رواية سراج الثريا الفصل الرابع 4 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية سراج الثريا الجزء الرابع
رواية سراج الثريا البارت الرابع
رواية سراج الثريا الحلقة الرابعة
﷽
السرج الرابع«لقاء آخر عاصف»
#سراج_الثريا
❈-❈-❈
دائمًا ما يُحب أن يسمع لحكاوي البسطاء أيًا كانوا
أثناء سيره بتلك الفرسه بين الأراضي الزراعية لفت إنتباهه ذاك التجمُع الخاص
بأحد جلسات الصفا لمجموعة من الفلاحين يجلسون أسفل ظلال فروع أشجار الصفصاف المُلتفه كانوا يمرحون يتذكرون بعض الذكريات التى مرت عليهم ،ذهب نحوهم بتلقائيه هبط من فوق الفرسه وتبسم وهو يقترب منهم يُلقي عليهم السلام،الجميع يعلم من هو “آدم العوامري”لكن لا يخشون منه يعلمون أنه ذو قلب ودود،كثيرًا ما جلس بينهم يسمع حكاويهم يتناول معهم ابسط الطعام وكوب شاي يستمع لحكاياتهم وذكرياتهم وحياتهم بين الأمس والحاضر، حكايات يُعيد صياغتها يغزلها فيما بعد بحكاوي كتابية….
إنتهت تلك الجلسة حين نهضوا واقفين تبجيلًا لـ عمران العوامري الذى كان يمُر أمامهم بتلك العَربة الذى يسحبها حصان”كارته”
لم يهتم آدم لذلك وظل جالسًا،لكن لمح عُمران جلوس آدم، وسأل ذاك الشخص المرافق له:
مش آدم اللى جاعد مع الفلاحين ده.
أجابه:
إيوه هو چنابك.
زفر عمران نفسه بضجر،آدم كثيرًا ما ينسي ما هي قيمت عائلة العوامري ويجلس بين الفلاحين اللذين يعملون باليومية، لا يهتم أنهم دون مستواه العائلي المرموق… تفوه للعامل الذى معه بآمر:
إنزل نادي عليه.
لحظات وكان آدم واقفًا أمام عمران الذى ينظر له بإستهجان قائلًا بذم:
إيه اللى مجعدك مع الفلاحين الأُجريه دول مش من محامك مش هتبطل العادة دي، إكده بتمرعهم وبتديهم جيمة (قيمة) أكتر من حجمهم، لازمن تتعامل معاهم على إنك آدم بيه العوامري، اللى يحكم ويأمر فيهم، وهما عليهم السمع والطاعة، لازمن يهابوك.
يعلم أن مجادلته مع والدته لكن تُفيد بشئ، أومأ برأسه قائلًا بمهاودة:
تمام يا أبوي بعد إكده هتعامل معاهم بالكرباج.
نظر له عمران بسخط قائلًا بغضب:
إنت بتهاودني، بتاخدني على قد عقلي…
قاطعه آدم يُزفر نفسه قائلًا:
لاه يا أبوي بعد إكده هحط حد للتعامل بيني وبين الفلاحين اللى المفروض إحنا بناكل من كدهم وتعبهم، وبقينا آسياد عليهم.
زفر عمران نفسه بخشونه قائلًا:
وصلنا للحديت الماسخ،لازمن تعرف وتعترف إن ربنا له فى خلقه شئون،خلق الاسياد…
قاطعه آدم:
ربنا خلقنا سواسيه،لا أسياد ولا عبيد،ودول مش عبيد دول بشر فلاحين قعدتى معاهم مش شُبه ليا ولا تقليل من شآنى،هما دول الفلاحين اللى بينججوا عمي “عبد المقصود العوامري فى الإنتخابات بتاع المجلس،وعالعموم،هما خلاص إنفضوا كل واحد فيهم راح يرتاح له ساعتين الآيالة عشان يرجعوا العصر يشتغلوا،أنا كمان راجع للإستطبل،أشوفك المسا يا أبوي.
غادر آدم نحو ذاك الفرس الخاص به وإمتطاه وسار به سريعًا،بينما ضجر عمران يُزفر نفسه هامسًا يقول:
وارث مش بس شكل أمك،لاء كمان صفاتها،مكنش لازمن أسيب رحيمة وسطيكم كان لازمن تعيش منفية بعيد عن إهنه من الأول…بس خلاص سراج عاود وهو اللى هيرجع الهيبه من تاني.
❈-❈-❈
بمنزل مجدي السعداوي
تفاجئت” سناء ” زوجته
بعودته الى المنزل فى هذا الوقت ليس من عادته،تفاجئت أكثر حين خرجت من المطبخ بجلوسه فوق مقعد بالرُدهه وجهه عابس وحزين…، إنخضت من جلسته هكذا، إقتربت منه بتوجس وقلق قائله:
وجدي في إيه مالك جاعد إكده ليه، مش عادتك ترجع للدار دلوك.
شعر بغضب ورفع نظره لها قائلًا بعصبية:
لازمن أعاود داري بمواعيد إياك.
إرتبكت وتلجلجت بالقول:
لاه مش جصدي، بس خير جاعد ورا الباب إكده ليه؟.
بنفس الوقت خرجت حنان من غرفتها لاحظت وقوف والدتها أمام والدها الجالس، إستغربت عودته للمنزل بهذا الوقت إقتربت منهما بخطوات مترددة خشية عصبية والدها المُعتادة، لكن أخفض وجدي وجهه، سألت بتردد:
ابوي إنت مش كنت رايح لـ عمي المستشفى، هو مش كان هيخرج النهاردة.
أخفض وجهه وظهر الحزن على وجهه وتنهد بآسى يشعر بآلم قائلًا:
لاه أخوي مش هيطلع من المستشفى النهارده الدكتور مد فترة وجوده فى المستشفى.
إستغربن سناء وحنان التي سألت:
ليه، وبعدين ده كسر رجل مكنش محتاج يفصل فى المستشفى الفترة اللى فاتت دي كلها، بس الغريب لما زورنا عمي إمبارح كان بيتآلم كمان خاسس اوي بفترة قصيره.
زفر نفسه بآسي قائلًا:
للآسف سبب حجزه فى المستشفى مش كسر رِجله، كسر رِجله هو اللى كشف حقيقة المرض اللى عِنديه.
إستغربن وسائلت سناء:
مرض إيه؟!.
أجابها بآسف:
للآسف أخوي عنده المرض الخبيث فى العضم، ومكنش يعرف، كسر رِجله هو اللى ظهر المرض.
إستغربن الآثنتين من ذلك، بذهول،
فإصابة بسيطة اظهرت ان هنالك داء خبيث يسري بين عظامه.
لكن عاود وجدي القول:
أنا بس يشد حيله شويه هتحدت وياه فى موضوع خطوبة حنان وحفظي، وبدل ما يبقى خطوبه يبجي چواز، عشان يفرح جلبه ونفسيته تتحسن يمكن ده يساعده وربنا يكتب له الشفا، أو يفرح بولده قبل ما يجابل وجه كريم.
إنصعقت حنان بذلك ورجف قلبها هى ظنت أن هذا سيساعد بتأجيل تلك الخطوبه، لكن لابد أن تُخبر آدم بذلك بأسرع وقت.
❈-❈-❈
بمنزل قديم بطرف بلدة قريبة من كفر العوامري
وقف يطرق بقوة وتتابع دون توقف على ذاك الباب القديم لكنه متين ومُتماسك، وقف لدقيقة يسمع سؤال من بالداخل تسأل:
مين اللى بيخبط؟ آه أنا وصلت بطل خبط جاك خابط.
ضحك مازال لسانها زالف كما عاهدها دومًا… فتحت الباب، نظرت الى ذاك الواقف أمامها للحظه ظنت أن بصرها من اسفل تلك النظارة أخطأ، خلعت النظارة وقامت بالتمعن بعينيها، نفس الوجه عاودت وضع النظارة تنظر له ثم قالت:
ياااه أكتر من عشر سنين مروا، ولساك كيف ما إنت ملامحك متغيرتش يا “سراج” يا واد أختي التوأم “رحمه” الله يرحمها.
لمعت عينيه ببسمه وهو يراها تفتح له ذراعيها سريعًا ضمها يشعر بإشتياق لذاك الحضن الذى إفتقده لسنوات.
ضمته بقوة قائله:
الغالي على جلبي، إتوحشتك كتير كتير يا ولد أختى الغاليه، تعالى إدخل الدار.
بصعوبه تركت إحتضانه حتى دخل الى داخل الدار، عاودت حضنه مره أخري قائله:
السنين مرت كتير يا ولدي.
تبسم وهو يضمها بحنين قائلًا:
كذا مره بعت لك آدم يجيبك معاه لمصر نتقابل.
تنهدت بآسف:
أنا يا ولدي بجيت ست كبيرة خلاص،رِجليا مبجوش بتحملوا زي الاول،هبقى عاله على آدم وهعجز حركته…ربنا رايد لينا نعاود نتقابل،الحمد لله كنت بدعي اشوفك قبل…
قاطع حديثها وهو يضع يده فوق فمها،كذالك يضمها قائلًا:
بلاه الحديت الماسخ،إنتِ لساكِ صغيرة يا خالتي،فاكره لما كنت تقوليلى أنا أصغر من أمك بسنتين.
تدمعت عيناها وهي تضمه لها وأباحت بأسى:
سنتين،وهي سكنت التراب من سنين،نسيت عددها كنتم صغار ملحجتش تربيكم،كان قلبها كان حاسس،كانت تجولي ولادي أمانتك يا
“رحيمة”،ها بس القدر نجول إيه، أنا وعُمران عمرنا ما كان بينا وفاج(وفاق)
بس أنا كنت أجوي(أقوى) منيه وإتمسكت بولاد أختي أنا اللى ربيته بعيد عن جسوة وخباثة ولاء،بس لما حسيت إن خلاص كل واحد منيكم شق طريجه جولت يا بت بلاها تتحملي حديت ولاء الماسخ، وجساوة عمران عُدت لدار المرحوم چوزي من تاني
بس آدم،وإسماعيل من فترة للتانيه حسب مشاغلهم بيشقوا عليا،إنت اللى كنت غايب وبعيد،اشتجتلك(إشتقت) كتير يا ولدي…جولي چاي فى أچازه جد إيه؟.
ضمها مُبتسمًا يحاول كبت تلك الدمعه بين عينيه،ثم قال:
أنا مش فى أجازة يا خالتي،خلاص أنا قدمت إستقالتي للجيش وقررت أرجع أعيش هنا،يعني هرجع من تاني ولدك الشجي(الشقي)
أبو دماغ يابسة.
ضحكت وضمته قائله بفرحه:
أحسن ما فعلت يا ولدي،خليك إهنه قريب مني… عارف أنا زي اللى ما يكون كان جلبي حاسس لاه مش جلبي،ده”رحمه”جاتلى فى المنام وجالتلى’الطير المهاجر” معاود لأرضه يا رحيمة.
تبسم وهو ينحني يُقبل يدها قائلًا:
الطير إشتاق ينام على رجلين خالته تحكي له من حكاويها لحد ما ينام.
تبسمت وهى تجلس على آريكه بدون دعوة، ذهب وتمدد على تلك الآريكه وضع رأسه على فخذها عبثت بخصلات شعره بحنان، أغمض عيناه يستمتع بحنانها، لكن سئمت ملامحه حين وضعت يدها على موضع قلبه سائله:
مفيش بِت حلال شغلت الجلب ده، ولا لساه قاسي.
أغمض عينيه يشعر بضيق وأجابها:
لساه قاسي… طبيعتة كده اكيد مش هيتغير يا خالتي.
مازالت يدها على قلبه وقالت بحكمة:
مفيش طبيعة مش بتتغير يا ولدي،بكره تظهر اللى تفتت جسوة جلبك،ومش بعيد تكون ظهرت وإنت مش دريان.
تهكم مُبتسمًا يقول:
مفكراني آدم أبو قلب رقيق،فاكره كنتِ بتقولى لكل إنسان صفة من إسمه،وأنا سراج شق السما.
ضحكت رحيمة قائله:
مهما كان غضب السرج الأرض أجوي (أقوي)
قادرة تبلع غضبه بلحظة.
تهكم سراج غير مُباليًا،وأغمض عيناه مُستمتعًا بصوت رحيمه الحاني الذى يُذكره بصوت والدته الذي إفتقدها وهو بالحاديه عشر… لكن فجأة بغفلة عقلة ظهر شبح وجه ثريا أمامه، فتح عيناه سريعًا زفر نفسه بخشونه يشعر بغضب… كلما تذكر لقائتهم كانت ثيابها دائمًا مُلتصقة بجسدها، كآنها تتباهى بذلك… كي تلفت النظر لها.
❈-❈-❈
بمنزل ثريا
ظهرًا
كانت ثريا تجلس جوار والدتها التى تقوم بتطريز ذاك الثوب الخاص بالغوازي بتلك القطع الامعة”ترتر”، جذبت ثريا إبرة خاصة بذلك وساعدت والدتها بتطرير ثوب آخر ، كانتا مع ذلك تُتابعان إحد المسلسلات على التلفاز
بسبب علو صوت التلفاز، خرج ممدوح من غرفته يزفر انفاسه بتعسف وتجهم ذهب مباشرة نحو التلفاز بعصبية، جذب تلك الفيشة كى ينتزعها من الكهرباء، لكن للـ الشر والعصبيه المُتملكان منه إنقطع سلك الفيشه من المنتصف تقريبًا ظل جزء منها عالق بـ ذر الكهرباء بالحائط، نهضت ثريا بضيق وألقت ذاك الثوب وتهجمت عليه بالقول قائله:
صاحي قرب العصر تقول يا شر إشتطر ليه، كويس إكده، جطعت سلك فيشة التلفزيون.
نظر لها بغضب قائلًا:
بسيطة إنتِ بجيتي صاحبة أملاك دلوك، وصوتك علي، هاتي تلفزيون جديد.
نظرت له بغضب قائله بإستهزاء:
صاحبة أملاك، جول هو ده اللى مضايجك بجي، الحقد فى قلبك، بدل ما تقول أختي وأبجي سند ليها جدام عيلة العوامري، لاه مضايق.
تهكم ضاحكًا يقول بآسى وآسف:
إنتِ خلاص مبجتيش محتاجة سند،ولا أجولك كفايه سند خالك ،من وراه بجي عندك أرض،تخليكِ تعلي صوتك علي أي، حدا.
نظرت له بدموع قائله:
لوكنت لقيتك سند مكنتش وافقت خالك وأنا عارفه ان عمر ما شوفنا من وراه خير.
شعر بوخزات قويه تضرب قلبه،دموعها التى إنحصرت بعينيها هزت رجولته،كآنها دهست قلبه،لا بل كبرياؤه كأخ يحتوي ضعف وإحتياج أخته، لكن هو ضعيف كما تقول،تهرب من أمامها وتوجه الى باب المنزل وغادر يصفع خلفه الباب بقوة،بينما سالت دموع عين نجية تشعر ببؤس،جلست ثريا جوارها تنظر لها تشعر ببؤس بسبب قدرها.
بينما خرج ممدوح يحاول السيطرة على ثوران قلبه البائس، يعلم أنه ضعيف لم يستطيع حماية أخته ويقف جوارها سندًا يقويها…يتمني لو يختفي من الوجود،ذهب غاضبًا نحو ذاك المحل وقف بحده يقول:
هاتيلي سجاير.
نظرت نحوه تلك الصبية تلمع عيناها بوميض خاص حين تراه،شعرت بآسي على ملامحه المُحتقنه والواضح عليها الضيق،مدت يدها بعلبة سجائر،قائله:
السجاير يا أستاذ ممدوح.
نظر لها وأخذ السجائر مُتهكمًا من قولها بذاك اللقب يسبق إسمه”أستاذ”
يسبق إسمه لو بالأحقيه لكان الآن أستاذًا جامعيًا،أو حتى مُدرسًا بإحد المدارس،لكن حتى هذا فقدهُ، شعر بحسرة واجمة فى قلبه وأخذ علبة السجائر قائلًا:
ضيفيها على حسابي يا “رغد”
أومأت له ببسمه قائله بإهتمام:
حاول تقلل من السجاير عشان صحتك.
أومأ لها بلا مبالاة أو إهتمام، وكاد يسير لكنها تعمدت القول:
أستاذ ممدوح ممكن دقيقه لو سمحت أنا عارفه إنك درست فى كلية التربية قسم علوم، أنا كمان فى نفس الكلية دلوك، فى كذا جزء فى المنهج مش فهماها والدكتور بتاع المادة دي كل ما نسأله سؤال يقول لينا الإجابه فى الكتاب، والكتاب مش مفهوم.
لوهله شعر بحنين لدراسته التى إختارها، كان يود أن يُصبح ذو شآن بالتعليم لكن حتي ذلك اكتشف أنه غير كافي، تنهد قائلًا:
تمام يا رغد بكره إبقى هاتي الكتاب معاكِ المحل وفكريني أشوف الجزء ده.
تبسمت له تلمع عينيها بحياء وهو يغادر تدعي له بالهداية والعودة الى سابق عهده حين كان بالجامعه كان فارسًا ومازال نفس الفارس الذي أسر قلبها منذ طفولتها.
❈-❈-❈
بمركز الشباب
123
بدأ الاشبال فى المبارزة كل إتنين حسب تلك التقسيمه الذى قام بها جسار لهم، سار حولهم يتابع مبارازتهم معًا يُصحح لهم الأخطاء ويقيم مستواياتهم
فى ذلك الاثناء نظر نحو باب صالة التدريب،لوهله وقف مشدوهًا من تلك التى دخلت الى الصالة تلهث قائله بلا إنتباة:
إتأخرت عالتمرين ثواني هغير هدومي وأجيلكم سخنوا على ما أرجع.
لوهله توقفت حين سمعت أصوات عاليه نظرت نحوهم، لم تتعجب لكن شعرت بضيق، من نظرة ذاك الواقف ينظر لها بإعجاب واضح وهي بذلك الزي النسائي وتاج رأسها الحجاب المُنمق، كانت أنثي، عكس ما كان يراها بالآيام السابقة بزي التمرين، حقًا محتشم وترتدي الحجاب، لكن كان لا يُظهرها كآنثي مثل ذاك الزي النسائي، ضجرت من نظرته لها لا تعلم أنها إعجاب، تظن أنها تحدي وأنه سبقها بدأ التمرين مع الأشبال،بمعني أصح أخذ مكانها.
ذهبت نحوهم رأتهم يقومون بالتباري أمام ذاك الوافد عليهم، بفترة صغيرة أصبح يسحب منها تلك السطوة، هي كانت المُدرب الخاص بهم، هو آتى وأخذ مجهودها معهم بفترة وجيزة يحوز إعجاب يُخاطبهم كآنه الأعلى والأمهر، منها…
إحتقنت ملامحها وقالت بأمر:
وقفوا التمرين.
فى البدايه لم يستجيبوا لها، لكن إيماءة جسار جعلتهم يتوقفون… شعرت بغضب وهي تنظر له إزداد بسبب تلك البسمه الطفيفه على وجه جسار ظنتها إنتصار منه، لكن هى لن تستسلم، منذ بداياتها وهي مُتمردة، حتى مع تحكمات والدها هي بعنادها وإصرارها بتصميم إستطاعت شق طريق خاص بها بعيدًا عن تحكمات والدها، انها مجرد فتاة وعليها الإمتثال لمجتمع صعيدي يُدحرها ولابد أن تُسلم لكن لا هي مُتمردة وستظل، تركت صالة التدريب، لدقائق ثم عادت مره أخري بزي التمرين، كانوا يأخذون راحه بتحدي منها غير محسوب منها لمدى مهارة الخصم التى تود منافسته، بلؤم منها قالت:
بصوا يا أبطال أنا والكابتن جسار هندخل ماتش سوا عاوزاكم تركزوا كويس وإعتبروا ده تمرين ليكم.
لمعت عينيه وأخفي بسمته، على يقين أن إيمان تود إظهار مدى مهارتها أمام هؤلاء الأشبال…
لم يرفض على يقين أنه الأمهر منها ويستطيع ببساطه كسب المباراة ومن أول جوله.
وافق على ذلك بدأت مباراة بينهم، لا ينكر أنه أعجب بمدى مهارتها بالنسبه لفتاة بمكان هنا بالصعيد… مع الوقت بدأت تُخطئ وهو يراوغها، ويأخذ نقاط عليها تُحتسب له، أرهقها بذكاء، جعلها تُخطئ ووإكتسب هو الجوله الأخيرة، ليصفق له الاشبال مبهورين به وبمهارته، بينما هى وقفت تلهث رغم خسارتها تقبلت ذلك بروح رياضيه منه وصافحته،
ضم يدها بيدهُ شعرا الإثنين بإحساس غريب كآنهما يشعران ببرق يضرب عيناهم
لوهله ظلا ينظران لبعضهما، الى أن إنتبهت إيمان وسحبت يدها، شعرا بفجوة بعدا ذلك، لكن روح العناد والتحدي مازالت بقلبها لن تستسلم بسهوله، وطالبت بمباراة أخري بوقت لاحق… أومأ لها مُبتسمًا بموافقة.
❈-❈-❈
ليلًا
بمنزل العوامري، إستمع لحديث ولاء مع والده حول تلك الارض وعن سمعة العوامريه التى اصبحت علكه بفم البسطاء،زفر نفسه بضيق قائلًا:
هعمل إيه اكتر من اللى عملته،بعتت لها المحامي كوسيط بمبايعه للآرض وشيك وقولت له تكتب المبلغ اللى عاوزاه،رفضت.
تدخل سراج قائلًا:
فين المبايعه والشيك؟.
نظر له عمران قائلًا:
موجودين عندي فى الخزنة.
طلب سراج:
هاتهم حالًا.
إستغرب عمران ذلك،بينما لمعت عين ولاء بظفر وأومأت لـ عمران الذى إمتثل لذلك ونهض وتركهما معًا،بثت ولاء بعضًا من الاقاويل الكاذبه عن طمع ثريا كذالك إستغلالها لعشق “غيث”لها وتلاعبها بمشاعره منذ فترة خطوبتهما حتى زواجهما وأنه أنفق عليها الكثير والكثير وأعطي لها مالًا أكثر من حقها الشرعي به بل يفوق ذلك بمراحل وانها لو كانت صادقه ما كانت إرتضت ثريا باقل من حقها شرعًا لكنها تعلم أنها أخذت أكثر من ميراثها به كزوجه وأن قطعة الارض تلك أخذتها كي تهز مكانة وهيبة عائلة العوامري، إمتلأ حقدًا منها وغيظ، وصمم على إسترداد تلك الارض.
عاد عمران بملف ورقى ومد يده به لـ سراج الذي نهض واقفًا، وأخذه فتحه قرأه واعاد إغلاقه ثم غادر بتصميم أن يسترد تلك الأرض مره أخري.
❈-❈-❈
بينما بمكتب ثريا الصغير، عبارة عن حجرة صغيره بمنزل والدتها
كانت تجلس مع رجل وإمرأة تبكي وهي تسرد تلك القضيه على ثريا التى سألتها:
بنتك عندها كم سنه؟.
أجابتها المرأة:
خمستاشر ونص.
لم تستغرب ثريا ذلك وقالت لها بلوم:
خمستاشر سنه ونص وإتجوزت وحامل شهرين كمان، وطبعًا مفيش قسيمة جواز تثبت أنها متجوزة.
أخفضت المرأة وجهها بخزي، بينما تحدث زوجها:
الجواز أساسه الإشهار وإحنا كنا أشهرنا الجواز فى الجامع، والبلد كلياتها عارفه إنها متجوزه، هو جوزها واد الحرام اللى لما بعتنا له عالصلح بينكر جوازه منيها وبيتبري من الچنين اللى فى بطنها.
تهكمت ثريا بإستهزاء قائله:
الحكومه مش بتعتمد غير بالاوراق الرسميه كده بنتك عند الحكومه تعتبر ملهاش أي حقوق عند اللى كان متجوزها وعادي أنه ينكر الإعتراف بجواز او حتى نسب الجنين اللى فى بطنها،طيب مفيش أي مستندات تانيه تثبت أنها متجوزة من اللى بينكر ده،يعني مثلا كنت كاتب عليه شيك قصاد القايمه،او مثلا عقد جواز عرفي.
هز الإثنان رأسهما بالنفي،زفرت نفسها بغضب وإحتقان قائله:
يعني هندخل فى متاهه والله أعلم هنوصل لأيه،طبعًا هحاول من اللى المفروض جوزها ودي لو وافق ممكن أنتم تدفعوا مبلغ للمأذون يدفعه للحكومه كنوع من تقنين وضع،ويكتب الكتاب،وقتها سهل الإعتراب بنسب الجنين،وطبعًا الإقتراح ده مؤكد مش هيجيب نتيجه لأن زي ما قولت أنه رافض وبينكر،بس أهو محاوله أخيره قبل اللجوء للقضاء اللى أحباله طويله ممكن تاخد سنين،وكمان هنواجهه صعوبات فى النسب لانه هيخضع لتخليل بصمه وراثيه وهو طبعًا واثق من نفسه،بس إن شاء الله خير رغم إنى لو مش خاطر بنتك ومستقبلها اللى ضيعتوه كان فين عقلكم وإنتم بتجوزها بالشكل ده،دي مش جوازه دي زي بتبعوها بخس لواحد يتمتع بيها.
بخزي تحدثت المرأه:
والله كان بيحبها وقال بس تتم السن القانوني هيعقد عليها رسمي،بس السوسه أمه هي اللى بتلعب فى راسه،وخلته رمي عليها يمين الطلاق،عاوزه تجوزه بنت أخوها عشان عنده أرض.
تهكمت بإستهزاء قائله:
عُذر أقبح من ذنب،لو كان بيخبها كان إتبرأ منها بالشكل ده،طفله معندهاش ستاشر سنه ومش عارفه إذا كانت متجوزه ولا مطلقه…
فى القانون ملهاش أي حقوق،يا خسارة ياريت غيركم يتعظ من اللى.أنتم فيه…عالعموم هحاول وزي ما قولت معروف نتيجة المحاوله،يعني نستعد للـ اللجوء للقضاء وإحنا وحظنا.
نهض الرجل وزوجته يشعران بالخسارة الفادحة،مازال عقلهما لا يلومهما بل يعتقدان انهما لم يفعلا شئ خطأ،الخطأ هو الحظ فقط…
بينما ثريا مسكت ذاك الملف وهي تشعر بالآسف ذكرها ذلك بنفسها لكن هي لم تكُن تحت السن القانوني بل كانت بالخامسه والعشرون تقريبًا ظنت أن القدر يبتسم لها،لكن كانت صدمة وإنكسار جديد لها
ضغطت على الملف تشعر بندم
زفرت نفسها بغضب بعد مُطالعة تلك القضية، قبضت بيدها بقوه فوق ذاك الملف، لم تشعر بمن دخل الا حين سمعت صوت نحنحه، رفعت رأسها،وإرتخت قبضة يدها،وتركت مُطالعة ذاك الملف، ورسمت بسمة سخرية قائله بتهكم ساخر:
سراج العوامري هنا فى مكتبي المتواضع… لاء أكيد الأمر هام.
تغاضى عن فحوي قولها يعلم أنها تسخر منه تهكم بسخريه وإستقلال وعيناه تدور فى زوايا تلك الغرفة الصغيرة للغايه كذالك اثاثها حقًا مُرتب من بضع مقاعد خشبيه شبه قديمة رغم ذلك شبة متينة… إستهزأ وهو يقترب من المكتب الجالسه خلفه قائلًا:
ده مكتب متواضع، بتسمي خزانة الفراخ دي مكتب أساسًا.
رغم شعورها بالضيق من إستهزاؤه لكن رسمت بسمة كيد سائله:
والله مش أنا اللى طلبت منك تدخل المكتب بتاعي، إنت اللى دخلت، أكيد غلطت فى العنوان، عالعموم تقدر تخرج برة خزانة الفراخ… وهعتبر ولا كآنك دخلت.
شعر بالعصبية من ردها، وتغاضي عن ذلك ونفخ بانفاسه فوق أحد المقاعد ثم جذب محرمه ورقية من تلك العلبه الموضوعه أمامها فوق المكتب ومسح فوق المقعد، ثم ألقي المحرمه بتلك السلة، وجلس بتعالي يضجع بظهره على المقعد ثم وضع ساق فوق أخري، ونظر نحوها يرسم بسمة جادة ثم وضع ذاك الملف الذي كان بيده أمامها على المكتب.
تهكمت من طريقة تعالي سراج ولم تُبالى بذاك التعالي، ونظرت للملف سائله:
إيه الملف ده،ملف قضية للآسف ماليش فى القواضي الباطلة أكيد….
قاطعها بإستقلال قائلًا:
لو عندي قضية أكيد هروح لمحامي له إسم وسطوة، مش محاميه مبتدأة، قدامك الملف وبلاش تتسرعي فى توقعك، إقريه الأول.
تغاضت عن نبرة الاستقلال بشآنها وفتحت الملف، تبسمت بسخريه من أول ورقة، رفعتها قائله بإستهزاء:
ده شيك ممضي من “عُمران العوامري” بنفسه بس مفيش فيه أي مبلغ.
أومأ برأسه، تهكمت بشفتاها بسخريه ثم توقعت تلك الورقه الأخري قبل قرائتها، لم يخيب ظنها، وعادت بنظرها الى سراج قائله:
عقد تنازل عن أرضي.
نظر اليها بتحدي قائلًا بتأكيد:
قصدك أرض العوامريه.
تهكمت بإختصار قائله:
ده كان زمان يا سراج.
-وهترجع يا ثريا بأي تمن…أكتبِ المبلغ المطلوب.
قالها بوعيد، تبسمت ثريا بإستهزاء ولم تتحدث بل كتبت فوق ذاك الإيصال.
ثم مدت يدها بالايصال له، لوهله شعر بزهو وهو يمد يده يأخذ الإيصال منها قرأهُ، كان مختصرًا من كلمتين:
عرضك مرفوض
ثانيه واحده وكز على أسنانه بغضب ونهض واقفًا من فوق المقعد يرسم البرود وإقترب من جلوسها خلف المكتب وإنحني عليها يُهسهس بوعيد ثائر قائلًا:
أفتكري كويس أنا مش “غيث” أنا
“سراج العوامري “يا ثريا، مش هتقدري تلعبي عليا ولا تغريني زي غيث، لآنى مش من النوع اللى بضعف قدام مفاتن ست،أنا مش شهواني زيه.
إزدردت ثريا ريقها وهى تُغمض عينيها
تشعر بصقيع يضرب جسدها يكاد يقتلع عقلها وقلبها من محلهما، ضغطت بقوه فوق ذاك الملف، وبلحظة واحدة فتحت عينيها،دون إهتمام مزقته قطعًا، وألقتها فوق المكتب بلا إهتمام بإستبياع واضح .
نظر سراج الى تلك القطع الورقيه بغضب ساحق يُشبه الإعصار
وكان هذا لهما الإثتين بمثابة…
لقاء آخر عاصف.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سراج الثريا)