رواية المغوار الفصل الأول 1 بقلم حليمة عدادي
رواية المغوار الجزء الأول
رواية المغوار البارت الأول
رواية المغوار الحلقة الأولى
تبدأ قصتنا في فرنسا وتحديدًا في ذلك المنزل الصغير. يبدو من الخارج جميلًا وهادئًا، ولكن الداخل يخلو من السكينة. كان يكسر كل شيء أمامه بغضب حارق، وهي ترتجف بذعر خلف والدتها وَشَهقاتُها تعلو وهي ترى غضبه يقترب من والدتها التي تحاول الدفاع عنها، وهي لا قوة لها أمامه. نظر إليها وهتف بغضب قائلا:
-كل يوم مشاكل بسببها وبتجي منين من جامعتها ..
اخذت صوفيا نفساً عميقًا وفكت حصار صمتها، تحاول السيطرة على أعصابها قائلة:
-هي معملتش حاجة هما السبب اهدى إنت ماشوفتش حالتها ..
زاد غضبه وأحمرت عيونه وكف يده وهو ينظر إليها بغضب، لم يبالِ ببكائها وهتف بغضب هادرٍ قائلا:
-حالتها ماتهمنيش كل مرة أسيب شغلي بسببها النهاردة مديرة جامعتها جه يشتكي منها ..
لم تتحمل صوفيا، وهي ترى ارتجاف وذعر ابنتها، إجابتها قائلة:
-هي عملت إيه بنتي ماعملتش حاجة من غير سبب ..
خرجت من خلف والدتها ودموعها تنساب على وجنتيها تحرق روحها. هل هذا والدها السند لها الذي يحميها ويحتضنها ويكون مأوى لها؟ ولكن العكس دائما، لم يشعرها بحنان الأب ولا بالسند. دائما يعاملها بأسوأ معاملة. هتفت وشهاقتها تعلوا قائله:
-أنا تعبت ياماما كل مرة بتعرض للتنمر بسبب حجابي كلهم بيهربوا مني ذنبي اي يا بابا.
زفر بغضب حارق وهو ينظر لها بنظرات اخافتها واختبأت خلف أمها. اقتربت صوفيا حتى أصبحت أنفاسه تلفح وجهها وهتف قائلا:
– قوليلها تقلع الحجاب دا وتغير الهدوم اللي هي لابساها دي وتلبس زي البنات مابتلبس مش عايز أشوفك بالهدوم دي ثاني.
انهى كلامه وخرج غاضبًا والشرر يتطاير من عينيه.
نظرت إلى أثره بكره شديد واستدارت إلى ابنتها وجذبتها إلى حضنها تمسح على شعرها بحنان وهي تشعر بالحزن الشديد على حالة صغيرتها ابتعدت عنها حياة ومسحت دموعها بأناملها وهتفت قائلة:
-ماما هستغنى عن أي حاجة إلا حجابي دا فريضة من ربنا هو تاج على رأسي أنا مش هقلعه حتى لوقتلوني..
تنهدت “صوفيا” بحزن عميق وهي تنظر أمامها بشرود قائله:
-منعني إني أشتغل علشان رفضت أقلعه وإنتي هيمنعك من دراستك.
ابتعدت عن أمها وجلست على أقرب أريكة، والحزن بادر على معالم وجهها. همست مرتجفة بدموع قائله:
-يا ماما مدير جامعتي قبلني بحجابي لكن كل اللي معايا بيتنمروا عليا مش عايزني معاهم أنا مش هكمل دراستي هنا ..
نظرت صوفيا إليها بتساؤل قائله:
-أومال هتكملي دراستك فين؟!
ظهرت ابتسامة شبه واضحة على ثغره، وأجابت قائلة:
– في بلدي أنا عايزه أرجع بلدي يا ماما..
تنهدت صوفيا بحزن، فهي تعلم أنه لن يوافق على هذا السفر مهما حدث، ولا تريد أن ترى دموع ابنتها كل يوم :
-أبوكي مش هيسيب شغله هنا ..
اخذت نفسا عميقا ودخلت غرفتها. هي تعلم أنها لا يمكن لها الذهاب إلى أي مكان بسبب والدها. أصبحت تريد فقط الراحة من كل ما تعيشه. دفنت وجهها بين يديها وبكت، بكت حتى تبللت وجنتيها.
**********************
في إحدى القرى الجميلة التي يسحرك جمالها، وتحديدًا في منزل صغير، كان يجلس جانب أمه ويتحدث معها، ولكنها “لا حياة لمن تنادي”، ينظر إليها بحسرة ودموع، وهو يراها دون حركة. هتف بدموع قائلا:
-من يوم الحادث وأنا مسمعتش صوتك. ياماما أنا بر بين الناس وحيد و إنتي هنا مش عايزه تتكلمي قولي حاجة انا ابنك ارسلان
تنهد بحزن ومسح تلك الدمعة التي حرقت وجنتيه،
و لمس ذلك التشوه الذي على وجهه وهتف بحزن قائلا:
– ماما أرجوكي إتكلمي بقيت أمشي بين الناس و الكل بيهرب مني بصي لوشي الكل بيخاف منه
دلوقتي أنا هروح..
قبل أن يدها وخرج من غرفتها، وضع غطاؤه على رأسه وخرج من منزله ينظر إلى الجميع بحزن شديد. الجميع لهم أصدقاء عائلة، ولكن هو كلما تجول بين الناس يهربون منه كأنه شبح. ولكن أصبح يعتاد على الأمر، اتجه إلى الغابة التي يجلب منها الأخشاب ويبيعها إلى امرأة يعلم أنها تستغله، ولكن ليس أمامه حل آخر. لا أحد يريد الشراء منه غيرها
***********************
في القرية نفسها بجانب منزل أرسلان، يوجد منزل جميل تعيش فيه سيدة تدعى أمل وابنتها أسيل. خرجت من المطبخ ووجدت ابنتها لا زالت تجلس. هتفت قائلة بتساؤل.
-أسيل دا أول يوم لكي في الشغل إتأخرتي ليه ..
حملت حقيبتها ووقفت من مكانها قائلة:
– أنا جاهزة ماما هنروح سوى طريق المكتبة قريب من المدرسة ..
-يلا بينا حبيبتي.
خرجوا من منزلهم واستقلوا سيارتهم الصغيرة واتجهوا إلى علمهم. نظرت أسيل إلى أمها قائلة بتساؤل.
– ماما حياة ماتصلتليش من وقت طويل..
تنهدت وهي تعرف معاناة اختها وابنتها، وأجابت قائلة:
-إنتي عارفه التنمر اللي بتتعرضله بسبب حجابها و قسوة ابيها..
-أنا مش فاهمه هما إيه دخلهم بحجابها ..
نظرت أمل إلى الطريق أمامها وهي تفكر كيف كان زوجها يعاملها، هي ابنتها، بأجمل معاملة كأميرة، ولكن اختها تعيش أسوأ الأيام مع زوجها. هتفت قائلة:
-أكثر حاجة بتوجع هو أبوها مش هامه غير الفلوس طلب منها تقلع الحجاب علشان مصالحه .
-أستغفر الله هو دا أب المفروض هو اللي يدعمها علشان تحافظ على حجابها..
وصلتُ أمام المكتبة التي تعمل فيها، هتفتُ قائلة
-أقفي هنا ياماما أنا وصلت..
نزلت من السيارة. هتفتُ أمل بابتسامة قائلة:
-حبيبتي خلي بالك على نفسك مع السلامه..
***************
في منزل صوفيا، خرجت من المطبخ على صراخ زوجها العالي، تنهدت بتعب ودعت أن يمر الأمر على خير. وجدته يجلس والابتسامة تعلو ثغره، وهتف قائلا:
-صوفيا صوفيا إنتي فين عايز أتكلم معاكي ..
نظرت إليه باستغراب، فهي كانت تعتقد أنه سيعود غاضبًا مثل كل يوم. هتفت قائلة بتساؤل:
-مالك في إيه خرجت وإنت متعصب ورجعت مبسوط ..
– نادي على بنتك لازم أقولها هي كمان ..
شعرت بالتوتر من هدوئه الذي لم تعتاد عليه، وشعرت أن هناك هدوء قبل العاصفة في هذه الأثناء، بينما صوفيا تحاول معرفة ما يدور في عقلها. خرجت حياة من غرفتها وجلست بجانب والدتها، وزعت نظره بينهما قائلا :
-النهاردة طلب مني مدير الشركة طلب لوعملته هبقى مدير لواحده من شركاته ..
تبادل النظر إلى بعضهم بتساؤل في صمت. فك حصار صمتهم صوت صوفيا قائلة بتساؤل.
-وإيه هو الطلب دا اللي هيخليك مدير؟!
هتفت بفرحة كأنه فعل إنجاز عظيم، ولا يعلم أنه يكسر قلب ابنته ألف مرة بجحوده وطعمه الذي لا ينتهي، قائلا:
-في اليوم اللي جه فيه المدير لعندي شاف حياة وعجبته وعايز يتجوزها ..
وضعوا كليهما ايديهم على أفواههم بصدمة، وقفت صوفيا وقد نفذ صبرها، صرخت بعصبية قائلة:
-إنت اتجننت هو مش مسلم وبسن أبوها أو أكبر كمان ..
تحدث وهو لا يبالي بمشاعر ابنته كأنها شيء يُباع ويُشترى ولا قيمة لها. أصبح يرى المال أهم من سعادة ابنته. هتف بكل طمع وابتسامة خبيثة تعلو ثغره، أجابها قائلا:
-إستني بس هو مسلم وعايش هنا من وهو صغير اما من ناحية إنه كبير في السن فهو قال إنه هيدفعلنا مبلغ كبير أوي..
انسابت دموع حياة في صمت. نظرت صوفيا إلى ابنتها بحزن وهتفت بغضب قائلة:
– إنت بتقول إيه عايز تبيع بنتك علشان الفلوس إنت أحقر شخص شوفته..
وقفت صوفيا بخوف شديد بينما تراجع يانيس بغضب حارق، ثم باغتها بصفعة عنيفة على وجنتيها، مما جعلها تسقط أرضًا. هتف يانيس بغضب هادر قائلا:
-أنا هخرج دلوقتي فكروا بالموضوع وهتتجوزيه سواء وافقتي او رفضتي ..
خرج بغضب، صفع الباب خلفه، ركضت حياة إلى صوفيا وساعدتها على النهوض، ثم جلست جانبها ودموع تنساب من عيونها بحزن وقهر. نظرت صوفيا لها وهتفت قائلة.
-اللي قاله دا مش هيحصل مش هتتجوزي العجوز دا .
هتفت حياة بدموع قائلة:
-ماما إنتي شايفه هو بيعاملني إزاي من وأنا صغيره وهو بيعاملني بقسوة وكنت بستحمل والنهاردة عايز يبيعني علشان مصلحته ..
فكرة صوفيا قليلة ثم قالت:
– لما يرجع هبلغه إنك موافقة ..
حياة بصدمه :
-إيه ..
مسكت يدها بحنان ومسحت دموعها وهتفت بجدية قائلة:
-علشان يكون عندنا وقت علشان أقدر أهربك بكره لعند خالتك لازم تهربي على أول طيارة ..
لم تصدق حياتها ما سمعته. هل حقًا ستذهب من هذا الجحيم؟ لم تفكر كثيرًا، وحضنت والدتها بفرحة وهتفت بسعادة قائلة:
-إنتي أحسن أم في الدنيا وأخيراً هرجع لبلدي ..
************************
في الغابة، انتهى أرسلان من جمع الأخشاب، مسح جبينه من العرق وجلس تحت ظل الأشجار. أخرج هاتفه وأجرى اتصالًا هاتفيًا مع تلك المرأة التي تأخذ منه الخشب. وبعد انتهاء المكالمة معها، جلس ينتظرها ويسترح قليلًا. لم يمر وقت طويل حتى وصلت إليه. نظر إليها قائلاً:
-الخشب جاهز إنتي كل مرة بتنقصي من الفلوس .
.
نظرت إليه بسخرية ثم ضحكت بصوت عالٍ قائلة:
-لولايا مكنتش بعت الخشب،مافيش حد هيشتري من واحد مشوه، أنا باخذ حق تعبي ..
حاول كتم غضبه وأجابها:
-تعب إيه إنتي بتاخذيه على الجاهز وتبيعيه وتاخذي المبلغ الأكبر من غير ماتتعبي ..
زفرت بغضب وهتفت قائله:
-لومش عاجبك مش هاخذوهم كل الناس رفضت إنها تشتري منك ..
علم أن الكلام معها لن يجدي نفعًا، فهي تستغل وضعه، وهو يصبر من أجل والدته، فهذا هو مصدر رزقه. أشار لها على الخشب قائلاً:
-طيب روحي حطلها الخشب فوق العربية..
أخذت المرأة الخشب ثم دفعت له بعض النقود، وذهبت وجلست حزينة تنظر أمامه بشرود. لماذا الجميع يهرب منه؟ ما ذنبه؟ هو لم يختار أن يكون مشوها. يتحمل كل شيء من اجل امه.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية المغوار)