رواية هذا ليس عالمي الفصل الثالث 3 بقلم نورا سعد
رواية هذا ليس عالمي الجزء الثالث
رواية هذا ليس عالمي البارت الثالث
رواية هذا ليس عالمي الحلقة الثالثة
– يعني بتتشبهي بالرجالة وبتقِلي أدبك؟ ما تتحشمي يا بت.
تملَّك الغضب مِنها هي الأخرى، لم تستطع أن تمسك زمام غضبها أكثر من ذلك، أقتربت من ذلك الرجل بعض الخطوات وهي تهتف بغضب:
– لا بقى، ده أنت اللي جبته لنفسك.
وفي لحظة كانت رأس نور تنصدم في رأس ذلك الشاب بحدة
وصوت صراخ الشاب يصدح في أركان المكان! وصَل صراخ نور لزهرا وحاتم وفي ذات اللحظة كانت زهرا تشهق بفزع وهي تضرب بكفها على صدرها وتصرخ قائلة:
ـ يمُري نور!
ركضت في لمح البصر وهي تصيح عليه فازعة:
– خليك هنا يا حاتم.
ركضت نحو نور برعب وهي تدعي أن لا يكون حدث لها كارثة؛ فَهي في نهاية الأمر غريبة عن تَلك البلد، كانت تركض نحو مصدر الصوت، رأتها اخيرًا، وكان الوضع كالتالي، نور تقف وتمسك في ملابس رجل وتبرحه ضربًا وهي تسبه بجميع السبات التي جأت في ذهنها، أما الشاب فَ تقريبًا فقد الوعي بسبب شدة الضرب! رهلت نحوها سريعًا تمسك يدها توقفها عن ما تفعله وهي تصيح فيها بعدم تصديق:
– أنتِ بتعملي أية؟ سيبيه يا نور هنروح في داهية.
قالت ما قالته برعب ثم بدأت في ولولة النساء الشهيرة، وهي تضرب خديها بيديها بعنف:
ـ يا مصبتي، يا مصبتي يااناا يااماا، أتفضحنا يا بت عمي، أتفضحنا.
دفعته من بين يدها والأخر لم يستطيع الوقوف أكثر من ذلك! فوقع على الأرض فاقد الوعي! ولكن نور فبصقت عليه بشمئزاز وهي تُنفض يدها قائلة:
– رجالة خِرعة.
– أتفضحنا يا نور.
كانت تلك كلمات زهرا التي على وشك البكاء! رفعت نور رأسها نحو الهمهمات التي بدأت أن تصل لأذنها وتفاجأت بتجمُع الناس حولهم! عدلت ملابسها وهي ترفع رأسها بكبرياء وتصيح فيهم غاضبة:
– خلاص أنت وهو، المولد خِلص.
تزامنًا مع انهاءها لكلماتها ظهر أمامها تميم! لا تعلم من أين جاء لكنها فُزعت من هيئته الغاضبة والشرار الذي يتطاير من عينه!
كان ينظر لهم نظرات كادت أن تُفتك بهم وبغضب كان يقترب منهم وهو يسأل:
– هو إيه اللي بيحصُل ده؟
ابتسمت نور بتوتر ولكنها هتفت ببراءة:
– دع واحد قلّ أدبه وأنا رديت عليه بس، متشغلش بالك أنت يلا بينا نروح بقى.
قالت كلماتها ببساطة وهي تترجل أمامه بخطوات بطيئة، نجحت في حرق دماء ذلك المسكين ببرودها ذلك! نظر لها بشر وهو يصيح فيها بنبرة جعلتها تتصنم في مكانها من جديد:
– ومين ده اللي أتجرذ عليكم؟؟ ورديتي عليه أزاي يعني؟
ابتلعت لعابها وهي تُشير نحو الرجل الذي أستلقي على الأرض ولكن…ولكن لحظه أين هو؟! اختفى في لحظات! وهذا جعلها تضرب كف بكفٍ وهي تصيح ساخرة:
– ده هرب زي الفار!
لم يعجبه كل ما حدث، ولا يعجبه تجمع الناس حول ابناء عائلته هكذا، رمقها بنظرات مُشتعلة ثم أمسك يد زهرا التي كانت تقف ترتجف في مكانها وهو يصيح عليها وهو يتحرك برفقة زهرا قائلًا:
– طب قدامي يا هانم.
انتهى من كلماته وهي يشير لها بعينه أن تمشي بجانبه، وبالفعل أستجابت له دون أضافة شيء، بينما هو فرفع رأسه نحو هذا التجمهر الصغير الذي مازال موجود وصاح فيهم غاضبًا:
– ما تغور منك ليه على بيتكم! إيه عايزين جنازة وتشبعوا فيها لطم إياك؟ مش كفاية الحيوان اللي قرب من بنات الحج دهشان وأنتوا كنتوا بتتفرجوا عليه؟؟ غوروا قبر يلِمكم.
انتهى من كلماته وهو ينظر للجميع بشر، مسك يد نور هي الأخر ثم أخذهم وعادوا للمنزل.
************
وصلوا جميعهم للمنزل، كان صالح يرمقهم بتعجب من هيئتهم المُتهكمة، نظر لتميم طويلًا وسأله:
– حُصل أيه يا تميم؟ وليه مجرجر البنته اجده!
رمق تميم الأثنين بنظرات مُشتعله من شدة الغضب وخاصةً نور ثم هتف:
– الهوانم لاقتهم في الغيط بيتعاركوا مع واحد.
في ثوانٍ تعالت الهمهمات بينهم، بينما سمية فشهقت بفزع وهي تقترب من ابنتها تفحصها جيدًا وهي تسألها:
– بيتعاركوا! حصلك إيه يا بتي؟
رمقت نور بغضب وهي تواصل:
– كله من بت البندر وشورتها الهباب.
هُنا وضرب الحج دهشان بالعصا خاصته في الأرض بغضب وهو يهتف بحِدة أخرستهم:
– كيف يعني كانوا بيتعاركوا لحالهم! حصل أيه يا زهرا؟
توترت زهرا؛ فَهي لا تعلم ما حدث من الأساس!
لكنها أجابت بصوت ضعيف مهزوز:
– أصل …اصل يا جد..
تدخلت نور سريعًا تنقذها من ذلك المأذق قائلة:
– اللي حصل أن واحد قل أدبه عليا وأنا ضربته يا جدي، إيه فيها غلط دي؟
رمقت تميم بتحديٍ وهي تواصل بحِدة هي الأخرى:
– هو عندكم الي يدافع عن نفسه البيه ده يفضل يجرجره ويحاسبه كأنه عمل جريمة؟
لم يعجبه صالح كلماتها وأهانتها لكبير أحفاد العائلة، رمقها بغضب وهو يصيح فيها غاضبًا:
-اتأدبي يا بت، أهنى البت اللي ترفع صوتها علي راجل تبقا عفشه ومش متربية.
لم يعجبها ما يرمي له، هل هو يتهمها بعدم التربية؟
عقدت حاجبيها بتعجب ثم سخرت منه قائلة:
ـ يعني المرة الجاية أسيبه يقل أدبه لحد ما حد فيكم يجي يلحقني؟ خلاص أتفقنا هسيب الناس تهني عشان مبقتش قليلة الرباية يا حج.
انتهت من كلماتها وأعطتهم دُربها لكي تصعد لغرفتها غير منتظرة ردهم عليها، ولكنها همست لزهرا أنها تنتظرها، وبالفعل الأخرى فهمتها وأومأت لها بالأيجاب سريعًا، ولكن صالح فغضب من أفعالها الهوجاء، قبض على يده بعنف لكي يتمالك أعصابه، فإذا ترك زِمام غضبه سيخسر أبنته للأبد والأن لابد أن يُصلح الوضح وليس يعقده! بينما سمية فلوت شفتيها بسخرية وهي تهتف:
– والله عشتي وشوفتي يا سمية البنته وهما بيردوا علي رجالة البيت كمان!
قرر دهشان أن ينهي ذلك العبث، ضرب بالعصا مرة أخرى ثم هتف بصرامة وهو يستعد للرحيل.
ـ خلصنا يا سمية خلاص، البنيه لسه مخدتش علي الصعيد برضك، ولا عوايد الصعيد، ووحده وحده هتتعود علينا وعلي عوايدنا، واني خابر زين كيف هعودها علي عوايدنا واخليها تمشي علي العجين ما تغلبطهوش، ويلا كل واحد يروح مطرح ما يروح.
وبالفعل جميعهم انصرفوا، حتى تميم كان أول من أنصرف في المكان لا يريد البقاء أكثر من ذلك، وواحد تلو الأخر كان المنزل يفرغ من الأشخاص.
********
وفي مكانٍ أخر، بعيدًا كل البعد عن هذا البيت، كان حاتم يجلس بجوار شاب طويل القامة ولكن ملامحه لم تظهر بسبب انتشار الندبات في وجهه! جلس بجواره وهو يلكمه في ذراعه الأيمن ويصيح فيه غاضبًا:
ـ أيه اللي عملته ده؟ هو ده الأتفاق يا واد عمي؟
كان الشرار يتطاير من عين الأخر، نظر في نقطة خاوية وهو يهتف بتوعد:
– وشرفي لأندمها علي اللي عملته فيا ده، مبقاش انا زين الأسيوطي لو مجبتهاش راكعه تحت رجلي بنت الكلاب دي، أعرف بس هي بت مين يا حاتم وأنا مش هسكت..
لم يعجبه حاتم حديثه وتهوّر ابن عمه، أشاح بوجهه بعيدًا وهو يخرج لفافات الدبغ من جيبه ويشعلها بعصبية، نفث دخانها في الهوا وهو شارد هو الأخر ثم قال ساخرًا:
ـ أنت أصلًا تعرف دي بت مين؟
لم يفهم الأخر مقصده، استدار له وهو عاقد حاجبيه بتعجب وسأل:
– مين عاد؟
ودون النظر له كان يُجيبه:
ـ بت صالح دهشان.
لم يصُدق ما وقع على مسامعه، اتسع بؤبؤ عيناه وكأنه يستوعب الذس حدث ولكنه بشكل أخر! نظر أمام هو الأخر وهتف بغير تصديق:
-وااه! يعني أكده هي بت خال زهرا؟!
استدار له حاتم وهو يُلقي عُقب السجارة بإهمال على تلك المنتضدة، ابتسم ساخرًا وهو يؤكد له كلماته:
– بالظبط أكده.
عجبه الحديث! سند بظهره على الأريكة حتى أصبح يجلس بأرياحية أكثر، حك شعره بستمتاع وهو ينظر للاشيء أمامه ويقول:
– ده شكلنا اجده هنبدأ اللعب علي أصوله يا واد عمي.
انتهى من كلماته وهما يرسمان ابتسامة خبيثة على ثغرهم، نظر له زين ثم واصل قائلًا:
– ده أنت بفى تسبني ارسم وأتكتك ليهم، و اشوف هاخد حقي منيها كيف، دي طلعت بت الغالي برضك!
انتهى من كلماته وهو يقهقه عاليًا وشاركه في الضحك ابن عمه باستمتاع !
************
نعود مرة أخرى لمنزل الحج دهشان، كانت زهرا صعدت هي الأخرى للطابق العلوي، ولكن بدلًا من أتجاها لغرفتها أتجهت نحو غرفة نور، طرقت عدة طرقات حتى سمعت مِنها إذن الدخول،
ثم سألتها وهي تقف أمامها:
– قولتي إنك عايزاني، خير في حاچه!؟
تركت الهاتف التي كانت تعبث بهِ، ابتسمت ثم قالت لها:
– آه يا زهرا، بصراحة عايزه اعرف ايه حكايتك مع الواد اللي بتقابلي ده.
خفض قلبها بشدة، قلّبت عينيها في الغرفة ثم سألت:
– قصدك حاتم؟
لاحظت نور أرتبكها، لكنها حافظت على ابتسامتها وهتفت بهدوء:
– أيوا يازهرا، مين دة بقى؟
تخلّت الأخرى عن خوفها، ابتسمت وبداخلها تشعر بالسعادة بمجرد ذكر اسمه، شبكت يديها في بعضهم وبخطوات مترددة جلست بجانبها على الأريكة وهي تقول لها بخجل:
– ده حبيبي يا نور
ابتسمت نور عليها، وبذات الابتسامة سألتها:
– طب ليه مجاش يتقدملك؟
حزنت ملامحها في ثوانٍ، نظرت للأرض ثم أردفت قائلة:
– عشان محدش هيوافق عليه في العيله كُلاتها يا نور.
– ده ليه بقى؟
هكذا تعجبت من ردها، رفعت زهرا وجهها لها ووضحت لها أصل تلك الحكاية بختصار:
ـ عشان أبو حاتم زمان كان عايز يتجوز امي وچدي رفضه، وأكيد اللي حصل زمان هيحصل تاني، وزي ما أبوه أترفض زمان، نو كمان هيترفض.
لم تقتنع نور بحديث زهرا، عقدت حاجبيها بتعجب وهي تعقب على حديثها قائلة:
– بس أنا مش معاكِ أنكم تبصوا للأمور بسطحية كده يا زهرا، وبعدين مادام عرفين ومتأكدين إن محدش هيوافق على جوازكم؛ ليه بتقابلوا بعض؟ ويا ترى إيه أخرة الحب ده اساسًا؟؟
ترقرت الدموع في عينيها، وبنبرةٍ يتخللها الحُزن كانت تقول لها:
– عشان بحبه يا نور.
– وأخرته إيه يا زهرا؟
رفعت يدها ومسحت دمعة ظهرت على خديها وهي تقول لها سريعًا:
– هو دلوجت بيشتغل لحد ما يكَوّن نفسه،ط ويجبلي مدرح صُغيرة على قدنا، وساعتها هيطلبني من أمي، ولو رفضته هياخدني ونتجوز برا البلد خالص.
حقًا صُدمت مما سمعته! هل وصَل بها الحال أن تفكر في حل مثل ذلك! حملقت فيها غير مُصدقة ودون شعور كانت تصيح فيها بعصبية:
– أنتِ بتقولي إيه! ازاي يعني! أنتِ أزاي تفكري كده أصلًا؟ متعرفيش ان ده في الصعيد بالذات بيتسمي عاار يا زهراا، عايزه تجيبي لأهلك العار؟ بدل ما تقولي أنتِ وحبيب القلب إنكم هتفضلوا ورآه جدك وأمك لحد ما يوافقوا تقولي كده؟
بدل ما تخلي البيه يجي يطلب ايدك مَـرة واتنين وتلاتة تقولي كده؟ أبسط حل عندك هو الهرب؟ تهربي وتسيبي الدنيا تتخرب وراه ضهرك؟
توترت زهرا بسبب صوت نور العالٍ وانفعالها ذلك، نظرت على الباب سريعًا ثم ترجتها قائلًة:
– وضي حسّك بالله عليكِ يا نور.
شعرت نور إنها أخافتها، زفرت بعصبية ثم بدأت أن تتحدث معها أن هذا التفكير خطاء بجميع المقاييس؛ فَهو حرام من جهة الدين، و أكبر خطاء من جهة العائلة، ولكن هي كانت تسمع من اُذن وتخرج الحديث من الأُذن الثانية؛ فَهي غير متقابلة أن أي شخص يفرض عليها رأيه العظيم دون أن يكون في ذات الخانة ويشعر ذات الشعور؛ تظن إنها الآن نضجت للحد الذي يكفي أن تأخذ فيه قرارتها، وغير متقابلة أن اي أحد يتدخل في قرارتها أو حياتها، و نور في نظرها مثلها مثل أي شخص يريد أن يستعرض نفسه و أفكاره المثالية أمام أي شخص لكي يكون في نظر الجميع الشخص المثالي؛ فَكيف تتحدث بكل بساطة و كأننا نستيطع أن نتحكم في قلوبنا؟ كيف تتحدث هكذا وهي لم تذوق طعم الحب ولذّة العشق؟ هي فقط نتحدث مثل البلهاء أو مثل أي شخص حفظ جُمل ويأتي لكي يسمعهم للطرف الأخر،
أخيرًا أنتهت نورمن حديثها الذي لا فائظة لن، وبالتأكيد ذلك الشعور وصل لها، وفهمت أنها تُحدث حالها ليس إلا.
زفرت بقلة حيلة وهي تقول لها:
– ياريت تفهمي كلامي كويس يا زهرا، فكري تاني بجد، وبلاش حكاية المُقابلات دي عشان مش كل مرة هتعدي على خير.
نهضت زهرا من مكانها أخيرًا، زفرت وهي تتمتم قائلة:
ـ أكيد طبعًا.
تركتها وهي تسب وتلعن في حالها لأنها وثقت في شخص في هذه العائلة، ولكن هي كانت تريد فقط مساعدتها ليس إلا لكي تراه! ولكن الآن ظهرت نتيجة هذه الغلطة.
أما نور فَتنهدت بملل، وهي تعرف جيدًا أن ذَلك الحديث كانت تحدثه لنفسها ليس اكثر أو أقل، زفرت بملل ثم تتمتم لحالها قائلة:
– هو أنا مالي؟ حرقة دمي ليه! ما ياكش تولع، إيه العيلة دي يا عم!.
NORA SAAD
*************
جاء موعد الغداء، وتجمعوا جميعهم حول طاولة الطعام،
كانت نور تمسك بمعلقتها وتعبث بها في الصحن الخاص بها بعشوائية، رفعت وجهها لهم ثم هتفت قائلة:
– هو أنا هنزل هقدم في الجامعة امتى؟
نظرت لها سمية بتعجب وهي تهتف ساخرة:
– جامعة! جامعة أي دي إن شاء الله؟ أهنى يا حببتي مفيش بنته بتكمل علامها أصلًا.
لم يعجبها حديثها، لذلك تجاهلتها وكررت سؤالها مرة أخرى موجهة سؤالها للجد بالأخص:
ـ هاا يا جدو؟
تنهد الجد ثم نظر لها جيدًا؛ فهو كان أعطى لها كلمة قبل سابق إنها ستكمل تعليمها لذلك أجابها بهدوء:
ـ طب قررتي عايزه كلية إية يا بتي؟
هكذا سألها، نظرت له نور ثم أجابت عليه ببساطة:
– أداب بإذن الله.
نظر الجد لتميم وسأله:
– تعرف يا تميم فين أقرب جامعة منينا فيها الكلية اللي عايزاها بت عمك؟
ـ آه يايا بووي، جامعة** قريبه مننا أهنه، هنقدر نقدملها ورقي وحبايبتا كتير فيها .
وقبل أن يرد دهشان كان صالح يهتف بغضب لم يستطع أن يسيطر عليه أكثر من ذلك:
– كيف يعني يا بوي الحديد الماسخ ده، كيف هتكمل علامها، وكيف هتخرج وتيجي كل شويه أجده وحدها مش كفاية اللي حصل النهاردة؟!!
رمقه دهشان بحدة ثم صاح عليه لكي يصمت:
ـ أني أديت للبنية كلمة يا صالح، والكلام في الموضوع ده أنتهى خلاص.
واصل حديثه موجهًا لتميم بعيدًا عن الملامح المعترضة من صالح:
ـ شوف هتكون فاضي امتى وخد بت عمك وقدملها وراقها يا تميم.
هُنا وتدخلت اميرة وهي تترك المعلقة بعصبية و تصيح معترضة من أفعالهم وحدثهم:
ـ هو تميم يعني فاضي ولا إيه يا چدي، ما تميم عنده شغل برضك!
رمقها الجد بنظرة صارمة أخرستها، خبط على الطاولة أمامه ثم هتفت بحدة:
-صوتك ميعلاش يا اميرة، وبعدين لو مش فاضي يقول وصالح ياخد بته ويقدملها هو بنفسه، ملوش لزوم تعليت صوتك أجده.
رمقها تميم هو الأخر بغضب، بينما أميرة فنظرت للأسفل وصمتت، بينما تميم فنظر للجد وقال له:
– أنا فاضي انهاردة يا چدي، وممكن ننزل دلوجت كمان، وبعدين لو مش فاضي أفضي نفسي، دي بت عمي الوحيدة، هو أنا يكفيني الساعة لما أخدمها بعيبؤ،وني.
شعرت نور إنها أنتصرت على ذلك الحربؤات كما أطلقت عليهم، نظرت لتميم ثم هتفت بإمتنان:
– تسلملي يا بن عميي والله، وأنا فوريره وهتلاقيني جاهزة دلوقت.
قالت كلماتها وتركته وصعدت لغرفتها سريعًا لكي تُبدل ملابسها،
صعدت أميرة هي الأخرى خلفها وهي تكاد أن تحترق غيظًا بسبب أفعال زوجها، وسمية؛رابع ما يحدث بعينها دون أن تعقب، كانت تتابا أميرة حتى أختفت من أمامها، لوت شفتيها بسخرية ثم مالت على زهرا وهي تقول لها هامسة:
– والله أقطع دراعي إن في بينهم حاچة، وبكرا نجعد جمب الحيطة ونسمع كلنا الزيطة.
لم تفهم زهرا مِنها شيئًا وهي لم تهتم، لكنها عقدت حاجبيها ثم سألت بجهل:
– أنتِ بتقولي إيه ياما، حيطه إيه وزيطة إية!!
نظرت لأبنتها بحنق بسبب صوتها العالٍ، ضربتها على كِفتيها بغيظ ثم هتفت بحنق:
-اتوكسي أنتِ يا بومة، هو أنتِ من امتى بتفهمي أصلًا!
تجاهلت زهرا حديثها، نظرت لها بغيظ هي الأخرى ثم واصلت تناول طعامها بهدوء.
***************
خرجت نور برفقة تميم لكي يسألون عن الأوراق المطلوبة لتتقديم في الكلية ويتأكدون من قبول نور بدرجاتها فيها، وفي أقل وقت كانوا انتهوا من ذلك بواسطة معارف تميم وعائلته، وبالفعل عُلمت أن الكلية سوف تقبلها وعُلمت ما هي الأوراق المطلوبة ومتى موعد تقديم أوراقه الذي كان بعد ثلاث أيام من اليوم.
كان يتجول معها في البلدة يعرفها عليها، وأثناء ترجلهم سألها:
ـ قوليلي، تحبي تجيي لبس جديد عشان الجامعة ولا كنتِ جايبه من مصر؟
لَمعت عيونها بحماس، سقفت بيدها ثم هتفت بسعادة:
– ياريت طبعًا، انا معملتش حسابي في لبس جديد الصراحة.
ضحك عاليًا على رد فعلها الطفولي، رمقها بنظرة خاطفة مُشتاقة ثم قال لها:
– خلاص يا ستي يبقى نجيب لبس جديد عشان ست الحُسن.
– ربنا يكرمك يارب، هو صحيح يا تميم أنت شغال إيه؟
هكذا سألته دون تفكير، وببساطة أجاب عليها:
– أنا يا ستي ماسك شريكات الدهشان، شركات مقاولات ومعمار.
-ودي بتاعتك يعني؟
ضحك مرة أخرى، بينما الأخرى فنظرت له بحنق شديد وهي تُكتف ذراعيها أمام صدرها بتذمر بسبب ضحكه عليها دون سبب واضح! بينما هو فتوقف عن الضحك ثم قال موضحًا لها:
– بتاعتي إيه بس! دي مؤسسة شريكات كبيرة قووي، بتاعت العيلة يعتبر، يعني بتاعتي أنا وأبويا الله يرحمه وعمي صالح وجدي دهشان.
غصة شديدة تملكت من قلبها، ضحكت ساخرة ثم عقبت قائلة :
– عمك صالح شريك فيها! مشاء الله فعلًا.
أرادت ان تُغيّر مجرى الحديث في محاولة أن تسيطر على نفسها وعن سيل الذكريات التي كان على وشك الهبوط عليها و قالت:
– ما علينا أنت على كده متجوز من امتى؟ مع أن شكلك صغير على الجوار اصلًا.
– والله ما عارف يا نور، بس أنا اتجوزت بعد الجامعة على طول.
تعجبت من حديثه، عقدت حاجبيها وسألت:
– أي ده؟ يعني لسه مكملتش كام سنة متجوز؟!!
ضحك بصخب من جديد، لم تفهم لماذا يضحك، كتم ضحكاته وقال لها بسخرية:
– هو أنتِ عارفه أنا عندي كام سنة اصلًا يا نور؟
نظرت له بجهل وتعجب من سخريته، ولكنها تأملت ملامحه لثوانٍ في محاولة لتخمين سنه ثم هتفت:
– يعني 23 أو 26 ده لو هكبرك.
ضحك من جديد حتى سُعل من ضدة الضحك، ومن وسط ضحكاته هذا قال لها:
– لو هتكبريني!! ينهار ابيض! أنتِ مش فكرة اي حاجة من أيام الطفولة؟!
هكذا سألها بجدي وهو يتوقف تمامًا عن ضحكه، بينما هي فصمتت لثوانٍ ثم هتفت وقالت:
– فكرة إنك كنت كبير عني، بس مش اوي، أو… أو مش فكرة.
عقد ساعديه أمام صدره وهو يقف أمام محل الملابس وقال لها: – أنا عندي 31 سنة يا نور
حقًا لم تصدق ما تفوه بيه للتو، فتحت فمها ببلاهة وهتفت ساخرة:
– يا جدع بلاش الهزار ده! طب قول والله كده؟
ضحك من جديد وأشار للمحل وهو يترجل نحوه ويقول لها:
– والله يا ستي، ويلا عشان وصلنا أهو..
وقبل أن تدخل المحل لاحظت شيء هام للتو، نظرت له ثم سألته سريعًا:
-ثانية كده يا عم، أنت بتتكلم مصري كويس أهو!
مسك مقبض الباب وقال لها وهو يفتحه ويترجل للداخل:
– منا كُليتي كانت في مصر عندكم، مش يلا؟
************
مضت الأيام سريعًا، مضى أكثر من شهر ونور وسط هذه العائلة، كان كل يوم تتشجر مع أحد من النساء، ذات مرة مع سمية و مرة أخرى مع أميرة، و مرات أخرى مع زهرا لأنها تشُك فيها أنها مازالت على علاقة مع المدعو حاتم، ولكن عندما واجهتها أنكرت وقسمت لها إنها قطعت علاقتها بهِ وفي النهاية قررت أن تنسحب من ذلك الموضوع، بدأ العام الدراسي الجديد مُنذ اسبوعين تقريبًا وهي لحد الآن غير مُهيئة للجو العام للكلية؛ فَهي في النهاية غريبة عن تلكَ البلد وعن أهلها، صحيح الدراسة بدأت مُنذ اسبوعين ولكنها ولحد الأن لم تكون أي صداقات وذلك يُزعقها كثيرًا، و إيضًا نظرات زُملائها لها بسبب ملابسها التي تُشبه الشباب تزعقها أيضًا، بحق الله ما دخل الناس في ملابسها؟ ولكن على كل حال فهي تحاول وبكل قوتها أن تتأقلم مع الوضع فَهي سوف تُقيم هُنا اربع أعوام أو أكثر!
اليوم أنهت اليوم الدراسي وكانت على وشك الخروج من بوابة الجامعة، ولكنا تسمرت في مكانها بسبب ذَلك الصوت المألوف عليها وهو يقول لها:
– مش قولتلك مش هسيبك يا جميل؟
شهقت بفزع وهي تحملق في ذلك الشخص الذي ظهر لها من العدم، صاحت فيه فازعة:
…
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هذا ليس عالمي)