روايات

رواية وهام بها عشقا الفصل التاسع 9 بقلم رانيا الخولي

رواية وهام بها عشقا الفصل التاسع 9 بقلم رانيا الخولي

رواية وهام بها عشقا الجزء التاسع

رواية وهام بها عشقا البارت التاسع

رواية وهام بها عشقا الحلقة التاسعة

رانيا الخولي
الفصل التاسع
❈-❈-❈
انتفض جاسر من غفوته على صوت الجميع حينما خرج الطبيب من غرفة جده
يتلفت حوله يحاول استيعاب ما حدث
انتبه على صوت والده ومصطفى وهم يسألون الطبيب عن صحته
مما جعله يضع يده على قلبه ويزدرد ريقه بصعوبة حتى أجابهم الطبيب
_ اطمنوا الحمد لله مرت مرحلة الخطر و الجلطة عدت على خير بس للأسف تركت اثر….
لم يستمع جاسر لشئٍ أخر واغمض عينيه براحة وهو يحمد ربه انه مازال على قيد الحياة
لا يهم اي شئٍ بعدها
دنى منه جاسر وقال برجاء
_ ارجوك انا عايز أشوفه
تردد الطبيب لكن جاسر أعاد رجاءه
_ أرجوك دقيقة واحدة بس
اومأ له الطبيب وقال بهدوء
_ تمام بس متحاولش تجهده بالكلام
هز راسه بالموافقة وسمح له الطبيب بالولوج ليدلف وعينيه تجوب ملامح جده الذي استلقى على السرير تحيطه الأجهزة من كل جانب، لا يهم حتى ولو ظل باقي عمره على تلك الحالة المهم ان يظل يتنفس بينهم
ابتسم رغم الدموع التي سقطت على وجنته ودنى منه ليميل عليه يقبل يده ورأسه وقال من بين دموعه
_ حمد لله على سلامتك يا أغلى الناس
ضغط عمران على يد حفيده وتحدث بوهن
_ يظهر إن لسه في العمر بقية
اغمض جاسر عينيه يحاول بصعوبة التحكم في عبراته وغمغم برجاء
_ بعد الشر عليك ياجدي، انا اكتشفت إننا ملناش لازمة من غيرك، اتمسك بالحياة عشانا وعشاني أنا بالذات، ارجوك ياجدي
تنفس عمران بعمق كي يداري حزنه
_ بس اني معدش ليا لازمة، ولا هقدر امشي على رچلي مرة تانية
_ هكون اني رچلك اللي بتمشي بيها هكون سندك وضهرك وكل حاچة، مش هفارقك لحظة واحدة بس خليك معانا وأوعاك تستسلم وتهملنا
أرمي كل حمولك عليا وأني بعون الله هكون قدها.
مال على يده يقبلها مطولًا وكأنه يتأكد بأن ما رآه حقًا كابوس مزعج وقد استيقظ منه.
ربت عمران على يده بوهن ليدلف الطبيب ويطلب منه الخروج
بصعوبة بالغة نهض من جواره وهو يقول بصوت يحمل رجاء الدنيا
_ قوم بسرعة ياحاچ عمران البيت ملوش حس من غيرك
ابتسم عمران رغم آلامه ومحى جاسر عبراته وخرج من الغرفة فأسرع الجميع إليه يسأله بقلق فابتسم لهم بحبور
_ اطمنوا چدي زين وبيقولكم متقلقوش
تنفس الجميع براحة إلا من مصطفى الذي أنزوى بعيدًا عنهم وكأنه يحمل نفسه ذنب ما حدث.
لأول مرة يشعر بأنه غريب معهم، ولم يعد له مكان بينهم.
أبيه..
ذلك المتحجر الذي قضى على ما تبقى بداخلهم من عطف ناحيته.
كيف استطاع فعل ذلك بالرجل الذي لم يبخل عليه يومًا رغم آثامه.
رن هاتفه ليدق قلبه لوعة لرؤيتها والاختباء داخل أحضانها
أجابها بألم
_ حلم.
ارتعبت عندما سمعت صوته الذي يحاكي الموتى وسألته بقلق
_ مصطفى انت كويس؟
مسح على وجهه وغمغم بألم
_ مش كويس لدرجة إني حاسس بروحي بتتسحب مني.
ازداد قلقها عليه وتلاعب الشك بداخلها بأن يكون مهران علم بعودتها لتشعر بالفزع ينتابها
_ انت فين؟
_ بابا دمر نفسه ودمر كل شئ ودمرني انا وأختي معاه.
لم تفهم شئ من حديثه ولم تستطع البقاء فتقول بإصرار
_ انا مسافة الطريق وهكون عندك.
اغمض عينيه يحاول ضبط النفس وتحدث برفض
_ لأ خليكي بلاش نجازف.
_ بس انا قلقانه اوي عليك.
_ متقلقيش هكون كويس وأول ما اوصل البيت هكلمك.
اغلق الهاتف وظل بعيدًا عن الجميع لا يريد النظر داخل اعينهم كي لا يزداد شعوره بالخزي أكثر من ذلك.
…..
عاد جمال بعد أن انهى إجراءات المشفى ليجده يقف بعيدًا مسندًا كتفه على الجدار ملتزمًا الصمت
تقدم منه ليقول برزانة
_ واقف بعيد ليه؟
تهرب مصطفى بعينيه ورد بانكسار
_ مش بعيد ولا حاجة بس أنا قلقان على جدي.
شعور الانكسار في عين ابن أخيه جعله يستاء اكثر من افعاله
_ تقلق معانا مش بعيد عننا.
_ لأول مرة بحس اني مليش مكان وسطيكم.
علم جمال ما يدور بخلده فربت على كتفه وهو يقول بصوت حازم
_ شيل الأوهام دي من دماغك، محدش بيتاخذ بذنب حد، إن كان أبوك غلط فدي حاچة بينه وبين أبوه مليكش صالح بيها.
اخفض عينيه بخزي
_ بس المرة دي غير، المرة دي كانت اصعب بكتير.
تنهد جمال بتعب وتحدث بقوة
_ شوف يامصطفى خرج نفسك برة الحوارات دي تمامًا انت وسارة برة الموضوع ودي حاجة بيني وبين ابوك وجدك محدش بينكم يتدخل، بالنسبة لمنصور حسابة جاي متقلقش
اهم حاجة أننا والحمد لله اننا اطمنا عليه، وأي حاجة بعد كدة مقدور عليها.
❈-❈-❈
في منزل خليل.
دلفت الغرفة بعد أن أمرها بالولوج داخلها وتركها ليظل مع الرجال حتى ينصرفوا
ظلت تنظر إلى الغرفة وعينيها تجوب المكان بحزن
تتساءل هل تستطيع تحمل ذلك المصير؟
حبيبها الذي لم تعشق ولن تعشق غيره يعيش معها تحت سقفٍ واحد لكن تفصلهم هوةٍ لن يستطيع أحدًا تخطيها
وكأنه كتب عليهم وعليهم الرضوخ
طرق الباب ودلفت منه امرأة تشبه كثيرًا شمس أخته فعلمت أنها والدة سليم
تقدمت منها بابتسامها وهي تقول بترحيب
_ ازيك يامرح
لم تستطيع مرح أن تبادلها الابتسام وقالت بهدوء
_ الحمد لله
_ شمس كلمتني عنك كتير وكان نفسي اشوفك
ابتسمت بصعوبة ثم اخفضت عينيها بحزن مما جعل آمال تشعر بالحزن عليها وقالت بتعاطف
_ معلش يابنتي هو نصيبكم كدة من الدنيا
للأسف سليم مكنش هيقدر يقف قصاد عمه ولا يصغره قدام الناس.
اخفضت مرح عينيها بصمت فتشعر آمال بالحزن عليها وتحدثت بتعاطف
_ صدقيني يابنتي الكل اصلًا اتفاجئ بطلبه بعد ما العيلة اتفقت إنهم هيطلبوكي لسليم
وخصوصًا إن عمه متكلمش في الموضوع ده نهائي.
تنهدت مرح بقهر وتمتمت بخفوت
_ اللي حصل حصل وخلاص، ومعدش ه لازمة الكلام، ده نصيبي من الدنيا ولازم ارضى به
_ سيبي حمولك على ربنا وهو قادر انه يعوضك عن اللي شوفتيه، وبعدين خليل بيبان قاسي بس من جواه حد.كويس
اندهشت مرح من البساطة التي تتحدث بها وسألتها بريبة
_ بس مش غريبة تعاطفك معايا وانا ابقى ضرتك؟
ابتسمت آمال وتحدثت برصانة
_ انا ضرتك بالاسم بس مش اكتر، أنا اللي بيني وبين خليل ورقة عشان اقدر اعيش في نفس البيت واربي ولادي بعد موت أبوهم
لأن انا من القاهرة واتعرفت على نعمان في فرح واحدة صاحبتي واتجوزنا
بس الموت اخده مني من عشر سنين
حمايا الله يرحمه اصر إني اتجوز خليل عشان مينفعش أعيش انا وسلفي في نفس البيت وخصوصاً أن مراته ماتت مع نعمان في الحادثة زي ما انتي عارفة
وافقت غصب عني عشان ولادي بس كان شرطي انه يكون جواز صوري على الورق بس وعايشة عمري الباقي على ذكراه
ربتت على كتفها واردفت
_ انا هسيبك دلوقت عشان ترتاحي ويبقى لينا كلام تاني.
خرجت آمال من الغرفة لتصادف خليل يصعد الدرج
تقدمت منه لتقوم باقتضاب
_ مبروك ياخليل
وقف خليل أمامها وهو يتطلع نحو الغرفة ثم ينظر إليها
_ الله يبارك فيكي
تركها ودلف الغرفة لتهز آمال رأسها بأسف على تلك الفتاة وعادت لغرفتها
أغلق خليل الباب ثم تطلع إليها ليجدها واقفة بجوار النافذة تنظر إليه بريبة
ازدردت لعابها بخوف وازداد رعبها عندما وجدته يدنوا منها وخاصةً عندما وجدته يلقي العصاه على الفراش مع شاله وقال بحدة آمرة
_ انتي هتفضلي واقفة إكدة امشي غيري خلجاتك دي.
انقبض قلبها خوفًا وقد تلاعبت بها الظنون مما جعلها تهز رأسها برفض
_ لا مستحيل.
عقد حاجبيه مندهشًا وسألها بحدة وهو يدنوا منها اكثر
_ هو ايه ده اللي مستحيل؟! انتي مش واخدة بالك أن النهاردة دخلتك؟
لم تزيدها كلماته سوى رعب وفزع مما ينتوى ذلك الرجل فعله فغمغمت برفض
_ متقربش مني، انا مستحيل اسمح بده
ضيق خليل عينيه متسائلًا
_ ايه السبب؟ تكنيش معيوبة واضحك عليا؟
تحول الخوف إلى غضب من ذلك الاتهام وصاحت به
_ اخرس اني مسمحلكش تغلط في شرفي
اغضبته طريقتها في الحديث معه مما جعله يتقدم منها وجذبها من ذراعها ليهزها بعنف هادرًا بها
_ اوعى تنسي حالك يابنت النعمانية انتي چاية اهنه تخليص حق يعني صوتك ميعلاش وإن اتكررت تاني ادفنك مطرحك وملكيش عليا دية
دفعها حتى سقطت على الفراش وجلس هو على المقعد قائلًا بحزم
_ تعالي خلعيني الچزمة دي
نظرت إليه ببغض وقالت باحتدام وهي تنهض
_ مستحيل اسمحلك تكسرني مهما عملت فيا
اشتد غضبه واصبح لعينه كل شئٍ أسود وهدر بسخط
_ يبقى انتي اللي چنيتي على نفسك يابنت النعمانية
صفعة اثر أخرى جعلها تصرخ بألم تلاها ذلك الحزام التي لا تعرف من أين آتى به
كانت تتلقى ضرباته العنيفة بصرخات وصلت إلى ذلك الذي كان جالسًا يستمع إليها ظنًا منه بأنها صرخات من حدته معها
لم يتخيل بأنها تتحمل تلك الضربات كي تحافظ على نفسها له
إذا كانت تلك الطريقة الوحيدة للخلاص منه فـ ستتحمل مهما كانت النتيجة
القى خليل الحزام بجوارها وقال بسخط
_ يظهر إن كامل معرفش يربي وأني اللي هربيكي لحد ما تبوسي رجلي عشان أرحمك
دلف المرحاض وأخذت هي تبكي بحرقه وقد انزوت بجوار الجدار تبكي بألم وسخطها عليه يزداد
ظلت على تلك الحالة حتى خرج من المرجاض وهو ينظر إليها بحنق
ثم دنى من الفراش وأمسك الوسادة ليلقيها على الأرضية وهو يأمرها
_ نامي على الأرض اهنه السرير ده متقربيش منه نهائي
تركها واستلقى هو على الفراش
لتزداد عبراتها انهمارًا وهي تنظر إلى الوسادة
كيف تتحمل النوم على الارضية الصلبة تلك وفي ذلك الوقت من العام
إذا كانت هذة طريقته في كسرها فعليها التحمل
كما ان الغرفة دافئة
جلست واسندت ظهرها على الجدار وعادت تبكي
تبكي على كل شئ ضاع منها
❈-❈-❈
تقدم مصطفى من جاسر الذي لم يذق الراحة منذ ما حدث وأمجد الذي ما أن وصله الخبر حتى اسرع بالمجئ إليهم
تقدم من جاسر وقال بهدوء
_ جاسر روح انت وانا هفضل معاه الليلادي
هز جاسر رأسه وتحدث باقتضاب
_ مستحيل أسيبه
نظر مصطفى إلى أمجد الذي كان يتحدث مع جمال وعاد يقول
_ بس انا معاه ومش هسيبه، وبعدين امجد هنا من الصبح وانت عارف أنه بيتخنق من جو المستشفيات خده معاك خليه يرتاح هو وعمي الليلة دي والصبح يبقى تعالوا
هم جاسر بالاعتراض لكن مصطفى منعه بحزم
_ على الاقل غير الهدوم دي وخد شاور ويبقى تعالى
بعد إصرار من مصطفى ذهب الجميع إلى المنزل وفور وصولهم قال أمجد
_ أنا هروح البيت والصبح إن شاء الله ….
قاطعه جمال بدهشة
_ بيت ايه اللي هتروحه وانا بيتي موجود
تعالى الله يرضى عليك
دلف أمجد فالوقت حقًا لا يسمح بجدال
وعند دخولهم وجدوا الجميع جالسين في وجوم تام القى جاسر السلام
_ السلام عليكم
رد الجميع السلام لتتفاجئ ليلى بأمجد معهم
سألته جليلة بقلق
_ جدك عامل ايه دلوقت ياولدي
تنهد جاسر بتعب وتمتم بهدوء
_ زين الحمد لله متقلقيش
_ ولما هو زين مش عايزيني اروحله ليه، وضغط إيه اللي يتحجز عشانه الفترة دي كلها
دلف جمال ليستمع إليها فدنى منها ليقبل رأسها ثم تحدث برصانة
_ صدقيني ياست الكل هو بخير بس الدكتور مانع عنه الزيارة عشان الضغط على شوية وبكرة بالكتير هيكون معانا
لم تقتنع جليلة بحديثهم وتحدثت بإصرار
_ مش هصدق إلا لما أشوفه بنفسي
جلس جمال بجوارها وقال بثبات
_ إن مطلعش بكرة هخليكي تروحي معانا وتشوفيه
نظر إلى ليلى وقال برزانه
_ ليلى خدي چوزك وخليه يرتاح في اوضتك
رفض أمجد بهدوء
_ لأ معلش ياعمي انا هبات في المضيفة
حاول جمال الاعتراض لكن امجد تحدث بإصرار
_ معلش سيبني براحتي
أومأ جمال باستسلام ثم ذهب أمجد لتلاحقه ليلى على مضد
نظر جمال إلى وسيلة وسألها
_ اومال فين معتز
نظرت وسيلة إلى جليلة كي تخبره ألا يتحدث أمامها
فأومأ إليها ثم نهض قائلاً
_ طيب انا هطلع أرتاح شوية ولما يرچع خليه يصحيني.
أومأت له وسيلة ثم ذهبت خلفه
فجلس جاسر بجوار جليلة متجهاهلًا سارة التي كانت تنظر إليه بلهفة، فقد اشتاقته حد الجنون
قبل يدها بحب قائلاً
_ متقلقيش إن شاء الله هيبقى زين ادعيله انتي بس
غمغمت جليلة بقلق
_ دعياله ياولدي في كل ثانية بتمر بعمري.
ربت على يدها التي يحتويها بين يديه ثم تحدث بتمالك
_ اني هقوم اتحمم وارچع تاني
رفضت جليلة بإصرار
_ لا ياولدي هخليك ريح جسمك شوية الليلة دي والصبح يبقى روح
لم يعد لديه قدرة على الجدال فأومأ لها بصمت ثم نظر إلى ابنته التي ما إن نظر إليها حتى تبسمت بسعادة رفعت عن كاهلة مشقة تلك الأيام
مدت إليه يديها الصغيرتين ليحملها بحب ويقبل وجنتها باشتياق لتعبر عن فرحتها بيديها التي اخذت تهزهم بسعادة ثم صعد بها إلى غرفتهم دون التحدث إلى زوجته
أخذت تنظر إليه وهو يصعد الدرج دون ان يتفوه بكلمة معها
لما؟ هل سيعود لنهجه القديم ويحملها ذنب لا ذنب لها فيه؟!
شعرت بها جليلة وقالت بتعاطف
_ روحي يابنتي لچوزك يمكن يحتاج حاچة
اخفضت سارة عينيها بألم شديد ثم غمغمت بحزن
_ هو محسش بوجودي عشان يحتاج مني حاجة.
_ معلش يابنتي هو بس قلبه محروق على چده انتي خابرة هو متعلق به قد أيه، اطلعي وراه وحسسيه بوجودك ديمًا چانبه
أومأت سارة بصمت ثم نهضت لتصدع غرفتها فتجده جالسًا على الأريكة يحتضن سيلا التي اغمضت عينيها على كتفه
أخرجت له ملابسه ووضعتها في المرحاض
ثم عادت إليه.
وعند رؤيتها تتقدم ناحيته نهض ليضع طفلته في فراشها ثم توجه إلى المرحاض على نفس الوجوم
وقبل أن يخطو داخله تحدثت بعتاب
_ هنرجع لنقطة الصفر من تاني؟
توقف مكانه عند سمعه كلماتها التي برغم جمودها إلا إنها تحمل عتابًا حادًا
فقال بهدوء دون النظر إليها
_ لا ياسارة مرجعناش بس مش عايز اتكلم مع حد دلوقت.
دلف المرحاض ثم أغلق الباب خلفه ليتركها هي في صدمتها، حقًا سيظل والدها بينهم مهما أنكروا ذلك
❈-❈-❈
في المضيفة
ولج أمجد بوجوم ووضع حقيبته على الفراش ليخرج ملابسه دون النظر إليها ثم توجه إلى المرحاض
اندهشت من تجاهله لها وكأنها هي التي أخطأت بحقه وليس العكس
إذا عاند ستعاند هي أيضًا
طرق الباب وذهبت لتفتح فتجد الخادمة تحمل الطعام
سمحت لها بالدخول لتضعه ثم انصرفت واغلقت الباب خلفها
خرج أمجد بعد قليل
وقد ارتدى منامة قطنية ثم توجه إلى الفراش ليستلقي عليه ويوليها ظهره دون الاهتمام بها
نظرت للعشاء ولم تستطع تركه ينام دون أن يتناول طعامه.
بعد تردد دام للحظات تقدمت منه لتقول بفتور
_ أمجد قوم اتعشا الأول
لم يجيبها وظل على وجومه
فعادت تقول
_ أمجد…
قاطعها بحدة
_ مليش نفس
استاءت من حدته معها فإن ظن أنها من اخطأت فلتعرفه خطأه إذًا، غمغمت بحنق
_ يعني على كل ده وانت اللي زعلان؟
زفر بضيق ثم تحدث بصبر
_ أظن لا وقته ولا مكانه، لما نرجع بيتنا يبقى نتكلم
ازداد عنادها من ثقته بأنها ستعود معه دون أن يعترف بخطأه ويعتذر لها فقالت بتعند
_ بس انا مش هرجع معاك.
آزاح الغطاء بحدة ثم نهض ليتقدم منها والغضب يحتل ملامحه وخاصةً عندما دنى منها ليسألها بانفعال
_ يعني أيه؟
ازدردت لعابها بخوف فهي تعلم ذلك الوجه عندما يثور فقالت بثبات زائف
_ يعني اللي حصل ده مش هيعدي بالساهل
رفع حاجبيه مندهشًا وسألها بحدة
_ واللي عملتيه انتي ده اعديه إزاي؟
رمشت بعينيها تحاول الثبات اكثر وألا يرى مدى خوفها من انفعاله الذي ينذرها بغضب شديد
_ انا معملتش حاجة انت اللي غلط لمـ..
صرخة فزع خرجت منها عندما اندفع ليمسك ذراعها ويهزها بعنف هادرًا
_ واللي عملتيه انت ده كان أيه؟ خروجك في نص الليل وسفرك للصعيد تسميه أيه؟
حالتي انا لم ارجع الساعة اتنين بالليل ملقيش مراتي وقفلة فونها عشان متكلمنيش اسميه ايه؟
غلطت واعتذرت وانتي عارفه كويس اوي إني مقصدش إنما انتي قصدتي انك تعملي كدة
حاولت افلات ذراعها من بين يده وغمغمت بخوف
_ أمجد سيب دراعي انت بتوجعني
ضغط أكثر على ذراعها وهتف معنفًا
_ أحمدي ربنا إنك حامل لولا اللي في بطنك كان زماني بتصرف تصرف أنا نفسي هندم عليه
تركها وخرج من المكان عندما رآى دموعها التي ستجعله يلين أمامها ويمتنع عن العقاب
فيصفق الباب خلفه بعنف
حاله كحال جاسر الذي خرج هو أيضًا متعللًا بمراجعة بعض الأوراق كي يتهرب من اسألتها
تقابل كلاهما ليسأله أمجد
_ خير خارج من أوضتك ليه؟
ابتسم جاسر وهو يقول نفس السؤال
_ هو أيه اللي خرجك انت؟
جلسوا على المقعد فأجاب جاسر بيأس
_ اللي خرجك انت، بس أنا هربان من أسأله معنديش أجابه ليها.
شرد أمجد لحظات ولم يشئ جاسر أحراجه لكن عليه التدخل كي لا تتفاقم المشكلة وتحدث بجدية
_ انا لحد دلوقت محاولتش ادخل واعرف ايه اللي حصل بينكم يخليها تخرج من البيت في وقت زي ده.
وفي نفس الوقت حاسس اني لازم ادخل
وعايز اعرف منك.
التزم أمجد الصمت قليلًا ثم تحدث بجدية
_ انت راجل وصعيدي زي وعارف اد أيه صعب على الانسان يرجع من شغله ميلقيش مراته او بمعني أصح هو اللي يستناها ترجع، او يرجع من شغله يلاقيها هي رايحه شغلها
غير كمان لو عندها شيفت بتبات في المستشفى
وصلت لمرحلة مبقتش قادر اتحمل
طلبت منها انها تسيب قسم الجراحة بس هي اصرت على الرفض
طلبت منها تاخد أجازة لحد ما تعدي الشهور الأولى لكن كالعادة رفض قاطع والمشاكل بدأت تكتر بينا
لا ينكر بأنه محق في كل كلمة، هو نفسه ما كان ليقبل بهذا لو مازالت في منزلهم
ولن يقبلها من زوجته، لكنه تزوجها وهو يعلم بطبيعة عملها فقال بهدوء
_ بس دي ظروف شغلها وانت عارف كدة من البداية.
_ وانا مش بطلب المستحيل، كل اللي بطلبه انها تسيب قسم الجراحة وانا هعملها عيادة كبيرة وفي المكان اللي تشاور عليه
تنهد جاسر بتعب ثم تحدث بمعزة
_ أمجد انا مش بعتبرك جوز أختي وخلاص لأ انت الوحيد اللي بآمنه على بيتي وعيلتي لإنك بقيت واحد مننا، بس نصيحة بلاش العناد يدخل بينكم، ليلى طيبة اوي وبتحبك بجنون وأكبر دليل على كدة إنها تخلت عن عادات وتقاليد قيدت نفسها بيها وخرجت منها عشانك
لما سافرت انت واترجتني تسافر معاك شفت في عينيها حب ولو الدنيا كلها في الوقت ده وقفت قصادها مكنش حد هيقدر يمنعها عنك
لدرجة إني استسلمت ليها وسيبتها تسافر معاك
خفت عليها لإني لو قدرت ومنعتها كانت ممكن تموت فيها
الي تعمل عشانه كل ده تقدر تتخلي عن روحها عشانه
يعني بالحب والتفاهم تقدر تخليها تتخلى عن كل شئ عشانك، قوم روحلها وحل مشاكلكم بهدوء مادام ليها حل، في مشاكل تانية للأسف مش بيكون ليها حل.
نهض جاسر وتابع بهدوء
_ قوم واعمل زي ما قلتلك، خليني أنا كمان اقوم احل مشكلتي.
نهض الاثنين وذهب كلًا منهما إلى وجهته بتفكير مختلف.
عاد أمجد ليجدها جالسة على الفراش وهي تبكي بشدة
آلمه رؤيتها بتلك الحالة وعينيها التي يملؤها العتاب
لكن لن يضعف أمامها، ليس بعد ما فعلته
تركها واستلقى على جانبه من الفراش ونام دون ان يلتفت إليها
❈-❈-❈
دلف جاسر المنزل ليجد حازم يتحدث في هاتفه
انتظر حتى انتهاءه ثم تقدم منه يسأله
_ عملت ايه مع المحامي؟
القى معتز الهاتف على الأريكة بملل ثم تحدث بجدية
_ متقلقش المحامي طمنا لإن كل حاچة مكتوبة باسم ابوك وبالتالي مفيش أملاك يتحجر عليها.
تنهد براحة ثم تحدث بأريحية
_ كويس اوي لإن الموضوع لو طول واتعرف هتبقى صدمة اكتر لجدك، انا طالع ارتاح شوية لو فيه أي جديد طمني
صعد إلى غرفته ليجدها نائمة على الفراش او بمعنى اصح تتظاهر بالنوم
قام بخلع عباءته والقاها على المقعد بإهمال ثم توجه إلى ناحيته واستلقى عليه دون النطق بشئ
كانت توليه ظهرها تنتظر منه أي ردة فعل
لكنه ظل على وجومه
أسأله كثيرة تدور بخلدها وتريد لها إجابة، إلى متى سيظل والدها بينهم
ماذا تفعل كي يرى بأن لا ذنب لها في أفعال ابيها
شعرت برغبة ملحة في الذهاب؛ لكن إلى أين؟
ليس لها أحدًا سواهم
أو بالأدق ليس لها سوى حضنه هو مكانها الوحيد الذي لا تعرف سواه
لحظات مريرة مرت عليهما وكلًا منهم يتعذب بشأن الآخر، لأول مرة تنام بعيدًا عن صدره وذراعيه
وظلوا على ذلك الحال حتى غفا كلاهما على وضعه
❈-❈-❈
انتهى الصوت لكن لم ينتهي من أذنه
وهو جالسًا على فراشه وقلبه يتمزق إربًا من قهره
الآن حقًا أصبحت زوجة لعمه قولًا وفعلًا
وانتهى كل أمل بداخله
شعر بأن الغرفة تضيق عليه حد الاختناق
خرج من الغرفة وتوجه إلى حديقة المنزل
يرغب في الهرب بعيدًا لكنه لن يستطيع
وكأنه حكم عليه أن يعيش أشد العذاب بعشقٍ أصبح محرمًا عليه
جلس أمام شرفتها ينظر إليها بإنكسار
تلك الغرفة التي حلم بها معها
والشرفة التي كان يتخيلها وهي واقفةً بها تنتظر عودته
أشياء كثيرة تمناها معها لكن قضي الأمر
واصبح جرحها في قلبه لا يندمل مهما مرت عليهم السنين.
❈-❈-❈
استيقظت لتجد نفسها وحيدة في فراشها لمرتها الأولى منذ عودتها
دائمًا يصير على بقاءها بين ذراعيه
تذكرت ليلتها الأولى بعد ولادتها حينما طلبت منه وسيلة أن تبقى هي معها لكنه أخبرها بكل جرئة بأنه لن يستطيع النوم إلا وهي بين ذراعيه
وأصر على البقاء معها
نهضت لتنظر لفراش ابنتها فلم تجدها، ساورها القلق من طريقته تلك
ابدلت ملابسها ونزلت للأسفل تبحث عن ابنتها لتجدها تبكي مع حازم الذي وقف بها يحاول تهدئتها
تقدمت منه لتأخذها وهي تسأله بقلق
_ أومال جاسر فين؟
_ جاسر راح المستشفي وقالي اخد بالي منها لأن امي وجدتي راحوا معاه
داعب الفتاة وهو يستأذن منها
_ أن هدخل انام ياسيلا مش عايز اسمعلك صوت
ذهب حازم وشعرت سارة بغصة حادة في قلبها
ثم احتضنت ابنتها بخوف من جاسر الذي تصرفاته لا تبشر بخير مطلقًا
وجدت معتز يخرج من غرفته فنادت عليه تسأله
_ معتز انت رايح فين؟
اجابها على استعجال
_ رايح المستشفى خير؟
_ استنى هاجي معاك
تردد معتز وسألها بريبة
_ عرفتي جاسر؟
أجابت بعناد
_ لأ بس انا عايزة أطمن على جدي.
سبقته هي إلى الخارج فاضطر لأخذها معه
❈-❈-❈
في غرفة ليلى وأمجد
استيقظت لتجد نفسها نائمة على الأريكة يبدو أنها غفت عليها
نظرت إليه لتجده مازال نائمًا على الفراش
تذكرت قسوته معها وكيف تحامل عليها تلك الليلة وعاملها بتلك القسوة
نهضت لتشعر بألم بسبب وضعها على الاريكة
فتحاملت على نفسها وتقدمت من الفراش لتوقظه
فنادته بخفوت
_ أمجد
فتح عينيه بتثاقل ثم تطلع إليها بقلق
_ في حاجة؟
كانت تجاهد كي تخبره بقرارها الذي ظلت طوال الليل تفكر به
_ ممكن نتكلم شوية؟
اعتدل في فراشه ثم مسح على وجهه ونظر إلى ساعته ليجدها قد تخطت التاسعة صباحًا فتطلع إليها قائلاً
_ خير؟
ترددت حقًا لكن عليها الثبات كي لا تخسره
فتحدثت بثبوت
_ أنا قررت أسيب قسم الجراحة زي ما قلت، في حاجة تاني؟
لم يسره قرارها فهو لا يريد الوقوف أمام مستقبلها وأيضًا لا يريد انشغالها عنه
تمتم بجمود
_ ونتي فكرك لما تقوليلي كدة هتحلي المشكلة بينا؟
عقدت حاجبيها بدهشة وسألته بعدم فهم
_ تقصد أيه
نهض من فراشه وقال بحدة
_ يعني عايز اعرفك إن نوع شغلك مش المشكلة الأساسية اللي بينا
تقدم منها ليتابع
_ المشكلة إنك متعلقة بيه لدرجة إنك بتراضيه على حساب بيتك وجوزك ودي أكتر حاجة تجرح أي راجل
لكن شغلك بالنسبالي عمره ما كان مشكلة
ليلى انا اتجوزتك وانا عارف إنك دكتورة ومهنتك ليها تطلبات بس مش لدرجة إني أرجع واحلم إن مراتي مستنيانية رجوعي وابني حلم عليه طول الطريق والاخر اتفاجئ إني مش في دماغك أصلًا
أنا اه غلطت ومش هسامح نفسي على غلطتي بس أنا كنت راجع وندمان وجاي اعتذر اتفاجئ إنك سيبتي البيت وسافرتي في وقت زي ده
مع إنك لو فضلتي كنتي هتقدري تنتقمي مني أفضل من كدة
وعشان كدة بقولهالك صريحة………
تواقعاتكم

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وهام بها عشقا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى