رواية ست البنات الفصل الرابع 4 بقلم نهى مجدي
رواية ست البنات الجزء الرابع
رواية ست البنات البارت الرابع
رواية ست البنات الحلقة الرابعة
دق هاتفى برقم غريب لم يكن مسجل ضمن قائمه الاتصالات لدى , تجاهلته ولم ألق له بالا وعدت لاستكمال ماكنت افعل ولكنه دق مره أخرى فى اصرار وكأنه لم ينفك يرن حتى أجيب , كان من طبعى ألا أجيب على أى رقم غريب فقد كانت الردود على الهاتف بمعايير فى منزلنا وكان أبى يستاء عندما يجدنى اتحدث لوقت طويل ولكنى الان احتاج لمحادثه أى شئ يؤنسنى ويطوى ذلك الوقت الذى لا يمر , شعرت انها ربما تكون صديقتى ” همسه ” صديقتى الصدوق منذ أيام المدرسه الأبتدائيه مرورا بالأعداديه ثم الدبلوم الفنى التجارى ولكنى احفظ رقمها جيدا , ترددت قليلا ثم قررت أن أجيب وليكن ما يكن , اجبت بصوت جعلته صارما ً بألا يكون هناك غريب
– السلام عليكم
أتانى صوتا ً ذكوريا ً يجيب بلهفه
– عليكم السلام ورحمه الله , اخيرا رديتى
سئلته باقتضاب :
– مين معايا ؟
اجاب بصوت ساخر وضحكه خافته
– نسيتى صوت ابن خالتك
” صفي ” أبن خالتى ” رباب ” الأصغر , أمى من أسمته صفي ليتشابه اسميهما فهيا صفوانه وهوا صفي , تحبه وكأنه أبنها الثالث , الفارق بيننا شهور قليله فعندما وُلدت أنا كان هوا أبن السته أشهر , لحقت به فى جميع سنوات الدراسه ولكنه استكمل تعليمه الثانوى والتحق بكليه التجارة أما أنا بأنهيت تعليمى الفنى ومكثت فى المنزل , تعجبت عندما سمعت صوته فمنذ التحق بالجامعه فى القاهره وترك بلدتنا السلمانيه بالدقهليه لم أره وحتى لم يحضر زواجى على عابد او حتى على عمر ولم يهاتفنى قط من قبل , لذلك عندما وجدته هوا المتصل ارتجف قلبى خوفا ً على أمى خشيه ان يكون أصابها شئ , فأجبته وانا أرتعد
– خير ياصفي , امى كويسه ؟
اجاب بهدوء :
– ايوه كويسه الحمد لله انتى قلقانه ليه كدا ؟
اخذت شهيقا ً طويلا وحمدت الله ثم استدركت انه مازال على الهاتف فسئلته بضيق
– طيب بتتصل بيا ليه ؟
صمت قليلا ثم أجاب وقد تبدلت نبرته وظهر الحرج جليا ً على صوته
– معليش يابنت خالتى لو كنت ضايقتك انا اسف
أنبتنى نفسى على تلك الطريقه الجافه التى أحدثه بها وتابعت حديثى بنبره أهدء
– مش قصدى يا صفي بس خوفت تكون امى تعبانه
استكمل حديثه الذى لم يخلو من مسحه الحزن به
– كلنا كويسين ياميراس لكن ياترى انتى كويسه ؟
صمت قليلا لا ادرى بما اجيب هل سأظل اكذب على نفسي وعلى من حولى وارسم الابتسامه على شفتاى الذابلتين ام أؤثر الانسحاب وترك هذا العالم والعوده لعالمى السابق الذى لم يخلوا هوا الاخر من الهموم , فآثرت الصمت والكذب
– ايوه كويسه جدا الحمد
احتد صوت صفي واكمل حديثه الذي هاتفنى من أجله
– انا عرفت كل حاجه ياميراس
انعقدا حاجبى وعلت دقات قلبى وسئلته بخفوت
– يعنى ايه عرفت كل حاجه , وحاجه ايه دى اللى عرفتها
استكمل حديثه بنفس النبره الحاده
– عرفت اللى قولتيه لخالتى واللى طبعا قالتله لامى وسمعتها وهيا بتحكى لها على كل حاجه
نهرته بصوت عالى ونبره قاسيه وكأننى قطه شرسه تدافع عن صغارها
– وازاى تسمح لنفسك تتدخل فى حاجه ملكش علاقه بيها وانا هعرف شغلى مع ماما اللى خلت سيرتى على كل لسان
قاطعنى واستكمل حديثه
– انا ابن خالتك ياميراس واكتر واحد بيخاف عليكى وعايزك تكونى سعيده فى حياتك
اجبته بصوت ارتفع أكثر ونبره أكثر حده
– ومين قال لسيادتك انى مش سعيده , ولو سمحت مش هقولك تانى متتدخلش فى حاجه ملكش علاقه بيها , ومع السلامه علشان ابنى بيعيط
اغلقت الهاتف قبل ان يجيب فكان الشرر يتطاير من عينى ودقات قلبى تكاد توقفه من شدتها وكأننى على وشك السقوط مغشيا ً على من شده الغضب , فتحت هاتفى وانا ارتعد من الغضب وطلبت رقم أمى وانتظرت ان تجيب
– الو
لم امهلها لحظات حتى بادرتها بسؤالى الحاد وصوتى الجهورى
– ازاى تروحى تقولى لخالتى على حاجه قولتهالك , دا انا يادوب لسه طالعه شقتى مقدرتيش تستحملى حتى كام يوم وروحتى قولتيلها فى نفس اللحظه , انا محلفاكى ياماما
اجابت امى بتعجب :
– عرفتى ازاى انى قولت لخالتك
اجبتها بصوت اعلى وصوت صارخ
– علشان الاستاذ صفي سمعكم وانتوا بتتكلموا واتصل بيا يشمت فيا
اجابت امى بهدوء واستكانه
– يابنتى انا مشيت من عندك هموت وحاسه انى هتشل مكنتش قادره اتكلم ولا انطق ومرضيتش اقول لابوكى ولا اخوكى ولا اعمامك بس خالتك كانت قاعده معانا وشافت عمايل ضُرتك واتأكدت ان فيه حاجه غلط علشان كدا حلفتنى احكيلها فحكيتلها واحنا راكبين العربيه ومخدتش بالى ان صفي هوا اللى سايق , اعذرينى يابنتى كان هيجرالى حاجه لو ملقتش حد افضفض له وانتى عارفه خالتك بتحبك قد ايه
وضعت يدى على فمى احارب الصراخ وسئلتها وانا على وشك الأنفجار
– وكان مين تانى معاكم فى العربيه
اجابت بسرعه :
– والله ماكان فيه حد تانى , صفي كانت سايق وجمبه مروان ابن اخوكى طه وانا وخالتك قاعدين جمب بعض بنتكلم , حتى صفى كان حاطط سماعات فى ودنه افتكرته بيسمع اغانى ولا بيتكلم فى التليفون ومش هيسمعنا , الله يسامحه بقى
هدئ روعى قليلا ً فقلبى يحترق بما فعلته أمى ولكنى اعلم جيدا انها هيا الاخرى فى وضع صعب ولن تتحمل
– خلاص ياماما حصل خير بس ابوس ايدك متعرفيش حد حاجه عن حياتى تانى
اجابت بصوت واهن
– حاضر يابنتى
اعتذرت لها عن طريقتى فى محادثتها وتفهمت ذلك الضغط الذى يقع على عاتقى وانهيت معها المحادثه ثم جلست بجانب تميم افكر فى محادثه صفي وما غرضه من تلك المحادثه الغريبه حتى تسلسلت خواطرى الى ان توفقت عند نقطه واحده هل انا سعيده حقا ً ؟ والى متى سأتحمل , وما الذى دفعنى للموافقه بهذا الزواج هل محبتى القديمه لعمر هيا من جعلتنى اوافق , ام بقائى فى بيت والدى ومعى طفلى الذى أتى للدنيا وحيدا َ سيجعلنى عبئ على ثقيل عليهم ربما يملوا منه يوما , انا اعرف جيدا كم يحبنى ابى وتتمنى لى امى السعاده ولكن الامور لا تدوم هكذا فكم من فتاه تطلقت او ترملت ثم عادت لمنزل والديها فشعرت بالغربه وعدم القبول , واذا تحملنى أبى اليوم فمن سيتحملنى اذا حدث له مكروه ومن سيتحمل نفقتى ونفقه ابنى , فلن يستطيع اخى تحمل تكلفه بيته وزوجته وابنائه ويضاف اليها نحن , ولن استطيع ان اطلب منه شيئا ً اذا لم يعطينى هوا وسأظل دائما اشعر اننى منكسره اسئل الناس كفافا ً حتى وان كانا والدى واخى فلن اتحمل ان اضيف لهمهم همى ولو اعطانى اهل عابد نقودا لتعففت نفسي عن قبولها ولاعتبرها ابى اهانه فطالما انا وابنى فى بيته فعليه ان يتحمل نفقتنا , بالرغم من ان ابى صعيدى المنشأ الا انه ترك بلدته واتى الى هنا بحثا ً عن العمل والرزق وليس لدينا مايكفى لتحمل نفقه زواج فتاه أخرى فقد باعت امى ذهبها واستدان ابى ليُجهزنى ويزوجنى لعابد حتى لا يعيب عليه احد ولا ينظر لى نظره القِله , وكنت اسمعه يشكر الله على ان روقنى بزوج يتحمل مسؤليتى فيرتاح هوا قليلا ً من عمله فى زراعه قطعه ارض صغيره عندما يدفع ايجارها لم يتبقى لنا سوى القليل , فكيف لى الان ان اعود اليه بطفلى ليعود لتكبد العناء مره اخرى , فلو دام وضعى هذا لاخر عمرى لن أحنى ظهر أبى اكثر من هذا و عمر ميسور الحال وعائلته لها صيت ذائع فسيحد ابنى الرعايه والاهتمام والعيشه الكريمه وهذا ما ارجوه اما انا فلا يهم فلو كتب لى الله هذه الحياه فأنا راضيه بها ..
استطردت فى تفكيرى حتى غلبنى النعاس ولكنى استيقظت فى الثالثه صباحا ً على صوت بكاء تميم , كان بكائه شديداً فظننته جائع , جلست وحملته لأرضعه ولكنى وجدت جسده ساخن بشده , وقع قلبى وانسحبت روحى ولم ادرى ماافعل , حملته وارتديت ملابسى وذهبت الدور الاول , كان الباب مغلقا فمن عاداتهم ان يغلقوا الباب جيدا ويناموا فى الغرف البعيده عن اصوات الشارع , طرقت الباب كثيرا لم يفتح احد , كنت انتقل بين طرق الباب والنظر لتميم الذى صمت ولم يعد يبكى ولكن وجهه كان كقرص الشمس من السخونه والتوهج والاحمرار , لم استطع الانتظار اكثر ففتحت الباب الحديدى الذى يطل على الشارع ولم ادرى ماافعل فلن استطيع الذهاب لبيت ابى فهوا فى الجانب الاخر من البلده وسيأخذ الطريق وقتا ً طويلا ً حتى اننى نسيت هاتفى بالأعلى ولم استطيع العوده لأحضاره والاتصال بأخى , وقفت على الباب لا ادرى ماافعل حتى رئيت جارنا ” محمود ” يخرج من بيته مرتدياً البذله العسكرية الخاصه بالجيش وكأنه ذاهب لثكنته العسكريه , ركضت نحوه وطلبت منه إيصالى للوحده الصحيه الخاصه ببلدتنا , من حسن حظى ان محمود والده عتالا ً لديه سياره ربع نقل ينقل عليها الأغراض ويأخذ مكسبه , عندما رأنى محمود منهاره وباكيه وبين يدى تميم يتشنج من شده السخونه ركض واحضر السياره وركبت بجواره وانطلق مسرعا ً للوحده , كانت هيا المكان الوحيد الذى سظل مفتوحا ً حتى هذا الساعه المتأخره من الليل , عندما وصلنا نزلت من السياره وهرولت ناحيه غرفه الكشف ووضعت ابنى امام الطبيب وانا ارتعد وابكى حتى اننى لم استطع ان اقول له مايعانيه ولكن بمجرد ان رآه الطبيب حمله مسرعا ً ووضعه على سرير الكشف وعرف انه اصابته حاله تشنج نتيجه الزياده الكبيره فى درجه الحراره , طلب من مساعدته إحضار حقنه خافضه للحراره واعطاها له مع وضع كمادات بارده على جبينه وتحت ذراعيه وبين فخذيه للإسراع فى هبوط درجه الجراره , وكان يقيس له درجه الحراره كل خمس دقائق حتى هدئت ملامحه وهدء إحمرار وجه تميم وهبطت درجه الحراره للمعدل الطبيعى , لم يوافق محمود على الانصراف قبل ان يطمئن على تميم ويعيدنا للمنزل مره اخرى .
عاد تميم لحالته الطبيعيه ولكن اصر الطبيب على فحصه فحصا ً شاملا ً , كنت مرتعبه وخائفه ان يرث ابنى مرض ابوه ولكن كان الله رحيما ً وطمئننى الطبيب انه بخير وان سبب ارتفاع درجه الحراره كانت بسبب عدوى فيروسيه ولكن تأخرى فى إعطائه خافض الحراره هوا ما جعل حالته تستاء ولكنه الان بخير ويستطيع العوده للمنزل ولكن مع متابعه أخذ الدواء فى موعده المناسب , شكرت الطبيب حتى جف لسانى وشكرت محمود على مساعدته الكريمه وانصرفت معه حتى يعيدنى الى المنزل وينصرف هو حيث كان ذاهب .
بعد دقائق كنت قد وصلت للمنزل حامله تميم بين يدى وابتسامتى تعلو وجهى , أقبله طوال الوقت واحتضنه فى شوق هائل حتى دخلت من الباب الحديدى فوجدت باب شقه العائله مفتوح والجميع مستيقظ وكأننى لم أتركهم نياما ً كأصحاب الكهف , دخلت بخطى بطيئه حتى أصبحت أمامهم فوقف الجميع وتأهب وانطلقت الألسنه تتسائل من كل حدب وصوب
– كنتى فين وحصل ايه ؟
سئلتنى والده زوجى فأجبتها بهدوء
– تميم كان سخن اوى وخبط عليكم كتير محدش فتح فروحت وديته الوحده , انتوا ايه اللى صحاكم
استطردت والده زوجى فى توتر :
– عمر اللى صحانى قال سمع صوت تميم بيعيط وخبط علينا لحد ماصحينا , طلعنا نجرى نخبط عليكم ملقيناش حد بيرد وحتى التليفون مش بتردى عليه
استدركت اننى نست هافتى فى الشقه ولم آخذه معى
– انا فعلا نسيت اخد التليفون , اصل تميم كان تعبان اوى ومكنتش مركزه
نطق عمر لأول مره منذ دخولى وسئلنى بحده :
– روحتى مع مين ؟
التفت له فوجدته واقفا ً وبجانبه داليا تجلس على المقعد فى تشفى واضح فأجبته بهدوء
– لقيت محمود على الباب خليته يوصلنى
ضحكت داليا ضحكه عاليه متهكمه وقاطعتنى
– وانتى بقى اى حد بتلاقيه فى الشارع بتركبى معاه وتخليه يوصلك الساعه تلاته الفجر
نهرها عمر بصوت عالى ألجمها وألجم الواقفين وعيناه يتطاير منها الشرر وسئلنى بحده اكبر:
– ازاى تركبى مع حد غريب وتخليه يوصلك وازاى اصلا تخرجى من البيت فى وقت زى دا ومن غير أذن
كان الخوف يملأ قلبى ولكننى تماسك واجبته بهدوء حاولت اتقانه :
– انا خبط على ماما كتير محدش رد وتميم كان بيموت كنت عاوزنى اعمل ايه
– تكلمينى انا
قالها بسرعه وصرامه فرئيت داليا تكاد تنفجر فى مجلسها ولكنها لم تستطع ان تنطق فهيا تعلم جيدا ً ان عمر فى غضبه لا يعرف أحد , صمت ولم أجب فاستطرد جملته الاخيره بنفس الصرامه
– مفيش خروج من البيت دا الا بإذن ودا آخر تنبيه
قالها وصعد لشقته ولحقت به داليا وهيا تنظر الي بكره واضح , انتظرت حتى صعد وسمعت صوت الباب يُغلق ثم جلست على اقرب مقعد واعطيت تميم لجدته واعدت ظهرى للخلف واغمضت عينى …
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ست البنات)