجوز واحد من عيلتنا!
…
– وانت موافق على كلامه؟
قالها ياسين وهو يجلس على مقعد بالحديقة مع خالد بعد أن قص عليه هذا الأخير ما حدث منذ مقابلته لاخته لأول مرة إلى إقتراح جده الغريب فأجابه خالد بنفي:
– مش موافق طبعا، بس مش عايز اسيب عائشة مع ماما وجوزها.
– في حل تاني وهو أننا نتكلم مع ماما.
إلتفت إلى صاحب الصوت ليجد شقيقه عدي يقف خلفه ويبدو أنه إستمع إلى حديثهم من البداية، تابع كلامه وهو يجلس بينهما ويرمق أخاه بلوم:
– مع اني زعلان منك لأنك محكتليش حاجه.
– توقعت انك هتتعصب لو عرفت عشان كده خبيت عليك.
هز رأسه بتفهم وهو يرمقه بنظرات غامضة تجاهلها خالد وهو يتابع بتساءل:
– بس قصدك ايه بان الحل التاني هو اننا نتكلم مع ماما؟
– هقولك بعدين، انا عايز اشوف اختي دلوقتي.
– اوك، تعال معايا.
…
كانت الفتيات الثلاث تجلسن على سرير بدور تتبادلن أطراف الحديث قبل أن تنضم إليهن تلك الصغيرة لتصبح موضوع هذا الحديث، إنزعجت من أسئلتهن التي لا تنتهي وهي تجيب ببرود جعل كلا من عائشة ورحمة تستغربن من طريقة فتاة في مثل عمرها في الكلام. قاطع حديثهن صوت الطرق على الباب فقالت بدور مخاطبة عائشة:
– ده خالد أكيد، روحي شوفيه.
أومأت عائشة برأسها ثم قامت لتفتح الباب ووجدت خلفه خالد بالفعل ولكنه يقف إلى جوار شاب آخر عرفته على الفور لشبهه الكبير منه فتساءلت بهمس:
– عدي؟
هز خالد رأسه فإبتسمت بفرحة قبل أن ترمي نفسها بين أحضانه بحركة فاجأته، شعر ببعض التوتر بما أنه يقابلها للمرة الأولى، تردد في رفع يده ليحاوطها بها لكنه رفعها وتوجه بها نحو مؤخرة عنقه يحكها ببعض الإحراج. إبتعدت عنه بعد لحظات وأردفت ببسمتها الهادئة:
– خالد كان بيحكيلي عنك ديما وكنت عايزة اشوفك.
– بس أنا زعلان منك.
طالعته بإستغراب فتابع كلامه بلوم:
– ليه مجيتيش وكلمتيني طالما بجد كنت عايزة تشوفيني؟
خطفت نظرة إلى خالد وكأنها تستشيره في الحديث وعندما لم تجد الاعتراض على وجهه قالت بتبرير:
– أنا مكنتش عارفة أن ماما كانت متجوزة حد تاني قبل بابا اصلا، وعرفت من سنة تقريبا لما سمعتهم بيتكلموا صدفة ..
أخذت نفسا عميقا قبل أن تواصل بنبرة حزينة غير مدركة لتلك التي تقف خلف باب غرفتها تتنصت على حديثها بفضول:
– قبل سنة كان في واحد بتاع بنات بيضايقني في الجامعة وعايز يصاحبني بس أنا كنت بصده ومحكتش لبابا لاني كنت خايفه من ردة فعله، والولد ده مسابنيش في حالي وطلب مني رقم ابويا عشان يثبتلي انه عايزني في الحلال وهيجي يخطبني ولما رفضت اخده من واحدة من صحباتي بنفس الحجة بس بقى بيهددني بأنه هيبعت لبابا صور لينا مع بعض معرفش جابها ازاي بس أكيد مركبة.
كانت تتحدث وهي مخفضة لرأسها وعندما سكتت لاحظ عدي نزول دمعة من عينها على الأرض، عقد حاجبيه بغضب أخفاه بأعجوبة وهو يهمس:
– كملي!
هزت رأسها ثم تابعت ونبرة صوتها تتحول إلى البكاء:
– كنت واثقة ان بابا مش هيصدق عليا حاجات زي دي، ورفضت برضه أعمل الي هو عايزه وقررت اني هحكي لبابا كل حاجه بس لما رجعت للبيت لقيته نفذ تهديده وبعت الصور والي صدمني ان .. بابا صدقه!
أنهت كلمتها الأخيرة ثم إنفجرت بالبكاء، سحبها خالد إلى أحضانه وأخذ يربت على ظهرها بحنية شديدة، هدأت قليلا ثم مسحت دموعها وعادت لتنظر إلى عدي وواصلت:
– ساعتها بابا حبسني في البيت ومنعني أروح الجامعة تاني أو اطلع اي مكان وبقى بيضر’بني وو …
قطعت كلامها فجأة وهي تفتح عينيها برعب أفزع كليهما، أصبح تنفسها ضعيفا فحاول خالد تهدئتها ببعض الكلمات وهو يربت على ظهرها بحنان إلى أن عاد تنفسها طبيعيا، طالعها خالد بقلق ثم قال:
– خلاص يا عائشة، أنا هكمل احكيله.
لكنها تجاهلت كلامه وأكملت حديثها قائلة:
– عدت ايام وهو بيعاملني معامله وحشه لحد ما في مره سمعته بيتخانق هو وماما بصوت عالي، مكنتش فاهمه الموضوع بالضبط بس بعدها فهمت انها كانت متجوزه ومخلفه عيال غيري وكانت عايزه تشوفهم بس بابا رفض، دورت على اي حاجه ممكن توصلني ليكم لحد ما لقيت كارت فيه رقم خالد وإتصلت بيه وعرفته كل حاجه وكنت عايزه اقابلك انت برضه بس خالد رفض ..
نظر عدي إليه بغضب فهز الثاني كتفيه قائلا بتبرير:
– قولتلك اني كنت قلقان من ردة فعلك وعشان كده فكرت انك لو متعرفش حاجه احسن.
قلب عينيه بضيق ثم عاد بنظره إلى عائشة وحثها على متابعة حديثها قائلا:
– كملي، ايه السبب الي خلاكي تجي هنا النهارده بالذات؟
أخفضت رأسها وهمست بإنكسار:
– لان الولد الي كان بيضايقني طلب منه يتجوزني عشان يستر عليا وبابا وافق وجاب المأذون وكان مجهز لكل حاجه بس .. أنا هربت!
ضغط عدي على قبضة يده بقوة وهمس بغضب:
– وهو ازاي يصدق حاجه زي دي عليكي من غير ما يتأكد؟
– لان وحده من الي كنت بحسب انهم صحباتي قالتله انها شافتني بخرج معاه كذا مره وهو عشان عارفها صدقها بس مرضيش ياخدني لدكتورة نساء عشان يتأكد ..
خرج صوته بفحيح مرعب وهو ينظر إليها بعينين لا تبشران بالخير:
– الولد الي بيضايقك ده إسمه إيه؟ والبنت كمان؟ وأبوكي هيجي دوره بعدين …
نظر إليه خالد بحدة قائلا:
– عايزهم ليه يا عدي؟ متتهورش ومتعملش حاجه من دماغك، مش عايزين مشاكل!
تجاهله وخاطب عائشة بزمجرة أرعبتها:
– هتقوليلي والا لا؟
– ت .. تمام.
…
كانت تهبط الدرج وهي تمسك بيد الصغيرة وتدور برأسها في كل الإتجاهات باحثة عن عائشة، وصلت إلى غرفة الطعام حيث يجلس الجميع لتناول العشاء لكنها لم تجدها هناك كما توقعت. لاحظت إختفاء عمها محمد وإبنيه كذلك فتأكدت من وجودهم معها وجلست بإطمئنان عليها رغم الشفقة التي تشعر بها ناحيتها بعد أن إستمعت عن طريق الصدفة إلى حديثها مع عدي وقصها لحكايتها، ولنؤكد أنها إستمعت إليهم عن طريق الصدفة ..
لاحظ والدها شرودها فحاول خلق حديث بينهما مناديا بإسمها:
– بدور!
إستفاقت من شرودها على صوته، نظرت إليه بإنتظار ما سيقول فأردف بإبتسامة:
– مقولتيليش، عملتي ايه في الجامعة النهارده؟
إنكمشت ملامح وجهها بضيق فور تذكرها لما حدث وتمتمت:
– الي حصل خلاني اقتنع بكلامك يا بابا، مكنش ينفع ارتبط بحد مستسهل الإرتباط والبو’س كده، ودلوقتي بس فهمت ليه ربنا حرم الارتباط من غير خطوبة أو جواز.
رفع حاجبيه بإستفهام وحثها لمتابعة كلامها بعينيه فواصلت:
– لو كنت وافقت ارتبط بيه كان ممكن بعد ما يعلقني بيه ويعيشني في حلم يسيبني ويكسرني بسبب حاجه بسيطة أو خناقة تافهة، وبما ان الارتباط كان سهل فالانفصال برضه هيبقى اسهل لانه مدفعش فلوس عشان يرتبط بيا أو مش هيبقى ملزم انه يصرف عليا بعد انفصالنا مثلا، بس في حالة الجواز هيكون قرار الانفصال اخر حل يلجأ له وهيعمل حساب لكل الي عمله عشان يتجوز وهيحاول يحل المشكلة بطرق تانية، وعشان كده البنت الي بتوافق ترتبط بالسهولة دي بترخص نفسها بعد ما كانت غالية .. صح؟
كان ينظر إليها بدهشة من تفكيرها، لكن سرعان ما إرتسمت على وجهه إبتسامة رضا وربت على شعرها بفخر:
– انا بجد فخور بيكي لانك فهمتي كل ده لوحدك، بس حصل ايه عشان تفكري كده؟
تنهدت بضيق قبل أن تبدأ بسرد ما حدث منذ طلبها لأدهم بتمثيل دور حبيبها أمام الجميع، لكنها ختمت كلامها ببسمة قائلة:
– بس أنا مبسوطة لأن ربنا أظهرلي حقيقته قبل ما أوافق عليه.
– حسيتي بايه لما شفتيه بيعمل كده؟
تفاجأت بسؤاله لكنها أجابت بهدوء:
– معرفش، بس اتأكدت اني مكنتش بحبه بجد لاني لو كنت بحبه مكنتش هقدر احافظ على برودة أعصابي كده.
أومأ برأسه بتفهم ثم قال:
– كويس انك فوقتي بسرعة.
– لما فضلت مع نفسي شويه قررت برضه اني مش هسمح لحد يقرب مني ولا حتى ياخد تفكيري لحد ما يجي ابن الحلال الي يستاهلني.
إزدادت إبتسامته إتساعا وهو يتأكد بأن إبنته ذكية، عاقلة ولا خطر عليها، لكنها تحتاج فقط إلى بعض التوجيهات. سكت قليلا يفكر في شيء ما قبل أن يسألها فجأة:
– عاملة ايه في دراستك؟
وضعت الملعقة التي كانت تأكل بواسطتها على الطاولة وأجابت:
– عادي، الامتحانات قربت وأنا متوترة سيكا بس متقلقش عليا.
هم بالحديث ثانية لولا إندفاعها المفاجئ والمريب فور وقوع عينيها على أدم وصراخها بإسمه:
– آآدمم!
تطلع إليها الجميع بإستغراب لكنها تجاهلت نظراتهم وإقتربت منه ثم سحبته تحت إستغرابه وأخذته إلى غرفتها وأقفلت الباب، رفع حاجبيه بتعجب من تصرفها بينما عقدت هي ذراعيها أمام صدرها قائلة بجدية:
– هسألك سؤال وتجاوبني بصراحة.
زفر بضيق بعد أن علم ما تريد أن تسأله فصاح بتذمر:
– أنا لسه متعشتش على فكرة!
– اتعشى بعدين، دلوقتي عايزاك تقولي ليه …
قاطعها فجأة متهربا من سؤالها:
– ااه افتكرت حاجه!
تطلعت إليه بإستغراب فواصل ببسمة غبية:
– هي إيلين والبنت الي جت معاها النهارده الي إسمها سرين توأم صح؟
زفرت بغيظ من محاولته المكشوفة لتغيير الموضوع وكادت تتحدث لولا متابعته للكلام بنبرة مغرورة:
– أصلهم شبه بعض اوي بس انا طبعا عندي قوة ملاحظة وعرفت انهي منهم إيلين بسرعة!
لوت شفتيها بتهكم وقالت:
– واضح اصلا من ستايل لبسهم، إيلين بتلبس الحجاب مع بناطيل واسعة وسرين مش بتلبس غير الفساتين.
إبتسم براحة لنجاحه في تغيير الموضوع لكنه تفاجأ بها تضيف بخبث:
– بس انت مالك مهتم بإيلين اوي كده ليه؟
زم شفتيه بتذمر وصاح مدافعا عن نفسه:
– انا مش مهتم بيها أنا بس بحاول اغير الموضو ….
قطع كلامه فجأة وهو يستوعب كشفه لنفسه بينما إنفجرت بدور في الضحك وهي تردد بين ضحكاتها:
– عارف .. هي غبية اوي ومبتعملش حساب للي هتقوله، زيك كده بالضبط .. انتو والله مناسبين لبعض اوي.
رمقها بضيق ثم توجه للخروج رغم صراخها به أن يقف:
– استنى انا لسه مسألتكش ..
قاطعها وهو يفتح الباب:
– عارف هتسأليني ايه، والجواب مش هتلاقيه غير عند بابا.
إنتهى من قول ذلك ثم تركها تجلس في حيرة من أمرها وهي تفكر في حقيقة تلك الأسرار التي يرفض أي أحد البوح لها بها، تنهدت بتعب ثم إستلقت على فراشها والأفكار تطاردها إلى أن نامت دون أن تشعر.
…
أفاقت في الصباح على صوت طرقات مزعجة على الباب، فتحته بعد أن إستوعبت بأنها كانت تنام بغرفة خالد والذي تركها تأخذ فيها راحتها ونام هو تلك الليلة مع عدي. وجدته يقف أمام الباب وينظر إليها ببسمة قائلا:
– صباح الخير!
– صباح النور!
أمسك بيدها وسحبها للنزول قائلا بعجلة:
– انا مستعجل دلوقتي لاني المفروض اروح المكتب بدري بس مقدرتش اسيبك لوحدك وانا متأكد انك هتتكسفي تطلبي الفطار من الخدامات!
كان قد وصل إلى غرفة الطعام حين أنهى كلامه فدخل ليجد أبناء عمه أمجد وأدهم ومعهم بدور والصغيرة براءة يتناولون طعام الفطور، أجلسها بجوار بدور وهمس:
– استني شويه.
غاب داخل المطبخ لبضع دقائق ثم خرج وهو يحمل كوبا من الحليب ووضعه أمامها قائلا بإهتمام كبير:
– إشربي!
أومأت بطاعة وشربته تحت نظرات الدهشة من بدور لكنها لم تكن أكبر من دهشة أمجد وأدهم الذي همس لها بتساءل:
– هي مين دي؟ كنت بحسبها صاحبتك اول لما دخلت!
– لا دي اخته.
عقد حاجبيه بإستغراب:
– نعم؟ أخته ازاي؟
كادت تقص عليه ما سمعته من حديثها مع عدي لكنها تراجعت فورا وأجابت بإختصار:
– مامته اتجوزت واحد تاني غير عمي محمد ودي بنتها.
هز رأسه بفهم متمتما:
– اهاا!
عاد يتناول فطوره بلا مبالاة إلى أن سمع بدور تهمس بتذمر وهي لا تزال تراقب معاملة خالد لأخته:
– اشمعنى هي عندها اخ حنين اوي كده وانا لا؟
إبتسم معلقا بسخرية:
– بتغيري منها؟
طالعته بغيظ وهمست:
– مش غيرة بس انا من زمان كنت بتمنى يبقى عندي اخ بيحبني اوي وحنين عليا زي خالد كده!
– ليه؟ مش مكفيكي حنان الاب الي اخدتيه كله لوحدك؟
قالها بحنق فإبتسمت بسخرية قائلة:
– بتغير مني؟
رمقها بغيظ وهي تبتسم بإنتصار ثم وقفت وصاحت مخاطبة أمجد:
– يلا نروح يا أمجد هنتأخر!
ثم إلتفتت إلى عائشة وأضافت:
– وانتي هسيب براءة معاكي لو مش هتطلعي ممكن؟
أومأت لها عائشة بتأكيد فخرجت مع أمجد بسرعة تاركة خالد ينظر إلى عائشة قائلا:
– أنا برضه لازم اروح، بس في حد هنا مستنيه يطلع الاول عشان اطمن ..
نظر إليه أدهم بغضب وهو يعلم أنه يقصده فقابله الآخر ببسمة مستفزة، لوى شفتيه بغيظ ثم خرج بلا أدنى كلمة. أعاد خالد نظره إلى عائشة وأردف:
– هسيبك دلوقتي مع براءة واعتبري البيت بيتك ولو عايزه تستكشفي القصر قولي للخدامات يفرجوكي عليه، بإختصار اعملي الي انتي عايزاه ومحدش هيكلمك.
إبتسمت له بإمتنان فنظر إلى براءة التي كانت تجلس قربهم تتابعهم بهدوء وقال مخاطبا إياها:
– وانتي خدي بالك منها تمام؟
لوت شفتيها بتذمر وتمتمت:
– المفروض توصيها هي تاخد بالها مني مش انا!
هز رأسه بعدم إهتمام معقبا:
– اوك، بس برضه خدي بالك منها!
ثم غادر غرفة الطعام والقصر بأكمله بعجلة تاركا شقيقته مع تلك الصغيرة التي لا تفرق عنها شيئا تقريبا سوى العمر …
…
كانت تسير بإتجاه المدرج وهي ممسكة بيده وتثرثر في مواضيع عدة وهو يضحك على طريقة كلامها وتذمرها، فقد أصبح حديثها متمحورا حول إهتمام خالد الشديد بعائشة وحنانه المفرط رغم شخصيته الباردة، إبتسم وهو يستمع إلى إعتراضها على معاملتهم الخالية من الحنان لها فلوى شفتيه متسائلا بحزن مصطنع:
– يعني مع كل الي بعمله ده ومش معتبراني حنين عليكي؟
أجابت مازحة:
– لا سوري، بس الحنان مش لايق عليك بصراحة، ممكن لو كان رسلان أخويا بجد كان هيبقى شبه خالد في حنانه لانه بارد زيه.
نظر إليها بصمت يستمع إلى بقية حديثها بإهتمام:
– هو بجد ليه رسلان وخالد وياسين كلهم باردين كده؟ هو رسلان وعرفت ليه بس خالد وياسين؟
أجابها بجدية:
– مش بالضرورة يكون في سبب معين يخلي شخصية الإنسان كده، خالد طلع شبه ابوه اوي في الشخصية وياسين كان هادي من صغره، بس رسلان .. انتي عارفه بقى كده ليه ..
تساءلت بفضول:
– هو كان فرفوش قبل ما يعرف حقيقته؟
أجاب بضحكة:
– مش بالضبط بس كان ديما بيبتسم وبيضحك وكان بيحب المغامرات وعنيد اوي.
ثم أخفض رأسه وتابع بنبرة حزينة:
– بس دلوقتي الابتسامة بقى بيتصنعها ومبتخرجش من قلبه وصعب جدا انك تلاقيه يضحك أو مستمتع بأي حاجة حواليه …
شردت بدور في كلامه وشعرت بالشفقة ناحية رسلان، همت بالكلام لكن أمجد قاطعها بإبتسامة أجاد رسمها بصعوبة:
– يلا نروح المدرج بتاعك دلوقتي، اتأخرنا.
أومأت موافقة وواصلت التقدم معه وهو لا يزال ممسكا بيدها لكنه تركها فجأة بحركة مفاجئة وسحب يده بسرعة فور وقوع عينيه على فتاة تقف على بعد أقدام منهما. ألقت بدور نظرة عليها ولاحظت تركيزها على أمجد بنظرات غريبة، إلتفتت إليه بدمعة ظهرت بعينها وقد جرحتها حركته قائلة بحزن:
– سيبت ايدي بالطريقة دي لما شفتها ليه يا أمجد؟ انت بتستعير مني؟
يتبع ..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أسرار عائلتي)