رواية حكايات سنفورة الفصل السابع والأربعون 47 بقلم روان رمضان
رواية حكايات سنفورة الجزء السابع والأربعون
رواية حكايات سنفورة البارت السابع والأربعون
رواية حكايات سنفورة الحلقة السابعة والأربعون
البارت السابع والأربعون🌸
ولا تبتلينا بذنبٍ أو عيبٍ كرِهناهُ في غيرنا، ولا تُغيِّر علينا حالَنا إلا لأحسنِه، وأعنَّا على أنفُسِنا لنسعى دائمًا إليك، فلا نُفتَن أو تزِلَّ قدمٌ بعد ثباتِها .”
_________________________
“مش حضرتك جوزتني ليه علشان تحميني من ياسر اهو ياسر معدش موجود ومبقتش محتاجة للحماية، يبقى نطلق وكل واحد يروح لحاله”
نظر كلاهما لها بصدمة ولم يتوقع أحد حديثها، ليصرخ محمد في وجهه قائلاً:
“حووووور”
انتفضت على صراخه بها ووجهه أحمر بشدة، ليكمل حديثه بنبرة حادة وصارمة لأول مرة معها وهو يهتف:
“لو مقومتيش مشيتي مع جوزك دلوقتي… لا انتِ بنتي ولا انا أعرفك، وانتِ عارفه كويس اووي إن كلمتي سيف”
توسعت عيناها بصدمة ولم تتوقع أن يتفوه بهذا الحديث ابداً، فمن عادة أبيها يوزن كلامه اولاً ولا يتحدث بشىء إلا ولو كان جاداً به، بينما ليث ظل واقفاً مكانه دون أن يتفوه بشىء، فقط ينظر أمامه بملامح وجه خالية من التعبير.
أمسكت حقيبها ولم تتحدث فقط وقفت تنظر إليه مرة أخيرة قبل ذهابها ظلت واقفة تنظر له لدقائق وأقدامها ترفض السير وتتركه وحده، بينما هو أشاح بصره بملامح مقتضبة.
تشعر بقلبها يؤلمها.. هل ستتركه وحده يعاني؟ حين وجدت رغد يوم وفاة أخيها وعلمت أنها بمفردها سعدت بشدة وأصرت عليها أن تأتي لتعيش معهم رغم أنها تعلم كونه لا يجوز لوجود أبيها معها، ولكنها كانت أنانية وأتت بها كي لا تتركه وحده حين تذهب للعمل،
تقسم أنها أيضا شعرت بالحزن نحوها ولم ترد تركها وحدة هي الاخرى وأتت بها للعيش معهم، لكن كان هدفها الأساسي هو أبيها.
سارت بخطى بطيئة نحو الخارج وكل أنش بها يرفض الرحيل وتود البقاء معه ولكنه لم يترك لها فرصة للإختيار، وبجانبها يسير ليث الذي التزم الصمت لم يتحدث بشىء، بينما هي كانت في عالم آخر ولا تدرى ماذا تفعل وتؤلمها فكرة تركه بمفردها، من ضحى بحياته لأجلها ومازال يضحي أيضاً عندما أصر عليها العودة مع زوجها دون أن يفكر بنفسه.
جلست جواره في السيارة ودموعها تنهمر بشدة ولم تستطيع منعها وتشعر بالحزن الشديد، بينما ساق ليث بسرعة جنونية وقد أحتدت قسمات وجهه وبدا كما لو كان غاضباً ووجهه أحمر بشدة، خرجت من فمها شهقة صغيرة رُغما عنها بعدما فشلت في منع بكائها، حتى اوقف السيارة فجأة أمام المنزل وهو يهتف بغضب وبنبرة عالية أفزعتها:
“عاايز افهم بتعيطي لييه دلوقتي”
ارتفع صوت شهقاتها واذادت في البكاء، بينما هو خبط على المقود بعنف حتى كادت يده تُكسر ولكنه لم يشعر بألمِ بها، لأن الألم الحقيقي كان بقلبه وهو يشعر بنيران مشتعلة داخله.
هي لم تحبه حتي الآن رغم أنه غّير من نفسه كثيراً، رغم ذلك لم تحبه وتعطيه قلبها، ليس لأنها قالت هذا فهو يعلم بأنها تحدتث هكذا لأجل أن تقنع أبيها، بل لأنه لو كانت تحبه ما كانت لتأتي تلك الفكرة أو تجرؤ فقط على التفوه بها، نعم تفعل كل شيء يرضيه وخير الزوجة له، ولكن يعلم كونه تفعل هذا رضاءاً لله ثم له وليس لأنها تحبه.
تقتله تلك الفكرة وتجعله يجن جنونه، لمَ لا تحبه، هل لأنه كان يعاملها بطريقة سيئتة الآن؟ ام لأنه ليس الزوج الءي تمنته هي؟ ماذا يفعل لكي تحبه هي الاخري كما يفعل هو؟.
نزل من السيارة ثم نزلت هي الاخري ولم يتحدث أحدهما بشيء حتى وصلا للجناح المخصص لهما، نزعت نقابها وقامت بغسل وجهها أولا وهي تجفف دموعها بحزن ثم أقتربت منه وهمت لتتحدث تزامناً مع مسكها لديه وهي تهتف:
“يا ليث…”
قطع حديثها نزع يده منها بعنف وهو يشيح ببصره عنها أكثر، تساقطت دموعها أكثر وهي تشعر الإرهاق الشديد، تحدثت من جديد وهي تمسح دموعها:
“ليث انا آسفة، انا متوقعتش انك هتصدق الكلام، والله العظيم انا بس كنت بقوله كدا علشان يوافق يخليني اقعد معاه حتي شوية، انا مش قادرة أسيبه لوحده صدقني”
ابتسم بسخرية على حديثها ولم يجب عليها وقد ظهر الحزن في عينيه، رفع بصره نحوها ثم تحدث وهو ينظر لعيناها بقوة وهو يهتف:
“انتِ بتحبيني يا حور؟”
نظرت له بتعجب ودهشة من سؤاله المفاجئ هذا، لم تتحدث وكأنها لم تكن تتوقع إجابته، كيف يسألها هذا السؤال، رغم إنها لم يسبق لها إخباره بمشاعرها ولم تصرح بها، حينما لاحظت نظراته المتلهفة نحوها سارعت بالرد وهي تقول:
“اي السؤال دا.. ايوه بح..”
قطع حديثها وهو يضع يده على فمها يمنعها من أستكمال حديثها، ليتحدث بتهكم وحزن دفين:
“متكملهاش.. الكلمة دي اتمنت اسمعها بس وهي خارجة من قلبك بجد، مش علشان تراضيني بيها ياحور”
أيعقل أنها لم تحبه؟ هي لا تعلم حقيقة مشاعرها حتي، فقد فرضُ عليها ثم أعتادت وجوده، ولم تفكر يوماً بمشاعرها نحوه، لتجيبه بصدق وهي تقول:
“كل الفكرة إنك اتفرضت عليا يا ليث من غير ما أختار، مش هقولك بحبك لاني فعلا معرفش مشاعرى اي، لكن انا فعلا اتعودت عليك ومقدرش أعيش من غيرك”
بينما هو لم يتأثر بحديثها، فقط كل ما يشغل باله بأنها لا تحبه، وهذا يعني أنها من المحتمل أن يأتي يوم وتتركه؟ عند هذا الحد توقف عقله عن التفكير، لن يسمح لها بأن تتركه حتي ولو طلبت هي ذلك.
اقتربت منه وهي تمسك بذراعه ولكنه نفضه عنها بعيداً لتتساقط دموعها أكثر، الا يكفيه حزنها على والدها ليأتي هو ويكمل عليها، لم يتحمل رؤيتها تبكي هكذا كان سيهم لإحتضانها وإرضائها ولكنه مازال غاضباً منها، لذا رحل قبل أن يضعف وهو يلعن قلبه بشدة.
ذهب غرفة والدته وهو يطرق باباها ولكنه ابتسم بسخرية عندما لم يسمع ردها، وكيف ستسمعه بعدما دخلت في غيبوبة مجدداً عندما علمت خبر وفاة شقيقه!!.
كانت ممدودة على الفراش بلا حولِ لها ولا قوة، اقترب منها وهو يجلس جوارها ويقول بضعف:
“ليه…لية كل مرة كنتِ بتختاريه هو وانا لأ، سبتيني وانا صغير علشانه بعد ما كنتِ بتحبيني انا وعمرك ما شوفتيه، رغم إني لحد الآن زعلان منك علشان فكرتي فيه وانا لأ”
صمت يبتلع غصُة مريرة بحلقه ويشعر بألمِ شديدِ داخل صدره، ثم أكمل بضعف:
“حتي بعد ما مات إختارتي تستسلمي للواقع علشانه وتسبيني مرة تانية، وكأنك مستنية الموت علشان تروحيله، مش هتختاريني انا لمرة مرة يا ماما؟”
سقطت دموعه وهو يتمدد جوارها وينام بحضنها يشعر بثقل شديد وغير قادر لأخذ أنفاسه حتي كاد يختنق، ثم هتف ببكاء وهو يقول بألم:
“انا محتاجك جنبي اوي، قومي ياماما بقى، اختاريني انا ولو مرة واحدة”
يشعر بأنه غير مرغوب به، لا أحد يحبه ولم يفضله أحد، وكأنه منبوذاً من الجميع، كيف كان يتوقع من حور أن تختاره وأمه لم تفعل؟ يبدو بأنه لا حظ له أن يختاره أحد.
هي فضلت أخيه حتي بعد وفاته، وحوره أختارت أبيها
يبدو أنه سيظل منبوذاً من الجميع.
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
وقفت روان بمنتصف الصالة وهي تمسك بالبلاليين في يدها تحاول أن تعلقها، بينما هو يقف على بعد أمتار منها يتأملها فقط وينظر لها ببسمة وهي غير منتبهه له وتصب كامل تركيزها على ما تفعل بعدما فشلت في تعليقه بشكل جيد، لتزفر بضيق ثم استدارت تبحث تبحث عنه بعيناها حتي وجدته يقف ينظر لها وإبتسامة خبيثة تزين وجهه، تحدثت بضجر وهي تقول:
“يعني شايفني واقفة مش عارفه اعمل حاجة وانت واقف تتفرج عليا يازين؟ مكنش العشم”
لم يتحرك إنشاً واحداً من مكانه ثم قال ببسمة إستفزتها:
“مش انتِ اللي فضلتي تقولي سيبني انا اعمل دول وملكش دعوة بيهم علشان تقولي لعمر انك انتِ اللي عملتيهم؟”
نظرت له قليلا بتذمر، فهي من طلبت أن يتركها تعلق الحبل الأخير لأنه لم تفعل شىء وهو من قام بتعلقيها، إستدرات لتنزل ولكنها توقفت وهي تجده يحاوطها بذراعيه من الخلف ثم أمسك يدها وساعدها في تعليقهم وهو يقف على طرف المقعد التي تقف عليه هي الأخرى.
قامت بتعليقهم جميعاً عن طريقه هو حتى أنتهوا، إستدارت له ببطء وهي تنظر له ببسمة قائلة:
“شكرا يا زين”
“لأ انا مبحبش الشكر بتاعي ناشف كدا”
أنزلت رأسها أسفل بخجل ولكنه سمعت زمجرته، اقتربت منه أكثر ثم طبعت قبلة رقيقة على خده، ابتسم لها بسعادة كبيرة ولكنه أراد مشاكستها وهو يقول بضيق زائف:
” لأ البوسة دي لأخوكي مش ليا انا”
“فعلا يا روان معاه حق، البوسة دي ليا انا مش ليه”
انتفضت بفزع وهمت لتقع لولا يده التي أمسكت به وهي تستدير لترى عمر يقف ويطالعهم بتهكم، نظر له زين وهو يقول من بين اسنانه:
“عايز اي ياعمر”
“جبت باقي الشنط بتاع الشبكة”
أومأ له زين ببرود ثم أردف:
“طب شكراً يا عمر، ومتنساش تاخد الباب في ايدك”
نظر له الأخير بضيق داخلي، لولا أن اليوم خطبته على ياسمينته لكان له تصرف آخر، فهو من أصر على أن تتم الخطبة قبل بدء الإمتحانات بعدما وافقت عليه ياسمين وذهب هو ووالديه، لذا تركهم دون أن يتحدث واستدار ليرحل ولكن هذا لا يمنع من أن يقوم ببعض العبث معهم، أومأ لزين ثم غادر بهدوء تحت دهشة الأثنين ولكن زين لم يهتم وهو يعود بنظره نحوها ويقول بمشاكسة:
“كنا بنقول اي قبل ما…”
انتفض الاثنين بفزع مما أدي لسقوطهم ارضاً اثر هذا الصوت الصاخب الذي دوى في المكان فجأة ولم يكن سوى صوت الصاروخ الذي وضعه لهم قبل ذهابه لينزع لهم لحظاتهم، نظر زين في اثره بغضب وهو يقول:
“ماشي ياعمر بس لما أشوفك لأطلع كل دا على عنيك”
سمعوا صوت ضحكات صاخبة تأتي من خلفهم نظروا لها ليجدوا ياسمين تضع يدها على فمها وهي تحاول من ضحكاتها، نظر لها زين بغيظ وهو يهتف:
“انا بقول تفكرى في الخطوبة دي الأول يا ياسمين”
ضحكت روان هي الأخرى ثم أبتعدت عن زين تحاول الوقوف، وقام هو الآخر معها وهو ممسكاً بها، بينما نظرت لهم ياسمين للحظات وهي تقول قبل أن ترحل بدلع:
“اشتغلوا كويس وبضمير عايزة خطوبتي على سنجة عشرة”
نظرت لها روان بتشنج لتهتف بإستياء وهي تقول:
“والله انا قولت من الأول عمر مينفعش معاه غير ياسمين”
🌸اللهم أعن على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك🌸
جلست حور على طرف الفراش الخاص بها وهي تنظر لها بحزن دفين مالبثت أن تحدثت ببسمة:
“أزيك يا طنط تهاني، انا عارفة إن حضرتك سامعاني
الحقيقة انا كنت حابة اتكلم معاكِ شوية.
لما ماما وعبدالرحمن أخويا ماتوا في حادثة مرة واحدة، انا فضلت سنة كاملة مش بتكلم ولا حتي بخرج وأجلت جامعتي في السنة دي، كل حاجة مشيت زي ما هي إلا انا.
بابا حاول معايا كتير بس صدقيني كان غصب عني، مكنش بايدي رغم اني حاولت كتير ارجع لطبيعتي لكن مكنتش قادرة، دي مهما كانت امي ودا كان اخويا، ازاي هتقبل موتهم بسهولة كدا؟.
مرة بابا دخل وقعد جنبي وبدأ يتكلم معايا، ساعتها قالي حاجة واحدة يس فضلت أفكر فيها كتير قالي يابنتي العمر مفهوش متسع للحزن، عمرك كله هيعدي من غير ما تحسي وانتِ فاكرة إنك بتتعافي…لما تفوقي من دوامة الحزن دي هتلاقي حاجة اكبر هتحصل معاكي وتدخلي في دوامة حزن جديدة وهتفضلي عمرك كله على نفس النهج لحد ما تلاقي عمرك خلص وانتِ مش عارفة هو عدي في ايه؟.
ساعتها بس هتقولي ياريتني كنت استغلت كل دقيقة من وقتي، شوفي ياحور رغم حبي الشديد لأمك وضهري انكسر بعدها، إلا إني مستسلميش للحزن وكملت حياتي حتي لو لحد الآن لسه ببكي عليها وفاكرها.
الدنيا كلها إبتلاءات مش عليكِ انتِ لوحدك؟ هيتردد عليكي سؤال في الآخر،«وعن عمره فيما أفناه؟»
أفنيتي عمرك في ايه يا حور قوليلي كدا؟ عملتي اي تقابلي بيه ربنا، بدل ما تبصي لنعم ربنا عليكي بصيتي للي ناقص منك ووقفتي حياتك عليه؟ مبصتيش انك لسه عندك بيت وعندك صحة، دا يكفي انك اتولدتي مسلمة دي في حد ذاتها تكفي، فوقي لنفسك ياحور قبل فوات الآوان وقبل ما تلاقي عمرك كله عدى وانتِ مضيعاه في حزن على شىء مش هيرجع.
تعرفي، كلام بابا مش بس فوقني، لأ دا خلاني كمان بقيت اتمنع لو الزمن يرجع بيا علشان معملتش اللي عملته دا، كنت هزعل واحزن ودا حقي لكن كنت هكمل حياتي وافكر في اخريتي ومش هتمسك بالدنيا كدا.
اللي عايزه أقوله لحضرتك إن الوقت بيسرقنا والعمر بيجرى من غير ما نحس بيه، انا عارفة إن اللي عديتي به كان صعب، بس برضو لسه قدامك وقت تعملي حاجات وكمان معاكي ابنك وزوجك تعوضي كل اللي فات
وتشيلي احفادك كمان”
صمت تأخذ أنفاسها وهي ترى تحرك رموشها بشكل غير منتظم وكذلك يدها التي بدات تتحرك، سقطت دمعة من عيونها دلالة على تأثرها بالحديث، ابتسمت لها حور بحماس وهي تكمل حديثها:
“مش هتقومي بقى علشان اشتكيلك من ليث ابنك اللي مزعلني دا، انا عارفة إنك انتِ اللي هتقفي في صفي، بس انا عايزاك تقوميلنا بالسلامة الأول وتفكرى في حياتنا
وكفاية حزن على اللي فات ونفكر في اللي جاي ونعيش الباقي من عمرنا من غير حزن.
طبيعي اننا هتقابلنا عواقب واحزان بس هي الدنيا كدا، ومصيرنا في النهاية هنموت، يبقى نعيش الباقي ونفكر في آخرتنا بس علشان نقدر نتخطي مصايب الدنيا، اتمني حضرتك ترجعيلنا وتفكرى في ليث وعمي محمود اللي متأثرين علشانك وتبدأي تعوضيهم عن كل اللي فات، علشان هم تعبوا اوي في غيابك وآن الآوان إنك ترجعي شملكم من جديد”
انهت كلامها وهي تمسح دموعها وترى تغير ملامح وجهها، ابتسمت لها ثم إستدارت لترحل ولكنها وجدت محمود يقف أمام الغرفة، ابتسمت له ثم خرجت لكي تتركه معها، وهي تعلم بأن حديثها سوف يكون بداية لجعلها تستفيق لهم،
تبقى فقط ليث، تنهدت بحزن وهي لا تدرى ماذا تفعل معه، فقد حاولت بأكثر من مرة ولكنه مازال غاضباً منها بل ويتجاهلها أيضاً.
🌸اللهم صل على محمد🌸
“ياماما يلا بقى”
وقف عمر بتذمر ينادي والداته وهو لا يطيق الإنتظار اكثر، لا يصدق بأن اليوم سوف يزين إصبعها خاتم خطبتهما، كان يشعر بالسعادة الشديد والحماس أيضاً، انتهوا جميعاً بعدما ارغمهم على ذلك لكي يذهبو.
ركبوا السيارة وطوال الطريق لم يكف عن التذمير والضرب على بقوق السيارة وتشغيل الأغاني الصاخبة
فالليلة ليلة خطبته.
اما عن ياسمين وقفت أمام المرآه وهي تنظر لنفسها بفرحة ثم أخذت تدور حول نفسها بسعادة فاليوم هو يوم خطبتها والذي تمنته كثيراً كأي فتاة، كانت ترتدي فستاناً بسيطاً
وفوقه خماراً ونقاباً بنفس اللون مما ذادها جمالاً وكأنها أميرة وتسحر كل من يراها،واضفي على هذا الجمال سعادتها.
دخلت روان الغرفة مجدداً بعدما ذهبت لإرتداء ثيابها والتي كانت ترتدي فستانا باللون الوردي وفوقه خماراً بنفس اللون قد ذادها جمالاً هي الاخرى والتي كانت سعادتها لا تقل سعادة عنهما.
“انتِ كدا هتكوني خطر على الواد عمر الغلبان وانا مش ضمناه الحقيقة”
ضحكت ياسمين بسعادة واقتربت منها وهي تضمها بفرحة وقلبها ينبض بشدة، ثم سارت معها للخارج حيث تواجد جميع العائلة، النساء بالداخل في الصالة التي تم تزينها
والرجال بالخارج يقوم زين ووالده بإستقبالهم في حجرة الضيوف، فالخطبة منفصله، الرجال في مكان منعزل قليلا كي تستطيع الفتيات اخذ راحتهم.
وقفت العروس في المنتصف والجميع منبهر بهيئتها رغم انها ترتدي النقاب إلا انها بدت جميلة للغاية، اقترب منها الجميع يهنئونها وبعد قليل وصل عمر هو وعائلته.
وما إن رأها حتى تسارعت دقات قلبه وهو ينبض بشدة، ظل واقفاً مكانه ينظر لها بفرحة ولا يصدق، رغم إحتشام ملابسها إلا أن هيئتها كانت مهلكة لقلبه المسكين .
سار نحوها بسعادة وهم ليحضتنها ولكنه تذكر أنها خطبة فقط وليس عقد ليتراجع وهو يصبر نفسه بأنه اقترب من نهاية المطياف وقريباً سوف تصبح زوجته.
جلست ياسمين وجلس هو الآخر على بعد قليل منها لكي يلبسها خاتم الخطبة ولكنها رفضت طالبة من والدته أن تلبسها إياه، همت لترفض ولكنها وجدت نظرات عمر المترجيه لها لتذهب وهي تلبسها على امتعاض كي لا تنزع فرحة صغيرها وها هي أرتدت اول خطوة سوف تقربهما من بعضهم البعض.
ذهب زين لعمر ثم اخذه معه عنوة تحت تذمره ورفضه بأن يبقى معها، ولكنه رحل معه تحت إصراره لكي تبقى الفتيات على راحتهم.
وقفت ياسمين ثم نزعت نقابها وبقيت بالخمار فقط وقامت بتشغل بعض الإنشودات التي تحفظها عن ظهر قلب بدون موسيقي وانما فقط بالدف.
أخذت تتراقص عليها بفرحة وانضمت لها روان وبعض أصدقائها دون حور التي اعتذرت منها بسبب مرض حماتها، بينما يقف البعض الآخر غير مرحب لتلك الأجواء ويرى أنها غير مبهجة.
اما عن ياسمين فكانت تتمايل بخفة كالفراشة وهي تتراقص بسعادة وقلبها يرقص هو الآخر وتضحك بخفة ثم اخذت تدور بفرحة كما فعلت معها روان وقد اشعلوا الجو بالحماس حتى انضم لهم بعض الفتيات وهم يقلدون الرقصة التي تفعلها ياسمين بمهارة وهي تقوم بتحريك يدها تزامناً من كلمات الاغنية.
توقفت وهي تأخذ انفاسها ثم تحدثت بصوتِ مرتفع كي يصل للجميع وهي تقول:
“انا حقيقي بشكر كل حد حضر وفرحان علشاني واتمني تكونوا انبسطوا، واللي محبش الجو وكان منتظر الاغاني ف انا آسفه ليه، انا مش هغضب ربنا علشان ارضي حد
مش لازم علشان افرح اغضب ربنا واشيل ذنب كل واحده هتسمع الاغاني اللي هشغلها.
بل شوفتوا الخطوبة الإسلامية جميلة ازاي بدون معاصي واحنا لوحدنا بدون رجالة علشان نقدر ناخد راحتنا وننبسط ونفرح بدون ما ناخد ذنوب واتمني فعلا الكل يعمل كدا، ودلوقتي يلا علشان نكمل بقى”
عادت للرقص من جديد وهي تشعل الجو بالحماس أكثر وقد بدأ الجميع يندمج معها، بينما روان تقف تراقبها ببسمة وتتخيل نفسها مكان ياسمين، فهي حتي لم تحتفل لا بخطبة ولا بكتب كتابها ولا تعلم تلك السعادة التي بها ياسمين لأنها لم تجربها بعد.
نظرت بحزن وتمنت لو أنها احتفلت مثلها، وجدت من يجذبها من ملابسها نظرت له لتجد طفل صغير يخبرها بأن تأتي معه.
سحبها الصغير من ثيابها دون ان يوضح لها شىء وهي فقط تسير ولا تعلم إلى أين يأخذها حتى تركها أمام المطبخ، وقفت تنظر حولها ولا تعلم لمَ اتى بها إلى هنا، همت لترحل ولكنها شهقت بفزع حين وجدت من يجذبها بعيداً عن الإنظار ويضع يده على فمها.
🌸سبحان الله وبحمده… سبحان الله العظيم🌸
وقف ليث يتنهد أمام حجرتها وهو يستعد للحديث ويفكر كيف سيصالحها، فهو قد بالغ بغضبه منها وهي لم تفعل شىء سوى أن تحاول رضائه، لقد اخذ بنصيحة ابيه الذي لاحظ أن أمورهم ليست على ما يرام أخبره بأن يقف هو بجانبها ولو لمرة واحدة كما تفعل هي دائما معه منذ زواجهم ولن تشتكي.
هي حاولت إرضائه بشتى الطرق ولكنه كان غاضباً ودائما ما يعاملها بجفاء، لذا سيسمع بنصيحة أبيه فهي مهما كانت بشر ولها قدرة على التحمل سوف تنفذ في اي وقت
بدلا من أن يقف معها بسبب حزنها على ابيها تركها وحيدة وهي التي كانت تفعل ما بوسعها لأجله.
أمسك الهدية التي جلبها لها ثم فتح باب حجرتهما لكي يصلح خطئه ولكن يبدو أنه قد تأخر كثيراً وجدها نائمة بهدوء على غير عادتها في هذا الوقت.
اقترب منها وهو ينادي بإسمها بهدوء ولكنها لم تستجب له
ليقول بضجر:
“اصحي ياحور بقى بدل ما والله هزعل منك تاني”
ظل ينادي عليها مجدداً ولكن أيضا لا رد مما جعله يغضب منها اقترب منها بضيق كي يهزها ولكنه وجد جسدها ينتفض بشدة أدارها له لتتوسع عيونه بصدمة ويقع قلبه برعب عليها…
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حكايات سنفورة)