رواية ملاك يغوي الشيطان الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم مايسة ريان
رواية ملاك يغوي الشيطان الجزء الثاني والعشرون
رواية ملاك يغوي الشيطان البارت الثاني والعشرون
رواية ملاك يغوي الشيطان الحلقة الثانية والعشرون
الفصل الثاني والعشرون
ظلت زينة جالسة فى مكانها على الأريكة بعد رحيل المأذون والشهود ..
وقف خالد عند الباب يتأملها بحزن .. لم يكن هذا ما توقعه وحلم به عن ليلة زفافهما .. أرادها عروس سعيدة تنتظر تودده اليها بلهفة وسعادة لا أن تجلس وكأنها فى أنتظار حكما بالأعدام ..
لوى شفتيه بمرارة ثم تمالك نفسه واقترب منها وجلس الى جوارها, أنتفضت تبتعد عنه فوضع يده على ذراعها يمنعها من الأبتعاد وهمس في أذنها بعشق وقلبه يخفق تأثرا وكان هذا غريبا عليه يجربه فقط لأول مرة معها
– أحبك .
وضع فمه على شعرها وقبلها برقة فشهقت وكادت أن تبكي ولكنها تمالكت نفسها حتى لا تغضبه فقال بحنان حزين
– لا تخافي .. أنا لن أجبرك على شئ حبيبتي .
رفعت وجهها اليه لهفة
– حقا لن تفعل .
ربت على وجنتها وعيناه تحوم على ملامحها الرقيقة بنظرة شوق لم يستطع أخفاءها
– نعم .. سأعطيك كل الوقت الذي تريدين حتى تعتادين علي .
ثم طوقها بذراعيه وقال وهو يدفن وجهه في شعرها .. ولكنه لن يتوانى عن محاولة اغواءها .. واقسم أنه سيجعلها تأتي اليه راغبة وقريبا جدا .. فهو فى شوق كبير اليها ولن يكفيه العمر كله كي يطفئ نيران شوقه, تابع
– يكفي أن تكوني قربي .. ملكي .. لا يجرؤ أحد على أخذك بعيدا عني .
ظل يحتضنها ويهدهدها كطفل صغير .. سحب دبابيس شعرها وجعله ينساب على ظهرها وراح يمسح عليه بحب وهو يقول
– شعرك يعجبني .. أنه عكس شخصيتك .. يبدو ثائرا متمردا ولكن أنت .. أنت كالماء الرائق .. صافية القلب والنية .. والأهم أنك أصبحت لي .
غامت عينا زينة وهي قابعة فى حضنه .. تخشى أن تبتعد فيغضب فكانت شبه مستسلمة لما قد يفعله بها ولكنه وعدها أن لا يجبرها على شئ وهي تصدقه فهو لم يحاول فرض نفسه عليها منذ أن وجدها .
صوت جرس الباب أجفلها وجعل ذراعي خالد تشتد عليها وقال بضيق
– من القادم الأن ؟
أبتعدت زينة عن ذراعيه ولم يمنعها ووقف ليرى من القادم .
****
أنها تتجاهله عمدا ..
تختفي من أي مكان يظهر فيه ..
دخل حميد عابس الوجه الى غرفة الجلوس الملحقة بحجرة نوم أمه والتي كانت تجلس على الأريكة وبيدها فنجان قهوة تحتسيه بهدؤ وسألته
– ماذا بك ؟
قال بتشدق
– لا شئ .. أشعر بالملل .
– ولماذا لا تخرج أو تذهب للعمل .. لم أعتاد على مكوثك فى البيت هكذا .
وضع يديه فى جيب سرواله وقال
– مازلت فى أجازة ولا أشعر بالرغبة فى الخروج .
نظرت اليه أمه بتمعن لبعض الوقت مستغربة من توتره
– أنت وشقيقتك تبدوان فى حالة غريبة .. لا أعرف ما الذي حدث بينكما .. أخشى أن تنتكس حالتها مرة أخرى وتكون أنت السبب .
قال بحنق
– أعتقد أننا يجب أن نتركها تواجه واقعها وحدها ونكف عن تدليلها .. أنها تلجأ الى لي أذرعنا بأستمرار بسبب ما مرت به وتنسى أنها هي من تسبب بكل هذا لنفسها .
سألته أمه بتردد
– وماذا عن آدم .. كانت تأمل فى أن يعود اليها و ..
قاطعها حميد وقد أزداد حنقه عند ذكرها لآدم
– بالله عليك يا أمي .. لا أعرف كيف تفكرين أنه سيقبل بها بعد ما فعلته به .. وأنت تعرفين جيدا مدى قسوته .
أعترضت أمه قائلة
– أنه رجل جيد وصديقك المقرب .
– ولكنه لم يعد يحبها وأستطيع أن أؤكد لك أنه وقع فى حب فتاة أخرى وجليلة تعلم ذلك .. يجب عليها الأن أن تتخطى حبها القديم وتفيق مما هي فيه .
هزت أمه رأسها بأسف
– معك حق .
سألها بعد تردد
– جنة ليست هنا ؟
أبتسمت أمه وقالت بمكر
– لم تعد تدعوها بجهنم .
– حتى لا تغضب .. فهي ..
قاطعه دخولها من الباب بأندفاع قائلة
– خالتي .. أنا ذاهبة .
أستدار حميد اليها ووقف مصعوقا مما رآه وقد ألجم لسانه ..
كانت ترتديي ثوب أحمر ضيق وقصير جدا أظهر تناسق ورشاقة جسدها الذي كان مختفيا داخل القفاطين التي كانت ترتديها بأستمرار .
أنتبهت جنه لوجوده فشهقت بغضب وهي تضم معطفها لتخفي جسدها عن عينيه الجائعة وهبت فى وجهه كالقطة
– الى ماذا تنظر يا قليل الأدب ؟ .. ألا تخجل من التحديق بي هكذا ؟
أفاق حميد من صدمته برؤية جمالها وأحتقن وجهه بشدة من سبابها له وسألها بحدة وهو لا يتخيل أنها ستخرج هكذا
– الى أين أنت ذاهبة هكذا ؟
أشاحت بوجهها بعيدا عنه متجاهلة سؤاله وقالت لأمه
– الى اللقاء يا خالتي لن أتأخر.
ثم استدارت وخرجت من الغرفة مارة بجواره وكأنه هواء ..
وقف حميد ينظر فى أثرها بذهول للحظات ثم استدار الى أمه وقال بغيظ
– الى أين هي ذاهبة بهذه الملابس ؟
حاولت أمه أخفاء أبتسامتها ولكن عيناها فضحتها
– وما هو وجه أعتراضك على ملابسها ؟ .. جليلة ترتدي مثلها ولا تهتم لذلك .
أحمر وجهه بشدة واسرع الى النافذة ورأى جنة تركب السيارة فى المقعد الخلفي .. كانت قد أغلقت أزرار معطفها الطويل ولكنه مازال يعلم أنها ترتدي ذلك الشئ الأحمر الصغير من تحته ..
تحرك السائق بالسيارة وظل يتابعا بغيظ الى أن خرجت من البوابة وأختفت .. أستدار الى أمه وقال بعصية
– جليلة كبيرة وناضجة ولكن هذه الفتاة مازالت صغيرة .. صغيرة جدا لترتدي هكذا .
ثم صمت ليبحث عن شيئا مقنعا ليقوله وتابع
– بالله عليك .. كيف تسمحين لها بالخروج وحدها وهكذا ؟
لم تتمالك أمه نفسها وانطلقت تضحك مقهقهه بصوت عالي وقالت
– لا تقلق .. اليوم حنة أبن خالك وهي ليلة للفتيات فقط .
لم يهدئ هذا الكلام مما كان يشعر به
– ولو .. ذلك السائق مازال شابا كيف تخرج معه بمفردها .
– وهل ستغار عليها من السائق ؟
بهت وجه حميد وقد صدمه ما قالته أمه وقال معترضا
– أغار ؟ .. أغار على تلك السليطة اللسان ؟ أنا لا أطيقها .. لا يمكن أن يطيقها أحد.
تنهدت أمه وقالت
– لماذا لم تعرض عليها أن توصلها بنفسك ؟
رد بضيق شديد
– لم تكن لترضى .. أنها تتجاهلني تماما كما رأيت .. تتجاهلني بأستمرار ولا تتذكرني الا عندما توجه لي السباب فقط .
****
فتح خالد الباب وتحجر وجهه على الفور عندما رأى نبيلة أمامه لم يتوقع أن تتجرأ وتأتي بقدميها الى عنده ولكنه لم يقف عندها كثيرا وركز أنتباهه على الرجل الذي يرافقها ونظر أحدهما الى الآخر بثبات ..
شعر خالد بالحذر منه فنظراته وكأنها تكاد تفتك به وتساءل عن السبب .. واستبعد أن تكون نبيلة هي السبب فهي ليست بالشخص الذي يقاتل المرء من أجله وهنا دق ناقوس الخطر فى رأسه .. فتاة واحدة يعرفها قد تدفع الرجل للموت من اجلها .. أنها فتاته هو .. زوجته .
قال ببرود ومن داخله متحفزا للقتال
– نعم .
تحرك الرجل بعصبية وظلت عينا خالد تراقب تحركاته بتأهب وكان قد سد الباب بجسده .. كانت نبيلة تقف مصفرة الوجه وهي تقول بتلعثم سببه الخوف
– زينة .. هل هي معك ؟
ضاقت عيناه ولمعت بشراسة
– وما شأنك بها ؟ .. أشكري ربك انك نجوت من بين يدي وكان هذا من أجل خاطرها فقط .
أنتفض الرجل خلفها وتقدم مزيحا نبيلة من أمامه قائلا بحدة
– أين هي ؟.. هل هي معك ؟
أوقفه خالد بأن دفعه فى صدره قائلا ببرود قاتل
– ومن أنت ؟ .. وما الذي تريده من زوجتي ؟
لم يعرف خالد من منهما أصبح أكثر شحوبا من الأخر وهو يرى الصدمة على وجهيهما
– زوجتك ؟
لم يعد لدى خالد شك بأن هذا الرجل جاء من أجل أمرأته ولكن ما جعل أعصابه تثور هو تساؤله عن من هو بالنسبة لها وما مدى ما وصلت اليه علاقته بها وتذكر ذلك الرجل الذي قابلهم فى الميناء .
– نعم زوجتي .
قالها بشراسة وتابع
– والليلة هي ليلة زفافنا .
دفعه الرجل بقوة الى الداخل وكاد أن يسقطه على ظهره وراح يتقدم منه مهددا
– أنا لن أتركها تحت رحمة حقير مثلك .
هب خالد متقدما نحوه ولكن صوت زينة سمره في مكانه
– آدم .
اللهفة والشوق فى صوتها قتله تقريبا .. ألتفت اليها ورآها تنظر الى ذلك الرجل وكأنها تنظر الى روحها فتوقف النفس فى حلقه وأرتعب .
تقدمت زينة وهي تتعثر في مشيتها وتمد يدها أمامها فاندفع الرجل ليلاقيها ولكنه لم يستطع أن يبقى متفرجا واسرع يجذبها الى ما بين ذراعيه .. أختطفها قبل أن تصل اليه وللحظة ظن أنها ستقاومه ولكنها عادت واستكانت بتخاذل ووقف الرجل مذهولا .. يحدق بهما مصدوما وهو يقول بعدم تصديق
– هل تزوجته حقا ؟ .. تزوجت من ذلك السافل ؟
هزت رأسها بعجز فشعر خالد بالنار تنهش جسده وقال بغضب مخيف جعل جسد زينة يرتجف بين ذراعيه ولكن ليس لهذا الرجل الذي لم تهتز له شعره وظل يحدق بزينة
– خذ هذه الحقيرة وأخرجا من هنا حالا والا فعلت ذلك بنفسي .
تراجعت نبيلة الى الخلف حتى أصبحت عند الباب ولكن آدم ثبت في مكانه رافضا التزحزح وقال بشراسة مماثلة
– لن أذهب من دونها .. بالتأكيد أنت أجبرتها على الزواج منك رغما عنها .. أعرف أنها ما كانت لتقبل بالزواج منك لولا ذلك .
كان محقا وزاد قوله من غضب خالد
– وان يكن .. هذا لا يخصك ولا يعنيك فى شئ .
– بل يعنيني .. كنا سنتزوج .
أشتدت ذراعي خالد حولها وقال ببرود قاتل
– أنها لي الأن .. أنا من فزت بها .
شاط عقل آدم ونظر الى وجه زينة بمزيج من الألم والغضب
– كيف وافقت على الزواج منه وأنت تعرفين عنه كل شئ .
همست بضعف
– من أجل والدي .
شهق آدم .. هذا ما أبتزها به .. لم تكن تعلم بموت والدها وذلك الشيطان أستغل جهلها
– لقد مات أبي يا زينة .. مات بسب ما فعلته بك وبنفسي .
صاحت نبيلة بتلك الكلمات بصوت معذب وكأنه يقتطع من نياط قلبها ..
تراخى جسد زينة بين ذراعي خالد ورمشت بعيناها غير مصدقة لما سمعته من نبيلة والتي كانت ترفض النظر الى وجهها الى أن نطقت بتلك الكلمات التي حطمت قلبها .. مات أبوها ؟ .. مات وهي بعيدة عنه ؟ .. مات الرجل الذي ألقت بنفسها فى النار من أجله مرتين .. مات وهو مقهور عليهما ؟
نظرت الى آدم بأتهام وقالت
– أخبرتني أنه بخير .. أخبرتني أنه أجرى الجراحة وأنه يعرف أنني سالمة .. فهل كذت علي ؟
شعر آدم بالحزن مشفقا عليها
أسود العالم فى نظر زينة فللمرة الثانية تصبح تضحيتها بلا جدوى .. أقترب آدم منها وقال
– نبيلة حامل .
فكر يائسا ان هي عرفت بأن أختها حامل من الرجل الذي تزوجت منه سوف تتركه وتذهب معه .
نظرت اليه مشوشة الذهن وقلبها الحزين الملكوم لم يعد فيه مكان للمزيد
قال خالد صارخا بغضب فى نبيلة
– ألم أطلب منك أن تتخلصي من ذلك الشئ .
ألتفتت اليه زينة والدموع تنساب من عينيها غزيرة
– عن أي شئ تتحدث؟
صاحت نبيلة بمرارة وهي تتقدم منهم وقد واتتها بعض الشجاعة
– عن طفلي .. طفله … يريدني ان أقتله .
شهقت زينة بالبكاء وقالت وهي تهز رأسها
– لا .. لا مزيد من القتل .. لا مزيد من الموت .. لا أريد .
حاول خالد أحتوائها وتهدئتها ولكنها صاحت بهستريا وهي تنتقض بعيدة عنه وأمام دهشتهم أسرعت الى نبيلة تعانقها بقوة وهي تقول
– لا .. لا تخافي .. لن أتركك أبدا .. ولن أسمح لأحد بأن يؤذيك أبدا .
ضمتها نبيلة بقوة في المقابل وقالت وهي تشهق بالبكاء
– آه يا زينة .. سامحيني أرجوك .. أنا آسفة .. وليت أبي يسامحني .
وقف خالد وآدم عاجزين عن فعل شئ وكلا منهما فى حالة انتظار لما ستقرره زينة وكلاهما مصر على الفوز بها .
****
خرجت جنة من بيت عروس ابن خالها لتجد سيارة مختلفة عن التي جاءت بها بأنتظارها فاقتربت قليلا واكتشفت أن السائق أيضا مختلف وجزت على أسنانها غيظا عند رؤيتها لحميد ..
صعدت الى المقعد المجاور له وسألته بغلظة
– ماذا جاء بك الى هنا ؟ .. وأين السائق ؟
أدار المحرك وبدأ بالتحرك بالسيارة وهو يقول
– فضلت أمي أن آتي بنفسي لأخذك من أن يفعل ذلك شاب غريب .
ابتسمت جنة بأستهزاء وقالت
– حقا ؟ .. خالتي قالت ذلك .. عجبا .
سألها عابسا
– ماذا تعنين ؟
– لا شئ .
ثم أشاحت بوجهها بعيدا وبدأت فى تجاهله ومرت نصف ساعة كان ينتظر منها أن تقول شيئا ولكنها استمرت على صمتها فكاد أن يصرخ فى وجهها فتصرفها معه بتلك الطريقة يستفزه , قال أول شئ خطر بباله ليفتح معها حوار
– كيف كانت الحنة ؟
– تقصد الفتيات ؟ .. كن جميلات .. ليتك كنت معنا حتى تنتقي منهن ما تريد ولكني أشك فى أن تقبل احداهم بك فجميعهن فتيات فضليات من عائلات محترمة وأنت معتاد على أنتقاء القاذورات أمثالك .
فاض به الكيل وفكر بأن يوقف السيارة ويصفعها ولكن بدلا من ذلك أوقف السيارة واستدار اليها ومال نحوها وفتح الباب المجاور لها وأمرها بغضب
– أنزلي من السيارة
تراجعت الى الخلف على مقعدها وقالت بأستنكار وهي تنظر الى الشارع المقطوع والغارق فى الظلام
– هل أنت مجنون ؟ تريدني أن أنزل هنا .
دفعها بفظاظة وكان قد وصل الى قمة غضبه
– نعم أنزلي .. هيا .
سقطت جنة من السيارة بسبب دفعه لها على الأسفلت ولم تصدق نفسها وقد أغلق الباب وانطلق بالسيارة بسرعة غير آبه بنداءها عليه .
ظل حميد منطلقا فى طريقه وهو يلعن نفسه لأنه قرر أن يجئ لأصطحابها بنفسه وكان يفكر فى التودد اليها بعد أن لفتت أمه نظره بأنه يغار على جنة وأدرك أنه خلال الأيام الماضية بدأ يتعلق بها حقا ويعتاد على وجودها بشكل شغل عقله عن الأشياء الكثيرة التي حدثت معه خلال الفترة الماضية واليوم عندما رآها بذلك الثوب خطفت أنفاسه وعقله وكان يريد أن يعرف ان كانت ستخطف قلبه أيضا .
توقف بالسيارة بغتة فأصدرت صريرا مزعجا ووبخ نفسه قائلا
– ما هذا الجنان الذي فعلته ؟
كيف تركها فى طريق مهجور وحدها ؟ وعاد بالسيارة الى الخلف بسرعة وتقريبا وصل الى المكان الذي تركها فيه ولكنه لم يجدها .
خرج من السيارة وقد تملكه الرعب وصاح يناديها
– جنة .. جنة أين أنت ؟
أبتعد عن السيارة وهو يتلفت حوله
– أين ذهبت هذه الفتاة ؟
أقترب من أجمة الأشجار على جانب الطريق وصاح مناديا من جديد ولكن لم يأتيه رد ثم سمع صوت باب السيارة يغلق وصرير عجلاتها يرتفع وهي تنطلق بعيدا وآخر شئ سمعه هو صوتها يصيح
– غبي .
وقف حميد مذهولا للحظات يتابع السيارة وهي تبتعد حتى أبتلع الظلام أضواء الكشافات الخلفية .
****
– أنا سوف أبقى معه .
حدق آدم فى وجه زينة بذهول .. لم يتوقع أن تكون تلك ردة فعلها بعد أن عرفت بموت والدها وبأن أختها حامل من الرجل الذي تزوجته .. كان مستعد ليخوض حربا من أجلها ان طلبت منه أن ينقذها منه ولكنها تقف أمامه الأن بثبات وتقول له أنها سوف تبقى معه.
قال يتوسل اليها تقريبا
– أعرف أنك غاضبة مني ومن ردة فعلي على ما حدث فى مونت كارلو .. أنا آسف وسوف أعوضك واعدك أنني ..
قاطعته بهدؤ ووجه شاحب
– ليس هذا هو السبب .. لقد فكرت ورأيت أن خالد هو من يناسبني .. وعدني بأن يتغير وأنا أصدقه .. وأنا مازلت أحبه فى الحقيقة وأرى أنه يستحق فرصة أخرى
أمسك آدم ذراعها قائلا بحدة
– أنت تكذبين .. لمن تضحين بنفسك هذه المرة .. أمن أجل هذه ؟
ثم أشار الى نبيلة التي تقف بصبر كمن ينتظر من يقرر مصيره وتابع
– أنها لا تستحق .
سحبت زينة ذراعها منه وقالت
– أرجوك أتركني وشأني فأنا أمرأة متزوجة الأن .. عد الى حياتك واتركني لحياتي .. آسفة لما سببته لك من مشاكل وأضاعة لوقتك في البحث عني .
شعر آدم بمرارة الهزيمة فى فمه وأدرك أن هذه الفتاة التي أعتادت على التضحية سوف تضحي حتى النهاية ومهما فعل ومهما قال لن يستطيع أن يثنيها عن عزمها .. وألقى باللوم على نفسه .. هو من تركها ولم يستغل الفرصة عندما كانت بيده , أقترب يهمس بالقرب من أذنها
– سوف أنتظرك .. سأبقى بأنتظارك فى نفس المكان الذي تركتك فيه ولو أنتظرت الى الأبد سيكون ذلك عقابا عادلا لي .
ثم نظر الى خالد بكره شديد قبل أن يستدير ويخرج من باب الشقة كالعاصفة .
زفر خالد بأرتياح رغم ما يشعر به من غيرة وحقد على الرجل الآخر ..
لأنه عرف أن زينة سوف تتخذ ذلك القرار .. وآدم ذاك كان يعرف فكما يبدو أن كلاهما يعرفان ما يدور في رأسها الصغير الجميل لذلك وقف صامتا وتركها تتخذ قرارها ووقف يتابع صامتا, أقترب منها قائلا برقة
– لا تقلقي .. سوف أعتني بعائلتك من أجلك .
كانت تنظر الى نبيلة وقالت بحزم دون أن تلتفت اليه
– سوف تتزوجها .
ظن خالد للحظة أنه لم يسمعها جيدا وقال من بين أسنانه غير مصدقا
– ماذا قلت ؟
وقفت نبيلة بدورها مذهولة ومتسعة العينين , ألتفتت زينة الى خالد وتابعت بهدؤ
– أنت مدين لي بذلك .. ومدين للرجل الذي رباني والذي قد أعتديت على شرف أبنته وجعلته يموت بحسرته .. كنت سأبقى معك من أجله وها أنا سوف أبقى معك من أجل أبنته .. شرطي الأن لكي يتم زواجنا هو أن تستر عرض أبنة الرجل والمرأة اللذان كانا لي أب وأم .
لم يعرف خالد ماذا يقول لها .. هو لم يرى مثل هذه المخلوقة فى حياته من قبل .. لم تسعى اليه طمعا بشكله ولا بأمواله ولم تطلب من الدنيا أكثر مما أعطتها .. تشعر بالوفاء لرجل ميت ولأخت لم تعاملها يوما الا بالسؤ .. رآها الأن تضحي بسعادة قلبها وبهناء بالها استمرارا بالتضية وحبا في الوفاء .. ولأنه هو ما هو قال بلهجة شيطانية
– سأنفذ لك رغبتك وأتزوجها ومن ثم سأطلقها ولكن بشرط .
انتظرت زينة سماع شرطه بقلب غائر
– لن أنتظر .. بعد أن أتم الزواج سوف يصبح جسدك لي دون قيد أو شرط .. سوف نبدأ حياتنا معا .
لم تذرف عيناها الدموع ولكن قلبها كان يبكى بالفعل .. بكى وهو يرى حبيبه يذهب مكسور الخاطر .. أنفطر ألما وهو يضحي بسعادته ليريح غيره .
****
وصل حميد الى البيت وقد وصل به الغضب الى أقسى مداه .. لأول مرة يشعر بمثل هذا الأجرام ورغبة متوحشة لأيذاء أحد .. تلك الفتاة التي تركته وحده فى طريق مقطوع وكان قد ترك هاتفه فى السيارة وجعلته يسير لأكثر من خمسة كيلو متر فى الظلام حتى وجد سيارة نقل تقله الى الطريق العام وأخذ من هناك سيارة أجرة الى البيت ..
الجميع كان نائما وفكر بطريقة شيطانية أن جهنم تلك بالتأكيد تنام كالملاك قريرة العين دون أن تهتم بما حدث له .
ولكنه أكتشف أنها مازالت مستيقظة عندما أقتحم غرفتها ووجدها تقف بجوار النافذة كما لو كانت تترقب وصوله ومازالت ترتدي ثوبها الأحمر ..
أتسعت عيناها فزعا وهي ترى الشر الذي يطل من عينيه فجرت بسرعة عبر الغرفة وهي تصيح به
– أخرج من غرفتي يا قليل الحياء .
ولكنه لم يبالي بسلاطة لسانها هذه المرة وقد قرر أن يعلم لسانها كيف يبتلع كلماته اللاذعة والى الأبد .
جذبها من يدها فطار جسدها النحيل واصدم بجسده الصلب وابتسم بشراسة
– ستدفعين ثمن ما فعلته بي الليلة .
طرحها على الفراش وثبت ذراعيها فوق رأسها وأسكت صرختها بعناق قاصدا معاقبتها ولكن ما لبث وأن أنتفض جسده وتعالت صرخته هو عندما نشبت أسنانها الحادة الصغيرة بشفته السفلى ووقف مبتعدا عنها يقفز من الألم وهو يسب ويلعن .. نظر الى يده ورأى الدماء عليها فنظر اليها بغضب مذهول .. كانت تجلس بركبتيها على الفراش واضعة يديها على خصرها وشعرها القصير مشعث وتنظر اليه بشراسة قطة برية
– أذهب الى الطبيب أنها تحتاج لتقطيب وسوف تحتاج بعدها الى شهر قبل أن تجرؤ على تقبيل حتى عنزة صغيرة .
****
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ملاك يغوي الشيطان)