روايات

رواية حكايات سنفورة الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم روان رمضان

رواية حكايات سنفورة الفصل الحادي والخمسون 51 بقلم روان رمضان

رواية حكايات سنفورة الجزء الحادي والخمسون

رواية حكايات سنفورة البارت الحادي والخمسون

رواية حكايات سنفورة الحلقة الحادية والخمسون

‏”لأجل أننا مُسلمون
وتعظيم شعائرِ الله فريضة
رمضان مُبارك، وكل عام وأنتم بخير.♥
لا نُسمِّي الرَّجُل رَجُلًا حتىٰ ننظُر إلىٰ زوجتهِ، أعزيزةٌ هِي أَم مُهانة.
________________
حاولت الهرب بكل الوسائل من المكان ولكنها فشلت فكان المنزل مغلق ومحكم من جميع الإتجاهات، فقد اتى بها في هذا المكان مبتعداً عنهم وقد نزع عنها سلسلتها، اذا لن ينقذها أحد ولا يوجد احتمال ضعيف من هروبها منه.
تذكرت ذلك الحلم الذي رأته وقصة أصحاب الصخرة التي رواها لها زين وكأنه كان يعطيها القوة لتتحمل ما هي مقبلة عليه بثبات، علمها كيف أنجاهم الله رغم استحاله خروجهم من المكان إلا أنهم بعملهم الصالح خرجوا.
جلست أرضاً وهي تستند برأسها على الحائط وشريط حياتها يمر أمام عيناها، ماذا فعلت بحياتها وماذا قدمت لدينها؟ اي عمل صالح فعلته قد ينجيها مما هي فيه رغم استحاله حدوثه؟.
تذكرت أنها حينما كانت صغيرة كانت تطعم تلك القطة المسكينه ولكنها تتسآل هل هذا كافِ؟ تذكرت أيضاً عندما أطعمت إحدى أصدقائها وقد أعطتها من طعامها حينما كانت جائعة وهي بالصف السادس.. عقلها يعتصر اي شىء قد ينجيها رغم استحالة ذلك، فهي قد رأت الإصرار والجدية على ملامحه قبل أن يرحل، يبدو أنه خطط لكل شىء، ماذا تفعل؟ انتفض قلبها بخوف وهي تتذكر نظراته المصوبة نحوها ليبث الرعب داخلها، أغمضت عيناها وقد كانت على وشك أن تستسلم حتى قفز على ذهنها تلك السيدة التي ساعدتها يوماً.
نعم لقد تذكرت، المرأة الفقيرة التي أعطتها كل ما تملك من مال ذات مرة عندما وجدتها محتاجة حتى أنها أخذت الطريق إلى منزلها سير ومازالت دعوات تلك السيدة تلاحقها، لكن نسيتها تماماً ولكن ظل اثرها موجود.
أغمضت عيونها وهي تدعو الله بكل جوارحها أن ينجيها حتى ولو لم تكن تستحق، لكن هي تثق بأن الله سينجيها كما ينجيها كل مرة وهي لا تستحق، تقسم بأنها سوف تتغير وتصبح شخص أفضل إن خرجت من هنا سليمة.
فُتح الباب فجأة مما جعلها تنفزع وهي تتراجع للوراء، بينما هو أخذ يقترب منها ببطء وهو يقول:
“اى رأيك في المكان دا؟ عجبك صح، طبعا انتِ مفكراه هييجي يلحقك زي المرة اللي فاتت، بس المرادي انا سبقته، علشان كدا محدش هيعرف ينقذك مني المرادي، انا بقى هخليه يندم زي ما كان سبب لفصلي من الكليه نهائي وكمان اروح تحقيقات ”
كان مع كل كلمة يتفوه بها يتقدم نحوها ببطء مهلك للاعصاب، بينما هي لأول مرة تشعر بهذه القوة والتي لا تعلم مصدرها وهي فقط تذكر الله بقلبها قبل لسانها، هو وحده القادر على كل شىء، لتهتف بقوة وهي تقول:
“مين قال إن محدش هيقدر ينقذني؟ مش وارد إن ربنا يقبض روحك وانت واقف؟ اذا كان ربنا بعتلي اللي ينقذني منك المرة اللي فاتت رغم اني مكنتش استحق وكنت بعيده عنه وبعصيه؟ تفتكر ربنا هيضيعني بعد ما قربت منه وتوبت!! تبقى غلطان”
ورغم اهتزازه جسده وشعوره بالخوف وتأنيب ضميره، إلا إنه حاول اسكات ذلك الصوت وهو يصفعها مجدداً بقوة وكأنه بهذه الطريقة يسكت صوت ضميره، لتكمل هي حديثها وقد تساقطت دموعها:
“لو قربلتي مش هسامحك ولو بينك وبين الجنة ذنبي مش هسامحك”
سرت رجفه خفيفه بجسده وشىء ما بداخله يتراجع، صوت ضميره وخوفه من الله يحثه على عودة أدراكه، ولكن لأنه يتبع شهواته وتسول له نفسه وهو يتبعها بكل سهولة حتى اصبح كالعجينة لشياطنه وهو يوسوس له بكل يسر، ليقوم على حين غرة بشق جزء من ثيابها ثم تلاها وهو ينزع خمارها وهي تشهق بفزع ومازال لسانها لم يتوقف عن الذكر واسماء الله الحسنى، اما عنه فقد كانت الصدمة بأنها كانت صلعه تماماً إلا من بعض الشعيرات التى نمت قليلا، لتهتف هي مجدداً بعدما رأت ملامح الصدمة على وجهه قائلة:
“هتقدر تهزم واحدة السرطان نفسه مقدرش يهزمها؟”
ترك حجابها من يده وهو يتراجع للوراء ويفكر بحديثها، أكانت مريضة كانسر! بل وشُفيت منه أيضاً؟ لا يعلم ما سبب الخوف اللي سيطر عليه الآن،إن كان الله أنجاها من مرض نادراً ما يُشفى أحداً منه، فمن هو حتى يؤذيها؟ لقد تذكر بأن هناك آخره وسوف نتحاسب على افعالنا،لقد فاق من شهواته التي كانت ستكون سبب دماره وهلاكه، ليتدخل ضميره الانساني وخوفه من الله هذه المرة وهو يقول:
“اخرجي”
نظرت له وكأنها تحاول استيعاب ما قاله ليصرخ بها مجدداً مما جعلها تنتفض وهو يهتف بها صارخاً:
“قولت اخرررجي”
تحركت من مكانها مسرعة ومازالت لا تصدق، ولكنها توقفت فجأة وهى ترى الباب مغلق، ليرمى لها المفتاح أرضا، أخذته بلهفة ثم أمسكت حجابها وهي تضعه على رأسها ثم ركضت نحو الباب تحاول فتحه بصعوبه بسبب ارتعاشه يدها وتسارع دقات قلبها حتى فُتح.
هرولت بعيداً عن المنزل وقد كانت بمكان اشبه بغابه، كانت تركض بسرعة كبيرة وكل دقيقة تنظر خلفها تتأكد بأنه لا يلاحقها ودموعها تنهمر كالشلال وهي تضحك بفرحة ولا تصدق بأنه أخلى سبيلها حتى توقفت عن الركض وهي تأخذ أنفاسها بصعوبة ثم جلست على ركبتيها وتحولت ضحكاتها الى الصراخ وهي تبكي بهستيريا على كل ما عانته، ظلت تبكي وتبكي حتى كادت أنفاسها أن تتوقف وقلبها ينبض بشدة، تتذكر كل ما عانته وهي تصرخ بألم ولا تدرى كم مر عليها الوقت حتى هدئت نوبتها الهستيريا، لتقوم اول شىء بفعله وهي تسجد أرضاً حمداً لله ولا يوجد كلام داخلها تعبر به عن حالتها.
وجدت شخصاً يقترب منها من بعيد وملامحه ليست واضحة حتى شعرت بالخوف، اقترب منها أكثر لتتبين ملامحه، إنه ليث زوج حور!! ماذا يفعل هنا، وما إن رآها حتى ركض نحوها كي يطمئن عليها ولكنه أدار نظره بعيداً عنها وهو يرى ملابسها الممزقه وحالتها ثم خلع جاكته الخاص وأعطاه لها وهو يهتف بنبرة جاده:
“متخافيش…زين هنا وجاي حالاً”
هزت رأسها بهدوء وهي تشعر بالحرج ثم أخذته منه وهي تخفي جسدها بخمارها، بينما هو هاتف زين والذي كان قريب منه فقد تفرقوا جميعاً للبحث عنها وكلاً في مكان مختلف عن الآخر كي يجدوها ثم أخبره بأن يأتي وحده كي لا يراها احد بهذه الحاله.
لم يمر الكثير حتى ظهر زين وهو يهرول نحوها بأقصى سرعه وما إن رأته حتى ركضت له هي الاخرى، ليتلقاها بين زراعيه وهو يضمها له بقوه حتى كادت عظامها أن تكسر بين يديه وهو يريد لو أنه يستطيع ادخالها بين ضلوعه ولا يصدق أنها بين يديه الآن وقد عادت له.
بينما هي ظلت تشم رائحته كي تشعر بالأمان، الامان الذي افتقدته طوال الثلاثة أيام، ظلت تبكي داخل أحضانه وكأنها تشتكي له عن ما عانته من دونه وهو يستقبل هذا بصدر رحب، يكفي أنها عادت إليه من جديد.
حملها زين وأراح رأسها الصغير على صدره وهي تحيط عنقه متشبسه به بشدة وتدخل أكبر قد من رائحته داخل رئتها وكأنها تروى تعطشها بفقده ثم أغمضت عيناها براحه فاقده للوعي بعدما شعرت بالأمان وتركت لنفسها العنان بوجوده، فهي لن تعد تخشى شىء، بينما الشباب بقوا يبحثون عن عمرو بعدما أخبرتهم هي على عجاله عن المكان الذي كانت به وهم يحاولون ايجاده.
🌸لا نُسمِّي الرَّجُل رَجُلًا حتىٰ ننظُر إلىٰ زوجتهِ، أعزيزةٌ هِي أَم مُهانة.🌸
كان زين يجلس جوارها متمسكاً بها بقوة وقد ذهب في سباتِ عميق بعدما استطاع النوم أخيراً واستسلمت جفونه بعدما قد رحل النوم عنه منذ اختطافها ولكن ها هي عادت له من جديد لتعود له روحه مجدداً والتي فارقته منذ رحيلها، كان الجميع حولها يطمئنون عليها ووالدتها التي أخذت تبكي وهي تحمد الله وقد نامت هي الاخرى بعد عودتها، بينما روان شعرت بالخجل لإلتصاقه بها بهذا الشكل امام الجميع وهي شبه جالسه بين احضانه، حاولت التملص منه ولكنها فشلت وهو يقبض عليها بقوة آلمتها،
اقتربت منها والدته وهي تقول:
“سيبه… منمش خالص من يوم ما اتخطفتي”
عادت تنظر له مجدداً وقد كان الارهاق بادي على وجهه بشدة وشعره المبعثر وملابسه الغير مهندمه والسواد الذي غطى عيونه دلاله على عدم نومه، مسحت على رأسه بحنان وهي تنظر له بحزن، فهي منذ أن دخلت حياته وهي سبب تعبه وحزنه.
دخل عمر المنزل وهو يركض نحوها بلهفة بعدما تم الإمساك بعمرو وخلفه عايدة، بينما هو اقترب من روان وهو يحاول جذبها ولكن زين قد استيقظ وهو يشعر بمن يسحبها ليتمسك بها أكثر وكأنه يخشى أن يفقدها مجدداً.
“سيبها يا زين، ومتنساش انك كنت السبب”
تحدث عمر بغضب وهو يحاول جذبها منه بينما زين لم يتركها وهو يشدد على حصارها أكثر ثم قام بلكمه وكأنه تذكر أخيرا حين لكمه يوم اختفائها وهو يتحدث:
“لو انت ناسي فأحب أفكرك انها مراتي”
ليبادله عمر الكمه وهو يقول بغضب مماثل له:
“وهي أختى قبل ما تكون مراتك”
“بس انتوا الاتنين”
صرخ بها والد زين وهو يقترب منهم ويبعدهم عن بعضهم البعض، بينما زين نظر تجاهه وهو يقول بنبره حازمه:
” بعد أذنك يا بابا، فرحي انا وروان هيكون بعد اسبوع، انا يستحيل اسيبها ولو لدقيقة واحده بعد كدا”
طالعه الجميع بصدمه من قراره المفاجئ، ليقول والده بجدية:
“اى يا زين اللي انت بتقوله دا، ازاي بعد اسبوع وشقتك لسه متعملش فيها حاجه وروان امتحاناتها هتبدأ كمان عشر ايام”
“هتقعد معايا في اوضتي لحد ما شقتي تخلص، واعتقد هي معندهاش مانع”
نظر لها بطرف عينيه وكأنه يحذرها من أن تعترض، ولكنها هزت رأسها مسرعة وهي تبتلع ريقها خوفاً من نظراته.
“اى الجنان دا يازين من امتى وانت متسرع ومتهور كدا، وبعدين أوضه اى دي اللي هتقعدوا فيها، استنى على الاقل لما شقتك تخلص وهي تخلص امتحانها براحتها”
تحدثت والداته بجدية، بينما هو لم يهتم لحديث أحد وهو يردف بنبرة لا تقبل النقاش:
“انا قولت اللي عندي، لو مش موافقين يبقى هاخد شقة بره ونقعد فيها”
نظروا له جميعاً بدهشه وكأنه ليس زين الذي يعرفونه، تحدثت ياسمين محاولة تلطيف الأجواء والتي التزمت الصمت منذ البداية:
“اهدى يا زين، الأمور مبتتاخدش بالشكل دا”
قاطعهم والده وهو ينظر له. يتفهم شعوره جيداً ويعلم أنه لطالما أصر على شىء فلن يتراجع عنه ابداً:
“ماشي يازين، فرحكم بعد اسبوع طالما دا هيريحك”
ورغم اعتراض الجميع إلا انه لم يقوى أحد على الحديث وتحديداً بهذا الوقت، بينما زين حررها أخيراً من قبضته ثم اقترب من عايدة التى كانت تتابع بهدوء وصمت كعادتها ثم أخذها وذهب معها للخارج وما إن ابتعدوا عن الجميع حتى تحدث بثبات:
“كنتي عارفة مكانها ومقولتليش ليه يا عايدة؟”
نظرت له قليلاً دون أن تجيبه، كانت ملامح الغضب ظاهره على وجهه ولكنه يحاول تمالك أعصابه، فهي بالأخير خالته ويجب عليه إحترامها، بينما هي تحدثت بسخرية قائلة:
“عايدة حاف كدا؟، طول عمرك بتقولي ياخالتي ولا خلاص كبرت”
“متغيريش الموضوع… خبيتي عليا ليه إنك عرفتي مكانها؟ وانا اللي كنت فاكرك بتساعديني بجد ويهمك سعادتي، كنتي شيفاني بموت قدامك ومش فارق معاكي
اديني مبرر واحد يخليكي تعملي كدا”
أخذت نفساً عميقاً ثم زفرته بتمهل وهي تقول بهدوء:
“انا بالفعل كنت بساعدك يا زين، انت مشوفتش نفسك كنت عامل ازاي، كنت حاسه اني شايفة عيل صغير قدامي بعيط علشان أمه ترجعله اللعبة بتاعته اللي ضاعت منه مش زين الراجل الواعي اللي دايما كلنا بنعتمد عليه”
اقتربت منه ثم أمسكت كتفه وهي تنظر لعيناه ثم أردفت:
“لو انا كنت جيت وقولتك انا لقيتها يازين وعرفت مكانها وانت قاعد مكانك وضعيف بالشكل دا كل مرة هتقع في مشكلة كنت هتتخذ الضعف وسيلة ليك علشان تطلع منها،
لكن انا سيبتك تفوق وتقوم تدور عليها بنفسك”
“ولما قومت ودورت عليها وفوقت معرفتنيش مكانها ليه؟”
“كنت بديها فرصة هي كمان ولو لمره واحده تحاول تنقذ هي نفسها وتعتمد على ذاتها شويه ومش كل مره تعتمد عليك لانك بالفعل مش كل مرة هتعرف تنقذها، حطيت حراسه على البيت واللي كان خاطفها دا حته عيل ادها مكنش فيه منه قلق وواخدها بس علشان يهاوشك بيها بعد ما فصلته من الجامعه”
بينما هو ينظر له مصدوماً ولا يصدق حديثها، كيف كانت بكل تلك البرود وهي تراه بهذه الحاله ولم يرف قلبها له لرؤيته بهذا الشكل لأجلها، كل ما قالته ليس مبرراً لإخفائها الأمر عليها، ليقول بغضب فشل في السيطره عليه:
“مين انتِ يا عايدة علشان تخلي كل حاجة على مزاجك،
وباي حق تحددي اى الأنسب لينا، انا مشتكتلكيش، لو روان كان حصلها حاجة مكنتش هسامحك عمرى كله، وبعدين انا مش محتاجها تقوى وتعتمد على نفسها علشان انا مش هسمح لحد يأذيها او يقرب منها حتى طول ما انا عايش”
“واديها قدامك سليمة اهي، انا مكنتش هسمح يحصلها حاجه، بس لو هتركز كدا هتلاقي إنك قومت وفضلت تدور عليها وعرفت مكانها بدون ما حد يساعدك، وهي قدرت تنقذ نفسها وتخرج بدون برضو ما حد يساعدها ودا اللي كنت عايزاه”
توقفت عن الحديث ثم أستدارت توليه ظهرها وأغمضت عيناها وهي تقول بنبرة حادة ولكنه استشف الحزن بها:
“مش عايزاك تتوجع بعدين يا زين”
اقتربت منه مجدداً وهي تنظر لعيناه بتمعن ثم أردفت بكلمات ذات معنى:
“علشان لو وقعت… مش هتقدر تقوم تاني”
ورغم أنه شعر بالحزن لأجلها وقد فهم جيداً ما تعنيه ولكنه ولأول مرة لا يهتم لشىء وهو يجيبها بثبات هو الآخر:
“روان لأ يا عايدة… مش هسمح إن يحصلها حاجة طول ما انا عايش حتى لو هفديها بروحي، وكلامك دا كله مش هيغير من اللي حصل حاجة ولا مبرر للي عملتيه، هي خط احمر وبعيدة عن شغلك، انا مش مستعد اني اخاطر بيها”
تركها وغادر وقد كان يشعر بالغضب والحزن معاً، رغم معرفته جيداً لتصرفها والتي من وجهة نظرها هو الصواب إلا أنه ليس مستعداً لأن يخسرها ولن يسمح بذلك ابدا.
🌸- كتبَ حافظ لِلقرآن:
“أن تُصلي خَلف الإمام وَتعرِّف اسم السورة التي يَقرأها والوجه وَموضِع الآية ِمن الوجه، شعور لا يُشبهه شيء، كأن الفردوس في صدرك.”🌸
وقف أمام القبر وهو يتنهد بحزن وألم وينظر له وعيناه مثبته عليه، ترى ما حاله الآن داخل القبر؟ هل هو حزين ام سعيد، هل القبر مضىء له ام مظلم؟ طب هل أخيه يشعر به ام لا؟ بداخله العديد من المشاعر المضطربه داخله.
جلس جوار القبر ثم وضع يده على لافتة اسمه والتى خطت” المغفور له بإذن الله ياسر محمود العمرى” لقد أصر والده على وضع اسمه، فقد عاش طوال حياته باسم آخر غير اسمه الحقيقي واب آخر غير ابيه، لذا كان اقل شىء يفعله له أن ينضم للعائلة.
“مش عارف انت حاسس بيا ولا لا، بس انا كنت عايز اقولك اني بحبك اوى، انت اكيد مستغرب ازاي حبيتك الحب دا كله واحنا مشوفناش بعض غير كام مرة وكنا بنخانق، انا نفسي مستغرب وكأني عارفك بقالي سنين، اقولك على سر؟ كل مرة كنت بشوفك كنت بحس كأنك مسؤل مني وبحس تجاهك بمشاعر غريبه وانك مش غريب عليا رغم اني كنت اول مرة اشوفك”
توقف وهو يبتلع غصه مريرة بحلقه ثم تابع بألم:
“كان فيه حاجات كتير لازم نعيشها سوا يا ياسر، كان نفسي نتجمع كلنا مع بعض، تعرف انا بقالي كتير اوي عايز اجي اشوفك بس مكنش عندي الجرأة اني اجيلك لحد ما انت جيتلي في الحلم، عايز اقولك كمان إن حور سامحتك ومحدش زعلان منك، وكمان هطلع كل يوم صدقة على روحك ومش هنساك ابداً من دعائي، يبقى على الاقل لو مقدرتش اشوفك ونتقابل، هخلي الدعاء الوصل اللي هيربطنا ببعض دايماً”
سقطت دمعة حارقة من عينيه وهو يقول ببسمة ممتزوجة بألم:
“مش عايزك تزعل وانا كمان مش هزعل علشان اكيد دا الخير لينا، محدش يعرف الخير فين، انت سامعني وحاسس بيا صح؟ إن شاء الله تكون حاسس بيا ومتخافش انا هجيلك على طول هنا وانت كمان تجيلي في الحلم علشان نفضل على تواصل دايما اتفقا يا ياسر”
مسح دموعه وهو يلتفت لمن وضع يده على كتفيه، من غيرها رفيقة دربه ومؤنسة وحشته، اقتربت منه ثم مسحت اثر دموعه بأناملها الصغيرة وهي تبتسم له بحنان، ليبادلها نفس البسمة بإمتنان كبير، وقد لاحظ تأخرها العمدي لتتركه ياخذ راحته ويخرج ما يجيش بصدره لأخيه.
جلست جواره وقد احترمت صمته ولم تتحدث، اخرجت مصحفين من حقيبتها وهي تعطيه واحداً له وآخر لها بينما هو اخذه منها وهو يهتف:
“هو القرآن بيصل للميت؟”
تنهدت قليلاً وهي تفكر بالأمر ثم هتفت:
“الله اعلم ياليث انا معرفش الحقيقه، وكمان الموضوع عليه اختلاف هو بيصل للميت ولا لأ، هو فيه حديث عن الرسول قال إن توفي بن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث(صدقة جارية، عمل يتنفع به، ولد صالح يدعو له) دول اللي اكيد ووردا عن الرسول، لكن قراءه القران لما بحثت فيه اللي قال انها بتوصل لما نقرأ ونوهب ثوابها للميت وفيه اللي قال لأ مش بتصل”
أوما لها بهدوء ثم سألها مجدداً وهو يقول:
“طب والميت بيحس باللي بيزوره؟”
“برضو مش عارفه، كنت الاول على حد علمي إن الميت بيحس، لكن لما جيت ابحث ملقتش دليل قاطع إنه بيحس باللي بيزوره ولقيت اختلاف واراء كتير عليها، انت اعتبره بيحس بيك وتعالى زوره دايما وادعيله”
تنهد بشرود وهو يفكر بحديثها ثم أمسك المصحف وبدا كلاهما بالقراءة بعد الوقت حتى انتهوا وليث يتصدق (صدق الله العظيم).
بينما هو انتهت تلاوه وهي تقول(سبحانك اللهم وبحمدك، اشهد أن لا إله إلا انت، استغفرك واتوب إليك)
“انت مش بتتصدقي ليه بعد ما خلصتي؟”
“علشان سمعت إن قول صدق الله العظيم بدعه، الاول استغربت لاني متعودة اقولها دايماً وكنت اول مره اسمع انها بدعة بس لما فكرت فيها حسيتها متنفعش فعلا، اصلا ربنا سبحانه وتعالى مش محتاج إننا نصدق قوله، احنا بنقول صدق رسول الله علشان نأكد صدق كلام الرسول لانه مهما كان فهو أشرف الخلق ونبي مرسل فهو بشر علشان كدا احنا بناكد على صدق قوله، لكن ولله المثل الاعلى ربنا إله ولا يحتاج اننا نصدق قوله حاشا لله”
تفهمت حديثها ثم سألها مرة أخرى:
“طب طالما بدعة ليه الكل بيقولها؟”
“بص يا ليث، فيه حاجات كتير منقدرش نأكد عليها ميه في الميه هي بدعة ولا لأ، لكن مجرد ما بشك في حاجة مش بعملها افضل تجنباً للشبهوات، فعلشان كدا بطلت اني اقولها سواء بدعة او غيره واستبدلتها بقول سبحانك اللهم وبحمدك، اشهدوا أن لا اله إلا انت استغفرك واتوب إليك”
“ربنا يجازيكي خير ياحور على كل معلومه بعرفها منك ببلاش كدا وانتِ بحثتي وتعبتي فيها”
ابتسمت له بلطف ثم وقفت وهي تمسك يده تزامناً مع قوله:
“ودلوقتي تعالى معايا علشان عايزة اديلك حاجة مهمة اوي بالنسبالي”
🌸من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مئة مرةٍ غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.🌸
كان جالساً بالمسجد يراجع ورده بعدما حضر الدرس وهو يشعر بالراحة، أرجع رأسه للوراء وهو يتذكر حياته قديماً والآن، يالله اي خير فعله بحياته كي ينال تلك الراحة التي يشعر بها الآن والسلام النفسي الذي حل عليه، تُرى هل الله راضِ عنه الآن؟ لقد أتم اليوم حفظ سورة البقرة بعد جهد وشقاء وسهر ليالي والمواظبه عليها والتودد على المسجد حتى أتمها، يتذكر احتفال الجميع به فرحة لأجله، كانوا لا يقلون سعادة عنه وهم يهنئونه بفرحة، لقد رأى الحب والسعادة بعيونهم لأجله وهذا ما اسعده أكثر.
لقد تقرب من الجميع هنا واصبح يعلم الكثير عن دينيه
بل وكلما تعمق في الدين كلما ذاد حبه له واصبح متيماً به
وذاد علمه وعمله به.
أغلق المصحف وهو يرى أحمد صديقه الوفي يقترب منه
، قام وهو يعانقه بحب ولا يوجد حديث يوفي حقه معه، فهو له فضل كبير عليه في تعلم دينيه، بينما قال احمد بحب وهو يحتضنه:
“هتوحشني اووي يا يونس وانا اتعودت عليك”
شدد الآخر على عناقه وهو يقول بمزاح كي لا يبكي:
“اووه ابتعد يا رجل، لقد بدأت أشك بأمرك”
ضحك وهو يبتعد عنه ثم تنهد قائلاً:
“كدا خلاص قررت انك هتمشي؟”
أومأ له وهو يجيبه:
“أجل احمد، رغم انني سوف أشتاق لكما بشدة، ولكن لا طاقة لي بالمكوث هُنا دونها صدقني”
وضع يده على كتفه وهو يقول بجدية:
” رغم إني مكنتش موافق انك تروح، بس طالما دا هيريحك يبقى توكل على الله”
ثم تابع حديثه بمزاح ملطفاً الأجواء
” وعقبال ما الاقي انا كمان اللي تخليني اسافرلها بلاد هي كمان… هييح بقى”
“سوف تكون اكثر من محظوظه لانها ستحظي بشخص متلك أقسم”
بينما هو تحدث بمزاح وهو يعدل من ياقته ويمنع دموعه من الهطول لفراقه بعدما قد اعتادت عليه وأصبح رفيقه المقرب هاتفاً:
“ايوه فعلا هتكون محظوظة”
ابتسم له ثم أحتضنته مجدداً وهو يقول:
“سوف نكون على تواصل دائما معك انت وليث وبقية الشباب، لن انساكم إن كان للعمر بقية”
🌸”قال أبو سليمان الداراني: والله لولا قيام الليل ما أحببت الدنيا… قُم ليلك ولو بركعتين، ولا تنسَ الوتر.”🌸
كانت تجلس جواره وهى تنظر للقمر بشرود والسكون يعم المكان، تفكر بكل ما حدث معها وكل ما مرت به من صعاب وهو معها وجوارها ولم يتركها، ترى مما خُلق هذا الرجل؟ ماذا فعلت بحياتها لكي تحظي بشخص مثله.
“زين”
تحدثت وهى مازالت تطالع القمر أمامها بشرود، همهم لها كي تتحدث بما تريده وهو مازال على نفس هيئته لتردف:
“انت عارف اني بحبك صح؟”
ظهر شبح ابتسامه على وجهه ولكنه حاول الثقل وهو يقول بلامبالاة ظاهريه:
“ايوه عارف”
استدرات له لتكون مقابله له وهي تقول بنبره مختنقه:
“وعارف برضو اني غيبه ومتسرعه ومش بفكر بالكلام قبل ما اقوله صح؟”
نظر لها أخيراً وقد رق قلبه لها، لم يتحدث احدهما بالموضوع منذ عودتها ولكنها تريد الإعتذار عما بدر منها.
أوما لها بهدوء يؤكد حديثها وهو ينظر لها بتمعن، لتتحدث مجدداً وقد أغروقت عيناها بالدموع قائلة:
“والله يا زين انا.. انا مكنتش اقصد اي حاجة من اللي قولتها، انا اول ما.. ماشوفت…”
قطع حديثها وهو يقربها إليه ثم حاوطها بزراعيه قائلاً:
“هشش خلاص كل دا حصل وانتهى وانا نسيته اصلاً، مش هنكر انا زعلت منك علشان مفيش واحدة عاقلة تقول لجوزها انا بكرهك لكن مبقتش زعلان منك خلاص”
تتنهدت براحة من حديثه ثم تحدثت مرة أخرى بندم:
“انا بثق فيك أكتر من نفسي، لكن لما بغير مش بفكر باللي بقوله حتى، انا حتى قلبي بيوجعني لما بشوفك حاضن ياسمين او اي حد غيرى”
تعالت ضحكاته على ملامحه ثم تحدث وهو يضع رأسها على كتفه قائلاً:
“خلاص يبقى مش هحضنها خالص مرضيه كدا ياستي؟”
أومات له بضحك وهي تمسح دموعها تزامناً مع قولها:
“لحد الآن مش مستوعبه إن فرحنا بكرة، حاسه العمر جرى بسرعه اوي يازين، دا انا لسه من كام يوم كنت عيلة بضفاير بلعب معاك، فاكر يازين لما كنت بجيلك علشان تسرحلي شعرى؟”
توقفت عن الحديث وهي تتذكر ثم أردفت وهي تضحك بتهكم:
“بس دلوقتي معدش فيه شعر خلاص”
اجابها وهو يمسح على رأسها هاتفاً:
“هيطول وارجع اسرحهولك من تاني، وبعدين مش انتِ اللي اتسرعتي وروحتي حلقتيه؟ علشان اصلا لا يجوز إنك تحلقيه والرسول نهانا عن كدا الا لو كان فيه ضرروى قصوى وانتِ ساعتها مكنش فيه ضرورى”
ابتسمت له ثم تحدثت بصدق ورضى:
“فاكر يازين بعد ما خفيت من المرض وكنت زعلانه على شعرى وانت قولتلي الكلام دا وانا ساعتها زعلت وقولت انا ليه عملت كدا؟ تعرف إن بسبب شعرى عمرو سابني لانه عرف اني كان عندي الكانسر وكأنه افتكر ربنا دلوقتي، بعد ما كنت زعلانه طلع هو دا الخير ليا، بقيت اضحك واقول هو للدرجه دي ربنا بيكون مرتب حياتنا واقدارنا، يعني شعري اللي كنت بعيط علشان حلقته هو نفسه كان سبب نجاتي؟ ربنا رحيم بينا اووي يازين، مهما فضلت اشكر ربنا واحمده عمرى كله مش هوفي حقه عليا”
ثم وقفت من مكانها وهي تنظر له وتقول بفرحه:
“انا فرحانه اوووي يا زين، حاسه إني عايزة افضل اجرى واصوت واطنط واعمل حاجات كتير، انا بحب ربنا اوووي يازين وبحبك انت كمان وبحب كل حاجة حواليا”
وقفت وهي تدور حول نفسها وتجرى وتصرخ باسمه وتهتف بسعادة، بينما هو بقى يتأملها وهو يضحك بسعادة هو الآخر ثم اقترب منها قائلاً:
“مش ناوية توريني الفستان برضو؟”
ضحكت عليه وهي تتذكر إصرارها بعدم رؤيته لفستان زفافها وارادت أن يكون مفجاة له، ومازالت لا تصدق بأن غداً هو يوم زفافهم، يوم ما تجتمع معه بمنزل واحد.
🌸”ثم أعود إلى ربّي..
‏فأجدهُ يؤنسُ وحشتي..
‏ويجبر قلبي.”🌸
“غمض عينيك”
نطقت بها حور وهي تمسك بشىء خلف ظهرها جعله يتعجب ولكنه اغمض عينيه كما طلبت منه، امسكت يده ثم وضعت فيها هذا الشىء الذى كانت ممسكه به، فتح عيناه وهو ينظر لمَ بين يديه بدهشة ولا يعلم ماهيته، لتتحدث هي بحب قائلة:
“من بره يبان إنه نوت (دفتر) عادي لكن الحقيقة هو مش نوت وخلاص لأ، دي جواها قلبي وكل مشاعرى اللي فضلت محافظه عليها سنين للشخص اللي يستحقه وانت أكتر واحد تستحق يا ليث”
ورغم سعادته من حديثها الذى أدخل السرور على قلبه ولكنه سألها هاتفاً:
“طب ليه ادتهوني دلوقتي، ليه مدتهونش من اول ما اتجوزنا؟”
“علشان هو غالي عليا اوي يا ليث، جوازنا مكنش كافى إني أدهولك برضو وهو فيه كل ذكرياتي ومشاعرى اللي كنت بهرب بيها هنا، لمجرد إني ادهولك كأني كشفتلك نفسي وبعرفك على حور الحقيقة مش حور اللي قدامك واللي مفيش حاجة بتهزها، كان صعب عليا فكرة إن شخص ممكن يقرأ الكلام دا لاني هحس خلاص إنه عرفني
وشاف ضعفي اللي مش ببينه لحد بإختصار بقيت كتاب مفتوح قدامك كدا يا ليث”
اقترب منها يمسك يديها وهو يشعر بالسعادة الشديدة ولا يوجد كلام يصف ما بداخله ثم تحدث بمزاح وهو يغمز لها:
“لأ دا احنا نروح ناكل على عربية كبدة تاني بالمناسبة السعيدة دي”
ضحكت على حديثه ثم أردفت بغمزة مماثلة له قائلة:
“شايفاك بقيت مدمن كبدة انت كمان، فاكر اول يوم بعد كتب الكتاب لما خدتك ورحنا هناك وقولتيلي مستحيل تاكل من على عربية؟”
ضحك هو الآخر وهو يتذكر هذا اليوم وحين جعلته يأكل عنوة، نظر في عيناها وهو يهتف بحب شديد نابع من قلبه:
“اللي يحبك هيدمن اى حاجة انتِ بتحبيها يا حور”
🌸اللهُمَّ لا تَلُمنِي فِيمَا لا أملُك!
– قالها ﷺ قاصدًا قلبه.🌸
وقف زين أمام المرآه وهو يعدل ياقة بدلته وما إن انتهى حتى وقف يصلي ركعتين شكر لله وهو يحمده على إستجابه دعوته طوال تلك السنين وقد نال جزاء صبره وهو يكاد يطير من كثرة السعادة ومازال لا يصدق بأن اليوم هو يوم زفافه على من اختارها قلبه لتكمل نصف دينيه، دخل عمر وهو يتذمر قائلاً:
“ما تخلص يازين بقى أخرنا عليهم والشباب كلهم مستنين تحت”
أومأ لها وهو يتأكد من أن كل شىء على مايرام ثم استدار ليرحل وما إن وصل للشباب حتى هتفوا بفرحة ويصفرون له وهم سعداء لأجل صديقهم واخذوا يحتضنونه بحب ويهنئونه وقد شعر بسعادتهم له.
ركب السيارة والتي اهتموا بتزيينها وكان هو في المقدمة وجميع السيارات خلفه وهم ينشدون بحب ثم توقفوا بالطريق حين سمعوا الآذان.
نزلوا جميعاً من سيارتهم بعدما امرهم زين ليصلوا أولا ، ولأنه لا يوجد مسجد بالقرب منهم صلوا بالطريق على جنب بعيداً عن السيارات وقد كان زين إمامهم والجميع يصلي خلفه حتى انتهى،
وقف ليرحل ولكنه نظر حوله بدهشة حين وجد الكثير من الناس وقفوا يصلون خلفه وقف توقف الطريق بسيب كثرة السيارات ليأخذ ثواب كل شخص صلى خلفه وكان هو مشجعهم بل واخذوا يدعوا له ويهنئونه حين علموا بأنه عريس والليوم ليلة زفافه.
أكمل الطريق وهو يكاد يجن من فرط سعادته حتى أن الطرق لا تسع أجنحته حتى وصل أخيراً بعدما قد نفذ صبره.
دخل وحده للمكان الذي من المفترض أنها به وهو يبحث عنها ولكنه لم يجدها، ظل يبحث عنها ولكنه وجد فتاة منتقبة ولا يظهر منها شىء وقد كانت تبدو فاتنة رغم أنها تستر جميع بدنها، كانت ترتدي فستان رقيق وطوله مناسب وبه بعض الورود البيضاء وفوقه طرحه كبيرة تصل للاسفل وفوقها ورود ايضا وترتدي فوق ذلك نقاب والذي ذادها جمالاً، لا يعلم لمَ تمنى بأن تكون روان مثلها وقد شرد بها، انتبه لنفسه وهو يستغفر وينظل اسفل ثم ذهب يسأل مسؤله المكان عنها لتجيبه بضحك وهي تشاور عليها:
“سلامة نظرك يا شيخنا عروستك قدامك اهي”
توسعت مقلتاه بدهشة وقد ألجمته الصدمة، هل.. هل اردت روان النقاب!! مازال لا يصدق وهو يسير نحوها بخطى متمهله ولكنه وقف على بعد مسافة منها يخشى الإقتراب أكثر وقد لا تكون هي، ولكن داخله يتمنى أن تكون هي.
تسارعت دقات قلبه بعنف وهو ياخذ انفاسه بصعوبة ثم أقترب منها حتى صار لا يفصلهما شىء وقد تيقن بأنها هي، دقات قلبه لا تنبض لأحد سواها.
ترغرغت عيناه بالدموع وهو يقاوم الا يبكي ثم أحتضنها على حين غرة ومازال تأثير الصدمة واضح عليه، ليهتف وهو يمسح دموعه قائلاً:
“انا حاسس اني بحلم… انا مش بحلم يا روان صح؟”
خرجت من احضانه وقد تساقطت دموعها هي الاخرى ثم قالت بحب:
“لأ يا زين، مش بتحلم انا لبست النقاب واختارت اليوم دا بالذات علشان عايزة ابدا معاك حياة جديدة من غير ذنوب ولا معاصي”
قبّل مقدمة رأسها ثم أخذها وسار معها للخارج وهو لا يرى أحد سواها وقلبه يتراقص بسعادة، فاليوم تضاعفت سعادته.
وصل للقاعة ثم ذهب ناحية قاعة النساء اولاً والتى كانت بجوار قاعة الرجال ولكنها منفصلة عنها ثم أدخلها وسار هو لقاعة الرجال ومعه الشباب.
اما عنها فقد كان خبر إرتداء النقاب مفاجئ للجميع عدا ياسمين وحور التي قامت بإخبارهن، اقترب منها الفتيات وقد قاموا جميعاً بنزع انقبتهن بسبب اغلاق المكان جيداً وعدم السماح بتواجد الهواتف ثم بدوا بالرقص وهم ينشدون وروان تردد معهم والتي قد حفظت تلك الانشوادات عن ظهر قلب كي تنشدها بيوم زفافها.
وصل للجميع خبر دخول العريس ليرتدوا نقابهم مجدداً، وبمجرد دخوله للقاعة وهو يسير ويمسك باقة زهور أنارت الشاشة بداخل القاعه وهي تظهر مشهد مشابه لهم ولكن لفتى صغير وفتاة صغيره وهو يسير بالقرب منها ويمسك وردة صغيرة بيده وقد كان فديو لهما وهم صغاراً بزفاف أحد اقاربهم.
نظرت له بصدمة والمشهد يُعاد لها من جديد ولكن اليوم وهم كباراً وهي زوجته، وصل لها ثم أعطاها الورود في الوقت الذي قام به زين الصغير في الفديو بإعطائها الوردة ثم قام بحملها وهو يدور والشاشة تعرض الفديو في الوقت الذي حملها زين ودار بها بنفس اللحظة والمشهد يُعاد ولكن بالفديو وهم صغاراً وبالقاعة بعدما كبروا ليكون هذا اليوم اسعد يوم مر بحياتهم على الإطلاق والذي حُفر في ذكرياتهم إلى الأبد.
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
وقفت رغد بذلك الفستان الابيض البسيط وهى تنظر أمامها بحزن بعدما قامت بالإمضاء فاليوم هو عقد قرآنها وزفافها أيضاً والتى لم تهتم حتى لرؤية العريس، اي شخص سوف تقبل به ولم يعد يفرق معها شىء، دام أنه ليس يونس اذا فالجميع أمامها سواء، ترى كيف حالته الآن؟ هل مازال يتذكرها كما تفعل به؟ هل سيسامحها على ما فعلته بكلاهما والحكم على علاقتهم بالموت قبل أن تبدأ؟ ولكن ما كان امامها خيار، فما كانت هي لتتخلى عن موطنها بهذة السهولة لذا لم يكن أمامها سوى الرحيل.
مسحت دمعة فرت مع عينيها وهى تخرج كما أمرها عمها لترى عريسها، بل لترى من اصبح زوجها وهي تشعر بالحزن الشديد، لم تحصل على شىء واحد بحياتها سعيد، ولم تذق طعم السعادة التى كانت تسمع عنها دوماً، لقد كُتب على قلبها الحزن دائما.
خرجت وهى تسير بخطى بطيئة وقد شعرت بالإختناق الشديد وانهمرت دموعها رغماً عنها بعدما فشلت في السيطرة عليها ولم تهتم لانها امام الجميع وبما سيقولون عنها، عروس وتبكي بيوم زفافها، لتتساقط دموعها أكثر بحرقة وقلبها يأن وجعاً وشعرت بأن الدنيا تسود من حولها حتى سمعت ما اعاد لها روحها من جديد:
“لا تبكى صغيرتي… تصبحين قبيحة اكثر من قبحك حين تبكين”
رفعت رأسها نحوه بصدمة وهي لا تصدق بأنه أمامها، هل… هل يونس هو من تزوجها؟ بالتأكيد هي تحلم فمن المستحيل تواجده هنا معها، هل قطع كل تلك المسافات لأجلها؟ ركضت نحوه باقصى سرعة وهي تمسك طرف فستانها حتى وصلت امامه وهي تحتضنه بشدة، تلقاها بين زراعيه وهو يضحك ثم هتف بسعادة قائلاً:
“لأجل انني اعلم تهورك هذ أرادت أن نعقد قرآننا أولاً كي لا نفعل شىء خاطئ يغضب الله رغد”
بينما هي ظلت متمسكة به بشدة وهي تبكي وتخرج كل ما بداخله هاتفه بكاء:
“انا بحبك اووي يا يونس.. انا مش مصدقة لسه انك قدامي.. انت.. انت جيت لحد هنا علشاني”
هز رأسه وهو يقول ببسمة وحب:
“ومازالت على استعداد لإن اذهب آخر العالم لأجلكِ رغد”
“بس.. بس يا يونس هنا الدنيا مش امان وانا خايفه عليك”
قبل يديها بحب شديد وهو يهتف:
“لا اعرف معني للامان سوى معكِ”
وما إن انهى حديثه حتى تعالت ضربات النيران من حولهم والجميع يركض وقد عم الفوضى حولهم، لتنظر لها وهي تقول:
“انت جيت للموت برجلك يا يونس”
ليقول وهو مازال على نفس وضعه ببسمة:
“الموت الحقيقي هو الحياة دونكِ رغد”
بادلته البسمة وهي تقول تزامناً من اذدياد طلقات النيران حولهم قائلة:
“وهتستحمل الخوف اللى هتعشيه هنا؟”
اوما لها وهو يهز رأسه قائلاً:
“حتى الخوف يصبح له طعماً خاصاً معكِ رغد”
ابتسمت له ثم أمسكت يده وقد اقتربت النيران منهم
ثم هتفت بشجاعه وحماس:
“اذا فلتنطق الشهادة اولاً ثم تستعد للحرب عزيزي يونس فقد لا ننجو”
وما إن انهت عبارتها حتى توالت الضربات نحوهم بشدة والنيران تنطلق في كل مكان وقد عم الخراب من كل اتجاه وكان آخر شىء وصل لمسماعها قبل إندلاع النيران:
” لا بأس رغد… فهناك الجنة، فلننعم بجنة الخلد اذا”
🌸”ثم أعود إلى ربّي..،
‏فأجدهُ يؤنسُ وحشتي.. ‏ويجبر قلبي.”🌸
وقف زين وأمسك بالميكرفون ثم قام بالغناء وهو يطالعها بكل بحب والجميع يصفقون بسعادة لأجلهم، بينما هو لم تكف عيناه عن زرف الدموع ولكن هذه المره بسعادة.
“هي دي اللي اختارتها… اللي دينها مهرها.. هي دي اللي اختارتها…. اللي دينيها مهرها.. اللي روحها فرضها.. واللي حافظة ربها.
“هي دي اللي اختارتها… اللي دينها مهرها.. هي دي اللي اختارتها…. اللي دينيها مهرها.. اللي روحها فرضها.. واللي حافظة ربها.
يوم ما جيت دقيت على بابها لقيتها لابسه حجابها… انتِ فيين دا انا ياما دعيت بحورية تكون من الجنة… لاقيتها هي اللي لايقالي.. بس المهر هو الغالي… لقيتها هي اللي لايقالي بس المهر هو الغالي… آيات القرآن الهادي… آيات القرآءن الهادي… عشاااانه أختارتها.
“هي دي اللي اختارتها… اللي دينها مهرها.. هي دي اللي اختارتها…. اللي دينيها مهرها.. اللي روحها فرضها.. واللي حافظة ربها.
ياعم انا شارى بديني حلالى في قلبي هحطها… ياعمي هاشورها دي هي شروطها تعيش على شرعها
لقتها هي اللي لاقيالي… بس المهر هو الغالي… آيات القران الهادي.. عشاااانه اختارتها.
قالتلي دا بيتنا يزين فرشتنا السنة والقرآن.. والحب حياتنا يبعد عنا شىء اسمه الشيطااان…. لقيتها هي اللي لايقالي… بس المهر هو الغالي.. آيات القرآن الهادي.. آيات القرآن الهادي… عشاااانه اختارتهااا”
وما إن انتهى حتى صفق الجميع بحرارة بينما هو ينظر لها بسعادة وقد كانت كل كلمة نابعه من قلبه وهو يمتع نظره بها لتكون هي اجمل شىء حصل عليه على الإطلاق، بل تستحق مجاهدته وصبره طوال تلك السنين.
عاد للشباب مرة اخرى وقد قاموا بإنشاد هم مع بعضهم البعض في جو ملئ بالبهجه والسعادة دون أن يعصوا الله، بل انهم كانوا سبباً للتشجيع على الافراح الاسلامية بدون اغاني او اختلاط او اى شىء قد يعصوا به الله، فلقد مّن الله عليهم وارزقهم بالزواج ليقوموا هم بتشغيل الاغاني والرقص عليها امام الجميع والاختلاط، يفعلون كل شىء حرمه الله!!.
انتهى اليوم بسعادة كبيره وكلا ذهب لمنزله، بينما هو اخذها وذهب بها منزله والذي كان منزين بطريقة جميلة وتحديداً غرفتهم، وقد كان المنزل خالى ومكوث عائلته بالدور الاعلى لكي يأخذوا راحتهم.
امسكها برفق ثم سار معها للداخل وكلاهما يشعران بالسعادة الشديدة، ليهتف زين بحب:
“يلا غيرى علشان نصلي الأول ونبدأ حياتنا بطاعة الله وكمان نشكر ربنا على فضله ونعمه علينا”
أومأت له ثم فعلت كما طلب منها ووقفت تصلي خلفه وما إن انتهى حتى اقترب منها ثم وضع يده على رأسها وهو يدعو الله قائلاً:
“اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه”
ابتسم لها بحب كبير ثم أردف:
“الدار بقيت أمان خلاص وحلم الطفوله اتحقق ياروان”
بادلته النظره وهي تقول بحب:
“بقى امان علشان انت موجود يازين، ووجود زين يعني وجود الأمان”
تمت بحمد الله
وإن كان في العمر بقية إن شاء الله هيكون ليها جزء تاني وعايزة اقول قبل كل بارت كنت بكتبه كنت بدعي ربنا يلهمني المعلومات اللي تأثر في اي حد يقرأها ومش قادرة اوصفلكم سعادتي وكل ما الاقي بنوته تيجي تقولي انها لبست النقاب او الخمار بعد ما قرأتها وحقيقي شكرا ليكم من كل قلبي على حبك ودعمكم ليا طول الفترة اللي فاتت وشكراً للرواية انها خلتني اعرف ناس كتير اووي منكم وانهم يحبوني من غير ما يعرفوني.
وحاجة اخيرة عايزة اقولها، بما إن عيشنا اغلب تفاصيل الروايه بواقعية، فكان من الطبيعي جدا روان تموت بالكانسر ويونس مايسافرش لرغد، ومن الطبيعي حور متحبش لليث وتنفصلوا عنه، او ياسمين متوافقش على عمر، لكن انا محبتش ازعلكم واكون سبب لحزن حد بعد كل المشاعر اللي عشناها
واعرفوا إن اى حزن كان في الرواية مكنش على سبيل الدراما لأ كل حاجة كان وارها موعظه وعبره لازم نتعلمها.
وعايزة اقولكم كمان إن الجزء التاني إن شاء الله هيكون افضل من دا وهنتعلم منه حاجات كتير وهنشوف ازاي هيربوا عيالهم تربيه صالحة وازاي هيتعاملوا مع ازواجهم ويقدروا يتخطوا مشاكلهم ازاي.
واخيراً بقى عايزاكم تقولولي طلعتوا ب اى من الرواية وغيرت فيكم ايه، ومين اكتر شخصية حبيتوها
إلى اللقاء مع الجزء التاني ودمتم بخير وبحبكم جداً في الله♥

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حكايات سنفورة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى