رواية كبرياء صعيدي الفصل الخامس 5 بقلم نور زيزو
رواية كبرياء صعيدي الجزء الخامس
رواية كبرياء صعيدي البارت الخامس
رواية كبرياء صعيدي الحلقة الخامسة
سمع الجميع صراخ الجميع من الداخل فذعرت “خضرة” وذهبت إلى غرفة المكتب بينما ظلت “هدي” فى مجلسها تبكي من الفراق والفقد مع أختها “سكينة”، دلفت “خضرة” إلى الغرفة لتري “ناجي” يصرخ بغضب سافر قائلًا:-
-يعنى أيه؟ يعنى أبويا أكلنى لأبن أخويا
وضع “عيسي” يديه على رأسه بتهكم مذهولًا مما سمعه وعقله لا يستوعب كم الصدمات التى تحدث بهذه الأيام ، صمت قتل “ناجي” من الغيظ فسحبه من ملابسه بقوة ليوقفه أمامه وقال:-
-جعدت ترسم عليه وتوسوس له كيف الحية لحد ما كلته
أبعد “عيسي” يديه عنه بجدية صارمة وقال:-
-بعد يدك عني يا عمي ، أنا عمري ما جبلت لجمة حرام ولا بصت ليدي اللى فى غيري كيف عيالك، أنت بتكلم عيسي الدسوقي لا نصر ولا خالد
أخرج “ناجي” سلاحه من الدرج بانفعال ووضعه فى رأس “عيسي” ليرفع رأسه بشموخ دون خوف من هذا الرجل وقال:-
-أوعاك تفكر أني هخاف من اللى فى يدك دا
مع شجارهم القوي على المال ، بالطابق الأعلي دلفت “حنة” إلى غرفة “عطر” لتصدم مما رأته وهذه الفتاة تحاول الوقوف وسط بكاءها وتلف جسدها الصغيرة بالغطاء، هرعت “حنة” إليها وقالت:-
-يالهوي ، عطر…. عملك فيكي أيه المتوحش دا
ساعدتها للدخول إلى المرحاض ودموع “عطر” لم تتوقف للحظة واحدة من الوجع والقهر الذي تعترضت إليه، جلست “حنة” بحيرة تنتظرها ودموعها تسيل على وجنتيها من الحزن وكيف له ألا يرحم هذه الطفلة الصغيرة، خرجت “عطر” بعد نصف ساعة من المرحاض وتشعر بألم أسفل بطنها لكنها حاولت الصمود لتسرع “حنة” إليها وقالت:-
-تعالي ألبسي هدومي وأنا هأخدك ونمشي من هنا
صمتت “عطر” قليلًا، عقلها شاردًا بما حدث وصوت صراخاتها المبحوحة يخنق أذنها وصدرها لتقول بتمتم:-
-لا يا حنة، انا مش همشي من هنا غير لما أطلق منه، وأدفعه ثمن اللى عمله فيا ، كان لازم يخاف من كيد النسا دا ربنا حذر منه وأنا مش هفضل أتوجع وبس والكل يدوس عليا
أرتدت فستان أسود ولفت خمارها ثم خرجت من هذه الشقة ونزلت إلى الأسفل حيث غرفة “فيروزة” لتري “خديجة” تجلس معها، رمقتها “خديجة” بأشمئزاز ثم قالت:-
-تعالي يا مرت أخويا
جلست “عطر” فى هدوء صامتة وشاردة تخفي أوجاعها بمهارة، تمتمت “خديجة” بلطف قائلة:-
-والله يا فيروزة أتجهرت على اللى حصل لعمي، ربنا يرحمه
كانت “فيروزة” صامتة وعاقدة ذراعيها أمام صدرها بينما دموعها تسيل على وجنتيها كابحة أوجاعها على فراق والدها فقالت “عطر” :-
-أدعيله يا فيروزة وأقومي أتوضي يا حبيبتي وصلي ، أنا هنزل أشوف عيسي
رمقتها “خديجة” بضيق وتحدثت بنبرة تهديدية قوية:-
-حذاري تجربي من عيسي
نظرت “عطر” إليها بدهشة من أنفعالها وتهديدها لتقول بأشمئزاز ولهجة قوية:-
-وأنتِ مالك؟
-أنا بنصحك بس عشان مصلحتك، أصل اللى جبلك أتطلجت برضو عشان عيسي
أندهشت “عطر” ونظرت إلي “حنة” بذهول فتابعت “خديجة” بغرور شديد:-
-متستغربيش أكدة، ما هو لما تبجي ست بجحة وتبص لراجل غير جوزها وتعايره برجولتك تستاهل تجتل مش تطلج بس، اللى يجحمها مكان ما هي جاعدة ، نصر حبها ودلعها كيف الهوانم لكن جليلة الأصل أم لسان طويل تعايره ليه وفى الطالعة والنازلة تجول عيسي راجل ، عيسي جدع ، عيسي دارع جدك والكلمة كلمته ، فضلت طول الوجت عينيها على عيسي لحد ما أتطلجت
تبسمت “عطر” بسخرية شديدة وأقتربت منها بمكر أكبر نابع من قهرتها وألم صدرها ومسكت كتفها بقوة وقالت:-
-أصل اللى تعاشر أخوكي عينيها متتمليش أبدًا، وبعدين مال عينيك لمعت أوعي كدة وأنتِ بتقولي عيسي…. أنتِ بتحبيه ؟! شكله عاجبك
غمزت لها بمكر شديد لتبتلع لعابها بأنتصار، تبسمت بسخرية لها بهدوء ثم قالت:-
-أنا نازلة لعيسي، وأنا لو مكانك هجري على أخوكي وأقوله مراتك رايحة لعيسي… بسرعة بقي الله يخليك
ضحكت بمكر وخرجت وخلفها “حنة”، مسكت “عطر” من ذراعها بقوة غيظًا من حديثها وقالت بحدة:-
-أنتِ قصدك أي بالضبط بكلامك دا؟ ورايح لعيسي ليه؟
تأففت “عطر” بضيق وقالت بنبرة معبأة بالإنكسارات والأوجاع:-
-رايح له عشان يطلقني من نصر، رايح له عشان موجوعة ومكسورة ولحمي منهوش يا حنة ولا أنتِ مش واخدة بالك أنا حصل فيا أيه؟ عارفة اللى نصر عمله دا اسمه، أسمه أغتصــ ــاب فبالله عليكي أرحمني وسيبنى فى حالى
جهشت باكية من الوجع ودموعها تسيل بأنهيار لتُضمها “حنة” إلى صدرها بحنان لتبكي بوجع سافر وجسدها يرتجف بألم وكان باردًا كلوح الثلج…..
_______________________
تحدث “نصر” بانفعال شديد:-
-أنا جدي خرف على كبر
رمقه “عيسي” بنظرة ثاقبة وغاضبة وقال بتهديد:-
-أتكلم عن جدك زين بدل ما أجطعلك لسانك
ضرب “ناجي” المكتب بقبضته بحيرة عاجزًا عن فعل شيء فالأمر قد حدث وأنتهي وأصبح كل شيء ملك لـ “عيسي” وحده والآن جميعهم فى ملكه وحده، خرج “نصر” من الغرفة ومنها إلى خارج المنزل، تحدث “ناجي” بغضب مكبوح:-
-راجع لكل واحد حجه يا عيسي وأقفل بحور الدم جبل ما تبدأ … أنا بجولك أهو
خرج هو الأخر إلى الأعلي فنظر “خالد” إلى “عيسي” بصمت وغادر المكان دون أن يتفوه بكلمة واحدة، جلس “عيسي” على المقعد بحيرة وعقله لا يستوعب ما حدث حتى جاء إليه “منصور” وقال:-
-عرفنا العربية اللى خبطت الحج الله يرحمه
وقف “عيسي” من مكانه بلهفة وخرج مع منصور إلى الخارج، رأت والدته جالسة مع اختها “سكينة” فمر من جوارها بتعجل من أمره ، ربتت “سكينة” على يد “هدي” وقالت:-
-أهدي يا هدي مش اكدة عشان خاطر بنتك فيروزة المنهارة فوج دى، السكر يعلي عليها ودى مريضة يا خيتي
أومأت “هدي” إليها بدموعها وقالت:-
-ربنا يصبرنا
جاءت إليها “خضرة” بضيق شديد وصرخت بانفعال بعد أن تحولت سعادتها إلى حسرة:-
-عملها ابنك الحرامي ، فضل لازج لجده لحد ما كوش على كل حاجة
نظرت “هدي” إلى “خضرة” وحسرتها على خسارة المال أكبر من حزنها على الأموات الذين فارقه العائلة، تمتمت بهدوء قائلة:-
-أنا مهردش عليكي يا سلفتي عشان أنتِ معندكيش دم
ضربت “خضرة” يديها ببعضها بانفعال وقالت بخنق:-
-سبتهولك يا سلفتي الدم دا لكن مال عيالي لا علي جثتي أنى أسيب جرش واحد من مال عيالي لابنك الحرامي
تنهدت “هدي” بألم ووقفت من مكانها لم تجادل هذه المرأة فقالت بنبرة خافتة:-
-لا أنا مش جادرة أتحمل دا
_________________________
ظلت “عطر” جالسة فى غرفة “فيروزة” بينما تمر الأيام وكلًا منهما تحمل بقلبها وجعًا مُختلف عن الأخر فقالت “فيروزة” بهدوء:-
-مالك يا عطر، بقالك كام يوم مكسورة وحزينة، وأنا مش جادرة أصدج أنك زعلان على جدي اللى جوزك نصر غصب
تنهدت “عطر” تنهيدة مُعبأة بالأنكسارات والخذلان وصمتت ثم قالت مُتجاهلة السؤال:-
-تفتكر عيسي ممكن يكسر الوصية ويديهم الفلوس
هزت “فيروزة” رأسها بلا وقالت:-
-لا طبعًا مستحيل ، عيسي عمره ما خان الأمانة
ألتفت “فيروزة ” إلى “عطر” وهى جالسة على الأريكة ورمقتها بهدوء قليلًا تتفحصها ثم قالت:-
-عطر، أنتِ حبيتي عيسي ولا أيه؟
نظرت “عطر” إليها بصدمة ألجمتها من كلماتها وقالت بخذلان:-
-أحب، فيروزة أنا يوم لما عرفت الحب وحبيت أتخذلت وخدت على دماغي وأتعريت قصاد الناس كلها من الإنسان اللى حبته، أنا الحُب خذلني أبقي عبيطة أوي لو فتحت قلبي تاني لحد يدوس عليه ويوجعه من تاني ، أنا فيا اوجاع تكفيني لحد ما اموت، أنا بس حاسة أن عيسي ممكن يسندني ويساعدني أخلص من نصر … دا حيوان يا فيروزة
ربتت “فيروزة” على ظهرها بلطف وقالت:-
-أنا عارفة، أن شاء الله تتحل وتفرحي يا عطر
نزلت دموع “عطر” رغمًا عنها وكأن الصمود التى تحلت به حان وقت إطلاق صراحه لتطلق العنان لهذا الوجع بأن يخرج ووضعت يديها على صدرها بألم كأنها تخنق قلبها من قسوة التمزق التى تشعر به، انتفضت “فيروزة” فزع من مكانها بعد بكاء “عطر” فقالت بذعر:-
-مالك يا عطر؟ حصل أي يا حبيبتى لكل دا
-نفسي أقول أنى مكسورة وموجوعة
قالتها بتلعثم وسط شهقاتها فقالت “فيروزة” بحيرة :-
-سلامتك من الكسرة والوجع يا بنتي ، في أيه؟ فهمينى، حد من الحربايات اللى تحت زعلك فى حاجة
هزت “عطر” رأسها بالنفي وقبل أن تتحدث سمعت صراخ من الأسفل فخرجتا الأثنتين من مكانهما…
________________________
عاد “عيسي” من الخارج مُلتهبًا كالنار وسأل “ذهب” عندما فتحت الباب:-
-نصر فين؟
أشارت إليه على السفرة فذهب إليه مُستشاطًا غضبًا وكان “نصر” جالسًا على السفرة مع “خضرة” و”خيرية” يتناولوا الطعام فركل “عيسي” مقعده بقوة ليسقط “نصر” على الأرض وقال:-
-بجي كل دا يطلع منك أنت
فزع الجميع ووقف “نصر” دون أن يفهم شيء لكنه صرخ فى وجه “عيسي” من فعلته:-
-أنت اتجننت بتمد يدك عليا
أخرج “عيسي” مسدسه من عبائته وقال بانفعال سافر:-
-أمد يدي دا أيه، أنا لسه هأخد روحك
صرخت “خضرة” و”خيرية” من الخوف ووقفت بالمنتصف تمسك مقدمة المسدس قائلة:-
-أهدأ يا عيسي السلاح يطول يا ولدى
نزل الجميع من الأعلي ووقفوا يشاهدون الشجار دون أن يفهم منهم شيء، أبعدها “عيسي” عنهما ومسك “نصر” من عبائته وقال:-
-بجالي سبوع بلف على العربية اللى فرمت أبويا وجدي وبحلف أنى لازم أخد بثأري من اللى جتلهم ، لكن لما تطلع العربية تبع نصر الدسوقي وأن اللى عمل أكدة أنت يبجي متستاهلش الرحمة
أتسعت أعين “نصر” على مصراعيها بصدمة ألجمته وقال بذعر:-
-لا انا معملتش حاجة، هجتلهم ليه؟ هستفاد ايه
صرخت “خيرية” بخوف من غضب “عيسي” قائلة:-
-أيوة أخويا مستفادش حاجة من جتلتهم هيجتلهم ليه؟ لكن الدور وبالباجى بجى على اللى ورث كل حاجة
نظر “عيسي” لها بصدمة وهى تتهمه بقتل والده وجده وقال:-
-خدوا الورث ، عايزينه خده لكن ثأري أنا هأخده يا نصر من روحك
غادر المكان غاضبًا مما جعل الجميع يتساءل عن القاتل الحقيقي، نظرت “عطر” إلى “عيسي” وهو واقفًا أمامه وكان “نصر” مرعوبًا منه ومن المسدس حتى غادر “عيسي” للحديقة فتسللت للخارج حيث يقف “عيسي” رأته واقفًا مهمومًا يلتقط أنفاسه بصعوبة من الغضب الكامن بداخله فقالت بنبرة خافتة:-
-عيسي
ألتف إليها يرمقها وما زال وجهها متورمًا من البكاء وعينيها حزينتين فقال بخفوت:-
-ايه؟ جاية دافعى عن جوزك
تمتمت بحسرة تمزقها من الداخل:-
-أدفع عنه، تقريبًا أنا الواحدة اللى عايزة تصرخ وتقولك أقتله
لم يستغرب كرهها له فمُنذ ليلتها الأولى وهى مزقت شرايين مُتمنية الموت على البقاء معه فقال بهمس:-
-ماشي يا عطر
رمقته فى صمت لتراه مهمومًا، صامدًا أمام المصائب لكنه ما زال ابن فقد والده ويرغب بالبكاء عليه والفراق يمزقه لإشلاء، شعر بنظراتها خلسًا إليه فأدار رأسه نحوها لتخجل من تقابل عينيه وتحاشت النظر لهما سريعًا، على عكسه لم يخجل أو يتحاشي النظر لملامحها الشاحبة وأنكسارها الذي يجهل سببه، تساءل كثيرًا هل الزواج من “نصر” يكفي لكسرها هكذا؟ أم هناك شيء أخر تخفيه هذه الفتاة، شعرت بغصة فى قلبها ورفعت نظرها إليه بشجاعة وهذه النظرات وحدها كفيلة بأن تصرخ بالأوجاع الموجودة بداخل كلًا منهما دون حديث، ربتت على ذراعه بحنان تواسي أوجاعه والدموع المحبوسة فى جفونه ثم قالت:-
-ربنا يصبرك يا عيسي، ومتفرطش فى الأمانة اللى جدك سابهالك
نظر “عيسي” إلى وجه هذه الفتاة البريئة رغم أنها لأول مرة تكون مُنطفئة هكذا وعينيها مكسورتين من الخذلان، سألها بقلق:-
-أنتِ عارفة يا عطر هو سابلي أمانة ايه؟
هزت رأسها بنعم بهدوء شديد ثم قالت وعينيها مُتشبثة بعينه:-
-اه، سمعت انه سابلك كل ما يملك، خيانة الأمانة وحشة أوى وبتوجع متخونش الأمانة
تنحنح بحرج من نظراتها وتحاشي النظر لها بحيرة تحتل صدره وهى لا تعلم بأنه الأمانة الألى التى تركها جده تحت وصيته، سألها بضيق يخنق صدره:-
-مبسوطة مع نصر؟
أنتفضت فزعًا من ذكر اسمه وتذكر ما فعله بها ليقشعر جسدها رعبًا، دُهش “عيسي” من رجفتها وعينيه التى أمتلأت بالدموع، مسك ذراعها بقوة يُديرها له وسأل بحزم:-
-أذاكي؟!!
رفعت عينيها المنكسرتين بحسرة وألم من هذا القهر والوجع الموجود بداخلها ثم قالت بترجي:-
-طلقني منه يا عيسي، لو تعرف بالله عليك طلقني منه ولو لازم أتجوز حد من العائلة، أتجوزني أنت… أنا عايزة أتجوزك أنت بس هو لا
أتسعت عيني “عيسي” على مصراعيها بصدمة ألجمته ورمق دموعها المُنهمرة على وجنتيها بحرارة، بدأت ترتعش أكثر مع البكاء وهو يراقبها عن كثب فى ذهول لأول مرة تطلب امرأة الزواج منه، وضع سبابته أسفل ذقنها ليرفع رأسها المنحنية من جديد لتتقابل عيونهما معًا وقال بهدوء:-
-نصر عملك ايه؟؟ جولى متخافيش، والله لو لمس منك شعرة غصب عنك لأطرده من الدار وأجتله كمان
أنهارت فى البكاء بضعف وهى تتذكر كيف سحبها بالقوة للغرفة وسط صراخها ورجاءها الكثير بألا يفعل، لمسه لجسدها بالقوة وصفعاته المتتالية لها كلما قاومته، كز “عيسي” على أسنانه بغيظ وقال:-
-كنت خابر زين أنه عملك حاجة، والله لأقطع له يده
ذهب من أمامها كالثور الهائج لكنه توقف فجأة وتشنج جسده حين أرتطمت بظهره تعانقه من الخلف وتلف ذراعيها حول خصره، تمتمت بضعف قائلة:-
-بلاش يا عيسي
ألتف إليها وهو ماسكًا يدها وحدق بملامحها ثم قال:-
-واللى عمله، أعديه كدة بالساهل
تمتمت “عطر” بضعف ولهجة واهنة وسط دموعها:-
-طلقني منه بس، أنا مش عايزة حاجة غير أنه يطلقني
أومأ إليها بنعم ورفع يده يجفف دموعها بأبهامه بلطف، نظرت بعينيه فى صمت ليربكه هذا الزوج الأزرق من العيون ويجعل قلبه يقشعر بلطافة من النظر لهما فأبتلع لعابه فى صمت، حائرًا بين نظراتها ودقات قلبه المتمردة ولا يفهم كيف تسللت هذه الفتاة لداخله بهذا القدر؟ ، تحدث بعفوية قائلًا:-
-هطلجك منه ورجله فوج رجبته، بس بعد ما تطلجي منه هتجولى عاوزة ارجع مصر
ضربته على صدره بغيظ من تجحره وصلبته الباردة وقالت بزمجرة:-
-ليه أنت مش هتجوزني بعد ما يطلقني ولا ايه!؟
خرجت منه ضحكة خافتة على تذمرها وهى تطلبه للزواج، نظرت إلى بسمته بلطف ثم هتفت بهمس:-
-عن أذنك
ذهبت للداخل دون أن تنتبه إلى “خديجة” الواقفة بعيدًا تستشاط غضبًا من قرب هذه الفتاة من “عيسي” وهى هنا تختنق من حبه الكامن بداخلها وتجاهل “عيسي” لها فى حين أنه تبسم على غير المعتاد إلى فتاة أخرى…
___________________________
دلفت “خضرة” إلى غرفتها لترى “ناجي” جالسًا على المقعد شاردًا فقالت بسخرية:-
-حسرة عليا، جوزى سبع البورمة جاعد أهنا حاطط يده على خده وولدي واجف كيف الكتكوت جصاد عيسي، دا أنا مسنودة على حيطة مالية
رفع “ناجي” نظره إليها بضيق لتقول بأختناق:-
-ياخويا بدل ما أنت بتزغرلي أكدة بطرف عينيك، جوم شوف هترجع مالك كيف ولا مأنتش واخد بالك أننا بجينا جاعدينا فى ملك عيسي وفى أى وجت هيجولنا أطلعوا برا مالكوش لازمة ولا عازة
وقف “ناجي” من مكانه بضيق من طريقتها المستفزة وقال:-
-انا جايم ، بس جايم عشان غاير من خلجتك
وقفت من مقعدها بعد أن جلست بانفعال شديد وقالت:-
-اهو أنا مبأخدش منك غير كدة تيجي فى المصايب وبس، أكسف على شنبك يا رجالة أنت مبجاش حيلتك جنيه هتصرف على الغوازي والكباريهات منين هتجول لابن أخوك أدينى مصروف يا عيسي
صفعها “ناجي” بقوة وقال:-
-سبحان من مصبرني على بومة زيك
غادر الغرفة غاضبًا من حديث زوجته، نزل للأسفل وقبل أن يخرج من باب المنزل أتجه إلى مكتب والده وقبل أن يدخل سمع صوت “عيسي” يتحدث مع احد فى الهاتف ويقول:-
-لازم تلاجي سواج العربية ضروري ، لازم نتأكد يا منصور أن نصر هو اللى عملها
أبتلع “ناجي” لعابه بقلق وأسرع فى خطواته للخارج وهو يخرج هاتف ويتصل بأحد، صعد إلى سيارته وعندما أجاب الطرف الأخر قال:-
-عملت أيه؟ لاجيت الواد …. يعنى أي يا زفت جولتلك أجلب الأرض عليه وتجبهولي جبل ما عيسي يوصله أنت فاهم
أغلق الهاتف وهو يلفظ أنفاسه بصعوبة من هذا الأمر ثم أنطلق بسيارته للخارج من هذا المنزل …..
________________________
فى حديقة المنزل كانت “فيروزة” جالسة مع “عامر” خطيبها وابن خالتها يواسيها فى حزنها فقال بلطف:-
-متخافيش من بكرة يا فيروزة أنا معاكي وفى ضهرك
تنهدت بحزن وهى تشابك الأصابع فى حزن أمامها قائلة:-
-أنا عارفة أنك معاكي وعيسي كمان معايا بس أنا حاسة أنى ظهري بجي مكسور من غير أبويا، خابرة زينكم أنكم سند وضهر أتسند عليه ومهتجوش عليا ولا توجعوني بس الأب برضو بيفرج يا عامر
فك يديها المُتشابكتين بلطف وأخذ اليمني بين راحتى يديه وقال:-
-عارف يا فيروزة وربنا يقدرني وأعوضك وأكونلك سند وضهر ومتحسيش أبدًا أنك مكسورة يا حبيبتي
نظرت “فيروزة” إلى وجهه وبشرته القمحاوية ولحيته الكثيفة السوداء مع شعره القصير وقالت بهيام ولهجة واهنة:-
-أنا مطمنة معاك يا عامر وخابرة أنى فى أيد أمينة والله ومخايفاش من بكرة معاك
تبسم إليها بعفوية ثم قال:-
-صحيح أي حكاية بنت عمك ضياء دى، أنا مصدجتش لما حكيتلي وكيف تتجوز نصر
تبسمت “فيروزة” بخفوت وهى تجفف دموعها عن وجنتيها وقالت بعفوية:-
-بنت جميلة أوى يا عامر وطيبة طيبة مشفتهاش واصل، جميلة فى روحها وطيبتها وحتى شكلها كيف الجمر ، أصغر مني صحيح بس جدعة اوى وتدخل الجلب ، أنا من اول مرة أتكلم وياها حبيتها ودخلت جلبي ، بس الطيبين كدة الدنيا بتيجي عليهم بزيادة مكفهمش اللى عمله عمي فيها جوزها سبع الرجالة نصر، تعرف من يوم ما جيت وهى مكسورة كانت برضو جوية وكسرتها مش باينة لكن من يوم ما اتجوز نصر وبجي ضعفها مغرج ملامحها ونورها أطفي ودموعها مالية عيونها … أنا خايفة عليها وجلجانة من نصر وشره
تبسم “عامر” على محبوبته وهى تتحدث مُتناسية أوجاعها فور ذكر اسم “عطر” ليقول بذهول:-
-لدرجتي يا فيروزة، شوجتني أشوف البنت اللى سيرتها ضحكتك وفرحتك أكدة … أنا اكدة هغير منيها بجي
ضحكت “فيروزة” بعفوية على كلماته الأخيرة وقالت:-
-تغير منيها وأنت فى الجلب برضو
-يا حياتي ، خدي جلبي يا بيه ومعاوزهوش
قالها بدلال لتضحك “فيروزة” على دلالته بسعادة ….
_________________________
دلف “نصر” إلى شقته ليراها جالسة أمام التلفاز بفستانها وخمارها وتتجاهله تمامًا بعد ما حدث ليتأفف بضيق شديد منها وذهب نحوها ثم ركل قدمها المرفوعة على الأخر وقال:-
-لما جوزك يجي تجومي تجفي وتبوسي يده ورجله كمان
نظرت “عطر” إليه بضيق شديد ولم تنفذ طلبه بل بصقت ما فى فمها أسفل قدمه ليُثير غضبه أكثر وسحبها من خمارها بقوة لتصرخ بألم وهى تقول:-
-أنت جاي تستقوي عليا وأنت كنت زي الكتكوت المبلل قصاد عيسي مرفعتش صوتك فيه ليه
صفعها بقوة على وجهها وهو يقول:-
-أنا كتكوت مبلل يا بنت الكلب ….
تألمت من شدة صفعته مما جعل شفتيها تنزف لكنها لم تخضع لقوته وقالت بألم وهى تقاوم يديه التى شدت الخمار بقوة عن رأسها:-
-أبعد عني ، أنت فاكرني هخاف منك أنا بكرهك وهفضل أكرهك عمري كله ، أضربي زى ما أنت عايز ولو عايز تقتتلني أقتلني
صفعها من جديد لتسقط على الأرض وأنهل عليها بالضرب دون أن يرحم ضعفها أو جسدها الضئيل أمام قوته وصراخها يعلو ويعلو حتى دفعته بقوة بعد أن جمعت شجاعتها وهربت من أمامه للخارج ليركض خلفها وهى تنزل الدرج حتى وصلت للطابق الثاني وخرج الجميع من غرفهم على صوت بكاء وصراخها لترتطم بجسد “عيسي” فأختبأت به بضعف ووجهها ينزف ووجنتيها متورمتين من قوة صفعاته ، أشتعلت نيران الغضب بداخله أكثر حين رآها تتشبث بـ “عيسي” ، رمقها “عيسي” بصدمة ألجمته وخمارها اظهر خصلات شعرها من سحب “نصر” لها ووجهها المتورم خلع قلبه من مكانه مع دموعها التى نزلت كالنار على قلبه فرفع نظره إلى “نصر” بصدمة ألجمته ، أقترب منها وهو يقول:-
-أنتِ فاكرة أنه يجدر يحميكي منه
لهثت بقوة من شدة الوجع والبكاء ثم قالت:-
-أنا معايا ربنا أقوي منك ومن اى حد يا ظالم يا أعري الرجالة
أقترب لكي يأخذها فسحبها “عيسي” لتقف خلف ظهره ووقف هو فى المقدمة أمامه يواجهه مما أدهش الجميع، كبح غضبه قدر الإمكان لبقول:-
-متدخلش بيني وبين مرتي يا عيسي
لم يتمالك “عيسي” غضبه أكثر من هذا الرجل ولكمه بقوة على وجهه وقال:-
-شوفت بتوجع كيف؟ مابالك بيها هى يا راجل
نظر “نصر” إليه بصدمة الجمته وقبل أن يتحرك من مكانه أوقفه “عيسي” حين قال بغضب ونبرة مُخيفة أرعبت الجميع:-
-مرت عمي، مرت ولدك طالبة الطلاج وأنتِ وولدك خابرين أن اللى يجي على حريمنا بندفنه حي، وعطر هملت بيت جوزها، طلجها
وقف “نصر” أمامه بتحدي وغرور ثم قال:-
-لا
ضحك “عيسي” بسخرية ثم قال:-
-هتطلجها …. جولي لولدك يطلجها يا ست خضرة بدل ما أطلجه أنا من الدنيا ، واللى معملتهوش الصبح أعمل دلوجت
تحدثت “خضرة” بخوف من فقد “عطر” ونصيبها إذا تراجع “عيسي” عن الورث كما قال صباحًا، قائلة:-
-مطلجهاش يا واد …. سيبه يربي مرته يا عيسي ، دا إحنا كلتنا خابرين زين هو أتجوزها ليه، دا بدل ما تبوس جزمته أنه سترها
تحدثت “عطر” بغضب سافر قائلة:-
-أخرسي قطع لسانك أنتِ وأى حد يتكلم عليا نص كلمة ،أنا أشرف منك ومن بلد وابنك سبع البورمة يشهد بدا
نظرت “خضرة” إلى ابنها ليؤمأ إليها بنعم ثم قال:-
-وحتى لو كنتِ طاهرة وشريفة دا ميمنعش أنى سترتك من كلام الناس
-ناس أنجاس زيك
قالتها بغضب ودموعها لم تجف بعد ليقاطع حديثها “عيسي” حين قال:-
-الصبح تطلجها ياما تأخد أمك وأخواتك وتطلعه برا داري وأنا هعرف أطلجها منك غصب عن أتخن شنب عندك
أتسعت أعين الجميع من قرار “عيسي” واولهم “خضرة فقالت بذعر:-
-بس الطلاج دا تحت تهديد ميجوزش
ضحك “عيسي” أكثر من كلماتها وقال:-
-ولما ابنك أتجوزها تحت التهديد مسمعتكيش يعنى بتجوزه جوازة باطلة ومتجوزش، جولي لولدك يطلجها أنتوا مش جد جلبتها ولا العائلة دى حمل عزاء ثالث يا مرت عمي
أتسعت أعين الجميع حين ألتف “عيسي” إليها وأقترب منها هندم خمارها جيدًا بيده يخف شعرها عن أنظاره وأنظار “خالد” الذي يراقب فى صمت، رمقته بإمتنان وقلبه شعر بطمأنينة وأمان بعد أن سمعت حديثه فهمس إليها بخفة قائلًا:-
-متخافيش طول ما أنا هنا
أومأت إليه بنعم و”نصر” يستشاط غضبًا من رؤيتها تبتسم إلى هذا الرجل وقبل أن يقترب أكثر ويُثير الشجار من جديد ، رأى “عيسي” يحتضن يدها الصغيرة براحة يده ويأخذها إلى الغرفة المجاورة إلى غرفته تاركًا الجميع فى هول الصدمة من تهديده بقتل “نصر” وتطردهم من المنزل كليًا ، خرج “عيسي” من الغرفة الخاصة بها ثم نظر إليهما وقال:-
-صحيح يا نصر نسيت أجولك ، انا وجفت الفيزا بتاعتك أنت والمحروس أخوك ، اللى عايز فلوس يشتغل ويتعب كيف الرجالة ..
ألتف لكي يدخل غرفته لكنه أراد أن يثير غضبهما أكثر ويستفزهم بقوته فأستدار إليهما من جديد وقال:-
-صحيح كنت هنسي كمان العربيات أنا بيعتها أصل أنا راجل بطولي مش محتاج ملهوش لازمة الفشخرة الكذابة لا محتاج عربيتك يا نصر ولا عربية أخوك التافه دا، اااه وأبجى روح هات أبوك من عند الغازية أصل عربيته كمان أنا بعتها ممحتاجهاش ولا محتاج عربيتك يا مرت عمي …. ربنا يكفيك شر من احسن لك
صرخ “نصر” بغضب وأنفعال شديد قائلًا:-
-ما تيجي تأخد خلجاتنا اللى علينا كمان
ضحك “عيسي” بمكر وقال:-
-ممحتاجش هتوسخني، فكر زين فى طلج عطر يمكن تلاجي حاجة تلبسها بعيدها يا عالم يمكن أصحي الصبح أبيع خلجاتك النجسة كمان … تصبح على خير يا ولد عمي …….
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كبرياء صعيدي)