رواية ولما قالوا دي صبية الفصل الرابع عشر 14 بقلم ميمي عوالي
رواية ولما قالوا دي صبية الجزء الرابع عشر
رواية ولما قالوا دي صبية البارت الرابع عشر
رواية ولما قالوا دي صبية الحلقة الرابعة عشر
فى احدى الليالى بمنزل رحمة ، كانت تحاول ارسال صغيرها الى النوم و هى تجلس بجواره على الفراش تمسد على رأسه بشرود ، حتى دخل عليها حسن بهدوء و قال لها بهمس : ايه يارحمة ، انتى هتفضلى قاعدة كده كتير
لتلتفت اليه رحمة قائلة : اول بس ما آدم ينام هاجى على طول
حسن و هو يشير الى صغيره الغارق فى النوم : آدم نام من بدرى و قرب يصحى ، ايه اللى واخد عقلك
لتلتفت رحمة الى صغيرها للتأكد من حديث زوجها لتجده بالفعل مستغرقا فى نومه ، لتهندم غطائه و تطمئن على شقيقته و تطفئ الانوار و تتجه الى خارج الغرفة بصحبة زوجها ، و ما ان دلفت الى غرفتها حتى قال لها حسن بحنان : مش ناوية تفوقى بقى يا رحمة
رحمة: افوق ازاى مش فاهمة
حسن بلين : يعنى يا حبيبتى تنفضى بقى الحزن ده من على اكتافك ، انا كل ما اقول انك فوقتى ، الاقيكى رجعتى من تانى لنفس الحالة ، احنا بقالنا على الموال ده خمس سنين دلوقتى
رحمة باستغراب : يااااه ، خمس سنين بحالهم
حسن : ايوة يا حبيبتى خمس سنين ، فوقى بقى يارحمة ولادك محتاجينك
رحمة : بس انا مش مقصرة مع الولاد يا حسن
حسن : حبيبتى انا عارف و متاكد كمان من الكلام ده ، انا اقصد ان آدم دلوقتى خلاص دخل المدرسة و بولان هى كمان كلها سنة و هنقدملها فى البيبى كلاس ، و انتى مجهودك هيتضاعف بزيادة ، يعنى محتاجة تكون نفسيتك تمام عشان تقدرى تواصلى
رحمة بحزن : و ايه اللى بيحصل حوالينا بس يساعد ان نفسية الواحد تبقى متظبطة
حسن : يا حبيبتى قولى الحمدلله ، احنا احسن من غيرنا بكتير
رحمة : الحمدلله ، انا بس صعبان عليا اخواتى و برغم كل شئ الا انى برضة صعبان عليا بابا و خصوصا بعد موت طنط دولت الله يرحمها ، حاساه بقى عايش فى دنيا تانية و احنا متكتفين و مش عارفين نعمل حاجة
حسن بتنهيدة : و نادر راخر اللى ساب البلد و هج و مصمم انه مايرجعش تانى
رحمة بحزن : محمل بابا كل اللى حصل لنبيل ، و اخر مرة كلمنا بعض فيها لما حاولت اقنعه يرجع حتى عشان خاطر بابا ، قال لى كلام يوجع اوى يا حسن
حسن بفضول : قال ايه
رحمة بدموع : قال لى انا اتكويت بموت نبيل و من بعده ماما اللى ماتت من حزنها ، ويمكن يكون كل اللى حصل ده عشان ربنا بيعاقب بابا على كل اللى عمله ، و كل اللى بيقرب منه بياخد نصيبه وجع و فراق
حسن باستياء : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، مين بس اللى قال الكلام ده ، هو احنا هنقعد بقى نفند و نفسر كل حاجة على كيفنا ، و بعدين مين فينا يقدر يعترض على ارادة ربنا
رحمة : حاشالله ، استغفر الله العظيم ، ربنا يعفو عنا و يعافينا يارب ، بس انا كلامه وجعنى و خلانى افتكرت كل اللى حصل معانا السنين اللى فاتت دى كلها ، افتكرت يتمنا انا و اخواتى و ابونا عايش على وش الارض ، افتكرت اول مرة شفته لما عمى صمم يعزمنا كلنا قبل مانتجوز ، افتكرت ان عمى كان شارى خاطره رغم ان عمره ما اشترى خاطر حد فينا ، افتكرت عنجهيته و قسوته ، افتكرت كسرة خاطرى و خاطر ندا فى كل كلمة كان بيقولهالنا على مصاريف جوازنا و اكنه بيمن علينا بيها ، افتكرت فرح و اصرارها انها تبعد عنه و تعاقبه بنفس اسلوبه ، افتكرت نبيل الله يرحمه و هو بيشحتهولنا انا و اخواتى و هو كان بيبصلنا بكل صلف و غرور و عنجهية و محسسنا ان مجرد كلامه معانا انه بيمن علينا .. و ان كوننا شايلين اسمه فده فى حد ذاته جميل كبير له فى رقبتنا ، و رغم كل ده .. الا انى برضة موجوعة عشانة
حسن : هنفضل نقلب فى المواجع كده كتير
رحمة : انا اسفة يا حسن ، انا عارفة انك مستحملنى بقالك فترة كبيرة و مش عاوز تزعلنى
حسن و هو يجذبها لاحضانه : حبيبتى انا مش متحملك و لا حاجة ، انا بس
متضايق عشانك ، و حاسس انى متكتف و مشلول و انا مش قادر اعمل لك حاجة
رحمة بامتنان : حبيبى كفاية انى احس انك حاسس باللى فيا ، دى لوحدها عندى حاجة كبيرة اوى
حسن : انا شايف بابا متمسك بعمى انه يفضل عنده ، لكن لو تحبى انا ممكن اقنع بابا يسيبه ييجى يقعد عندنا و لو حتى كام يوم اكنه بيغير جو
رحمة و هى تبحث فى وجه حسن عن اى معالم للمراوغة : انت بتتكلم جد يا حسن ، ممكن فعلا نستقبل بابا عندنا و هو فى الحالة دى
حسن : لو انتى عاوزة ده ، فانا ماعنديش اى مانع ، و من الصبح هكلم بابا و اقنعه كمان
رحمة بتفكير : طب اسمع ، ندا مجمعانا عندها يوم الخميس بالليل ، ايه رأيك نقول لعمو يجيب معاه بابا ، و ييجى معانا على هنا
حسن و هو يدير التفاصيل بذهنه : ماشى ، هكلم بابا و ارتب معاه
………………
فى مستشفى كامل ، كان كامل قد انهى عمله و يجلس بمكتبه فى انتظار فرح و هو يراجع بعض الاوراق الخاصة بالعمل ، حتى دلفت اليه فرح و هى تقول : انا جاهزة يا كامل ، تحب تمشى دلوقتى و اللا قدامك شوية
كامل بانتباه : انا كمان جاهز ، هوصلك و ارجع على هنا اكمل شوية اداريات كده و هرجعلك تانى فى ميعادك
فرح بتعاطف : انت عملت كذا عملية النهاردة و واقف على رجلك طول اليوم ، خليك انت مرتاح و انا هروح ، و لما اخلص هكلمك و نتقابل فى البيت او حتى عند ماما و انا بجيب الولاد
كامل و هو يلملم اوراقه و يضعها بمغلفها : لا يا ستى ماتشغليش بالك بيا ، انا هبقى متطمن اكتر اما اوصلك و ارجع اخدك و نروح نجيب الولاد سوا
فرح بقلة حيلة : على راحتك ، انا كنت عاملة على تعبك
كامل بابتسامة : لا يا ستى ماتقلقيش انا مابتعبش و انا معاكى
ليتجها معا الى السيارة و ينطلقا بطريقيهما ، حتى هبطت فرح من السيارة و هى تقول : بعد ساعة و نص بالظبط ان شاء الله هتلاقينى واقفة مستنياك
ليومئ لها كامل بابتسامة و يدير السيارة و يبتعد بها و هو يراقب فرح بمرآة السيارة و هى تدلف الى مدخل العقار الراقى و هو يتذكر ما دار بينه و بين فرح منذ ثلاث سنوات مضت
فلاش باك
كانت فرح بالمطبخ تعد طعام الغداء بمساعدة كامل كعادتهما سويا ، و اثناء حديثها مع كامل لاحظت صمته على غير العادة فقالت : مالك يا كامل ، حاساك مش على طبيعتك انت فى حاجة شغلاك او مضايقاك
كامل : ابدا , بس عندى ضرس بيوجعنى و حاسس انه مقريفنى
فرح : اكيد طبعا ، سلامتك .. طب ماخليتش دكتور صلاح يبصلك عليه ليه قبل مانروح
كامل : بصلى عليه و عمللى اشعة ، و ادانى مضاد حيوى عشان اللثة ملتهبة ، و قاللى خد مسكن و مستنى اتغدا عشان اقدر اخد
فرح : طب ياللا خلاص الاكل جهز ، كل و خد المسكن ، بس هتاخد ايه
كامل : هبقى اخد قرص من عندك
فرح : ماشى ، وطبعا ماجيبتش عشان عارف ان شنطتى دايما لا تخلو من المسكن
بعد الغداء ، اتجهت فرح الى تنظيف المائدة و الاوانى و هى تقول : روح انت اغسل ايدك على ما انضف الدنيا واعمللك حاجة تشربها مع المسكن
ليتجه كامل الى حجرتهم بعد ان غسل يديه و هو يقول بالم : انا هاخد قرص مسكن من شنطتك يا فرح ، و لكن فرح لم تستمع اليه نتيجة صوت المياة ، ليتجه كامل الى حقيبة يدها و يقوم بفتحها ، و عند النظر بداخلها وجد اكثر من شريط بحتوى على اقراص دوائية ، و عندما جذبهم لينتقى الاقوى وجد من بين الشرائط نوعا لا ينتمى للمسكنات ، بل هو مانع للحمل ، ليسقط فى يده ، فهو يتذكر مصارحة فرح له ليلة زفافهم انها لا تريد الانجاب و لكنه بعد حديثهما معا و اقناعه لها بان ترتاد احدى عيادات الطب النفسى للتخلص من مخاوفها ، اعتقد انها قد تخلصت من بعض تلك الوساوس .. خاصة بعد تقبلها الجزئى للتعامل مع منصور ، و برغم انه لم يكن تعاملا كابنة و ابيها الا ان الجمبع قد اعتبر ذلك تطورا عظيما
ظل كامل ينظر الى الشريط الدوائى بيده و هو غارق فى تفكيره و التساؤلات تكاد تفتك برأسه ، الا انه عندما سمع صوت خطواتها تقترب منه ، اعاد شرائط العقارات سريعا الى حقيبتها ، و اعاد الحقيبة مكانها ، و عندما دخلت عليه فرح و بيدها كوبا من الماء ، فوجدته واقفا جامدا مكانه فقالت : ايه يا كامل .. اجيبلك بقى المسكن
ليتجه الى الفراش و يجلس عليه بهدوء قائلا : ااه ياريت
لتناوله فرح المسكن و الماء ، ليتناوله ثم قال : شكرا يا فرح ، انا كنت عاوز اسألك ، انتى عاملة ايه مع دكتورة ايمان
فرح بتركيز : دكتورة ايمان مين
كامل : الدكتورة النفسية بتاعتك
فرح : اااه ، عادى
كامل : يعنى ايه عادى ، حاسة انك بتتقدمى معاها و اللا لسه خايفة
لتنظر فرح لكامل وكأنها تستشف ما يدور برأسه ثم تقول : انا طبعا حاسة ان فى فرق .. بس لسه
كامل : لسه ايه بالظبط
فرح بلجلجة : لسه يا كامل ، لسه مش حاسة انى رجعت لروحى
كامل بتنهيدة تحمل الالم : كنت عاوز اسألك سؤال مهم
فرح : اسأل
كامل : يا ترى مشاعرك ناحيتى ما اتحركتش
فرح بخجل : تقصد ايه
كامل و هو يجذبها لتجلس بجواره : اقصد اننا متجوزين دلوقتى بقالنا سنتين و بقى فى بيننا عشرة و ود و رحمة ، هل العشرة دى ما حركتش مشاعرك من ناحيتى ، هل احساسك بكامل النهاردة هو نفس احساسك بكامل يوم ما اتجوزنا
فرح و هى تنظر ارضا : لا طبعا ، اكيد فى فرق
كامل : و يا ترى بقى ايه الفرق
فرح : يعنى يا كامل ، العشرة اكيد غيرت حاجات كتير بس انا مش هعرف اشرح لك بالظبط
ليمد كامل انامله الى ذقنها و هو يرفع وجهها لتتلاقى اعينهم ليقول بفضول يتملكه الامل : حبيتينى يا فرح
فرح و هى تحاول ان تهرب بعينيها لتستطيع السيطرة على خجلها : انت ايه اللى حصل لك النهاردة ، هو كل اللى اسنانه بتوجعه بيبقى كده
كامل باصرار : حبيتينى يا فرح و اللا لسه ماعندكيش ثقة فيا
فرح باستغراب : انا بثق فيك يا كامل ، انت ليه بتقول كده
كامل و هو يتجول بين عينيها : لو كنتى بتثقى فيا .. ماكنتيش صممتى تنفذى اللى فى دماغك من غير ماتصارحينى
فرح بدهشة : اصارحك بايه ، انا مش فاهمة حاجة
كامل و هو يشير بعينيه الى حقيبتها : طلعى شرايط الادوية من شنطتك
ليسقط بيد فرح ، فقد تيقنت على الفور ماهية ما يتحدث عنه كامل ، لتنظر الى حقيبتها ببهوت ثم تنظر لكامل بتردد و تقول : ماقدرتش .. سامحنى
كامل و قد بدأت تتغير نبرة صوته لتنم عن الالم : ببساطة كده ، اسامحك بالبساطة دى و انتى بتضحكى عليا و بتغشينى يافرح
فرح بصدمة : انا بغشك يا كامل
كامل بغضب لم تراه منه فرح من قبل : اومال انتى مفكرة اللى عملتيه ده ايه ، لما تعملى حاجة زى كده من ورايا يبقى اسمه ايه ، من يوم ما اتجوزنا و انا مفهمك انى اكتر حاجة بحبها الصراحة و الصدق ، ليه تكدبى عليا
فرح و الدموع تهدد عينيها بالانحدار : انا ماكذبتش عليك
كامل بحزم : خبيتى عليا حاجة عملتيها ، كنا اتفقنا عليها انها ماتتعملش يا فرح
فرح بنشيج : ماقدرتش
كامل باستنكار : ماقدرتيش على ايه بالظبط ، ماقدرتيش تثقى فيا ؟
فرح برفض : انا بثق فيك ، و بحبك
كامل بغضب : مش حقيقى ، رفضك الخلفة من البداية كان عدم ثقة فى الرجالة اللى انا منهم من وجهة نظرك ، و لو كنتى حبيتينى زى ما بتقولى كنتى على الاقل وثقتى فيا ، و ماكنتيش تخدعينى
فرح برفض و سط بكاء شديد : مش حقيقى .. خوف مش عدم ثقة ، خوف منى مش منك ، خوف يطلعوا مشوهين من جوة زيى ، خوف انك تزهق من الهوة اللى جوايا و تبعد عنى و يبقى مصيرهم نفس مصيرى ، خوف من انى ما اقدرش اخليهم يحبوا الدنيا و الناس زى البشر الطبيعيين ، خوف من انى ابقى ام فاشلة ماتقدرش تحسس ولادها بالحنان و الحب الل اتحرمت منهم طول عمرى لان فاقد الشئ لا يعطيه يا كامل ، تقدر تقوللى امتى حسيت بحبى ليك رغم انك بقيت النفس اللى بتنفسه ، طبعا ماحصلتش .. تعرف ليه ، لانى اتصبيت فى قالب جامد من سنين و فضلت فيه طول عمرى لحد ماضاق عليا و خنقنى و مش عارفة حتى اخرج منه ، اوقات كتير و احنا قاعدين نتفرج على فيلم و اللا مسلسل و ييجى مشهد رومانسى ، ببقى نفسى ابصلك و اصرحلك بحبى اللى عمرى مافكرت انه يحصل فى يوم من الايام ، لكن ماكنتش بقدر ، لسانى كان بيتربط ، فى عز الاوقات اللى كنت بتصارحنى فيهم بحبك كنت ببقى نفسى حتى اقدر اقول لك و انا كمان ، بس ماكنتش بعرف ، كنت بحس بقمة الفشل و انا فى حضنك ، مش عاوزة اجيب ولاد يورثوا الفشل منى يا كامل
كانت فرح تتحدث من وسط نشيجها المتواصل و الحار فى نفس الوقت ، و كان كامل يراقب انفعالها و هو جامد مكانه للمرة الاولى دون محاولة تهدئتها و عندما انتهت من حديثها نظر لها نظرة ملؤها العتاب و الالم و اتجه الى خارج الغرفة لتنهض فرح بفزع و تتشبث به قائلة : لا يا كامل ارجوك ، اوعى تسيبنى و انت زعلان منى .. مش هقدر
كامل بمرارة : رغم انك قدرتى تخدعينى
لتتشبث به بقوة اكبر و هى تقول : انا عارفة انى غلطت و غلطة كبيرة اوى كمان ، لكن ارجوك سميها اى حاجة تانية الا الخداع يا كامل ارجوك
كامل : اى تسمية تانية هتأدى لنفس المعنى و نفس النتيجة يا فرح
فرح برعب : نتيجة ايه يا كامل ، هتسيبنى … هتسيبنى يا كامل ، مع اول مشكلة هتتخلى عنى يا كامل
كامل : انتى شايفة ان دى مشكلة
فرح بانهاك من اثر البكاء : غلطة يا كامل ، غلطت ، ماعنديش ثقة فى نفسى ، اقف جنبى زى عادتك و ساعدنى انى ارجع ثقتى فى نفسى ، لا .. غلط .. انا عمرى ماكان عندى ثقة فى نفسى .. يبقى تساعدنى ان يبقى عندى الثقة دى
كامل بالم : سيبينى شوية يا فرح .. محتاج اقعد مع نفسى شوية
فرح و هى تمسد جبهتها باضطراب و عدم تركيز و هى تنظر تارة لكامل و تارة الى اللاشئ : طيب انااااا … انااا هحاول انااام ، انااا حاسة انى تعبانة اوى و مش قادرة افتح عينى ، و استدارت لتذهب الى الفراش و لكنها سقطت ارضا قبل ان تكمل اولى خطواتها ، ليسرع كامل اليها ليجدها عبارة عن كتلة من اللحم البارد و الشحوب ، ليحملها الى الفراش ثم بدأت محاولاته لاعادتها الى الوعى والتى بالكاد استجابت لها بعد أن كاد كامل ان يحملها الى المشفى
و ما ان بدأت تستعيد الوعى و تتذكر ما حدث و هى تراقب اللهفة والقلق فى عينا كامل حتى قالت بخفوت : و الله بحبك و بثق فيك ، بس مابثقش فى روحى يا كامل
ليلتقط كامل انفاسه و كأنه قد نسى التنفس من فرط قلقه عليها ، و مد يده ليحتضن رأسها بين جنبات صدره قائلا : ماشى يا فرح هصدقك ، لانى بحبك و لانى عاوز اصدق ان انتى كمان بتحبينى
فرح بأمل : ااه و الله يا كامل بحبك ، بس اصبر عليا شوية عشان خاطرى ، اوعدك انى هبذل مجهود اكبر عشان اعمل لك كل اللى انت بتتمناه
ليشير كامل الى حقيبة يدها قائلا : اول حاجة تتوقفى تماما عن الاقراص دى ، و هنركز اكتر مع جلسات الدكتورة ايمان ، مش عاوزين نضيع ولا معاد ، و لو عاوزانى احضر معاكى الجلسات انا ماعنديش مانع
فرح و هى تنظر لعينيه و كانها تبحث عن صدق حديثه : بجد يا كامل ، لو انا احتاجتك جنبى هتيجى معايا
كامل بتنهيدة : و من امتى وعدت و اخلفت يا فرح ، و من امتى احتاجتينى جنبك و اتخليت عنك
لتندس فرح بين احضانه قائلة بخفوت : عمرك ….. ، سامحتنى
كامل : لا
لتتجمد للحظة قبل ان ترفع رأسها اليه و بعينيها حيرة و تساؤل ليقول لها كامل : انا صدقتك يا فرح ، لكن لسه ماسامحتكيش على تصرفك اللى اتصرفتيه من ورايا ، و هحتاج وقت عشان انسى اللى حصل
فرح بدموع : و الوقت ده هيبقى اد ايه
كامل و هو يقبل رأسها : انتى و شطارتك ، كل ما هشوف اصرارك على انك تلتزمى و تتقدمى ، هتلاقينى انا كمان بنسى و بسامح
فرح : اوعدك انى هبذل اقصى مجهودى
و لم تمضى سوى شهور قلائل ، لتزف اليه خبر حملها ليرزقهم الله بتوأم … ابراهيم و نور ، و من وقتها و هى تواظب على جلسات العلاج النفسى مع طبيبتها المختصة وسط تقدم ملحوظ فى تعاملاتها مع الاخرين و خاصة منصور و لكن كامل لم يسمح لها بالتوقف عن تلك الجلسات حتى تعلن الطبيبة بان فرح قد تخلصت تماما من عقدتها
عودة من الفلاش باك
ليلة الخميس بمنزل ندا
كان الجميع يتبادلون الاحاديث التى يغلفها الود المتبادل ، و كانت فرح بصحبة شقيقتيها و هم يعدون بعض المشروبات للجميع ، ليأتيهم كامل و هو يحمل ابراهيم الصغير بين احضانه و هو يحاول الهائه عن البكاء و قال لفرح : خدى ابراهيم يا فرح و شوفى ماله مش مبطل عياط
لتمتد يدا فرح لصغيرها الذى تشبث بها على الفور لتقول بحب : مالك يا هيما ، ايه ياحبيبى ، ليهدأ بكاء الصغير بعض الشئ و هو بين أحضان امه لتقول ندا : هو تلاقيه بس مخضوض من الدوشة ، دخلوه يقعد مع ولاد خالاتهم و هو هينشغل بيهم و هينسى اى حاجة تانية
كامل : الولاد قاعدين برة مع جدودهم ، مش فى اوضة ريتاچ ، و محمود و احمد نزلوا
رحمة : يبقى عشان كده ، خلاص قعدوه هو كمان وسطهم ، الولاد الصغيرين فى السن ده بيحبوا يبقوا بين الاطفال
ندا : خلاص روحى انتى يا فرح بابنك و اقعدى معاهم برة عشان يتطمن
لتأخذ فرح صغيرها و تذهب للجلوس بالقرب من امها التى كانت تحمل نور على اقدامها ، و عمها اللذان يتبادلان الاحاديث مع عادل و يراقبهم منصور بحالة من الشرود ، و ما ان جلست فرح حتى مد ابراهيم الصغير يده باتجاه ريتاچ و آدم ، و بولان الجالسة على قدم ابراهيم الكبير ، ليقول كامل : الظاهر رحمة كان عندها حق ، هو عاوز يقعد بين الولاد ، هاتيه لما اقعده وسطهم
ليأخذه كامل الى ابيه ليضعه على قدمه الاخرى و هو يقول بمرح : معلش بقى يا بابا ، ابراهيم الصغير طمعان فى رجلك الفاضية
ليضم الجد حفيده بحب قائلا : يا سيدى يشرف
و ما ان احتضن الجد الصغير حتى تفاجئ الجميع بنور الصغيرة و هى تشير بيدها على تجمع الصغار و كإنها تريد الانضمام اليهم لتقول فاطمة بضحك : هتروحى فين بقى يا نور ، الاماكن كلها اتاخدت
ليتفاجئوا مرة اخرى بمنصور و هو يمد يده اتجاه نور ، و كأنه يدعوها للذهاب اليه ، فينظر الجميع تجاه فرح و كامل الذى نظر بدوره لفرح ليعلم رد فعلها ، ليجدها قد ذهبت باتجاه فاطمة و انحنت حاملة الصغيرة ، ثم استدارت عائدة الى شقيقتيها مرة اخرى و هى تقول : انا هاخدها معايا جوة عشان ما تعيطش زى اخوها
و عندما عاد كامل ببصره الى منصور وجده منكسأ رأسه ينظر للارض دون اى حركة او حديث تحت نظرات ابراهيم المتألمة لاجله
و عند خروج رحمة و ندا و فرح اليهم مرة اخرى تظل فرح متشبثة بنور و لا تسمح لها بالابتعاد عنها حتى انتهت سهرتهم و قد اقنعت رحمة عمها لان تصطحب معها منصور لبضعة ايام كنوع من التغيير ، و عندما سأل ابراهيم اخيه عن رأيه وجده يومئ رأسه بالموافقة بقلة حيلة و عدم حماس ، فكاد ان يثنى رحمة عن طلبها و لكنه وجدها اقتربت من ابيها و قبلت رأسه و هى تقول بحماس : و الله هتنبسط اوى يا بابا ، و يمكن ماترجعش تقعد مع عمى تانى
ابراهيم بمرح : بقى دى اخرتها يا ست رحمة ، عاوزة تاخدى اخويا منى
حسن : طب و ناخده منك ليه با بابا ، ماتيجى حضرتك تقعد معانا و معاه
رحمة بحماس : ااه و الله يا عمى ، تعالى و اهو انت كمان تغير جو
ابراهيم برفض : لا يا ستى ، انا مابعرفش انام غير على سريرى
حسين : طب ماتجرب السرير عندى يابابا
حسن بامتعاض : احنا هنقطع على بعض يا سى حسين و إللا ايه
ندا : مش قسمة العدل ، رحمة تاخد بابا ، و احنا ناخد عمى
لينهض كامل قائلا : و انا هاخد مراتى و عيالى و اروح
فاطمة بضحك : ايه مش عاوز ينوبك من الحب جانب انت كمان
كامل ببساطة : انا عاوزهم يتفقوا و ينفذوا ، و لو نجحوا فى اللى بيقولوه ده .. يبقى كل واحد ياخد دوره بالعدل
لتنتهى سهرتهم و يذهب منصور بصحبة رحمة و حسن ، و يصر ابراهيم على العودة لمنزله بعد ان يوصل منصور الى منزل حسن و رحمه و يطمئن عليه بنفسه ، و يعود كامل الى منزله بصحبة فرح و ابنائه ، و بعد ان ارسلت فرح الصغار الى النوم و ذهبت الى فراشها وجدت كامل يقول بهدوء : ممكن اسالك على حاجة
فرح و هى تهرب بعينيها : حاجة مهمة يعنى ماينفعش تتأجل للصبح
كامل : لا يا فرح ماينفعش تتأجل
فرح بامتعاض حاولت مداراته : اسأل يا كامل رغم انى تقريبا عارفة انت عاوز تسالنى على ايه
كامل : خلاص .. يبقى تجاوبى على طول ، و لازم تفهمى انى و لا معاكى و لا ضدك ، بس عاوز افهم
فرح و هى تزدرد لعابها و دون النظر لكامل : مش عارفة
كامل بفضول : هو ايه ده اللى مش عارفاه
فرح : مش عارفة انا ليه عملت كده ، انا لما لقيته مد ايده لنور و هو بيبصلها و اكنه بيبتسم لها حسيت انه مش من حقه
كامل باستنكار : مش من حقه ايه ، دى حفيدته
فرح بشبه ثورة مدفونة : و انا امها و اللى المفروض بنته ، بنته اللى عمره ما اخدها فى حضنه و اتسبب فى حرمانها من حضن امها ، وبعدين ده حتى عمره ما سلم عليا بالايد
كامل : بس دايما احنا اللى بندخل عليه و انتى اللى مابتسلميش عليه يافرح
فرح باستنكار : انت عاوزنى انا اللى اسلم عليه
كامل : يعنى لو هو اللى سلم عليكى هتسلمى
فرح بجفاء : لا
كامل بتنهيدة : احنا مش كنا اتخطينا شوية من الجزئية دى و ابتديتى تتعاملى عادى ، رغم انك لحد النهاردة مابتقوليلهوش غير يا حاج و عمرك ماقلتيله يا بابا ، بس اعتقدت انك اتخطيتى جزء من المشكلة ، يافرح انتى عارفة موقفى من الموضوع ده ، بس كمان ، انسانيا حتى ، عمى شبه منتهى ، الذبحة اتكررت اكتر من مرة ، و شبه مابيتكلمش اللا كل فين و فين و حتى حركته بقت قليلة اوى ، يعنى لو عايش النهاردة يا عالم بكرة هيبقى فين ، انا بس خايف عليكى لا تأنبى روحك بعد كده
لتنحدر دموع فرح على وجنتبها ، ليقول كامل بامتعاض : انا مش بقوللك كده عشان تعيطى ، انا بقوللك كده لانى عاوزك تتخطى بقى كل ده
فرح : دكتورة ايمان قالتلى ماتعمليش اى حاجة غصب عنك
كامل : و انا كمان بقول لك نفس الكلام ، بس عاوزك تصفى يا فرح ، انا حاسس انك حتى مش قادرة تفرحى بحاجة ، كل حاجة بتاخديها بمنظور الماضى و لو كان منصور عمل او ما عملش ، شيليه بقى من خطوات حياتك اللى فاتت و حاولى تصفى من جواكى اكتر من كده ، بلاش تتعاملى معاه على انه منصور اللى رفضك ، اتعاملى معاه على انه منصور الانسان المريض اللى محتاج المساعدة
فرح و هى تومئ برأسها : حاضر يا كامل ، اوعدك انى هحاول
كامل و هويضمها اليه مقبلا مفرق رأسها : هى دى حبيبتى أللى دايما بفتخر بيها و اللى عاوزها تبقى احسن و احن ست فى الدنيا كلها
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ولما قالوا دي صبية)