رواية ست البنات الفصل السادس والعشرون 26 بقلم نهى مجدي
رواية ست البنات الجزء السادس والعشرون
رواية ست البنات البارت السادس والعشرون
رواية ست البنات الحلقة السادسة والعشرون
الآن فقط عرفت لما تحدث لنا أشياء نظنها نهايه العالم وعندما تدورالايام نجد انه لم يكن هنالك افضل من ذلك , عندما اسرح بمخيلتى واسترجع ماحدث لى منذ يوم طلبنى عابد للزواج ارى ان هنالك الكثيرمن الصدمات التى كادت تهلكنى لولا اننى تمسكت ببقايا أرادتى والان اشكر الله عليها فما حدث صنع الكثير لى وأعطانى تجارب حياتيه لم اكن سأكتسبها يوما ً دون ان يحدث ذلك , أما الان فأعتقد اننى وصلت لمرحله الاستقرار , بعد أيام سأتخرج من الجامعه بتقدير عام امتياز كافحت كثيرا حتى حصلت عليه بالرغم من أعباء الحياه ومسؤليه طفلين إلا ان صفي شاركنى كل ضغوط الحياه , منذ ان انتقلنا للسكن فى القاهره لأكون بجوار جامعتى ويكون صفي بجوار عمله وقد صدمنى تغيير طريقه الحياه والازدحام الشديد والعادات المختلفه عن عاداتنا , فنحن قد نشئنا فى قريه صغيره يعرف بعضنا البعض بخلاف القاهريين فكل منهم فى حاله لا يتدخل احدهم فى حياه الاخر وبالتالى اذا مرضت يوما ً او احتجت لمعين لن تجد فكنا نقتسم الشقاء قبل الراحه وحتى ساعات السهر بجانب ملاذ وتميم كنا نتشاركها فكان أحدنا يسهر نصف الليل ثم يذهب لينام والاخر يجلس بدلا ُ عنه بعد ان يكون اخذ قدره من النوم , فكان تميم يذهب لروضه مدرسيه قريبه من بيتنا الصغير الذى استأجرناه وملاذ تذهب لسيده أخرى فى منزلها ترعاها وتهتم بها حتى نعود , فكنت احمل ملاذ واركض بها تجاه جارتى التى تستضيفها فى منزلها بمقابل شهرى وصفي يحمل تميم ويذهب به لروضته ثم نتقابل فى مكان حددناه سابقا ً لنستقل الحافله التى اهبط منها على مقربه من جامعتى ويستكمل صفي طريقه حتى ان يصل لعمله , كانت فتره الصباح وقتها تأخد من ساعتين الى ثلاث ساعات منذ ان نستيقظ وحتى نستقر فى أماكنا وعند العود نفس الشئ , فإذا انهيت محاضراتى قبل ان ينهى صفي عمله كنت انتظره فى المكان الذى حددناه سابقا ً فأظل استذكر ما أخذت من محاضرات حتى يأتينى فبدونه أخشى العوده واخشى استقلال الحافلات وحدى فمازال قلبى الطفولى يخشى الغربه ولا يجد أمانه الا فى وجود صفي , وعندما نعود لمنزلنا بعد ان احضرنا اطفالنا كنا نتشارك أعمال المنزل ولأن صفي عاش سنوات كثيره وحده فقد اعتاد الطهى والتنظيف , فإذا طهوت انا كان يبدل ملابس الطفلين وينظف بقايا الافطار المتساقطه واذا قرر ان يطهو هوا لنا كنت ارتب البيت واعد مائده الطعام حتى ننتهى جميعاً من اعمالنا ونجلس معا ً لنتناول الغداء , حتى تميم كان يساعد والده الذى يعشقه كما لم يُعشق والد من قبل فكان يقلده فيما يفعل ويرتدى مريول المطبخ الصغير ويخبره انه المساعد الخاص به وكان صفي ذو قلب طفولى يلعب معه ويمرح ويتنافسا على من ينهى طبقه أولا ًاو من يسبق الاخر ويركض الى الروضه اسرع فكلما مرت الايام وكبر تميم تعلق به اكثر واكثر , حتى ملاذ اصبحت تقلد تميم فى كل شئ فكان مرجعها الاول ومن بعده والدها الذى يوافقهم على اعمالهم التخريبيه أما انا فكنت الام الصارمه التى تصرخ طول اليوم ويضحك عليها ابنائها .
برغم الارهاق الجسدى الذى لم نتعرض له يوميا ً الا انه فى نهايه كل يوم عصيب نتعرض له كان يأخذنى بين ذراعيه ويحتضننى حتى اغفو بين يديه وأذهب فى سُبات عميق لا أفيق منه الا فى اليوم التالى وقد تحمل هوا استيقاظ ملاذ فى منتصف الليل بل وفى بعض الايام عندما اتكاسل عن الاستيقاظ كان يستيقظ هوا ويعد الفطور ولا يوقظنى الا بعد ان ارتدى هوا وابنائنا كامل ملابسهم وكنت اعوض له ذلك فى الايام التى تخلو من المحاضرات فكنت اعيد ترتيب المنزل وتنظيفه وأعد له الأكل الذى يحبه واترك الاولاد معى فى المنزل فلا يحمل عناء ذهابهم او مجئيهم فكان يوما ً غير تقليديا ً يكسر قيود الروتين اليومى الممله .
كنا نتحمل بعضنا البعض فمن لديه طاقه يفيض على من اوشكت طاقته على النفاذ واذا اوشكت على الانفجار من إثر ضائقه ماديه او أعباء حياتيه كان يذكرنى بكل جميل يحدث لنا وكيف اننا الان معا ً دون ضغوط نفسيه فالمشاكل الحياتيه سهله الحل ولكن المشاكل النفسيه تأخذ من العمر والجسد فكنت استشعر ذلك وتهدأ روحى وتسكن .
اما زياراتنا الى قريتنا الصغيره كانت فى الاول اسبوعيه ثم بعد ذلك اصبحت فى فترات غياب الاختبارات ولم يخل صفي بوعده تجاه اهل عابد بل كان يحمل تميم ويذهب به إليهم ويتركه حتى تتصل جدة تميم وتطلب من صفى الحضور لأخذه وفى بعض الاوقات كان يعيده عمر ..
فى البدايه كنت اخشى مواجهته واخشى النظر فى عينيه فأحن إليه وأشتاق لما مضى فكنت اتعمد عدم الخروج او أخذ تميم بسرعه والدخول حتى لا تتلاقى عينانا ولكن ذات مره ذهب صفي للقاء أصدقائه ولم يكن فى المنزل غيري وطرق عمر الباب ومعه تميم ,عندما فتحت ووجدته امامى تسارعت دقات قلبى وبدا التوتر جليا ً فى ملامحى ولكننى استعدت رباطه جأشى وقررت المواجهه فنظرت له بعينان يملأهما التحدى فكانت نظره قويه بعد غياب طويل , وما إن تلاقت عينانا حتى ابتسم
– عامله ايه يا ميراس
تمالكت نفسي وحاولت السيطره على انفعالاتى وانا اجيب
– كويسه جدا , ازيك انت ياعمر
ابتسم مستطردا ً
– ماشى الحال , شكرا على سؤالك
– احنا فى النهايه عيله واحده لازم نسأل على بعض
– بس !
– اكيد
– سعيده فى حياتك يا ميراس
– جدا , صفي راجل محترم وطيب بيحبنى اكتر مابيحب نفسه وحياتنا فى القاهره مستقره وبكمل دراستى بتفوق وتميم متعلق بصفي , مفيش حاجه ناقصانى علشان مبقاش سعيده
– قولتى كل حاجه وقولتى ان صفي بيحبك لكن مقولتيش انك بتحبيه
– لو مكنتش بحبه مكنتش اتجوزته
– يمكن اتجوزتيه عِند
– عِند فى مين ياعمر ؟ فيك ؟
– يمكن
– انا مش غبيه علشان اعاندك وأذى نفسي ولو كنت بعاندك كنت اتجوزت لما عرفت انك رجعت لداليا لكن بالعكس انا خدت وقتى وفكرت وقررت وطلع قرارى دا احسن قرار خدته فى حياتى
– واحسن من قرار جوازك منى ؟
– الكلام دا ملوش لزوم ياعمر انا دلوقتى متجوزه وبحب جوزى وانت رجعت لمراتك وبقى عندك بنت , صدقنى لما تفكر فى الموضوع صح هتعرف ان جوازنا كان غلطه مش اكتر
– يعنى محبتينيش زى ماكنتى بتقولى
– بالعكس حبيتك جدا بس حب مراهقه , زى البنت اللى بتفكتر انها بتحب المدرس بتاعها وبتحب ممثل فى التلفزيون وبتحب ابن الجيران , حب برئ طفولى والايام هيا اللى بتكبره او بتنهيه وانت نهيت الحب دا والحب اللى بينتهى مكنش صادق من الاول
– بس حبى ليكى كان صادق
– هوا انت فاكر الحب دا كلمتين ياعمر , حب ايه اللى صادق وصاحبه بيخون وبيكدب وبيخبى , الحب دا نبات رقيق جدا محتاج صدق ورعايه واهتمام وحب علشان يكبر وينمو لكن غير كدا بيدبل ويموت وانا معاك دبلت
– انا عارف انى جيت عليكى وعملت تصرفات غبيه بس اوعى فى يوم تفتكرى ان حبى ليكى كان كدب
– داليا عامله ايه معاك ؟
– عادى
– يعنى ايه عادى
– داليا ام بنتى
– ولما رجعتها كانت ام بنتك بردو
– عايزه توصلى لإيه ياميراس
– اوعى تستغبانى ياعمر ولا تصدق نفسك , بص للحقيقه بنظره حد تانى غيرك , دايما نظره الانسان لنفسه منصفه , ربنا يوفقك فى حياتك ويوفقنى انا كمان
كنا مستمرين فى حديثنا واقفين انا باب شقتى ولكن تميم تململ من الوقفه معنا فدخل ليشاهد التلفاز وظللت اتحدث مع عمر حتى أتى صفي ونحن مازلنا نتبادل حديثنا , توتر عمر واستأذن بالانصراف ولكن صفي دعاه للدخول برغم رفض عمر الا انه ألح عليه كثيرا ً حتى فشل فى اقناعه وانصرف عمر ودخل صفي معى الى الداخل , كانت ملامحه متغيره حتى وإن حاول الا يُظهر ذلك ومر اليوم بسلام دون ان نتطرق بالحديث الى ذلك الموضوع ولكن قلبى لم يكن مرتاحا ً فكنت كالطفل الذى أفسد ما فعلته أمه فخاصمته وظل منتظرا ً على باب غرفتها حتى تسامحه , حاولت تجاهل الامر كثيرا ً الا اننى وجدتنى فى النهايه اجلس أمامه وافاتحه فيما حدث
– انت زعلان منى
– وازعل منك ليه ياحبيبتى
– انت عارف ياصفي بلاش تحسسنى بالذنب اكثر من كدا
– والله مافاهم تقصدى ايه
– علشان جيت لقتنى واقفه مع عمر , والله ياصفي كان تميم معانا ويادوب لسه ….
وضع يده على فمى يغلقه وعلى وجهه ابتسامته العذبه
– انتى ازاى تفكرى انى بكدبك ولا بشك فيكى
– بس شكلك متغير من ساعه ماعمر مشى
– دى غيره عليكى مش زعل منك , غيرت لما لقيته واقف معاكى وانا عارف انه لسه بيحبك لكن مش شك فيكى واوعى تفكرى بالشكل دا تانى
– يعنى مش زعلان منى
– عمرى ماازعل منك لانى بحبك وبثق فيكى وبحترم وجودك واخلاقك واحترامك لنفسك قبل اى شئ وعارف كويس انك وقت الجد بميه راجل
– طيب ولو مش فى وقت الجد
– لا دى حاجه تانيه عايزالها قاعده وانا فاضى
– انا بحبك اوى ياصفي وبحب تفهمك واعتزازك بيا
– ياحبيبتى كرامه الراجل من كرامه مراته واللى يقلل من مراته يبقى بيقلل من نفسه ولو طلبتى منى انك تاخدى تميم وتروحى بيه لجدته بنفسك والله عمرى ماهرفض
لا أعلم كيف لرجل ان يقلل من شأن زوجته فيهينها وينتقص منها وهوا يظن ان ذلك لا يمسه بسوء ولا يعلم انه كلما احسن اليها احسنت اليه وكلما اساء اليها اخرجته من قلبها وعقلها فأقلل هوا من شأن نفسه الاف المرات اكثر , وكيف لحياه قائمه على الاهانه والشك ان تستمر الا إكراها ً فلماذا نستبدل الحب والرحمه بما يهدد البقاء ويمزق الاواصر فبدلا ً من ان نحيا ونحن نعشق وجودنا بجانب بعضنا البعض اصبح وجودنا إلزاميا ً لاستكمال الواجهه الاجتماعيه فقط , فكم من بيت تهدم واطفال تشردت لأننا لم نحسن الحب , وصفي كان رمزا ً للحب ونشأ ابنائنا فى بيت يملؤه الحب فكانوا اسوياء وقلوبهم مليئه بالمشاعر الصادقه .
ولأن ” كل هذا حتما سينتهى ” فإيضا التعب انتهى وبعد ان كنت اسهر الليالى متورمه الاجفان لأذاكر مافاتنى اصبحت الان رئيسه قسم الهندسه المعماريه بالجامعه وبعد ان كنت اركض لألحق بالحافله اصبح لدينا سياره حديثه يوصلنى بها صفي لعملى , وأما هوا فأصبح ذو مركز مرموق حصل عليه بتعبه واجتهاده واصبحنا نتملك منزلا ً جميلا ً فى وسط القاهره حتى وإن لم يكن كبيرا ً بما يكفى ولكنه منمقا ً ومليئا ً بالحب وكبر ابنائنا الصغار الذين كنا نشكو شقاوتهم ومكرهم وسهرنا بجوارهم فأصبح تميم طالبا ً بالجامعه واصبحت ملاذ فى المرحله الثانويه واصبحت لديهم اهتمامات اخرى وعالما ً مختلف عن عالمنا الذى نشئنا فيه وتربينا حتى اننى وصفى لم نعد نفهم بعض اقوالهم ولا نستطيع مواكبه العولمه التى يسبقونها واصبحت اوقات فراغنا كبيره وحديثهم معنا قليل , فلا تعب يدوم ولا راحه تبقى ومهما مر علينا من اوقات عصيبه اصابت ارواحنا بالخدر والالم الان انه حتما سيأتى الافضل يوما ً ما .
لذلك اقف امامكم الان طلابى الاعزاء اقص لكم حكايتى فى اليوم الاول لكم بكليه الهندسه لتكون لكم عبره تستفيدوا منها ولو بأقل القليل أما أنا فسأنهض الان لأعود لبيتى فمازال امامى الكثير من المهام التى لو أؤديها بعد .
انصرفت عائده لمنزلى مع صفي فى سيارتنا الصغيره ومالبثنا ان دخلنا من الباب حتى جذبنى تميم من يدى ودخلنا غرفته وأغلق بابها خلفنا
– فيه ايه ياتميم بالراحه عليا انا لسه راجعه ومش قادره
– عايزك فى موضوع مهم ياماما
– طيب مقولتش الموضوع ليه واحنا برا
– بصراحه مش عايز اتكلم قدام بابا
– ليه ياتميم هوا احنا بنخبى عليه حاجه
– لا ياماما مش قصدى بس الموضوع مُحرِج شويه
– مُحرِج ؟! فيه ايه ياتميم قلقتنى
– انا عايز اخطب مرام بنت عمى عمر
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ست البنات)